شوقي صلاح أحمد إسماعيل (*)
القارة الإفريقية غنيّة بالموارد البشرية وغير البشرية، مع ذلك تعدّ إفريقيا في مؤخّرة القارات من حيث التنمية، وفي مقدّمة القارات من حيث الفقر والبطالة، هذا الواقع المرير يستلزم إعمال الفكر من أجل استغلال القدرات والطاقات الإفريقية المتاحة للنهوض عبر عملية إدارية مُحكَمة(1), عن طريق توظيف الطاقات الشبابية لخدمة المجتمع، وتقديم تعاليم الإسلام بوصفها حلولاً عملية للمشكلات التي تمرّ بها القارة.
ومن هذه الحلول الفعّالة: إشراك شريحةٍ الشباب الإفريقيّ في بناء مجتمعه، عبر وسائل مواكِبة لتطوّر العصر، متمثّلةً في المنظمات التطوعية المتخصّصة والفعّالة، أو ما يُسمّى: «منظمات المجتمع المدني» أو «المنظمات غير الحكومية»، تعمل داخل المجتمع من أجل النهوض بالمجتمع، ونشر الفضائل، والنهي عن الشرّ، وتحقيق خيرية الأمّة، ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ …﴾ [آل عمران : 110]، وقد أثبتت التجربة نجاعة هذه الطريقة (فتح المجال أمام الشباب الإفريقي للمشاركة في نهضة مجتمعه) في إيجاد حلولٍ للمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع، من خلال بناء قدرات الشباب وتنميتها، وتوجيه الطاقات الكامنة فيه وتوظيفها .
أهمية الشباب في التنمية الاجتماعية والثقافية:
تنبع أهمية الشباب في المجتمع من دَوْرهم المحرك للتنمية؛ بوصفهم الفئة الأقدر على الفعل وَردّ الفعل، وسنناقش هذه الأهمية عبر التركيز على مفهوم التنمية بشكلٍ عام في شقّيها الاجتماعي والثقافي، وما يمكن للشباب إضافته في هذَيْن المحورَيْن .
أ – التنمية الاجتماعية للمجتمع ودور الشباب فيها:
المفهوم الذي نعنيه بالتنمية الاجتماعية متعلّق- بصورة أو أخرى- بمتطلبات الشباب وتحرّكاتهم في المجتمع المحيط بهم، وانعكاس ذلك على طريقة تعاملهم مع المؤسسات المجتمعية التي ينشطون فيها.
تعتمد التنمية الاجتماعية، لأيّ مجتمع، في إحداث التغيير المنشود، على طبيعة المجتمع المعني، ولابد أن تنسجم مع ثوابته الأيديولوجية، وتستصحب مجموع المفاهيم والأفكار التي تميّز ذلك المجتمع، فمعظم المجتمعات الإفريقية تجد فيها بوناً واسعاً بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وكذلك الطبقة المتعلمة والطبقة الأميّة، وتلك هي المشكلة الأهمّ التي ستواجه الشباب الإفريقي في طريقه نحو التنمية، أي السعي إلى الاتزان المجتمعي، والعمل على تقليل الفجوات المجتمعية، وذلك من أجل تفعيل كلّ المكونات المجتمعية، حيث يمكنهم إنشاء منظمات متخصّصة في توعية المجتمع حول أهمية التضامن بين طبقاته المختلفة، وعبر إنفاق الأغنياء من أجل الحفاظ على السّلم والأمان المجتمعي .
إنّ التنمية الاجتماعية المنشودة تكون عبر وسائل نابعة من صميم المجتمع، سواء كانت دولة أو مؤسسات سياسية ومدنية، لأنّ التنمية العابرة للقارات- إن صحت التسمية- التي نعني بها: مجموع الأفكار والمفاهيم الساعية إلى إحداث تغييرٍ في مجتمعٍ ما؛ عبر وسائل غريبة عن المجتمع، من منظماتٍ أو تشكيلاتٍ مستوردة من خارج المجتمع، غالباً ما تؤدي- عاجلاً أو آجلاً- إلى صدامٍ مع القيم المحلية للمجتمع، وفي حال التعارض مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع؛ فإنها تكون تنميةً آنيةً مصطنعة عابرة للقارات، وغالباً ما تكون قصيرة العمر، وذات آثارٍ سلبية في المدى البعيد للأجيال القادمة في المجتمع الإفريقي .
ومن ثمّ تكمن أهمية الشباب في كونه المحرك لإحداث تنمية اجتماعية متوازنة، بشرط أن تكون نابعة من عمق القيم التي يتميّز بها المجتمع الإفريقي، تتم هذه التنمية- في الشكل الذي يقترحه هذا البحث- عبر تمكين الشباب من إنشاء مؤسّسات ومنظمات مجتمعية، ذات مقدرةٍ في القيام بهذا الدور المتشعّب، وتسهيل كلّ سبل التعاون مع الجهات المختصّة القانونية والقيادات المحلية؛ للمساعدة في تصريف شؤون المجتمع بالطريقة المُثلى التي تؤدي إلى التنمية المستدامة .
ب – التنمية الثقافية للمجتمع ودور الشباب فيها:
مفهوم التنمية الثقافية المنشودة هنا مستمدٌ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(2), هذه الأخلاق التي جاء النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم ليتمّمها؛ كانت ولا تزال جزءاً من الموروث الإنساني الموجود عند كلّ مجتمعٍ بنسبٍ متفاوتة، وهنا يأتي دور الشباب على مرّ العصور، منذ البعثة النبوية وإلى قيام الساعة، من أجل الحفاظ على القيم الفاضلة من هذا الموروث، وإرساء دعائم استمراريتها؛ لتعبّر عن مكنون المجتمع المميّز بمكوناته وثقافته وحضارته.
وهذا الحديث ينسجم مع المفهوم العامّ لتنمية الإنسانية؛ بوصفها عملية توسّع خيارات البشر؛ لتشمل الفعاليات والقدرات.
والتغيير الثقافي الذي نعنيه هو: (التغيير في أنساق الأفكار المتعلّقة بأنواعٍ عديدةٍ متباينةٍ من المعتقدات والقيم والمعايير)، وهذا التعريف يشمل في الوقت الحاضر مفهوم الدعوة الإسلامية، فهي نظامٌ للحياة، وطريقة للعيش لرفاهية كلّ البشرية، وهذا ما يقودنا إلى الفعل التغييري الثقافي الذي يجب أن يتطلع إليه الشباب الإفريقي للحفاظ على ثقافة الأخلاق الحميدة، ومواجهة الثقافات الدخيلة بالحسنى، وبداية كلّ تنمية تبدأ بالتوعية والحضّ على السلوك القويم للمجتمع المعني، وأطلق على هذه التوعية: (تتميم مكارم الأخلاق) التي تعتبر من المشتركات الإنسانية لأي مجتمعٍ في القارة الإفريقية، ويكون ذلك بالرفق والحلم، والنظر إلى الحسنات الموجودة، والعمل على إكمالها، من أجل إحداث تغييرٍ ثقافيٍّ إلى الأفضل، لجعل المجتمع المعنيّ مهيئاً للنهضة الثقافية، وليس المطلوب أبداً التعالي على الواقع الموجود، ووسمه بالكفر، أو وسمه بأيّ صفةٍ تكون حاجزاً بين المجتمع المحليّ والشباب الإفريقي.
ج – خريطة الطريق نحو التنمية الاجتماعية والثقافية:
خريطة الطريق التي نحتاج إليها هي: الخطط والبرامج اللازمة للعملية التنموية التي يقودها الشباب الإفريقي بنفسه، وتستلزم أن نطوّر المؤسسات التي شاركت في نهضتنا في السابق لتقوم بالتنمية الاجتماعية والثقافية المنشودة، وذلك بالبحث عن الإيجابيات الموجودة في الواقع الحالي.
وتكمن أفضل الإيجابيات في توفّر المساجد في معظم القطاعات المجتمعية في إفريقيا، فيمكننا أن نطوّر من مفهوم المسجد ليكون مؤسسةً كغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي تشارك بفعالية في التنمية الاجتماعية والثقافية، ويتمّ ذلك بتغيير نظرة المجتمع للمسجد أولاً، ومن ثمّ تمليك الشباب الطرق الفعّالة في كيفيه إدارته وتمويله، والنظر إليه بوصفه مؤسسة اجتماعية، وليس مكاناً للعبادة وللصلاة فقط، والنظر للعبادة بمنظورها الأشمل بوصفها طريقةً للحياة.
وإن نجحنا في تنفيذ ذلك نكون قد طوّرنا سلاحاً فتّاكاً في مواجهة الغزو الثقافيّ الفكريّ؛ اعتماداً على عدد المساجد في العالم الإفريقي، والتي قد تصل إلى الملايين، ويمكن لهذه المؤسسات في حال تمّ النجاح في إدارتها أن تحلّ الكثير من المشكلات في التعليم والفقر والبطالة ومجابهة هجرة الشباب الإفريقي، على المستوى التطبيقي وليس النظري فقط، وليس أمراً مستغرباً، فقد حدث من قبل في الصين وماليزيا وسنغافورة، فلماذا لا يحدث في إفريقيا!
فليس من المستحيل أن يقود المسجد قاطرة التنمية في النواحي التعليمية والثقافية الاجتماعية، وأن يكون اللبنة الأولى في المستويات التعليمية، من حيث تعليم القرآن وعلوم الدين والعلوم العصرية، فمن غير تعليم لا أمل لأي نهضة في أي مجال، وقد أثبتت العديد من الدراسات أنّ التعليم هو أحد أهمّ العوامل المؤثّرة في تخفيض فرص إصابة الأفارقة بمرض نقص المناعة) الإيدز(، كما أنّ التعليم يؤدي إلى الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، وتقليل الهدر.
ويلزمنا الاعتماد على التنظيم الجيد لإيجاد تنميةٍ مستدامةٍ نابعةٍ من مكوّنات المجتمع نفسه، ويعدّ اتساع إمبراطورية مالي وشهرتها دليلاً واقعيّاً على قدرة الأفارقة على التنظيم السياسي والاستثمار الاقتصادي المتميز، حيث كانت المدن لها سمات المدن التجارية، كما كانت مراكز للتعليم ونشر الثقافة الإسلامية، وقد استمرت هذه الثقافة والأدب لقرون عدّة.
هذه القدرة على التنظيم والتنمية، التي كانت في إمبراطورية مالي، أنتجت غنىً ورخاءً لا مثيل له في العالم، لكن نسيان الماضي يشكّل عقبةً كبيرةً للذاكرة الجمعية لدى الشباب الإفريقي، كما يشكّل عائقاً ثقيلاً في وجه أي عملية تنمويةٍ يديرها الإفريقيون أنفسهم.
واقع الشباب الإفريقي ومعوقات التنمية:
يحتاج واقع الشباب الإفريقي إلى عملٍ كبيرٍ في النواحي التعليمية؛ لتأهيله لقيادة التنمية الاجتماعية والثقافية في العقدَيْن القادمَيْن.
ويمكن للشباب الإفريقي المستنير أن يبني سيناريوهات للمستقبل عبر الأدوات المحلية، مثل المؤسسات الأهلية التي يمثّل المسجد فيها دَوْراً قياديّاً بوصفه مؤسسة مجتمعٍ مدنيٍّ موجودة في كلّ أنحاء العالم الإفريقي، والتركيز على الاعتماد الذاتي من أجل إحداث تغييرٍ ثقافيٍّ اجتماعيٍّ شاملٍ نحو إرجاع القيم الأخلاقية الأصيلة لما كانت عليه في السابق من حسنٍ وجمالٍ، وقدرةٍ على تفعيل قطاعات المجتمع وتطويرها؛ لتتلاءم مع التطورات العصرية الآنية.
إنّ الحديث عن واقع الشباب الإفريقي يستلزم التطرّق إلى التحديات الواجب مواجهتها بالدراسة والبحث والتحليل، والعمل على وضع حلولٍ آنية للمدى القريب، وحلولٍ على المدى البعيد، متمثلة في وضع استراتيجيات متبنّاة من قبل المسؤولين عن أمر الشباب في الأقطار الإفريقية ومنظمات المجتمع المدني، وليس التركيز على المنظمات الشبابية والأهلية فقط، وليس المقصود إبعاد أو إزالة أي جهود تنموية أخرى من المنظمات الطلابية والعمّالية، أو أيّ مؤسسةٍ مربوطةٍ مباشرة أو غير مباشرة بالدولة.
وعليه؛ يجب مواجهة هذا الواقع بجانبَيْن: الرسميّ والشعبيّ، من غير احتكار حصري للفعل التنموي الذي لا يمكن للدولة القيام به من غير إسنادٍ وتدعيمٍ من مؤسسات المجتمع المدني الشبابية، والتي هي نفسها تحتاج إلى الرعاية والإسناد من الجانب الرسمي؛ من أجل الوصول إلى أفضل مواجهة للمشكلات التنموية.
إنّ خلاصة القول في تحسين واقع الشباب الإفريقيّ ينبع من انتهاج سياساتٍ تنموية؛ أساسها المجتمع والبيئة الإفريقية، لا من استيراد حلولٍ سطحيةٍ من الخارج؛ غالباً ما تكون مفروضة بالقوة(3).
وأبرز المعضلات في واقع الشباب الإفريقي هي:
أ – الأميّة والتسرّب من القنوات الدراسية:
هنالك معوقٌ تنمويٌّ كبير، نعبّر عنه بثلاثة أوجه كبيرة، قد تجاوزها العالم منذ فترة طويلة، الوجه الأول يتمثّل في الأمية التي تمنع الشاب من القراءة والكتابة، ومن لوازم هذه الأمية في هذا العصر: التخلّف، ولا يزال سبعة وخمسون مليون طفل يفتقرون إلى التعلّم؛ لأنهم ببساطة ليسوا في المدارس.
وعند القضاء على الأمية ننتقل إلى العقبة التالية، وهي التسرّب من المقاعد الدراسية في مختلف المراحل الدراسية، وهي لا تقلّ خطورة عن الأمية؛ لأنّ تخريج شبابٍ على شكل أنصاف متعلّمين تعدّ مشكلةً في حدّ ذاتها.
ولا يتوقف التحدي عند هذا الحدّ، بل يتعداه إلى مشكلةٍ أخرى متمثلة في نوعية التعليم المقدّمة، حيث إنّ نوعية التعليم المقدّمة للمتعلمين الذين يفترض أن يقودوا التنمية لم ترتق حتى الآن إلى المستوى المطلوب، فتدني مستوى التعليم يعوق حتى أولئك الذين ينجحون في الالتحاق بالمدارس، فثلث الأطفال في سنّ التعليم الابتدائي لا يتعلمون الأساسيات، سواء التحقوا بالمدارس أو لم يلتحقوا.
ليس نشر التعليم فقط هو الذي نسمو إليه، بل نسعى إلى التعليم الجيد، فالتعليم الجيد يُنقذ الأرواح عبر تأمين الحماية الجسدية من المخاطر والاستغلال، فعندما يكون المتعلّم في محيطٍ تعليميٍّ آمن، يكون أقلّ عرضة للاستغلال جنسيّاً أو اقتصاديّاً، أو للتعرض لأي مخاطر أخرى، مثل الزواج المبكر أو القسري، أو التجنيد في التنظيمات المقاتلة، أو الجريمة المنظمة، بالإضافة إلى ذلك يمكن للتعليم أن يؤمّن المعلومات المنقذة للحياة ومهارات البقاء الضرورية، وآليات التأقلم، فالتعليم المطلوب هو الذي يجهّز فرداً واعياً بمحيطه، قادراً على اتخاذ القرارات السليمة من أجل الوصول إلى الكفاية التي تجعله فرداً صالحاً في نفسه، قادراً على إصلاح الغير، والناتج المتوقع من العملية التعليمية الفعّالة تؤدي في المحصلة النهائية إلى الوصول لنوعيةٍ من الشباب قادرة على اتخاذ خطوات عملية في التنمية الاجتماعية والثقافية لمجتمعهم.
وليست المشكلات المتعلقة بالأميّة أو التعليم ونوعيته هي العقبة الوحيدة التي تواجه مستقبل النهضة الشبابية الإفريقية، بل تتعداه إلى مشكلات أخرى مرتبطة بعدم الاستفادة من الأعداد الكبيرة من الطاقات الشبابية التي تمّ إنفاق مبالغ طائلة في تعليمهم، وتكون المحصلّة عدم وجود خطط وبرامج للاستفادة من هذه الجموع؛ ما يؤدي إلى ظهور مشكلة البطالة.
ب – البطالة:
يقودنا الحديث عن البطالة إلى سؤالٍ مهمٍّ حول السياسة التعليمية في الدول الإفريقية، ومدى ارتباطها بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل: هل هنالك خططٌ موضوعة، أو الأمر متروك للأفراد؟
والإجابة بشفافيةٍ عن هذا السؤال قد تكون الخطوة الأولى نحو الحلّ، فهنالك قطاعاتٌ حيوية جدّاً تحتاج إلى عددٍ مقدّر من الخريجين والعمّال المهرة، مثل القطاع الزراعي، لكن للأسف لا تجد القدر الكافي من القوّة العاملة، مما قد يضطر الدولة إلى استيعاب قدرٍ كبيرٍ من العمالة الوافدة لسدّ الفجوة العمّالية، ونجد أنّ القدر الأكبر من الشباب الإفريقيّ يصطف في صفوفٍ غير منتهية من أجل الحصول على العمل المكتبي.
ولإيجاد حلٍّ يجب أن تتضافر الجهود الرسمية في إيجاد فرص عملٍ للشباب الإفريقيّ؛ عبر إنشاء منظمات تُعنى بالتدريب حسب متطلبات سوق العمل، بالإضافة لدعم الجهود الشبابية لإنشاء الأعمال والمشاريع الصغيرة، أو إيجاد حاضنات تأهيلية مؤقتة لكي يجدوا نصيبهم من الخبرة المطلوبة في التشغيل بعد رفع كفاءتهم وقدرتهم على المنافسة.
وتجاهل هذه المشكلة من الجانب الرسمي والمجتمعي؛ قد يؤدي إلى نشوء مشكلة أخرى، هي هجرة الشباب عامّة، والعقول الشابة على وجه الخصوص.
ج – هجرة الشباب والعقول الشابة:
تعدّ الهجرة من المشكلات الكبيرة التي تواجه العالم، وإفريقيا على وجه الخصوص، حيث يتم استنزاف مجتمعها الذي يعدّ مجتمعاً شاباً مقارنةً بالمجتمعات الأوروبية عامّة، والاسكندنافية خاصّة، كذلك حال دول شرق آسيا واليابان على وجهٍ أكثر خصوصية، واستمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى إفراغ المجتمعات من العناصر الفعّالة، وهو ما يمكن تشبيهه بإفراغ الجسم من السوائل، فيصبح هزيلاً لا يقدر على مواجهة المحن والمصائب، فالهجرة من الظواهر التي أصبحت تحتل مساحةً عريضةً في حياتنا، سواء تلك الدائمة أو المتجهة إلى مجتمعات نفطية، حيث أصبحت الهجرة حلماً فرديّاً يحلّ محلّ الهدف القوميّ العام، وهي هجرة من نوعٍ خاصٍّ، لكنها تقتل في الإنسان أقوى الروابط بالوطن، ومن هنا ظهرت شريحة من الشباب لا تعرف الحنين إلى الوطن وهي في الخارج.
والأكبر من ذلك، والأكثر فتكاً وتدميراً، يتمثّل في هجرة العقول، التي تُعرف بانتقال العناصر البشرية الحيوية اللازمة لتحقيق عمليات النهضة من مجتمعها إلى مجتمعٍ آخر في فترةٍ زمنيةٍ محدّدة، وهذا الانتقال قد يتحول إلى الهجرة أو الامتناع عن العودة بعد قضاء الفترة الزمنية، ويندرج ذلك تحت أصحاب الكفاءات العقلية النادرة، والخبرات العلمية عالية المستوى والمهارات الدقيقة، التي يشكّل غيابها خطورةً على حياة المجتمع في حاضره ومستقبله.
ولتوضيح هذه الخطورة والهدر الكبير في الموارد البشرية والاقتصادية لمجتمعاتنا الإفريقية النامية، جرّاء هجرة العقول، يمكننا الاستئناس بقول البروفيسور Richard Titmus في كلية الاقتصاد بجامعة لندن: (إنّ الولايات قد وفّرت 4000, 000, 000 دولار في أقلّ من عشرين عاماً، وذلك عن طريق استقطاب نحو 100000 عقلٍ مهاجرٍ، في مجالات الطبّ والهندسة والعلوم؛ لأنها لم تتحمل شيئاً في سبيل تنشئتهم وتعليمهم).
ويتضح لنا جليّاً أنّ هذا الواقع الذي تسوده أزمات طاحنة تحيط بالشباب الإفريقي تُلزمنا جميعاً، وبلا استثناء، العمل على إيجاد مخرج، والبحث عن حلولٍ ناجعةٍ ونافعةٍ على المدى القصير والطويل، وليس مسكناتٍ تعالج الأعراض ولا تمسّ جذور المشكلة.
ويمكننا أن نضع بعض السمات العامّة التي يرجي منها إحداث بعض التغيّرات في الواقع الشبابي، وإذا تمّت هذه الخطوة بنجاحٍ، وأصبح للمجتمع قابلية على الفعل الإيجابي، فستكون الخطوة الأولى نحو الحلّ، ونجمل هذه السمات فيما يأتي:
– أن تكون الحلول المطروحة مخاطبة للعقل الجمعي للإنسان الإفريقي، مقويّة للأخلاق القويمة، تحضّ على الخروج من الاستلاب الفكري، زارعة في الجمهور روح الإنجاز، والإيمان بأنّ للإنسان الإفريقي القدرة على النهوض والتنمية؛ عبر التذكير بالتاريخ والأمجاد.
– أن يعتمد على الموارد الذاتية للمجتمع: من خلال البحث عن طرق تمويل ذاتية، وتفجير طاقات الشباب المحلّي لحلّ المشكلات المحلية .
– الاعتماد على العلمية: والبعد عن العشوائية، حيث إنّ معظم الحلول تكون مثل فوران البركان، تستمر فترة، ثم ينتهي دفقها وحيويتها، ويتم ذلك باعتماد التخطيط القصير والطويل المدى .
– البعد عن الشخصنة: بمعنى ألا تكون تلك الحلول المطروحة مربوطة بشخصيةٍ مجتمعيةٍ محددة، أو قائدٍ ماهرٍ مميز، ينتهي مفعوله بانتهاء فترة عمل هذه الشخصيةلأى سبب؛ كالموت أو السفر أو ترك الفعل الإيجابي .
– إشراك المجتمع في الحلّ، واستقطاب أكبر قدرٍ من الجمهور في التخطيط والتنفيذ: حتى نمنع احتكار الفعل الإيجابي في فئةٍ محدّدة، ويتطوّر الأمر فيما بعد إلى صراعاتٍ على مكامن القوة وترك المشروع الأصلي الذي تداعى إليه الجميع .
– الانسجام مع القانون والسلطة المحلية: حتى لا يتحول الفعل الإيجابي إلى نقطة خلاف بين الجهود الرسمية والشعبية، وأحسن الحلول هي التي يتضافر فيها الجهد الشعبي والرسمي من أجل التكامل بين المجهودَيْن، وعمل حلقات وصل بين القوى الفاعلة محليّاً مع السلطات المحلية في كلّ مراحل العمل .
نماذج لمشاركة الشباب في النهضة:
مما سبق يتضح لنا جليّاً: أنّ النهضة في أيّ مجتمعٍ من المجتمعات لا تقوم إلا بعد البحث عن المقعّدات والمثبطات التي منعت المجتمع في السابق من النهوض، وأهمّ هذه المثبطات تلك المتعلقة بشريحة الشباب؛ لأنهم مناط التكليف في القيام بالنهضة؛ لقوة الحماس التي يتمتعون بها في هذه المرحلة مقارنةً بمراحل العمر الأخرى .
الركيزة الأساسية في قيام التنمية هي التكافل، وتوجيه الجهود والموارد لإشباع أكبر قدرٍ من الاحتياجات، ونعني بذلك استثمار الموارد الاقتصادية الشحيحة أصلاً في القارة الإفريقية، ولتوضيح ذلك نضرب مثالاً جميلاً جدّاً وعمليّاً من عهد النبوة.
فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)(4).
في هذا الحديث؛ قرّر لنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذا النهج التكاملي الذي يعزز ثقة المجتمع بعضه ببعضه الآخر، ويضمن إشباع الحاجات المتزايدة بأقلّ الموارد الموجودة، فتتحقق القناعة ومواصلة العمل، فنحن الآن أكثر حاجةً إلى مثل هذا التكافل الذي يُعدّ حجر الزاوية في الاعتماد على الموارد الذاتية للقارة، حيث يعتبر التكافل الاجتماعي مسؤولية منوطة بأبناء كلّ مجتمع، فيقومون بسدّ حاجة المحتاج منهم وإعانته، والتخفيف عنه حسب قدراتهم وإمكانياتهم المتوفرة لدى كلٍّ منهم.
وعلى سبيل المثال: يمكن إنشاء منظمة شبابية تطوعية، تحت عنوان) شُعَب الإيمان)، تعمل في هذا الإطار، من مساعدة المحتاجين، وإبعاد الأذى عن الناس، وما إلى ذلك من بقية الشُّعب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ)(5).
ويعدّ المجتمع الإفريقي من أكثر المجتمعات احتياجاً للتكافل؛ لإخراجه من الأزمات، والعمل الطوعي هو خير وسيلة لتحريك المجتمع بصورةٍ علميةٍ وفعّالة، فكلمّا وجدنا منقصة في مجتمعنا تداعينا لإنشاء منظمة لسدّ هذه الثغرة باستخدام مواردنا المتاحة، ويمكن لمساجدنا المنتشرة في كلّ مكان أن تكون مقرّات لهذه المنظمات.
ومن الناحية النظرية؛ ليس هنالك ما يمنع من قيام نهضةٍ اعتماداً على هذا الأسلوب، فقط يعوزنا الثقة في الذات، لا الموارد ولا القوة البشرية، فقط ينقصنا الإرادة من صنّاع القرار في الجهات الرسمية والشعبية.
معظم المجتمعات الإفريقية الآن تحتاج- وبغير استثناء- إلى مثل تلكم المنظمات التطوعية الشبابية التي تجسد معاني تكافل الأشعريين الذين أشاد به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويعدّ أحد نماذج العمل الطوعي المطلوب فى عصرنا الحالي، فالعمل التطوعي من أسباب تكوين شخصية الشباب وتقويم سلوكه، وتحقيق وجوده، وشعوره بأنّ له رسالة سامية غالية، يسعى لتحقيقها في المجتمع، يشعر من خلال ذلك أنه عنصرٌ فعّالٌ مفيدٌ منتجٌ مؤثر، ذلك أنّ أبواب العمل التطوعي واسعة ومتعددة جدّاً، ومفتوحة على مصراعيها.
فلو أنّ العمل الطوعي يُستخدم كوسيلة من وسائل إكساب الشباب لمهارات وقدرات في مجالٍ معيّنٍ؛ لكان لزاماً على الجامعات ومعاهد الدراسات العليا أنّ تضعه ضمن مناهجها الدراسية ومتطلباتها لتخرّج الطلاب، فليس هنالك ما يمنع من أن تُفرد مساحة للعمل الطوعي ضمن درجات التحصيل الأكاديمي؛ حتى نشجّع الشباب على القيام بهذا الدور .
دور الشباب الإفريقي في تنمية المجتمع عبر المنظمات التطوعية:
الحديث عن دَوْر الشباب تجاه المجتمع عبر منظمات المجتمع المدني ليس نظريةً تجافي الواقع، بل ضرورة يتطلبها الوضع القائم الآن في القارة؛ باعتبار أنّ الشباب هم المحرك الفعليّ لمنظمات المجتمع المدني.
ولكن الواقع يعكس سيطرة الأجيال الأكبر على مراكز القيادة العليا في معظم منظّمات المجتمع المدني، وغياب الشباب عن مراكز صنع القرار إلا في حالات نادرة، وهو ما يستدعي تغيير طرق التفكير من المدى القريب إلى المدى البعيد؛ عبر فتح نافذةٍ أكبر داخل المنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني، لإشراك الشباب في خدمة المجتمع، مع تشجيع العمل التطوعيّ في صفوف الشباب.
كما يتعيّن على الحكومات أن تعمل بصورةٍ أكثر ديناميكية على تأسيس برامج خدمةٍ وطنية، تسمح للشباب بتطبيق مشاريعهم المحليّة الخاصّة وتطويرها، لتلبية حاجاتهم المستقبلية، وتزويد الشباب من جهةٍ أخرى بخبراتٍ ومهارات تعزّز دَوْرهم المستقبلي في السوق.
وقبل الحديث عن أيّ دَوْرٍ مستقبلي للشباب؛ يجب طرح أسئلة على قيادات الأجيال السابقة: مَن الذي سيقود هذه المجتمعات خلال الأعوام العشرين القادمة؟ ما نوعية القيادة التي نريد؟ كيف يمكننا تجهيز هذه القيادات؟ كيف نتأكد من جاهزيتهم لتحمّل المسؤولية؟ ما البرامج التي يجب إنشاؤها من أجل صقل قدرات الشباب؟
الإجابة عن هذه الأسئلة سيرسم خريطة طريق لدَوْر الشباب الإفريقي تجاه المجتمع عبر المنظمات التطوعية.
المعادلة المتمثلة في: (المجتمع، زائد الجهد الرسميّ والشعبيّ، يكون الناتج التنمية المستدامة)؛ تحتاج إلى قيادةٍ شبابية نشطةٍ تحافظ على المكتسبات وتواجه التحديات، كما تحتاج المنظمات غير الحكومية إلى تنشئة قادةٍ جددٍ ضمن مجتمعاتهم الأهلية، وتزويدهم بالفرص لتولّي أداورٍ قيادية مناسبة، مثل تثقيف الآخرين في المجتمع الأهلي بقضيةٍ ما، العمل في حملات التثقيف العامّة، مناصرة القضية أمام الحكومة أو المسؤولين المنتخبين، وحضور الاجتماعات، أو الإدلاء بالشهادات، حشد الآخرين للمشاركة والتحدّث علناً.. بكلماتٍ أخرى: الشباب هم الوقود لإنشاء المنظمات التطوعية وتحريكها؛ من أجل إحداث تنمية مستدامة في مجتمعاتهم المحلية، عبر خططٍ وبرامج متوازنة موجّهة لشرائح المجتمع الأهلي .
دور منظمات المجتمع المدني الشبابية في إفريقيا:
أ – دورها تجاه شرائح المجتمع:
المجتمعات المتحضّرة فقط هي التي تؤسّس قاعدةً قويةً للمستقبل، بخلاف المجتمعات المتخلّفة التي لا تهتم بالاستراتيجيات المستقبلية التي يتمّ من خلالها إعداد جيلٍ مؤهّلٍ لمجابهة التحديات المستقبلية بقوةٍ وكفاءة، ولا يتمّ هذا الإعداد بالجودة المطلوبة إلا من خلال منظّمات المجتمع المدني التي توفّر الخبرة الكافية من خلال ممارسة عملٍ من خلالها، ولكي يواصل المجتمع تقدّمه؛ فإنه في حاجةٍ دائمة لإعداد قيادات جديدة من الأجيال المتتالية، وتكوين القيادة الجديدة بهذا المفهوم يبدأ داخل مؤسسات المجتمع المدني في النقابات والجمعيات والمنظمات الشبابية والنسائية.
ليس فقط تكوين القيادات وإعدادها هو الدَوْر الوحيد الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني، فمن دَوْرها الأساسي دعم جميع شرائح المجتمع في القضايا الأساسية، مثل:
– مكافحة الجوع: وتوفير الغذاء للفقراء والمحتاجين من خلال منظمات بنوك الطعام المنتشرة في كلّ قُطر.
– الاهتمام بالصحّة: ومكافحة الأمراض، والتثقيف الصحي، والتطعيم ضدّ الأمراض المعدية .
– الاهتمام بالتعليم: من حيث الكمّ والنوع، وتوفير المنح الدراسية للطلاب الفقراء .
– درء الكوارث: والاهتمام باللاجئين؛ من خلال توفير ملاجئ وبيوت مؤقّتة في حال الحروب والكوارث الطبيعية، مثل السيول والفيضانات والبراكين والزلازل .
ب – دَوْر منظمات المجتمع المدني تجاه الشباب:
هنالك أدوارٌ متبادلةٌ بين الشباب ومنظمات المجتمع المدني، حيث يحتاج الشباب إلى هذه المنظمات للتعبير عن أنفسهم، والتفريغ الإيجابي لطاقاتهم، ولاكتساب المهارات والقدرات، وكذلك الحال بالنسبة للمنظمات التي تحتاج إلى قوةٍ تحرّكها لتنفيذ الأهداف التي قامت من أجلها.
لكن هذه المعادلة يشوبها عزوف الشباب عن الالتحاق بمنظمات المجتمع المدني، وقد تمثلت أسباب ذلك- من وجهة نظرهم- فيما يأتي:
– هيمنة الجيل الأكبر على مواقع صنع القرار والسياسات.
– الفرص محدودة أمامهم لتصعيد أدوارهم ضمن القيادات.
– جمود المنظمات الأهلية، وأنها لا تعبّر عن طموحاتهم.
هذه الأسباب التي تؤدي إلى ضعف علاقة الشباب بالمنظمات التطوعية؛ يجب معالجتها من قِبل القيادات في المؤسّسات الرسمية والشعبية؛ حتى لا تكون عائقاً للمنظمات المدنية في أداء أدوارها الضرورية المهمّة، مثل:
– مكافحة الفقر: من خلال القيام ببرامج دعم الماديّ والعينيّ لشرائح المجتمع عامّة، وشريحة الشباب بصفةٍ خاصّة، بنشر برامج ومشاريع الصغيرة للأسر المنتجة .
– مكافحة البطالة: عبر تدريب وتأهيل الشباب من أجل تحسين فرص منافستهم لنيل الوظائف، من خلال دورات تدريبية متخصصة أو إكسابهم الخبرة في الإدارة والمجالات الأخرى عن طريق الخبرة والممارسة .
– تحسين البيئة الحضرية: من خلال برامج التوعية وحملات الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، ومكافحة التصحّر عبر التشجير، والحفاظ على نظافة المدن، والاستخدام الأمثل للمياه والطاقة، من أجل إيجاد بيئةٍ مناسبةٍ للعيش، خالية من الأمراض الناتجة عن الممارسات الخاطئة لعناصر البيئة، والإسراف في استخدام الموارد الطبيعية.
من أسس إنشاء المنظمات الشبابية الفعّالة:
إنّ المتطلبات القانونية لإنشاء المنظمات التطوعية تختلف من دولةٍ إفريقيةٍ لأخرى، من حيث الإجراءات، من سهلة، لمتوسطة، لصعبة، وقد تصل إلى درجة المنع.
ولا بد للمنظمات التطوعية أن تتضمن اللبنات الأساسية للتكوين لكي تكون فعّالة، وهي:
1 – رسالة المنظمة: الخطوة الأولى لبناء منظمة تطوعية فعّالة هي تحديد رسالة المنظمة، أو الهدف الأساسي من إنشاء المنظمة؛ تُعلَن في بيانٍ رسميٍّ صريحٍ، يوضح سبب وجود المنظمة، وطبيعة النشاط الذي تمارسه، والفكرة المحورية التي يتمّ دعوة الشباب لبذل الجهود لتحقيقها، فإذا تحددت الرسالة وكان هنالك جماعة اقتنعت بها، تكون القيادة الشبابية قطعت ثلث المشوار نحو النجاح، وهذا يقودنا للخطوة الثانية المتمثلة في:
2 – أهداف المنظمة: الخطوة الثانية هي تحديد الأهداف التي توجّه الجهود لتحقيقها بدقةٍ وعنايةٍ من قبل القيادة، ويمكن تقسميها إلى:
– أهداف رئيسية؛ مقابل أهداف ثانوية .
– أهداف قصيرة الأمد، وأهداف طويلة الأمد .
– أهداف صريحة، وأهداف ضمنية .
3 – استرتيجيات المنظمة: الخطوة الثالثة هي وضع الاستراتيجيات التي تتبعها المنظمة من أجل تنفيذ برامجها الدورية، ومجابهة التحديات الداخلية والخارجية، فإدارة المنظمة تحتاج إلى استراتيجية واضحة معلنة للجميع لتنفيذ أهدافها، تتضمن الطرق والأساليب الفعّالة التي تحقق الأهداف القريبة والبعيدة المدى.
الاحالات والهوامش :
(*) باحث – مركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث – الخرطوم .
(1) ونعني بذلك: عملية التخطيط والتنظيم والقيادة، ورقابة أنشطة وأعضاء المؤسسة، واستخدام كلّ الموارد التنظيمية- البشرية والمالية والمادية والمعلوماتية- بغرض إنجاز أهداف المنظمة بكفاءة وفعالية.
(2) صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم 45، وفي صحيح الجامع، رقم 4114.
(3) إنّ إعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية في الاقتصاديات المتقدمة للغرب، التي بدأت في السبعينيات والثمانينيات، قد تمّت نتيجة للجهود الواعية للشركات، والتشاور مع حكوماتها وممثلي العمال والمنظمات متعددة الأطراف، أما السياسات واستراتيجيات التكيّف في الدول الإفريقية؛ فقد فُرضت من خارج القارة.
(4) صحيح البخاري، رقم 2468.
(5) صحيح مسلم، رقم 1914، (يتقلب في الجنة): أي يتنعم في الجنة بملاذها؛ بسبب قطعه الشجرة التي كانت تعوق الناس في طريقهم.