انطلاقاً من قول ليوناردو دافينشي أننا «نعثر على المعرفة حيثما أدرنا وجوهنا في هذا العالم»، وقول بشار عباس: «إنَّ ظهور مجتمع المعرفة كان نتاجاً لظهور اقتصاد المعرفة الذي نتج عن تشابكٍ أصيلٍ لظواهر مختلفة، مثل: ثورة الاتِّصالات، وظاهرة انفجار المعلومات، وانتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات، ما سمح ببناء اقتصاد المعرفة (Knowledge-Based-Economy)، وهو مجتمع يشقّ طريقاً جديداً في التاريخ الإنساني، ويجعل المعلومات، وتكنولوجيا الاتِّصالات والمعلومات (ICT)، جزءاً لا يتجزأ من معظم الفعاليَّات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسِّياسيَّة والتَّعليميَّة، ويُحقِّق تغيّرات بنيويَّة عميقة في مناحي الحياة جميعها» (1) ، يمكن تَّأكيد أنَّ الإنسان بإمكانه الوصول إلى كلِّ ما يريد من معلوماتٍ ومعارف بفضل بنوك المعلومات، وسهولة الاطّلاع في الإنترنت، وبرامج الفضائيَّات، لتصبح هذه المعارف في خدمته.
وفي ظلِّ هذا الواقع المعرفيِّ؛ فإنَّ المجتمعَ المعاصرَ يوصف بأنَّه «مجتمع المعلومات» الذي تتدفَّق فيه المعلومات بسهولةٍ ويسر، ودون تكاليف باهظة، وأصبحت المعرفة والإبداع من أهمِّ العوامل المؤثِّرة والمحدَّدة لقيام: «مجتمع المعرفة» الذي لا يقنع باستخدام المعلومات لفَهْم واقع الحياة وتفاعلاتها فحسب، وإنَّما يعمل- إيضاً- على إنتاج المعرفة وتسويقها.
ومنذ تسعينيَّات القرن الماضي؛ يشهد العالم مناقشات خصبة حول الطَّريقة المثلى للتَّعامل مع ثورة تكنولوجيا الاتِّصال والمعلومات، ولعلَّ من أبرز أمثلة الاهتمام بـ«مجتمع المعرفة»: القمّة العالميَّة التي عُقدت بجنيف في ديسمبر 2003م، بحضور عددٍ كبيرٍ من قادة العالم وآلاف الخبراء، وأصدرت الوثيقة التي جاء فيها: «نحن- ممثِّلي شعوب العالم-… نعلن رغبتنا المشتركة، والتزامنا المشترك لبناء مجمتع معلومات جامع، يرتكز على الإنسان، يستطيع كلُّ فردٍ فيه إيجاد المعلومات والمعارف، وتنفيذها واستخدامها، بما يعين الأفراد والمجتمعات والشُّعوب على تحقيق إمكانيَّاتهم الكاملة، وتحسين نوعيَّة حياتهم بطريقة مستدامة» (2) .
وعلى صعيد القارة الإفريقية؛ جاء إعلان المؤتمر الإقليميِّ لإفريقيا (2002) حول مجتمع المعرفة: «نحن- المشاركين في المؤتمر الإقليمي- نمثِّل الحكومات الإفريقية، والقطاعات الخاصَّة، ومؤسسات المجتمع المدنيِّ المجتمعين في باماكو (مالي) نعلن بإجلال: أنَّ مجتمعَ المعرفةِ العالميَّ يجب أن يتوجَّه إلى اهتمامات جميع الأمم، وبخصوصيةٍ أكثر: اهتمامات البلدان النَّامية وقضاياها» (3).
كما أنَّ رابطة العالم الإسلامي- في البيان الختاميِّ الصَّادر عن ملتقى «الإسلام وتنمية المجتمع» التي عقدتها في كونغو برزافيل، في 26 جمادى الأولى 1434هـ الموافق: 7 أبريل 2013م- دعت إلى إدخال تقنيَّات المعلومات في التَّعليم، وتحديث مناهجه، ورسم السِّياسات الاقتصاديَّة المناسبة، وتبادل الخبرات، وتوظيفها في بناء المجتمع المعرفيِّ في إفريقيا، ودراسة التَّجارب النَّاجحة للنُّهوض والتَّنمية البشريَّة في البلدان الإسلاميَّة الإفريقية (4).
وعُقدت ورشة عمل في جامعة جيبوتي، في الفترة: 21-14 يونيو 2016م، في إطار اختتام الدُّروس الإلكترونيَّة التي قُدّمت للهيئة التَّدريسيَّة في الجامعة بشأن دمج استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في مجال التَّعليم، وتندرج هذه الدُّروس في إطار مشروع اليونسكو لتطوير كفاءة المعلِّمين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات، الأمر الذي قد يمهّد الطَّريق إلى بناء مجتمع المعرفة (5).
استرشاداً بما سبق؛ تتأكَّد حاجة دول العالم النَّامية– أبرزها إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى- إلى مجتمعٍ معرفيٍّ لتلحق برَكْب الدُّول المتقدِّمة، وبدون هذا النَّوع من المجتمع لن يكون أمام هذه الدُّول إلاَّ الدُّخول في مجتمعِ المعرفة العالميِّ من موقع ضعف، والاستجابة التَّامّة لشروطه المحدَّدة مسبقاً لخدمة الأقوياء، ومن ثمّ؛ فإنَّ السَّبيل الوحيدَ لتخطّي هذا الموقف العصيب يكمن في إقامة «مجتمع المعرفة»؛ بتوفير تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات لشرائح المجتمع، والتَّوسُّع في خدمتها.
أوَّلاً: مفهوم «مجتمع المعرفة» وخصائصه، وعلاقته بتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات:
يُعرَّف المجتمع المبني على المعرفة بأنَّه: «المجتمع الذي يقوم أساساً على نشر المعرفة، وإنتاجها، وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النَّشاط المجتمعي: الاقتصاد، والثَّقافة، والمجتمع المدني، والسِّياسة، والحياة الخاصَّة، وصولاً للارتقاء بالحالة الإنسانيَّة باطِّراد؛ أي إقامة التَّنمية الإنسانيَّة» (6).
ويتَّصف «مجتمع المعرفة» بعددٍ من الخصائص، من أهمِّها:
1 – الانتقال إلى عصر الإنتاج كثيف المعرفة: لأنَّ المعرفة أصبحت هي القوَّة في العصر الحالي.
2 – تقَلُّص قيود الزَّمان والمكان: فقد أدَّت التَّطوُّرات العلميَّة والتِّكنولوجية الكبيرة إلى تطوُّراتٍ مذهلةٍ في شبكة الاتِّصال، وظهور الشَّبكة الدَّوليَّة للمعلومات (الإنترنت)، وأتاحت هذه التِّقنيات الفرص أمام الإنسان للوجود في كلّ مكانٍ وكلّ وقتٍ في اللَّحظة نفسها (7) .
3 – تأمين النَّفاذ الحرّ والشَّامل إلى المعلومات لجميع أفراد المجتمع: وهذا مرتبطٌ بتوفير التِّكنولوجيا اللازمة المتمثِّلة بوجود البنية الأساسيَّة المتطوِّرة لتكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن وجود القوانين التي تحفظ حقوق المواطنين في الوصول للمعلومات، ضمن إطارٍ من الحرية والشَّفافيَّة، والتي تعدُّ أمراً أساسيّاً في تحقيق التَّنمية الشَّاملة.
4 – التغيُّر في عمليَّات المعرفة التَّنظيميَّة: إذ ساعدت الممارسات التَّطبيقيَّة التي تنظِّمها نُظم إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات على تيسير السَّيطرة على المواقف المتوقَّعَة؛ على الرَّغم من الحاجة إلى الاشتراك في الخيال والإبداع، حيث ساهم ذلك في القدرة على مواكبة التَّغيُّرات الحادثة في البيئة التَّنظيميَّة.
5 – التَّواصل غير المنقطع: حيث يحقّق مجتمع المعرفة التواصل بين أفراد العالم وشعوبه على مدار السَّاعة؛ دون اعتبارٍ لفروق الوقت، وتباعد المسافات، وخصوصيات الأمكنة والأزمنة.
6 – تطوير منهجيَّات علميَّة حديثة لحلِّ المشكلات والتَّعامل مع الظَّواهر المختلفة: تمكّن من الإفادة من هذا الطُّوفان المعرفيِّ المتدفِّق، في التَّعامل مع الظَّواهر في تعقيداتها الجديدة، وإشكالياتها المتجدِّدَة.
7 – أصبحت المعارف والمعلومات مُقوِّماً اجتماعيّاً قائماً بذاته، وعنصراً فاعلاً بالغ التَّأثير فى حياة الأفراد والمجتمعات: وأصبح تغيُّرها يحطّم معه أدواراً اجتماعيَّة مُستقرّة، وينشئ أخرى مستحدثة؛ ونتيجة لذلك أصبحت الوظائف والمهن تتغيَّر هي الأخرى بمعدَّلات لم تر البشريَّة لها من قبل مثيلاً، حيث باتت تتغيَّر بوتيرة متسارعة استجابة لسرعة التَّغيُّرات العلميَّة والتِّكنولوجية.
8 – التَّغيُّر الجذريّ في مفهوم العمل ومجالاته وآلياته ومهاراته: مما أسهم في بروز مجموعات جديدة من الأعمال والوظائف المرتبطة بالمعارف والمعلومات، وأصبحت التِّجارة الرَّابحة هي «تجارة المعرفة»، وبات التُّجار الأكثر حظّاً هم تجار المعلومات.
وتكمن علاقة «مجتمع المعرفة» بتكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في أنَّ المعرفة باتت المحور الرَّئيس في مصير الأمم، ومن الجدير بالتَّوضيح: أنَّ تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات تمثِّل محرّكاً قويّاً للنُّموِّ الاقتصاديِّ والابتكار والإبداع القائم على المعرفة بين أفراد المجتمع، لذا فقد حفّزت دولُ العالم جميعَ قطاعات المجتمع وفئاته نحو مواكبة التِّقنيات الحديثة، وتبنّيها من خلال خطَّطٍ استراتيجيَّة، ليقينها بأهمّيَّة هذا المجال في تفوُّق الأمم وتقدُّمها.
وتشير دراسة، أجراها البنك الدّولي، إلى أنَّ زيادة عدد الهواتف النَّقالة بمعدَّل 10% في بلدٍ ما من بلدان إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى يؤدِّي إلى تقدُّم مجتمعه، وارتفاع النَّاتج المحليِّ الإجماليِّ لهذا البلد بمعدَّل 1.2%، وعليه؛ فإنَّ تكنولوجيات المعلومات والاتِّصالات تمثِّل أداةً متميِّزةً من أجل بلوغ كلّ هدفٍ من الأهداف الإنمائية للألفية، فيما تتراوح طموحاتها من إنهاء الفقر المدْقِع إلى وقف انتشار مرض الإيدز، وتوفير التَّعليم الابتدائيِّ الجيِّد لجميع الأطفال، والتَّعليم عن بُعد، والفصول الدِّراسيَّة الرَّقميَّة.
ومن البديهيات أنَّ «المعرفة» لم تعد عفويَّة، ولا أمراً متروكاً للصُّدفة، وإنَّما هي منارة تكشف السُّبل، وتهدي إلى الطَّرائق القويمة، وتساعد على التَّصرُّف الحكيم، وبناء القرار الرَّشيد في مرحلةٍ تاريخيَّةٍ أبرز خصائصها التَّقلُّب والاضطراب، ومع جمود المعرفة، وتوقُّف نموِّها، تواجه الأمم نقصاناً في حاجاتها الأساسيَّة الأخرى، وتَتَخَلَّف عن مسيرة الحياة، وتقع أسيرة للأمم القوية التي تمتلك سلاح المعرفة.
ثانياً: تحدِّيات فاعليَّة تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في تحوُّل إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى إلى مجتمع المعرفة:
في الوقت الذي تنعم المجتمعات المتقدِّمة في العالم بأهمِّيَّة المعارف والمعلومات، وما تقدِّمه من رفاهيةٍ ورغد العيش، تعيش معظم دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى حرماناً من هذه المعارف والمعلومات بسبب ضعف البنية التحتيَّة، وخصوصاً السياسيَّة والثقافيَّة والمؤسساتيَّة.
وفق هذا السِّياق؛ فإنَّ هناك مجموعةً من التَّحدِّيات التي تواجه فاعليَّة تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات نحو تحوُّل إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى إلى «مجتمع المعرفة»، وهي كما يأتي:
التَّحدِّيات العامَّة:
تتمثَّل في عدم الاستقرار السِّياسيِّ والأمنيّ، وارتفاع مُعدَّلات الفقر بين أفراد المجتمع، وضعف العامل الاقتصادي، والثَّقافة المعلوماتية، ونقص الموارد البشريَّة المبدعة والمبتكرة، وكثرة الدُّيون، والاعتماد البالغ على الأسواق الخارجيَّة، والمساعدات الخارجيَّة.
التَّحدِّيات الخاصَّة:
تتمحور التَّحدِّيات الخاصَّة حول: معوّقات استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات وفاعليَّتها بين أفراد المجتمع، وتكمن في النُّقاط الآتية:
1 – ضعف البنية التَّحتيَّة في خدمة الإنترنت:
تعاني معظم دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى ضعف البنية التَّحتيَّة في خدمة الإنترنت، وتسهيل طرائق استخدامه بين شرائح المجتمعات، واقتصار استثمار هذه التِّقنيات على الفئة النُّخبوية في المجتمع، ما أدَّى إلى صعوبة تحقيق الوسائل المؤدِّيَة إلى المعرفة، فضلاً عن اتِّصاف المجتمع بالمجتمع المعرفي.
جدول: نسب مستخدمي الإنترنت في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، بالأجهزة الحاسوبية أو الهواتف النَّقالة، في 2012م (8):
الدّولة |
عدد مستخدمي الإنترنت |
التّرتيب |
نسبة الاختراق |
التّرتيب |
||
إفريقيا جنوب الصَّحراء |
عالميّاً |
إفريقيا جنوب الصَّحراء |
عالميّاً |
|||
نيجيريا |
55,930,391 |
1 |
8 |
%32.90 |
5 |
129 |
جنوب إفريقيا |
20,012,275 |
2 |
26 |
%41.00 |
3 |
108 |
كينيا |
13,805,311 |
3 |
35 |
%32.10 |
6 |
130 |
السّودان |
7,183,409 |
4 |
46 |
%21.00 |
8 |
143 |
تنزانيا |
6,136,331 |
5 |
51 |
%13.10 |
16 |
164 |
أوغندا |
4,941,704 |
6 |
60 |
%14.70 |
13 |
159 |
غانا |
4,217,454 |
7 |
69 |
%17.10 |
10 |
151 |
أنغولا |
3,058,195 |
8 |
78 |
%16.90 |
12 |
153 |
السّنغال |
2,490,631 |
9 |
84 |
%19.20 |
9 |
147 |
زيمبابوي |
2,156,791 |
10 |
89 |
%17.10 |
11 |
151 |
زامبيا |
1,860,966 |
11 |
93 |
%13.50 |
15 |
162 |
إثيوبيا |
1,352,259 |
12 |
107 |
%1.50 |
42 |
204 |
الكونغو الديمقراطية |
1,236,438 |
13 |
110 |
%1.70 |
41 |
203 |
الكاميرون |
1,147,199 |
14 |
113 |
%5.70 |
26 |
185 |
موزمبيق |
1,140,311 |
15 |
114 |
%4.80 |
28 |
189 |
رواندا |
937,964 |
16 |
120 |
%8.00 |
23 |
178 |
مالاوي |
710,150 |
17 |
124 |
%4.40 |
30 |
191 |
بوركينافاسو |
643,504 |
18 |
127 |
%3.70 |
34 |
195 |
موريشيوس |
543,550 |
19 |
129 |
%41.40 |
2 |
105 |
كوت ديفوار |
522,231 |
20 |
130 |
%2.40 |
37 |
198 |
مدغشقر |
452,185 |
22 |
133 |
%2.10 |
39 |
201 |
بنين |
364,534 |
23 |
136 |
%3.80 |
32 |
193 |
مالي |
336,059 |
24 |
138 |
%2.20 |
38 |
200 |
ناميبيا |
280,288 |
25 |
143 |
%12.90 |
17 |
165 |
توغو |
278,442 |
26 |
144 |
%4.00 |
31 |
192 |
جمهورية الكونغو |
266,635 |
27 |
145 |
%6.10 |
24 |
183 |
بوتسوانا |
241,272 |
28 |
148 |
%11.50 |
19 |
168 |
تشاد |
230,489 |
29 |
149 |
%2.10 |
40 |
201 |
النّيجر |
230,084 |
30 |
150 |
%1.40 |
44 |
206 |
غامبيا |
229,122 |
31 |
151 |
%12.40 |
18 |
167 |
الرأس الأخضر |
181,905 |
32 |
156 |
%34.70 |
4 |
124 |
موريتانيا |
180,358 |
33 |
157 |
%5.40 |
27 |
187 |
غينيا |
162,202 |
34 |
158 |
%1.50 |
43 |
204 |
إفريقيا الوسطى |
151,716 |
35 |
160 |
%3.00 |
35 |
196 |
ليبيريا |
147,510 |
36 |
162 |
%3.80 |
33 |
193 |
الصّومال |
138,849 |
37 |
165 |
%1.40 |
45 |
206 |
الغابون |
138,584 |
38 |
166 |
%8.60 |
20 |
176 |
بوروندي |
128,799 |
39 |
167 |
%1.20 |
47 |
209 |
غينيا الاستوائية |
95,649 |
40 |
169 |
%13.90 |
14 |
161 |
ليسوتو |
88,602 |
41 |
170 |
%4.60 |
29 |
190 |
سيراليون |
71,318 |
42 |
176 |
%1.30 |
46 |
208 |
جيبوتي |
64,021 |
43 |
177 |
%8.30 |
22 |
177 |
إريتريا |
48,692 |
44 |
180 |
%0.80 |
48 |
212 |
غينيا بيساو |
47,132 |
45 |
181 |
%2.90 |
36 |
197 |
جزر القمر |
44,055 |
46 |
183 |
%6.00 |
25 |
184 |
سيشل |
42,380 |
47 |
185 |
%47.10 |
1 |
92 |
ساوتومي وبرينسيب |
39,515 |
48 |
190 |
%21.60 |
7 |
142 |
يلاحظ في الجدول السَّابق:
أنَّ مقارنة هذه الإحصائيَّات بين البلدان الإفريقية جنوب الصَّحراء الكبرى تُبرز هوّة كبيرة بين الدُّول التي حظيت بالمراتب الأولى والدُّول المتراجعة في المراتب الأخيرة، ما يوحي بصعوبة ضمان الوسائل المؤدِّيَة إلى المعرفة في تلك الدُّول المتراجعة، فضلاً عن اتِّصافها بالمجتمع المعرفيِّ.
إذا كانت هذه الفجوة الكبيرة بين هذه الدُّول الإفريقية في منطقة جنوب الصَّحراء الكبرى؛ فكيف بمقارنة الدُّول الإفريقية المتراجعة منها بالدُّول المتقدِّمة؟ الصِّين- مثلاً- أحرزت المرتبة الأولى عالميّاً في الإحصائيَّات نفسها لعام 2012م؛ بعدد مستخدمين (641,601,070) فرداً، ثمّ الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة أتت في المرتبة الثَّانية بعدد (279,834,232) فرداً، تليها الهند في المرتبة الثَّالثة بعدد (243,598,922) فرداً (9).
ولعلَّ إجابة هذا السُّؤال تكمن في مستوى الهوّة والفجوة التي تعانيها دول إفريقيا جنوب الصَّحراء، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، من أهمِّها: ضعف البنية التَّحتيَّة في خدمة الإنترنت في دول إفريقيا جنوب الصَّحراء، وصعوبة التَّواصل به، واستخدامه في مجالات الحياة، فضلاً عن توفيره لشرائح المجتمع، والذي قد يمهّد الطَّريق لبناء مجتمع المعرفة.
2 – الفجوة الرَّقميَّة (Digital Divide):
«الفجوة الرَّقميَّة» هي الفجوة في تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات بين دول العالم المتقدِّمة ودول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، وفيما يتعلَّق باستخدام الإنترنت ونوعيَّة الوصول إليه؛ تبلغ نسبة السُّكان الذين يستعملون الإنترنت في العالم النَّامي 31%؛ مقارنةً بنسبة 77% في العالم المتقدِّم، وكانت أوروبا هي المنطقة التي لديها أعلى معدَّل تغلغل للإنترنت في العالم (75%)، تليها منطقة الأمريكتَيْن (61%)، وأما إفريقيا فنسبة السُّكان الذين يستعملون الإنترنت 16%، وهو ما يعادل نصف معدَّل التَّغلغل في منطقة آسيا المحيط الهادئ (10) .
كما يشير تقرير الأهداف الإنمائية للألفية إلى أنَّه لا يستخدم الإنترنت في البلدان النَّامية إلاَّ ثلث السُّكان أو أكثر بقليل، في حين أنَّ هذه النِّسبة ترتفع إلى 82% في البلدان المتقدِّمة، ويظهر الفارق بقوةٍ أكبر في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، حيث تقلّ نسبة السُّكان الذين يستخدمون الإنترنت عن 21%، بل إنَّ هذه النِّسبة تنخفض إلى أقلّ من 10% في أقلّ البلدان نموّاً (11).
الفجوة الرَّقميَّة بين بلدان العالم في عامَي 2003م و 2004م (12)
من خلال الشَّكل السَّابق يتبين: وجود فجوة رَّقميَّة كبيرة بين البلدان المتقدِّمة والبلدان النَّامية، حيث تعدُّ إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى وجنوب آسيا من البلدان النَّامية التي تقلّ نسبة اختراقها للإنترنت؛ مقارنةً بالدُّول المتقدَّمة (أوروبا ووسط آسيا) التي حصلت على أعلى نسبة للاختراق.
وهذه الفوارق بين البلدان المتقدِّمة والبلدان النَّامية ليست أسوأ من الفوارق بين المناطق النَّامية، وفي داخل البلدان النَّامية، فالفرق النِّسبيّ في التغلغل للإنترنت بين منطقة أوروبا ووسط آسيا ومنطقة إفريقيا جنوب الصَّحراء؛ يضاهي الفرق النِّسبيّ بين البلدان النَّامية والمتقدِّمة، فعدد مستعملي الإنترنت من كلّ 100 من السّكان في البلدان المتقدِّمة هو (12.3) في عام 2004م، بينما في البلدان النَّامية هو (1.4)، أي أنَّ معدَّل المنطقة الأولى يبلغ تسعة أضعاف مُعدَّل المنطقة الثَّانية (13) ، وذلك مدعاة للأسف في دول إفريقيا جنوب الصَّحراء؛ بالنَّظر إلى الجهود المكثفة التي تبذلها الدُّول المتقدِّمة لنشر تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في مجالات الحياة المختلفة، وتسهيل تداولها بين أفراد المجتمع.
ويُستنتج ممَّا تقدَّم ذكره: أنَّ «الفجوة الرَّقميَّة» لا تقتصر بين البلدان المتقدِّمة والنَّامية فحسب؛ وإنما توجد داخل كلّ بلد، بين المدن والقرى، والأغنياء والفقراء، وبين ذوي المستوى التَّعليميِّ الرَّفيع ومن دونهم، كما أنَّ مقصود «الفجوة الرَّقميَّة» لا يغطي فجوة الهاتف والأجهزة فحسب، ولكنَّه يشمل الفجوات المتعلِّقة بالمحتوى، واللُّغة، والتَّطبيقات، والقدرات اللازمة لاستخدام هذه التِّكنولوجيات بطريقةٍ فعَّالةٍ للنَّفاذ إلى الطَّيف الكامل لخدمات المعلومات والاتّصالات، والإسهام فيها بشكلٍ فعَّالٍ للوصول إلى «مجتمع المعرفة».
ومن نافلة القول: إنَّ «الفجوة الرَّقميَّة» غالباً ما تكون انعكاساً للفجوات في مجال الدَّخل الفرديِّ والأسريِّ والصِّحة والتَّعليم السَّائد داخل البلدان، وفيما بينها، وارتفاع مُعدَّل الفقر يعدُّ السَّبب الأساسيَّ لأوجه التَّفاوت.
3 – الفجوة المعرفيَّة:
يتلَخَّصُ مفهوم «الفجوة المعرفيَّة» في: قلَّة المعرفة في الدُّول النَّامية مقارنةً بالدُّول الصِّناعيَّة، وقلَّة المعرفة بين الفقراء والأغنياء داخل القطر الواحد، ويتمُّ قياس «الفجوة المعرفيَّة» بمدى الإنفاق على التَّعليم والبحث العلميِّ والتَّنمية والبنية التَّحتيَّة لتقنيَّة المعلومات والاتِّصالات (14) .
إنَّ الزِّيادة المطردة في «الفجوة المعرفيَّة» بين مجموعة الدُّول النَّامية والفقيرة وبين مجموعة الدُّول الصِّناعيَّة والغنية؛ تُؤدِّي إلى زيادة الفجوة التَّنمويَّة والاقتصاديَّة؛ ما يعدُّ إحدى التَّحدِّيات التي تواجه الدُّول النَّامية في تحوُّلها إلى «مجتمع المعرفة»، والتي منها إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى.
ويعتبر «معدَّل الأُمِّيَّة» من العوامل المساعدة في إيجاد «الفجوة المعرفيَّة» بين الدُّول المتقدِّمة والنَّامية، وعليه؛ فإنَّ هناك نحو 800 مليون أُمِّيّ من الكبار في عام 2002م، يعيش 70% منهم في 9 بلدان، يقع معظمها في إفريقيا جنوب الصَّحراء، وجنوب آسيا وشرقها (15) ، ويرجع ذلك إلى غياب الاهتمام الكافي من جانب العاملين على رسم السِّياسات التعليمية، فعلى الرَّغم من أنَّ عدد الأُمِّيِّين الكبار في العالم انخفض بمقدار 100 مليون نسمة بين الفترتَيْن 1985م-1994م و 2000م-2006م؛ فإنَّ الأعداد المطلقة للأُمِّيِّين الكبار ازدادت في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى (16) .
وقد احتلت إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، التي سجَّلت نسبة 28%، مكان جنوب آسيا وغربها؛ لتصبح المنطقة التي تشهد أعلى مُعدَّل أُمِّيَّة بين الشَّباب، ومن حيث الأرقام المطلقة: يعيش 45 مليون شاب أُمِّيّ في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى مقابل 62 مليون في جنوب آسيا وغربها (17)، وإذا كانت معظم دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى تعاني الأُمِّيَّة المتعلِّقة بالمهارات القرائيَّة، فضلاً عن الأُمِّيَّة الرَّقميَّة والمهارات الإلكترونيَّة، فإنَّ تحقيق «مجتمع المعرفة» في تلك الدُّول يكون بعيد المنال، إلا إذا اتخذت القرارات السَّليمة، وتمّ تفعيل السِّياسات القاريَّة والوطنيَّة المدعومة لمواجهته.
4 – فجوة الهواتف النَّقالة:
يعدُّ العصر الرَّاهن عصر الهواتف الخارقة وتقنيَّة (4G) فائقة السُّرعة، ولكن هذا الأمر بعيد التَّحقيق في معظم دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى؛ إذ من الصَّعب فيها الاتِّصال بتقنيَّة الجيل الرَّابع، وأحياناً خدمة الجيل الثَّالث، حيث أشارت الإحصائيَّات إلى أنَّ خدمة الجيل الثَّاني 2G( (GSM تستحوذ على أكثر من نصف عدد مستخدمي الهواتف المحمولة في إفريقيا، حيث تصل نسبته إلى 62.7٪، بينما تمتلك خدمة (3G) بتردُّد CDMA2000 (18) و WCDMA (19) نسبة قليلة جدّاً تصل إلى 11% فقط، بينما تذهب نسبة 27% من المستخدمين إلى خدمة الجيل الثَّاني المحسّنة (2.5G) (20) .
وتشير التَّقارير إلى أنَّه من المتوقَّع أن يصل سوق الهواتف الخلوية في إفريقيا بحلول عام 2017م إلى 1.12 مليار مستخدم، وقد تظلّ النِّسبة كما هي في حصّة إفريقيا في استخدام الهواتف النَّقالة عند 13.9% من إجمالي عدد المستخدمين في العالم.
ويعتبر مُعدَّل نموِّ أسواق الهواتف الخلوية في إفريقيا أكبر من مُعدَّل نموِّ أيّ قارة أخرى، وبخاصَّة منطقة جنوب الصَّحراء الكبرى، والتي تعدُّ من أكثر المناطق نُموّاً في العالم، حيث تشير الإحصائيَّات إلى زيادةٍ تصل إلى 44% منذ عام 2000م، لتصل إلى 475 مليون مستخدم فقط؛ مقابل 12.3 مليون خط تليفون ثابت (21).
على ذلك؛ إذا كان انتشار الهواتف المحمولة بين سكان إفريقيا تمثّل 13.9% فقط من إجمالي عدد المستخدمين في العالم؛ فإنَّ ذلك يعدُّ فجوةً تتحدَّى مواكبة تطوُّرات الهواتف النَّقالة الذَّكيَّة في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى.
ثالثاً: آفاق مستقبليَّة لمواجهة التَّحدِّيات التي تقف حدّاً دون فاعليَّة تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في تحوُّلِ إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى إلى مجتمع المعرفة:
إنَّ الهدف المتعلِّق بتكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات هو الهدف الأشدُّ تقدُّماً بين الأهداف الإنمائية للألفية، وهو أهمّ السُّبل لتحقيق «مجتمع المعرفة» في دول العالم، والدُّول النَّامية منها تحديداً، وتأتي دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى في المراتب الأولى من الدُّول التي تعاني تحدِّي فاعليَّة تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات في النِّطاق العريض.
وفق هذا السِّياق؛ فإنَّ هناك عدَّة عناصر يمكن الاعتماد عليها في وصف «مجتمع المعرفة»، ومنها:
– التَّقدُّم التِّكنولوجي: يقاس بعدد الأجهزة الحاسوبية، وعدد مستخدمي الإنترنت، وحيازة الأجهزة الإلكترونيَّة.
– الإنجاز التِّكنولوجي: يقاس بعدد براءات الاختراع، وتراخيص استخدام التِّكنولوجيا، المستوردة أو المصدَّرة، وحجم صادرات منتجات التِّكنولوجيا العالية والمتوسطة منسوباً إلى إجماليّ الصَّادرات.
– الكثافة الاتِّصاليَّة: تقاس بعدد الهواتف الثَّابتة والنَّقالة لكلّ مائة فرد، وسعة شبكات الاتِّصالات من حيث مُعدَّل تدفُّق البيانات عبرها.
– الجاهزية الشَّبكيَّة: تقاس بمستوى البنية التَّحتيَّة لمجتمع المعرفة في القطاعات الرّئيسة الثَّلاثة: (الحكوميَّة والخاصَّة والأهليَّة)، ومدى تأهُّل الأفراد والأسواق، ومدى تجاوب البيئة التَّشريعيَّة والتَّنظيميَّة مع النَّقلة النَّوعيَّة لمجتمع المعرفة.
– استخدام وسائل الإعلام: يقاس بعدد وسائل الإعلام الجماهيري؛ من أجهزة الرَّاديو والتِّليفزيون والصُّحف والمجلات.
وعلى ضوء ذلك؛ أقدّم بعض الرؤى التي يمكن تفعليها لتفادي هذه التَّحدِّيات:
1 – تعدُّ إزالة الفقر من أهمِّ الأمور الملِحَّة في إفريقيا، وجنوب الصَّحراء الكبرى منها تحديداً، ويمكن تحقيق ذلك بتعزيز الاستثمارات في مجال القدرات البشريَّة والاختراعات؛ لحلِّ مشكلات التَّنمية، وتحقيق نموٍّ اقتصادي.
2 – مشاركة دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى في مناقشات الحكم على المستوى العالمي، وقدرتها على زيادة التِّجارة وخفض الدُّيون، من الأمور المهمَّة لتحسين مشاركتها في مجتمع المعرفة، ويتحقَّق ذلك بتعزيز عمليَّات الشَّراكة بينها وبين الدُّول الصِّناعيَّة، مثل: الصّين، وكوريا الجنوبية، واليابان، وغيرها، وذلك لخلق مصادر تمويليَّة عالميَّة.
3 – استثمار القروض التي يُخصِّصها البنك الدَّوليُّ للإنشاء والتَّعمير والتَّنمية لمنطقة إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، ومنها:
– مشروع غاز سانكوفا في غانا، وستكون لهذا المشروع عائدات ضخمة محتملة على المالية العامَّة، وتأثير كبير على النُّموِّ في غانا.
– مشروع مراكز التَّميُّز الإفريقية في مجال التَّعليم العالي، بتكلفة 150 مليون دولار، بتمويل 19 مركزاً جامعيّاً للتَّعليم المتقدِّم في غرب إفريقيا ووسطها، وسيساند المشروعُ التَّخصُّصَ الإقليميَّ فيما بين الجامعات المشاركة في مجالات الرِّياضيات والعلوم والهندسة وتكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات، لمواجهة التَّحدِّيات التي تواجهها المنطقة .
4 – تفعيل المشروعات الخاصَّة بتنمية الاقتصاد القاري.
5 – إتاحة الإصلاح التَّربويِّ لجميع شرائح المجتمع وأجياله؛ لتمكينهم من التَّعامل مع المعرفة ونتاجها، إلى جانب الاهتمام البالغ بمبادرات اليونسكو للتَّعليم للجميع.
6 – زيادة الاستيعاب التِّكنولوجيّ للمواطنين والقوى العاملة، من خلال تمكين كلّ المواطنين من الهواتف النَّقالة، ووسائل استعمال شبكات تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات كخدمةٍ عامَّة، وضمان حقّ كلّ مواطنٍ في حرية التَّعبير، وحماية نفاذه إلى المعلومات في الميدان العالمي؛ بوصفه جزءاً من حقوقه كمواطن.
7 – تحتاج دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى إلى مؤسسةٍ قاريَّةٍ مستقلَّة، تعبِّر عن جهدٍ جماعيٍّ إفريقيٍّ لنشر تقنيَّات الإنترنت في تلك الدُّول؛ ممَّا يُمكِّن المواطن الإفريقيّ من تصفُّح المواقع التي لها قيمتها المعرفيَّة بشكلٍ واسع، والتي يحتاج إليها في أنشطته العمليَّة واليوميَّة، وذلك كفيلٌ بسدِّ الفجوة الرَّقميَّة بين دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى والدُّول المتقدِّمة.
8 – اعتماد «رؤية» في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى من أهمِّ الأَولَوِيَّات، تكون هدفها نشر التَّعليم النَّوعيِّ المبنيّ على تكنولوجيا المعلومات، والتَّحوُّل نحو نمط إنتاج المعرفة العلميَّة.
9 – يتوقَّفُ نجاح تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات على السِّياسات التي تعتمدها الحكومات في نوعيَّة استخدامها، وفي وضعها لخدمة المجتمع، وفي تبنّي سياساتٍ رشيدةٍ تضمن تأصيل القيم، والأطر المؤسسية الدَّاعمة لمجتمع المعرفة، وربط استيراد نتائج العلم مع استثمار إنتاج المعرفة محليّاً، وخلق التَّقاليد والعادات المؤدِّية إلى اكتساب المعرفة، مع الأخذ بالحسبان اللُّغَة المحليَّة.
10 – اعتماد سياسات في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى لتحفيز إقامة البنية التَّحتيَّة لتكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات، وإتاحة النَّفاذ الشَّامل، وخصوصاً في المناطق الرِّيفِيَّة والنَّائية، وإشراك منظَّمات المجتمع المحليِّ الإفريقية في صياغة الاستراتيجيَّة التَّشغيليَّة، وإنشاء لجانٍ قاريَّة تضمُّ العناصر الثَّلاثة لمجتمع المعلومات: (القطاع العامّ، والقطاع الخاصّ، والقطاع المدني) .
11 – أثبت خبراء المؤسسات الاستشاريَّة العالميَّة، في معرض جيتكس للتِّقنيَّة بدبي عام 2012م، أنَّ إفريقيا أوشكت أن تنضمَّ إلى أهمِّ الوجهات الاستثماريَّة في العالم خلال العقد الحالي من القرن الحادي والعشرين، حيث سلَّط معرض جيتكس الضَّوء على آفاق الاستثمار في قطاع تقنيَّات المعلومات والاتِّصالات في إفريقيا، بحضورٍ كبيرٍ من عارضين من بلدان عربيَّة، مثل: تونس، والجزائر، والمغرب، ومصر، وليبيا، بالإضافة إلى وفودٍ تجاريَّةٍ من زامبيا، وكينيا، ونيجيريا، ورواندا، وأوغندا، وتنزانيا، وجنوب إفريقيا، وليسوتو ، ويمكن تعزيز ذلك من خلال تكاتف دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى تكاتفاً صارماً، ومتابعة المهارات والتِّقانات العالميَّة، والسَّعي إلى أن تكون مجتمعاً معرفيّاً منتجاً لا مستهلكاً فقط.
12 – من المعلوم أنَّ مجتمع المعرفة يتَّسم بالمعاملات الإلكترونيَّة أكثر من المعاملات التَّقليديَّة؛ لذا يجب إعطاء القدر الأهمّ للتِّجارة الإلكترونيَّة.
13 – عمل راسمي السِّياسات في إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى على التَّوظيف الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتِّصالات؛ بوصفها وسيلة رئيسة لتحديث العمليَّة التَّعليميَّة، وإعادة صياغة المناهج الدراسيَّة بالكيفية التي تركِّز على ثقافة المعلوماتية.
14 – من أهمِّ معطيات «مجتمع المعرفة» أنَّه يضع الإنسان فاعلاً أساسيّاً، سواء من حيث إعداده وتهيئته (التَّنمية البشريَّة)، أو من حيث دَوْره في المعادلة الاقتصاديَّة التي لا تعتمد على المواد الطَّبيعيَّة فحسب، بل أيضاً على المعرفة والكفاءة والمهارة (العلم والإبداع والابتكار)؛ لذا فلا بُدَّ من الوقوف على فعاليّة مؤسسات التَّعليم العالي، والتَّدريب التِّقنيِّ والمهني، من النَّاحيتَيْن الكمِّيَّة والنَّوعيَّة، في دول إفريقيا جنوب الصَّحراء الكبرى، من خلال توفير الأعداد الكافية من الخريجين في جميع المستويات التَّعليميَّة؛ لسدِّ احتياجات القطاعات الإنتاجيَّة والخدميَّة، والتَّعرُّف على القدرات القاريَّة في البحث والتَّطوير، ومدى تلبيتها لوظيفة التَّطوير التِّقني، وزيادة تحسين مخرجات التَّعليم في مجال الاتِّصالات وتقنيَّة المعلومات، وتعزيز دَوْر الفرد المبدع والمتميِّز والممارس لحرياته المتنوِّعة دون قيود؛ وذلك لتوجيه المجتمع نحو تحقيق «مجتمع المعرفة»؛ من خلال الانسجام بين منظومات التَّعليم ومتطلبات السُّوق المحليَّة والعالميَّة، عن طريق مشاركة الفرد بوصفه عنصراً مساهماً في أعمال البناء.
الإحالات والهوامش:
(*) باحث وكاتب في السّياسات التَّربويَّة.
(1) عباس، بشار – (2001): ثورة المعرفة والتِّكنولوجيا. التَّعليم بوابة مجتمع المعلومات، دمشق: دار الفكر، ص 20.
(2) المركز العربيّ الإقليميّ للدّراسات الإعلاميَّة – (2003): حرية الرّأي والتّعبير وحرية المعلومات الرَّكيزة الأساسيَّة لمجتمع المعرفة، مجلة الدِّراسات الإعلاميَّة بالقاهرة، العدد (113)، ص 173.
(3) المؤتمر الإقليميّ لإفريقيا (28-30 مايو 2002م)، القمّة العالميَّة حول مجتمع المعلومات – باماكو / مالي، ص 3.
(4) جولة إفريقيا: نيجيريا – الكنغو – الغابون – تنزانيا – السّودان (2013)، مجلة الرّابطة، السّنة (49)، العدد (559)، ص (47-54).
(5) اليونسكو – (2016): مساهمة اليونسكو في تطوير مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات لتحسين توظيفها في البيئة التَّعليميَّة في جيبوتي، موقع اليونسكو (http://www.unesco.org/new/ar/media-services/single-). تحريراً في: 29/06/2016م.
(6) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – (2003): تقرير التّنمية الإنسانيّة العربيَّة للعام 2003م نحو إقامة مجتمع للمعرفة. عمان: المطبعة الوطنيَّة، ص (39-40).
(7) وزارة التّربية والتّعليم – (2003): مبارك والتَّعليم: التَّعليم المصريّ في مجتمع المعرفة، مصر: قطاع الكتب، ص 19.
(8) نقلاً من الرّابط: (قائمة الدّول حسب عدد مستخدمي الإنترنت https://ar.wikipedia.org/wiki/ /)، تحريراً في: 2/7/2016م.
(9) نقلاً من الرّابط نفسه: (https://ar.wikipedia.org/wiki/ /).
(10) سانو، براهيما – (2013): حقائق وأرقام تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات – سويسرا: الاتّحاد الدّولي للاتّصالات، ص 2.
(11) تقرير الأهداف الإنمائية للألفية – (2015): نيويورك: منشورات الأمم المتحدة، ص 68.
(12) نقلاً من المصدر: (TMG, Inc., Statistics Norway, IGBE)، تحريراً في 4/7/2016م.
(13) من المصدر نفسه: (TMG, Inc., Statistics Norway, IGBE)، تحريراً في 4/7/2016م.
(14) هالة، رؤوف أحمد – (2013): الفجوة الرّقمية، من موقع: (http://www.alukah.net/culture/0/62352/) بتصرف، تحريراً في: 1/7/2016م.
(15) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع – (2005)، نحو تحقيق التَّعليم للجميع: ضرورة ضمان الجودة، فرنسا: اليونسكو، ص 4.
(16) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع. (2009)، أهمِّيَّة الحوكمة في تحقيق المساواة في التَّعليم، فرنسا: منشورات اليونسكو، ص 11.
(17) التَّقرير العالميّ لرصد التَّعليم للجميع. (2012)، الشّباب والمهارات: تسخير التَّعليم لمقتضيات العمل، فرنسا: منشورات اليونسكو، ص91.
(18) سي دي إم أي 2000 / بالإنجليزية: (CDMA2000): وهو نظامٌ خليطٌ من الجيل 2.5 والجيل الثَّالث من أنظمة الاتّصالات الحديثة، ويستعمل نظام CDMA ، وهو نظام تعدِّد الوصول باستخدام الشّفرة لإرسال واستقبال البيانات والقنوات الهاتفيَّة لاسلكياً كما في الهواتف النَّقالة.
(19) اختصاراً لمصطلح CDMA بحزمة التَّردُّد العريضة، وهي تقنيَّة لاسلكية للهواتف النَّقالة من الجيل الثَّالث ذات سرعة عالية يمكنها توفير سرعات أعلى للبيانات مقارنة بتقنيَّة CDMA العادية، ويمكن لتقنيَّة WCDMA أن تبلغ سرعات عالية تصل إلى 2 ميجابت في الثَّانية في نقل الصّوت والفيديو، والبيانات، والصُّور، وقد تمَّ اعتماد WCDMA معياراً قياسيّاً من جانب الاتّحاد الدَّوليّ للاتّصالات (ITU) تحت مُسمَّى: “IMT-2000 direct spread” (نظام IMT-2000 للانتشار المباشر).
(20) صابر، محمد – (2012): انتشار الهواتف المحمولة بين 80% من سكان قارة إفريقيا، وتمثِّل 13.9% فقط من السّوق العالميَّة، من موقع: (http://v.onehas.com/article/2012/11/30/mobile-phones-in-africa/). تحريراً في: 5/7/2016م.
(21) صابر، محمد – (2012)، مرجع سابق، تحريراً في: 5/7/2016م.
(22) البنك الدّولي – (2016)، مرجع سابق، تحريراً في: 4/7/2016م.
(23) تقرير المؤتمر الإقليمي الإفريقي للقمّة العالميَّة لمجتمع المعلومات – (2002)، في موقع: (www.itu.int/wsis)، في: 6/7/2016م.
(24) الحسواني، متم – (2012): توقعات بنموّ الاقتصاد المعلوماتي في إفريقيا، من موقع:
(https://aitnews.com/2012/10/22/توقعات-بنمو-الاقتصاد-المعلوماتي-في-أف)، تحريراً في: 8/7/2016م.