شهدت دولة ساوتومي وبرينسيبي محاولة انقلاب عسكري في ليلة الجمعة الموافق 25 نوفمبر، أسفرت عن وقوع عدد من القتلى والمعتقلين، بعد نجاح الحكومة في التصدي لتلك المحاولة الانقلابية ودَحْرها، وتأتي هذه المحاولة الانقلابية المزعومة بعد أسبوعين من تنصيب الحكومة الجديدة برئاسة باتريس تروفوادا، زعيم حزب العمل الديمقراطي المستقل (ADI)، الذي فاز بالأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في 25 سبتمبر الماضي، وهو ما سمح له بالعودة إلى تولي منصب رئيس الحكومة للمرة الرابعة، وعقب الإعلان عن تلك المحاولة الانقلابية سادت حالة من القلق على المستوى الدولي والإقليمي؛ خشيةً من تصاعد موجة الانقلابات التي ابتُليت بها دول القارة الإفريقية مؤخرًا، وهو ما جعل العديد من رؤساء الدول والمنظمات الدولية تبادر بإدانتها وتعلن عن دعمها للحكومة المنتخبة في ساوتومي وبرينسبي.
ومن خلال هذه المقالة سوف نسلّط الضوء على هذه المحاولة الانقلابية المزعومة، وذلك في النقاط التالية:
أولًا: تفاصيل محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة:
في صباح ليلة الجمعة الموافق 25 نوفمبر 2022م، وتحديدًا في حوالي الساعة 12.40 دقيقة بالتوقيت المحلي، وطبقًا للرواية الحكومية للأحداث؛ فقد قام أربعة رجال مدنيين تتراوح أعمارهم بين 21، 24 عامًا، بالتسلل إلى داخل مقر قيادة الجيش بالعاصمة، وذلك بهدف الحصول على أسلحة لتسليمها إلى مجموعات أخرى كانت تنتظرهم خارج المعسكرات في شاحنات صغيرة تضم نحو 12 رجلاً، وبعد اكتشاف أمر المهاجمين الأربعة واعتقالهم، قامت العناصر التي تنتظرهم بالخارج بتبادل إطلاق النار بينهم وبين القوات الحكومية، مما أسفر عن إصابة الملازم العسكري “مارسيلو دا غراسا” على يد المهاجمين بجروح خطيرة، ثم قاموا بأخذه رهينةً، لكن القوات الحكومية تغلبت عليهم، وقامت بتحرير الملازم وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، بينما فرت المجموعات الموالية للمهاجمين، وقد استمرت هذه العملية حتى تمام الساعة السادسة من صباح الجمعة.
وعقب استقرار الأوضاع والسيطرة الأمنية على الثكنات، ظهر رئيس الوزراء باتريس تروفوادا في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة في مقابلة صحفية بُثِّت عبر شريط فيديو، تمت المصادقة عليه وإرساله إلى وكالة فرانس برس في ليبرفيل من قبل وزيرة العدل إيلسا دوس سانتوس أمادو فاز؛ حيث أعلن رئيس الحكومة، عن إحباط محاولة انقلابية، وذلك بفضل تصدي القوات المسلحة لها بصورة فعالة ومهنية.
وقال: إن كل الدلائل تشير إلى أن هذا الهجوم تم تدبيره بأمر من بعض الشخصيات من بينهم رئيس الجمعية الوطنية السابق دلفيم نيفيس، كما أضاف أن هؤلاء المهاجمين مرتبطون بكتيبة بوفالو “Bataillon Buffalo” سيئة السمعة، وهي مجموعة من المرتزقة من جنوب إفريقيا تم تفكيكها منذ عام 1993م، وقد كانت نفس هذه المجموعة قد شاركت من قبل في محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها ساوتومي وبرينسيبي في عام 2003م، وأشار كذلك إلى أن هذه العملية لم تكن مجرد أعمال سرقة؛ لأنها كانت هجومًا بأسلحة حربية على القوات المسلحة.
وأشار وزير الدفاع الوطني والإدارة الداخلية خورخي أمادو إلى وجود تواطؤ داخل الثكنات العسكرية مِن قِبَل عدد من الجنود، والذين قاموا بدورهم بتسهيل دخول هؤلاء المهاجمين إلى الثكنات العسكرية للاستيلاء على الأسلحة؛ حيث تم الكشف عن بعضهم، وتم اعتقال ثلاثة جنود برتبة عريف مِن قِبَل قوات الأمن الحكومية، كما أنه تم حظر الوصول إلى الموقع محل الحادث حتى تمت السيطرة على الوضع؛ حيث أضاف رئيس الوزراء في تصريحه أنه يودّ إخبار الأهالي والمقيمين في البلاد والجالية الأجنبية أن الوضع أصبح هادئًا وتحت السيطرة، مضيفًا أن المدارس القريبة من السكنات العسكرية تم غلقها بصورة مؤقتة لأسباب احترازية، كما أضاف أنه يأمل أن تؤدي العدالة وظيفتها في البلاد؛ لكونها لا تستحق هذه المشاكل وأن الشعب صاحب السيادة، وأن الشعب قد اختار الفريق الذي يوجّه أقدار البلاد بحرية، لكن البعض لا يقبل إرادة صندوق الاقتراع.([1])
ثانيًا: تداعيات محاولة الانقلاب العسكري:
أسفرت محاولة الانقلاب المزعومة عن مجموعة من التداعيات التي أعقبتها تتمثل فيما يلي:
1-مقتل المدنيين الأربعة الذين قاموا بالتسلل إلى الثكنات العسكرية: حيث أعلنت هيئة الأركان العامة أنها ألقت القبض على هؤلاء الأشخاص الأربعة، والذين وصفتهم بالمجموعة الأولى من المهاجمين، وقد تم القبض عليهم أحياء وإيداعهم داخل الثكنات العسكرية، غير أنه تم لاحقًا إعلان مقتلهم، دون الحديث عن الظروف التي أدت إلى موتهم، أو الطريقة التي قُتلوا بها، ولم يُعلن إلا عن كونهم ينتمون إلى مرتزقة كتيبة بوفالو، كما قيل: إنه قد تم استجوابهم قبل موتهم، وأنهم اعترفوا أن ديلفيم نيفيس، وأرليسيو كوستا هم من بين المخططين لهذا الهجوم والعقل المُدبّر له.
وبعد يومين من موتهم كشف رئيس أركان القوات المسلحة أولينتو باكيت، أنهم كانوا أربعة أشخاص ينتمون إلى كتيبة بوفالو سيئة السمعة، وقد تعاونوا مع 12 جنديًّا من عساكر الجيش، وأغروهم بمبالغ مالية كبيرة؛ وذلك من أجل تسهيل احتلالهم لمقر الثكنة العسكرية في العاصمة، وبعد حدوث تبادل عنيف لإطلاق النار، قام أحد عناصر المجموعة بالاستسلام ويدعى لوكاس؛ حيث تم القبض عليه، ثم تم القبض على باقي الجناة، ومعاونيهم من الجنود.
كما أضاف رئيس الأركان أنه لسوء الحظ تم فقد أرواح المهاجمين الأربعة، رغم بذل الجهد للحفاظ عليهم، وقد ادعى أن ثلاثة منهم ماتوا نتيجة انفجار عبوة ناسفة عندما حاولت القوات الحكومية تحرير الملازم الرهينة من أيديهم, وقد تم نقلهم إلى المستشفى لإنقاذهم لكن دون جدوى، وأن القتيل الرابع المدعو “أرليسيو كوستا” الذي تم الادعاء أنه من الممولين للانقلاب، وقد تم القبض عليه من منزله بعد اعتراف المهاجمين الذين تم أسرهم أنه أحد المخططين لعملية الانقلاب، وأنه قد مات نتيجة لقفزه من سيارة متحركة دون الخوض في مزيد عن تفاصيل وفاته، وفي رواية أخرى أنه مات بعد أن تم إطلاق الرصاص عليه أثناء محاولته الهروب من الثكنة العسكرية التي كان محتجزًا فيها.
ويُذكر أنه يحمل جنسية ساوتومي، وكان يتولى من قبل زعامة حزب الجبهة الديمقراطية المسيحية (FDC) وهو حزب معارض، كما عمل سابقًا ضابطًا في كتيبة بوفالو التي كانت موجودة في جنوب إفريقيا خلال فترة نظام الفصل العنصري، وتم حلها عام 1993م كما أسلفنا. ويُذكر أيضًا أنه سبق احتجازه من قبل في عام 2009م بتهمة التخطيط للانقلاب على حكومة ساوتومي وبرينسيبي.
غير أن هناك أحاديث تُشكّك في طريقة موت هؤلاء المهاجمين الأربعة، وذلك بسبب انتشار صور لهم تم تداولها عبر الإنترنت وعبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بتعرضهم للتعذيب، وأنهم تم تقييدهم وإعدامهم خارج نطاق القانون دون محاكمات، كما أضافت بعض المصادر الإخبارية أن عدد القتلى الإجمالي خمسة أشخاص، ينقسمون إلى أربعة مدنيين الذين نفّذوا الهجوم، وخامسهم أرليسيو كوستا المتهم بأنه الشخص الثاني في تدبير محاولة الانقلاب بصحبة دلفيم نيفيس، لكن تصريحات الجيش أفادت بأن مجموع القتلى 4 فقط، وأنه مازال أحد المهاجمين على قيد الحياة.([2])
2-اعتقال دلفيم نيفيس رئيس الجمعية الوطنية السابق: حيث تم القبض على رئيس الجمعية الوطنية السابق دلفيم نيفيس البالغ من العمر 57 عامًا من منزله في صبيحة يوم الجمعة؛ حيث صرّح رئيس الحكومة في خطابه أن دلفيم نيفيس يعد هو العقل المدبر لمحاولة الانقلاب، وأنه تم القبض عليه.
وفيما يتعلق بالخلفية السياسية لدلفيم نيفيس فقد كان يتولى منصب رئيس البرلمان المنتهية ولايته في 11 نوفمبر 2022م، وذلك منذ نوفمبر 2018م حيث كان يتولى منصب رئيس حزب التقارب الديمقراطي (PCD-GR) حينها، كما ترشح كذلك لمنصب رئيس الدولة في انتخابات 2011م، وانتخابات 2021م لكنه جاء في المركز الثالث في كليهما، ولكنه اعترض على النتائج في انتخابات 2021م؛ حيث طعن عليها بالتزوير غير أن المحكمة رفضت طعونه، وفي انتخابات الجمعية الوطنية الأخيرة التي جرت في سبتمبر 2022م ترشح على قائمة حزب حركة الباستا الذي تم إنشاؤه في يونيو 2022م، ولكنه لم يحصل إلا على مقعدين في الانتخابات، فاز دلفيم نيفيس بأحدهما، مما مكَّنه من الحفاظ على عضويته في الجمعية الوطنية لكنه لم يتولَّ منصب رئيس البرلمان مرة ثانية.
وقد أدَّت عملية اتهام دلفيم نيفيس بكونه أحد مخططي الانقلاب ثم القبض عليه إلى استنكار محاميه ورئيس الفريق القانوني للدفاع عنه هاميلتون فاز، حيث وصف الاعتقال بأنه اعتقال تعسفي، وأنه لم يتمكن من التواصل مع موكله، كما أضاف أن هذا الاعتقال غير مبرَّر، ووصف الأمر بأنه انقلاب على النظام الديمقراطي، لكون موكله محتجزًا في ثكنة عسكرية، وتُنتهك حقوقه وحريته، وقد يحدث له عمليات تعذيب، كما أضاف أنه يَعتقد أن حياة موكله قد تكون في خطر، بالإضافة إلى انتقاد البعض لعملية اعتقال دلفيم نيفيس؛ نظرًا لكونه نائبًا في الجمعية الوطنية، وكان يستلزم صدور إذن من البرلمان برفع الحصانة عنه قبل القبض عليه، وأن هناك إجراءات محددة لاعتقاله وفقًا لأحكام الدستور لم يتم الالتزام بها.([3])
وكذلك أضاف محاميه لاحقًا أنه قد تم نقل دلفيم نيفيس بصحبة عشرات المعتقلين الآخرين إلى مراكز الشرطة القضائية، وقيادة الشرطة الوطنية في آغوا غراندي في ساوتومي؛ حيث تم إيداع 12 متهمًا في مقر الشرطة الوطنية، وقيل: إن أعمارهم صغيرة جدًّا، بينما تم إيداع دلفيم نيفيس، وشخص آخر يقال: إنه عضو كبير في البنك المركزي بساوتومي في مقر الشرطة القضائية، وذلك بعد وساطة من مكتب الأمم المتحدة في البلاد، بالتنسيق مع السلطات العسكرية، ورئيس الجمهورية كارلوس فيلا نوفا، والمدعي العام كيلف نوبري دي كارفالو.
وقد تمكن منسق الأمم المتحدة في ساوتومي من زيارة قصيرة لنيفيس في مقر الشرطة القضائية، وقال: إنه كان بحالة جيدة، وصرح بأنه بريء من اتهامه بأنه العقل المدبّر للهجوم ومحاولة الانقلاب المزعومة، كما قال: إنه واثق جدًّا من العدالة ستأخذ مجراها، كما أدان محاميه عدم عرضه على النيابة؛ حيث ظل لليوم الثاني على التوالي دون التحقيق معه، مؤكدًا على أن اعتقاله غير قانوني فضلاً عن اعتقاله من قبل قوة عسكرية، وأن السلطات لم تكشف حتى الآن عن إظهار مذكرة اعتقاله، وأنه مصدوم مما تعرَّض له، خاصةً أنه يتعرض لظروف قاسية داخل مقر الحجز بحسب أقوال محاميه؛ حيث ظل لأيام ينام على كرسي، ولم يتم توفير له سرير أو فراش للنوم، رغم كونه خضع لعملية جراحية في ظهره قبل أشهر ويعاني من ارتفاع ضغط الدم، والسكر، وتورم قدميه، وقد قدم محاميه طلبًا إلى النيابة العامة لنقله إلى المستشفى لأسباب صحية، لكن لم يتم الرد على طلبه، ويطالب بحدوث تحقيق دولي لضمان سلامة موكله؛ لأنه بريء في وجهة نظره، ولا يوجد شيء يدينه سوي الادعاء بأنه مَن خطَّط للانقلاب مِن قِبَل أفراد تم قتلهم جميعًا بصورة سريعة، وكذلك أعلن محاميه أنه يخشى على حياة موكله بعد وفاة أربعة من المشتبه بهم، وقال بيدرو سيكيرا، عضو في فريق محامي نيفيس: إنه فوجئ بتدخل رئيس الوزراء، حيث يرى أن الإعلان عن حدوث محاولة انقلاب تتطلب تصريحًا من رئيس الجمهورية، وأضاف قائلاً: ما رأيناه هو أن رئيس الوزراء يتدخل في شؤون العدالة، وعندما يحدث ذلك نعلم أن سيادة القانون في خطر. ([4])
3-انتشار قوات الجيش في محيط الثكنات العسكرية والأماكن الحيوية في البلاد: حيث تم نشر العديد من القوات العسكرية لتأمين مقر الجيش، والثكنات العسكرية في البلاد، وكذلك انتشرت قوات عسكرية أخرى لتأمين مقر رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ومساكن أعضاء الحكومة؛ لتأمينهم من أي مخاطر قد تلحق بهم.
4-قيام النيابة العامة في البلاد بالتحقيق في الحادثة: حيث قامت النيابة العامة بفتح تحقيقين جنائيين، الأول للتحقيق في عملية الهجوم على الثكنات العسكرية بمقر الجيش، والتحقيق الثاني بشأن وقائع التعذيب والقتل المزعوم للمهاجمين المشتبه بهم، والمتهم أرليسيو كوستا؛ حيث كانت قد انتشرت صور لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظْهِر أجسادهم وعليها معالم التعذيب والدماء، وأيديهم مقيَّدة خلف ظهورهم، وهو ما تبيّن كذلك من مطالعة أجسادهم في المشرحة، وقد أعلنت السلطات القضائية أنه سيساعدها فريق من خمسة عناصر من الشرطة القضائية البرتغالية، وواحد من معهد الطب الشرعي في البرتغال، وهو طبيب خبير في علم الطب الشرعي، والذين وصلوا إلى البلاد بصورة سريعة مؤخرًا، حيث كانت السلطات في ساوتومي وبرينسيبي قدّمت طلبًا إلى البرتغال لترسل لها ذلك الفريق لمعاونتها في إجراء التحقيقات، وحثَّت الحكومة بشكل خاص مشرحة مستشفى أيريس دي مينيزيس المودع فيها جثث الضحايا بالحفاظ عليها بشكل مناسب، لحين وصول الفريق الدولي للتحقيق، والقيام بتشريح الجثث، لكشف ومعرفة الحقائق.([5])
ثالثًا: المواقف الداخلية والإقليمية والدولية من المحاولة الانقلابية المزعومة:
عقب الإعلان عن محاولة الانقلاب صدرت العديد من المواقف؛ سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، والتي يمكن عرضها فيما يلي:
أ-المواقف الداخلية:
1-موقف رئيس الدولة: قام رئيس الجمهورية كارلوس فيلا نوفا “والذي يتمتع بصلاحيات محدودة؛ نظرًا لكون نظام الحكم في ساوتومي نظامًا برلمانيًّا”، بالتعليق على الأحداث وذلك يوم الأحد الموافق 27 نوفمبر أي بعد يومين من إعلان محاولة الانقلاب؛ حيث شارك في حضور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الوطني في ساو تومي وبرينسيبي، والذي عُقِدَ في قصر الشعب، والذي انعقد بشكل عاجل لتحليل أحداث 25 نوفمبر؛ حيث صرح الرئيس فيلا نوفا بأن هذه العملية ارتُكبت بتواطؤ العديد من العناصر داخل القوات المسلحة، وأشار إلى أنه كان من الواضح أنها كانت محاولة للانقلاب على المؤسسات المنتخبة وقادتها، وطالَب بفتح تحقيق لتوضيح حقيقة ما حدث، معتبرًا أن محاولة الانقلاب تمت برعاية أولئك الذين لا يقبلون بنتائج الانتخابات ولا يحترمون أصوات الشعب التي عبر عنها في الصناديق، وأضاف أنه لا يوجد أحد يحاول الهجوم على ثكنة عسكرية للبحث عن الحلوى، وإنما كان هدف الهجوم هو الحصول على مواد حربية وأسلحة بمساعدة عناصر متواطئة، وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيدًا، كما ناشد جميع المؤسسات بإجراء التحقيقات اللازمة لتحقيق العدالة، ومعرفة جميع الأسباب والدوافع التي أدَّت لتلك الحادثة؛ حيث أكد أن الشرطة القضائية والنيابة العامة تقوم بالفعل بالتحقيق في هذه الوقائع، وأضاف أنه يأمل ألا تحدث مثل تلك الأمور مرة أخرى في البلاد، كما أدان أيّ محاولة لاغتصاب السلطة بالقوة أو باستخدام السلاح، ووجَّه التحية والشكر إلى المؤسسة العسكرية التي تصدَّت للمهاجمين، ودافعت عن المؤسسات المنتخبة ديمقراطيًّا بصورة سريعة وحازمة، وأظهرت عن استعدادها الجيد، وكذلك هنَّأ السلطات المختلفة لتصرُّفها الصحيح خلال تلك الأحداث، وأعرب كذلك عن أسفه لوجود خسائر في الأرواح، معزيًا الأسر المنكوبة.([6])
يُذْكَر أن رئيس الجمهورية كان من المقرّر أن يسافر إلى الرأس الأخضر وصربيا في زيارات لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، لكنه قام بإلغائها بسبب تلك الأحداث، وقد تم انتقاد موقف رئيس الجمهورية؛ وذلك لأنه تأخر لمدة ثلاثة أيام عن التعليق على تلك الحادثة، حيث أشار بعض المحللين في البلاد إلى أنه كان يجب عليه أن يكون أول مَن يتكلم، ويهدِّئ مِن قلق السكان؛ لكونه الممثل الأعلى للدولة، والضامن الأكبر لحماية الدستور، وكذلك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، والذي ينبغي طبقًا للتسلسل الهرمي للسلطة أن يكون أول مَن يتكلم عن الواقعة، لكن رئيس الحكومة استبقه في ذلك ولم يتحدث رئيس الدولة بدَوْره إلا متأخرًا للغاية، وكان رئيس الحكومة هو المنفرد برواية الأحداث التي تمت في ذلك الفجر الحزين.
2-موقف الحكومة: فيما يتعلق بموقف الحكومة فإن رئيسها الجديد باتريس تروفوادا أول من تحدث عن تفاصيل هذا الهجوم المزعوم، وأول مَن قام بتوصيفه بأنه محاولة انقلاب عسكري كما أسلفنا، كما أدان الحادث، وطالب الجهات القضائية والجيش بفتح تحقيق للكشف عن ملابسات الحادث، والكشف عن احتمالية وجود عناصر أخرى في الجيش قد يكون لها صلة بالعملية، كما قام مجلس الوزراء بعقد جلسة استثنائية وناقش الحادث، وقام بإدانته، ووصفه بأنه محاولة عنيفة لتخريب النظام الدستوري، وأعلن أنه سيتم التحقيق في محاولة الانقلاب لتوضيح الأحداث ومحاسبة كل مَن قد يتورط فيها، وكذلك التحقيق في الأسباب والظروف التي أدت إلى موت منفذي الهجوم. كما أعلنت الحكومة كذلك عن أسفها لوقوع وفيات وعبرت عن تعازيها لأسر الضحايا، كما طالبت الحكومة كذلك الدعم الدولي لمساعدة جهات التحقيق في الوصول للحقيقة، وقام مجلس الوزراء بتكليف وزير العدل ووزير المالية بتقديم كل ما يلزم من مساعدة للجهات القضائية من أجل الإسراع في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، كما أعلنت الحكومة أيضًا عن أسفها للصور التي تم تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي المتعلقة بالقتلى، وتضامنت مع الشعب في سخطه وإدانته لانتهاك حقوق الإنسان في البلاد وتعذيب الأسري.([7])
3-موقف القوات المسلحة: في صباح يوم الأحد الموافق 27 نوفمبر، قام رئيس أركان القوات المسلحة العميد أولينتو باكيت بعقد مؤتمر صحفي صرح خلاله بما حدث في محاولة الانقلاب ليلة الجمعة؛ حيث قال إن ثكنات مورو العسكرية تعرضت لهجوم، وكان ردّ فعلنا هو الدفاع المشروع عن المنشآت العسكرية، وكذلك الدفاع عن سيادة القانون والديمقراطية، كما أعلن عن وفاة أربع أشخاص من المشتبه فيهم، وأضاف أن القوات المسلحة ستضمن التحقيق في الاعتداءات المزعومة على المعتقلين الأربعة الذين لقوا حتفهم، وقال: إنه من أجل التأكد من الوقائع والتوصل إلى الحقيقة فقد صدرت معلومات إلى المفتش العام للقوات المسلحة من أجل إجراء تحقيق في الحادث، كما رد على سؤال يتعلق بما إذا كان الجيش قام بضرب وتعذيب المعتقلين وفقًا لما أظهرته الصور المتعلقة بالمتوفين؛ فأجاب بأنه لا يعرف تفاصيل ما حدث؛ لأنه لم يكن موجودًا هناك، ولذلك سيكون هناك تحقيق مِن قِبَل المفتش العام وفريقه للوصول للحقيقة.([8])
4-موقف المعارضة: عبّرت المعارضة عن العديد من المواقف؛ والتي تتمثل فيما يلي:
-موقف حزب المعارضة الرئيسي (MLSTP / PSD): حيث أعلنت حركة تحرير ساو تومي وبرينسيبي / الحزب الديمقراطي الاجتماعي (MLSTP / PSD) أكبر حزب معارض في البلاد في بيان له عن إدانته بشدة لمحاولة الانقلاب المزعومة التي وقعت بين عشية وضحاها على حد قولهم، كما أعلن الحزب تنصُّله من العمل الجبان لتغيير النظام الدستوري بالعنف، وعبّر عن تضامنه مع الجنود الذين أصيبوا دفاعًا عن الوطن في هذا العمل الهمجي، كما حثَّ السكان على التزام الهدوء والسكينة حتى لا يُصاب أحد بضرر، ولا يحدث خرق للديمقراطية والسلام الاجتماعي اللذين هما سمة مميزة لشعب ساوتومي، كما دعا الحزب كذلك إلى إجراء تحقيق فوري صارم وشفّاف ونزيه لكشف الظروف المحيطة بمقتل أربعة أشخاص خلال محاولة الانقلاب المزعومة، وتحديد الجناة المعنويين والماديين المرتكبين لتلك الأحداث، كما تأسَّف على صَمْت رئيس الجمهورية وتأخُّره في الحديث عن مجريات الأحداث الخطيرة التي حلت بالبلاد، كما حذر المتحدث باسم اللجنة السياسية للحزب راؤول كاردوسو السكان والمجتمع الدولي من وجود نزعة ديكتاتورية قادمة في البلاد، وذلك من خلال تنصيب حكومة ديكتاتورية تهدف إلى تكميم الأفواه، وترهيب المعارضين من خلال نشر الرعب والخوف والاضطهاد، ولا تهتم بقواعد الديمقراطية. كما أضاف في بيان تلاه على الصحفيين أن الحزب يدين بشدة العنف ضد مؤسسات الدولة، وضد المواطنين، وخاصة الطريقة الهمجية التي تم من خلالها تعذيب وإعدام المواطنين الأسرى والمقيّدين بشكل عنيف وقتلهم في داخل الثكنات العسكرية، كما طالبت المعارضة كذلك بالإفراج عن المعتقلين خوفًا على حياتهم من الموت، وكذلك طالب الحزب التوضيح من رئيس الحكومة الجديد عن وجود قوة عسكرية خاصة تُدْعى (PK) تم تشكيلها لتكون حرسًا شخصيًّا له، وأضاف الحزب أنه أجرى العديد من الاتصالات مع الأمم المتحدة، وممثلي السلك الدبلوماسي المقيمين في البلاد، والقوى السياسية الوطنية من أجل معرفة حقيقة هذا الوضع.([9])
وفي بيانٍ ثانٍ للحزب طالب بإجراء نقاش برلماني حول أحداث الجمعة، على أن يتم تحديده في أقرب وقت في مقر البرلمان، بالإضافة إلى ما سبق فقد رفض الحزب المشاركة في حضور جلسة البرلمان المتعلقة بمناقشة برنامج الحكومة الجديدة؛ تعبيرًا عن استيائه وحزنه على الوضع في البلاد؛ حيث صرح دانيلو سانتوس رئيس المجموعة البرلمانية للحزب بأنه لا يمكن للحزب الذي قاد النضال التاريخي أن يتغاضى عن الوضع الحالي في البلاد، كما وصف الأحداث بأنها خطيرة ومعقَّدة للغاية، ولا يمكن نسيانها وتستحق تحليلاً عميقًا وعاجلاً، لكونها تُشكّل خطرًا على تعزيز التماسك الاجتماعي ووحدة البلاد، وهو ما يستوجب تنحية الخلافات الشخصية، والمشاجرات السياسية المصطنعة التي تؤدي إلى الكراهية والأحقاد وتضر بمصلحة المجتمع.([10])
-موقف حزب حركة الباستا: أعرب ليفي نازاري النائب الثاني لحركة الباستا التي لم تفز إلا بمقعدين في الانتخابات التشريعية الأخيرة عن أنه “كان لدلفيم نيفيس المتهم بتدبير الانقلاب واحد منهما”, عن أسفه قائلاً: إن الطريق الذي تسلكه بلادنا هو طريق منحدر جماعي، كما أضاف أنهم إذا كان عليهم أن يقتلوني فليفعلوا حتى يشعر السكان بأنهم في نفس الطاولة، كما يمكنهم الاستيلاء على ممتلكاتي، لكنهم لن يسلبوا حريتي وطريقتي في التفكير، ويذكر أيضًا أنه قام ببث تسجيل صوتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي نأى فيه بنفسه عن الهجوم على ثكنات الجيش، مؤكدًا على أنه دافع دائمًا عن سيادة القانون، وترك رسالة وداع لعائلته في حال تم القبض عليه أو قتله، كما انتقد أوضاع البلاد قائلاً: هل هذا هو البلد الذي نريده؟!([11])
-موقف رئيس الحكومة السابق خورخي بوم جيسوس: من جانبه أعرب رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب المعارضة الرئيسي (MLSTP / PSD) خورخي بوم جيسوس، عن أسفه للطريقة الهمجية المفرطة والتعسفية التي أدارت بها السلطة الأمور، كما أعلن أنه موجود خارج البلاد في إسبانيا للمشاركة في المؤتمر السادس والعشرين للاشتراكية الدولية، وطالَب بفتح تحقيق دولي لتقييم ما حدث خلال محاولة الهجوم على الثكنات العسكرية، كما أضاف أنه حزين للنتائج المأسوية التي حدثت مِن قتل للمتهمين، واعتقال رئيس الجمعية الوطنية السابق دلفيم نيفيس، والذي أعلن عن دعمه له ولأسرته، وأضاف أنه لا ينبغي الخلط بين فوز الحكومة بالأغلبية المطلقة والاستبداد، مؤكدًا على أن حقوق الإنسان لا يمكن سَحْقها، ولا ينبغي أن يكون هناك مجال لترسيخ ثقافة الكراهية والانتقام ونشر الخوف في البلاد.([12])
-موقف رئيس الحكومة الأسبق غابرييل كوستا: ومن جانبه صرّح غابرييل كوستا رئيس الوزراء الأسبق في اتصال هاتفي من مقر إقامته في الجابون بأن ما حدث من قتل للمتهمين هو انتهاك خطير للحقوق الأساسية للمتهمين، وأنه في مهمة لإخبار المجتمع الدولي بخطورة ما حدث، وأن الوضع بمثابة برميل بارود قابل للانفجار، كما قال: إنه عم أرليسيو كوستا المتهم بتدبير الانقلاب والذي تم قتله داخل الثكنة العسكرية، لكنه شدَّد على أنه قد انسحب من الحياة السياسية في البلاد منذ ترك منصبه في رئاسة الحكومة؛ حيث كان قد تولى رئاسة الحكومة بعد إقالة باتريس تروفوادا في 2012م، كما أضاف أنه ليس معتقلاً في الجابون، لكنه كان عائدًا من رحلة في توجو، وطلب النزول في الجابون للتواصل مع سفارات الاتحاد الأوروبي وفرنسا المعتمدة أيضًا في ساوتومي، وقد أعرب عن أسفه لوفاة المتهمين، ووفاة ابن أخيه، ووصف قتلهم بأنه تم من أجل إسكاتهم، منتقدًا دور رئيس الجمهورية، ودور رئيس الحكومة الذي تخطَّى صلاحياته، وقام بتوصيف الانقلاب وتحديد مدبّريه في تَخَطٍّ منه للجهات المختصة بذلك.([13])
5-موقف منظمات المجتمع المدني: أعلنت العديد من منظمات المجتمع المدني في البلاد عن إدانتها للحادث؛ حيث قام اتحاد المنظمات غير الحكومية (FONG) بإصدار بيان عبَّر فيه عن إدانته بشدة لأي محاولة تهدف لتقويض النظام العام وتبنّي العنف، كما أدانت ما تعرَّض له المتهمون من قتل وتعذيب رغم كونهم تحت تحفُّظ القوات المسلحة، وهو ما يُخالف الالتزامات الدولية والإقليمية التي تعهَّدت بها ساوتومي من احترام حقوق الإنسان، وكذلك طالب الاتحاد بضرورة حدوث تحقيق دولي لضمان ظهور حقيقة ما حدث مع نشرٍ لاحقٍ لنتائج التحقيقات لتطمين الرأي العام، بالإضافة إلى ضرورة تحديد جميع الفاعلين من الطرفين ومحاسبتهم، وخاصةً الذين قاموا بقتل المتهمين بصورة مفزعة، كما اقترح الاتحاد كذلك أن يتم اعتبار يوم 25 نوفمبر من كل عام، هو اليوم الوطني لحقوق الإنسان في ساوتومي وبرنسيبي بصورة رسمية.([14])
6-موقف نقابة المحامين: من جانبها أعلنت نقابة المحامين عن إدانتها للحادث، كما شجَبت ما تعرَّض له الضحايا، ووصفته بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، كما صرَّح نقيب المحامين في البلاد ويلفريد مونيز، بأن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بدأ في استجواب نحو 5 معتقلين من الجنود الذين تم اتهامهم في القضية، وقال أيضًا: إن عدد المحتجزين على خلفية هذه القضية بلغ 17 شخصًا، العديد منهم من العسكريين ذوي الرتب المنخفضة، وكذلك من بينهم رئيس الجمعية الوطنية دلفيم نيفيس، كما أضاف أن محامي المتهمين تمكنوا من التواصل معهم بعد أن تم نقلهم إلى مقرات الشرطة القضائية، وأن نقابة المحامين تمثل عددًا كبيرًا منهم، مستنكرًا أن أكثرهم لا يوجد مذكرة اعتقال صدرت بحقهم تستوجب اعتقالهم وهو ما يخالف القواعد القانونية، بالإضافة إلى اعتراف بعض المتهمين أثناء التحقيقات في المحكمة بأنهم تعرضوا للضرب في الثكنات العسكرية، وتعرضهم لجروح وإصابات؛ حيث طالبت نقابة المحامين بضرورة تلقيهم العلاج.([15])
وفي سياقٍ متصل أدان المدعي العام السابق لساوتومي أديلينو بيريرا أحداث التعذيب والقتل التي حدثت للمتهمين، قائلاً: إن ذلك غير مسموح به في ظل سيادة القانون، كما صرحت كذلك القانونية سيليزا ديوس ليما أنها تدين جميع أشكال التعذيب والإذلال والمعاملة المهينة، وأكدت على أن لكل معتقل الحق في افتراض البراءة، والحق في الدفاع الكامل، وحق الاستماع لأقواله مع عدم تعرُّضه للتعذيب، كما التقت هي والمدعي العام السابق بالمتهمين في الحجز، وذكّرتهم بحقوقهم القانونية، كما أشاروا إلى أن المتهمين أعمارهم صغيرة جدًّا.([16])
7-موقف الشعب: لقد تمثل الموقف الشعبي في إدانة الهجوم المزعوم، والمطالبة بالكشف عن حقيقته، ومعاقبة المتورطين فيه، كما سادت حالة من الخوف والفزع بعد انتشار صور المتهمين بالهجوم على ثكنات الجيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعليهم آثار التعذيب؛ حيث عبر العديد من أبناء الشعب عن استيائهم مما تعرَّض له هؤلاء الأشخاص من تعذيب، وانتهاك حقهم في المحاكمة العادلة، والحق في الحياة، واصفين ما حدث لهم بأنه لا يمكن وصفه إلا بالمجزرة، كما لزم أغلب السكان منازلهم خوفًا من تطور الأحداث رغم تأكيد وزير الدفاع والحكومة أن الوضع هادئ وتحت السيطرة تمامًا، بالإضافة إلى مطالبة المدارس من أولياء الأمور بإبقاء أبنائهم في البيوت وغلق المدارس لحين استقرار الأوضاع، ولكن سرعان ما عادت الحياة إلى طبيعتها؛ خاصةً أن المحاولة المزعومة تمت في الليل، وانتهت في ساعة مبكرة من الصباح، ولم يشاهد أحداثها أحد من السكان إلا عدد محدود، ونظرًا لكون الثكنات العسكرية التي تم الهجوم المزعوم عليها توجد حاليًا بين المناطق السكنية، فقد طالب العديد من السكان المجاورين لها السلطات الحكومية بضرورة العمل على نقلها من المناطق السكنية؛ لكونها تمثل خطرًا على السكان والمدنيين في حالة تعرضها لهجوم جديد قد يكون أعنف مما سبق، كما يذكر أنه قد جرت مظاهرات أمام مقر الشرطة القضائية الذي يعتقل فيه المتهمون، شارك فيها عشرات الأشخاص اعتراضًا منهم على الطريقة التي تمَّ بها تعذيب وقتل المتهمين الأربعة.([17])
ب-المواقف الإقليمية:
-مواقف المنظمات الدولية الإقليمية:
1-موقف الاتحاد الإفريقيAU) ): قام موسي فقي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بالتنديد بمحاولة الانقلاب العسكري التي جرت في ساوتومي، مُعبرًا عن قلقه العميق من محاولة خرق الدستور، كما أضاف في بيانه أنه يدين بأشد العبارات تلك المحاولة الانقلابية التي تُشكل هجومًا غير مقبول على مؤسسات الدولة، مضيفًا أن الهجوم على الثكنات يشكل انتهاكًا خطيرًا لأحكام وقوانين الاتحاد الإفريقي المتعلقة بالديمقراطية والحكم الرشيد. وفي ذات السياق قام الرئيس السنغالي ماكي صال بوصفه الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي بإدانة محاولة الانقلاب بشدة، معلنًا أن الاتحاد الإفريقي يرفض الاستيلاء على السلطة بالقوة رفضًا قاطعًا.([18])
2-موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS): كانت الإيكواس من أسرع المنظمات الإقليمية التي تفاعلت مع أحداث ساوتومي وبرنسيبي، وذلك لكون رئيس غينيا بيساو وهي دولة ناطقة بالبرتغالية مثل ساوتومي، هو الرئيس الدوري للإيكواس حاليًا؛ حيث أعلن الرئيس عمرو سيسوكو عن إدانة الإيكواس لمحاولة الانقلاب، بشدة وحزم، معلنًا دعمه لساوتومي التي وصفها بأنها نموذج للديمقراطية البرلمانية في إفريقيا. كما أضاف أن أيّ عمل يُعرّض سيادة الدولة للخطر فإنه غير مقبول، وكذلك أعلن عن تضامنه التام مع رئيس الدولة ورئيس الحكومة وشعب ساوتومي، معربًا عن أمله في أن تظل المؤسسات متماسكة وموحدة من أجل صالح وتنمية ساوتومي، كما عبر عن بالغ تقديره واحترامه لموقف القوات المسلحة والشرطة التي تصدت للحادث ودعمت النظام الدستوري في البلاد، ويذكر أن ساوتومي ليست عضوًا في الإيكواس لكن جاء موقف رئيس الإيكواس داعمًا لها لكونها دولة ناطقة بالبرتغالية مثل بلاده، وكذلك محاولة للتصدي لموجة الانقلابات العسكرية المتصاعدة في دول القارة؛ حيث شهدت منطقة الإيكواس مؤخرًا عدة انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو، كما أن الموقع الجغرافي لساوتومي ليس بعيدًا عن دول منطقة الإيكواس فهي امتداد جغرافي ساحلي لهم.([19])
3-موقف المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (ECCAS): تقع دولة ساوتومي في النطاق الجغرافي لإقليم وسط إفريقيا، ولهذا فهي عضو في المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، والتي بدورها سارعت بالتدخل في الأحداث التي شهدتها ساوتومي؛ حيث قامت المجموعة بالتعاون مع الأمم المتحدة بإرسال بعثة مشتركة لتقصي الحقائق في ساوتومي؛ حيث قام رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، الأنجولي جيلبرتو دا بيدادي فيريسيمو، ورئيس مكتب الأمم المتحدة في إقليم وسط إفريقيا النيجيري عبدو أباري، بالتوجه إلى ساوتومي حيث قاما ببعثة مشتركة لتقصي الحقائق على مدار يومي 26، 27 نوفمبر، التقوا خلالها برئيس البلاد، ورئيس الحكومة، ورئيس أركان الجيش، وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية من بينها حزب حركة الباستا الذي ينتمي إليه دلفيم نيفيس المعتقل والمتهم بمحاولة الانقلاب؛ حيث أعلنوا خلال لقائهم عن إدانتهم لأي محاولة للانقلاب بشدة، رافضين لعملية الاستيلاء على السلطة بالقوة والسلاح، وأكدوا أنهم متضامنون مع شعب وحكومة ساوتومي، كما أعربوا كذلك عن تعازيهم لأسر الضحايا الذين سقطوا خلال تلك الأحداث، معلنين عن رفضهم كذلك لانتهاكات حقوق الإنسان، داعين جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، وتفضيل الحوار في تسوية الخلافات السياسية، بالإضافة إلى وصفهم للصور التي تم تداولها للسجناء المقتولين بأنها غير مقبولة على الإطلاق، ويجب إجراء تحقيق للوصول للحقيقة، وأن البعثة ستدعم تلك التحقيقات لدورها في تعزيز السلام والأمن الإقليمي.([20])
-مواقف الدول الإفريقية:
فيما يتعلق بمواقف الدول الإفريقية فقد أدانت العديد من دول القارة تلك المحاولة الانقلابية المزعومة، ومن بينها غينيا بيساو والسنغال وأنجولا؛ وذلك أثناء تصريحات رؤسائها الذين يتولون الرئاسة الدورية لعدة منظمات دولية إقليمية، كما أصدرت كذلك عدة حكومات إفريقية بيانات إدانة للحادث وتضامنت مع ساوتومي، من بينها حكومة نيجيريا التي أصدرت بيانًا للمتحدث وزارة الخارجية أعلن فيه عن تضامن بلاده مع الحكومة المنتخبة ديمقراطيًّا في ساوتومي، كما دعا الشعب إلى تقديم الدعم اللازم للحكومة الجديدة لمواجهة التحديات ودعم المكاسب الديمقراطية.([21])
وفي ذات السياق أدان رئيس جمهورية الرأس الأخضر خوسيه ماريا نيفيس الأحداث واصفًا إياها بالانتفاضة المسلحة، وأعلن عن دعمه لساوتومي حكومةً وشعبًا.([22])
ج-المواقف الدولية:
1-موقف الأمم المتحدة (UN): لقد قامت الأمم المتحدة بعدة مواقف في هذه الأحداث تتمثل في قيام إيريك أوفيرفيست ممثل مكتب الأمم المتحدة في ساوتومي بإعلان دعم الأمم المتحدة لكل ما يتماشى مع احترام سيادة القانون والدستور والتشريعات الوطنية، والاتفاقيات الدولية، كما تدخل في رعاية عملية نقل المعتقلين من الثكنات العسكرية إلى مقرات التحقيقات المناسبة؛ حيث نقلوا إلى مقرات الشرطة القضائية والوطنية، وقد أثنى على موقفهم، وكذلك قام بلقاء قصير مع دلفيم نيفيس داخل محبسه للاطمئنان على سلامته، وصرح أنه كان في حالة جيدة بشكل عام، وأنه أخبره ببراءته، وحكى له عن ظروفه المرضية التي حكاها بدوره للشرطة القضائية التي قالت: إنها ستعامله معاملة حسنة، وستسمح له بالحصول على الأدوية والطعام والماء والمساعدة القانونية، كما وجَّه الدعوة للسلطات بالحفاظ على الهدوء، وعلى سمعتها المعروفة بالديمقراطية، وفي ذات السياق قام رئيس مكتب الأمم المتحدة في إقليم وسط إفريقيا بالمشاركة في بعثة تقصي الحقائق التي ذكرناها أعلاه.([23])
2-موقف الاتحاد الأوروبي (EU): تفاعل أيضًا الاتحاد الأوروبي مع الأحداث في ساوتومي؛ حيث قام بإصدار بيان أدان فيه بشدة محاولة الانقلاب المزعومة، وشدد على أنه واثق في أن السلطات ستوضح الحقائق وتحاسب المسؤولين، مع مراعاتها لحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية التي يشترك فيها الاتحاد الأوروبي وساوتومي، كما أضاف أن الاتحاد الأوروبي على اتصال بسلطات البلاد ويراقب الوضع، ويدعو الجميع إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد.([24])
3-موقف مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية (CPLP): لكون دولة ساوتومي دولة ناطقة بالبرتغالية وعضوًا في مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية، فقد أصدرت الجماعة بيانًا عبَّرت فيه عن موقفها من الأحداث، حيث قام رئيس دولة أنجولا جواو لورينسو بإصدار بيان بصفته الرئيس الحالي لمجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية، أعلن فيه عن متابعته بقلق للأحداث التي وقعت في ساوتومي، وإدانته لكل ما يُعطّل مسار النظام الديمقراطي والدستوري، وكذلك أعلن عن حزنه للخسائر التي وقعت في الأرواح البشرية، وناشد السلطات أن تعمل بروح العدالة من أجل توضيح الموقف، مع اتباع الإجراءات المطلوبة لاحترام حقوق الإنسان، وأضاف أيضًا أن أنجولا ستواصل رصدها لتطورات الأحداث، وأنها مستعدة للعب الدور المطلوب منها في نطاق مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية بهدف بناء قاعدة واسعة من التفاهم بين جميع الأطراف في ساوتومي وبرنسيبي، ويذكر أن مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية تعرَّضت للنقد لكونها لم تقم بلعب دور أوسع في تلك الوقائع واكتفت بهذا البيان على حد قول البعض.([25])
4-موقف منظمة العفو الدولية (AI): من جانبها أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها العميق من الأحداث التي وقعت في ساوتومي، معربةً عن أسفها لعدم اتباع القواعد الأولية المفروض اتباعها في التحقيقات، وكذلك أبدت قلقها من عدم احترام حقوق الإنسان في البلاد، مطالبةً بضرورة إيضاح الحقائق وكشف الغموض الذي يخيّم على الأحداث، كما طالبت بإجراء تحقيق دولي مستقل لإظهار الحقائق بصورة صحيحة، ومن جانبه صرح بيدرو نيتو المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في البرتغال بأن المعلومات المتعلقة بالحادث قليلة، وبعضها ليس منطقيًّا تمامًا، كما طالب بالتحقيق في كل ما حدث بما فيه انتهاكات حقوق الإنسان، وعمليات التعذيب والقتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات التعسفية دون سند قانوني، وطالب أيضًا بتعويض عائلات الضحايا الذين سقطوا في الحادث، وأضاف أنه يجب على الكيانات الرسمية الدولية كالأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي أن تتدخل وتقوم بإجراء تحقيق عادل في كل ما حدث.([26])
5-موقف البرتغال: لقد قامت العديد من الدول بإدانة الأحداث التي وقعت في ساوتومي، غير أن أبرزها كان موقف البرتغال؛ لكونها القوة الاستعمارية السابقة لساوتومي؛ حيث أعلن الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوزا عن قلقه إزاء محاولة الانقلاب التي حدثت في ساوتومي، مخاطبًا الصحافة أن البرتغال تتابع الأمر بقلق، وتأمل أن يكون هناك تطور إيجابي في مسار الأحداث، كما أعلن كذلك وزير خارجية البرتغال عن إدانته لمحاولة الانقلاب، داعيًا إلى احترام النظام الدستوري، كما أعلن أنه أجرى اتصالًا هاتفيًّا برئيس وزراء ساوتومي وأبلغه أن الأمور عادت إلى طبيعتها، وكذلك قامت وزارة العدل في البرتغال بتلبية طلب حكومة ساوتومي، وأسرعت في إرسال فريق المحققين لمعاونتهم في التحقيقات المتعلقة بالحادث، ومن جانبها قالت آنا جوميز عضوة البرلمان البرتغالي السابقة، والمرشحة الرئاسية البرتغالية السابقة بأنها حصلت على صور القتلى المعذبين، ووصفتها بالصور البشعة، وطالبت بإجراء تحقيق دولي مستقل لكشف الحقائق.([27])
رابعًا: تحليل محاولة الانقلاب:
بعد أن استعرضنا تفاصيل المحاولة الانقلابية المزعومة، وحاولنا استقصاء الأحداث والوقائع بصورة دقيقة ومتعمقة للوقوف على كافة الخيوط والمسارات التي يمكن أن نستشف منها الحقائق، يتضح لنا أن توصيف هذه الأحداث بأنها محاولة انقلابية للإطاحة بالحكومة المنتخبة، هو أمرٌ لا تدعمه الأدلة، وأن هذه الوقائع قد يستشف منها وجود مؤامرة تم تدبيرها مِن قِبَل رئيس الحكومة الجديد باتريس تروفوادا، الهدف منها التخلص من خصومه السياسيين في المعارضة، وعلى رأسهم دلفيم نيفيس وذلك للأسباب التالية:
1-ضعف الرواية الحكومية التي قدمها رئيس الحكومة: حيث إن الرواية التي قدمها رئيس الحكومة للأحداث، ووصفه لها بمحاولة الانقلاب ضعيفة للغاية، ولا تتماشى مع محاولات الانقلاب العسكري التي شهدتها دول القارة الإفريقية؛ وذلك لكون المتهمين عددهم قليل لا يزيد عن 4 أشخاص، كما أنهم لم يكونوا مسلحين، بالإضافة إلى أن محاولات الانقلاب تتم عادة بالهجوم على القصر الرئاسي للتحفظ على رئيس الدولة، أو على مقر مجلس الوزراء للتحفظ على رئيس الحكومة والوزراء، أو حتى الهجوم على مقرات سكنهم، أوكذلك السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي، وكل هذه الأمور لم تتم في هذه المحاولة المزعومة، وكذلك أن أعمار المتهمين كانت صغيرة للغاية؛ حيث قيل: إن أعمارهم تتراوح ما بين 21 إلى 24 عامًا، وكذلك لم يكن من بينهم عسكريون، وهو ما يشكك في قيام شباب صغار من المدنيين بمحاولة القيام بانقلاب عسكري، بل إن الجنود العسكريين الذين تم اتهامهم بالتعاون معهم كانوا من صغار الرتب والمتمثلة في رتبة عريف، وتلك الرتب لا يمكنها القيام بالتخطيط لمحاولة الإطاحة بالحكومة، والانقلاب عليها؛ لأن الانقلابات عادة تتم مِن قِبَل الرتب العليا في الجيش، وأحيانًا تتم مِن قِبَل الرتب الوسطى في حالة كونهم مدعومين من إحدى وحدات الجيش أو فصيل عسكري له شعبية بين الضباط.
2-إتلاف الأدلة المقدمة من خلال قتل المتهمين الرئيسين: حيث إن عملية تصفية المتهمين وقتلهم بمثابة إتلاف للأدلة التي يمكن الاستناد عليها في إثبات أقوال المتهمين، وهو ما يفسح المجال للحكومة في تحديد ما يحلو لها من وقائع ونسبتها إلى هؤلاء القتلى، بل إنَّ الزج باسم أرليسيو كوستا، والقبض عليه من منزله ثم قتله، واتهامه بالاشتراك في تدبير محاولة الانقلاب، يوحي بأنه قد تمَّ الزَّجّ باسمه لإقناع الرأي العام بحقيقة حدوث محاولة انقلاب؛ وذلك لكونه قد تم اتهامه بمحاولة انقلاب سابقًا في عام 2009م، وكذلك لكونه قد عمل سابقًا في كتيبة بوفالو سيئة السمعة، والتي تم اتهامها بالمساعدة في محاولات انقلاب 2003، و2009م، ولذلك أراد المتآمرون إحباك المؤامرة من خلال الزج باسم أرليسيو كوستا لمحاولة إقناع الرأي العام الداخلي والدولي بحقيقتها، كما لا أستبعد أن عملية قتله كانت بمثابة عمل انتقامي لكونه كان رئيسًا لحزب سياسي معارض من قبل لباتريس تروفوادا، كما أنه ابن أخو رئيس الحكومة الأسبق غابرييل كوستا والذي تولى منصب رئيس الحكومة بعد إقالة باتريس تروفوادا في 2012م، وقد يكون قتل ابن أخيه عملية انتقامية منه، وتصفية لحسابات سياسية قديمة بينهما، استحضرها باتريس تروفوادا بعد إعادة توليه رئاسة الحكومة من جديد، خاصة أن غابرييل كوستا عندما تولى رئاسة الحكومة في 2012م كان قد قام باتهام حكومة باتريس تروفوادا المستقيلة بارتكاب العديد من أعمال الفساد وسوء الإدارة، واختلاس الأموال المخصصة للمستشفيات والثكنات العسكرية، كما اتهم تروفوادا بأنه قام بإتلاف جميع المستندات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر لإتلاف أي أدلة قد تُدينه، كما انتقد تروفوادا كذلك لقيامه بإنفاق نحو 300 ألف يورو على رحلاته التي تمت منذ 2011م، وقد تم فتح تحقيق قضائي حينها للتحقيق في تلك الاتهامات، ولكن تروفوادا كان قد بادر بالسفر إلى خارج البلاد ولم يرد على التهم الموجهة إليه.([28])
ويبدو أن تروفوادا بعد توليه السلطة مجددًا، وجد أن الفرصة قد أصبحت مهيأة له للانتقام من خصومه وتصفية حساباته القديمة مع معارضيه، وعلى رأسهم غابرييل كوستا وقام بقتل ابن أخيه، وذلك رغم تولي تروفوادا رئاسة الحكومة للمرة الثالثة في 2014م، لكن يبدو أن اللحظة لم تكن مناسبة له لينتقم من غابرييل كوستا آنذاك.
3-وجود عدد من التناقضات في رواية الأحداث: حيث يوجد عدد من التناقضات الظاهرة والتي تشكك في حقيقة تلك المحاولة الانقلابية المزعومة، والتي من بينها التناقض في التصريحات المتعلقة بطريقة موت المتهمين؛ حيث تشير الصور التي تم ترويجها لهم أنهم تعرضوا للتعذيب، وتم قتلهم داخل الثكنات العسكرية، بينما صرحت القوات المسلحة أنهم ماتوا نتيجة انفجار عبوة ناسفة، وكذلك يوجد تناقض يتعلق بسن القتلى حيث تشير الصور إلى أن أعمارهم تتراوح ما بين الثلاثين والأربعين، بينما تم التصريح أن أعمارهم ما بين 21، و24، بالإضافة أن رئيس الحكومة قال: إن القتال استمر لمدة 6 ساعات، ورغم ذلك لم يسقط أحد من الفريقين أثناء القتال أو حتى تعرض لإصابات، بل إن الرواية الحكومية تقول: إنهم كانوا مدنيين عُزّل وليس معهم سلاح، وأنهم دخلوا لسرقة أسلحة لتسليمها إلى أعوانهم في الخارج، وهو ما يثير التساؤل عن كيف يقوم أشخاص بالهجوم على ثكنة عسكرية لمحاولة انقلاب دون أن يكونوا مسلحين في الأساس، كما أن المتهمين بتدبير محاولة انقلاب سواء دلفيم نيفيس أو أرليسيو كوستا يمكنهم تسليح كتائب عسكرية كاملة إذا أرادوا ذلك بالفعل؛ لكونهم من الشخصيات القديمة في المشهد السياسي، ومن المؤكد أن لهم أنصارًا داخل الجيش، بل وكذلك من خلال علاقاتهم الخارجية يمكنهم شراء وإدخال شحنات سلاح بمنتهى السهولة للبلاد، دون الحاجة إلى سرقة أسلحة من المعسكرات، بل وكذلك لو أرادوا تنفيذ محاولة انقلاب حقيقية كان بإمكانهم تمويل عدد من الرتب العسكرية الكبيرة أو حتى المتوسطة، أو في أسوأ الظروف تمويل أحد الجنرالات المتقاعدين، والذين لهم صلات وولاءات ونفوذ داخل مؤسسات الجيش، ولكن تفاصيل محاولة الانقلاب المزعومة كانت ضعيفة للغاية، ومنتجيها كانوا فاشلين في إخراجها، ولا يتصور أن شخصًا مثل دلفيم نيفيس يجازف في تلك المحاولة المحكوم عليها بالفشل.
4-وجود شبهات توحي بأن ما حدث مجرد مؤامرة للتخلص من معارضي الحكومة: حيث تحدّث العديد من المحللين عن أن توصيف الأحداث التي وقعت بأنها محاولة انقلاب أمرٌ لا تدعمه الأدلة والبراهين الواقعة، كما أن هذه الأحداث قد تم وصفها مِن قِبَل العديد بأنها غامضة، وأتصور أن رائحة المؤامرة تفوح منها، ولا ترقى إلى مستوى الحقيقة، وأن الهدف منها قد يكون التخلُّص من الشخصيات المعارضة التي تشكل غصة في حلق رئيس الحكومة الجديد باتريس ترافوادا، ورئيس الدولة كارلوس فيلا نوفا؛ حيث إن كليهما ينتميان إلى حزب واحد، وهو حزب العمل الديمقراطي المستقل (ADI), كما أن كليهما كانا متَّهمين في قضية الديون المستترة؛ حيث كان الرئيس الحالي كارلوس فيلا نوفا قد عمل وزيرًا في الحكومة التي ترأسها باتريس تروفوادا أكثر من مرة، وكان آخرها توليه منصب وزير البنية التحتية والموارد الطبيعية والبيئة، خلال الفترة (2014-2018م)، وتم اتهامه في قضية الديون المستترة بصحبة باتريس تروفوادا، والتي لا يزال صداها باقيًا حتى الآن، والتي تتعلق باختلاس مبلغ 20 مليون دولار، رغم صدور أحكام قضائية بغلق هذه القضية إلا أن رئيس الحكومة السابق كان قد أشار إلى طلب إعادة فتح القضية في مايو الماضي، وكذلك لا تزال هذه القضية مفتوحة بالفعل ويتم التحقيق فيها في أنجولا؛ لوجود روابط تتعلق بها هناك، ولهذا يرى البعض أن أحداث الجمعة كان الهدف منها تخويف وإسكات المعارضين في البلاد، وخاصة الذين يتحدثون في قضايا فساد رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، وأعوانهم، والذي يمكن أن يتم التخلص منهم من خلال ضمّ أسمائهم لهذه القضية، ومحاكمتهم فيها بصورة تبدو قانونية، ولا تثير غضب المجتمع الدولي.([29])
5-محاولة التخلص من دلفيم نيفيس ومعاقبته على معارضته الشرسة: حيث يعد دلفيم نيفيس من أقوى الشخصيات المعارضة في البلاد، وقد استطاع خلال الفترة الماضية إزعاج كل من رئيس الدولة، ورئيس الحكومة؛ حيث إنه في انتخابات الرئاسة الماضية التي أجريت في 2021م كان دلفيم نيفيس مرشحًا فيها، وقد اعترض على نتائج الانتخابات أمام المحكمة الدستورية وطعن فيها بالتزوير، وتم تأجيل إجراء الجولة الثانية نحو أكثر من شهر بسبب اعتراضه، كما أنه أثناء توليه لمنصب رئيس الجمعية الوطنية ساهم في إظهار أن القروض التي تم الحصول عليها واختلاسها لم تتم الموافقة مِن قِبَل البرلمان للحصول عليها، وهو ما يخالف القانون الذي ينص على ضرورة موافقة البرلمان قبل الحصول على القروض التي تطلبها الدولة من الخارج. ولهذا فإن بقاء دلفيم نيفيس في عضوية البرلمان الجديد كنائب لحركة الباستا يمكن أن يسبّب مضايقات لرئيس الدولة ورئيس الحكومة؛ حيث يسعى إلى استخدام قضية الديون المستترة لكشف ما يشاع عنهما من فساد.
ومن نافلة القول نذكر أن باتريس تروفوادا هو ابن الرئيس الأسبق للبلاد ميغيل تروفوادا والذي تولى منصب رئيس الدولة لنحو 10 سنوات بدأت في أبريل 1991م حتى سبتمبر 2001م، كما تولى أبوه كذلك منصب رئاسة الحكومة خلال الفترة (1975-1979م)، وكذلك والده هو الذي قام بتأسيس حزب العمل الديمقراطي المستقل (ADI) في عام 1994م، والذي يتولى باتريس نجله رئاسة هذا الحزب الآن، وقد تم اتهام باتريس بالفساد أكثر من مرة؛ حيث قيل: إنه قام باستغلال منصبه عندما كان مستشارًا للنفط، في تعزيز مصالحه التجارية، مما أدى إلى فَصْله من منصبه في عام 2005م من قبل الرئيس فراديك دي مينيزيس، كما اتُّهم بالفساد مِن قِبَل رئيس الحكومة الأسبق غابرييل كوستا كما أسلفنا، وكذلك تم اتهامه بالفساد من قبل رئيس الحكومة السابق خورخي بوم جيسوس، ولذلك فإن تروفوادا يقوم بمغادرة البلاد والعيش في الخارج بمجرد تركه لمنصبه في رئاسة الحكومة؛ حيث قد عاش مِن قبل في البرازيل والبرتغال، خوفًا من معاقبته بتهم الفساد، كما أنه لم يعد إلى البلاد إلا خلال الأشهر القليلة التي سبقت الانتخابات التشريعية، ويضاف إلى ما سبق أن باتريس تروفوادا تم اتهامه بتمويل انقلاب 2003م، حيث اعترف المرتزق بيتر بلاسيدو لوبيز أمام التحقيقات البرلمانية في 2019م بأن رئيس الحكومة باتريس تروفوادا هو الذي موّل انقلاب 2003م، وأنه أمرهم بقتل مانويل بينتو دا كوستا مرتين في 2003م، وفي 2016م، كما أضاف أنه أعطاهم تعليمات كذلك بقتل الرئيس الأسبق فراديك دي مينيزيس، وكذلك أمرهم بقتل وزير الدفاع الأسبق أوسكار دي سوزا، ومن خلال تلك الاعتراف وغيرها من الأحداث المشابهة تؤكد الشكوك التي تقول بأن باتريس تروفوادا رجل مؤامرات، وأن محاولة الانقلاب المزعومة ليست إلا مؤامرة مُدبَّرة لتصفية خصومه السياسيين، وذلك الاحتمال ما نطمئن إليه بعد تحليلنا للأحداث.([30])
كما يمكن أن تكون تلك المحاولة الانقلابية المزعومة وُضعت خصيصًا للانتقام من دلفيم نيفيس، وتلاقت مصلحة الرئيس فيلا نوفا مع رئيس الحكومة تروفوادا للتخلص منه، وتكون بمثابة إرهاب لأي صوت معارض قد يفكّر في إزعاجهم مستقبلاً، كما لا نستبعد أيضًا من بين الاحتمالات أن يكون ما حدث من هجوم على الثكنات العسكرية كان عبارة عن محاولة سرقة عادية، استخدمتها الحكومة الجديدة لتصفية معارضيها كخطوة استباقية في بداية توليها مقاليد السلطة من جديد، ليخلو لها المشهد السياسي دون مضايقات أو مناوشات تعوقها عن إشباع أطماعها ورغباتها السلطوية.
الخاتمة:
في ختام هذه المقالة يمكن القول: إن توصيف الأحداث التي وقعت في دولة ساوتومي وبرنسيبي بأنها محاولة انقلاب عسكري لا يتوافق مع الوقائع المقدَّمة، وأن الأمر يوحي بحدوث مؤامرة سياسية للتخلص من الخصوم السياسيين مع بداية تولي الحكومة الجديدة لمهامها، وإن كان ذلك السيناريو صحيحًا فهو يعد خطوة غير مُوفَّقة من قبل باتريس تروفوادا وحكومته؛ لأن نتائجها ستكون عكس ما سعى إليه من إقصاء خصومه؛ لأنها ستفتح الباب إلى مزيد من الخصوم السياسيين، وتزيد من قوة وبأس المعارضة التي يمكن أن تشكل تحالفًا ينجح في سحب الثقة من حكومة تروفوادا التي تسعى حاليًا لتعديلات دستورية تستلزم موافقة أغلبية ثلثي البرلمان، وهو ما يعني أنها تحتاج موافقة أحزاب المعارضة، بالإضافة إلى خسارته شعبيًّا لتعذيب المتهمين وتصفيتهم، وهو ما قد يخلق معارضة شعبية كذلك لحكومته، كما أن هذه الأحداث قد تؤدي إلى تهديد التماسك الاجتماعي في البلاد، وتعزّز من فرص حدوث الانقسامات السياسية، وتفتح الباب كذلك لعمليات الانتقام السياسي واللجوء إلى المكائد السياسية بين الخصوم، والتي من بينها اللجوء إلى محاولات انقلاب عسكري دموية، أو حتى حدوث اغتيالات سياسية مدفوعة بمحاولات الثأر من قبل أهالي أو أنصار المتهمين، وهو ما قد يُدْخِل البلاد -التي يُشار إليها بأنها نموذج للديمقراطية البرلمانية في إفريقيا- في دوامة العنف، مما يقلل من المِنَح والمساعدات الخارجية التي تعتمد عليها الدولة بنسبة 90%، ويزيد من معدلات الفقر المدقع التي يعاني منها سكان البلاد البالغ عددهم نحو 225 ألف نسمة.
ولهذا توصي هذه المقالة بضرورة قيام الحكومة الجديدة بالمبادرة بإجراء مصالحة سياسية، والإفراج عن المعتقلين في حالة إثبات براءتهم، مع توفير محاكمة عادلة للجميع، وتقديم مرتكبي أعمال التعذيب والقتل للمحاكمة، والبعد عن حمايتهم، وكذلك البعد عن الاستخدام السياسي للمؤسسات، وخاصة المؤسسة القضائية، في التنكيل بالخصوم والمعارضين، وكذلك العمل على ترضية وتعويض أهالي الضحايا، من أجل رأب الصدع السياسي والاجتماعي الذي بات وشيكًا في الأفق، مع تغليب مصلحة الأمة على المصالح الشخصية الضيقة من أجل تحقيق التنمية والعدالة في البلاد.
________________________________
الإحالات والهوامش:
([1]( – ” São Tomé-et-Principe: une tentative de coup d’État a été déjouée, selon le Premier minister ” , at , https://www.rfi.fr/fr/en-bref/20221125-tentative-avort%C3%A9e-de-coup-d-%C3%A9tat-%C3%A0-sao-tom%C3%A9-et-principe , 25/11/2022.
([2]” -(Morreram Arlécio Costa e mais quatro invasores ao quartel militar em São Tomé ” , at , https://www.stp-press.st/2022/11/25/morreram-arlecio-costa-e-mais-quatro-invasores-ao-quartel-militar-em-sao-tome , 25/11/2022.
([3]( -” São Tomé: Advogado denuncia prisão “ilegal” de Delfim Neves ” , at , https://www.dw.com/pt-002/advogado-denuncia-deten%C3%A7%C3%A3o-ilegal-do-ex-presidente-do-parlamento-s%C3%A3o-tomense , 27/11/2022.
([4]( -” Ex-presidente do parlamento são-tomense detido pede transferência por motivos de saúde ” , at , https://www.cmjornal.pt/mundo/detalhe/ex-presidente-do-parlamento-sao-tomense-detido-pede-transferencia-por-motivos-de-saude?ref=Mundo_DestaquesPrincipais , 28/11/2022.
([5]-(“Tentativa de golpe de Estado”. Investigadores e peritos da PJ enviados a São Tomé e Príncipe ” , at , https://www.dn.pt/internacional/tentativa-de-golpe-de-estado-investigadores-e-peritos-da-pj-enviados-a-sao-tome-e-principe-15395923.html , 28/11/2022.
([6]( -” Presidente de São Tomé e Príncipe pede inquérito sobre “tentativa de golpe de Estado ” , at , https://www.cmjornal.pt/mundo/africa/detalhe/20221127-1910-presidente-de-sao-tome-e-principe-pede-inquerito-sobre-tentativa-de-golpe-de-estado?ref=Mais%20Sobre_BlocoMaisSobre , 27/11/2022.
([7]( – ” Governo são-tomense promete investigação às mortes após ataque a quartel ” ,at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-26-governo-sao-tomense-promete-investigacao-as-mortes-apos-ataque-a-quartel , 26/11/2022.
([8]” -(Exército são-tomense vai investigar alegadas agressões a detidos mortos após ataque ao quartel ” , at , https://cnnportugal.iol.pt/olinto-paquete/sao-tome/exercito-sao-tomense-vai-investigar-alegadas-agressoes-a-detidos-mortos-apos-ataque-ao-quartel/20221127/63835b650cf2254fb284f175 , 27/11/2022.
([9]-(” Oposição em São Tomé alerta para “tendência de instalação de governo ditatorial” ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-26-oposicao-em-sao-tome-alerta-para-tendencia-de-instalacao-de-governo-ditatorial , 26/11/2022.
([10]( -Óscar Medeiros ; ” São Tomé: Organizações internacionais condenam violação de direitos humanos após tentativa de golpe ” , at , https://www.voaportugues.com/a/s%C3%A3o-tom%C3%A9-organiza%C3%A7%C3%B5es-internacionais-condenam-viola%C3%A7%C3%A3o-de-direitos-humanos-ap%C3%B3s-tentativa-de-golpe/6851980.html , 27/11/2022.
([11]( -” Líder da oposição em São Tomé recusa participar em debate parlamentar após ataque ao quartel ” , at , https://www.rtp.pt/noticias/mundo/lider-da-oposicao-em-sao-tome-recusa-participar-em-debate-parlamentar-apos-ataque-ao-quartel , 29/11/2022.
([12]-(” Ex-PM são-tomense pede inquérito internacional após ataque ao quartel militar ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-27-ex-pm-sao-tomense-pede-inquerito-internacional-apos-ataque-ao-quartel-militar , 27/11/2022. https://www.dw.com/pt-002/antigo-primeiro-ministro-s%C3%A3o-tomense-denuncia-viola%C3%A7%C3%A3o-grav%C3%ADssima-de-direitos/a-63923101 , 29/11/2022.
([13]” -(São Tomé: Ex-primeiro-ministro denuncia violação de direitos ” , at ,
([14]-(” Sociedade civil são-tomense pede investigação internacional a “triste episódio” com quatro mortos ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-28-sociedade-civil-sao-tomense-pede-investigacao-internacional-a-triste-episodio-com-quatro-mortos , 28/11/2022.
([15]“-(Detidos no caso da tentativa de golpe de Estado já estão a ser ouvidos ” , at , https://www.rfi.fr/pt/s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe/20221128-detidos-no-caso-da-tentativa-de-golpe-de-estado-j%C3%A1-est%C3%A3o-a-ser-ouvidos , 28/11/2022.
([16]” -(Antigo PGR e conselheira são-tomenses repudiam “tortura e morte” de suspeitos do ataque ao quartel ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-27-antigo-pgr-e-conselheira-sao-tomenses-repudiam-tortura-e-morte-de-suspeitos-do-ataque-ao-quartel , 27/11/2022.
([17]( -” Implicados no golpe de Estado em São Tomé e Príncipe devem ser “severamente punidos” ” , at , https://www.rfi.fr/pt/programas/convidado/20221125-implicados-no-golpe-de-estado-em-s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe-devem-ser-severamente-punidos , 25/11/2022.
([18]” -(Comissão da União Africana condena ataque a quartel em São Tomé ” , at , https://www.cmjornal.pt/mundo/africa/detalhe/comissao-da-uniao-africana-condena-ataque-a-quartel-em-sao-tome?ref=DET_RelacionadasInText , 27/11/2022.
([19]-(” Presidente da Guiné-Bissau condena tentativa de golpe de Estado em São Tomé e Príncipe ” , at , https://www.cmjornal.pt/mundo/africa/amp/presidente-da-guine-bissau-condena-tentativa-de-golpe-de-estado-em-sao-tome-e-principe , 26/11/2022.
([20]( -” Organizações internacionais apoiam investigação a golpe falhado em São Tomé e Príncipe ” , at , https://www.rfi.fr/pt/s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe/20221127-organiza%C3%A7%C3%B5es-internacionais-apoiam-investiga%C3%A7%C3%A3o-a-golpe-falhado-em-s%C3%A3o-tom , 27/11/2022.
([21]( -” FG condemns attempted coup in Sao Tome and Principe ” , at , https://thenationonlineng.net/fg-condemns-attempted-coup-in-sao-tome-and-principe , 27/11/2022.
([22]( -Odair Santos ; ” São Tomé e Príncipe: autoridades Cabo-Verdianas condenam tentativa de golpe de estado ” , at , https://www.rfi.fr/pt/s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe/20221126-s%C3%A3o-tom%C3%A9-autoridades-cabo-verdianas-condenam-tentativa-de-golpe-de-estado , 26/11/2022.
([23]( -” ONU em São Tomé elogia autoridades após ataque a quartel e pede que país seja “bom aluno” ” , at , https://www.rtp.pt/noticias/mundo/onu-em-sao-tome-elogia-autoridades-apos-ataque-a-quartel-e-pede-que-pais-seja-bom-aluno , 25/11/2022.
([24]( -” UE condena tentativa de golpe em São Tomé e Príncipe e pede respeito pelos direitos humanos ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/mundo/2022-11-29-ue-condena-tentativa-de-golpe-em-sao-tome-e-principe-e-pede-respeito-pelos-direitos-humanos , 29/11/2022.
([25]( -” Declaração da República de Angola sobre a situação prevalecente na República Democrática de São Tomé e Príncipe ” , at , https://www.cplp.org/id-4447.aspx?Action=1&NewsId=9725&M=NewsV2&PID , 28/11/2022 .
([26]( -” Amnistia pede investigação a ataque em São Tomé e Príncipe ” , at , https://www.dw.com/pt-002/amnistia-pede-investiga%C3%A7%C3%A3o-a-ataque-em-s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr , 28/11/2022.
([27]( -” Chefe da diplomacia portuguesa condena “perturbadora” tentativa de golpe em São Tomé ” , at , https://visao.sapo.pt/atualidade/politica/2022-11-25-chefe-da-diplomacia-portuguesa-condena-perturbadora-tentativa-de-golpe-em-sao-tome , 25/11/2022.
([28]( -Paulo Guilherme ; “Acusado de corrupção, Patrice Trovoada mantém-se longe de São Tomé ” , at , https://www.africamonitor.net/pt/politica/acusado-de-corrupcao-patrice-trovoada-mantem-se-longe-de-sao-tome , 7/3/2013.
([29]( -“STP: Processo de corrupção dos 30 milhões arquivado” , at , https://www.dw.com/pt-002/stp-processo-de-corrup%C3%A7%C3%A3o-dos-30-milh%C3%B5es-de-d%C3%B3lares-arquivado/a-61601367 , 26/4/2022.
([30]( – Ramusel Graça : ” Ex-mercenário afirma que Trovoada financiou golpe de Estado ” , at , https://www.dw.com/pt-002/s%C3%A3o-tom%C3%A9-e-pr%C3%ADncipe-ex-mercen%C3%A1rio-afirma-que-trovoada-financiou-golpe-de-estado-de-2003/a-49239483 , 17/6/2019 .