أصبحت مؤسسات التعليم الإسلامي العربي، على امتداد العالم الإسلامي بعامة والقارة الإفريقية بخاصة، تمثّل مظهراً مهمّاً، وتعطي مؤشِّراً مقدّراً على حجم الجهود المبذولة لخدمة دين الله والدعوة الإسلامية، سواء كان ذلك من خلال دعم الجامعات الإسلامية، أو الكليات، أو المعاهد العلمية المتخصصة الحديثة، والتي نشأت خلال السنوات العشرين الماضية تقريبا (1).
والواقع أن هذه النشأة والتأسيس لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة طبيعية وتتويجاً واستجابة للحراك العلمي الكبير الذي ظلّ ينتظم القارة الإفريقية خلال قرن من الزمان، دخلت فيه الحقبة الاستعمارية كمرحلة مهمة، ذلك أن العلماء الفضلاء في إفريقيا الذين كان لهم دور كبير في مكافحة آثار المستعمر وسياساته الرامية لطمس هوية المسلمين في إفريقيا؛ قد اتجهوا لتأسيس عدد من المدارس، وخلاوي تحفيظ القرآن الكريم، والمعاهد الدينية، لغرض حفظ الدين واللغة والهوية لمسلمي القارة (2).
ولقد أضحت هذه المؤسسات تخرّج في كلّ عام أعداداً كبيرة من الدارسين والباحثين وطلبة العلم والدعاة من أبناء إفريقيا، الذين يقدّمون مساهمات كبيرة في نهضة بلدانهم ومجتمعاتهم الإفريقية، ويشكّلون حضوراً بارزاً ومهماً في خدمة قضاياها المختلفة، حيث يلاحظ الباحث أن جُلّ هؤلاء المتخرّجين قد عمل في وظائف دعوية، ارتبطت بخدمة الدعوة بشكل مباشر من خلال توظيفهم في المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية أو الإقليمية أو الوطنية في وظائف معينة، كمرشدين أو أئمة مساجد، أو في القضاء الشرعي، أو كمدرسين في المدارس العربية الإسلامية، أو محاضرين في الجامعات والكليات الإسلامية التي نشأت حديثاً في القارة الإفريقية، والتي سبق الإشارة إليها.
على أن بعض هؤلاء الخريجين قد وجد فرصاً للعمل في المجالات الأخرى، كالسلك الإداري، أو في المهن القانونية، أو السلك الدبلوماسي كسفراء وقناصل في سفارات البلدان الإفريقية، وبخاصة دول الخليج العربي.
وعلى الرغم من ذلك؛ فإن ظروف هؤلاء الخريجين وأحوالهم تختلف من بلد لبلد، ومن مجتمع لآخر، بحسب النُّظم والقوانين، وبحسب إمكانيات الدول وأوضاعها في استيعابهم، وبحسب إمكاناتهم وقدراتهم الخاصة، فمن هؤلاء الخريجين مَن تقلّد مواقع ومناصب رفيعة، على النحو الذي سبقت الإشارة إليه، ومنهم من لم ينل حظاً من التوفيق والسداد بسبب بعض المشكلات والمعضلات التي واجهته، منها مشكلات إدارية، وأخرى عملية اجتماعية وغيرها، حيث شكّلت جميعها ما يمكن أن نسمّيه «مشكلات الخرّيجين وتحدّياتهم».
هذا، وقد حاول عدد من الباحثين تناول تلك المشكلات بالدراسة والتحليل، وصولاً لأفضل النتائج والتوصيات التي يمكن أن تُعين بشكل كبير في تفعيل دور هؤلاء الخريجين والاستفادة منهم على نحو أمثل، ومنها هذه الدراسة التي تتناول مشكلات الخريجين وتحدّياتهم، فضلاً عن تقديمها لبعض النتائج والتوصيات التي خرج بها الباحث من هذا البحث الميداني، والتي يمكن أن توصف بأنها جزء من المعالجات التي يحتاج إليها هؤلاء الخريجون.
أولاً: المراحل التي يمر بها خريجو الجامعات الإسلامية:
تنقسم مسيرة خريجي الجامعات الإسلامية إلى ثلاث مراحل هي: مرحلة الترشيح والاختيار، مرحلة الدراسة والطلب، مرحلة ما بعد التخرج.
1 – مرحلة الترشيح والاختيار:
يعد الباحث هذه المرحلة من أهم المراحل، ويشترك في ذلك مع آراء عدد من الباحثين والمهتمين وعمداء شؤون القبول والتسجيل بالجامعات المعروفة، ويرى أنه بقدر نجاح هذه المرحلة يتحقق النجاح في بقية المراحل (3)، حيث إن حسن اختيار الطالب للحصول على منحة دراسية أمر جدّ مهم، ولا ينبغي أن تتغلب فيه الجوانب الانحيازية على المعايير العلمية الأخرى (4)، ذلك أن الطالب الذي يُرشّح للدراسة سوف يأخذ مكاناً ومقعداً وينال منحة، فإذا كان لا يستحقها فقد حرم غيره من هذه المنحة؛ لأن العدد المرشح للقبول في الجامعات غالباً ما يكون محدد لكلّ بلد لا يمكن تجاوزه على حساب غيره من البلدان الأخرى.
من هذا المنطلق؛ تُعد هذه المرحلة من أعقد المراحل وأهمها، وقد أثبتت التجارب والوقائع أن التعامل مع الأوراق الجامدة والوثائق الباردة المختومة لا تكفي وحدها كمعايير للاختيار، بل لا بد من وسائل أخرى معينة، ومن ذلك أن الهيئات والمؤسسات، بما لها من مكاتب وفروع متعددة ومندوبين، تستطيع أن تقوم بدور فاعل في توجيه الاختيار وتحري الدّقة في الترشيح، يساندها في ذلك الدعاة والعلماء محلّ الثقة الذين يقدّرون الاحتياجات ويعرفون التخصصات المطلوبة، ومن ثم يرشّحون أنسب الطلاب لهذه المنح والتخصصات (5).
2 – مرحلة الدراسة في الجامعات المختلفة:
أما المرحلة الثانية من هذه المراحل؛ فهي مرحلة الدراسة والطلب، وتأتي أهميتها من كونها الجسر الرابط بين المرحلتين السابقة واللاحقة، ومن هنا تحتاج إلى أن نصبّ فيها اهتماماً خاصاً ورعاية مستمرة، وتستلزم هذه المرحلة وقتاً أطول من المرحلة السابقة، فهي عادة تمتد ما بين سنتين إلى ست سنوات، وقد تمتد إلى أكثر من ذلك إذا تميّز الطالب وقُدّر له أن يواصل دراسته العليا.
وفي هذه المرحلة يتم صياغة الطالب وإعداده إعداداً جيداً متكاملاً من جميع الجوانب، حتى يصبح عنصراً فعّالاً في مجتمعه، من خلال عدد من البرامج والأنشطة المهمة.
ومن هذه البرامج والأنشطة:
– زيارات العلماء والدعاة والبارزين الودّية المنتظمة، سواء في مواقع العمل، أو في منازلهم، للاستماع إلى توجيهاتهم، والإجابة عن تساؤلات الطلاب أو استفساراتهم.
– عقد الدورات المتخصّصة لتعلّم اللغات المهمة، وأيضاً عقد بعض الدورات التي تنمّي قدراتهم وتُكسبهم خبرة إلى خبراتهم، ولا سيما الدورات التي تنمّي فيهم الروح القيادية، والعمل المؤسسي في الحقل الدعوي.
– إصدار نشرة شهرية أو دورية تهتم بأحوال الطلاب، وبكلّ ما يهمّهم من أخبار ونحو ذلك، لتكون وسيلة من وسائل التواصل بين الطلاب الدارسين أنفسهم، ويمكن أن يُكلَّف الطلاب أنفسهم بإعدادها.
– تنسيق الرحلات الدعوية والقوافل، وذلك بين الجامعات نفسها من ناحية، أو الجامعات مع الجهات التي تهتم برعاية الطلاب الوافدين.
– الارتباط بالمؤسسات والمنظمات التي تُعنى بالشباب والطلاب، والاقتراب منها وتعرف برامجها ومشروعاتها المختلفة، والدخول معها في شراكات موسّعة.
– إقامة الرحلات الاستطلاعية لهؤلاء الطلاب؛ بهدف تعريفهم المعالم الحضارية المشرقة في البلدان التي يدرسون فيها، وإطلاعهم على مظاهر التنمية الشاملة.
– تنظيم اللقاءات والمخيمات الطلابية الخاصة للتباحث في شؤون الدعوة في مجتمعاتهم، أو اللقاءات التي تتخللها بعض البرامج والأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية التي تُعينهم في ذلك.
3 – مرحلة ما بعد التخرج:
وتمثّل هذه المرحلة مرحلة قطف الثمار؛ لأن المرحلتين السابقتين على الرغم من أهميتهما فإنهما مخصصتان للتهيئة والإعداد لهذه المرحلة، وهي المرحلة التي تحاول هذه الدراسة معالجتها وتسليط الضوء عليها.
ويمكن تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: وهو فترة ما بعد التخرج وقبل الاستقرار في العمل الوظيفي: ويمكن في هذه المرحلة تقديم بعض المعينات للطلاب الخريجين، مثل تزويدهم بوسائل العلوم والمعرفة، وبخاصة أمهات الكتب الشرعية، والأشرطة السمعية منها والمرئية، وتحمّل تكاليف شحنها، وكذلك تسجيل اشتراكات لهم في المجلات والدوريات العلمية المتخصصة.
ثم إعداد قائمة بأسماء الطلاب المتخرّجين من الجامعات من كلّ بلد على حدة مصحوبة بعناوينهم، وتحديد أيسر السبل للاتصال بهم والتواصل معهم، ومن ثم تزويد كلّ متخرّج بهذه القائمة ليتسنى لهم الاتصال فيما بينهم، والارتقاء بالعمل الإسلامي في بلدانهم.
ومنها أيضاً إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت)؛ لتكون همزة وصل بين كلّ الطلاب المتخرجين في مختلف أنحاء العالم، بحيث يتضمن كلّ موقع بعض المعلومات المهمة التي تفيد الخريجين عن المستجدات، وآخر الأخبار التي تهمّهم، والأبحاث التي تخدم مجالاتهم.
وينبغي اختيار المتفوقين منهم والمتميزين لمواصلة دراساتهم العليا في مختلف التخصصات (6).
القسم الثاني: الاستقرار في عمل: ومن لم تُتح له فرص الدراسات العليا تقترح الدراسة استيعابهم في الأعمال الرسمية أو الهيئات الخيرية، للاستفادة منهم في مجالات الدعوة والتدريس أو القضاء أو غيرها من الوظائف؛ لأنها تمثّل الخطوة التالية لتأهيلهم، وكذا حرصاً على عدم تسرّبهم إلى مجالات عمل قد تكون بعيدة عن ميدان إعدادهم ودراستهم وتخصّصهم.
ومن المهم جدّاً أن يفهم الخرّيج أنه ليس من الواجب على المؤسسات المعنية بالعمل الدعوي والخيري استيعابه وتوظيفه؛ لأن ذلك أمر مستحيل، وغير مطلوب، إذ ليس من المصلحة في شيء أن تتراكم أعداد الخريجين في عمل واحد، أو في مؤسسات معينة تحصرهم في نطاق ضيق وفي مدينة أو إقليم محدود.
ثانياً: مشكلات المتخرجين العائدين:
هناك جملة من التحدّيات التي تواجه الخرّيجين العائدين إلى بلدانهم، تتمثّل في بعض المشكلات والمعيقات التي ربما تُضعف من تأثيرهم وفعالية دورهم في مجتمعاتهم، ويرى الباحث ضرورة تضافر الجهود لأجل احتوائها أو تجاوزها بعمل دؤوب وبرامج مؤسسية.
ويمكن تقسيم هذه المشكلات إلى: إدارية، واجتماعية، وخاصة.
1 – المشكلات الإدارية:
يرى الباحث أن هذه المشكلات نشأت بسبب عجز بعض النظم الإدارية الرسمية عن الإفادة من جهود الخريجين العائدين بفاعلية كبيرة.
ومن هذه المشكلات:
– عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل اتخاذ اللغة العربية لغة رسمية في بعض البلدان من قِبَل المتخصّصين (7).
– عدم اهتمام الدوائر التنفيذية في بعض البلدان بإشراك خريجي الجامعات العربية الإسلامية واستيعابهم في الوظائف الرسمية والمرافق الحيوية بالدول؛ للمشاركة في خدمة البلاد.
– عدم توفّر الوظائف الملائمة للخريجين في بعض البلدان التي تتناسب مع دراستهم وتخصّصاتهم.
– غياب التخطيط السليم للتعليم في بعض البلدان وفق متطلبات الدولة واحتياجاتها، حيث تتكاثر أعداد الخريجين في بعض التخصّصات، وتكاد تنعدم في تخصّصات أخرى نادرة ومهمّة.
– قلة الفرص المتاحة لتدريب الخريجين ذوي الثقافات العربية الذين سبق توظيفهم في بعض الدول، في الوقت الذي تتاح فيه الفرص لتدريب الخريجين ذوي الثقافات غير العربية (8).
2 – المشكلات الاجتماعية:
نشأت هذه المشكلات بسبب وجود بعض التصورات والمفهومات السائدة في بعض المجتمعات، والتي كان لها دور واضح في إضعاف الأثر الكلّي للخرّيجين.
ومن هذه المشكلات ما يأتي:
– التقليل من شأن اللغة العربية في بعض البلدان، وإظهارها بأنها لغة للعبادة فقط ولا علاقة لها بالعلوم الحديثة والحضارة المعاصرة؛ مما أدى إلى إضعاف التعليم باللغة العربية، وعدم الاهتمام بالخرّيجين الذين تعلّموا ودرسوا بها، وهذا أثر مستمر من آثار الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية.
– عدم توفّر الآليات ومرافق الثقافة العربية في بعض البلدان.
– ضعف التنمية ونقص الإمكانات في بعض البلاد؛ مما أبعد بعض المجتمعات عن الأخذ بأسباب الرقي والتقدّم، وحرمها من الاستفادة والانفتاح على اللغات والثقافات العالمية والمجتمعات الأخرى.
– انخفاض مستوى التعليم بين أفراد بعض المجتمعات، ولا سيما المسلمون، بسبب رفضهم التعليم الغربي المدعوم من المؤسسات التنصيرية التي ترعاه وتضع منهاجه وتدرّب معلّميه وتنفق عليهم، وبالمقابل قلّة الإمكانات المادية والفكرية للارتقاء بالتعليم العربي لدى تلك المجتمعات.
– التأثر الواسع بالثقافات الغربية في بعض البلدان التي لا تقيم للتديّن وزناً في حياتها؛ مما أدى إلى إضعاف انتماء قطاعات كبيرة لعقيدة الإسلام، وتساهلها في الالتزام بتعاليمها الراشدة.
3 – المشكلات الخاصة:
أما عن مشكلات الخريجين الخاصة؛ فيرى الباحث أن بعضها يرجع للخرّيجين أنفسهم، وأنها أضعفت من فاعلية تأثيرهم في المجتمع.
ومن هذه المشكلات:
– غياب التنسيق والتعاون بين الخرّيجين فيما يتعلق بالأدوار المنوطة بهم.
– تعدّد منابع دراسات الخريجين في بلاد عربية تحمل توجّهات متباينة، مما أدى إلى اختلافهم في النموذج الأمثل لحلّ مشكلات المجتمعات المسلمة، لعدم وجود الرؤية الموحَّدة المثلَى بينهم.
– إنشاء بعض الخريجين لبعض المدارس والمؤسسات التعليمية العربية المنعزلة عن الحياة والتأثير في المجتمعات، وعجزهم عن تسييرها بسبب نقص الاحتياجات الضرورية اللازمة.
– عجز بعض الخريجين وعدم مقدرتهم على القيام بوظائفهم، ولا سيما التعليمية منها، بكفاءة عالية، بسبب سيادة المناهج الغربية وباللغات الغريبة.
– ضعف روح التضحية لدى البعض، وعدم موافقة بعض الخريجين للعمل بالبوادي والقرى والأرياف التي تحتاج إليهم كثيراً، وتركّزهم في المدن الرئيسة والعواصم المختلفة.
– انشغال بعض الخريجين بقضايا معيشية وأسرية، تضعف دورهم في العمل والإسهام في تنمية مجتمعاتهم، وتشغلهم عن تطوير أنفسهم علمياً وثقافياً.
– توهّم بعض الخريجين وانتظارهم للمؤسسات الخيرية المحلية أو الإقليمية للقيام بتوظيفهم واستيعابهم، فيطول ذلك الانتظار لأسباب مختلفة، مثل محدودية إمكانات توظيفهم، أو عدم الاحتياج الوظيفي إليهم.
– دخول بعض الخريجين في معارك وهمية مع الخريجين من البلدان والجامعات الأخرى، وذلك بسبب التنافس على الزعامات والمناصب، أو الدخول في صراعات حزبية، أو شخصية ضيقة، مما يضيّع الجهود ويُهدر الطاقات.
ثالثاً: التواصل بين الخرّيجين.. واقعه ومشكلاته:
يلاحظ أن وضع الاتصال وبقاء التواصل بين الخرّيجين يختلف من بلد لآخر، ومن جامعة لآخرى، بل من خرّيج لآخر، باختلاف البلد والخرّيج والمؤسسة التي تخرّج فيها.
ويتحكم في ذلك ويوجهه عدة عوامل، أهمها:
1 – طبيعة البلد: من حيث الانفتاح أو التحفّظ، ومن حيث النواحي القانونية الرسمية التي تسمح بتكوين روابط وآليات رسمية للخريجين أو لا تسمح بذلك.
2 – وضع الخرّيجين: من حيث تكوينهم الاجتماعي والدعوي، وقناعة الخرّيج بأهمية التعاون والتنسيق، وحاجته إلى من يدعمه بالرأي والمشورة.
3 – دور المؤسسات العلمية: كالجامعات والمؤسسات الدعوية، من حيث اهتمام بعضها بمتابعة الخرّيجين للتواصل معهم.
روابط الخرّيجين آليات مهمة لتفعيل دورهم:
بحسب الدراسة والتجربة؛ يمكن القول بأن الروابط الموجودة حالياً بين الخرّيجين يمكن أن تُصنف على النحو الآتي:
1 – روابط محدودة على مستوى المدينة أو المقاطعة (روابط رسمية).
2 – روابط محدودة على مستوى المدينة أو المقاطعة (روابط غير رسمية).
3 – روابط بين خرّيجي بلد معين بسبب التوافق في الأفكار والرؤى والمنهج والمزاج.
4 – روابط غير رسمية في المجتمعات التي لا تشجع مثل هذه الروابط، وتتمثل في صورتين:
أ ) روابط قوية: لا تتعدى حدود المعرفة العامة والاتصالات المتباعدة، تظهر عندما تسافر لبعض البلدان، ففي كل مدينة تجد مثلاً مَن يرسلك إلى زميل له خرّيج جامعة إسلامية كان يعرفه في مرحلة الدراسة والطلب.
ب ) روابط غير معلنة: تتفق في التعاون والتنسيق.
اقتراح لحل مشكلة ضعف التواصل بين الخريجين:
يرى الباحث ضرورة تأسيس روابط الخرّيجين على: مستوى الخرّيجين في البلد الواحد، ومستوى خريجي الجامعات العربية الإسلامية إجمالاً، وذلك لتحقيق الآتي:
1 – تعزيز ثقافة العمل المؤسسي لدى الخرّيجين في العمل الإسلامي وتأصيله.
2 – مواكبة التعليم الإسلامي للتحدّيات المعاصرة.
3 – مواجهة تحديات العمل الإسلامي.
ومن هنا نخلص إلى ضرورة قيام هذه الروابط كواحدة من ذرائع التواصل وحلّ هذه المشكلات.
رابعاً: آليات مقترحة للمساهمة في حلّ مشكلات الخريجين:
ويخلص الباحث إلى عرض بعض المقترحات التي من شأنها أن تساهم في حلّ الإشكالات السابقة، وهي:
– عقد لقاءات وندوات وورش عمل تمهيدية تسبق قيام روابط للخريجين، وتهيئ الأجواء لتأسيسها (على النحو الذي حدث في ورشة العمل الخاصة بخريجي الجامعات الإسلامية (9) التي تضمّنت خرّيجي 12 جامعة) (10).
– العمل على حصر أعداد الخريجين، ومعرفة تخصصاتهم ومواقعهم، وإعداد قوائم بعناوينهم وأماكن وجودهم، والاستفادة في ذلك بأدلة الخريجين المتوفرة لدى الجامعات في عمادات شؤون الطلاب والقبول والتسجيل.
– عمل استبانات خاصة بالخريجين، تتضمن عناوينهم، وأماكن عملهم، ونوع الأعمال التي يؤدونها، والمشكلات التي تعترض سبيلهم.
– قيام لجان تمهيدية محليّة في عواصم البلدان المختلفة تكون نواة لبداية العمل، وذلك لحين دعوة الجمعية العمومية للخرّيجين، واختيار لجنة تنفيذية تسيّر أمور الروابط بحسب اللوائح التي يتم وضعها، وإجازتها من قِبَل الجمعية العمومية.
– تأسيس مراكز المعلومات أو قواعد معلومات خاصة بالخريجين.
– توفير دور ثابت لهم – بالقدر الممكن – في العواصم والمدن المهمة، والاستفادة من مكاتب المؤسسات الخيرية التي تُعنى بالشباب في المراحل الأوليّة.
– متابعة الأوضاع الأكاديمية للطلاب المتوقع تخرّجهم في الجامعات الإسلامية، والاهتمام باحتوائهم واستيعابهم في الروابط حال تخرجهم.
– مكاتبة الجهات المسؤولة عن روابط الخرّيجين في الجامعات المختلفة (عمادات شؤون الطلاب، والقبول والتسجيل).
– ترتيب زيارات المسؤولين في هذه الجامعات للبلدان المختلفة، والوقوف على أحوال الخرّيجين.
– ترتيب زيارات للخرّيجين للجامعات التي تخرّجوا فيها من حين لآخر بالقدر الممكن.
– الحصول على المطبوعات والنشرات الصادرة من الجامعات، وإرسالها للخرّيجين في أماكن وجودهم.
– دعوة الخرّيجين للمشاركة في الندوات والمؤتمرات التي تقيمها هذا الجامعات.
– الاستفادة من مكاتب المؤسسات والمنظمات التي تُعنى بالشباب، وتوظيفها لمصلحة قيام روابط الخريجين.
– المطالبة بالاستمرار في استغلال الإجازات القصيرة لدى الطلاب الوافدين، وذلك بعقد دورات تدريبية ونحوها، أو دورات في الحاسب الآلي وكيفية الإفادة منه في المجال الدعوي والتربوي.
– الدعوة إلى دراسة التجارب القائمة حالياً، والتفاعل مع الطلاب الوافدين في مختلف الجامعات الإسلامية، أو لدى بعض الجهات الخيرية.
– اقتراح إنشاء مجلس تنسيقي لطلاب المنح، أو رابطة أو منظمة شبه حكومية، يكون أعضاؤها من جميع الجامعات التي تحتضن هذه الشريحة، إلى جانب بعض المؤسسات الأهلية والجهات الخيرية المهتمة بموضوع الخريجين.
– العمل الجاد على إنشاء أقسام أو إدارات خريجي الجامعات الإسلامية، يكون مقرها في الجامعة الإسلامية وفي المؤسسات الخيرية، كمكاتب رابطة العالم الإسلامي أو مكاتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي أو غيرها من المؤسسات، على أن يُحدّد لهذه الروابط الأهداف الواضحة التي تعمل على زيادة توثيق الصلة بهؤلاء الخريجين، وتسعى إلى تذكيرهم برسالتهم النبيلة، وكذلك استثمار جهودهم وتوظيفهم في خدمة الإسلام ونصرة قضايا الأمة وقضايا الشباب لما فيه صلاح دينهم وبلدهم ومجتمعاتهم.
خامساً: تحدّيات العمل الإسلامي وموقف الخرّيجين منها:
تتمثل تحدّيات العمل الإسلامي في:
أ ) تحدّيات خارجية من الجهات المتربّصة بالعمل الدعوي ومؤسساته: تستوجب مواجهة هذه الأخطار، والتحدّيات بعمل مؤسس.
ب ) تحدّيات داخلية، تتمثل في:
– التنافس المذموم بين الخريجين وأبناء البلد الواحد.
– ندرة المعلومات وقلتها عن خريجي الجامعات الإسلامية في بلدانهم، من حيث وظائفهم الحالية وأماكن عملهم وعناوينهم.
– ضعف علاقات الخريجين بالجامعات التي تخرّجوا فيها.
– انصراف كثير من خريجي الجامعات الإسلامية عن العمل الدعوي للعمل التجاري أو لغيره من الأعمال الأخرى.
– ضعف علاقة الخريجين فيما بينهم.
– ضعف الروابط الموجودة على الساحة، أو وجودها في أماكن دون أخرى.
ويضع الباحث عدداً من المقترحات في سبيل التغلب على تلك التحدّيات، ومن هذه المقترحات ما يأتي:
– مواجهة التحدّيات الداخلية المحيطة بالعمل الدعوي، وذلك بطرح الأفكار والرؤى بصورة علنية وواضحة، تُثبت جدارة الخريجين في هذا المجال.
– التصدّي للمشكلات التي تعانيها المجتمعات المختلفة، والمساهمة في وضع الحلول اللازمة، ورفعها للجهات التنفيذية من مؤسسات وهيئات ووزارات وغيرها، مثل مشكلات الفقر، والحروب الأهلية، والكوارث، والأمراض، ومشكلات البطالة المختلفة، وغيرها من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
– وضوح الرؤى والاستراتيجيات وخطط العمل والأهداف تجاه واقع العمل الإسلامي في المجتمعات المختلفة، والقدرة على تغيير هذا الواقع وتصحيحه.
– الاستفادة من التجارب الماثلة من حيث انتهى الآخرون، وتحاشي هدم كلّ ما هو موجود، بل توظيفه لمصلحة البرامج والمشروعات المختلفة.
– تقدير التخصص واحترامه، والاستئناس بالمؤسسات المختلفة، وتبادل الخبرات معها.
وبالجملة؛ فإن الباحث يرى ضرورة وأهمية قيام ملتقيات أو مؤتمرات دولية أو إقليمية، تضم المتخرجين من مختلف الجامعات الإسلامية، والتوجه نحو إنشاء روابط شاملة بهذا الفهم على النحو الذي قام به الخريجون في دولة مدغشقر (11).
ومهما يكن من أمر؛ فإن الباحث إذ يضع هذه المقترحات والنتائج التي خلص إليها من هذه الدراسة ليسأل الله تعالى التوفيق والسداد لهؤلاء الخريجين، كما يسأله تعالى أن يجدوا فيها حلاً ومعالجات لبعض قضاياهم وهمومهم؛ حتى يتمكّنوا من المساهمة بشكل مقدّر في بناء مجتمعاتهم المسلمة وتنميتها في إفريقيا، كما يسأله تعالى أن يجزي القائمين على هذه المجلة العلمية الدعوية المباركة (قراءات إفريقية) خير الجزاء على جهودهم المميزة.
ونسأل الله تعالى أن يوفق مؤسساتنا التعليمية، من جامعات إسلامية ومعاهد وكليات متخصصة، لكلّ خير، وأن يعين القائمين عليها، ويبارك في جهودهم.
المصادر والمراجع:
1) أوراق وتوصيات الملتقى الأول لمديري الجامعات الإسلامية في إفريقيا، الخرطوم 1432هـ.
2) أوراق وبحوث منتدى العاملين مع طلاب المنح الدراسية، الذي نظمته مؤسسات الشيخ سليمان الراجحي الخيرية مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض 1414هـ.
3) جلسات حوار مطولة مع فضيلة الدكتور/ عبد العزيز بن راشد العبيدي، عميد القبول والتسجيل لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض.
4) د. ربيع محمد القمر الحاج: خريجو الجامعات العربية ودورهم في البناء والتنمية، بحث قُدّم ضمن أعمال المؤتمر العاشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي، القاهرة 1424هـ.
5) عبد المولى الطاهر: التخطيط للدعوة الإسلامية، رسالة ماجستير غير منشورة – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – كلية الدعوة والإعلام – الرياض 1422هـ.
6) أوراق وبحوث مؤتمر اللغة العربية بجامعة الملك فيصل، بتشاد – أنجمينا 1424هـ.
7) أوراق ورشة عمل (الخريج الجامعي) كوتونو 1426هـ: تمت هذه الورشة برعاية لجنة إفريقيا بالندوة العالمية للشباب الإسلامي في العاصمة البنينية (كوتونو) 1426هـ.
8) د. مرتضي الزين: مشكلات الخريجين التشاديين، بحث قُدّم لمؤتمر اللغة العربية بجامعة فيصل – تشاد 1424هـ.
الإحالات والهوامش
(*) باحث متخصص في الدراسات الإفريقية، عضو هيئة تحرير المجلة.
(1) انعقدت بالخرطوم مؤخّراً فعاليات المؤتمر الأول للجامعات الإسلامية في إفريقيا، شراكة بين الندوة العالمية للشباب الإسلامي وجامعة إفريقيا العالمية، حيث حضر المؤتمر حوالي (29) مدير جامعة وعميد كلية من الجامعات الإسلامية الحديثة المشار إليها.
(2) ومن أشهر هذه المعاهد معهد العنبيرية في غانا، ومعهد عنسبا بكرن في إريتريا، ومعهد بلال في أوغندا، ومعهد كساوني في كينيا، ومعهد أم درمان العلمي بالسودان، إلى غيرها من المعاهد والمدارس الدينية.
(3) انظر: أوراق وبحوث منتدى العاملين مع طلاب المنح الدراسية الذي تم تنظيمه بالتعاون بين «مؤسسة الشيخ سليمان الراجحي الخيرية» و «الندوة العلمية للشباب الإسلامي»، الرياض 1414هـ.
(4) من حوارات مستمرة مع د. عبد العزيز راشد العبيدي – عميد القبول والتسجيل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
(5) المرجع السابق نفسه.
(6) د. ربيع محمد القمر الحاج: خريجو الجامعات العربية ودروهم في البناء والتنمية، بحث قُدّم ضمن أعمال المؤتمر العاشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي، القاهرة 1424هـ.
(7) عبد المولى الطاهر: التخطيط للدعوة الإسلامية، رسالة ماجستير غير منشورة – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – كلية الدعوة ة والإعلام – الرياض 1422هـ.
(8) انظر: أوراق وبحوث مؤتمر اللغة العربية بجامعة الملك فيصل، بتشاد – أنجمينا 1424هـ.
(9) ورشة عمل (الخريج الجامعي) كوتونو 1426هـ: تمّت هذه الورشة برعاية لجنة إفريقيا بالندوة العالمية للشباب الإسلامي في العاصمة البنينية (كوتونو) 1426هـ.
(10) د. مرتضي الزين: مشكلات الخريجين التشاديين، بحث قُدّم لمؤتمر اللغة العربية بجامعة فيصل – تشاد 1424هـ.
(11) أسّس خريجو الجامعات الإسلامية في دولة مدغشقر، على ضعف إمكانياتهم وظروفهم، رابطة لخريجي الجامعات الإسلامية، تضم كلّ الخريجين من البلدان المختلفة، من ماليزيا والباكستان والهند والسعودية ومصر والسودان وليبيا، وجامعات إفريقيا المعروفة، مثل الجامعة الإسلامية في أوغندا، وكليات كينيا، وجزر القمر، وجامعات المغرب العربي، فقدّموا بذلك نموذجاً واعداً للعمل المشترك بين الخريجين، وأصبحت هذا الرابطة تنهض وتؤدي أدواراً جليلة في خدمة الدعوة الإسلامية في مدغشقر، وقد تيسّر للباحث فرصة زيارتها والالتقاء بالقائمين عليها في مقر الرابطة بالعاصمة المدغشقرية تناريفو في العام 1431هـ، الموافق 2010م.