اختتمت القارة الإفريقية العام 2022م بتطورات دبلوماسية وسياسية لافتة وسط تصاعد الاهتمام الدولي بتأكيد مجالات النفوذ في القارة، كما اتضح ذلك في المساعي الصينية لتطوير سياسات إفريقية أكثر تدخلًا في النطاقات السياسية، بالإضافة إلى جهود الولايات المتحدة لاستمالة أكبر عدد ممكن من دول القارة في قمة لافتة من جهة عدد القادة الأفارقة الذين تدافعوا لحضور القمة بعد أكثر من شهرين على انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكذلك سعي الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي أو دول مهمة في الاتحاد إلى إعادة صياغة سياساتها الإفريقية في العام المقبل 2023م، دون أن يعني ذلك بالضرورة رفع سقف التوقعات لحدوث تغيرات جذرية.
وأوضحت منظمات وثيقة الصلة بمنظمة الصحة العالمية أن توقعات العام 2023م في إفريقيا على صعيد الصحة ومواجهة الأزمات ذات الصلة لا تشير إلى توجُّهات إيجابية، وأن أقصى ما يُرجَى تحققه في هذا العام هو تفادي كوارث حقيقية تُهدّد حياة نحو 20 مليون إنسان تهديدًا مباشرًا في إقليمي القرن الإفريقي والساحل فقط، وهي المؤشرات التي يستعرضها المقال الأول.
أما المقال الثاني فإنه يُقدّم قراءة لأهم التَّطوُّرات السياسية والأمنية المرتقبة في القارة الإفريقية في العام المقبل مثل الانتخابات في عدد كبير من دولها، والوضع الأمني، والتهديدات الإرهابية.
ويتوقع أن تكتسب مقاربة أوكرانيا الإفريقية في العام 2023م زخمًا حقيقيًّا بفضل ما تُوفّره هذه المقاربة من فُرَص جديد لأوكرانيا ودُوَل إفريقية عدة في ظل عالم متغير بشكل واضح؛ حسبما يشير المقال الأخير بالفعل.
الجوع والمرض ينفجران في إفريقيا وتوقع الأسوأ؟([1])
الكوارث المتعلقة بالطقس، والتي تنتج عن تَغيُّر المناخ في عشرات من الدول الإفريقية تُهدِّد الصحة الجسمانية والعقلية لجيل كامل من المواطنين، ويُتوقع أن تزداد هذه الحالة سوءًا في العام المقبل بحسب تحذيرات أصدرها رئيس مؤسسة منظمة الصحة العالمية WHO Foundation.
إن أسوأ موجة جفاف في العقود الأربعة الأخيرة في أرجاء القرن الإفريقي في شرق القارة والفيضانات ونقص المياه في إقليم الساحل الإفريقي قد خلَّفت 76 مليون فرد في حالة فقر وضعف في الأمن الغذائي. كما توجد أجزاء من الصومال حاليًا على شفا مجاعة حقيقية.
إنَّ الكوارث (الطبيعية) التي فاقَم منها الصراع تؤدي إلى سوء التغذية بين الأطفال وتُحْدِث تفشيًا للأمراض بسبب هجرة الأفراد بحثًا عن الماء والطعام، وتُنْهِك نُظُم الصحة التي تُجاهِد لمواجهة هذه الأزمات، حسب أنيل سوني Anil Soni الرئيس التنفيذي لصندوق منظمة الصحة العالمية.
وكانت المنظمة قد رفعت هدفها (من المساعدات الإنمائية) للإقليم بما لا يقل عن نصف الإجمالي المستهدَف بالفعل لإقليمي القرن الإفريقي والساحل بنحو 200 مليون دولار في العام الجاري. وتَجمع المؤسسة الأموال لصالح منظمة الصحة العالمية. ورأى “سوني” أنَّ الجمع بين الجوع والصراع “سوف يؤثر على النمو البدني والعقلي للأطفال في الأجيال المقبلة”، وأن مسألة فقد ملايين البشر لحياتهم أم إنقاذهم من الهلاك ستعتمد على مدى السرعة في التحرك لمواجهة الأزمة.
ويُلاحَظ أن إقليمي الساحل والقرن الإفريقي يشهدان تشرُّد نحو 15 مليون نسمة داخليًّا بسبب كوارث الطقس والصراع. كما أن نيجيريا وبوركينا فاسو وإثيوبيا والصومال والسودان وجنوب السودان من بين أكثر الدول تضرُّرًا. وهناك حاليًا تَفَشٍّ لوباء الكوليرا في سبع دول في الإقليمين؛ إلى جانب مواجهة ست دول أخرى لوباء الحمى الصفراء وأمراض أخرى جراء شرب مياه ملوثة.
وشهدت الخمس سنوات الأخيرة في القرن الإفريقي مواسم جفاف وندرة الأمطار، وكان الموسم الأخير الأكثر جفافًا في الإقليم خلال العقود السبعة الماضية. ومع ذلك فإن 40% من مساحة جنوب السودان (الواقع على أطراف الإقليم) تعرَّضت لفيضانات في العام الثالث على التوالي. وفي إقليم الساحل، الذي يضمُّ دولًا مثل مالي والنيجر، فإنَّ مستويات سوء التغذية، وصلت إلى 60% أعلى من نظيرتها في العام 2018م. وهناك 1.4 مليون طفل دون الخامسة يعانون من جوع بالغ؛ ممَّا سبَّب سوء تغذية حادّ، ويُلحِق الضرر البالغ بجهاز المناعة لديهم.
وقوع الأسوأ:
يرى “سوني” -في إحباط واضح- أنه ليست ثمة شواهد تقود للاقتناع بتحسن الأمور في العام 2023م؛ إذ إن ما نراه عامًا بعد عام يشير إلى حدوث الأسوأ. إنَّ منظمة الصحة العالمية تعمل جنبًا إلى جنب مع برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الأخرى في الإقليمين على معالجة الأزمات الصحية المواكبة للجوع والهجرة الجماعية. كما أن انتشار العصابات المسلحة في شمال شرق نيجيريا، والنشاط الإرهابي في أرجاء الإقليم، كل ذلك يُعقِّد جهود هذه المنظمات في أعمال الإغاثة.
ويرى بعض الخبراء أن تدهور الوضع الأمني يُفاقِم من صعوبة الوضع في منطقة الساحل، فضلاً عن الصعوبات في تقديم الرعاية الصحية في المناطق المتأثرة بالصراع، بالإضافة إلى الهجمات المتعددة على أطقم الرعاية الصحية والبنية الأساسية الطبية.
تعزيز الديمقراطية في إفريقيا في العام 2023م؟([2]):
من المتوقع أن تشهد إفريقيا خلال العام 2023م انطلاق انتخابات رئاسية أو برلمانية في 17 دولة إفريقية. ووفقًا لـ Economist Intelligence Unit (EIU) فإن الانتخابات ستؤثر بقوة على القارة. كما حذرت الوحدة الاقتصادية من أن فترة الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى الهشاشة في إفريقيا، وأنه ثمة خطر بالغ بحدوث احتجاجات سياسية ومظاهرات وإضرابات شعبية في العديد من الدول.
وبحسب تصريحات لفونتيه أكوم Fonteh Akum المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الأمنية Institute for Security Studies (ISS) فإنه يظل، في المقام الأول، من الأهمية بمكان رؤية إن كانت القارة ستشهد انقلابات جديدة خلال العام 2023م، أم أن هذا العام سيمثل انقطاعًا في هذه الظاهرة لا سيما في ضوء محاولة الانقلاب الأخيرة في ساوتومي وبرنسيب. ووفقًا للسلطات فإنَّ الدولة الجزرية الواقعة في خليج غينيا قد شهدت محاولة انقلاب فاشلة في 25 نوفمبر 2022م.
وسيكون أحد التساؤلات المهمة في العام المقبل يدور حول ما إذا كانت الديمقراطية في إفريقيا ستتقدم أم تتراجع للوراء؟ ولاحظ مراقبون أن الانتخابات التي ستجذب القدر الأكبر من الاهتمام ستكون في نيجيريا وجنوب إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي، مع رجحان وقوع أعمال عنف مُصاحِبَة للعمليات الانتخابية في هذه الدول حسب أليكس فينس A. Vines رئيس برنامج إفريقيا في شاتام هاوس في لندن.
العيون كلها على انتخابات نيجيريا 2023م:
شهدت نيجيريا موجة من الحراك الأهلي والسياسي مِن قِبَل الشباب قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في نهاية فبراير 2023م. على أيّ حال فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة الباقية قبل الانتخابات الرئاسية في أكبر دولة إفريقية عددًا من حيث السكان؛ أحداث عنف أو اضطرابات سياسية.
ويشير أكوم إلى “أن الانتخابات النيجيرية شديدة الأهمية؛ لأنها واحدة من أكبر الاقتصادات في القارة، كما أن نيجيريا تعاني من مسائل أمنية معقدة”. وتكتسب الانتخابات المقررة في 2023م أهمية كبرى؛ لأن الشباب في نيجيريا يُمكنهم تغيير ميزان القوى بين الأحزاب السياسية الرئيسة في اتجاه أو آخر.
كما أن المناخ السياسي في الدولة ذات المائتين وسبعة عشر مليون نسمة تشهد توترًا قبيل حلول فبراير المقبل؛ حيث لن يخوض الرئيس الحالي محمد بخاري الانتخابات بعد فترتين في السلطة. ويواجه حزب مؤتمر كل التقدميين APC (All Progressives Congress) الحاكم الحزب الديمقراطي الشعبي PDP (People’s Democratic Party) في هذه الانتخابات. وعلى أي حال فقد أكد “أكوم” أنه يمكن لمرشح ثالث أن يؤثر بشكل كبير على السباق، وهو بيتر أوبي P. Obi، وهو رجل أعمال ومرشح رئاسي عن حزب العمال، ويتمتع بتأييد كبير من الشباب النيجيري.
الأزمات مستمرة:
تتميز غرب إفريقيا بتصاعد حالة عدم الاستقرار، وانتشار حركات التطرف، كما شهدت بوركينا فاسو ومالي مؤخرًا انقلابات عسكرية. وبحسب مراقبين فإن الأزمات في القارة سوف تستمر في العام 2023م لا سيما في إقليم الساحل، وليس في مالي وبوركينا فاسو فقط، لكن أيضًا في النيجر. ويظل الوضع في الكاميرون ونيجيريا باعثًا على القلق لا سيما في ظل وجود حالة اضطراب واضحة في أجزاء متفرقة من البلدين. كما لا يمكن البتّ في مصير اتفاق السلام المُوقَّع في نوفمبر 2022م بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير التيجراي؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن الوضع في شمال موزمبيق لا يزال سببًا للقلق؛ حيث تجبر الجماعات الإرهابية الأهالي على الفرار.
ويُعدّ إقليم شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية نقطة مثيرة للاضطراب كذلك، وهناك تركيز على هذا الصراع مع جدولة عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد في 20 ديسمبر 2023م. وبطبيعة الحال فإنَّ قرارات الرئيس فيليكس تشيسيكيدي حول عنف ميليشيات المتمردين في الشرق ستؤثر على عقد الانتخابات، مع توقُّع غالب بأن يخوض الرئيس الحالي تشيسيكيدي الانتخابات، ويمكن أن يواجه تحدِّيًا من المعارض السياسي مارتن فايولو M. Fayulu.
ارتفاع التضخم يفاقم من الديون:
ويرى المراقبون أن تعافي إفريقيا الاقتصادي من تداعيات أزمة كوفيد-19 في العام 2022م قد واجَه العديد من الصدمات المتوالية، وتشمل نقص الإمدادات وارتفاع التضخم على نحو متسارع، والتي فاقم منها التداعيات العالمية للحرب الروسية على أوكرانيا.
ونتيجة لذلك، حسب “فينس”، فإنَّ تسديد الديون يظل مشكلة أمام الكثير من الدول الإفريقية، لا سيما أن أعباء الاقتراض المرتفعة في ظل ظروف هي الأسوأ تُعمّق هذه المسألة. ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في العام 2023م لكن ستظل معدلات النمو الاقتصادي في إفريقيا (معقولة). مع توقع تباطؤ النمو الاقتصادي في نيجيريا وجنوب إفريقيا لكن أسعار السلع، لا سيما منتجات الطاقة والمعادن والمناجم ستستمر في الارتفاع. كما سيحاول المستثمرون والمشترون تنويع سلاسل إمدادهم بعيدًا عن روسيا، وستستفيد من ذلك كثيرًا دول مثل أنجولا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وناميبيا وتنزنيا وزامبيا.
أوكرانيا وإفريقيا في عالم متعدد الأقطاب([3]):
يبدو أن “العملية العسكرية الخاصة” التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا، وظهور عالم متعدد الأقطاب؛ دفعت الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى صياغة أولوية في سياسة بلاده الخارجية تجاه إفريقيا.
وقامت كييف بالفعل خلال الأزمة بمساعي لتوطيد علاقاتها بدول القارة على نحو غير مسبوق. لكن تكشف التقارير أن سلع أوكرانيا الزراعية، لا سيما الأسمدة والقمح والحبوب، يتم تصديرها إلى عدد محدود من الدول الإفريقية.
وفي ذروة الأزمة الروسية الأوكرانية سعى الرئيس زيلينسكي إلى مخاطبة الاتحاد الإفريقي، للحديث عن بعض جوانب الأزمة التي تشمل عددًا من التعقيدات الجيوسياسية، والحلول المحتملة للصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا.
ودعا الرئيس الأوكراني إلى اجتماع افتراضي مع رؤساء الدول الإفريقية، لكن هذا الاجتماع فشل فشلًا ذريعًا ولم ينعقد؛ إذ تجاهل أغلب القادة الأفارقة الاستجابة لدعوة زيلينسكي، في الوقت الذي تصاعد فيه التأثير والنفوذ الروسيين في القارة الإفريقية في العام الجاري.
وفي 20 يونيو التقى الرئيس الأوكراني بممثلي الاتحاد الإفريقي لمناقشة قضايا معنية بوضع الصراع الجاري في أوروبا الشرقية ودور إفريقيا في المجال العالمي. ومن بين 54 رئيس دولة وُجِّهت لهم الدعوة لم يحضر الاجتماع سوى أربعة فقط منهم، ولم ترسل الدول الأخرى سوى دبلوماسيين أو وزراء، رغم أن الاجتماع كان افتراضيًّا أيضًا.
وبعد وصول زيلينسكي إلى كييف عقب زيارته لواشنطن بعد منتصف شهر ديسمبر 2022م؛ أعلن في رسالة مسجلة أن أوكرانيا ستفتتح عشر سفارات جديدة في دول إفريقية، وأن بلاده ستُعيد تعزيز علاقاتها مع عشرات الدول في إفريقيا”، مضيفًا أنه “في العام القادم (2023م) علينا تقوية هذه العلاقات، لقد حدَّدنا بالفعل عشر دول سنفتتح بها سفارات أوكرانية جديدة في إفريقيا”.
كما طوَّرت أوكرانيا مفهوم لبيت تجاري trading house لأوكرانيا وإفريقيا معًا. وسيتم افتتاح مكاتب تمثيل أوكرانية في عواصم الدول الإفريقية المنتشرة ، كما أعلن زيلينسكي في يونيو الماضي تعيينه ممثلًا خاصًّا لأوكرانيا في إفريقيا، وتعزيز فكرة بلاده عن الاندماج بشكل أكبر في التعاون مع “الجنوب العالمي”.
وفي أغسطس الماضي، بعد الإفراج عن صادرات الغذاء كجزء من برنامج الغذاء العالمي بالأمم المتحدة، وصلت أول شحنات حبوب أوكرانية إلى عدد من الدول الإفريقية هي الأولى منذ الغزو الكبير الذي قامت به روسيا لأوكرانيا. وفي ديسمبر أعلنت وسائل الإعلام الأوكرانية قرار حكومة كييف زيادة حجم المساعدات الإنسانية لعددٍ من الدول الإفريقية، ووصلت هذه الشحنات إلى كلٍّ من السودان وكينيا ونيجيريا.
وحاول وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا، خلال جولة إفريقية قام بها في أكتوبر الفائت، دعوة الدول الإفريقية لعدم البقاء على الحياد؛ “لأنه لن يؤدي إلا إلى تشجيع روسيا على مواصلة عدوانها وممارسة أنشطتها الخبيثة في العالم، بما في ذلك في إفريقيا”، وقطع كوليبا جولته في ظل تصاعد وطأة الهجمات الروسية على بلاده.
وفي ظل هذا السياق من الاضطراب العالمي؛ فإن أوكرانيا تسعى لإرساء دعائم وبعثات دبلوماسية لها في القارة، عوضًا عن محاولة الاستفادة من فرص اقتصادية جديدة في سياستها الخارجية.
كما تعتبر كييف القارة الإفريقية قارة فريدة ونامية يمكن تطوير علاقات متميزة معها لصالح الجانبين. إضافة إلى ذلك فإن الدول الإفريقية تُحقِّق بانتظام وزنًا سياسيًّا كما أنها تحقق نجاحات اقتصادية، ومِن ثَم فإنه من الضروري –من وجهة نظر أوكرانيا- النظر لشركاء جدد واستهداف نحو 30 دولة إفريقية على الأقل.
[1]Antony Sguazzin, Hunger, Disease Explode in Africa and Are Set to Get Worse, Bloomberg, December 23, 2022 https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-12-23/africa-climate-crisis-disease-to-worsen-in-2023-who-foundation-says
[2] Martina Schwikowski, Africa: Consolidating democracy in 2023? DW, December 26, 2022 https://www.dw.com/en/africa-consolidating-democracy-in-2023/a-63987574
[3] Kester Kenn Klomegah, Ukraine and Africa in Emerging Multipolar World, Modern Diplomacy, December 26, 2022 https://moderndiplomacy.eu/2022/12/26/ukraine-and-africa-in-emerging-multipolar-world/