د. محمد عبدالكريم أحمد
باحث بمعهد الدراسات المستقبلية- بيروت
يحاول هذا التقرير تقديم رؤية لموضوعات متنوعة حول القارة الإفريقية في الصحافة العالمية؛ بغرض رَصْد أهمّ ملامح القضايا الجارية في القارة عبر قراءة منتقاة قدر الإمكان.
نحو منطقة تجارة حرَّة إفريقية: الفرص والتهديدات([1])
اجتمع محتجّون، وسط مناخ غريب عند حافة القارة الإفريقية في كيب تاون، أمام بوابات مركز عقد المنتدى الاقتصادي العالمي؛ بسبب أحداث العنف “العنصرية” بجنوب إفريقيا وأضرار الإصلاحات الاقتصادية. واضطر الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا لترك أعمال المنتدى مسرعًا لمخاطبة مخاوف المحتجين في إحدى جلسات البرلمان الجنوب إفريقي. لكنه عاد في اليوم التالي لتعديد فضائل الاتفاق على منطقة تجارة حرَّة في إفريقيا، الذي جاء بعد عام من الجهود الدبلوماسية، بقيادة جنوب إفريقيا. لكنَّ التفاؤل “الرسمي” إزاء المنتدى الاقتصادي العالمي ومخرجاته لم يُخَفِّف من التوتر خارج قاعاته، او التخوفات الوجيهة إزاء فاعلية الاتفاق برُمّته وسط دوائر مختلفة.
وحسب رامافوزا فإن الاتفاق “سيمثل الفرصة الأعظم أمام اقتصادات القارة لتحقيق النمو عبر التجارة”، وهو ما يبدو صحيحًا على الورق، خاصةً بعد توقيع نيجيريا على منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقيةAfrican Continental Free Trade Area على هامش أعمال قمة الاتحاد الإفريقي في يوليو الفائت، وبدأ المستثمرون والخبراء والسياسيون جميعًا في الحلم بما سيلي تلك الخطوة: منطقة اقتصادية بقيمة 3.4 تريليون دولار، وعدد سكان 1.3 بليون نسمة.
وفي تقرير صادر مطلع هذا العام اعتبر صندوق النقد الدولي أن الاتفاق “مغير للعبة” في حالة إن كانت الحكومات الإفريقية قادرة على خفض الرسوم الجمركية وتعزيز التجارة داخل القارة. وأكَّد مسؤولون من أهم المصارف الدولية أن الاتفاق سيحوّل إفريقيا إلى “سلّة غذاء العالم”، و”قاعدة مستهلكين عملاقة” جاذبة للمستثمرين الدوليين، ويوقف الهجرة إلى أوروبا، ويساعد في تحقيق الاستقرار السياسي في أجزاء متفرقة من القارة. كما أنَّ للاتفاق بُعدًا دوليًّا؛ إذ ستحاول إفريقيا، وسط التنافس الحالي بين الولايات المتحدة والصين، أن تجد حلًا لمشكلاتها الاقتصادية، في وقتٍ “يقوم فيها العالم بوضع عوائق وبناء جدران” حسب اقتصاديين بالبنك الدولي.
وفي الجهة المقابلة ظهر قَدْر من التشاؤم إزاء القدرة على جمع أكثر من 50 دولة إفريقية معًا، والاقتراب من تجربة الاتحاد الأوروبي. وفيما يتجاوز العوائق السياسية والبيروقراطية الهائلة بين الحكومات وتطبيق الاتفاق، هناك تحديات أكبر تحيط بالاقتصادات الإفريقية ذاتها. وعلى سبيل المثال؛ فإن إفريقيا -وفق بعض التقديرات- بحاجة إلى خلق مليون فرصة عمل شهريًّا؛ لتلبية طلب الأجيال الشابَّة على العمل، وضمان أن ما يُوصَف “بالعائد الديموغرافي” لن يتحول إلى “دَيْن خطر”.
وتحتاج إفريقيا إلى ما يُقدّر بين 90-100 بليون دولار سنويًّا استثمارات في البنية الأساسية؛ بما في ذلك التوسع الكبير في إنتاج إمدادات الطاقة. كما أنها بحاجة إلى تحقيق نجاحات ملموسة في مواجهة الآثار السلبية للتغيُّر المناخي.
كما حذّر البعض من أن اتفاق التجارة الحرَّة قد لا يفيد سوى عدد صغير من الدول الإفريقية الغنية نسبيًّا ذات قاعدة صناعية قائمة بالفعل، مثل جنوب إفريقيا، مقابل نَفْع أقل للدول الأصغر والأقل نموًّا. وربما تتفاقم فجوات الدخل بين دول القارة بشكل كبير للغاية.
كما لا تغيب الجغرافيا السياسية عن مشهد توقيع الاتفاق؛ إذ يثير سوق إفريقي متكامل مرحلة جديدة من “التكالب على إفريقيا”؛ خاصة من قبل الصين والهند واليابان وتركيا والبرازيل، إلى جانب القوى الغربية الكبرى. بينما يرفض محللون أفارقة كلمة “تكالب”؛ لأنها تنفي حقيقة أن إفريقيا أصبحت أكثر حكمة وأكثر تعلمًا وقدرة على الاختيار.
مأزق الشباب الإفريقي([2])
طرح مقال عبد الله عليم بفورين بوليسي الذي حمل عنوان “لا قارَّة للعجائز”، في تناصّ مع فيلم أمريكي شهير، مفارقة إفريقية بامتياز، وهي معاناة القارة الأكثر ثراءً بالشباب على مستوى العالم من وجود قائمة مطوّلة من الرؤساء الطاعنين في السنّ، أو الذين تولوا الحكم لفترات طويلة للغاية؛ رغم تبنّي هؤلاء القادة خطابًا عامًّا يكرّس لفكرة “العائد الديمغرافي”، وتعظيمه عبر الاستثمارات في الشباب، كما ورد نصًّا في شعار الاتحاد الإفريقي في العام 2017م.
وقد فقد قطاع كبير من الشباب الإفريقي –حسب عليم- قناعاتهم بحكوماتهم؛ بسبب الفساد، وغلبة ثقافة التشابه مقابل تهميش ثقافة الاختلاف، بينما يلوم آخرون الشباب الإفريقي لتوجّهه للقطاع الخاص والمجتمع المدني في جهد لريادة اجتماعية ناجحة بدلًا من النضال من أجل التغيير السياسي.
ويرى قطاع كبير من الشباب الإفريقي أن السوق يوفّر فرصًا أفضل للتغيير والريادة الاجتماعية، بمعنى تطوير عمل مستدام ماليًا يستهدف قضايا اجتماعية، أكثر من المجتمع. وهناك مثال على ذلك، وهو تقديم خدمات الإنترنت للضواحي التي لا تتوفر فيها، وهي خدمات مهمة، لكنها لا تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، وتقتصر على تغطية أعداد محدودة للغاية.
كما يرى بعض الخبراء أن هذه الجهود في مجملها “تُعيد توجيه جهود التغيير الاجتماعي بعيدًا عن مصالح الفقراء والمهمَّشين”، وتعظيم النزعة الفردية في العمل الجماعي للشباب الإفريقي. كما تتراجع فرص مشاركة شباب ريادة الأعمال في الحكومات؛ حيث تصنّف الحكومات الإفريقية –وفق عليم- من بين الحكومات الأكثر فسادًا في العالم، ويُعدّ الحكم في أغلب أجزاء القارة فضاءً مكرَّسًا لنُخبة –وفق تقسيمات أسرية أو عشائرية أو إثنية أو دينية- يمكنها من تمتين سلطتها بشكل أكبر، والحيلولة دون وصول الأصوات الأكثر تقدمية للحكم.
واختتم مقاله بالتأكيد على أن الشباب الإفريقي إذا أرادوا تحقيق تغييرًا سياسيًّا؛ فعليهم ربط نواياهم الطيبة باستراتيجية واضحة، والدخول في المجال السياسي.
زيارة بابا روما لإفريقيا: نحو مشروع تبشيري جديد؟([3])
وتحت عنوان “مواجهة البابا فرانسيس لمستقبل الكنيسة في إفريقيا”؛ تناول جيسون هوروفيتز جولة البابا فرنسيس الإفريقية لكلٍّ من موزمبيق ومدغشقر وموريشيوس، والتي استمرت ستة أيام، انتهت في الأسبوع الأول من سبتمبر، وهدفت -حسب البابا- إلى مساعدة الكنيسة في النموّ ونشر الإيمان، خاصةً أن القارة قد أصبحت تربة خصبة للدعاة الذين يختفون من المراكز التاريخية للكاثوليكية في أوروبا.
وتواصل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية توسُّعها في إفريقيا، حتى في ظل ما تواجهه من منافسة من الحركات البنتكوستال الإيفانجيلية المتنامية.
وقد أظهر البابا بالانفتاح على إفريقيا، وتعيين مزيد من أساقفتها كردينالات يختارون خليفته لاحقًا أنه ينظر “للأطراف” التقليدية للكنيسة على أنها مناطق محورية لمستقبل الكنيسة وعالميتها.
ويرغب البابا فرنسيس -على عكس سلفه بندكت السادس عشر، الذي فضَّل كنيسة صغيرة لكن مركزة-، في أن تكون كنيسته أكثر شمولًا.
وتوفر إفريقيا -التي يمثّل الشباب دون سنّ 25 عامًا نسبة 60% تقريبًا من السكان- مجالاً كبيرًا أمام نموّ كنيسته. ووصف فرنسيس أن “أرض الميعاد أمامنا، وليست خلفنا”.
وعرض المقال لدراسة منشورة في العام 2017م تقدّر أن المسيحيين في إفريقيا سيمثلون 40% من مسيحيي العالم في العام 2060م.
مبادرة توفير الطاقة الكهربائية في إفريقيا([4])
وعلى صعيد قطاع الطاقة؛ تناولت صحيفة الجارديان مبادرة دشَّنها الاجتماع الأول للمفوضية العالمية لإنهاء فقر الطاقة Global Commission to End Energy Poverty في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، وتهدف إلى توفير الطاقة لما يزيد عن بليون فرد محرومين من الكهرباء على امتداد عقد من الزمان، أغلبهم في إفريقيا جنوب الصحراء.
وتقوم المبادرة على فكرة ربط مشروعات كثيرة صغيرة الحجم بشبكة توليد كهرباء صديقة للبيئة. وتؤكد المفوضية على أن التقدم الكبير في شبكات الكهرباء الصغيرة وتكنولوجيات الطاقة المتجددة يمكن أن يتسارع بشكل كبير للغاية، ومن ثَمَّ تتطور الحياة في المناطق الريفية في إفريقيا جنوب الصحراء.
كما وضعت المفوضية خلال الاجتماع خُططًا للإسراع بتحقيق هدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لضمان الوصول لطاقة متوفرة يُعوَّل عليها، على أن تكون مستدامة لجميع الأشخاص بحلول العام 2030.
وقد تأسست المفوضية مِن قِبَل معهد ماساشستوس لمبادرة تكنولوجيا الطاقة ومؤسسة روكفيللر لجمع المستثمرين الكبار وصناع السياسات لمعالجة مسألة فقر الطاقة (الفقر الطاقوي).
وبمقتضى المبادرة سيتم جمع المنازل والشركات والمدارس بمشروعات طاقة شمسية صغيرة الحجم لتوفير كهرباء رخيصة ونظيفة ومستدامة تساعد في النمو الاقتصادي المحلي في مجال الطاقة.
وتضم المفوضية رؤساء حكومات وكبار التنفيذيين بشركات الطاقة، بالإضافة إلى ممثلين من كبرى منظمات التنمية في العالم بما فيها International Energy Agency.
نحو مأسسة مواجهة الهجرة الإفريقية لأوروبا؟([5])
أما صحيفة The Local الإيطالية فقد تناولت خطة الحكومة الإيطالية الجديدة لوضع نظام تلقائي لتوزيع المهاجرين الأفارقة عبر المتوسط إلى السواحل الأوروبية عبر البحر المتوسط. وحظيت الخطة حتى الآن بموافقة كل من فرنسا وألمانيا اللتين تستقبلان أعدادًا أكبر من المهاجرين الأفارقة. وتشمل الخطة كل من لوكسمبورج ومالطا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا. وتهدف الخطة الإيطالية إلى وضع نهاية للمفاوضات المتكررة لكل حالة بمفردها بخصوص الدولة التي ستستقبل مجموعة ما من المهاجرين الذين يتم إنقاذهم بعد تحركهم من شمال إفريقيا إلى السواحل الأوروبية، أو يُتْرَكُونَ عالقين في البحر لفترات طويلة.
وستكون هذه المسألة محل نقاش بين رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير لروما الأسبوع الجاري. كما تقرّر دراسة الخطة بالتفصيل في اجتماع 23 سبتمبر في مالطا قبيل القمة الأوروبية المقررة في أكتوبر المقبل في لوكسمبرج.
وتوقّع رئيس الوزراء الإيطالي كونتي التوصل إلى اتفاق مؤقَّت حول إعادة توزيع المهاجرين. واقترح فرض عقوبات على الدول الأوروبية التي تتجاهل المشاركة في الخطة؛ حيث رفضت حتى الآن كلّ من التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا المشاركة في أية عمليات إنقاذ بحري للمهاجرين في البحر المتوسط.
ومن المقرر أن يكون الاتفاق المؤقت حلًا قبيل مراجعة ما يعرف “بترتيب دبلن” Dublin Regulation الذي يُحَمِّل دولة الدخول الأولى مسؤولية المهاجرين القادمين إليها. ويُتوقع وفق الخطة أن تستقبل كلٌّ من فرنسا وألمانيا 25% لكل منهما من إجمالي المهاجرين العالقين في البحر، بينما تستقبل إيطاليا 10% منهم (في ضوء حقيقة أن إيطاليا تستقبل بالفعل عشرات الآلاف من القادمين الجدد).
وبمجرد إطلاق الاتفاق ستوافق روما على إعادة فتح موانئها أمام سفن إنقاذ المهاجرين في البحر، ومراجعة موقفها المتشدد الذي بدأ وزير الداخلية الإيطالي السابق ماتيو سالفيني في اتخاذه منذ العام الماضي (ومن بينها فرض غرامة على السفن التي تدخل المياه الإيطالية دون ترخيص نحو مليون يورو أو مصادرة السفينة حال عدم القدرة على دفع الغرامة).
شركات النقل الجوي الإفريقية: نحو انطلاقات جديدة؟([6])
تتدافع دول إفريقية عديدة لتطوير شركات النقل الجوي الوطنية الخاصة بها، لعل آخرهم أوغندا. ورغم ذلك لا تزال صناعة النقل الجوي الإفريقية تواجه ظروفًا صعبة تجعل تحقيق الأرباح أمرًا عسيرًا في أغلب الأحوال. وعلى سبيل المثال فإن بدء أوغندا في الشهر الماضي (أغسطس 2019م) إعادة تشغيل خطوط طيرانها الوطنية بعد توقف نحو عقدين (بالتحديد في العام 2001م بعد سلسلة خسائر فادحة) تطلب جهودًا حثيثة من قبل كمبالا. ووصف الرئيس الأوغندي موسيفني إعادة تدشين الشركة الوطنية برحلة من عنتيبي إلى نيروبي بأنه مدعاة للفخر الوطني، بينما وصف صحفيون أوغنديون الحدث بأنه بدا كإرسال سفينة فضاء إلى القمر. ومن المقرر أن تنشط شركة الطيران الأوغندية في سبع وِجْهات إقليمية بما فيها دار السلام ومقديشو.
وإضافة إلى أوغندا هناك عدد من الدول الإفريقية تسعى لتنشيط شركاتها الوطنية أو إعادة عملها أو ضخ أموال لتوسيع أسطولها ومقاصدها. وتخطّط غانا، التي لا تعمل شركتها الوطنية منذ انهيار “الخطوط الجوية الدولية لغانا” Ghana International Airways في العام 2010م لتدشين ناقل وطني جديد بالشراكة مع الخطوط الجوية الإثيوبية. وفي اتفاق مشابه تخطّط زامبيا لإعادة إطلاق ناقلها الوطني في نهاية العام 2019م بعد أكثر من عقدين من توقفه عن العمل.
وكانت السنغال قد بدأت رحلات جوية بناقلها الوطني الجديد أير سنغال Air Senegal في العام 2018م، بينما أعلنت تنزانيا عن خطط لشراء طائرات أيرباص جديدة لزيادة خطوطها الجوية. كما ضاعفت كل من رواندا وتوجو استثماراتهما في مجال النقل الجوي المدني.
ومن جهة أخرى؛ فإن سوق النقل الجوي في إفريقيا يظهر مقدرات كبيرة للغاية؛ إذ يتزايد أعداد الفارقة الذين يستخدمون الرحلات الجوية بأعداد ترتفع سنويًّا بنسبة 5% في الأعوام العشرون المقبلة.
وتقدر International Air Transport Association (IATA) بأن القارة ستشهد ارتفاع عدد المسافرين إلى 274 مليون مسافر بحلول العام 2036.
غير أن مراقبين لفتوا إلى عدة عقبات أمام توسُّع قطاع النقل الجوي في إفريقيا؛ وهو ارتفاع تكلفة وقود الطائرات، إضافة إلى الضرائب المرتفعة، التي تتراوح ما بين 40 إلى 150 دولارًا كرسوم على كل مسافر، وفقًا لوكالة رويترز. كما يواجه المسافرون الارتفاع الكبير في أسعار التذاكر (مثل الرحلة من عنتيبي إلى نيروبي بتكلفة 300 دولار)، وهو ما يقود إلى عدم شغل مقاعد كثيرة في رحلات متعددة.
كما يرى خبراء أنه من الضروري لنجاح هذه الصناعة التوصل لاتفاق “للسماوات الإفريقية المفتوحة”؛ لتحرير قطاع الملاحة الجوية من “الحمائية”، لكن حتى الآن فإن الدول الموقِّعَة على مثل هذه الاتفاقية 28 دولة إفريقية على اتفاق Single African Air Transport Market، وبدأ عشرة منهم فقط في تغيير قوانينها لتطبيق الاتفاق.
قضايا الطاقة والتوظيف والهجرة في إفريقيا([7])
وفي ربط بين مسائل الطاقة والتوظيف والهجرة؛ تناول مقالٌ نُشِرَ في Syndicat Project هذه المسائل على نحو ترابطي. فقد هاجر ما لا يقل عن مليون إفريقي من جنوب الصحراء إلى أوروبا منذ العام 2010، كما ارتفع عدد المهاجرون الأفارقة إلى الولايات المتحدة في نفس الفترة.
وأثارت هذه الاتجاهات قلقًا سياسيًّا كبيرًا لدى الدول المستقبِلَة لهذه الهجرات. غير أن معالجة السبب الرئيس لمثل هذه الهجرة، وهي نقص فرص العمل في إفريقيا، لا زالت قاصرة وعاجزة عن تحقيق نتائج إيجابية. ويقدر بنك التنمية الإفريقي أنه في حال عدم اتباع سياسات ناجزة فإنه سيكون هناك أكثر من مائة مليون عاطل في صفوف الشباب صغير السنّ بحلول العام 2030. ولتفادي مثل هذا السيناريو تكون في العام الماضي تحالف إفريقيا- أوروبا للاستثمار المستدام والوظائف Africa- Europe Alliance for Sustainable Investment and Jobs بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي وحكومات إفريقية؛ بهدف توفير الموارد للتعليم والتدريب على كسب المهارات، يقوم بتقوية بيئة الأعمال والقطاع الخاص وتحسين ظروف الاستثمار. ويلاحظ بنك التنمية الإفريقي أن 70% من الشباب الإفريقي يقيم في مناطق ريفية، ويعملون في الزراعة التي يتوقع أن يبلغ حجمها في العام 2030 نحو تريليون دولار. وقدّر البنك أن الأعمال الصغيرة والنامية مسؤولة حاليًا عن خمس فرص العمل في الاقتصادات الناشئة مقارنة نحو 60% في الدول المتقدمة.
لكنَّ ثمة حاجزًا كبيرًا أمام تنمية قطاع الزراعة الإفريقي، وهو حاجته إلى مصدر كهرباء دائم يُعتمد عليه، وهو أمرٌ لا يتوفر في معظم المناطق الريفية في إفريقيا جنوب الصحراء.
وقد نشطت إفريقيا في مجال صناعة الطاقة المتجددة الموزَّعة على مناطق مختلفة. وبحلول العام 2022-2023 يتوقع تضاعف عدد العاملين في هذا القطاع في كينيا وعشرة أضعافه في نيجيريا.
ويتوقع آخرون أن يحقّق إنتاج الطاقة الشمسية بحلول العام 2022 نحو 1.3 مليون فرصة عمل بدوام كامل في مناطق متفرقة من إفريقيا، إضافة إلى جنوب آسيا، وتشير تقديرات سابقة إلى أنه بحلول العام 2030 سيحقق إنتاج الطاقة الشمسية فرص عمل لا تقل عن 4.5 مليون فرصة بمن فيهم روّاد أعمال وفنيون وموزعون.
ووفق تقرير لـ Powering Jobs فإنه مقابل كل وظيفة تنشأ مباشرة من استثمار شركة خاصة في مجال توصيل الكهرباء للتجمعات الريفية؛ يتم خلق خمسة فرص عمل “استخدام إنتاجي” في هذه التجمعات. وتشمل هذه الوظائف -على سبيل المثال- منتجات الألبان، أو مرافق التخزين البارد.
غير أن خلق فرص العمل يعد خطوة أولى فحسب؛ إذ تواجه العمالة الإفريقية مشكلة فجوة المهارات التي تزداد اتِّساعًا. وقد التزمت الحكومات الإفريقية وشركاؤها بالفعل بالاستثمار في بناء المهارات، وخلق فرص العمل. وفي ضوء نتائج التوظيف والتنمية والهجرة، فإن هناك مبررًا وجيهًا لتوجيه حصة كبيرة من الاستثمارات نحو صناعة الطاقة المتجددة الموزَّعة بإفريقيا.
[1] Ishaan Tharoor , What an African free-trade deal means for the world, the Washington Post, September 9, 2019 https://www.washingtonpost.com/world/2019/09/09/what-an-african-free-trade-deal-means-world/?noredirect=on
[2] Abdullahi Alim, No Continent for Old Men, Foreign Policy, September 12 https://foreignpolicy.com/2019/09/12/africa-no-continent-for-old-men-social-entrepreneurship-politics-youth/
[3] Jason Horowitz, In Africa, Pope Francis Comes Face to Face With the Future of the Church, the New York Times, September 5, 2019 https://www.nytimes.com/2019/09/05/world/africa/pope-francis-roman-catholicism.html
[4] Jillian Ambrose, Global renewable energy initiative aims to bring a billion people in from the dark, the Guardian, September 13, 2019 https://www.theguardian.com/global-development/2019/sep/13/global-renewable-energy-initiative-aims-to-bring-a-billion-people-in-from-the-dark
[5] How would Italy’s idea for a new EU migrant distribution system work? The Local, September 12, 2019 https://www.thelocal.it/20190912/how-would-italys-idea-for-a-new-european-migrant-distribution-system-work
[6] Africa’s push to conquer the skies with national airlines, September 2, 2019 https://www.dw.com/en/africas-push-to-conquer-the-skies-with-national-airlines/a-50415981
[7] Kandeh K. Yumkella, Energy, Employment, and Migration in Africa, Project Syndicate, September 16, 2019 https://www.project-syndicate.org/commentary/africa-migration-employment-youth-agriculture-renewable-energy-by-kandeh-k-yumkella