إنَّ القضاء على محو الأُمِّيَّة يُعدُّ سبيلاً وهدفاً رئيساً للتَّقدُّم والتَّنمية المنشودَيْن، إذ تُركِّز التَّنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة للمجتمعات على فعّاليَّة تنمية الموارد البشريَّة، والتي يُشكِّلها تكافؤ الفرص التَّعليميَّة للجميع، هذه الحقيقة نوَّه بها كويشيرو ماتسورا (1) في رسالته بإحدى مناسبات اليوم العالميِّ لمحو الأُمِّيَّة؛ إذ قال: «إذا كانت عمليَّة محو الأُمِّيَّة تُشكِّل مسألةً هامَّةً بذاتها، فالجميع يتَّفق على أنَّها تُوفِّر أيضاً إحدى الأدوات تأثيراً للتَّنمية، ومن هنا ينمو الشُّعور بالإحباط أمام الإهمال النِّسبيِّ الذي يتعرض له، فمحو الأُمِّيَّة يلعب دوراً مُحفِّزاً للتَّغيير، ويُمثِّل وسيلةً لتعزيز التَّنمية الاجتماعيَّة»(2).
وقد تطوَّر مفهوم «الأُمِّيَّة» تطوُّراً كبيراً في معناه واستعمالاته خلال النِّصف الثَّاني من القرن العشرين، بسبب التَّغييرات التي فرضتها طبيعة الحياة بأبعادها: الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسّياسيَّة والثَّقافيَّة، فأصبحت للأُمِّيَّة أشكال، منها:
– الأُمِّيَّة الأبجديَّة: تعني الجهل بأساسيَّات القراءة والكتابة وعمليَّات الحساب البسيطة.
– الأُمِّيَّة الوظيفيَّة: يرتبط هذا المفهوم بتعليم الفرد، وجعله قادراً على الإنتاج والمساهمة في التَّنمية، وذلك بتزويده ببعض المهارات الوظيفيَّة التي يتطلَّبها مُحيطُه المتغيِّر باستمرار.
– الأُمِّيَّة الحضاريَّة: هي جهل المواطن بحقوقه وواجباته تجاه نفسه، وتجاه الآخرين، وتجاه المجتمع ككلّ، وبالأدوار التي يمكن أن يقوم بها للمساهمة في دفع عجلة التَّنمية الشَّاملة إلى الأمام(3).
– الأُمِّيَّة الحاسوبيَّة: تعني الجهل بمكوِّنات الحاسوب وتشغيله، وإجراء العمليَّات الأساسيَّة لاستخدامه(4).
ويتمثَّل المفهوم الأكثر عموماً لمحو الأُمِّيَّة في كونه مجموعة من المهارات الملموسة، بالأخصّ المهارات المعرفيَّة للقراءة والكتابة؛ لذا فقد وضعت اليونسكو تعريفاً لمحو الأُمِّيَّة هو: «كلّ شخص يستطيع ممارسة جميع الأنشطة التي تتطلَّب معرفة القراءة والكتابة والحسابات البسيطة، ويقتضيها حسن سير الأمور في جماعته ومجتمعه، ويقدّر كذلك مواصلة استخدام القراءة والكتابة والحساب من أجل تنميته الشَّخصيَّة وتنمية مجتمعه»(5)، كما شمل تقرير اليونسكو عام 2006م أربعة مفاهيم مختلفة لمحو الأُمِّيَّة: محو الأُمِّيَّة باعتباره اكتساباً للمهارات، ومحو الأُمِّيَّة ومجالات تطبيقه وممارسته وتحديد وضعه، ومحو الأُمِّيَّة باعتباره عمليَّة تعلُّم، ومحو الأُمِّيَّة باعتباره نصّاً(6).
عليه؛ فإنَّ البحث الحالي يسعى لدراسة الإطار الفلسفيِّ لمبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع وعلاقتها بمحو الأُمّيَّة، وعرض واقع محو الأُمّيَّة في دول إفريقيا الغربيَّة، ومدى تحقيقه لأهداف اليونسكو للتَّعليم للجميع، ومن ثمَّ الخروج برؤى وأفكار بنَّاءة تساهم في تفعيل سياساته في إفريقيا الغربيَّة وفق أهداف اليونسكو للتَّعليم للجميع.
من المتوقَّع أن تضمَّ منطقة إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى (بما فيها إفريقيا الغربيَّة) 26% من العدد الإجماليِّ للكبار الأُمِّيِّين في بدايات عام 2015م.
أوَّلاً: فلسفة مبادرة اليونسكو الدَّوليَّة للتَّعليم للجميع، وعلاقتها بمحو الأُمِّيَّة:
يحظى محو الأُمِّيَّة باهتمامٍ دوليٍّ متنامٍ، يتبيَّن ذلك في المؤتمر الدَّوليِّ الذي نظَّمته اليونسكو في جومتيين (Jomtien) بتايلاند عام 1990م، وكان من أهدافه: تأمين حاجات التَّعلُّم الأساسيَّة لكلّ شخص- سواء كان طفلاً أو يافعاً أو راشداً- للاستفادة من الفرص التَّعليميَّة المصمّمة على نحوٍ يُلبِّي حاجاته الأساسيَّة للتَّعلُّم، وحدَّد منتدى داكار العالميّ عام 2000م أهدافاً؛ أبرزها: «توسيع الرِّعاية والتَّربية، وتحسينهما على نحوٍ شاملٍ في مرحلة الطُّفولة المبكرة؛ ما يجعل الأطفال قادرين على التَّعلُّم، وإتاحة الفرصة لجميع المتعلِّمين كي يتمتَّعوا بحقوقهم في الحصول على تعليمٍ ذي نوعيَّة جيِّدة في المدارس، وضمان تلبية حاجات التَّعلُّم للصِّغار والرَّاشدين كافَّة؛ من خلال الانتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتَّعلُّم واكتساب المهارات اللازمة للحياة، وتحسين مستويات محو الأُمِّيَّة لجميع الكبار؛ لتمكينهم من تعلُّم القراءة والكتابة والحساب، وتحقيق المساواة بين الجنسَيْن في ميدان التَّعليم، مع التَّركيز على تأمين فرصٍ كاملةٍ ومتكافئة للفتيات للانتفاع والتَّحصيل الدِّراسيّ في تعليمٍ أساسيٍّ جيِّدٍ، وتحسين كلّ الجوانب النَّوعيَّة للتَّعليم، وضمان الامتياز للجميع؛ بحيث يُحقِّق جميع الدَّارسين نتائج ملموسة في التَّعلُّم، لاسيما القراءة والكتابة والحساب والمهارات الأساسيَّة للحياة»(7).
وتتوقَّف هذه المبادرات الدَّوليَّة المتعلِّقة بمحو الأُمِّيَّة على مدى قدرة المنظومة التَّعليميَّة في تعميم التَّعليم للجميع، بجانبَيه الكمّيِّ والكيفي، وتشجيع محو الأُمِّيَّة لجميع الفئات العمريَّة، وباعتباره جزءاً من التَّعليمِ الأساسيِّ الجيِّد.
وتعدُّ مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع من أجل التَّمكين إطاراً استراتيجيّاً دوليّاً للعمل التَّعاونيِّ على النُّهوض بجهود محو الأُمِّيَّة في 35 دولة لديها مُعدَّل الإلمام بالقراءة والكتابة أقلّ من 50%، أو سكان بالغين أكثر من 10 ملايين نسمة بدون كفاءات الإلمام بالقراءة والكتابة، ومن هذه الدول: (بنين، بوركينافاسو، السِّنغال، سيراليون، غامبيا، غينيا، غينيا بيساو، كُوتْ دِيفُوار، مالي، موريتانيا، النّيجر، نيجيريا)(8).
إنَّ الهدف المتَّفق عليه في منتدى دكار 2000م يغطي نطاقاً من التَّعلُّم، وينطوي على صلاتٍ وثيقةٍ مع الهدف المتعلِّق بمحو الأُمِّيَّة والتَّعليم المستمرّ للكبار من خلال تعميم القراءة والكتابة(9)، ويُؤكّد ذلك إعلان عقد الأمم المتحدة لمحو الأُمِّيَّة (2003م-2013م): «أنَّ تعميم القراءة والكتابة هو لُبّ عمليَّة توفير التَّعليم الأساسيّ للجميع، وأنَّ إيجاد بيئات ومجتمعات ينتشر فيه الإلمام بالقراءة والكتابة أمرٌ أساسيٌّ لتحقيق أهداف القضاء على الفقر، وكفالة التَّنمية المستدامة والسَّلام والدِّيمقراطيَّة»(10)، ما يعني تجديد الوعي الوطنيِّ والدّوليِّ بالأهمِّيَّة القصوى لتمكين الأفراد والجماعات من اكتساب ملائمة للقرائيَّة والكتابيَّة؛ عن طريق توفير تعليمٍ أساسيٍّ ذي نوعيَّة جيِّدة، وبرامج تعلُّم لصالح الشَّباب والكبار.
وجديرٌ بالذّكر: أنَّ الحقّ في محو الأُمِّيَّة يندرج ضمن الحقّ في التَّعليم الذي أقرَّ به الإعلان العالميُّ لحقوق الإنسان الصَّادر عام 1948م، ومنذ ذلك الحين أُصدرت وثائق دوليَّة تُركِّز على الاهتمام باللُّغة التي يتمّ بها محو الأُمّيَّة، والعديد من هذه الوثائق يُفسح المجال للتَّوسُّع في تفسير محو الأُمِّيَّة؛ بحيث يتجاوز مجرد اكتساب مهارات القراءة والكتابة ليشمل: الانتفاع بالمعارف العلميَّة والتِّقنيَّة، والمعلومات القانونيَّة، والثَّقافة، ووسائل الإعلام، وتحسين الظّروف الصِّحيَّة. كما تمَّ الاعتراف بمحو الأُمِّيَّة باعتباره آلية تساعد على التَّمتُّع بحقوق الإنسان الأخرى.
ومن المهمِّ الإشارة إلى: أنَّ خُطَّط التَّعليم للجميع حديثة العهد نسبيّاً وطويلة الأجل، فقد اعتُمد 79% منها فيما بين عامَي 2001م-2005م، ويغطي 58% منها فترات مدّتها عشر سنوات، ولا سيما خُطَط بلدان إفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى، ومن الواضح أنَّ الخُطط التي تحظى بأعلى درجات الأولويَّة هي تعميم التَّعليم الأساسيّ عن طريق التَّوسُّع في التَّعليم الجماهيريِّ، تحديداً في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى؛ من خلال تلبية حاجات التَّعلُّم لدى النَّشء والكبار، وتأمين تكافؤ فرص انتفاعهم بالبرامج الملائمة في مجال التَّعلُّم واكتساب المهارات الأساسيَّة(11).
ثانياً: واقع محو الأُمِّيَّة في دول إفريقيا الغربيَّة، ومدى تحقيقه لأهداف اليونسكو للتَّعليم للجميع:
انطلاقاً من أهمِّ أهداف اليونسكو السِّتة للتَّعليم للجميع «ضمان تلبية حاجات التَّعلُّم لجميع النَّشء والكبار؛ من خلال الانتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتَّعلُّم، واكتساب المهارات الحياتيَّة»، و «تحقيق تحسّن بنسبة 50% في مستويات محو أُمِّيَّة الكبار بحلول 2015م، ولا سيما لصالح النِّساء، وتحقيق تكافؤ فرص التَّعليم الأساسيِّ والتَّعليم المستمر لجميع الكبار»، فإنَّ محو الأُمّيَّة يعدُّ حقاً أساسيّاً من حقوق الإنسان، وأداةً أساسيَّةً لاتّخاذ القرارات المستنيرة، والمشاركة الكاملة في تنمية المجتمع، وأساساً لتحقيق التَّعليم للجميع، ومتطلَّباً من متطلَّبات إحراز التَّقدُّم على الصَّعيدَيْن الاجتماعيِّ والاقتصادي.
لهذه الأهمِّيَّة؛ فقد سعت منظَّمة اليونسكو، وسخّرت جميع إمكانيَّاتها، وأنفقت بسخاء على دول العالم عامَّة، ودول إفريقيا خاصَّة- تحديداً دول إفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى-، لتحقيق التَّعليم للجميع؛ ما يُوفِّر للجميع القراءة والكتابة من خلال توفير خدمات التَّعليم الجيِّد بحلول 2015م، لوجود عددٍ قليلٍ من البلدان النَّامية التي تتيح فرصة ثانية حقيقيَّة للكبار الأُمِّيِّين، ونتيجة لذلك؛ فإنَّ البلدان التي اتَّسمت على مرِّ الزَّمن بقلَّة الالتحاق فيها بالمدرسة لم تنجح في القضاء على أُمِّيَّة الكبار.
على الرغم من هذه الجهود والإمكانيَّات، المسَخَّرة من اليُونسكو، فإنَّ الهدف كان بعيد المنال بحلول عام 2015م، وتأكيداً على ذلك: فقد جاء في التَّقرير العالميِّ لرصد التَّعليم للجميع عام 2008م أنَّ نسبة قرائيَّة الكبار في العالم ارتفعت من 76% إلى 82% فيما بين فترتَي (1985م-1994م) و (1995م-2004م)، وكانت هذه الزِّيادة أكثر وضوحاً في البلدان النَّامية- بما فيها إفريقيا الغربيَّة-، حيث ارتفعت نسبتها من 68% إلى 77%(12).
كما يشير التَّقريرُ العالميُّ لرصد التَّعليم للجميع (2013م-2014م) إلى ازدياد عدد الأُمِّيِّين من الكبار بنسبة 37% منذ عام 1990م، بسبب النُّموِّ السّكانيِّ، بحيث بلغ عددهم 182 مليون نسمة في عام 2011م، ومن المتوقَّع أن تضمَّ منطقة إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى (بما فيها إفريقيا الغربيَّة) 26% من العدد الإجماليِّ للكبار الأُمِّيِّين في بدايات 2015م، ما يُمثِّل زيادة بالمقارنة 15% مع النِّسبة المسجَّلة عام 1990م.
وتندرج إفريقيا الغربيَّة (16 بلداً) ضمن البلدان التي سُجِّلت فيها أسوأ المعدَّلات في اكتساب مهارات القراءة لدى الكبار على الصَّعيد العالمي(13)، وذلك راجع إلى تدنّي مُؤشِّر «تنمية التَّعليم للجميع» في معظم دول إفريقيا الغربيَّة، حيث لا تزال العديد من تلك الدُّول تحظى بتأخُّرٍ مفرطٍ عن الرّكب بمؤشِّر «تنمية التَّعليم للجميع»؛ إذ تقلّ قيم هذا المؤشِّر عن (0.60) في كلٍّ من: (بنين وبوركينافاسو ومالي والنّيجر)(14) ، ما يعني أنَّ هناك مُعدَّلات مرتفعةً من الرَّاشدين والكبار الأُمِّيِّين في إفريقيا الغربيَّة بشكلٍ مخيف.
وهذا يقود إلى حقيقةٍ مفادها: أنَّ على حكومات دول إفريقيا الغربيَّة معالجة قدرٍ عظيمٍ من الاحتياجات المتراكمة التي لم تفعّل بعد في مجال محو الأُمِّيَّة؛ ما يُمكِّن الرَّاشدين والكبار الذين لم يلتحقوا بالتَّعليم الابتدائيّ، أو ممَّن تركوا الدِّراسة دون اكتساب المهارات التي تمنحهم قدرة لكسب قُوتهم، وتزيد من تحكّمهم بمجرى حياتهم وتقديرهم لذاتهم، والمشاركة في المجتمع على نحوٍ مطلوب.
وهناك أربع دولٍ في إفريقيا الغربيَّة تعدُّ بمستوى أدنى مُعدَّل محو الأُمِّيَّة في أوساط الشَّباب، منذ عام 1975م، هي(15):
م |
الدولة |
معدَّل العمر |
رجال |
نساء |
عام |
1 |
بوركينافاسو |
15-24 |
22.38% |
6.66% |
1975 |
2 |
مالي |
15-24 |
26.67% |
13.47%) |
1976 |
3 |
النّيجر |
15-24 |
26.23% |
14.23% |
2001 |
4 |
غينيا |
15-24 |
37.57% (2010) |
13.47% |
1996 |
من خلال هذه الإحصائيَّات حول مُعدَّل محو الأُمِّيَّة في بعض دول إفريقيا الغربيَّة، ومقارنتها بالإحصائيَّات الحديثة في تلك الدُّول، تتبيَّن أهمِّيَّة مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع، والتي ترمي إلى تحقيق المعدَّل الأعلى في دول العالم، وبخاصّة دول العالم الثَّالث، والتي منها إفريقيا الغربيَّة.
ومن الإحصائيَّات القديمة والحديثة حول مُعدَّل محو الأُمّيَّة للشَّباب والشَّابَّات (15-24 سنة) في بلدان إفريقيا الغربيَّة ما يلي(16)(17):
م |
الدّولة |
بيانات محو الأُمِّيَّة وتاريخ المعلومة |
التَّصنيف |
|||||
نوع الجنس |
أقدم مُؤشِّر |
تاريخ المعلومة |
أحدث مُؤشِّر |
تاريخ المعلومة |
إفريقيا الغربيَّة |
عالميّاً بين 151 دولة |
||
1 |
الرَّأس الأخضر |
الذّكور |
89.95% |
1990 |
97.87% |
2012 |
1 |
72 |
الإناث |
86.42% |
1990 |
98.40% |
2012 |
1 |
73 |
||
2 |
الذّكور |
75.95% |
2000 |
88.31% |
2010 |
2 |
107 |
|
الإناث |
65.49% |
2000 |
83.23% |
2010 |
2 |
108 |
||
3 |
الذّكور |
83.79% |
2000 |
86.92% |
2011 |
3 |
110 |
|
الإناث |
63.55% |
2000 |
72.71% |
2011 |
3 |
125 |
||
4 |
الذّكور |
59.69% |
1979 |
80.08% |
2013 |
4 |
123 |
|
الإناث |
17.80% |
1979 |
70.53% |
2013 |
4 |
126 |
||
5 |
الذّكور |
81.36% |
1991 |
75.57% |
2008 |
5 |
129 |
|
الإناث |
62.49% |
1991 |
57.95% |
2008 |
6 |
135 |
||
6 |
غامبيا |
الذّكور |
64.34% |
2000 |
74.14% |
2013 |
6 |
133 |
الإناث |
41.39% |
2000 |
67.37% |
2013 |
5 |
130 |
||
7 |
سيراليون |
الذّكور |
59.61% |
2004 |
73.02% |
2013 |
7 |
134 |
الإناث |
37.36% |
2004 |
55.60% |
2013 |
7 |
137 |
||
8 |
موريتانيا |
الذّكور |
67.73% |
2000 |
66.40% |
2007 |
8 |
137 |
الإناث |
55.48% |
2000 |
47.71% |
2007 |
9 |
139 |
||
9 |
ليبيريا |
الذّكور |
62.83% |
1984 |
63.45% |
2007 |
9 |
139 |
الإناث |
33.72% |
1984 |
37.17% |
2007 |
12 |
144 |
||
10 |
السّنغال |
الذّكور |
49.13% |
1988 |
61.11% |
2013 |
10 |
142 |
الإناث |
28.03% |
1988 |
50.97% |
2013 |
8 |
138 |
||
11 |
كوتْ دِيفُوار |
الذّكور |
59.93% |
1988 |
58.33% |
2012 |
11 |
143 |
الإناث |
37.85% |
1988 |
38.75% |
2012 |
11 |
143 |
||
12 |
مالي |
الذّكور |
26.67% |
1976 |
56.32% |
2011 |
12 |
144 |
الإناث |
13.47% |
1976 |
39.01% |
2011 |
10 |
142 |
||
13 |
بنين |
الذّكور |
45.71% |
1979 |
54.87% |
2006 |
13 |
145 |
الإناث |
18.26% |
1979 |
30.79% |
2006 |
14 |
147 |
||
14 |
بوركينافاسو |
الذّكور |
22.38% |
1975 |
46.73% |
2007 |
14 |
148 |
الإناث |
6.66% |
1975 |
33.13% |
2007 |
13 |
145 |
||
15 |
غينيا |
الذّكور |
44.12% |
1996 |
37.57% |
2010 |
15 |
150 |
الإناث |
13.47% |
1996 |
21.80% |
2010 |
15 |
150 |
||
16 |
النّيجر |
الذّكور |
26.23% |
2001 |
34.53% |
2012 |
16 |
151 |
الإناث |
14.23% |
2001 |
15.06% |
2012 |
16 |
151 |
يتَّضح من الإحصائيَّات الواردة في الجدول أعلاه: وجود قصورٍ في تحقيق أهداف التَّعليم للجميع في دول إفريقيا الغربيَّة مقارنةً ببعض دول العالم الأعلى مُعدَّلاً في محو الأُمِّيَّة للشَّباب بنسبة (100%)، مثل: كوريا الشَّماليَّة عام 2008م، وبولندا عام 2013م، ومولدوفا عام 2013م، وكذلك البلدان التي حقَّقت نسبةً فوق (99.90%)، مثل: أستونيا عام 2011م، وإيطاليا عام 2013م، وسنغافورة عام 2013م، وأذربيجان عام 2014م، وغيرها من الدُّول التي من الممكن الاستفادة من تجاربها في مجال محو الأُمِّيَّة.
إذا كانت الأرقام السَّابقة تشير إلى ارتفاع نسب الأُمِّيَّة في معظم دول إفريقيا الغربيَّة، بالرُّغم من الإعلانات والتَّعهُّدات التي تعهَّدت بها الحكومات المشاركة- منها حكومات إفريقيا الغربيَّة- في منتدى داكار 2000م، لإنقاذ المئات في دولهم من براثن الجهل بالقراءة والكتابة، فمتى ستصبح القراءة في إفريقيا الغربيَّة، كما هي في مجتمعاتٍ أخرى، مثل: أيسلاندا وفرنسا والصّين واليابان وغيرها، تمارس القراءة في الباصات والقطارات والمقاهي؟
ويعود ذلك إلى تحدِّيات عدَّة تواجهها السِّياسات التَّعليميَّة في دول إفريقيا الغربيَّة، والتي تتعلَّق بتوفير التَّعليم للجميع؛ ما أثَّر سلباً على مُعدَّلات محو الأُمِّيَّة، ومن أبرز هذه التَّحدِّيات:
1 – ضعف توفير التَّعليم في مرحلة الطُّفولة المبكرة، وتعميم التَّعليم الأساسيِّ ومجانيَّته، وتوفير الظّروف المواتية التي يمكن في ظلِّها للأجيال القادمة أن تنهض بإمكانيَّاتها: يشير التَّقريرُ العالميُّ لرصد التَّعليم للجميع (2010م) إلى: أنَّه لا يزال هناك قصورٌ واضحٌ في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، والتي منها إفريقيا الغربيَّة، فقد كان ربع الأطفال ممن هم في سنّ التَّعليم الابتدائيِّ بهذه المنطقة لا يزالون غير ملتحقين بالمدارس في عام 2007م، وتضمّ هذه المنطقة زهاء 45% من إجمالي عدد غير الملتحقين بالمدارس في العالم، وتضمّ نيجيريا وحدها أكثر من (10%) من إجمالي عدد غير الملتحقين بالمدارس في المنطقة(18)، وكانت أعداد الأطفال غير الملتحقين بالتَّعليم في السَّنة الدِّراسيَّة المنتهية عام 2008م في كلٍّ من: نيجيريا (8650) طفلاً، والنّيجر (1213) طفلاً، وبوركينافاسو (922) طفلاً، وغانا (792) طفلاً، ومالي (506) طفلاً(19)، وبين عامَي (2000م– 2007م) بلغ مُعدَّل الأطفال في سنّ التَّعليم الابتدائيِّ في موريتانيا الذين لم يلتحقوا بالمدارس (55.9%)، منهم (54.1% للذّكور، و 57.6% للإناث)، من بينهم (27.4% في المناطق الحضريَّة، و 72.6% في المناطق القرويَّة)(20).
2 – زيادة عدد الشَّباب والكبار الذين يفتقرون إلى المهارات الأساسيَّة للقرائيَّة، في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، بنحو 7 ملايين شاب: نظراً إلى النُّموِّ السُّكانيِّ المرتفع المستمرّ، وإلى النِّسب المتدنيَّة على صعيدي الالتحاق بالمدارس وإتمام الدِّراسة، كما يوجد في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى اثنا عشر بلداً تفوق مُعدَّلات الأُمِّيَّة فيها 50%، وتضمّ هذه البلدان: بوركينافاسو، وغينيا، ومالي، والنّيجر، حيث تبلغ نسبة الأُمِّيِّين الرَّاشدين الذين يفتقرون إلى المهارات الأساسيَّة أكثر من 70% من السُّكان(21)، وتُسجِّل كُوت دِيفُوار أكثر من 51% من الأُمِّيِّين، 72% من النِّساء، و 96% في المناطق الرِّيفيَّة(22).
3 – أوجه التَّفاوت وعدم التَّكافؤ بين الجنسَيْن في مجال التَّعليم: أثبتت الاستقصاءات السُّكانيَّة والصِّحيَّة لعام 2008م أنَّ التَّقدُّم نحو تحقيق التَّكافؤ بين الجنسَيْن في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى بطيءٌ وغير متعادل، إذ ارتفع المتوسط الإقليميّ لمؤشِّر التَّكافؤ بين الجنسَيْن من (0.85) عام 1999م إلى (0.89) عام 2006م، وفي كلٍّ من: (كُوتْ دِيفُوار ومالي والنّيجر) قلَّت نسبة قيد الفتيات في المدارس الابتدائيَّة عن 80% مقارنةً بالصّبيان عام 2006م، أما بالنِّسبة لأوجه التَّفاوت بين الجنسَيْن القائمة على أساس الثَّراء، والتي تشمل الفتيات، فتميل الاختلافات بين الجنسَيْن في نسب الحضور الصَّافية لأن تكون أوسع نطاقاً لدى الأسر الأفقر في البلدان ذات نسب الحضور المتدنيَّة نسبيّاً في المدارس، ويتَّضح ذلك في بلدان مثل: بوركينافاسو، وغينيا، ومالي، والنّيجر، والسِّنغال، وفي مالي بلغ مُؤشِّر التَّكافؤ بين الجنسَيْن في نسب الحضور الصَّافية في المدارس الابتدائيَّة (0.60%) فقط عام 2006م(23).
4 – أزمة التَّسرُّب الزَّائد في مرحلة التَّعليم الابتدائيِّ: يشير أليكسندر (Alexander, 2008) إلى: أنَّ منطقة إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى- وحدها- يتسرَّب زهاء 10 ملايين طفل من التَّعليم الابتدائيّ في كلّ عام، ويعدُّ فقر الأسرة، وأوجه التَّفاوت المرتبطة باللُّغة والانتماء الإثني، والفروق بين الرِّيف والحضر، عوامل تسهم في خلق هذه المشكلة، بالإضافة إلى سوء نوعيَّة التَّعليم في المدارس، حيث تكتظ قاعات الدَّرس بالتَّلاميذ، وتَشحُّ الكتب، ويفتقر المعلِّمون إلى التَّأهيل اللازم(24)، وجديرٌ بالتَّنويه أنَّ أزمة التَّسرُّب من المدارس مبكراً تحول دون اكتساب المهارات الأساسيَّة للقرائيَّة، وتحقيق فرص الحياة أمام الأطفال الذين يعانون من ظروف عدَّة، ويحرمهم من التَّمتُّع بحقوقهم في التَّعليم، والتي يتنافى مع أهداف اليونسكو الستَّة للتَّعليم للجميع.
5 – إدراج اللُّغات الأروبيَّة، واتِّخاذها– هي وحدها– محكاً للتَّعليم، وبرامج محو الأمِّيَّة، في إفريقيا الغربية، من أهمّ مشكلات الأمِّية وتعميق آثارها: إذ لا تزال تلك اللُّغات تحظى بمكانة متقدمة في السّلم التَّعليميّ على حساب اللُّغات الوطنيَّة المحليَّة، على الرُّغم من الجهود التي تبذلها المؤسّسات الدَّوليَّة في سبيل تطوير اللُّغات المحليَّة واستخدامها في التَّعليم، وبرامج محو الأمّية، ومنها: مؤسّسة لينكاباكس الدَّوليَّة المهتمة بترقية اللُّغات المحليَّة، فقد سبق أن نظَّمت ندوةً دوليةً بداكار (السِّنغال) تحت شعار: «التَّربية والحقوق اللُّغويَّة للشُّعوب الإفريقية»، وتأتي هذه النَّدوة لتطوير الحقّ التَّعليميّ للشُّعوب بلغاتها المحليَّة(25).
6 – ضعف الوعي السِّياسيّ لدى قادة إفريقيا الغربيَّة بأنَّ الأُمِّيَّة بين الشَّباب والكبار من أهمِّ العقبات التي تواجه التَّنمية المستدامة في هذه المنطقة، وعدم اعتماد سياسات لغويَّة ملائمة بدول إفريقيا الغربيَّة: حيث إنَّ معظم البلدان التي تواجه تحدِّيات صارخة في مجال محو الأُمِّيَّة هي بلدان متعدِّدة اللُّغات.
7 – النِّزاعات السِّياسيَّة التي حدثت في بعض دول إفريقيا الغربيَّة، وأدَّت إلى تَيَتُّم عُشر الأطفال في سنّ المدرسة، ونقص أعداد المعلِّمين المؤهَّلين تربويّاً: ما يتطلَّب من الحكومات الاضطلاع بأنشطة خاصَّة لتزويد الأطفال بما يلزم من دعمٍ وفرصٍ للتَّعليم.
ثالثاً: سبل تفعيل سياسات محو الأُمّيَّة بإفريقيا الغربيَّة؛ في ضوء أهداف اليونسكو للتَّعليم للجميع:
انطلاقاً من «حركة اليونسكو العالميَّة للتَّعليم للجميع» التي استُهِلّت في جومتيين Jomtien (تايلاند) عام 1990م، وأعيد تأكيدها في داكار (السِّنغال) عام 2000م، وما نصَّ عليه منتدى التَّعليم العالميِّ بمدينة إنشيون في كوريا الجنوبيَّة عام 2015م حول: (التَّعليم العالميّ للجميع، والهدف الإنمائيّ للألفية بشأن التَّعليم، وتعزيز التَّعلُّم مدى الحياة، وتحقيق اكتساب جميع المتعلِّمين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التَّنمية الشَّاملة، وتكافؤ الفرص التَّعليميَّة بين النِّساء)؛ يجدر بنا تقديم مقترحاتٍ وسبلٍ لتفعيل سياسات محو الأُمِّيَّة وتعزيزها، من خلال مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع، والتي تسعى إلى تحقيقها في دول العالم، وبالأخصّ دول إفريقيا جنوب الصَّحراء، تحديداً إفريقيا الغربيَّة، ومن هذه السّبل ما يأتي:
1 – أن تتحمَّل حكومات إفريقيا الغربيَّة قدراً كافياً من مسؤوليَّة توفير التَّعليم الأساسيِّ لجميع الأطفال: لقد توسع نطاق التَّعليم للجميع بشكل ملاحظٍ بعد مؤتمر جومتيين 1990م، والمنتدى العالميّ للتَّعليم للجميع في داكار 2000م، إلاَّ أنَّ منطقة جنوب الصَّحراء الكبرى تعدُّ الأكثر تخلّفاً، فقد تبيَّن أنَّ 33% من الأطفال ممن هم في سنّ التَّعليم الابتدائيِّ غير مسجّلين في المدارس في 2011م، وقد يرجع أحد أسباب ذلك إلى تفاوت كبيرٍ في مُعدَّلات القيد بين الأكثر ثراء والأشدّ فقراً في المنطقة(26)، وهذا يُلزم حكومات إفريقيا الغربيَّة بأن تتحمَّل قدراً كافياً من مسؤوليَّة توفير التَّعليم الأساسيِّ لجميع الأطفال، من خلال العمل بمبدأ التَّعليم الإلزاميِّ المجاني، واستمراريَّة دمج سياسات التَّعليم التي تشمل الرِّعاية والتَّعليم في مرحلة الطُّفولة المبكرة، والتَّعليم الأساسيّ، وبرامج محو أُمِّيَّة الكبار.
2 – معالجة أوجه القصور في التَّعليم النِّظاميّ في دول إفريقيا الغربيَّة: مثل: المركزيَّة المفرطة، وضعف كفاية الموارد المخصَّصة من قِبل حكوماتها للتَّعليم، وبرامج محو الأُمِّيَّة التي لم تسلم من ذلك القصور فلا تحظى إلاَّ بنسبة 1% من ميزانيَّة التَّعليم في الكثير من البلدان(27)؛ ما يُرجح ضرورة زيادة حكومات دول إفريقيا الغربيَّة المخصَّصات والمعونات الكافية لإحراز تقدُّمٍ نحو تحقيق أهداف اليونسكو المتعلِّقة بمحو الأُمّيَّة، ويمكن تعزيز ما اقتُرِح في المؤتمر الإقليميِّ الذي عقد في باماكو من 10-12 سبتمبر عام 2007م بعنوان: «تجديد محو الأُمِّيَّة لمواجهة التَّحدِّيات الإفريقيَّة والدَّوليَّة»، والذي نصَّ على تخصيص الدُّول الإفريقية ما يقارب 3% من الميزانيَّات المخصَّصة للتَّعليم من أجل محو الأُمِّيَّة.
3 – وضع الخُطَّط الاستراتيجيَّة المشتركة الخاصَّة بدول إفريقيا الغربيَّة، والتي تهدف إلى محاربة الأُمِّيَّة وتعزيز التَّعليم للجميع: وتتعهَّد حكومات تلك الدُّول بالتَّقيُّد بها، إلى جانب تطبيق جميع دول إفريقيا الغربيَّة إلزاميَّة التَّعليم الأساسيِّ ومجانيَّته بشكلٍ حازم، وتوفير كافَّة الإمكانيَّات المادِّيَّة والمعنويَّة لذلك.
4 – إطلاق حملات محليَّة مستمرَّة، وبرامج توعويَّة وتثقيفيَّة لمحو الأُمِّيَّة في القرى والمدن: يمكن أن تشارك فيها جميع الفعَّاليَّات الرَّسميَّة والأهليَّة، ودعمها من خلال وسائل الإعلام المختلفة (الصُّحف، التِّلفاز، الإذاعة، الإنترنت، وغيره).
5 – إيجاد الوزارات المعنيَّة بالتَّربية والتَّعليم في دول إفريقيا الغربيَّة؛ لتكون مظلَّة تنسيقيَّة وطنيَّة لمحو أُمِّيَّة الكبار الذين تجاوزت أعمارهم سنّ التَّعليم المدرسي: من خلال برامج التَّعليم غير النِّظاميِّ الخاصَّة بمحو الأُمِّيَّة؛ لتنضوي تحتها مختلف المبادرات التي تُقدِّمها المؤسّسات المجتمعيَّة الحكوميَّة والأهليَّة المتنوِّعة في إطار التَّعليم خارج المدرسة النِّظاميَّة.
تندرج إفريقيا الغربيَّة (16 بلداً) ضمن البلدان التي سُجِّلت فيها أسوأ المعدَّلات في اكتساب مهارات القراءة لدى الكبار على الصَّعيد العالمي
6 – بلورة رؤية واضحة لجهود محو الأُمِّيَّة للرَّاشدين والكبار، في ضوء أهداف اليونسكو للتَّعليم للجميع: وأن ينطلق من خلال هذه الرُّؤية حوارٌ مجتمعيٌّ تشارك فيه القطاعات المختلفة (العامَّة والخاصَّة والأهليَّة التَّطوعيَّة)، وأن تُصاغ هذه الرُّؤية وفق معطيات الرُّؤى المطروحة عالميّاً، وبالأخصّ تجارب الدُّول التي نجحت في مجال محو الأُمِّيَّة بنسبة (100%)، مثل: بولندا، وسنغافورة، وكوريا الشّماليَّة، واليابان، وغيرها.
7 – تبنّي المفاهيم والاتّجاهات المعاصرة في محو الأُمِّيَّة: بما فيها: محو الأُمِّيَّة الوظيفيَّة، ومحو الأُمِّيَّة الحضاريَّة، ومحو الأُمِّيَّة الحاسوبيَّة، وتصميم البرامج الملائمة لترجمتها عمليّاً في أرض الواقع، مع التَّأكيد على أهمِّيَّة امتلاك مهارات القرائيَّة الأساسيَّة (القراءة والكتابة والحساب) لغايات تعزيز أهداف التَّعليم للجميع.
8 – تضمين اللُّغات المحليَّة الأكثر استعمالاً بين الشُّعوب في المناهج التَّعليميَّة الرَّسميَّة: إنَّ فرصة التَّعلُّم باللُّغة الأمّ، وتعلُّم التَّحدُّث بلغةٍ أخرى، هما من أهمِّ حقوق الإنسان، كما ورد في تقرير التَّنمية البشريَّة الصَّادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ لعام 2004م، وذلك لضمان عدم حرمان الأشخاص من التَّعليم والحياة السّياسيَّة، والحصول على العدالة في المجتمع، وهذا يتطلَّب من الوزارات المعنيَّة بالتَّعليم الأساسيِّ ومحو الأُمِّيَّة في دول إفريقيا الغربيَّة تضمين اللُّغات المحليَّة الأكثر استعمالاً بين الشُّعوب في المناهج التَّعليميَّة الرَّسميَّة، مثل: الهوسا، والفولاني، وديولا، ومُوري، ويوربا، وإبو، وزرما، وغيرها من اللُّغات الوطنيَّة الأكثر استخداماً بين الشُّعوب، وإنَّ استعمال اللُّغة الأمّ يعدُّ استراتيجيّاً سليماً، بيد أنَّه يجب أن يتيح إمكانيَّة الانتقال السَّلس إلى فرص التَّعلُّم بتلك اللُّغات الإقليميَّة.
9 – كتابة اللُّغات الإفريقيَّة بالحروف العربيَّة للقضاء على الأمِّيَّة بين الشُّعوب المسلمة في إفريقيا الغربية: إنَّ المجتمعات الإفريقيَّة- في ظلِّ الحضارة الإسلاميَّة- قد حقَّقت قدراً عالياً من التَّعليم ومحو الأُمِّية، سواء باللُّغة العربيَّة أو باستخدام الحروف العربيَّة في كتابة اللُّغات الإفريقية، المعروفة بـ«عجمي»، ويمكن تفعيل هذه السِّياسة تدريجيّاً من خلال كتابة اللُّغات الإفريقيَّة بالحروف العربيَّة للقضاء على الأمِّيَّة بين الشُّعوب المسلمة في إفريقيا الغربية، أو استخدام حروف اللُّغات الأوروبيَّة الأكثر استخداماً في إفريقيا الغربيَّة، كالإنجليزيَّة أو الفرنسيَّة، وقد نجحت العديد من دول النُّمور الآسيوية في هذه التَّجربة.
10 – أصبحت مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع هي الآلية العالميَّة السَّائدة لتوطيد الحوار السِّياسيِّ، وتعزيز مبادئ فعَّاليَّة المساعدة في التَّعليم الأساسيِّ: وقد ضخت اليونسكو أموالاً طائلةً في البلدان التي أثبتت التزامها بتحقيق التَّعليم الابتدائيِّ للجميع، والمساواة في التَّعليم بين الجنسَيْن(28)؛ ما يُلزم حكومات دول إفريقيا الغربيَّة بالاستفادة من هذا الدَّعم، وذلك من خلال إصلاح منظوماتها التَّعليميَّة، وتعميم التَّعليم الأساسيّ، وضمان حصول الفتيات على الفرص المتكافئة في التَّعليم، والقضاء التَّدريجيّ على حواجز التَّكلفة التي تمنع الفتيات من إكمال تعليمهنَّ الابتدائيّ، بما يُؤدِّي في النِّهاية إلى تخفيف حدَّة الأُمِّيَّة في أوساطهنَّ.
11 – تكثيف الجهود الجماعيَّة: من أصحاب القرارات في القطاعات الحكوميَّة، وواضعي السِّياسات التَّربويَّة، لتعزيز المنظومات التَّعليميَّة، والتَّدخلات التي ترتكز على نهجٍ رباعيِّ الأبعاد لمحو الأُمِّيَّة، يتمثَّل في: الارتقاء بجودة التَّعليم الأساسيِّ للأطفال والشَّباب، وتقديم فرص تعليميَّة للأطفال غير الملتحقين بالمدارس من الشَّباب والكبار، وتأمين ما يكفي من أعداد المعلِّمين المؤهَّلين تأهيلاً مناسباً، وإثراء البيئات التَّعليميَّة، مُدعمَةً ذلك بموارد كافية، وسياسات جيِّدة، لضمان إمكانيَّة الحصول عليه، ومدى قبوله وقدرته على التَّكيُّف.
12 – تعزيز حكومات دول إفريقيا الغربيَّة محو الأُمِّيَّة الأُسريَّة: الذي يهدف إلى تنمية دعم الوالدين لمهارات القراءة والكتابة عند الأطفال؛ ما يُطوِّر قدراتهم على ملاحظة واستخدام التَّفكير في الأصوات المختلفة للكلمات، فهم يكتسبون مهارات فك رموز اللُّغة خلال مرحلة تطوير اللُّغة الشَّفويَّة، كي يستخدموها بعد ذلك في عمليَّة تعلُّم القراءة والكتابة.
13 – إنَّ سياسات محو الأُمِّيَّة تكون أكثر فعَّاليَّة عندما تستند إلى نتائج البحوث الميدانيَّة، أو المبنية على التَّجارب والتَّقارير العالميَّة(29): ما يتطلَّب الاهتمام بالبحوث والدِّراسات الإفريقية المتَّصلة بمبادرات اليونسكو للتَّعليم للجميع، والتي تسعى إلى تحسين مُعدَّلات محو الأُمِّيَّة بين أفراد المجتمع من خلال المدارس النِّظاميَّة، أو برامج محو الأُمِّيَّة وتعليم الكبار في المدارس غير النِّظاميَّة.
وختاماً:
إنَّ إفريقيا الغربيَّة تندرج ضمن البلدان التي تُسجِّل أسوأ المعدَّلات في اكتساب مهارات القراءة لدى الشَّباب والكبار، ويعود ذلك إلى ضعف توفير التَّعليم في مرحلة الطُّفولة المبكرة، وتعميم التَّعليم الأساسيِّ ومجانيَّته، ما يستلزم تعزيز مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع؛ من خلال عمل حكومات إفريقيا الغربيَّة بمبدأ التَّعليم الإلزاميِّ المجانيِّ في المراحل الأساسيَّة، وزيادة ما يقارب 3% من الميزانيَّات المخصَّصة للتَّعليم من أجل محو الأُمِّيَّة، وإطلاق حملات محليَّة مستمرَّة، وبرامج توعويَّة لمحو الأُميَّة في القرى والمدن، وتضمين اللُّغات المحليَّة الأكثر استعمالاً بين أفراد المجتمع في المناهج التَّعليميَّة الرَّسميَّة.
الهوامش والاحالات :
(1) مدير عام منظمة اليونسكو السابق:
http://www.unesco.org/new/ar/unesco/about-us/who-we-are/director-general/the-organization/the-directors-general/koichiro-matsuura/.
(2) حجازي، جمعة (2007): الأُمِّيَّة: تفاقم المشكلة وتعثر الحلول، سوريا: المكتب المركزي للإحصاء. ص11.
3) عماد الدين، منى؛ العقرباوي، سوزان؛ الشبطي، غازي؛ النّاصر، عبد الله؛ الشعباني، أسامة (2007): الدّراسة التَّقويميّة الشّاملة لبرنامج محو الأُمّيَّة في الأردن، عمان: وزارة التّربية والتّعليم، ص22.
(4) Cordes, S. (2009). Broad horizons: The role of multimodal literacy in 21st century library instruction. http://www.ifla.org/files/hq/papers/ifla75/94-cordes-en.pdf.
(5) التَّقرير العالميّ للرصد التّعليم للجميع (2006)، مرجع سابق. ص30.
(6) المرجع نفسه، ص148.
(7) UNESCO.(2000). The Dakar Framework for Action: Education for All – Meeting our Collective Commitments. World Education Forum, Dakar, Senegal, 26–28 April. Paris, UNESCO.
(8) الجمعية العامَّة (2008): تقرير المدير العامّ لمنظَّمة الأمم المتحدة للتَّربية والعلم والثَّقافة (اليونسكو) عن تنفيذ خطَّة العمل الدَّوليَّة لعقد الأمم المتحدة لمحو الأمّيّة، ص6.
(9) تقرير الرّصد العالميّ للتَّعليم للجميع (2002): التَّعليم للجميع: هل يتقدم العالم في المسار الصَّحيح؟، باريس: منشورات اليونسكو، ص10.
(10) التَّقرير العالميّ للرصد التَّعليم للجميع (2006): القرائيَّة من أجل الحياة، فرنسا: منشورات اليونسكو، ص19.
(11) المرجع نفسه، ص76.
(12) التَّقرير العالميّ للرصد التَّعليم للجميع (2006): التَّعليم للجميع بحلول عام 2015م: هل سنحقّق هذا الهدف؟، فرنسا: منشورات اليونسكو، ص63.
(13) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع (2013م-2014م) (2014): التَّعليم والتَّعلُّم: تحقيق الجودة للجميع، باريس: منشورات اليونسكو، ص10.
(14) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع (2009): أهمّيَّة الحوكمة في تحقيق المساواة في التَّعليم، باريس: منشورات اليونسكو. ص122.
(15) نقلاً من الرّابط: (http://ar.actualitix.com/country/tjk/ar-tajikistan-literacy-rate-of-youth-men.php)، تحريراً في 14/1/2017م.
(16) اعتمد الباحث على أقدم وأحدث المؤشِّرات لمحو الأُمِّيَّة تاريخيّاً، وليس على أدنى أو أعلى المؤشِّرات على مرِّ السِّنين، لأنَّ البحث يرمي إلى تفعيل سياسات محو الأُمِّيَّة في بلدان إفريقيا الغربيَّة، وهذا يتطلَّب الاعتماد على أحدث المؤشِّرات لمعرفة ما حقَّقته مبادرة اليونسكو للتَّعليم للجميع في تلك البلدان.
(17) نقلاً من الرّابط: (http://ar.actualitix.com/country/wld/ar-literacy-rate-of-youth-men.php)، تحريراً في: 14/1/2017م.
(18) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع (2010): السّبيل إلى إنصاف المحرومين، باريس: منشورات اليونسكو، ص56.
(19) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع (2011): الأزمة الخفية.. النّزاعات المسلحة والتّعليم، فرنسا: منشورات اليونسكو، ص42.
(20) معهد اليونسكو للتَّعلُّم مدى الحياة (2011): استعراض التّجارب الدّوليَّة وأفضل الممارسات في مجال محو الأمِّيَّة الأسريَّة، الرباط: مكتب متعدّد البلاد لمنظّمة الأمم المتحدة للتّربية والتّعليم، ص3.
(21) التَّقرير العالميّ لرصد التّعليم للجميع (2010)، مرجع سابق، ص95.
(22) Côte d’Ivoire : La Lutte Contre l’Analphabétisme s’intensifie. (2014). Consulté le 18 Janvier 2017. URL. http://news.abidjan.net/h/510411.html.
(23) Demographic and Health Surveys. (2008). Calculations by Education Policy and Data Center.
(24) Alexander, R. (2008). Education for All, the Quality Imperative and the Problem of Pedagogy. Brighton, UK, University of Sussex, Centre for In Education, Consortium on Educational Access. (CREATE Pathways to Access Research Monograph). pp. 20.
(25) سيدي، ولد عبد الملك (2011): اللغات الإفريقية تصارع لغة المستعمر، نقلاً من موقع:
اللغات-الإفريقية-تصارع-لغة-المستعمرhttp://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2011/6/7، تحريراً في 29/5/2017م.
(26) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع للعام 2013-2014م (2014)، مرجع سابق، ص (7-8).
27) التَّقرير العالميّ للرصد التّعليم للجميع (2006)، مرجع سابق، ص17.
28) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع (2015): التَّعليم للجميع2000-2015: الإنجازات والتّحدِّيات. باريس: منشورات اليونسكو، ص (179-181).
29) عماد الدّين، منى وآخرون (2007)، مرجع سابق، ص103.