روضة علي عبد الغفار
صحفية مهتمَّة بالشَّأن الإفريقيّ
هناك مَثَل إفريقيّ قديم يقول: “في الغابة؛ تتخاصم الأشجار بأغصانها، لكنَّها تتعانق بجذورها”، وفي ظل الخصومات السياسية بين الدول المتجاورة، وتضارب المصالح وتباين المكاسب؛ فإننا نُبقِي على حقيقةٍ واضحةٍ؛ وهي أن هناك جذورًا متشابكة وعلاقات وطيدة يصعب قطعها، وإن انقطعت حِبال السياسة، وهي وجود جغرافيا متداخلة وشعوب واحدة، وثقافة متشابهة وقوميات مشتركة، ومصالح شاملة، وإن تمَّ تجاهلها.
تتَّسم معظم دول القارة الإفريقية بوجود صراعات حدودية بين البلاد المتجاورة، تُفْضِي إلى تسويةٍ سياسية أو إجراء تقسيمٍ للحدود، أو إبرام معاهدات سلام، لكنْ في حالة العلاقات الصومالية الكينية؛ فإننا أمام حالة فريدة تُنبئ عن صراعٍ طويلٍ لم تُنْهِهِ المحاولات المتكررة من الجارتين، ففضلًا عن وجود حدودٍ متنازَع عليها؛ فهناك تداخُل عِرْقِيّ بين البلدين، ونشاط للجماعات الإرهابية على الحدود الملتهبة، وذلك وسط ممارسات السياسة ولعبة المصالح التي تجرف الجارتين لنتائج كارثية.
في الآونة الأخيرة تصاعدت الأزمة بين مقديشو ونيروبي أدَّت إلى قطع الصومال علاقتها بكينيا، وطرد السفير الكيني من أراضيها، فما أسباب الأزمة الأخيرة؟ وما الدواعي السياسية لاستمرار الصراع بين الدولتين؟ وما هي فرص التسوية بينهما في ظل انتخابات محليَّة مرتقبة؟
في هذا التحقيق تتناول “قراءات إفريقيَّة” هذه القضايا..
قطيعة دبلوماسيَّة بين الجارتين:
أعلنت الحكومة الصومالية قَطْع علاقاتها الدبلوماسيَّة مع كينيا ابتداءً من 15 ديسمبر الماضي، وطلبت من الدبلوماسيين الكينيين مغادرة البلاد خلال أسبوع، وقال وزير الإعلام الصومالي “عثمان دوبي”: “إن قرار قطع العلاقات جاء بعد ما سمَّاها التدخلات السافرة للحكومة الكينية في الشؤون الداخلية للصومال، وخَرْقها لسيادته في الآونة الأخيرة”.
وأضاف الوزير “أن العلاقات الأخوية بين الشعبين الصومالي والكيني قوية ومتينة؛ إلا أن الحكومة الحالية في كينيا تسعى لتعكير صفو هذه العلاقات”.
وفي شهر نوفمبر الماضي، طرد الصومال سفير كينيا، واستدعى سفيره من نيروبي؛ بعد أن اتهم كينيا بالتدخل في العملية الانتخابية في ولاية “جوبالاند”، إحدى الولايات الصومالية الخمس شبه المستقلة، وجاء قطع العلاقات ردًّا على الانتهاك السياسي المستمر، وتدخُّل كينيا العلني في استقلالية الصومال. ويأتي الخلاف الدبلوماسيّ بين الجارتين في أعقاب التوتر بينهما منذ فبراير 2019م، عندما استدعت كينيا سفيرها بعد أن قررت مقديشو بيع امتيازات التنقيب عن النفط والغاز في مزادٍ علنيّ، في صُلْب نزاعهما بشأن الحقوق البحرية، وأعاد البلدان العلاقات في نوفمبر 2019م، قبل أن تعود للتوتر مجددًا.
وجاء الإعلان عن قطع العلاقات في وقتٍ تستعدّ فيه مقديشو لإجراء انتخابات طال انتظارها، واتّهمت جهات سياسية الرئيس “فرماجو” بتعمُّد تفجير مجموعة من الأزمات، وتبنّي سياسة تُعطّل إجراء الانتخابات لتزيد من وتيرة الارتباكات والتحوُّلات السلبيَّة في المشهد السياسي العام.
ويرى متابعون أنّ الرئيس الصومالي يُمهِّد بهذه الخطوة لإشعال حرب مع ولاية “جوبالاند”، التي يتّهم كينيا بدعمها؛ وذلك لضمان إعادة انتخابه والبقاء في السلطة؛ حيث تدعم كينيا رئيس إقليم “جوبالاند” جنوبي الصومال “أحمد مدوبي”، الذي لا تعترف به مقديشو، في ظل احتقان سياسي بين المعارضة والحكومة الصوماليتين.
وفي هذا الصدد قال د. السيد أبو فرحة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، لـ “قراءات إفريقية”: إن الأزمة الأخيرة بين الدولتين تعكس محاولة صومالية للاستفادة من الاستقرار النسبي الداخلي والتوتر الإقليمي الخارجي؛ في إعادة تقديم نفسها كدولة مؤثرة في الإقليم، عبر الصدام واتخاذ مواقف مستقلة في مواجهة أطراف إقليمية، وعليه فإنَّ أزمة النزاع الحدودي ومن بعدها التدخل في الانتخابات والشأن الداخلي؛ إنما هي أسباب ظاهرية للخلفية المذكورة آنفًا.
وعن وجود أيادٍ خارجية في خلق الأزمة الدبلوماسية بين الجارتين؛ أكد “أبو فرحة”على أن التنافس بين الجارتين تاريخيّ وقديم، وبطبيعة الحال فإنَّ الصومال دولة كبرى في الإقليم وحال استقرارها؛ فإن موازين القوة في منطقة القرن الإفريقي حتمًا ستتغير، وهو المرفوض إقليميًّا ودوليًّا.
وكان الرئيس الصومالي قد بحَث في وقت سابق مع نظيره الكيني الخلافَ بين البلدين، وتوصلا إلى تفاهمات تُنْهِي التوتر القائم، غير أن الحكومة الكينية لم تلتزم بتلك التفاهمات وضربت بها عرض الحائط، بل وصعدت ما تم وصفه بهجومها الشرس من أجل زعزعة أمن واستقرار البلاد، ومضايقة المسؤولين الصوماليين في مطاراتها، وعرقلة استخراج ثروة النفط في الصومال، هذا فضلاً عن مُطالباتها المتكررة بتأجيل الدعوى المتعلقة بالنزاع البحري بين البلدين لدى المحكمة الدولية دون مسوِّغ واضحٍ.
وقال “موريس كيريوجا”، الصحفي الكيني المتخصص في شؤون شرق إفريقيا، في تصريح لـ “قراءات إفريقية”: “إنَّ الأزمة الدبلوماسيَّة الأخيرة لم تكن مفاجئة، ونظرًا لأن مقديشو لديها انتخابات مقبلة، فقد اعتادت استخدام علاقتها المضطربة مع نيروبي كأداة سياسية محلية”.
وأوضح “كيريوجا” أن الرئيس “فارماجو” بحاجة إلى حشد جميع النقاط السياسية التي يمكنه الحصول عليها، وقضية كينيا لها اعتبارات مختلفة؛ لأنها ذات تاريخ طويل، فـكينيا والصومال خاضتا حربًا بالوكالة في الستينيات، والآن هناك قوات كينية في الصومال، وهناك قضايا محلية أخرى شائكة، مثل قضية جوبالاند، والسيطرة الكينية على المنطقة، والنزاع البحري، والعديد من القضايا المعلقة الأخرى. كما أن “فارماجو” لا يريد خروج قوات “أميصوم” من الصومال، هو فقط يريد سحب الوحدة الكينية واستبدالها بقوات إريترية.
وأكد “كيريوجا” لـ “قراءات إفريقية”، أن الحكومة الكينية تتدخل في الشؤون الصومالية، كما اعتادت دائمًا، فلديها قوات مسلحة في بعثة الاتحاد الإفريقي، ولها وجود عسكري نَشِط في الصومال منذ 10 سنوات؛ ووجود سياسي ودبلوماسي وتجاري لفترة أطول من ذلك بكثير، لكن تظل القضية الأساسية هي “جوبالاند”؛ حيث تُفضِّل كينيا الحفاظ على التدخُّل بشكل مباشر إلى حدّ ما، على عكس مقديشو؛ التي تفضّل مشاركة هذا التأثير مع المتدخلين الإقليميين والدوليين الآخرين. لكنَّ نيروبي استضافت مؤخرًا “موسى بيهي”، رئيس إقليم صوماليلاند، الأمر الذي من شأنه أن يعزز اتهامات التدخل.
صوماليلاند على خطّ الأزمة:
تفاقمت الأزمة الأخيرة بعدما قام رئيس أرض الصومال “موسى بيهي”، في أوائل ديسمبر الماضي بزيارة كينيا؛ تلبيةً لدعوة من الرئيس الكيني، وهي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها إلى كينيا منذ انتخابه رئيسًا لأرض الصومال عام 2017م؛ التي تُعتبر جمهورية غير معترَف بها دوليًّا، بعد ما أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991م.
ويثير موقف كينيا من علاقتها بأرض الصومال، شبهاتٍ وشكوكًا لدى الأوساط الصومالية الرسمية حول سياسات كينيا المستفزة تجاه الصومال؛ إذ وفرت نيروبي لصوماليلاند مكتب تمثيل سياسيًّا، وفجَّرت كينيا أزمة دبلوماسية عندما أعلن سكرتير الخارجية الكينية، ماتشاريا كامو، في 27 يونيو عام 2019م، أن “كينيا و”أرض الصومال” سيعملان على التعاون كبلدين مجاورين؛ وذلك بعد لقاءٍ جمعه مع ممثل الشؤون الخارجية لأرض الصومال، ما دفع الصومال لاستدعاء السفير الكيني في مقديشو احتجاجًا على موقف نيروبي من جمهورية صوماليلاند وتطبيع العلاقات معها ومنحها مكتب تمثيل سياسيًّا؛ حيث ترى الحكومة الصومالية في تلك الخطوات تصعيدًا خطيرًا يمسُّ وحدة الصومال، ويعزّز النزعة الانفصالية، وهو ما جعلها تبادر لقطع العلاقات مع كينيا.
وعن موقف كينيا من أرض الصومال؛ أضاف الصحفي الكيني، موريس كيريوجا، أن صوماليلاند أصبحت ورقة سياسية لنيروبي أفضل من جوبالاند لتلعب بها ضد مقديشو، فبالرغم من اهتمام كينيا بـ”جوبالاند” إلا أنها تشترك معها في الحدود، وعلى عكس فإن هرجيسا تبعد مسافة كبيرة، ولها خبرة في التعامل مع الوجوه المختلفة لمقديشو على مدى عقود، لذلك هي مهمة لـ”كينيا”.
وأضاف الشافعي أبتدون، مدير مركز الصومال للدراسات، لـ”قراءات إفريقية”، أن علاقة كينيا مع هرجيسا هي بمنزلة ورقة ضغط تمارسها نيروبي من أجل إخضاع حكومة مقديشو، وهو ما أدَّى إلى تفاقم الأزمة بدلًا من استجابة الصومال لمطالب كينيا، ويبقى هذا الجدال وتدهور العلاقات بين البلدين مفتوحًا إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق تاريخي جديد. ويرى “أبتدون”، أن تدهور العلاقات بين الجانبين له نتائج عكسية على اقتصادات البلدين، إلى جانب حركة التنقل والمسافرين، فضلاً عن النزاعات العرقية بين الصوماليين في كينيا والقبائل الأخرى.
حركة الشباب.. وأيادي الإرهاب:
مما يعقِّد الملف بين الجارتين نشاط حركة “الشباب” في الداخل الكيني، وتنفيذ عمليات وهجمات ضد القوات الكينية، إلى جانب اختطاف الكينيين والأجانب والسياح؛ مما مثَّل تهديدًا للأمن الكيني في المناطق الشمالية الشرقية. هذا فضلًا عن وجود مخاوف من تمدد هجمات حركة الشباب، وبشكل متكرّر في العاصمة الكينية، وذلك بعد تنفيذ مجموعات كينية تنتمي لحركة الشباب سلسلة هجمات منذ هجوم ويست غيت عام 2014م، وهو ما عَكَسَ الفشل الأمني الكيني في صدِّ هجمات حركة الشباب؛ التي تعهدت بتكثيف هجماتها منذ التوغل العسكري الكيني في الأراضي الصومالية.
وأدَّى تكرار حوادث خطف السائحين في كينيا مِن قِبَل “حركة الشباب” إلى تدخُّل كينيا عسكريًّا في الصومال في 2011م؛ بهدف التخلص من الحركة ومنع العمليات التي تنفّذها، لتبدأ منذ ذلك الحين الهجمات الإرهابية في البلاد من أجل الضغط على الحكومة لسحب قواتها من الصومال، إلا أن القوات الكينية التي توغلت في الأراضي الصومالية في أواخر عام 2011م، تم دمجها لاحقًا في بعثة حفظ السلام الإفريقية بشكل رسميّ في شهر فبراير عام 2012م بقرار من مجلس الأمن الدولي.
ورغم أن كينيا، الواقعة في شرق إفريقيا، لا تُمثّل بلدًا مركزيًّا في منظور الجماعات المتطرفة، إلا أنها تعرضت لهجمات متكررة منذ تفجير تنظيم القاعدة للسفارة الأمريكية في عاصمتها نيروبي سنة 1998م، ويذكر أن كينيا تحتضن نحو 250 ألف لاجئ صومالي، فروا من الحرب وأعمال العنف المستمرة في الصومال منذ 1991م.
في هذا الصدد يرى الشافعي أبتدون؛ أن حركة “الشباب” المرتبطة بالقاعدة، هي الفتيل الذي يحرك الأزمات الأمنية في القرن الإفريقي، وخاصة الصومال وكينيا، فنتيجة نشاط الحركة الذي يتصاعد، وخاصة في الداخل الكيني تنكشف تفاصيل الترهل الأمني الكيني لوقف المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد؛ إذ إن عناصر من حركة الشباب من أصول كينية ينفّذون هجمات دموية بشكل مستمر، وهو ما يُقلق الدوائر الأمنية الغربية والإقليمية من تمدُّد هجمات الشباب إلى مناطق أخرى في دول المنطقة؛ وخاصة جيبوتي الحاضنة العسكرية العربية.
كينيا والصومال.. تاريخ من النزاعات:
اتسمَّت العلاقات الكينية-الصومالية منذ الستينيات من القرن الماضي بالتوترات والمشاحنات السياسية؛ وذلك نظرًا للتداخل الجغرافي بينهما، إلى جانب العرقية الصومالية المتمركزة في شمال شرقي كينيا، وخاصة فيما يُعرَف بمنطقة “إن إف دي” (NFD)، التي كانت إحدى المستعمرات البريطانية، وقد ألحقته السلطات الاستعمارية بكينيا عام 1948م، لكن سكان الإقليم رفضوا هذا القرار. وتُعدّ هذه المقاطعة ثالث أكبر محافظة في كينيا بمساحة تبلغ 127.470 كم مربع، أي 20% من مساحة كينيا.
وفي عام 1963م، وافق الصوماليون على استفتاء أجرته كينيا على الانضمام إلى جمهورية الصومال، إلا أن كينيا ألغت هذا الاستفتاء بتعاون بريطاني، وتعرَّض الصوماليون في هذه المنطقة للتهميش، واندفعوا للمطالبة بالاستقلال والانضمام إلى الصومال الأم الذي استقل هو الآخر عام 1960م، إلا أن تلك المطالب تحوَّلت فيما بعد إلى حالة تمرُّد وثورة عارمة في الإقليم الشمالي بين عامي 1963-1967م، واندلعت أزمة دبلوماسية بين كينيا والصومال، لا تزال تأثيراتها متَّقدة في خضم العلاقات الدبلوماسية بين نيروبي ومقديشو.
وتُعدّ أيضًا أزمة الحدود البحرية والبرية بين البلدين من الأسباب الرئيسية لتوتر العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ وظهرت هذه الأزمة إلى العلن عام 2014م، عندما وقَّعت كينيا اتفاقيات مع شركات أجنبية، ومنها شركة “توتال” الفرنسية وشركة “إيني” الإيطالية، للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية المتنازَع عليها، والتي تصل مساحتها 100 ألف كم مربع، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي، ولا يزال ملف أحقية تلك المنطقة أمام محكمة العدل الدولية، والتي أجَّلت جلسة إصدار الحكم النهائي إلى مطلع يونيو من العام الجاري.
وفي هذا السياق أضاف “كيريوجا”، أن كلا الجانبين لديه القليل ليكسبه من المواجهة الطويلة، وكان قد التقى الرئيسان الصومالي والكيني في جيبوتي في أواخر عام 2020م، وعلى الرغم من أن هذا لم يضع حدًّا للصراع بعدُ؛ إلا أنه أعطى بعض الأمل في أن هذه الصراعات ستتبدَّد عاجلًا أو آجلًا. والآن فإن الرئيس الصومالي “فارماجو” مستعدّ لإعادة انتخابه، وهو بحاجة إلى أكبر عدد من الأسلحة السياسية للتعبئة في الداخل والخارج بقدر ما يستطيع، ورئيس كينيا لديه استفتاء هَشّ في الداخل يهدّد بإفشال مشاريعه الموروثة.
وعن وضع الصومال الداخلي وتأثيره على الأزمة الراهنة، يقول الشافعي أبتدون: إن هناك تأثيرًا بالغًا نتيجة غياب دولة صومالية مستقرة، وخاصة في شؤونها الخارجية؛ حيث إن الأزمات الداخلية الطاحنة والخلافات الداخلية باتت تنعكس سلبًا على السياسة الخارجية، وهو ما يظهر بشكل لافت في الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين نيروبي ومقديشو، نتيجة اتهام الأخيرة جارتها كينيا بالتدخل في شؤونها الداخلية وانتهاك سيادتها.
الصومال وكينيا.. إلى أين؟
عن مستقبل العلاقات يقول “أبتدون” لـ “قراءات إفريقية”: إنه يمكن حدوث اتفاق للتهدئة بين الجانبين، لكن شروط الاتفاق التاريخي مرهون بدولة صومالية مستقرة داخليًّا وخارجيًّا، فـكينيا تراهن حاليًا على عدم عودة “فرماجو” إلى الحكم، والاتفاق مع من يخلفه، لكن في حال تمديد ولاية “فرماجو”؛ فإن مستقبل العلاقات بين الجانبين سيصبح كارثيًّا، وتصبح المفاوضات في طي النسيان بين الجانبين.
بينما يرى د. السيد أبو فرحة، أن الصومال من العسير عليها الاستمرار في التصعيد؛ لأنها لا تملك تكلفته، كما أنه من غير المتوقع نجاحها في إعادة تقديم نفسها كفاعل مؤثر إقليميًّا؛ لأن معالجة فشل عقود لن يكون عبر النجاح في تجاوز أزمة وحيدة أو فترة زمنية قصيرة.
وقد اتخذت مقديشو مجموعة من الإجراءات التصعيدية ضد نيروبي، منها وقف استيراد القات الكيني، وحظر انعقاد المؤتمرات في نيروبي؛ حيث كانت العاصمة الكينية تمثل نقطة التقاء المنظمات الأممية العاملة في الصومال، وتم فرض تأشيرة على الكينيين؛ حيث أصدرت إدارة الهجرة والجنسية الصومالية قرارًا يفرض على حملة جواز السفر الكيني الحصول على تأشيرة دخول للأراضي الصومالية.
ويرى الصحفي موريس كيريوجا؛ أن التسوية تعتمد على ما يحدث في كلا البلدين، من الآن وحتى نهاية عام 2022م، وكلّ منهما لديه انتخابات يمكن أن تجلب قادة جددًا يغيّرون من طبيعة المشهد، أيضًا يجب التفكير في وباء كورونا، وغزو الجراد، وحرب إثيوبيا الداخلية في نوفمبر 2020م، هذه الصدمات سيكون لها آثار واضحة على دول شرق إفريقيا.
وفي ظل غضب مقديشو من تدخل كينيا في شؤونها الداخلية، ورفض كينيا الاتهامات الموجَّهة لها من الصومال؛ فإن الحديث عن تسوية بين الجارتين قد يتطلب وقتًا وجهودًا إقليمية ودولية، إلا أنَّ منطقة القرن الإفريقي لا تحتمل مزيدًا من النزاعات والتفكك، وسط أطماع إقليمية ودولية، فـهل نشهد تسوية سلمية قريبة؟، أم يتفاقم الصراع مُغيّرًا موازين القوى في المنطقة؟