يحاول هذا التقرير تقديم رؤية لموضوعات مُتنوِّعَة حول القارة الإفريقية في الصحافة العالمية؛ بغرض رَصْد أهمّ ملامح القضايا الجارية في القارة عبر قراءة منتقاة قَدْر الإمكان.
الألعاب الجيوسياسية الثلاثية: روسيا- امريكا- إفريقيا([1]):
مقال رأي “بيوراسيا ريفيو” يتناول فرضية استبدال روسيا سياسة التركيز على تطوير استراتيجيتها الجديدة تجاه إفريقيا بالتصارع مع الولايات المتحدة على خلفية تمويلها لبرامجها التعليمية، ووسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية. كما اتهمت روسيا لاعبين أجانب بتبنّي توجُّهات ومقاربات استعمارية جديدة في التعامل مع إفريقيا، وفقًا لمراجعات وملاحظات تحليلية قدّمها دبلوماسيون وخبراء سياسة وباحثون روس.
وفيما أقروا بأن روسيا قد زادت من اهتمامها بإفريقيا؛ فإنهم اعتبروا أنَّ مواجهة روسيا المستمرة مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص والعديد من اللاعبين الغربيين، بشكل عام، لن تؤدي إلا إلى حَنَق الزعماء الأفارقة الذين تستفيد بلدانهم التي ضربتها الأزمات الاقتصادية من الدعم الغربي. والأسوأ، أن الانتقادات المستمرة غير المحدودة قد تؤدي إلى خَلْق مناخ يشبه مناخ الحرب الباردة في العهد السوفييتي، وتؤثر على صورة روسيا في إفريقيا.
وفي أعقاب الظروف والتحديات المتغيرة في إفريقيا؛ يراجع الشُّركاء الجانب بشكل مستمر توقُّعاتهم الاقتصادية، ويستثمرون بقوة لتلبية أهداف التنمية المستدامة بعيدة الأجل، بينما تقوم الدول الإفريقية بصنع خياراتها اعتمادًا على حاجاتها التنموية.
والنتيجة أن المراقبين وصُنّاع السياسة يُعانون في سبيل فَهْم أساسيات الحركة الروسية. وحسب مبعوث روسي كبير للاتحاد الإفريقي فإن “النزعة المثالية، والآمال العالية والرؤية الأبدية للروس عن إفريقيا بأن تكون خالية تمامًا من التوجهات الاستعمارية للقوى الغربية، وبالأساس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا تقود إلا إلى مزيد من المنافسة. وربما على روسيا أن تقبل اللحاق بمثل هذا التنافس، وأن تُحْدِثَ فارقًا بتقديم تعهداتها.
كما أشار دبلوماسيون روس إلى أن سياسة الاتحاد الإفريقي تتمثل بتشجيع الدول الخارجية، بغضّ النظر عن مواقعها الجغرافية، سواء أكانت دولاً استعمارية سابقة، أم دولاً خليجية أم دولاً آسيوية، مثل الصين، التي نفَّذت مشروعات عديدة تشمل مقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وفي موجزها الإخباري الأسبوعي بتاريخ 23 يوليو الفائت انتقدت الناطقة باسم وزارة الشؤون الخارجية للاتحاد الروسي ماريا زاخاروفا M. Zakharova ([2]) دعم الولايات المتحدة للبرامج التعليمية والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام في إفريقيا.
ونرى أن ما ورد في عرض الناطقة باسم وزارة الشؤون الخارجية الروسية تجسيدٌ آخر لنزعةٍ استعماريةٍ جديدةٍ، وعنصرٌ يصوغ بشكل خفي النظام الشامل للصلات الدولية.
وفي سياق الذكرى الستين لتمرير إعلان الأمم المتحدة لمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمَرة UN Declaration on the Granting of Independence to Colonial Countries and Peoples الشعوب المستعمرة ول متحدة اطقة باسم وزارة اشلئون الخارجية الروسية تجسيد آخر لنزعة استعمارية جديدة وعنصر يصيغ بشكل خفي النظام ال، والمقرّر أن تحل في ديسمبر المقبل، فإننا نحثّ زملاءنا الأمريكيين على اتِّباع روح هذه الوثيقة التاريخية بالغة الأهمية، والإدانة الكاملة لموقفها الذي يشبه الموجِّه للدول النامية.
وبخصوص فكّ الارتباط الروسي-الأمريكي الذي أثارته وزارة الشؤون الخارجية الروسية؛ قدّم ديفيد شين David Shinn، وهو سفير أمريكي سابق في إثيوبيا وبوركينا فاسو، بعض الملاحظات والأفكار المستقلَّة، وشرح أنه بالرغم من جهود بعث العلاقات مع إفريقيا بعد قمة روسيا-إفريقيا، فإنه يبدو أن روسيا لا تزال تحاول فعل الكثير من القليل المتاح لها فعلًا.
إنني أشكّ بجدية بالغة إزاء المِنَح الأمريكية أن تكون موجَّهة بشكل محدَّد للدعاية التي تتّهمها بها روسيا، رغم أنه من المرجَّح أنها تُشجِّع الشفافية في مؤسسات الدولة (الإفريقية)، وتعزيز نوع من الاستقلال القضائي في إفريقيا، وهي جزء من السياسات الثابتة للولايات المتحدة في إفريقيا. وحسب شين فإنه لا يتحدث عن سياسة إدارة ترامب في إفريقيا، ولا يمكنني تخيُّل أن السياسة الأمريكية العامة في إفريقيا تركّز على روسيا التي خفَّضت بشكل كبير للغاية من برامجها وأنشطتها في أنحاء القارة. بل إنَّ جهود العلاقات العامة التي تقوم بها روسيا في إفريقيا اليوم لا تحظى باهتمام أمريكي جدّي. وبالنظر إلى حقيقة أن إفريقيا تجذب الآن العديد من الدول الخارجية؛ فإنه من الأفضل لروسيا أن تُحسِّن وصول سياساتها في إفريقيا بدلًا من تضييع الوقت في انتقاد السياسات الأمريكية المزعومة.
وفيما تدعم الولايات المتحدة، وترعى بعض البرامج في إفريقيا المستهدفة لوسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية؛ فإنه جهد بالغ الضآلة في واقع الأمر. إنَّ الهدف، بمرور الأعوام، هو extol مكاسب الأفكار والفلسفات الغربية مثل حرية الصحافة، وفقًا للدبلوماسي الأمريكي السابق. وخلال الحرب الباردة كان هناك مضمون قوي مناهض للوجود السوفييتي في إفريقيا، وأشك الآن في وجود مثل هذا التوجُّه الأمريكي المناهض لروسيا. وحاليًا فإن الغالبية العظمى من التغطية الإعلامية الأمريكية التي تصل إفريقيا خاضعة لسيطرة القطاع الخاص، وليس الحكومة الأمريكية. وكانت الآلة الحكومية الأبرز هي إذاعة “صوت أميركا” Voice of America، والتي كانت تعمل بقدر كبير من الاستقلالية.
ويرى بعض المتخصصين الروس وجوب أن تفكّر بلادهم أكثر من مرة قبل الانهماك في توجيه الانتقادات ضد اللاعبين الأجانب في القارة الإفريقية. خاصة أن الدور الروسي نفسه شهد تراجعًا كبيرًا عقب حالة الفوضى الهائلة وعدم الاستقرار في المجال الاجتماعي-الاقتصادي الروسي. لكن هذا المنحى بدأ في التراجع في عهد الرئيس بوتين وانفتاح بلادهم على دور أكبر في السياسات الدولية، ومن بينها إفريقيا. غير أن روسيا بحاجة إلى بذل جهود هائلة لإحياء صلاتها القديمة مع دول إفريقيا. والآن تنخرط روسيا بالفعل في قطاع الدفاع في العديد من الدول الإفريقية، لكنها تحتاج إلى التحسن على مستوى كبير، وأن يغطي الوجود الروسي مجالي الاستثمارات والطاقة.
إن افتقار روسيا لقوة ناعمة داخل الدول الإفريقية مشكلة أخرى خطيرة لا تزال تعيق تحقيق روسيا لمشروعها العالمي، مقارنة ببريطانيا وفرنسا “وحتى الصين” والهند الذين يملكون قوة ناعمة في إفريقيا. وإجمالًا فإن موسكو تحتاج لمخاطبة الدول الإفريقية فيما يتجاوز تجارة الأسلحة، وأن تشمل المقاربة الروسية قضايا مثل الإعلام والتعليم والمنظمات غير الحكومية في إفريقيا.
وأكد متخصصون أفارقة أنه على روسيا -بدلًا من انتقاد الولايات المتحدة وسياساتها في إفريقيا- أن تساعد القارة ومبادراتها للتنمية، وأن يكون الحديث أقل والفعل أكثر. كما أن إفريقيا تحتاج لشركاء يدعمون المؤسسات الديمقراطية في القارة، ويقدمون نموذجًا في دولهم. “لقد حان وقت توقُّف الولاء للسيد الاستعماري باسم “الوحدة الإفريقية”. وعلى الروس اتخاذ خطوات عملية محددة نحو تعاون فعَّال. وهذه المرة، وخاصة في ظل التكالب على الموارد الإفريقية، فإنَّ متخصصين أفارقة يُبْدُون تشاؤمًا إزاء قدرة روسيا على تغيير الأمور أو الفوز بنفوذ متوقَّع في إفريقيا. ويرون أن “محاربة الاستعمار الجديد تعني إيقاف سياسة الهيمنة. وتريد روسيا، تمامًا مثل الصين والدول الغربية، قطعة من الكعكة. إن الفوز بالمسائل الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية يتطلب تفعيل دور قطاعات الدولة والقطاع الخاص داخل إفريقيا، والعمل مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في بناء صورة إيجابية وبتقوية الدبلوماسية. وتشير تقارير إلى تشدُّد روسيا الكبير إزاء قادة المعارضة في الدول الإفريقية.
فيما أكد د. جيدون شو Gideon Shoo، وهو خبير سياسات من تنزانيا، أن على موسكو تبنّي مقاربة أكثر مرونة للعمل مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وتقديم حوافز في مواجهة التنافس. وبدلًا من خلل خلافات مع لاعبين دوليين آخرين؛ فإن موسكو تحتاج إلى مقارنة موضعها بمستوى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك دول آسيوية مثل الصين.
فيما يرى أفارقة آخرون أنه يوجد تاريخ من التعاون بين روسيا وإفريقيا يمتد لعقود عديدة. وله جذوره التاريخية العميقة. إن الطبيعة الضخمة ومتعددة الأوجه لهذه العلاقات صِيغَتْ أيام الاتحاد السوفييتي. وبفضل الاتحاد السوفييتي نالت العديد من الدول الإفريقية استقلالها. واليوم فإن على روسيا تصميم استراتيجية وسطى تكون أكثر فعالية وقابلية، وتشبه علاقات العمل، لا أن تكون قائمة على المواجهة. وهو الأمر الذي سيعزّز صورة روسيا في إفريقيا.
ويقرّ جميع الخبراء تقريبًا أن إفريقيا كقارة تمثل المستقبل. إن إفريقيا منفتحة أمام أشكال متنوعة من التعاون، لكن في ضوء واقع أنه ثمة منافسة محتدمة بين المستثمرين؛ فإن على موسكو أن تُعْلِي من شأن علاقاتها في المجال الاجتماعي، وأن تطبّق باستمرار مبادرات أكثر نحو إفريقيا. ويتفق أغلب الخبراء على أنه بمقاربة أكثر قوة ستبدأ روسيا في تغيير صورتها والتصورات القديمة عنها بشكل منتظم؛ مما سيعزّز وجودها ويدعم تجارتها واستثماراتها، ويزيد نفوذها الكلي في السنوات المقبلة.
تدفُّق المقاتلين الأجانب على إفريقيا جنوب الصحراء([3]):
تعليق مُهِمّ حول ظاهرة متنامية في إفريقيا، وهي تدفُّق العناصر المسلحة الأجنبية على مناطق الصراعات في إفريقيا جنوب الصحراء، وينطلق بالأساس من مقاربة أمنية بالغة القصور، لكنّها تعبّر عن رؤية سائدة لظاهرة الإرهاب في إفريقيا بمعزل عن العوامل الأخرى التي تقود للظاهرة لا سيما الأدوار الغربية، وتراجع دور الدولة في التنمية، واستمرار تآكل موازنات التنمية المستدامة مقابل نمو العسكرة والإنفاق الأمني في دول إفريقيا جنوب الصحراء.
يفتتح الكاتب المقال بحادث قتل عناصر “تنظيم الدولة” في إقليم وسط إفريقيا لعنصر من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية في 22 يونيو الفائت، ما اعتبره دليلًا على توسُّع أنشطة الجماعة، واستغلال الاختراقات الأمنية بسبب أزمة كوفيد-19. كما توسّع الجماعة تجنيد مقاتليها من الشباب الذين يعيشون خارج مناطق عملياتها الأساسية. وفي أول أبريل 2020م نشرت الجماعة فيديو عبر تطبيق الواتساب دعت فيه الشباب للهجرة من دول الكفار إلى هذه الدولة لإنقاذ الإسلام.
وتتصاعد الصراعات المسلحة في أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث تحتفظ جماعة الشباب في الصومال بوتيرة عمليات عدائية متسارعة وتتوسع شمالي كينيا. كما يتزايد الصراع في شمال موزمبيق. أما في غربي الساحل فتتزايد حركة التنافس بين الجماعات المسلحة. ويتزايد نشاط فرع “تنظيم الدولة” في غرب إفريقيا، وفي حوض بحيرة تشاد. ويستمر العنف المسلح في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ولا يتصاعد الصراع المسلح في إفريقيا جنوب الصحراء فحسب، بل إنه يتخذ شكلًا جديدًا. وقد قاد إلى هذا التغيُّر ثلاثة عوامل: وهي الدعوة المستمرة لحركات العنف المسلح، وتصاعد التنافس بين الجماعات المسلحة، وتداعيات جائحة كورونا. وفتحت هذه العوامل مجتمعةً الباب أمام تزايد تدفق المقاتلين الأجانب في إفريقيا جنوب الصحراء. كما يتوجّه هؤلاء المقاتلون إلى تكوين جماعات خاصة بهم تميل أكثر للعمل العسكري المنظَّم، وتوسيع نطاق التكتيكات المتاحة أمام المقاتلين المحليين، وتزايد استخدام العنف ضد المدنيين. ومما يثير التخوُّف على نحو خاص خطر تحوُّل الصراعات في الإقليم لجذب “المقاتلين الأجانب” الذين يفرضون تهديدًا أمنيًّا أكبر، الأمر الذي يحمل تداعيات مهمة على الأمن الإقليمي والفاعلين الأجانب الذين لديهم مصالح مهمة في القارة.
المقاتلون الأجانب في إفريقيا جنوب الصحراء:
تُعدّ ظاهرة وجود عناصر أجنبية في الصراعات الإفريقية ظاهرة مألوفة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ حيث قدّر أن نصف الجماعات الإفريقية المسلحة المنخرطة في الأزمات داخل الدول الإفريقية جنَّدت عناصر من جنسيات أخرى في صفوفها لدعمها. وإذا كان الأمر كذلك فَلِمَ يثير التدفق الحالي مخاوف غير مسبوقة؟ وباستثناءات ملحوظة؛ فإن تجنيد المقاتلين الأجانب مِن قِبَل جماعات مسلحة إفريقية اتسم بملمحين؛ أولهما وصول المقاتلين الأجانب بأعداد صغيرة، وأن أغلبهم يأتي من دول إفريقيا مجاورة.
أولًا: فيما تجنح الجماعات المسلحة الإفريقية لتجنيد مقاتلين أجانب، فإنها تميل أيضًا لحشدهم بأعداد صغيرة. وفي موزمبيق على سبيل المثال حدّدت الحكومة أنه في الفترة من مايو 2017 حتى مارس 2018م جنَّدت الجماعات المسلحة في البلاد 370 فردًا مرتبطًا بجماعة الشباب الصومالية، منهم 314 موزمبيقيًّا، و52 تنزانيًّا، وثلاثة أوغنديين، وواحد فقط من الصومال.
ثانيًا: عندما تُجَنِّد الجماعات الإفريقية مواطنين أجانب فإنهم يأتون غالبًا من دول الجوار. ويميز ديفيد ماليت D. Malet، الذي يدير مشروع المقاتلين الأجانب Foreign Fighters Projects بين المقاتلين الأجانب “الإقليميين”، “وما وراء دول الجوار”. وعلى سبيل المثال فإن مقاتلين من تشاد والسودان يُجنّدون بانتظام في صفوف المتمردين بجمهورية إفريقيا الوسطي. كما تزيد بوكو حرام من جهودها في تجنيد عناصر من إقليم حوض بحيرة تشاد، وخاصة في الكاميرون.
ومن المرجَّح أن نلمس تغيُّرًا في كلا الاتجاهين. وخاصة مع وجود عدد كبير من المقاتلين من دول الجوار الإقليمي في غضون العام المقبل، في ضوء تداعيات جائحة كوفيد -19.
الساحة مُعَدَّة لتدفُّق المقاتلين الأجانب:
يتوقع خلال العام المقبل أن تشهد إفريقيا جنوب الصحراء ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المقاتلين الأجانب؛ بسبب التغيرات الكبيرة في طبيعة الصراعات الإقليمية والآثار المتجددة لجائحة كوفيد-19. وتميل الصراعات المسلحة لخلق فرص أمام انتشار عنف الجماعات المسلحة. ويمكننا وضع توقُّعات ممكنة لحركة المقاتلين الأجانب في الإقليم عبر تحديد العوامل الهيكلية التي تربط المراحل الأولى لدورة حياة المقاتل الأجنبي.
وفي البداية فإن إفريقيا جنوب الصحراء ستجذب المقاتلين الأجانب؛ لأنها جبهة متَّسعة بشكل هائل في المشروع “العنف المسلح” العابر للقوميات. وثانيًا فإن المنافسة المتنامية بين المنظمات المسلحة ستقود إلى دخول مزيد من المقاتلين الأجانب لحلبة الصراعات، مع وجود عشرات الجماعات الإرهابية النشطة في مناطق النزاعات. وباختصار فإنه بينما من غير المرجَّح أن تكون الجائحة مؤثرة على الطلب على مجندين أجانب؛ فإنها أضعفت دون شك قدرة الدولة الإفريقية وأمن الحدود في الإقليم. وبالنسبة لقادة الجماعات الإرهابية والتجنيد المحتمل؛ فإنها ستؤثر على تقييمهم للمخاطر المتعلقة بنقل الأجانب إلى ساحات الصراع الإفريقية. ونتيجة لذلك فإن إمدادات المقاتلين الأجانب إقليميًّا وعالميًّا ستكون أيسر حالًا لتلبية أي زيادات في الطلب في أنحاء إقليم إفريقيا جنوب الصحراء.
النظر للأمام:
إنَّ التحولات الأخيرة في البيئة الأمنية في إفريقيا جنوب الصحراء تشير إلى خطر متزايد في تدفُّق المقاتلين الأجانب، والتحاقهم بصفوف الجماعات المسلحة في الإقليم. ويرجّح أن يأتي مقاتلون جرّبوا خوض الصراعات في العراق وسوريا واليمن وليبيا. ويهدد دخول تقنيات وابتكارات جديدة إلى ساحات المعارك في إفريقيا بتزايد سوء الوضع الإقليمي بشكلٍ تامّ.
إنَّ فهم طبيعة ومدى نفوذ المقاتلين الأجانب على العنف يمكن أن يساعد في تشكيل استراتيجيات مواجهة عنف أكثر فعالية. ويرتبط ذلك بتحديد المكان المرجّح بداية لظهور المقاتلين الأجانب، والظروف التي تدفعهم وتُمكِّن التنظيمات المسلَّحة من تجنيد أجانب في صفوفهم، والأحوال التي يمكن أن تُحَجِّم رغبتهم أو قُدْرتهم على القيام بذلك.
[1] Kester Kenn Klomegah, Russia-US-Africa Geopolitical Triangular Games – OpEd, Eurasia Review, August 14, 2020
[2] قدمت ترجمة للتصريحات في المقال قبل الفائت من “عين على أفريقيا” بتاريخ 29 يوليو 2020
[3] Austin C. Doctor, The Looming Influx of Foreign Fighters in Sub-Saharan Africa, War on the Rocks, August 18, 2020 https://warontherocks.com/2020/08/the-looming-influx-of-foreign-fighters-in-sub-saharan-africa/