بسمة سعد
باحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- مؤسسة الأهرام
كشفت زيارة وزير الخارجية الإيراني “حسن أمير عبد اللهيان” إلى مالي في إطار جولة إفريقية شملت كلاً من مالي وتنزانيا خلال الفترة (22- 27) أغسطس 2022م إلى جانب وفد سياسي واقتصادي، عن اتجاه طهران خلال الفترة القادمة إلى توسيع وتعزيز العلاقات الإيرانية الإفريقية بشكل عام، وإلى الانخراط في ساحة التنافس المالي المشتعلة بين روسيا من جانب وفرنسا والقوى الغربية من جانب آخر، وانحياز مالي للجانب الأول على حساب الآخر بشكل خاص، لا سيما أن تلك الزيارة ليست أولى مُؤشِّرات التقارب المالي الإيراني، كما أن الحضور الإيراني في مالي ليس بجديد، إلا أن توقيت الزيارة وما نتج عنها من اتفاقات تحمل في حدّ ذاتها العديد من الدلالات حول السياسة الإيرانية تجاه مالي، لا سيما أنها تأتي خلال فترة يُعاني فيها الاقتصاد المالي من تحديات؛ نظراً لما فُرِضَ عليها من عقوبات مِن قِبَل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) على خلفية استمرار استيلاء الجانب العسكري على السلطة، ورفضهم تنظيم انتخابات وانتقال ديمقراطي للحكم وفقاً لترتيبات الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، قبل رفع العقوبات في يوليو 2022م، هذا بالإضافة إلى محاولات القوى الأوروبية عزل مالي؛ رداً على طرد بعض القوى الأوروبية المشاركة في قوة تاكوبا من أراضيها، والاستعانة بمجموعة فاغنر الروسية.
انطلاقاً مما سبق؛ تهدف المقالة إلى مناقشة الأدوات الإيرانية التي ستعتمد عليها طهران لزيادة حضورها في مالي؛ انطلاقاً من مخرجات زيارة “عبد اللهيان” لباماكو التي انصبَّ الاهتمام خلالها على تعزيز التعاون بين الجانبين في كافَّة المجالات غير الأمنية والعسكرية، إلى جانب استعراض التجربة الإيرانية في مكافحة الإرهاب ومواجهة سياسة العقوبات، وما هي طبيعة الدوافع المُحرّكة لكلٍّ من طهران وباماكو لتعزيز التقارب بين الجانبين.
أولاً: أدوات الانخراط الإيراني في مالي
من المشاهَد من مخرجات زيارة وزير الخارجية “عبد اللهيان” لباماكو أن طهران تعتمد على أداتين رئيسيتين لتعزيز التعاون بين البلدين وتعزيز الحضور الإيراني في المشهد المالي، لا سيما في المجالات الثلاثة؛ الاقتصادية والتجارية، والدفاعية، والعلمية والتكنولوجية.. يُمكن توضيحهما كالتالي:
1- بناء شراكة استراتيجية ثنائية في المجالات غير الأمنية والعسكرية
على الرغم من أن لطهران حضوراً في مالي يأتي في شكل عدد من المؤسسات الاقتصادية والثقافية والطبية والتعليمية كفرع جامعة المصطفى الدولية التي تُدرّس مناهج وفقاً للأيديولوجية الإيرانية، ومركز طبي تابع للهلال الأحمر الإيراني، ومركز ثقافي إيراني ناشط في مخاطبة النُّخبة المالية([1])؛ إلا أن مخرجات زيارة “عبد اللهيان” تشير إلى رغبة وحرص طهران على تعميق وتعزيز التعاون مع الجانب المالي وبناء شراكة استراتيجية واسعة النطاق وفي مختلف المجالات؛ حيث أكّد “عبد الليهان” خلال مراسم افتتاح اللجنة المشتركة الأولى للتعاون الشامل بين إيران ومالي، على حرص طهران على تطوير التعاون الاقتصادي الشامل بين طهران وباماكو، كما عرض استعداد بلاده نقل التقنيات العلمية والخبرات البحثية الإيرانية لمالي، واستعدادها لإقامة معرض للتكنولوجيا الفائقة في العاصمة باماكو([2])؛ حيث تمتلك طهران أكثر من 2٪ من الإنتاج العلمي في العالم، وقد احتلت المرتبة الأولى عالمياً في العديد من المجالات العلمية كالعلوم النووية، وصناعة الدفاع، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، والكيمياء، بينما احتلت المرتبة الـ15 عالمياً والأولى على مستوى المنطقة في التقدم العلمي([3]).
وانتهت الزيارة بتوقيع الجانبين على اتفاقيات في مجالات اقتصادية وتجارية وتكنولوجية تمَّت صياغتها في اجتماعات تحضيرية لخبراء من اللجنة المشتركة الإيرانية المالية، بالإضافة إلى إعلان “عبد اللهيان” عن التبرع بمليون جرعة من لقاح بركات المحلي لمكافحة كوفيد-19.
ويُمكن الاستدلال على حرص ورغبة إيران ومالي على ذات الدوافع الخاصة من أجل تعزيز أواصر الصلة والتعاون، في عدة نقاط؛ أولها؛ تكرار “غويتا” و”عبد اللهيان” مصطلح تحقيق “تعاون قوي” في العلاقات بين الجانبين خلال الزيارة، مما يُشير إلى اتجاههما إلى رفع مستوى الشراكة بين الجانبين لمستوى استراتيجي في كافة المجالات، ثانيها؛ سبق زيارة “عبد اللهيان” إلى مالي زيارتان لمسؤولين ماليين إلى طهران؛ أولهما؛ كانت في 14 فبراير 2022م لوزير خارجية مالي “عبد الله ديوب” مع وفد مرافق له أكّد خلالها نظيره الإيراني على عزم الإدارة الإيرانية على التحسين الكامل للتبادلات والتفاعلات مع مالي في جميع المجالات ذات الاهتمام الثنائي، لا سيما مجالات التجارة والاقتصاد والصحة والتعليم وتربية الحيوانات والطاقة، خاصَّة الطاقة الشمسية، كما تمَّ الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين؛ وُضعت أولى لمساتها خلال زيارة عبد اللهيان إلى مالي.
بينما جاءت الزيارة الثانية لوزير التعليم العالي والبحث العلمي المالي “أمادو كيتا” لطهران في 5 يوليو 2022م؛ من أجل الاتفاق على تزويد باماكو بالخبرات العلمية الإيرانية المتطورة، لاقت ترحيباً إيرانياً، وأكدت طهران خلالها على لسان وزير التعليم والبحث العلمي الإيراني “محمد علي زولفيغول” أنها تسعى إلى توسيع العلاقات والتعاون الثنائي مع مالي في مختلف المجالات، بما في ذلك العلوم والتكنولوجيا([4]).
وخلال زيارة نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الإيرانية (ICCIMA) حسين سيلاهوارزي إلى مالي في 23 أغسطس 2022م ولقائه بوزير التجارة والصناعة المالي؛ اتفق البلدان على استخدام تجارة المقايضة لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إلى جانب التأكيد على أن العلاقات السياسية الجيدة بين إيران ومالي مع الاهتمام المالي بتعزيز التعاون مع طهران يُمثلان حافزاً ومزايا قيّمة لرجال الأعمال والصناعيين الإيرانيين للتعاون وتأسيس الأعمال التجارية في باماكو. وبما أن الاقتصاد المالي يقوم على تصدير القطن فإن الخبرة الإيرانية في تطوير البنية التحتية والخدمات التقنية والهندسية قد يُساهم في تركيب وتشغيل خطوط إنتاج المنسوجات، بما يتماشى مع احتياجات السوق المالي، وبالتالي دعم وتعزيز الاقتصاد المالي([5]).
2- التقارب المالي الإيراني عبر ملفي “مكافحة الإرهاب” و”مواجهة العقوبات”
حرص وزير الخارجية الإيراني “عبد اللهيان” على تصدير ملفين ترأسا أجندة طهران لتعزيز التقارب بين الجانبين؛ أولهما؛ ملف مكافحة الإرهاب الذي يُعدّ أحد الملفات ذات الأهمية الشديدة لمالي ولمنطقة الساحل الإفريقي ككل، ويُعدّ بوابة مهمة لطهران للانطلاق من مالي إلى دول الساحل الإفريقي، ثم إلى غرب إفريقيا؛ في محاولة لطرح نفسها كشريك استراتيجي قادر على سدّ الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من باماكو وتداعياته على الوضع الأمني في مالي وفي منطقة الساحل الإفريقي ككل، مستغلةً في ذلك العزل الأوروبي والإفريقي للقيادة العسكرية الحاكمة لمالي عبر سياسة العقوبات، مما فرَض على فرنسا وأوروبا إعادة ترتيب أوراقها واستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، واتجاهها إلى اتخاذ النيجر نقطة ارتكاز لقواتها بدلاً من مالي.
أما بالنسبة لثاني تلك الملفات، فهو اتجاه “عبد اللهيان” إلى تصدير واستعراض التجربة الإيرانية في مواجهة سياسة العقوبات ونجاح طهران في تحقيق التفوق في العديد من المجالات في ظلّ العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات، مستغلاً في ذلك تصاعد المشاعر المعادية في مالي، ولدى بعض شعوب دول الساحل الإفريقي للوجود الفرنسي والغربي المتَّسقة مع لغة الخطاب الثوري الإيراني المناهض للغرب([6])، وهو ما أشار إليه “عبد اللهيان” خلال زيارته بالحديث عن أنَّ التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لمالي ودعم الجماعات الإرهابية سيؤدي إلى تعقيد انعدام الأمن في المنطقة، وعدم استقرار الأوضاع في مالي، مستعرضاً الجهود الإيرانية في محاربة الجماعات الإرهابية كتنظيم داعش([7])، وهو ما يطرح احتمالية إرسال طهران مساعدات أمنية وعسكرية لمالي قد تشمل خبراء عسكريين من فرق المهام الخارجية للحرس الثوري لتعزيز القدرات الأمنية والعسكرية المالية([8]).
بالإضافة إلى حديث “عبد اللهيان” بأن طهران “لا تَعتبر العقوبات المفروضة على مالي بنَّاءة”، وأن التاريخ أظهر فشل تلك العقوبات على الرغم من قسوتها، كما “أشاد “غويتا” بتجربة طهران في مواجهة العقوبات التي وصفها وزير الخارجية المالي “ديوب” بأنها سياسة كارثية كان من الأفضل انتهاج سياسة الحوار بدلاً منها([9])، مُعلناً (غويتا) عن استعداد باماكو لاستقبال الصناعات الإيرانية والناشطين الاقتصاديين([10])، ورغبة باماكو في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي بين البلدين([11]).
ثانيًا: دوافع التقارب المالي الإيراني
تتعدد الدوافع المحرّكة لكل من باماكو وطهران من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين والشراكة المتعدّدة الأوجه، يُمكن توضيحها على النحو التالي:
1- الاتفاق النووي الإيراني وتوسيع الشراكة المالية الإيرانية
لا يُمكن النظر إلى سياسة طهران تجاه مالي واتجاهها نحو تعزيز وتعميق العلاقات معها على كافة الأصعدة، بمعزل عن المباحثات الإيرانية الأوروبية الدائرة منذ عدة أشهر لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بـ”الاتفاق النووي الإيراني”، لتكون تلك الزيارة بمثابة إشارة على تحرك إيراني ضاغط جديد على أوروبا وواشنطن، في ظل ما تفرضه الساحة الدولية من ضغوط؛ أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة في أوروبا وتداعياتها على الاقتصاد مع اقتراب فصل الشتاء، من أجل تسريع التوصل لاتفاق توافقي نهائي بين كافة الأطراف يأتي وفقاً للمتطلبات الإيرانية.
فقبل ساعات من مغادرة ” عبد اللهيان” لبدء جولته الخارجية التي شملت زيارته لمالي؛ خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “ناصر كناني” في إحاطة إعلامية بمستجدات الملف النووي الإيراني، وأن طهران ردَّت بالفعل وأرفقت “اعتبارات” على مشروع صاغه الاتحاد الأوروبي، وصفها منسّق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” بأنها “معقولة”، مما أبدى قدرًا من التفاؤل حول التوصل لنقطة اتفاق، ولكنها لا تزال قيد المراجعة مِن قِبَل واشنطن([12]). وذلك قبل أن يتراجع حجم التفاؤل بالتوصل لاتفاق مُرْضٍ بعدما طلبت طهران تعديلات على مسودة الاتفاق، أعلنت واشنطن عن رفضها في 9 سبتمبر 2022م على لسان وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” الذي أشار إلى أنه «في الأسابيع الأخيرة، ردمنا بعض الهوّات. ابتعدت إيران عن بعض المطالب الخارجة عن الموضوع، وهي مَطالب غير مرتبطة بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، لكن الرد الأخير عاد بنا إلى الوراء، ولسنا على وشك الموافقة على اتفاق لا يفي بمتطلباتنا الأساسية»([13]).
كما أشار “كناني” إلى ما يُطلق عليه بـ”الخطة ب” في حال فشل المباحثات وعدم التوصل لاتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني، والمتمثلة في توسيع طهران لعلاقاتها الاقتصادية عبر الدخول في شراكات اقتصادية جديدة وتعزيز الشراكات القائمة، وعدم السماح بارتهان الاقتصاد الإيراني بالمكاسب الاقتصادية المرجوة والمنتظرة من توقيع الاتفاق النووي الإيراني، معبراً عن ذلك بمَثل فارسي شهير “لن نتعرض للعضّ مرتين من نفس الحفرة”([14])، وهو ما ينعكس بشكل واضح في اتجاه طهران لتعزيز علاقاتها مع مالي، التي من المتوقع امتدادها لدول الساحل ثم غرب إفريقيا.
2- ضم مالي لسوق استيراد الدرونز الإيرانية
إن البيئة الأمنية المضطربة تُعدّ أحد المحفّزات التي تجعل الدولة أحد الشركاء المحتملين لطهران؛ فما تعانيه باماكو من أزمة أمنية ناجمة عن تمدُّد الأفرع الإقليمية لتنظيمي داعش والقاعدة، إلى جانب الدور النشط للحركة الوطنية لتحرير الأزواد ذات المطالب الانفصالية، هي أزمة مُعرّضة للتصاعد الحادّ في ظل الفراغ الأمني الذي لا تزال مجموعة فاغنر العسكرية الروسية تسعى لتداركه عقب انسحاب القوات الفرنسية من مالي، وكذلك القوات الأوروبية التي تأتي ضمن قوة ” تاكوبا” الأوروبية؛ وهو ما يجعل من مالي سوقًا نشطًا وجاذبًا لبيع السلاح الإيراني، لا سيما الدرونز الإيرانية التي تتمتَّع بميزة تنافسية، أكد عليها قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق “كينيث ماكنزي” خلال حديثه للكونجرس الأمريكي في ربيع 2022م بأن واشنطن “تعمل بدون تفوق جوي كامل” للمرة الأولى منذ الحرب الكورية؛ بسبب قدرات الطائرات بدون طيار الإيرانية([15]).
كما أشار خبراء ومسؤولون عسكريون أمريكيون إلى أن الطائرات بدون طيار الإيرانية هي من بين أكثر الطائرات تقدمًا في العالم، ولها تأثير كبير في الحروب بالوكالة في اليمن والعراق وسوريا([16])، مما يُفسّر اتجاه موسكو لإرسال مسؤولين روس للتدريب على الطائرات بدون طيار في إيران في أواخر يوليو 2022م، إلى جانب وجود احتمالات بأن موسكو اشترت ونقلت إليها رسميًّا درونز إيرانية من طراز “مهاجر 6″، و”شاهد 129″، و”شاهد -191″، قادرة على حمل ذخائر دقيقة التوجيه، كما يمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع، والتي من المحتمل استخدامها في الحرب الأوكرانية([17])، مما يعني اتجاه طهران مع تصاعد حدة تهديدات مالي الأمنية إلى ضمّ السوق المالي لسوق السلاح الإيراني الذي من المتوقع أن يُسجّل تناميًا لنشاط الدرونز الإيرانية في مكافحة الجماعات الإرهابية، بالتنسيق مع مجموعة فاغنر الروسية، وهو ما يجعل طهران قريبةً من مسرح عمليات القوات الفرنسية والأوروبية في منطقة الساحل، وبالتالي مدّ طهران بالمعلومات اللازمة حول مواقع انتشار تلك القوات وخططها الأمنية المستقبلية.
3- بحث مالي عن شريك اقتصادي وأمني بديلاً عن باريس والدول الأوروبية
وجدت القيادة العسكرية في مالي أنه لا يُمكن الرهان والارتكان إلى دعم الشريك الأوروبي، بل وكذلك نظيره الإفريقي عقب اتجاه مجموعة الإيكواس إلى فَرْض عقوبات اقتصادية وتجارية على مالي في يناير 2022م، ترى باماكو أنها أتت وفقاً لإملاءات خارجية فرنسية بالأساس، في ضوء ما تمرّ به الدولتان من علاقات تُعدّ هي الأسوأ منذ سنوات، وبالتالي من المهم بمكان تنويع الشَّراكات المالية والخروج من الدائرة الأوروبية، ومثلما كان اتجاه مالي للشراكة مع مجموعة فاغنر الروسية باعتبارها المنافس الأبرز لأوروبا وهو الخيار الأمثل لمالي لسد الفراغ الأمني عقب انسحاب القوات الفرنسية، يبدو أن باماكو وجدت في طهران الشريك الاقتصادي والأمني الأمثل في تلك المرحلة في ظل تنامي النشاط الإرهابي في البلاد، لا سيما أن هناك تقاربًا إيرانيًّا روسيًّا صينيًّا في عدد من الملفات الدولية، انعكس بشكل واضح في رَفْض كل من ممثل الصين وروسيا إعلانًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، صاغته فرنسا بالموافقة على عقوبات الإيكواس ضد مالي في يناير 2022م([18])، وهو ما قد يُشير إلى احتمال انضمام بكين لقائمة شركاء مالي الاقتصاديين الجُدد على المدى المتوسط أو البعيد.
في الختام، يبدو أن هناك خطوات حثيثة لطهران تسعى لترجمتها في الساحة الإفريقية عبر بوابة الشراكات الاقتصادية والأمنية؛ إما لتعزيز شراكتها الاقتصادية للتخفيف من تداعيات العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، أو لخَلْق ساحة جديدة لمنافسة الجانب الأوروبيّ والأمريكي في مناطق نفوذهم التقليدية يمكن توظيفها كأوراق ضغط في عدد من الملفات الحيوية لإيران كالملف النووي الإيراني، مستغلةً في ذلك (طهران) التحديات الاقتصادية والأزمات السياسية والأمنية التي تُعاني منها باماكو لسنوات ممتدة، والتي فرضت عليها ضرورة البحث عن شركاء اقتصاديين وأمنيين جُدد، بديلاً عن باريس والقوى الأوروبية عقب توتر العلاقات المالية معهم خلال الأشهر الماضية.
[1] – زيارة عبد اللهيان إلى مالي.. إيران تفتح نافذة جديدة بإفريقيا، سكاي نيوز عربية، 26 أغسطس 2022م. على الرابط التالي:
[2] – FM underlines Iran’s policy to develop economic ties with Mali, GOVERNMENT OF THE ISLAMIC REPUBLIC OF IRAN, 23 August 2022. https://irangov.ir/detail/394219
[3] – Iran, Mali explore ways to strengthen scientific and research cooperation, GOVERNMENT OF THE ISLAMIC REPUBLIC OF IRAN , 5 July 2022. https://irangov.ir/detail/390765
[4] – Iran ready to help Mali in scientific, research field: min, Mehr news agency, 5 Jul 2022. https://en.mehrnews.com/news/188771/Iran-ready-to-help-Mali-in-scientific-research-field-min
[5] – Iran, Mali to use barter trade to realize business potentials ,Tehran Times, 23 August 2022. https://www.tehrantimes.com/news/475969/Iran-Mali-to-use-barter-trade-to-realize-business-potentials
[6] – خليل ولد اجدود، وزير خارجية إيران في مالي.. هل تستغل طهران عزلة “الانقلابيين”؟، العربية، 23 أغسطس 2022م:
[7] – Iran FM meets Malian president, Tehran Times, 24 Auqust 2022. https://www.tehrantimes.com/news/476033/Iran-FM-meets-Malian-president
[8] – خليل ولد اجدود، مرجع سبق ذكره.
[9] – Iran FM: Terrorism in West Asia and Africa is result of foreign meddling, Tehran Times, 24 August 2022.https://www.tehrantimes.com/news/476029/Iran-FM-Terrorism-in-West-Asia-and-Africa-is-result-of-foreign
[10] – زيارة عبد اللهيان إلى مالي.. إيران تفتح نافذة جديدة بإفريقيا، مرجع سبق ذكره.
[11] – ran FM meets Malian president, OP.CIT.
[12] – Al-Monitor Staff, Iran’s FM seeks Africa ties to boost sanctions-hit economy, Al monitor, 23Aug 2022. https://www.al-monitor.com/originals/2022/08/irans-fm-seeks-africa-ties-boost-sanctions-hit-economy
[13] – عادل السالمي، بلينكن يتهم طهران بإعادة المحادثات النووية «إلى الوراء»، الشرق الأوسط، 9 سبتمبر 2022م:
[14] – Al-Monitor Staff, OP.CIT.
[15] – J.P. LAWRENCE ,Iranian drones a chief concern for new Air Force boss in Middle East, STARS AND STRIPES, 21July 2022. https://www.stripes.com/branches/air_force/2022-07-21/iran-drone-qatar-6719888.html
[16] –Idem.
[17] – مصادر تكشف لـCNN آخر تطورات صفقة المسيرات الإيرانية إلى روسيا، سي إن إن بالعربي، 30 أغسطس 2022م.
[18] – مالي: الصين وروسيا تحبطان خطط فرنسا، الجرنال الإفريقي، 12 يناير 2022م.
https://lejournaldelafrique.com/ar/mali-la-chine-et-la-russie-contrecarrent-les-plans-de-la-france/