تشهد إفريقيا -كباقي أرجاء العالم- موجةً ثانيةً من تفشّي كوفيد-19، واللافت هذه المرَّة هو ارتفاع نسبة الإصابات والوفيات في القارة مقارنةً بالموجة الأولى.
ولقد تناولت “فاينانشيال تايمز” تداعيات هذه الموجة في إفريقيا باستقاء تصوّرات المعنيين بالأزمة في إفريقيا وتوقعاتهم. بينما حضرت إفريقيا في سلسلة مقالات مهمة نشرتها نفس الصحيفة عن تركيا وملفات سياساتها الخارجية في أوروبا والبلقان تحت عنوان “لعبة أردوغان الكبرى”، ختمتها بالمقال الحالي عن إفريقيا.
وفيما تستمر التداعيات السلبيَّة للجائحة على الاقتصاد الإفريقي في العام الجاري 2021م؛ فإن تركيا تبرز كإحدى أهمّ القوى التي تسعى لمواصلة استثماراتها وتعميق نفوذها في القارة، بأدوات تقليدية وخطابٍ يُبْرِزُ “طريقًا ثالثًا” بين النمطيْنِ الاستعماريين الفرنسي والصيني، في مقولة تجد آذانًا صاغية في دول إفريقية في ضوء تنامي التداعيات السلبية لسياسات القوى الكبرى في القارة؛ لا سيما السياسات العسكرية والأمنية الفرنسية، والاستغلال الاقتصادي الصيني، وعدم وضوح الدور الأمريكي في هذه المرحلة بين استمرار التجاهل أو العودة القوية.
موجة فيروس كورونا الثانية تجتاح إفريقيا:([1])
فيما ضربت الجائحة القارة باعتدال في المرة الأولى؛ فإن معدل الوفيات الحالي بين الأفارقة يتجاوز المتوسط العالمي.
تُهدّد الموجة الثانية المتصاعدة من فيروس كورونا بالتغلب على نُظُم الرعاية الصحية في أرجاء القارة بعد شهور من الأثر المعتدل نسبيًّا؛ حسبما حذَّر مسؤولون دوليون. وتقول السلطات في نيجيريا والسنغال والسودان وجنوب إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وعدد من المنظمات الدولية: إن قدرة المستشفيات وإمدادات الأوكسجين تنفد مع ارتفاع متوسط الوفيات في القارة جراء الجائحة لنظيره العالمي للمرة الأولى.
وأكَّد الدكتور جون نكينجاسونج J. Nkengasong رئيس المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض Africa Centre for Disease Control التابع للاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي أن الأزمة “بالغة الحدة”. ووجَّه نداءً ورجاءً للقادة الأفارقة بدعم الأقنعة الطبية؛ لأنها “أفضل مصل نملكه حتى الآن”. بينما حذَّر دكتور تشيكوي إيهيكويزو Chikwe Ihekweazu، رئيس مركز نيجيريا Nigeria Centre for Disease Control من أن الأطباء سيواجهون سريعًا “قرارات حادة” بخصوص من سيكون لهم أولوية العلاج. وقال الأسبوع الماضي: إن “أكبر مؤشر سيضعنا تحت ضغط هو عدد الوفيات.. وعلينا مواصلة العمل لإنقاذ أكبر عدد من الناس بقدر ما نستطيع في ضوء القيود الجلية في النظم الصحية (الإفريقية)”.
وفي الأسابيع الأخيرة ارتفع متوسط الحالات اليومية في أرجاء القارة ليقارب ضعف الذروة السابقة في شهري يوليو وأغسطس (2020م)، ويرجح أن يزداد أكثر مع ظهور تأثير حركة السفر خلال إجازات شهر ديسمبر 2020م، كما أكَّد دكتور نكينجاسونج أنَّ السلوك البشري هو الذي يقود هذا الارتفاع بوضوح بالغ بسبب عدم الالتزام القوي بإجراءات الوقاية في العام الماضي، إلى أن ساد التعب من إجراءات المنع، وتجاهل الناس ممارسات التباعد الاجتماعي.
ولا يزال عدد الحالات قليلاً نسبيًّا في أغلب الدول الإفريقية، التي تملك قدرًا من أصغر السكان عمرًا في العالم. وقد سجلت القارة مؤخرًا أكثر من 3.1 مليون حالة إصابة، ونحو 75 ألف حالة وفاة بين عدد سكان يبلغ 1.3 بليون نسمة، رغم تأكيد بعض مسؤولي الصحة أن هناك دولًا لا تسجل الحالات بالدقة اللازمة وتقل أرقامها عن الحالات الحقيقية.
لكنَّ الأعداد ارتفعت بنحو 18% في الشهر الفائت (ديسمبر 2020). وشهدت نيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا زيادة تجاوزت 25% في هذه الفترة. وبعد ثلاثة أشهر بتسجيل 100-200 حالة مؤكدة يوميًّا، فإنَّ نيجيريا سجلت أكثر من ألف حالة ليوم واحد للمرة الأولى في ديسمبر 2020م، وسجلت في 6 يناير الجاري 1664 حالة. ومن بين 1.27 مليون حالة إصابة مؤكدة في جنوب إفريقيا، حتى الآن، سجلت منهم نحو 200 ألف حالة منذ بداية يناير 2021م فقط.
وتتجاوز معدلات الوفيات في نحو 20 دولة إفريقية الآن المتوسط العالمي البالغ 2.2%، مع ارتفاع الوفيات بنسبة تتجاوز 30% في الشهر الماضي في نيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا.
وتكافح الدول الإفريقية لتأمين المعدات الطبية في مطلع يناير الجاري مع شراء الدول الثرية لمزيد من المعدات الطبية في العالم. كما تكالبت هذه الدول المتقدّمة على الوصول للأمصال.
وبينما استهدفت كوفاكس Covax، وهي مبادرة وتسهيلات دولية تدعمها منظمة الصحة العالمية لضمان طلبات شراء للدول الفقيرة، 600 مليون جرعة لدول القارة، فإن هذه الدول لا تزال تنتظر هذه الإمدادات وتفتقر للقدرة المالية على التنافس مع الدول الأغنى لتطلب الجرعات مباشرة من المصنعين.
وأعلن الاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي عن تأمينه 270 مليون جرعة للدول الأربع والخمسين الأعضاء به، وعدد سكان القارة الذي يبلغ نحو 1.2 بليون نسمة. وطلبت اللقاحات من فايزر، وأوكسفورد/ استرازينيكاOxford/AstraZeneca عبر معهد الأمصال الهندي Serum Institute، وجونسون آند جونسون. ويأمل الاتحاد الإفريقي أن يتم البدء في توزيعها بحلول أبريل المقبل.
ووعد مسؤولون في بعض الدول، بما فيها نيجيريا، ببدء الجرعات الأولى في يناير الجاري.
على أي حال فإن جنوب إفريقيا هي الدولة الوحيدة التي توصلت لاتفاق خارج (مبادرة) كوفاكس مع مصنع ما، للحصول على 1.5 مليون جرعة من مصل أكسفورد/استرازينيكا المُصَنَّع مِن قِبَل معهد الأمصال الهندي. وتأتي أمصال الاتحاد الإفريقي بالإضافة إلى برنامج كوفاكس، الذي يهدف إلى مساعدة 92 دولة نامية في الحصول على اللقاحات، وإن كان سيغطي نحو 20% فقط من سكان هذه الدول. ويهدف الاتحاد الإفريقي إلى تحصين 60% من سكانه في غضون 2-3 أعوام.
وقال الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا، الذي تترأس بلاده الاتحاد الإفريقي، في الأسبوع الماضي: إنه حتى يونيو المقبل فإن إمدادات “كوفاكس” ربما “لن تتجاوز حاجات عمال الرعاية الصحية في خط المواجهة، ومِن ثَمَّ فإنها لن تكون كافية لاحتواء الأعداد المتزايدة أكثر من ذي قبل لضحايا الجائحة في إفريقيا”.
ومع اشتداد وطأة الجائحة تقوم الكثير من الدول بتضييق القيود المفروضة، وإدخال خفض على التجمعات الكبيرة، وغلق المدارس، وإلزامية ارتداء الأقنعة الواقية. وقد أعادت زيمبابوي فرض إغلاق وطني هذا الشهر، فيما أغلقت جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي حدودها البرية؛ حيث انتشرت أنواع متعددة من الإصابات مما وسَّع من انتشار الفيروس.
لكن يظل الإغلاق الكامل مسألة بعيدة المنال، في ضوء الأثر الكارثي لحالات الإغلاق في العام الفائت على الاقتصادات غير الرسمية بالأساس. وتوقع صندوق النقد الدولي تراجع الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي بنسبة 3% في العام 2020م. أو حسبما أكد د. فيصل شعيب، الرئيس التنفيذي لوكالة تنمية الرعاية الصحية الأساسية الوطنية National Primary Health Care Development Agency في نيجيريا، أنه إذا استغرق وصول الأمصال وقتًا طويلًا حتى إتاحتها لجميع السكان فإن أقنعة الوجه، والتباعد الاجتماعي، وغسل الأيدي، والالتزام بالقواعد الصحية العامة ستشكل سبل الوقاية الأساسية التي ستنقذ حيوات كثيرين، وتحافظ على سبل العيش.
تركيا تتجه لإفريقيا بالمعونات والتجارة والمسلسلات([2]):
مقال مُهمّ ينطلق من فكرة تعزيز الرئيس التركي لطموحات سياسته الخارجية في إفريقيا من خلال آليات القوة الناعمة والمساعدات الإنسانية. ويأتي المقال في نهاية سلسلة نشرتها “فاينانشيال تايمز” عن “توجهات تركيا الجيوسياسية” تحت عنوان “لعبة أردوغان الكبرى”؛ شملت سعي تركيا لأن تكون قوة دولية، رغم أن المشكلة التركية عند أعتاب الاتحاد الأوروبي، والتآلب التركي في البلقان.
يستهل المقال بمشهد في حانة بفندق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ حيث يتنازع روّاد به على “ريموت كنترول” للتنقل بين متابعة نتائج الانتخابات الأمريكية على “سي إن إن”، وتقارير الحرب على محطة محلية، ومسلسل تركي “اسمه سعادة” Adi Mutluluk. وفي النهاية اختار النزيلان الدراما التركية مؤكدان بالأمهرية “الحقيقة أننا نحب هذا المسلسل”.
إن نجاح العروض التلفزيونية التركية في إثيوبيا، القوة الكبرى في منطقة القرن الإفريقي، ضئيل لكنه يعطي إشارة على نموّ نفوذ أنقرة في إقليم جاذب لرؤوس الأموال الأجنبية. وتهدف جهود القوة الناعمة، حسب خبراء، إلى مواجهة نفوذ متنافسين دوليين مثل الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.
ويقول إلياس تشولز E. Schulze، المؤسِّس المشارك مع ثلاثة إثيوبيين لتليفزيون كانا Kana Television الفضائية الخاصة: إن المحتوى التركي يُمثّل نجاحًا مستمرًّا. وبالنسبة لأنقرا فإن التجارة والمعونات التنموية وحتى المسلسلات التليفزيونية تمثل أدوات مهمة لتعزيز النفوذ التركي في القارة. أو حسب مايكل تانكوم M. Tanchum المتخصِّص في السياسة الخارجية التركية بجامعة نافارا الإسبانية: “تمتلك تركيا أدوات القوة الناعمة التي يمكنها استغلالها”.
التوجه لإفريقيا:
تجاهلت تركيا القارة الإفريقية بشكل كبير طوال عقود بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، واختار حُكّامها التركيز على أوروبا. لكن خلال الأعوام الخمسة عشر السابقة قاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساعي إحياء صلات بلاده مع القارة. وزادت تركيا منذ العام 2009م عدد سفاراتها في إفريقيا من 12 إلى 42 سفارة.
وكان الرئيس التركي أردوغان زائرًا منتظمًا لإفريقيا فقد قام بزيارات رسمية لأكثر من 20 عاصمة إفريقية. وقال في أكتوبر 2020م: “إن الأتراك والأفارقة شركاء أزليون”، ووضع هدفًا لبلاده يتمثل في مضاعفة حجم تجارة تركيا مع إفريقيا لتصل إلى 50 بليون دولار في السنوات المقبلة، بما يقترب من ثلث تجارة تركيا الحالية مع الاتحاد الأوروبي.
وتركّز تركيا على صفقات وعقود البنية الأساسية بالدول الكبيرة في أنحاء إفريقيا -من مجمع حمامات سباحة أوليمبية في السنغال إلى أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد في الصومال وجامع عملاق في جيبوتي-؛ مما يبرز الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية التي تُوليها تركيا للقارة.
أما في شمال إفريقيا فإنَّ تركيا قدمت الدعم للإدارة التي تدعمها الأمم المتحدة في ليبيا. وقبل عام، زار السيد أردوغان -الذي وصفته هيئة سنغالية غير حكومية نافذة برجل العام- السنغال؛ كيدًا لفرنسا القوة الاستعمارية السابقة.
وقال السيد تانكوم Tanchum: “إن الدول الإفريقية التي خضعت للاستعمار الفرنسي تتطلع لبدائل لفرنسا. إنها لا تريد استبدال كونها مستعمرة فرنسية جديدة بتحولها إلى مستعمرة صينية جديدة. إن تركيا تقدم طريقًا ثالثًا”.
ويرى عبد الله حلاخي A. Halakhe، الخبير في شؤون القرن الإفريقي، أن أردوغان يعتقد أن الوقت حان لتطلع تركيا للقوة وراء حدودها، وليس هناك مكان أفضل من القرن الإفريقي الذي يُعدّ مشاعًا لجميع الباحثين عن نفوذٍ. ويُبلي الأتراك بلاءً حسنًا أفضل ممن سواهم في وضع أموالهم فما يحصلون عليه في النهاية”.
“باب للقارة”:
تتمركز سياسة تركيا في إفريقيا على فكرة أن القارة “لم تَحْظَ أبدًا بالاهتمام الكافي، وأن هناك مقدرات عملاقة بها للجهود الإنسانية والتنموية، وقبل كل ذلك للصلات الاقتصادية أيضًا”، حسب يابراك ألب Yaprak Alp سفيرة تركيا في إثيوبيا.
وإثيوبيا ثاني أكبر دول إفريقيا في عدد السكان، وتُعدّ الجائزة الكبرى للقوى المتنازعة في القرن الإفريقي؛ الإقليم الذي أرسل له العثمانيون بعثات بحرية منتظمة في القرن السادس عشر.
وحسب السيدة ألب؛ فإنَّ القرن الإفريقي يُمثّل بابًا للقارة. وطوال العقدين الفائتين كانت تركيا شريكًا مهمًّا لإثيوبيا، وثالث أكبر مستثمر في رأس المال العامل في الدولة الإفريقية بعد الصين والسعودية، وفقًا لمفوضية الاستثمار الإثيوبية Ethiopian Investment Commission.
وقد لفت الازدهار الإثيوبي أنظار المستثمرين الأتراك الذين سعوا للفرار من المشكلات الاقتصادية في الداخل، لا سيما نمو هذا الاقتصاد بمتوسط 10% من العام 2005م حتى التراجعات الاقتصادية والسياسية الحالية. وقد سعى رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد منذ وصوله للسلطة في أبريل 2018م إلى إنجاز إصلاحات اقتصادية بما في ذلك عمليات الخصخصة.
وقال مسؤولون أتراك: إنه من إجمالي 6 بلايين دولار من استثمارات الشركات التركية في إفريقيا جنوب الصحراء وجَّه 2.5 بليون دولار لإثيوبيا وحدها. وفي العام 2005م كان هناك ثلاثة شركات تركية فقط في إثيوبيا. أما اليوم فهناك 200 شركة تركية تتراوح بين الأسلاك والمنسوجات إلى المشروبات. ولم يُعِق اندلاع الصراع في إقليم تيجراي استمرار قدوم المستثمرون الأتراك. وقال Simge Yuksel Ozyigit نائب رئيس شركة ديميس كيبل Demes Cable المنتجة لكابلات الصلب، والتي أسَّست في العام الماضي مصنعًا جديدًا بقيمة 45 مليون دولار قرب أديس أبابا: “إن الانتاج ظل “معتادًا” وغير متأثر بتداعيات القتال”. فيما قال Cuneyt Coke رئيس مجلس الأعمال التركي الإثيوبي ومجموعة DEIK التجارية التركية: “إن الشركات التركية ظلت مستعدَّة للاستثمار في الزراعة والصحة والطاقة.. ومن يظل مستعدًّا دائمًا سيفوز”؛ على حد قوله.
الخلاف:
بالنسبة لأنقرة؛ فإن حقيقة أن أديس أبابا مقر الاتحاد الإفريقي تحمل ثقلًا كبيرًا. وله قيمة رمزية. علاوة على ذلك فإن تركيا لا تريد أن تخسر حليفًا إقليميًّا آخر بعد سقوط الزعيم السوداني عمر البشير الذي كان مقربًا من أنقرة. لكنَّ السيد آبي أحمد يتمتع بدعم من منافسي تركيا، لا سيما الإمارات والسعودية التي ساعدت إثيوبيا في التفاوض على السلام مع إريتريا. كما كان هناك خلاف بين السيد آبي أحمد والسيد أردوغان، وكلاهما زعيم ذو عقل راجح ورؤى واضحة حسب دبلوماسي سابق.
ورغم ذلك فإنَّ دعم تركيا لإثيوبيا في نزاعها مع مصر حول سد النهضة الإثيوبي العظيم عزَّز الصداقة بين البلدين. وفي أكتوبر الماضي وبَّخت أديس أبابا دونالد ترامب “لتأجيجه فكرة الحرب بين إثيوبيا ومصر” بعد قوله: “إن مصر قد تضرب سد النهضة”. وقال مسؤول إثيوبي: “نريد حلولًا إفريقية للمشكلات الإفريقية”، وتفهم تركيا ذلك، على نقيض مواقف القوى الأخرى.
كما تحتفظ تركيا بوجود في الصومال؛ حيث تشيّد الطرق وأقامت معسكرًا كبيرًا للتدريب هناك. وفي العام الماضي وقَّعت شركة تركية عقدًا مدته 14 عامًا لتجديد وتشغيل ميناء في مقديشو. وظلت أنقرة مصدرًا رئيسًا للمعونات للصومال، وتضخّ أكثر من بليون دولار في الصومال منذ العام 2011م، وشطبت في نوفمبر 2020م ما قيمته 2.4 مليون دولار ديونًا مستحقة على الصومال لدى صندوق النقد الدولي. وشيَّدت مستشفيات ومدارس وقدَّمت مِنَحًا علميَّة. وحقَّقت تركيا نجاحًا لدرجة أن بعض الصوماليين سموا أبناءهم على اسم “أردوغان”.
إنَّ تركيا لاعب كبير في الصومال بكلِّ وضوحٍ، لكنّها بالأساس لاعب تجاريّ مُهِمّ في إثيوبيا. وتُمثل الأخيرة سوقًا وفرصة كبيرة للغاية لدى تركيا؛ لأنها سوقٌ كبيرة واقتصادٌ قويّ. ومِنْ ثَمَّ، كما يرى رشيد عبدي الخبير المستقل حول القرن الإفريقي، فإن تركيا تضع إثيوبيا في المقدمة، تليها الصومال في القرن الإفريقي، وإن الهدف الواضح بالنسبة للأتراك هو الفوز بإثيوبيا.
[1] Neil Munshi, Joseph Cotterill and Andres Schipani, Coronavirus second wave surges across Africa, Financial Times, January 17, 2021 https://www.ft.com/content/3d000093-87a3-48f3-8bb5-4ad9a8316aa1
[2] Andres Schipani and Laura Pitel, Erdogan’s great game: Turkey pushes into Africa with aid, trade and soaps, Financial Times, January 18, 2021 https://www.ft.com/content/0e3cec2a-bd80-499c-a6ab-e5d1a1e768cf