تواجه إفريقيا –على نحو غير عادل- تداعيات التغيُّرات المناخية الحالية التي تؤثر على فرص نموّ اقتصاداتها، وتترقب في الوقت نفسه التزام الدول المتقدِّمة بتعهداتها وَفْق اتفاق باريس للمناخ (2015م)، ومن ضمنها: تقديم حُزم مساعدات معتبرة للدول الإفريقية لمواجهة تداعيات التغيُّر المناخي؛ الأمر الذي يرى مراقبون أنه صعب وبعيد المنال على المدى القصير، وأن السيناريو الأقرب هو “إعادة تدوير” المساعدات الغربية والدولية لإفريقيا؛ لخدمة أهداف متعدِّدة دون زيادة حجم هذه المساعدات فعليًّا.
وعلى صعيدٍ آخر تواجه فئات الشباب الإفريقي المختلفة تداعيات أزمة كوفيد-19 عبر إقامة مشروعات متناهية الصغر في إطار الاقتصاد غير الرسميّ، كما يتَّضح هنا في نموذج كينيا التي تتمتع باقتصاد متنوِّع إلى حدّ ما، ويعتمد على قطاعات الخدمات والسياحة والاتصالات وغيرها.
ويهدّد استمرار الأزمة بآثار سلبية على “القطاع غير الرسمي” في كينيا كمثال لبقية الدول الإفريقية في واقع الأمر. بينما تطرح وجهات نظر “ليبرالية” لدخول إفريقيا مرحلة تحوُّل صناعيّ، تكتسب قدرًا كبيرًا من الدقة في توصيف الحالة الإفريقية وصعوبة إعادة إنتاج التجربة الآسيوية في التحوُّل الصناعيّ، لكنَّها لا تُقدِّم حلولًا واقعيَّة في واقع الأمر، وتظل الحلول الحقيقية مرهونة بقرارات الحكومات الإفريقية، ومدى قدرتها على تفعيل اتفاق التجارة الحرة، وهي مسائل لا تزال مثار شكوك كثيرة رغم الخطاب الرسمي بالغ التفاؤل.
حان وقت وحدة إفريقيا من أجل العمل المناخي([1]):
مقال مهم على هامش قرب انعقاد مؤتمر الأم المتحدة للتغير المناخي UN Climate Change Conference of Parties (COP26) السادس والعشرين (المحدَّد له أول نوفمبر 2021م) صدرت The Dasgupta Review بعد اختتام مؤتمر الأمم المتحدة للتغيُّر المناخي للعام 2019م في شكل تقرير شامل مكوّن من 600 صفحة يقرّ بالعلاقة الوطيدة بين التغير المناخي وخسارة التنوع الحيوي.
وتُقرّ المراجعة بأنَّ التغير المناخي العالمي سيكون –على نحو متزايد- سببًا رئيسًا لفقدان التنوع الحيوي الذي سيقضي على التكامل الوظيفي للنظم البيئية، ويقود إلى سلسلة من الأحداث ستغيّر بحدّة طرق عمل النطاق الحيوي. وعلى نحوٍ مشابهٍ يقيس التقرير المجمع الأولي الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ
UNFCCC’s Initial Synthesis Report تقدّم خطط العمل المناخية الوطنية المعروفة باسم “الإسهامات المحددة وطنيًّا” Nationally Determined Contributions (NDCs) لاتفاق باريس للمناخ Paris Climate Agreement.
وترجع أهمية اتفاق باريس لكونه معاهدة دولية ملزمة متعلقة بالتغير المناخي. وتم تبنّيها مِن قِبَل الأعضاء 196 في مؤتمر الأم المتحدة للتغير المناخي في باريس في 12 ديسمبر 2015م، وأصبحت سارية في 4 نوفمبر 2016م. وتهدف إلى تحجيم الاحترار العالمي دون درجتين، أو بالأحرى 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات مع قبل التحوُّل الصناعيّ بحلول نهاية القرن. ويعمل اتفاق باريس على تطبيق خطط خمسية طموحة للتحرُّك في مجال مواجهة التغيُّر المناخي مِن قِبَل الدول الموقِّعة. وبحلول العام 2020م قدَّمت الدول NDCs، وتواصلت بخصوص التحركات التي ستقوم بها لخفض انبعاثات الغاز الدفيئة من أجل الوصول لأهداف اتفاق باريس.
هل حدث تقدُّم؟
رغم تزايد الجهود مِن قِبَل بعض الدول؛ فإن الأثر الجمعي “للإسهامات المحددة وطنيًّا” NDCs لا يزال دون المطلوب بكثير للوصول إلى تراجع عالميّ في انبعاثات الغاز الدفيئة في أقرب وقت ممكن لتحقيق “عالم محايد مناخيًّا” climate-neutral world بحلول منتصف القرن الحالي. ووفقًا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس: “لم تقترب الحكومات بأيّ حال من الأحوال من مستوى الطموح المطلوب لتلبية أهداف اتفاق باريس”.
إنَّ التغيُّر المناخي تجسيد مثاليّ للتفاوت في القرن الحادي والعشرين. وسيعتمد المناخ مستقبلًا على الاحترار الذي أثارته الانبعاثات الاصطناعية السابقة، وكذلك الانبعاثات الاصطناعية مستقبلًا وتقلب المناخ الطبيعي. ويرجع أغلب الزيادة في درجات الحرارة إلى انبعاثات تاريخية للدول المتقدمة التي حققت مستويات التنمية الحالية عبر نموّ “كربوني مكثّف” منذ فترة ما قبل العصر الصناعيّ. وقد أسهمت قارة إفريقيا مجتمعة بقدر ضئيل للغاية في الاحترار، لا تتجاوز 3.8%، لكنَّها تظل هشَّة على نحو غير مناسب أمام آثار التغيُّر المناخيّ، والتي تقضي على تنمية القارة وتهدِّد حياة ملايين الأفارقة.
تحدِّي إفريقيا والحل:
يظل التمويل التحدّي الرئيس أمام العمل المناخي في إفريقيا. وتتطلب المادة 9 من اتفاق باريس من الدول المتقدمة الأعضاء في الاتفاق تقديم موارد مالية لمساعدة الدول النامية أطراف الاتفاق بخصوص تخفيف آثار التغير المناخي والتكيُّف معها، ومواصلة التزاماتهم القائمة بمقتضى الاتفاق. وشجَّعت أطرافًا أخرى لتقديم أو مواصلة تقديم هذا الدعم طواعية.
ووصل تمويل المناخ العالمي لمستويات قياسية في السنوات الأخيرة. وبلغ إجمالي متوسط التمويل المناخي العام (أو الحكومي في أغلبه) 253 بليون دولار في العام 2017/2018م، مما يمثّل 44% من إجمالي الالتزامات. أما التمويل الخاص الذي وصل إلى 326 بليون دولار بمتوسط سنوي في العام 2017/2018م؛ فإنه لا يزال مسؤولًا عن أغلب التمويل المناخي، بنسبة حوالي 56%.
وتظهر تقديرات بنك التنمية الإفريقي بأنه مطلوب ما بين 20-30 بليون دولار سنويًّا لتكيُّف التغير المناخي في إفريقيا حتى العام 2030م. ومع توجُّه العالم على مسار 3.5-4 درجة مئوية للاحترار بحلول العام 2100؛ فإن تكلفة التكيُّف لإفريقيا يمكن أن تصل إلى 50 بليون دولار بحلول سبعينيات القرن الحالي. ومن المهم للدول الإفريقية، برعاية الاتحاد الإفريقي، أن يكون لها صوت موحَّد في مؤتمر الأم المتحدة للتغير المناخي.
وعلى المفاوضين الأفارقة في مؤتمر التغيُّر المناخي الضغط للحصول على مزيد من المخصَّصات للتكيُّف مع أثر التغيُّر المناخي. وعليهم ضمان ألا يقتصر تحرّك الدول المتقدمة على إعادة توجيه الموارد المخصَّصة سابقًا لمجالات بيئية وتنموية أخرى في التغير المناخي، لكن يجب على الدول المتقدمة أن تقدّم موارد مالية جديدة وإضافية، حسبما ورد في المادة الرابعة من الاتفاق الإطاري الأمميّ حول التغيُّر المناخيّ. كما تجب مقاومة جهود توجيه المساعدات نحو مكافحة جائحة كوفيد باعتبارها تمويلات مناخية.
وعلى إفريقيا أن تصمّم أن الباعثين الرئيسيين للكربون يقدمون على تخفيضات كبيرة في انبعاثاتهم في “الإسهامات المحددة وطنيًّا”؛ لمنع الاحترار الخطير ووقوع أحداث جوية ومناخية كارثية. وستكون الدول النامية الجزرية الصغيرة Small Island Developing States (SIDS)، وهي تحالف من نحو 40 دولة جزرية صغيرة عرضة لأن تكون بقاعًا ساخنة لآثار التغير المناخي، شريكًا كبيرًا لإفريقيا في COP26 من أجل الوصول لتفاوض أكثر انحيازًا بخصوص خفض الانبعاثات. إن هذا العقد بالغ الأهمية للعمل المناخي في إفريقيا.
كلمة ختامية:
ذكر تقرير Africa’s Adaptation Gap 2 أن تطبيق التحرك المناخي لا يمكن أن يصل لقدرتها الكاملة إلا مع استكماله بتخطيط سياسات وطنية وإقليمية شاملة وفعَّالة، وبناء قدرات وحوكمة. كما أن الشفافية في المؤسسات العامَّة لدرجة مراجعة أدقّ التفاصيل عاملٌ حاسمٌ لجذب تمويل المناخ الخاص المتصاعد، لاستكمال التمويل المناخي العام.
الاستثمار في روّاد الأعمال الشباب في كينيا([2])
أثَّرت جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية على جميع الكينيين. لكن في ذروة إجراءات حظر الإغلاق أظهر القطاع غير الرسمي صمودًا لافتًا، بينما قارب الاقتصاد الرسمي على التوقف تقريبًا. وبالنسبة للشباب على وجه الخصوص، والذين أغلقت مدارسهم، وربما فَقَد آباؤهم وظائفهم، فإن القطاع غير الرسمي مثَّل طوق نجاة لهم.
ومنذ بداية الجائحة أسَّست أعداد متزايدة من الشباب الكيني أعمالاً صغيرة غير رسمية. وفي أبريل 2020م أوضحت دراسة مسحية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أجرتها شبكة Shujaaz Inc. تأكيد 5% من الشباب أنهم اقاموا أعمالاً صغيرة للمرة الأولى منذ بدء الجائحة. وبحلول مايو أكد 16% منهم إقدامهم على هذه الخطوة، وفي أغسطس أكد 10% آخرون أنهم بدأوا أعمالاً جديدة.
وقد أظهر رواد الأعمال الصغيرة الكينيون صمودًا ملحوظًا في مواجهة كوفيد-19. صحيح أنهم، مثل أغلب الأعمال الكينية، اضطروا لتحجيم أعمالهم أو غَلْقها في ذروة الإغلاق في وقتٍ مبكرٍ من العام الماضي. لكنَّ الاقتراع والمقابلات مع شبكتنا تظهر أن روّاد الأعمال الصغيرة قد تكيَّفوا بسرعةٍ كبيرةٍ. وفي مواجهة الأزمة عادوا للحركة سريعًا، وضبطوا نماذج أعمالهم، أو استفادوا مِن فُرَص جديدة بإنتاج أقنعة الوجه، أو زراعة الخضراوات، أو توصيل الطعام لتجمُّعات السكان.
ولا يُمثّل القطاع غير الرسمي طَوْق نجاة فحسب خلال أزمة مثل جائحة كوفيد-19، بل إنَّ هذا القطاع، حسب مكتب الاحصاء الوطني الكيني Kenya National Bureau of Statistics، كان مسؤولًا عن أكثر من 90% من الطلب على التوظيف، حتى في الفترة السابقة على الجائحة. ورغم هيمنة القطاع غير الرسمي؛ فإن جهود التنمية الدولية وسياسات الحكومة الوطنية اتجهت بحماس نحو دعم القطاع الرسمي. وفي كينيا فإن هذا الاتجاه يبدو أنه في مسار الاستمرار، وهناك 3 ملايين دولار فقط من 503 مليون دولار تخصصها الحكومة للتعافي الاقتصادي من كوفيد-19، ستوجّه مباشرة للقطاع غير الرسمي.
لكنَّ بعض المعلّقين بدأوا في التشكك في الرؤية التقليدية للتوظيف غير الرسمي باعتباره Stopgap، ودعوا إلى تدخلات أكثر طموحًا لدعم القطاع غير الرسمي. وهناك خبراء مثل الاقتصادي ديفيد ندي D. Ndii رأوا أن القطاع غير الرسمي سوف يلعب في الواقع دورًا أساسيًّا في مرحلة ما بعد التعافي من الجائحة في كينيا.
ولا تمثل هذه الخلاصة مفاجأة في ضوء اعتماد شباب كينيا وسكانها سريعي النمو على القطاع غير الرسمي. ومع دخول مليون فرد لسوق العمل سنويًّا في كينيا، ويتوقع ارتفاع أعداد الشباب الكيني الذين يديرون مشروعات صغيرة غير رسمية، والذين يُقدّرون حاليًا بثلاثة ملايين شابّ.
ويعمل نحو ثلث روّاد الأعمال الصغيرة الشباب لدوام كامل، ويكسبون ما دون الحد الأدنى للأجور بالدولة بقليل -لكنّهم يكسبون ضعف متوسط أجور مجموعتهم العمرية في العام 2019م- ويخلقون فرص عمل لفرد واحد على الأقل في مجتمعهم، ويضيفون 290 مليون دولار للاقتصاد كل شهر.
ولا يزال أغلب روّاد الأعمال الشباب مستبعدين بشكل كبير من القطاع المالي الرسمي، وغير قادرين على الوصول لرأس المال الذي يحتاجون إليه لنمو أعمالهم؛ لأنهم يفتقدون لتاريخ ائتماني رسمي. وفي عالم رقمي، يجب ألا يكون ذلك عائقًا أمام الوصول للتمويل. ويملك ملايين من رواد الأعمال ذوي القدرات المرتفعة مهارات ضرورية وتاريخًا غنيًّا من النشاط غير الرسمي؛ مما يُثبت قدرتهم على إدارة أعمال ناجحة. وقد حان الوقت لتعزيز البنوك وتقديم الخدمات المالية لأدوات رقمية جديدة ستُمكّنهم من الاعتراف بروّاد أعمال القطاع غير الرسمي وتقديم منتجات مستهدفة لخدماتهم.
طريق إفريقيا الصحيح لتعزيز التصنيع([3]):
ترمز عدة بنايات قليلة لصعود وسقوط التصنيع في جنوب إفريقيا، لعل أبرزها مصنع “جنرال موتورز” في Gqeberha (بورت إليزابيث سابقًا). وخلال فترة الأبارتهيد كان المصنع محميًا من المنافسة الدولية بفضل العقوبات والرسوم الجمركية.
والآن فإن صالات التجميع الفضية الواسعة تقف عارية. وأُغلق في العام 2017م، مما وضع نهاية لصناعة السيارات الجنوب إفريقية، التي كانت توفّر واحدة من أربعة وظائف في الفترة 2009-2017م. ومثَّل ذلك تراجعًا عامًّا في التصنيع في أرجاء القارة الإفريقية. فقد تدهورت حصة التصنيع من الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا جنوب الصحراء في الفترة 1975-2014م من 19% إلى 11%.
وكان لهذا الانهيار عدة أسباب. ففي دول مثل زامبيا، تم تأميم الشركات وتدهورت أوضاعها على يد الأجهزة البيروقراطية. وفي أماكن غنية بالموارد مثل نيجيريا قادت صادرات البترول أو السلع الأخرى إلى ارتفاع قيمة العملة المحلية على نحوٍ مُبالَغ فيه، مما جعل من الأرخص استيراد السلع بدلًا من صناعتها. ومع انفتاح أغلب دول القارة أمام الواردات في تسعينيات القرن الماضي؛ عانى المُصَنِّعُون في سبيل التماسك أمام الشركات الصينية بالغة التنافسية، والتي تمتعت بانخفاض واضح في التكاليف.
وفي العام 2015م كتب داني رودريك Dani Rodrik، وهو اقتصادي بجامعة هارفارد، عن “فجر تفكيك التحوُّل الصناعي” في إفريقيا. وبدا أن القارة آخِذة في افتقاد وسائل مهمَّة لتعزّز الإنتاجية وخَلْق فُرَص العمل. كما بدا أن السُّلّم الذي تسلّقه مئات الملايين من الآسيويين للخروج من الفقر قد تم سَحْبه بمجرد وضع الأفارقة أقدامهم على أول درجاته، حسبما يتخوّف البعض. ونظرًا لأنه بحلول العام 2035 تقريبًا فإنه سيكون هناك عدد أكبر من الشباب الإفريقي ممن يلتحقون بقوة العمل في إفريقيا مقارنة ببقية العالم معًا، فإن صحة هذه الفكرة ستكون مسألة غاية في الأهمية.
ولحسن الحظّ فإن البيانات الأحدث لا تشير إلى صحة ذلك؛ فقد ارتفع إسهام التصنيع في إفريقيا في العقد الأول من الألفية الحالية. كما ارتفع عدد العمال في المصانع الإفريقية بانتظام منذ العام 2010م، وكذلك الحال بالنسبة لمخرجات المصانع. وتبدو مخاوف التراجع عن التحوُّل الصناعي deindustrialization كأنها في بداياتها.
وهناك الكثير من القادة الأفارقة متحمّسون لتعزيز التصنيع، جزئيًّا لتفادي الاعتماد على سِلَع هشَّة، وجزئيًّا لأن بلدانهم وجدت أنه من لصعوبة بمكان، وعلى نحو يثير السخط، استيراد الإمدادات الطبية بالسرعة الكافية خلال الجائحة. ومن أجل الحصول على أفضل النتائج، فإنه على هؤلاء القادة البدء بالتعلم من التجارب الفاشلة في الماضي.
ويعني ذلك تجنّب تأميم الشركات، أو دعم الجهات الوطنية، أو رفع حواجز التصدير لتفضيل الصناعات المحلية. ويدعم الكثير من القادة بحكمة اتفاقًا للتجارة الحرَّة على المستوى القارّيّ أصبح ساريًا مطلع هذا العام. ويوفّر الاتفاق أملًا: وسيكون أمام صُنّاع المراتب في رواندا الحبيسة خيار أفضل للنموّ بالحصول على طلبات شراء من الكونغو المجاورة بدلًا من اليابان البعيدة للغاية.
غير أنه لن يكون كافيًا بالنسبة للدولة الإفريقية الامتناع عن إلحاق الضرر. فالشركات تحتاج أيضًا إلى طاقة يعوّل عليها، وعمّال متعلمين، وبنية أساسية لتحسين الإنتاجية.
ونظرًا لحتمية وجود خيارات صعبة؛ فإن على الحكومات اختيار الاستثمارات التي تحقّق التنوُّع بعيدًا عن السلع التقليدية. وسيعني ذلك ضرورة تشييد الموانئ مع الطرق الواصلة إلى المناطق الصناعية، وليس المناجم في المناطق غير المأهولة. وتُقدّم بعض الحكومات حوافز ضريبية للشركات في جهد لاستقدام صناعات مهمة مثل صناعة السيارات. ولربما كان من الأفضل لهم التركيز على أهداف أيسر مثل صناعة الغذاء للاستهلاك المحلي، أو صنع سِلَع بسيطة مثل صناعة التعبئة لصالح دول الجوار.
وإذا تحسَّنت البنية التحتية والحوكمة، ربما تختار المزيد من الشركات بناء مصانع في إفريقيا لصناعة مكونات سلاسل الإمداد العالمية باستخدام أجزاء من الموردين المحليين.
إن التحوّل الصناعي في إفريقيا لا يمكن أن يبدو مماثلًا لما تمَّ في آسيا؛ حيث إن الظروف مختلفة، وقد تقدمت التكنولوجيا، لكن فكرة أن إفريقيا فوَّتت مرحلة التحوُّل الصناعي تبدو خاطئة، ومع اتخاذ سياسات أفضل يمكن للشركات الإفريقية أن تجد طريقًا لهذا التحوُّل.
[1] Oluwaseun Oguntuase, Africa: Now is the time to unite and prepare for climate action! Africa Report, March 15, 2021 https://www.theafricareport.com/72137/africa-now-is-the-time-to-unite-and-prepare-for-climate-action/
[2] Anuj Tanna, Investing in Kenya’s Young Micro-Entrepreneurs, Project Syndicate, March 19, 2021 https://www.project-syndicate.org/commentary/kenya-young-entrepreneurs-can-boost-growth-create-jobs-by-anuj-tanna-2021-03
[3] The right way for Africa to promote manufacturing, The Economist, March 20, 2021 https://www.economist.com/leaders/2021/03/20/the-right-way-for-africa-to-promote-manufacturing