يهدف المقال في الأساس إلى استقراء مستقبل الوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان ما بعد الانفصال عن السودان، عبر تتبع إرهاصات ذلك الوضع في جملة من الأحداث ذات الصلة بالشأن اللغوي، تلك الأحداث التي تمثّل نقطة الانطلاق للسياسات اللغوية التي تبنّتها تلك الجمهورية التي ولدت رسمياً في التاسع من يوليو من العام 2011م.
ولكي يحقق هذا المقال ما يهدف إليه؛ فإنه سيتناول المحاور الآتية بشيء من الاختصار:
أولاً: الوعي باللغات المحلية في جنوب السودان.
ثانياً: الوضع اللغوي في جنوب السودان قبل اتفاقية السلام الشامل (2005م).
ثالثاً: واقع الوضع اللغوي في جنوب السودان في الفترة الانتقالية (2005م – 2010م).
رابعاً: مستقبل الوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان.
أولاً: الوعي باللغات المحلية في جنوب السودان:
ظلّ الوعي باللغات المحلية لدى المجموعات الإثنية في جنوب السودان – بما يبرزه من خصوصية وتفرّد – سائداً ومسيطراً، ومرصوداً منذ بواكير سنوات القرن العشرين، عندما عرف السودان في عصره الحديث لأول مرة سياسة لغوية تنظّم الموارد اللغوية، وتحدّد لبعض اللغات وظائف وأدواراً معينة.
وقد مارَسَ المستعمر البريطاني الذي كان مهيمناً على السودان (شماله وجنوبه) وقتها دوراً بارزاً في تغذية هذا الوعي، ومدّه بالمعينات اللازمة ضمن المحاولات المستميتة من المستعمر لإبعاد شعب جنوب السودان عن الثقافة العربية والإسلامية واللغة العربية، والتي وجدت بهذه المنطقة موطأ قدم لها قبل قدوم المستعمر إلى السودان، كانت محاولات المستعمر عبارة عن قوانين وأوامر، هدفت إلى خلق عزلة بشرية ولغوية واجتماعية وثقافية، مدعومة بسياسات تعليمية ولغوية، تمكنها من تحقيق أهدافها، وقد تجلّت في:
1 – مؤتمر الرجاف اللغوي (1928م).
2 – حزام الأرض التي لا صاحب لها (1929م).
3 – مرسوم المناطق المقفلة (1929م).
4 – سياسة الجنوب (التعليمية).
وغيرها من سياسات وإجراءات مهمّة، لكن هذه المحاولات لم تقف حجر عثرة في أن تترسخ أقدام اللغة العربية والثقافة العربية في جنوب السودان، فنشأ – لاحقاً – أطفال في المدن الرئيسة لجنوب السودان، وهي: (جوبا، واو، ملكال)، لا يعرفون غير اللغة العربية، خصوصاً في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كما أنّ حركة اللجوء إلى الشمال التي انتظمت أعداداً مهمّة من سكان الجنوب، بسبب الحرب الأهلية منذ بواكيرها في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وفّرت للجنوبيين فرصاً سانحة لتعلّم اللغة العربية وثقافتها في كلّ مدن الشمال.
وقد ترتّب على مسألة الوعي باللغات المحلية في جنوب السودان حرص النّخب الجنوبية على الإشارة إلى اللغات، وتضمينها كلّ الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدتها مع الحكومات الوطنية التي كانت تحاربها لأسباب مختلفة، خصوصاً في الفترة الممتدة من 9721م إلى 2005م.
والمطّلع على تفاصيل بنود اتفاقية أديس أبابا (1972م)، واتفاقية السلام السودانية (1997م)، وبرتوكول مشاكوس (2002م)، واتفاقية السلام الشامل (2005م)، ودستور السودان الانتقالي (2005م)، وقانون مجلس تطوير وترقية اللغات القومية (2008م)، وغيرها، ليقف على إصرار النّخب الجنوبية على التركيز في إيراد اللغات المحلية في بنود واضحة المعالم، ولكن سرعان ما يتمّ وضعها في حيّز التنظير ولا تبارح هذا الحيّز، لغياب الآليات التي يمكن أن تنفّذ تلك البنود، فتصبح اللغات المحلية – في الغالب الأعمّ – بعيدة عن القيام بأدوار مهمّة في مجال التعليم والإعلام والإدارة والحياة العامّة، فاسحة المضمار للّغتين (العربية، والإنجليزية) اللتين تمثلان جوهر السياسة اللغوية في السودان.
ثانياً: الوضع اللغوي في جنوب السودان قبل اتفاقية السلام الشامل 2005م:
ارتكازاً على ما تمّ استعراضه، فيما يخص مجال الوعي باللغات المحلية في جنوب السودان، يمكن القول بأنّ الجنوب يمثّل مسرحاً للآتي:
1 – لغات محلية عديدة (في حدود خمسين لغة).
2 – اللغة العربية (تسمّى: عربي جوبا، أو عربي منقلاً).
3 – اللغة الإنجليزية.
بالإضافة إلى لغات مهمّة قدمت إلى الإقليم مؤخراً، تأتي في مقدمتها اللغة السواحلية التي فرضت نفسها بوصفها لاعباً قوياً وبديلاً مقنعاً.
ولا شك أنّ هذه اللغات المختلفة من حيث تاريخ الحضور، ومن حيث اختلاف الأدوار والوظائف التي تقوم بها، ومن حيث السلوك تجاهها، تحتاج إلى التعريف بأوضاعها.
وقبل التعريف بأوضاع تلك اللغات؛ لا بدّ من القول إنّ وجود تلك اللغات في مساحة جغرافية محدودة يجعلها تعيش في صراعات حادة، وقد أتاحت هذه الصراعات عبر التاريخ فرصة سانحة لانتشار اللغة العربية في ربوع جنوب السودان.
أمّا اللغات المحلية في جنوب السودان (وعددها حوالي 50 لغة) باستثناء عشر لغات، هي: (الدينكا النوير، الباري، الزاندي، الشلك، اللاتوكا، المنداري، الجور، الديدنغا، التبوسا)، فإنها تقع تحت دائرة التهديد بالانقراض(1)، ولكن هذا التهديد لم يمنعها من أن تؤدي بعض الأدوار في المجتمعات المتجانسة التي توجد فيها هذه اللغات.
مع العلم بأنّ اللغات الكبرى في جنوب السودان، مثل (الدينكا، النوير، الزاندي، الشلك)، ظلّت خلال العقود الأخيرة تحظى بحضور مهمٍّ في مجال الإعلام والتعليم، ليس على مستوى جنوب السودان فحسب، حيث حظي بعضها بالبثّ في مجال الإعلام على مستوى الإذاعات الموجّهة في إذاعة أم درمان القومية، وبعض الإذاعات الولائية في الشمال.
ومع العلم أيضاً بأنّ الغالبية العظمى من تلك اللغات غير مدونة، وغير موصوفة صوتياً، وموروفولوجياً، وتركيبياً، ودلالياً، كما أنها لغات ليس لها مجامع (أكاديميات) تحميها، على الرغم من أنّ دستور السودان الانتقالي لعام 2005م يوجب تطويرها وترقيتها.
وتظلّ (لغة الدينكا) اللغة الإقليمية الكبرى في جنوب السودان، ناهيك عن اللغات الأخرى، بمنأى عن القيام بدور اللغة الوسيطة (المشتركة) lingua franca بين المكونات الإثنية التي تشكّل التركيبة السكانية لجنوب السودان، وأغلب الظن أنّ هذا الدور يصعب على أية لغة من لغات الجنوب؛ لأن كلّ جماعة إثنية تحاول قدر المستطاع التحصّن بلغتها وثقافتها، وترفض قبول الآخر اللغويّ والثقافي الذي يساكنها الإقليم.
وفي هذا الجوّ الذي تسود فيه عشرات اللغات المختلفة؛ تأتي اللغة العربية لتكتسب – عبر عقود زمنية من التعايش مع مكوّنات الجنوب الإثنية – دور القيام باللغة الوسيطة (المشتركة)، خصوصاً في المدن والحواضر الجنوبية.
وأمّا اللغة العربية (عربي جوبا، أو عربي منقلا) في جنوب السودان، فقد تتبع عشاري أحمد محمود (1983م)، في مؤلفه عن العربية في جنوب السودان، المراحل التاريخية التي مرّت بها العربية في جنوب البلاد، مؤرخاً لبداية نشأتها وتطورها والأدوار التي تقوم بها، كما قدّم دراسة لغوية مهمّة عن هذه اللغة(2) التي استقرت في المنطقة منذ مائتي عامٍ.
وعلى النسق نفسه؛ قدّم «بول شول دينق» (2005م)، في مؤلفه المهمّ عن عامية جوبا العربية، دراسة مهمّة عن هذه العربية، وفي هذا الكتاب يذهب «بول شول دينق» إلى أنه بالرغم من الاتصال المبكر لبعض القبائل الجنوبية القاطنة في حدوده الشمالية، كالشلك والدينكا، بالقبائل العربية، فإنّ بداية الدخول الفعلي للغة العربية إلى الجنوب، عفوياً، وبصورتها الدارجة كان في العهد (التركي – المصري)، على يد ثلاثة عناصر أساسية، هي: (الجلابة، الفقراء، الجنود المصريون)(3).
وبعيداً عن تناول التاريخ التفصيليّ لهذه اللغة وتطورها في جنوب السودان؛ يمكن القول إنّ هذه اللغة مثّلت في العقود الأخيرة اللغة التواصلية الكبرى، والوحيدة في المدن الرئيسة في الجنوب وحواضره، وأصبحت لغة المخاطبة في التجمعات السياسية والثقافية، حتى وصلت إلى أن تكون لغة التخاطب وسط الجيش الشعبي لتحرير السودان، وقد صرح بذلك عدد من قادة الحركة الشعبية أنفسهم، وعلى رأسهم مؤسسها الراحل جون قرنق.
وقد بثّت وسائل الإعلام تدشين الحملة الإعلامية للحركة الشعبية لانتخابات أبريل 2010م في جوبا باللغة العربية دون غيرها من اللغات! كما كان للغة العربية حضور متميز في منصة الاحتفال بإقامة الجمهورية في التاسع من يوليو 2011م!
وعلى الرغم من الدور المتعاظم الذي تقوم به اللغة العربية من التواصل في جنوب السودان؛ فإنها لم تسلم من حرب لا هوادة فيها، خصوصاً من الصفوة الجنوبية التي كانت تفضّل عليها اللغة الإنجليزية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
لقد جرت وتجري عمليات تجفيف مُنظّمة للغة العربية من التعليم في الجنوب، بوصفها لغة للتدريس في أغلب المدارس، وأصبحت تدرس بوصفها مادة على مضض، وتمّت الاستعانة بأساتذة من كينيا ويوغندا للتدريس في الجنوب بعد أن تمّ إبعاد الأساتذة الشماليين ممن يعرفون العربية.
وأمّا اللغة الإنجليزية في جنوب السودان؛ فقد دخلت إليه بعد قرابة ستة عقود من دخول اللغة العربية، غير أنها (أي الإنجليزية) لم تتغلغل وسط عامّة الشعب مثلما فعلت العربية؛ إذ ارتبطت الإنجليزية بالصفوة والمتعلمين.
ويخبرنا عدد من المؤلفات، التي أرّخت لجنوب السودان في بداية القرن العشرين إلى منتصفه، أنّ المستعمر البريطاني حاول جهده أن يطرح اللغة الإنجليزية بديلاً للغة العربية لاستعمالها في مجال التعليم والإدارة والمحاكم.. إلخ، غير أنه لم يحقق نجاحاً كاملاً في هذا المجال، وبعد الاستقلال حملت الصفوة الجنوبية الراية، وما تزال، لكسر شوكة اللغة العربية، وقد حقّقت شيئاً من النجاح في هذا المجال.
وفي غياب اللغات المحلية في جنوب السودان، وتمركزها في الفصول الدنيا من مرحلة الأساس، أصبحت الساحة مهيَّأَة للصراع بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية، ولعل آخر حلبة حدث فيها هذا الصراع كانت اتفاقية السلام الشامل (2005م )؛ إذ نصّت بنود هذه الاتفاقية على:
– تكون اللغة العربية، باعتبارها اللغة الرئيسية على الصعيد القومي، واللغة الإنجليزية، اللغتين لأداء أعمال الحكومة القومية، ولغتي التدريس في التعليم العالي.
– لا يجوز التعصّب ضد استخدام أي لغة منهما على أي مستوى من المستويات الحكومية أو التعليمية(4).
وبذا تكون الاتفاقية قد ساوت أو كادت بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية، خصوصاً في مجال التعليم العالي الذي تمّ تعريبه في فبراير من عام 1990م، وفي الإعلام الذي كان حكراً (إلا قليلاً) على اللغة العربية.. إلخ.
وفيما يخص اللغة السواحلية في جنوب السودان؛ فيمكن استعراض عدد من المعلومات المهمة التي يمكن تضمينها فيما يأتي من فقرات.
أورد عشاري أحمد محمود قبل حوالي ثلاثة عقود ما نصّه أنّ: «اللغة السواحيلية تفتقر إلى أية جذور تاريخية متأصلة في إقليم جنوب السودان، كما أنه ليس لها وجود لغوي استخدامي عريض قد يعزز موقفها واحتمالات قبولها (كلغة قومية للجنوب)، ولكن المجتمعات التي تقطن في مناطق الإقليم الاستوائي المتاخمة ليوغندا وزائير (الكنغو الديمقراطية) وكينيا – واعية بوجود اللغة السواحيلية، كما أنّ فئات منها تتحدثها كلغة تخاطب مشاركة للغة العربية الهجين – الخلاسية»(5).
ويضيف عشاري أحمد محمود – على ذلك – أنه قد تزايدت في الآونة الأخيرة (النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي) معدلات حضور واستخدام اللغة السواحلية في إقليم الاستوائية، نتيجة للجوء أعداد كبيرة ومتزايدة من اليوغنديين المتحدثين بالسواحلية، واستقرارهم في هذا الإقليم، ومن جهة أخرى فإنّ كثيراً من الجنوبيين العائدين من اللجوء السياسي في أقطار شرق إفريقيا في أثناء فترة الحرب الأهلية قد حملوا معهم، لدى عودتهم بعد اتفاقية أديس أبابا، اللغة السواحلية مصحوبة لدى بعضهم بالأفكار الاشتراكية لجوليوس نيريري، فتكوّنت لدى هؤلاء ثقافة إفريقية ذات بعد اشتراكي محورها اللغة السواحلية(6).
ومن المتوقع أن تكون رقعة التحدث باللغة السواحلية قد توسعت وزادت مكانتها في جنوب السودان في العقدين الأخيرين، خصوصاً في الفترة التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام الشامل في عام 2005م، والتي أنهت الحرب، ومكّنت من عودة الكثيرين من دول الجوار، كما أنه في هذه الفترة قويت الصلات الاقتصادية والتجارية بين جنوب السودان ويوغندا وكينيا، كما شهدت وجوداً مكثفاً، قوامه أعداد مهمّة من اليوغنديين والكينيين الذين أصبحت صلاتهم بهذا الإقليم قوية وتكاد تكون شبه يومية، لا سيما الذين يعملون في وظائف ذات صلة بالتجارة، أو عمالة في شتى المجالات.
كما أنّ ارتباط الجنوبيين بدول الجوار، وتطلعهم لخلق علاقات في مختلف المجالات، زاد من رغبتهم في تعلّم اللغة السواحلية؛ لتقوية تلك العلاقات في مقابل إدارة ظهرهم للعربية التي يرون أنها تربطهم بالشمال، ويحاول أغلبهم بشتّى السبل قطع الصلات التي تربطهم به.
وبعد أن تناولنا استعراضاً سريعاً لأوضاع اللغة في جنوب السودان قبل الانفصال؛ يجدر بنا أن ننتقل إلى تناول رؤية الحركة الشعبية الحزب الحاكم في الجنوب قبيل استفتاء يناير 2011م، الذي أفضت نتائجه إلى الانفصال، لتصور مآلات الوضع اللغوي في الجنوب، وذلك أنها (أي الرؤية) مهّدت لواقع جديد للوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان التي نشأت بعد ستة أشهر من ذلك الاستفتاء، وهذا الأمر يقتضي أن نبدأ بتوقيع اتفاقية السلام 2005م، وما خلّفته من آثار.
ثالثاً: واقع الوضع اللغوي في جنوب السودان في الفترة الانتقالية (2005م – 2010م):
مثّلت اتفاقية السلام الشامل الموقعة في نيفاشا في 9 يناير 2005م علامة فارقة في تاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ إذ نقلتها من حركة متمردة تسيطر على بعض المناطق في جنوب السودان، وتقاتل الحكومة المركزية لأكثر من عقدين، إلى حركة تسيطر على جنوب السودان بولاياته العشر، وتساهم بنسبة مهمّة في حكم شمال السودان.
وبعد وفاة مؤسس الحركة الشعبية جون قرنق الذي عُرف عنه أنه كان وحدوياً، على الأقل في مقاله، وهو القائل: «إنّ إيماننا بوحدة السودان وسلامة أراضيه موقف بدهي، وما هو بدهي يعني مبدئياً، وفي ميثاق الحركة الذي نُشر في يوليو 1983م قلنا كلمات لا تقبل أي تأويل، وأقتبس منها (الكلام لقرنق) أنّ الهدف المبدئي للجيش الشعبي والحركة الشعبية ليس هو انفصال الجنوب، فالجنوب جزء من السودان، ويكفي إفريقيا ما تعانيه من تمزيق على يدي الاستعمار القديم والحديث، فالتجزئة لا تخدم إلا مصالح أعداء إفريقيا»(7).
وبعد وفاة جون قرنق تبنّت الحركة استراتيجية جديدة تنكرت فيها لمشروعها الذي ظلّت تروّجه، وهو (السودان الجديد)، الذي استطاع أن يجتذب عدداً من المثقفين من شمال السودان الذين تبوؤوا مناصب مهمة وحساسة فيها، كما استطاع أن يجتذب مجموعات مهمّة من سكان منطقة جبال النوبا ومنطقة النيل الأزرق.
وقد حمل لواء تلك الاستراتيجية والتبشير بها معظم قادة الحركة الذين اتخذوا مما ورد في اتفاقية السلام الشامل فقرة تخص تقرير المصير (والعمل لتفضيل خيار الوحدة)، فأهملوا عملياً الدعوة إلى الوحدة الجاذبة، وسخّروا كلّ إمكاناتهم في سبيل إبراز الانفصال خياراً استراتيجياً لمواطن الجنوب، بل إنّ الخطاب السياسي الجنوبي في المرحلة الانتقالية (2005م – 2010م) سعى إلى تقويض دعائم الوحدة الوطنية بصورة غير مسبوقة، فاقت ذلك الذي كان يحدث في أثناء فترة المستعمر البريطاني.
وفي سبيل مخاطبة قناعات المواطن الجنوبي، وجرّه إلى مربع الانفصال، عملت الغالبية من قادة الحركة الشعبية إلى خطاب إعلامي وديني وسياسي يدعم هذا الخط، وتمّ استثمار معلومات تاريخية غير متفق عليها، مثل ارتباط الزبير باشا رحمة(8)، وعلاقته بتجارة الرقّ في جنوب السودان، وقد تمّ التركيز في موضوع الرقّ بصورة عامّة في تلفزيون جنوب السودان SSTV وتلفزيون Ebony في الأيام الأخيرة.
كما قام عدد من الكنائس في الجنوب بتقديم خطاب ديني يجعل من مسألة الانفصال ضرورة دينية يتقرّب بها العبد إلى ربّه، وخطاب رئيس الحركة في إحدى الكنائس في الجنوب، وقوله: «مَن أراد أن يصبح مواطناً من الدرجة الثانية فليصوت للوحدة» مشهور.
كما تمّ استثمار بعض أوضاع الجنوبيين في ولاية الخرطوم (للترويج للانفصال)، حيث يذكر أتيم قرنق: «إنتو عايزين الجنوبيين يظلوا نازحين، يسكنون في بيوت من الجوالات والكرتون، ونساؤهم يغسلن الملابس والعِدة في البيوت، نحن نريدهن أن يصبحن مزارعات في قراهن يعملن شريفات»(9).
الحقّ أنّ الترويج لخيار الانفصال يقوم به قادة الحركة الشعبية بصورة منظّمة مرتّبة، وحضورها في صحف الخرطوم، على مدى الأشهر الأخيرة، ظاهر بصورة تكاد تكون يومية تعكس هذا الأمر(10).
ويصل الأمر عند بعض قادة الحركة إلى القول باهتبال سانحة الاستفتاء للتصويت للانفصال؛ لأنه إذا لم يفض إلى ذلك سنفقد فرصة الانفصال إلى الأبد(11).
إذاً؛ وفقاً لكثير مما يرد في الغالبية من تصريحات قادة الحركة يصبح الانفصال واقعاً، وقد كان، ومن ذلك قول بيتر بشير (رئيس المجلس التشريعي للجنوب) بأنّ شعب الجنوب قد قرر مصيره، ولن يقبل بالظلم وقد اختار الانفصال(12)، وأشار إلى أنّ الإقليم مستقل أصلاً، وينتظر فقط الميعاد المحدد للإعلان(13)، وقول لوكا بيونق: «إنّ اتفاقية السلام تتحدث عن الوحدة والانفصال، ومهما (دقيتوا) طبول الوحدة سيصوت الجنوبيون للانفصال»(14)، وقول سلفاكير في واشنطن: «إنّ الوحدة ليست خياراً لتصويت حقّ تقرير المصير، حتى الآن كلّ المعطيات تشير إلى أنّ مواطني الجنوب سيصوتون بأغلبية لصالح الانفصال»(15).
هذا، وقد وردت مسألة اللغة ضمن تصريحات بعض قادة الحركة الشعبية، في تصوّرهم لما يترتب على ما بعد الاستفتاء المشار إليه؛ من قيام جمهورية جنوب السودان.
وإذا كان من الصعوبة حصر تلك التصريحات التي تتفق في التضييق على اللغة العربية، والتنكر للدور الكبير الذي ظلّت تقوم به تاريخياً في الجنوب، والانحياز للغة الإنجليزية التي ينحصر دورها في النخبة وعدد من المتعلمين، وإهمال اللغة المحلية، فإنّ هناك تصريحين مهمّين يتحتم علينا الوقوف عندهما ومناقشتها:
أمّا التصريح الأول: فينسب لإيزكيل لول جاتكوث، رئيس بعثة حكومة جنوب السودان في واشنطن، حيث يشير إلى أنّ الدولة الجديدة المرتقب الإعلان عنها في جنوب السودان، عقب استفتاء يناير 2011م، ستكون اللغة الرسمية والمعتمدة فيها هي اللغة الإنجليزية، وستكون اللغة العربية هي اللغة الثالثة أو الثانية(16).
وأمّا التصريح الثاني: فيخص لوكا بيونق الذي يقول إنه يتوقع أن يتبنّى الجنوب اللغة السواحلية كلغة أساسية في حال الانفصال(17).
إنّ التصريحين السابقين مهمّان في تصوّر مستقبل الوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان، واعتماد اللغة الإنجليزية لغة رسمية ومعتمدة في الجنوب مسألة يقتضيها الانفتاح على شرق إفريقيا؛ إذ لهذه اللغة شأن في تلك المنطقة؛ فهي لغة رسمية ليوغندا، ولغة رسمية بالإضافة إلى اللغة السواحلية في كينيا.
كما أنّ اللغة الإنجليزية ظلّت لفترة ممتدة لغة صفوة جنوب السودان، ولغة التعليم في عدد مهمٍّ من المدارس في الجنوب، وعادة ما كانت تستخدمها تلك الصفوة في حربها ضد اللغة العربية في الجنوب، وفي الشمال، حتى ساوتها أو كادت باللغة العربية في التعليم العالي، وبعض الوظائف الأخرى، وفقاً لبعض بنود اتفاقية السلام الشامل 2005م، كما أشرنا سابقاً.
أغلب الظنّ أنّ اللغة الإنجليزية ستقوى شوكتها في جنوب السودان، بعد الانفصال، من عاملين مهمّين على ساحاتها، أولهما يمثله عودة اللاجئين الجنوبيين في دول الشتات (الولايات المتحدة – كندا – أستراليا – إنجلترا ..)، وأثر ذلك في الزيادة الواضحة بين مستخدمي هذه اللغة بين الجنوبيين.
وثانيهما يكشفه سعي المعهد الصيفي للغويات SIL من عمل ملاحظ، استمر أكثر من ثلاثة عقود، للحفاظ على الهوية الجنوبية (في وجه الهوية العربية الإسلامية)، في أثناء فترة الحرب الأهلية، من خلال تكثيف نشاطه في مضمار اللغات والثقافات المحلية.
ليس غريباً بعد ذلك أن تطرح حكومة جنوب السودان في دستورها في الأسبوع الأخير من شهر أبريل من هذا العام 2011م، قبل إعلان الجمهورية رسمياً، مسألة جعل اللغة الإنجليزية لغة رسمية للجمهورية، لتتم إجازة الدستور في الأسبوع الأول من شهر مايو من العام نفسه، ولكن الغريب الذي يصعب فهمه أن يسعى شعب يُعِدّ نفسه لكي يصبح دولة لها كيانها وشخصيتها الاعتبارية، إلى أن يُعِدّ نشيداً وطنياً بلغة أجنبية (هي الإنجليزية)، كأنه ليس في لغاته ما تستحق هذا الشرف!
من جانب آخر؛ فإنّ جعل اللغة العربية لغة ثالثة أو ثانية في الجنوب أمر يصعب تحقيقه في الوقت الحالي، خصوصاً في مدن الجنوب الكبرى وحواضرها؛ حيث ظلّت تمثّل اللغة الوسيطة والمشتركة في المناطق ذات التعدد اللغوي والإثني، بل توطدت جذورها في بعض المناطق، وأصبحت اللغة الأمّ لكثير من الجنوبيين، إضافة إلى أنّ الجنوب – قبيل استفتاء يناير 2010م وبعده – استقبل أعداداً كبيرة من الجنوبيين الذين تربوا في ولايات شمال السودان المختلفة، وهناك أعداد مهمّة ضمنهم لا تعرف لغة غير العربية، ولا تعرف ثقافة غير ثقافة وسط السودان التي تربوا وسطها، ومن المتوقع أن تكون هذه الأعداد المعتبرة من الجنوبيين الذين تربوا في الشمال رصيداً مهمّاً للعربية في الجمهورية الوليدة، إضافة إلى الرصيد الذي تتمتع به أصلاً.
أمّا اللغة السواحلية التي تم إيرادها في تصريح لوكا بيونق بوصفها لغة أساسية في الجنوب؛ فقد تمّ طرحها من قبل لتكون لغة قومية للجنوب في عام 1980م، بواسطة السر أناي كيلويلجانغSirr Anai Kelueljang الذي كتب في صحيفة نايل ميرور، التي كانت تصدر في مدينة جوبا، مقالاً بعنوان (فلنجعل السواحيلية اللغة القومية)، أبان في هذا المقال أنّ اتفاقية أديس أبابا قد حلّت قضية الحكم، ولكن بقيت القضية الثقافية دون حلٍّ، وأن حلها رهن بجعل لغة إفريقية متطورة – السواحلية – اللغة القومية(18).
لكن دعوة كليولجانغ لجعل اللغة السواحلية لغة قومية لجنوب السودان وجدت صدى واسعاً، قبولاً ورفضاً، ومَن رفضها أشار إلى أنها لا تتمثل فيها شروط اللغة القومية: الجذور المعروفة، والتأصيل التاريخي للمتحدثين بها، والشعبية، والأصل الميلادي المحلي. ومنهم مَن رأى أنها لغة أجنبية، ومن قبِلها أشار إلى أنها ممكنة التعلّم من قِبَل المتعلمين وغير المتعلمين في ثلاثة أشهر، ومنهم مَن رأى أنها لغة إفريقية متطورة(19).
إنّ طرح اللغة السواحلية لغة أساسية، لاحقاً، في جمهورية جنوب السودان، ينسجم تماماً مع الانفتاح رسمياً وشعبياً مع دول شرق إفريقيا، وضرورة تمليها التعاملات التجارية مع تلك الدول، مع العلم بأنّ هذه اللغة يغلب انتشارها في إقليم الاستوائية لتجاوره مع يوغندا وكينيا والكونغو الديمقراطية، وهذا الأمر يعد تحدياً لقبائل مهمّة، مثل (الدينكا والشلك)، والتي لها نزاعات تاريخية مع هذا الإقليم وقبائله المتنوعة.
وأمّا اللغات المحلية في الجنوب؛ فقد تمّ تجاهلها لحساسية اختيار لغة منها، وفرضها على الآخرين، وقبل ثلاثين عاماً قال عنها كليويلجانع (عام 1980م تحديداً): إنها غير متطورة، وليست للجنوب الموارد لتطويرها، والزمن ليس في صالح الجنوب، إذ يقوى فيه تيار الثقافة العربية كلّ يوم، وحيث أن السعي إلى تنمية اللغات المحلية يضيع فيه وقت طويل(20).
وعلى ذلك؛ يمكن القول بأنّ واقع الوضع اللغوي جنوب السودان، قبيل الانفصال، تتحكم فيه سياسة لغوية، تبنّتها حكومة الجنوب، ومن نتائجها الحالية: قوة شوكة اللغة الإنجليزية بعد أن تمّ اتخاذها لغة رسمية للجمهورية، وتجفيف منابع اللغة العربية من عدد من الوظائف التي ظلّت تقوم بها تاريخياً، وزيادة رقعة اللغة السواحلية بفعل الاتصال المستمر بدول الجوار، وبقاء اللغات المحلية الجنوبية على حالها، تؤدي أدواراً في أضيق نطاق، ويتمّ في الغالب تجاهلها لحساسية عملية الاختيار من بينها.
رابعاً: مستقبل الوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان:
من خلال استعراضنا لواقع الوضع اللغوي في جنوب السودان؛ يصبح بالإمكان استشراف مستقبل ذلك الوضع، الذي نرى أنه سيكون امتداداً لحالة الواقع اللغوي الذي يعيشه الجنوب قبيل الانفصال، ونعني بذلك أنّ هذه الجمهورية قد عقدت العزم على اتخاذ سياسة لغوية جديدة، تحاول فيها بجدٍّ واجتهاد الإعلاء من شأن اللغة الإنجليزية في الجنوب، بعد أن أصبحت بمقتضى الدستور اللغة الرسمية للدولة، وزيادة الوظائف التي تؤديها لتصبح، عبر سنوات ليست كثيرة، لغة التعليم والإعلام بلا منازع، وربما لغة الحياة العامّة في المدن والحواضر الكبرى في الجمهورية، وذلك مقروناً بمواصلة تجفيف اللغة العربية، تلك اللغة ذات الصلة القديمة بالجنوب، والتي تحتفي بمرور قرنين من الزمن منذ وصولها إلى تلك البقعة.
ومن المتوقع أن تثمر السياسة اللغوية المشار إليها في تسريع عملية تجفيف اللغة العربية، وذلك باستجلاب مزيد من الأساتذة من الدول التي تجاور الجمهورية، مثل يوغندا وكينيا، لتدريس مقررات محلية ومستوردة باللغة الإنجليزية، ومروراً بجعل اللغة العربية مادة تدرس كالفرنسية، وليس لغة للتدريس، وانتهاء باستبعادها نهائياً من مدارس الجمهورية.
مهما يكن من أمر خطورة هذه السياسة على اللغة العربية والثقافة الإسلامية في هذه الجمهورية؛ فإنّ اللغة العربية ستصمد إلى أمد، على الرغم من أنها ستخسر كثيراً بفقدانها عدداً من الوظائف الجوهرية التي ظلّت تؤديها في مجال التعليم والإعلام والمحاكم والمخاطبات الشعبية.. إلخ، الإ أنها ستظل لغة التواصل الكبرى في الجمهورية، وخصوصاً أنّ العديد من البحوث والدراسات اللغوية الاجتماعية التي عُقدت في الجنوب سابقاً – كما أشرنا – قد أكدت منذ ثمانينيات القرن الماضي أنّ الغالبية العظمى من أطفال المدن الكبرى في الجنوب لا يعرفون غير هذه اللغة.
وبالنسبة للغات المحلية في الجمهورية الجديدة؛ فإنها ستظل مستخدمة بصورة واسعة في القرى والأرياف، وبصورة غير واسعة في المجتمعات المتجانسة في أطراف المدن والحواضر في الجمهورية، والأمل معقود في أن يقوم مجلس تطوير وترقية اللغات القومية، الذي أسس في جوبا قبل شهور عديدة، بدور مهمٍّ في مضمار تطوير عدد من هذه اللغات؛ تمهيداً لحثّ الباحثين على دراستها، وإيجاد وظائف لها في مختلف أوجه الحياة في الجمهورية.
خلاصة البحث:
نخلص من جملة المحاور التي تناولها هذا المقال إلى عدد من النقاط، لعل أهمها:
أولاً: أنّ الجماعات الإثنية في جنوب السودان ظلّت عبر تاريخها واعية بمسألة اللغات المحلية، وما تحمله من ثقافات تعكس تفرّدها وخصوصيتها، وقد مارس المستعمر دوراً بارزاً في تغذية هذا الوعي، وحملت من بعده الصفوة الجنوبية الراية في هذا المضمار.
ثانياً: أنّ الوضع اللغوي في جنوب السودان ينعكس في لغات محلية (عددها قرابة خمسين لغة)، تقع الغالبية العظمى منها تحت دائرة التهديد بالانقراض، وعدد منها غير مدوّن وغير موصوف على مستويات اللغة جميعاً، كما ينعكس في اللغة العربية (عربي جوبا)، وهي لغة أكملت قرنين من الزمن في الجنوب، واستطاعت أن تقوم بدور اللغة الوسيطة المشتركة بين المجموعات الإثنية في الجنوب، وينعكس أيضاً في اللغة الإنجليزية التي تمحورت حول الصفوة الجنوبية، وعدد معتبر من المتعلمين، كما ينعكس أيضاً في اللغة السواحلية التي يتوقّع أن يكون لها دور مهمٌّ في هذا الإقليم مستقبلاً؛ إذا تمّ قبولها في بقية أنحاء الجنوب.
ثالثاً: أنّ واقع الوضع اللغوي جنوب السودان، قبيل الانفصال، تحكمت فيه سياسة لغوية تبنّتها حكومة الجنوب، نتجت عنها: قوة شوكة اللغة الإنجليزية، وتجفيف منابع اللغة العربية من عدد من الوظائف، وزيادة رقعة اللغة السواحلية بفعل الاتصال المستمر بدول الجوار، وبقاء اللغات المحلية الجنوبية على حالها، تؤدي أدواراً في أضيق نطاق.
رابعاً: أنّ مستقبل الوضع اللغوي في جمهورية جنوب السودان سيكون امتداداً لحالة الواقع اللغوي الذي عاش فيه جنوب السودان قبيل الانفصال، إذا استمرت الجمهورية حديثة النشأة في تلك السياسة اللغوية، التي تقوي شوكة الإنجليزية، وتجفّف العربية، وتزيد رقعة السواحلية، وتبقي اللغات المحلية رهينة للمجتمعات المتجانسة إثنياً.
الإحالات والهوامش:
(1) لمزيد من التفاصيل انظر: كمال محمد جاه الله (2010م): اللغات المهددة بالانقراض، ورقة مقدمة لورشة العمل حول جمع تراث اللغات القومية السودانية المهددة بالانقراض، أقامها مجلس تطوير وترقية اللغات، 14 – 15 يوليو، ص (7 – 10).
(2) Ushari Ahmed Mahmud (1983): Arabic in the Southern Sudan ,History and Spread of a Pidgin Creole, Khartoum, FAL Advertising and Printing Co, Ltd.
(3) بول دينق شول (2005م): لهجة جوبا العربية، الخرطوم: الدار السودانية للكتب، ص (22)، وانظر أيضاً: عشاري أحمد محمود (1983م): Arabic in the Southern Sudan ، مرجع سابق، ص (27 – 36).
(4) انظر: اتفاقية السلام الشامل بين حكومة جمهورية السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، الجيش الشعبي لتحرير السودان، التاسع من يناير 2005م، نيروبي، كينيا، ( د. ت) ( د. م) (د. ن)، ص (28).
(5) عشاري أحمد محمود (د. ت): ضد التعريب، ضمن كتاب الملتقى الدولي الثالث في اللسانيات، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، تونس: (د. ن) ص (287 – 342)، ص (293).
(6) المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
(7) انظر: وكالة السودان للأنباء، ملف جنوب السودان، نقلاً عن إذاعة الحركة الشعبية، مقتبس من إبراهيم محمد آدم (د. ت): الأبعاد الفكرية والسياسية والتنظيمية للحركة الشعبية لتحرير السودان، 1983م – 2000م، الخرطوم: دار جامعة إفريقيا للطباعة، ص (158 – 159).
(8) أتيم قرنق، صحيفة الصحافة، بتاريخ 27/9/2010م، ص (5).
(9) أتيم قرنق، صحيفة الأحداث، بتاريخ 29/8/2010م، ص (5).
(10) انظر مثلاً: باقان أموم، صحيفة الأحداث، بتاريخ 4/7/2010م، ص (5).
وأتيم قرنق: صحيفة الصحافة، بتاريخ 27/9/2010م، ص (5).
ولوكا بيونق: صحيفة الخرطوم، بتاريخ 8/9/2010م، ص (5).
دينق ألور: صحيفة الأحداث، بتاريخ 8/9/2010م، ص (3).
أتيم قرنق: صحيفة الأحداث، بتاريخ 29/8/2010، ص (5).
(11) جيمس واني أيقا، صحيفة زي سيتزن، بتاريخ 20/9/2010م، مقتبس من صحيفة الأحداث، بتاريخ 21/9/2010م، ص (1).
(12) انظر: صحيفة الأهرام اليوم، بتاريخ 18/9/2010م، ص (4).
(13) انظر: صحيفة الرأي العام، بتاريخ 18/9/2010م، ص (2).
(14) انظر: صحيفة الأهرام اليوم، بتاريخ 18/9/2010م، ص (4).
(15) انظر: صحيفة الرأي العام، بتاريخ 18/9/2010م، ص (1).
(16) انظر: صحيفة الأحداث، بتاريخ 12/8/2010م، ص (1).
(17) انظر: صحيفة الصحافة، بتاريخ 19/9/2010م.
(18) Sirr Anai Kelueljang (1980): Make Swahili the national language, Nile Mirror, February 16.
(19) عشاري أحمد محمود (د. ت): ضد التعريب، مرجع سابق، ص (294 – 295).
(20) See: Sirr Anai Kelueljang (1980), Op. cit