يبدو أن النفوذ الأمريكي في إفريقيا يواجه تحديات روسية وصينية متزايدة حسب موجة الهجوم الإعلامي الأمريكي المكثّفة حاليًا على مسارات العلاقات التي تُعزّزها بكين وموسكو في القارة الإفريقية.
واتضح هذا المسار بشكل كبير مع بدء تسريب معلومات استخباراتية أمريكية لعددٍ من أبرز النوافذ الإعلامية الأمريكية والدولية -مثل جريدة نيويورك تايمز- حول أنشطة روسيا ومجموعة فاغنر من قبيل أنشطة الأخيرة في عدة دول إفريقية مثل إريتريا وتشاد وغيرهما، بل وتجنيد عدد من القادة السياسيين والعسكريين فيها.
وكشف تناوُل نيويورك تايمز، في المقال الأول هنا، عن مخاوف أمريكية مفرطة تجاه أيّ تحرُّك روسي، وأهمية استباق كافة التطورات بالتأكيد على ضربات استباقية “دبلوماسية” واستخباراتية أمريكية في مناطق النفوذ الحالية والمحتملة لروسيا في إفريقيا.
وفي المقابل قدّمت صحيفة “جلوبال تايمز” رؤية مناقضة للتصورات الأمريكية بخصوص “التنافس الدولي في إفريقيا”، وكشفت عن تعمُّد واشنطن ترويج هذه التصورات في مقابل اتباعها سياسات واقعية لا تخدم الدول الإفريقية (في ملف التنمية الاقتصادية على وجه الخصوص)، مقارنة بالسياسات الصينية بشكل خاص، ثم السياسات الروسية.
ومع قرب عقد قمة روسيا إفريقيا منتصف العام الجاري؛ يبدو أن الترويج الأمريكي المناهض للنفوذ الروسي والصيني في إفريقيا سيصل إلى مستويات جديدة في الفترة المقبلة؛ على خلفية ما أشار له محلّلون من بدء تسريب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية معلومات منتظمة ومكثّفة (مقارنة بالفترة السابقة) حول سياسات الصين وروسيا في إفريقيا؛ مما يؤشّر في واقع الأمر إلى حرب باردة جديدة برعاية أمريكية بالأساس.
حرب باردة جديدة في إفريقيا([1]):
تصاعد التنافس بين روسيا والغرب في إفريقيا وسط تصعيد ملحوظ في صراعات البنادق والذهب ووسائل التواصل الاجتماعي. وكانت أحدث نقاط التماس البارزة هي تشاد، وهي دولة شبه صحراوية على مفترق الطرق في القارة الإفريقية، وتُعدّ الآن هدفًا مثاليًّا لجهود روسيا التوسعية.
وقد حذَّرت الولايات المتحدة مؤخرًا رئيس تشاد (محمد إدريس ديبي) من أن المرتزقة الروس قد تآمروا لقتله وثلاثة من كبار مساعديه، وأن موسكو تدعم المتمردين التشاديين الذين يتجمعون في جمهورية إفريقيا الوسطى المجاورة.
في الوقت نفسه؛ فإن موسكو تتوددّ للمتعاطفين معها داخل النخبة الحاكمة في تشاد بمن فيهم وزراء وإخوة غير أشقاء للرئيس. وكان قرار الحكومة الأمريكية بمشاركة معلومات استخباراتية حسّاسة مع رئيس دولة إفريقية –وهي المعلومات التي سرَّبتها- كاشفًا لإحدى الطرق التي باتت إدارة بايدن تُفضّلها في التحرّك على نحو أكثر حسمًا في إفريقيا واستخدام تكتيكات جديدة لتحجيم المكاسب الروسية في القارة.
وقد استعارت الولايات المتحدة صفحة من دليلها play book في أوكرانيا؛ حيث اعتادت استخدام المعلومات السرية لكشف الخطط العسكرية الروسية، واستباق ما تقول إنه خطط صينية لإمداد روسيا بأسلحة جديدة.
وفي إفريقيا؛ فإن المقاربة الأمريكية الأكثر تصميمًا، تهدف جزئيًّا إلى دعم الموقف الفرنسي المتعثر، والذي تراجَع في السنوات الأخيرة لصالح روسيا في مستعمرات فرنسية سابقة مثل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
والآن فإنّ الروس يسعون لإسقاط مزيد من “المستعمرات” الفرنسية في وسط إفريقيا وغربها، وتقوم الولايات المتحدة بالتحرك نيابةً عن فرنسا. وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم ذِكْر اسمه: إن محاولة اغتيال في تشاد مثلت “فصلًا جديدًا” في جهود فاغنر، القوة العسكرية الخاصة التي يدعمها الكرملين، من أجل تعميق المصالح الروسية في إفريقيا. وإلى الآن فإن يفجيني بريجوجين، الذي يقود فاغنر، قد نجح في ترسيخ نفوذه في دول إفريقية هشَّة عبر إرسال مقاتليه لدعم الحُكّام المستبدّين، عادةً في مقابل أموال أو تراخيص باستغلال مناجم ماس أو ذهب.
وتشير المؤامرة في تشاد إلى جاهزية بريجوجين حاليًا لإسقاط القادة الذين يقفون في طريقه. وقد أثار هذا التغيير الولايات المتحدة ودفَعها لتبنّي إجراءات أكثر مباشرة كتلك التي تتبعها في أوكرانيا بهدف “إبطاء، وتحجيم، وتقييد ومهاجمة مضادة” لتوسع بريجوجين في إفريقيا حسب المسؤول. كما لفت وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال زيارته للنيجر (16 مارس الجاري) إلى أنه “حيثما توجد فاغنر فإن أمورًا سيئة لا بد أن تلي هذا الوجود”.
وكانت الزيارة، التي تعهّد خلالها بلينكن بتقديم بلاده مساعدات لدول الساحل بقيمة 150 مليون دولار، هي الرابعة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى في العام الحالي؛ إذ سبقته جولات لوزيرة الخزانة جانيت ل. يالين، وسفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة ليندا توامس- حرينفيلد، والسيدة الأولى جيل بايدن. وتبدأ نائبة الرئيس كامالا هاريس جولة إلى غانا وتنزانيا وزامبيا الشهر الجاري، كما وعد الرئيس بايدن بالقيام بزيارة لإفريقيا في وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري.
وبالنسبة للكثيرين في إفريقيا وما وراءها؛ فإن تنافس القوى الكبرى المحتدم يصل لوصف الحرب الباردة؛ حيث دعمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي قادة أفارقة متنافسين، بمن فيهم حُكّام مُستبدّون. وتلك مقارنة تسعى إدارة بايدن حثيثًا لتفاديها؛ لأن استراتيجيتها في إفريقيا، التي أعلنها بلينكن في جنوب إفريقيا العام الماضي، تقدّم الدول الإفريقية كشركاء مُهمّين، وليسوا ضحايا مخالب التنافس الدولي.
من جانبهم؛ فإن القادة الأفارقة أوضحوا أنهم لا يريدون فرض الخيارات (في الانحياز لقوًى ما) عليهم. وكان ماكي صال، رئيس الاتحاد الإفريقي السابق، قد أكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أن “إفريقيا عانت ما يكفي من عبء الاستعمار التاريخي”، وأنها “لا تريد أن تكون الأرض الخصبة لحرب باردة جديدة”، ورغم أن صلات روسيا بإفريقيا ترجع للحقبة السوفييتية عندما دعمت موسكو الحكومات المتعاطفة معها وحركات الاستقلال، لكنَّ التوجُّه الروسي القوي حاليًا يعود لنحو خمسة أعوام مضت عندما بدأ مرتزقة فاغنر –والكثير منهم من الرُّوس إلى جانب عناصر سورية وصربية ولبنانية- في الظهور في الكثير من أرجاء القارة الأكثر اضطرابًا.
وردًّا على تساؤلات أكد بريجوجين في بيان أنه “ليس لدينا ما نقوم به مع المتمردين التشاديين أو السيد حميدتي” (نائب رئيس مجلس السيادة السوداني وصاحب النفوذ الكبير في تشاد). ويمتد النفوذ الروسي في أرجاء القارة، لكنّ تأثيره الأكبر يتضح في الساحل؛ حيث يواجه مقاتلو فاغنر متمردين مسلّحين في مالي، ويوجد حرس من فاغنر في خدمة رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى وحماية مناجم ذهب في عدة دول إفريقية بما فيها السودان (حسب التقرير). كما تسعى وسائل التواصل الاجتماعي إلى تلميع صورة الرئيس فلاديمير بوتين أو إثارة مشاعر العداء ضد فرنسا.
وبدلًا من تراجع روسيا –إزاء الضغوط الغربية والأزمة في أوكرانيا-؛ فإنها نجحت في إيجاد مواطئ أقدام جديدة لها في إفريقيا. ففي زيارة قريبة لمالي ذكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كلًّا من غينيا وبوركينا فاسو وتشاد في كلمته كأمثلة للدول التي تأمل روسيا في استخدام ملف مكافحة الإرهاب للتدخل فيها.
وحدد المسؤولون الأمريكيون علامات على أنشطة جديدة لفاغنر في إريتريا؛ مما يشير إلى رغبة روسية في مدّ منطقة نفوذ من الساحل إلى الساحل (من المحيط الأطلنطي إلى البحر الأحمر).
غير أن بعض الخبراء يحذرون (في رؤية أقرب للدقة في واقع الأمر مقارنةً بالترويج الإعلامي الحالي) من المبالغة في تقدير أثر تحركات روسيا في إفريقيا؛ إذ إن الدول التي تعمل فيها موسكو من أفقر دول العالم، وعلى الأرض فإن جهودها تبدو في الغالب متفرقة وغير مموّلة بشكل مناسب ومدفوعة بالرغبة في إثارة الغرب. وفي نهاية الأمر فإنه لا يرجح أن تفي روسيا بوعودها الأمنية الكبرى التي قدّمتها للدول الإفريقية، حسب ميشيل جافين بمجلس العلاقات الخارجية. لكن على المدى القصير فإن أعمال روسيا بدت مثيرة للاضطراب البالغ مما دفَع القوى الغربية للسعي للوصول لاستجابة مناسبة.
وعلى سبيل المثال؛ فإن تشاد -التي تقع على مساحة أكبر من بريطانيا وفرنسا وألمانيا معًا-، كانت حليفًا رئيسًا لفرنسا لعقود، واستخدمها الجيش الفرنسي للتدريب وكمركز للعمليات. وفي ثمانينيات القرن الماضي دعمت المخابرات المركزية الأمريكية زعيمها الوحشي حسين حبري الذي أُدين لاحقًا كمجرم حرب.
أما رئيس تشاد الحالي محمد إدريس ديبي فقد؛ وصل للسلطة في العام 2021م بعد مقتل والده، حاكم تشاد المستبدّ طيلة ثلاثة عقود، في معركة مع المتمردين. وظل ديبي على صلة وثيقة بفرنسا، لكنَّ التحالف تفكك بسبب الاعتداء العنيف على محتجين مطالبين بالديمقراطية في أكتوبر، ما خلَّف 128 قتيلًا تشاديًّا. ويبدو الآن ثمة ميل لروسيا حتى وسط أفراد من دائرة ديبي اللصيقة. وقال مسؤول تشادي لم يذكر اسمه أن سعيد، الأخ غير الشقيق لديبي، وهو رئيس سابق لشركة الطاقة المملوكة لدولة تشاد، قد زار موسكو ثلاث مرات في العام الماضي، والتقى مرة واحدة على الأقل مع بريجوجين.
وفي يناير 2023م أنكرت روسيا اتهامات بأن فاغنر تسعى لإسقاط الرئيس، وأعلنت أن ديبي قد خطَّط لحضور قمة روسيا إفريقيا الثانية في يوليو، والتي يستضيفها بوتين. وبعد ذلك بأربعة أسابيع قدّم مسؤولون أمريكيون لـ ديبي أدلة سرية على خطط فاغنر لاغتياله، حسب المسؤول التشادي.
كما واصلت واشنطن استخدام أدواتها المعتادة ضد شبكة بريجوجين في إفريقيا، وفرضت عقوبات جديدة في يناير استهدفت شراكات أعمال وشركات في عدة دول. بينما بدأ الفرنسيون في الإقرار بأن مشاعر العداء ضدهم في مستعمراتهم السابقة أتاحت الفرصة أمام التدخل الروسي.
توجُّه الولايات المتحدة للقارة الإفريقية مثقل بالحسابات الجيوسياسية([2]):
قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة لإفريقيا منتصف مارس الجاري، وهي رابع زيارة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى للقارة في العام الجاري.
وكانت وزيرة الخزانة جانيت يالين قد قامت في يناير 2023م بجولة في إفريقيا استغرقت عشرة أيام؛ في محاولة لتقوية الصلات الاقتصادية مع إفريقيا. وزارت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة حينذاك ليندا توماس- جرينفيلد القارة لمناقشة قضايا المناخ، كما قامت السيدة الأولى جيل بايدن بزيارة لناميبيا وكينيا، وركزت في جولتها على تمكين المرأة.
ويُنْظَر لجولات الزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين الأمريكيين على أنها تهيئة للمسرح لجولة محتملة للرئيس الأمريكي جو بايدن في القارة. ويبدو أن بايدن يُخطّط لتغيير تطاول سلفه على قادة القارة الإفريقية، لكن يبدو أن التغيرات الإيجابية ستظل محكومة بنفس منطق “المنافسة الاستراتيجية”. ومن المقرّر أن تكون جولة بايدن الإفريقية بغرض تناول المواجهة الاستراتيجية، ويكشف خياره لزيارة إثيوبيا والنيجر القلق الذي ينتاب واشنطن.
وفيما يتعلق بإثيوبيا؛ فإن الصراع في تيجراي أدَّى إلى إيجاد كارثة إنسانية كبرى، لكن الولايات المتحدة لم تبذل جهدًا يُذْكر سوى رفع عصا العقوبات الاقتصادية. وكشريك تنموي تقليدي؛ قدمت الصين دائمًا كميات هائلة من المساعدات الإنسانية لإقليم تيجراي، واقترحت “مبادرة التنمية السلمية في القرن الإفريقي” Initiative of Peaceful Development in the Horn of Africa وفق مبادرة الأمن العالمي Global Security Initiative (GSI). وفي الوقت نفسه كانت روسيا تقوم بتحركات دبلوماسية لدعم جانبي الصراع في مسار بدء المناقشات.
ولطالما ظلت النيجر على الخط الأمامي لعمليات مواجهة الإرهاب. وكمستعمرة سابقة لفرنسا؛ فإن هناك حالة سخط بالغ آخِذَة في التصاعد حاليًا داخل النيجر إزاء سياسة فرنسا لمواجهة الإرهاب. وأقرت حكومة ماكرون بإحباطها، وأكَّدت أنها بدأت بالفعل النظر في بناء نوع جديد من العلاقات الفرنسية- الإفريقية.
ولا تزال الولايات المتَّحدة تُعوّل بقوَّة على استخدام عصا غليظة للضغط على إفريقيا للانحياز لجانبها. ونظرًا لتحوُّل سياسة احتواء الصين وروسيا إلى هدف استراتيجي جوهري لصناع القرار الأمريكيين فيما يتعلق بإفريقيا؛ فإن مسألة حسم الدول الإفريقية لمواقفها والاصطفاف الواضح (وراء القوى الدولية) قد أصبح أكبر صداع لقادة الدول الإفريقية. وكان بلينكن قد اتبع مقاربة “الجزرة والعصا” تجاه إثيوبيا والنيجر.
وبالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية ضد إثيوبيا؛ فإن الولايات المتحدة تتجاهل تقديم رد واضح إزاء حاجة البلاد لاستعادة وضع معاملة الإعفاء الجمركي التي يتم تطبيقها وفق قانون الفرص والنمو الإفريقي African Growth and Opportunity (AGOA)..
وفيما يتعلق بالنيجر فقد اتخذ بلينكن مقاربة أكثر دقةً؛ فمن جهة ادعى أن روسيا خلقت أزمة الأمن الغذائي في النيجر. ومن جهة أخرى أعلن أن الولايات المتحدة ستزيد فرص التعاون مع النيجر، في مواجهة مساعدة الصين للنيجر في مشروعات البنية التحتية مثل مرافق إمداد المياه.
جدير بالذكر أن تركيز الولايات المتحدة المتزايد على إفريقيا لا يغير جوهر الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في التنافس والسباق الجيوسياسي.
وفي أعقاب زيارة بلينكن، سافرت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إلى إفريقيا نهاية مارس الجاري؛ حيث من المقرّر أن تزور زامبيا وغانا وتنزانيا. والواقع أن إرسال الولايات المتحدة المستمر لمسؤولين رفيعي المستوى لإفريقيا يُظْهِر تصاعُد تركيز واشنطن على القارة. ولا تريد الولايات المتحدة فحسب إعادة ترسيخ وجودها في إفريقيا فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والعسكري، لكنّها تسعى لموازنة النفوذ الدولي في إفريقيا. ويمكن ملاحظة ذلك من وَصْف ترامب المهين والمشهور للقارة انطلاقًا من ذهنيته المركزية-الغربية؛ إذ تتجاهل النخبة السياسية الأمريكية بالأساس مكانة إفريقيا الدولية.
لكنّ توجُّه إدارة بايدن نحو القارة لا يشير إلى أنها تكترث حقيقةً بتنمية إفريقيا من وجهة نظر الحوكمة العالمية. إن سياسة بايدن الإفريقية لا تختلف عن سياسات الرؤساء الأمريكيين السابقين. إن أكثر ما تهتم به الولايات المتحدة بشأن إفريقيا هو ضمان هيمنة واشطن العالمية فحسب.
ويعرف القادة الأفارقة تمام المعرفة أن حسابات الولايات المتحدة الجيوسياسية التي تقف وراء تجدد اهتمامها بالقارة منذ اندلاع الصراع الروسي- الأوكراني. واعتمادًا على التجربة؛ فإن أغلب القادة الأفارقة سيتوقعون من الولايات المتحدة أن تكون المنقذ للتنمية الاقتصادية الإفريقية. وربما استشرف القادة الأفارقة الأكثر برجماتيًّا إحاطة ظل الحرب الباردة مرة أخرى بالقارة الإفريقية.
وتمت جولة بلينكن على خلفية محاولات إدارة بايدن المتزايدة مواجهة الصين وروسيا في القارة الإفريقية، وباستخدام حزمة من سياسات “الجزرة والعصا”.
على أيّ حال فإنه من قبيل الحقائق التي لا خلاف عليها أن حجم التجارة بين الصين وإفريقيا هو خمسة أضعاف حجم التجارة الأمريكية-الإفريقية، وإن استثمارات الصين المباشرة في إفريقيا تبلغ ضعف نظيرتها الأمريكية في القارة.
إضافة إلى ذلك؛ فإن معونات الصين لإفريقيا لم تسهم فحسب في تشييد الكثير من مشروعات البنية التحتية، بما فيها السكك الحديدية والجسور فحسب، بل إنها خلقت ملايين فرص العمل للسكان المحليين. ومن هنا فإنه من الواضح أن الدول والشعوب الإفريقية ترى الفارق بين سياسات الولايات المتحدة والصين نحو إفريقيا.
[1] Declan Walsh, A ‘New Cold War’ Looms in Africa as U.S. Pushes Against Russian Gains, The New York Times, March 19, 2023 https://www.nytimes.com/2023/03/19/world/africa/chad-russia-wagner.html
[2] Song Wei, US’ latest pivot to African continent is full of geopolitical calculations, Global Times, March 23, 2023 https://www.globaltimes.cn/page/202303/1287827.shtml