بقلم : ماريون دووي
ترجمة :سيدي .م.ويدراوغو
معالجة المياه المستعملة في جنوب الصحراء تظل متخلفة، وتكلف البلاد أثمانا باهظة في الصحة و الاقتصاد ؛ لكن دعم المانحين بدأ في إزالة أهم العقبات.
وقد أبدى البنك الدولي قلقه عام 2014 م عن التبعات الاقتصادية الناجمة عن فقدان المرافق الصحية :الثغرات في هذا المجال المتمثلة في إخلاء مياه الأمطار ،وجمع ومعالجة المياه المستعملة ، تكلف عشرات الدول ما بين 1-2,5 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقدر ذلك بما يقارب 4,2 مليار يورو وذلك بغض النظر عن التبعات الصحية المباشرة على الشعوب (الوفيات المبكرة ،الانفاقات على الصحة العامة…).أضف إلى ذلك التأثيرات بعيدة المدى والتي يصعب تقييمها نحو (ظهور الأوبئة ،سوء نمو الأطفال والتدهور الإجمالي).
هناك عدد من الدول نحو ( بوركينافاسو، السنغال ،رواندا ، جابون) تبذل جهودا في هذا المجال على الرغم من محدودية الحصول على التمويل ،وما عدا ذلك لا تزال الحالة غير كافية.
يذكر أن 30 % فقط من سكان جنوب الصحراء هم الذين يستفيدون من المرافق الصحية ، هذه الحالة لم تتغير منذ 2010 م. ويعتبر أحد الأهداف الإنمائية الألفية للأمم المتحدة الذي تنتهي فترتها عام 2015 م ، ولم تسجل أي تطور.
وعبر جان ميشال أوست ، نائب مدير قسم المياه والمرافق الصحية لبنك إفريقيا التنموي ، عن قلقه حيال هذا الأمر لكنه استدرك قائلا: “ولا يعني ذلك عدم انجاز شيء مطلقا…لكن سرعة النمو السكاني تحول دون مسايرة الاستثمارات ”
وأهم التحديات تكمن في توعية السكان –خاصة في المدن – عن المخاطر الناجمة من تخلص المياه المستعملة في الأماكن المكشوفة او في القنوات المخصصة لمياه الأمطار، وهناك عراقيل أخرى يجب تخطيها.
وضع خطة
اتفقت آراء الخبراء بأن المجال قد عانى طويلا من فقدان الإرادة السياسية فعلى الرغم من إيرادات النفط ، تظل حالة الصرف الصحي في نيجيريا ، و كونغو ، وغينيا الاستوائية ،وأنغولا ،وكونغو الديمقراطية ، في وضع سيئ ، حسب تقدير الخبراء.
وفالكنغو على سبيل المثال، عرفت فائضا في الميزانية طيلة أربع سنوات متتالية دون التطرق إلى مرافق مياه الصرف الصحي، ولا يوجد هيكل إداري يكرس جهوده لهذه الخدمات.. وكان يتعين على البلديات إدارتها ولكنها غير فاعلة ” و “تأتي العرقلة الكبرى من المؤسسات “على حد قول كاسيلد بيرنيير ،رئيس شعبة المياه والمرافق الصحية التابعة (لوكالة فرنسا للتنمية AFD ).
وحسب بيرنيير: “لم تخصص ساحل العاج شركة مسئولة عن معالجة المياه المستعملة إلا في 2011 م ، ومالي تفتقر إليها حتى الآن. رغم أن إيجاد إطار قانوني وتخطيط (حيث يوضع في الحسبان الاتجاهات الرئيسية مثل النمو السكاني ) يظل ضروريا. ، كما يجب إيجاد التصور قبل وضع الأسعار وكيفية رصدها “.
لكن دكار تمتلك مرفقا صحيا منذ أكثر من عشرين سنة ،وتستعد لإطلاق برامج واسعة النطاق في شرم حان؛ ويعتبر ذلك تحسنا في المجال.
كما شرعت كل من ساحل العاج ، نيجيريا ،والرأس الأخضر ،وبنين في العمل لوضع إطار عام –كمرحلة أساسية -.
يؤكد محمد ديبا ، مدير المياه والمرافق الصحية لمجموعة (Eranove ) ” أدركت جل الحكومات الإفريقية أخيرا أهمية تطور مرافق الصرف الصحية ؛ لتحسين الصحة العامة وإطار الحياة والإنتاجية “.
ومدينة دكار التي بحيازتها مرفق صرف صحي منذ أكثر من عشرين سنة ،تستعد لإطلاق برامج واسعة النطاق ؛ لإزالة التلوث من شرم حان :المنتجع الطبيعي والشاطئ الخلاب الذي تخنقه حاليا أطنان من أكياس البلاستيك المنزلية ومن المصانع حيث تملأ المجاري المخصصة لمياه الأمطار.
إمكانية الحصول على التمويل
لا تعتبر مرافق الصرف الصحي من أولويات الحكومات ” إذا كانت الدولة تملك أي مبلغ ، فستنفقها حتما في تحسين خدمات المياه “على حد قول إيف جدراس ، مدير التنمية لإفريقيا والشرق الأوسط لدى مجموعة (Suez ).
ويشير جدراس إلى أن سهولة الحصول على المياه الصحية ،يتطلب معالجة المزيد من المياه المستعملة.
واهتمت البنوك التنموية بالموضوع وخصصت له (وكالة فرنسا للتنمية AFD )في عام 2014 م قرابة 200 مليون يورو لمشاريع مرافق صرف الصحية واستفاد منها 1,1 مليون فردا في القارة.
وتضافر جهود المانحين من خلال التكلف بأكبر جزء من الاستثمار ، كمحطات معالجة المياه ، ومجمعات الشبكات الجماعية لوصلات المجاري العمومية.
وفي جيبوتي حيث إن 25 % من السكان مرتبط بمرافق الصرف الصحية ، وتقوم AFD بتمويلها بمقدار 5,2 مليون يورو ؛ بينما مول الاتحاد الأوروبي إنشاء محطة معالجة المياه المستعملة بكلفة 13 مليون يورو.
وقد وفرت جابون قرابة نصف قيمة مشروع إخلاء مياه الأمطار في ليبرفيل (31,7 مليون يورو)إلى جانب AFD.
وبشكل متواضع ، في بوركينا فاسو استثمر المكتب الوطني للمياه ومرافق الصحية من موارده الخاصة (1,2 مليار فرنك سفا) في شبكة وصلات المجاري العمومية ، وفي محطة التصفية والإخلاء من العاصمة . حسب تصريح احمد سوادغو ،مدير عام ONEA .
ورغم تواضع الإمكانيات المتوفرة مقارنة بالاحتياجات ؛فالمرافق الصحية يمكن إنجازها بالتدرج “فمن الإمكان الوقوف عند حلقة من السلسلة – وعلى سبيل المثال – في البلاد المطلة على البحر يمكن الإخلاء في البحر قبل إنشاء محطة المعالجة “. على حد تعبير جان إيف جارداس (Suez ).
البحث عن نموذج اقتصادي
لكن المعضلة الأخيرة تكمن في كون المستهلك مستعد للدفع مقابل الكهرباء والماء بخلاف الدفع لمرافق الصحية التي يراها مصلحة عامة.
وإيجاد نمط اقتصادي يتيح تغطية تكاليف تنفيذ الأشغال (المحطات التي تستهلك كثيرا من الكهرباء) يظل معضلة.
وبعض الدول لا تدرج التكاليف في الفواتير غير اليسير منها.
في بوركينافاسو ، ما عدا المحطة المركزية في واغا دوغو ، يستخدم نظام الخنادق ، ويتولى السكان بدفع تكاليف الإخلاء.
وأكثر من 10 إلى 15 % من تسعيرة الماء يستخدم في تكاليف المرافق الصحية. ومع ذلك فهي غير كافية الدولة تغطي أكثر من 80 % من الفواتير لضمان استمرار الخدمات.
“يجب أن تكون الأسعار تناسب دخل السكان ، وتنسجم بجودة الخدمات ” كما عبر جان ميشال أوست ، والذي اورد تونس مثالا حيث يصل المبلغ (40 درهما = 20يورو)شهريا في الأسر الكبيرة ، وتدير الكهرباء والماء شركة واحدة.
يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا