عبدالرحمن سيبي
طالب علوم سياسية بجامعة الكويت وباحث مهتم بالشأن السياسي المالي
الخلفية التاريخية:
في الخامس من يونيو 2020م نشأ تحالف جمع بين أحزاب المعارضة السياسية وحركات من المجتمع المدني ورجال الدين أُطلق عليه (حركة 5 يونيو)، وقد قادت هذه الحركة احتجاجات واسعة، مطالبةً باستقالة الرئيس الراحل إبراهيم أبوبكر كيتا. وأثناء الحراك الذي استمر لمدة شهرين أرسلت منظمة الإيكواس وفودًا مختلفة إلى مالي لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وقد تم تعيين ممثل خاصّ للمنظمة لهذا الغرض؛ هو الرئيس السابق لجمهورية نيجيريا: غود لوك جوناثان. إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، مما نتج عنه انقلاب عسكري في 18 أغسطس2020م بقيادة ضباط شباب من الجيش بقيادة العقيد أسيمي غويتا.
وكانت ردة فعل المنظمة بعد الانقلاب العسكري سريعة؛ حيث أصدرت أمانتها العامة بيانًا استنكاريًّا، دعت فيه العسكر إلى العودة إلى المسار الدستوري، وفرضت بعض العقوبات كتعليق عضوية مالي، وإغلاق حدودها مع دول المنظمة، وتجميد أصول أموالها في بنوك المنظمة([1]).
كما تم عقد قمة استثنائية حول مالي أكدت فيها المنظمة على عقوباتها السابقة، مع اشتراط عدم رفعها إلا بعد التزام قادة الجيش بألا تتجاوز مدة المرحلة الانتقالية سنة واحدة، وأن يكون الرئيس ورئيس الحكومة مدنيين([2])، ولقد استجاب قادة الجيش لتوصيات المنظمة؛ حيث تم اختيار رئيس ورئيس حكومة مدنيين، بينما شغل القائد الانقلابي منصب نائب الرئيس المسؤول عن الشؤون الداخلية والدفاع.
وبعد 8 أشهر من تشكيل الحكومة الانتقالية حدث تعديل حكومي في شهر مايو 2021م تم فيه إبعاد عضوين من قادة الانقلاب الخمسة؛ وهما: وزير الدفاع والأمن الداخلي نتيجة لتوتر شديد بين قادة الجيش والرئيس ورئيس الحكومة في بعض الملفات الحساسة كالشراكة الأمنية مع القوى العظمى وطريقة إدارة الدولة والتنافس في السلطة؛ انتهى بانقلاب عسكري ثانٍ مِن قِبَل نفس العناصر بقيادة العقيد أسيمي غويتا (نائب الرئيس آنذاك)، ثم أعلنت المحكمة الدستورية شغور منصب الرئاسة؛ ليتم تنصيب نائب الرئيس العقيد أسيمي غويتا رئيسًا للبلاد([3]).
فعقدت المنظمة جلسة استثنائية أخرى حول مالي قررت فيها: تعليق عضوية مالي من جديد مع اشتراط عدم رفعها إلا بعد تعيين رئيس وزراء مدني، وتكوين حكومة وحدة وطنية مع خارطة طريق واضحة، وضرورة التقيُّد بمدة المرحلة الانتقالية، والتي تنتهي 28 فبراير 2022م، والتعهد بعدم إمكانية ترشُّح الرئيس ورئيس الحكومة للانتخابات الرئاسية([4]). وبعد حصولها على ضمانات من الجانب المالي دعت المنظمة الشركاء الدوليين لمالي إلى الاستمرار بدعمها([5]).
وفي نهاية أكتوبر 2021م، أبلغت الحكومة المالية منظمة الإيكواس عدم استطاعتها تنظيم الانتخابات في موعدها المحدد (فبراير 2022م)؛ مما جعل المنظمة تدرج الحالة المالية في جدول أعمال قمتها الاستثنائية حول جمهورية غينيا في 7 نوفمبر 2021م، وفي تلك القمة فرضت عقوبات على سلطات المرحلة الانتقالية (أعضاء الحكومة والبرلمان)، وعلى أفراد أسرتهم تضمَّنت المَنْع من السفر، وتجميد أصول الأموال، ولم يُستثنَ منها إلا الرئيس ووزير الخارجية([6]).
وفي القمة الاعتيادية للمنظمة التي عُقدت في 12 ديسمبر 2021م أعادت المنظمة تمسكُّها بضرورة تنظيم الانتخابات في 27 فبراير 2022م، كما دعت الحكومة المالية إلى تقديم جدول مفصل للانتخابات قبل 31 ديسمبر 2021م؛ مهددة بفرض عقوبات إضافية اعتبارًا من 1 يناير 2022م في حال تخلفت الحكومة المالية عن ذلك([7]).
وبعد انتهاء جلسات الحوار الوطني لإعادة التأسيس التي عُقدت في ديسمبر 2021م -والتي كانت إحدى مخرجاتها زيادة ستة أشهر إلى خمس سنوات في مدة المرحلة الانتقالية-([8])؛ أرسلت الحكومة المالية وفدًا لتقديم اقتراح بزيادة خمس سنوات لمدة المرحلة الانتقالية اعتبارًا من 1 يناير 2022م، وهو ما لم توافق عليه المنظمة؛ فأعلنت عن عقد قمة استثنائية أخرى حول مالي في 9 يناير 2022م، وإرسال ممثلها الخاص للتفاوض مع السلطات المالية، وقبيل القمة بيوم، قدمت الحكومة المالية إلى المنظمة مقترحًا جديدًا بتعديل المدة من خمس إلى أربع سنوات([9]).
الوضع الداخلي:
موقف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني من سلطات المرحلة الانتقالية:
تنقسم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلى طرف مؤيد لحكومة المرحلة الانتقالية، وتدعم سياساتها، ويأتي على رأس هذه المجموعة: حركة ٥ يونيو التي قادت الحراك الذي أدَّى إلى الانقلاب والمكونة من أحزاب سياسية مختلفة من بينها حزب الاتحاد لأجل الجمهورية والديموقراطية (urd) أحد أكبر الأحزاب السياسية الثلاثة، والشريف بوي حيدرا (زعيم الطريقة الحموية التيجانية)، وتحالف “yerewolo” الذي تضم المجموعات الشبابية التي تدعو إلى طرد فرنسا من مالي، وحزب (ADP MALIBA) الذي جاء رئيسه في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
والطرف الآخر معارض لسياسات الحكومة، ولم يشارك في الجلسة الوطنية لإعادة التأسيس إلا تحالفان رئيسيان: تحالف متحدون لأجل مالي “unis pour le Mali” الذي يضم تجمعات شبابية ونشطاء رأي عام، وتحالف الكوادر للتباحث (Cadre Dechange) التي تضم أحزاب الأغلبية الرئاسية أثناء حكم الرئيس السابق إبراهيم كيتا، وهي: حزب التجمع لأجل مالي (RPM) وحزب (ASMA CFP) للرئيس الوزراء الأسبق بين فترة ٢٠١٧م إلى ٢٠١٩م وحزب (UDD) لوزير الدفاع الأسبق تيمان كوليبالي، وأحزاب سياسية كبيرة أخرى: كمجموعة جيكيا كورا “JIGIYA CURA” الذي يقوده الوزير السابق حسين أميون غيندو، وحزب التغيير (YELEMA) لرئيس الوزراء الأسبق موسى مارا، وقد قررت هذه الأحزاب توحيد صفوفها في مؤتمر صحفي عُقِدَ في 28 نوفمبر 2021م بمشاركة أحزاب وتجمعات أخرى خارج التحالفين كحزب النهضة الوطنية “PARENA“، كما وحدت هذه التجمعات كلمتها مع تجمعات معارضة أخرى كحزب التضامن الإفريقي للديمقراطية والاستقلال (SADI)، وحركة الدفاع عن الجمهورية (CDR).
وفي سياق ذاته، دعمت -بعض النقابات، وخاصة الثلاثة الكبرى منها، أي نقابة “UNTM” و”CSTM و”CDTM“- الحكومة وخاصة أنه قد تم تعيين رؤسائها في مناصب كبيرة في الدولة (رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي: يعقوب كاتلي أمين عام نقابة UNTM، وزيرة التربية: ديدو عثمان أمين عام نقابة CSTM، عضو في المجلي الانتقالي: أميون غيندو أمين عام نقابة CDTM، كما أن علاقة نقابة القضاة بالحكومة جيدة؛ حيث إن وزير العدل الحالي أحد أعضاء النقابة النشطين، لكن علاقة نقابة المعلمين بالحكومة غير جيدة ومتوترة جدًّا، وهي تنظّم بين الفينة والأخرى إضرابات مطالبة بتطبيق مادة ٣٩ التي تعطي امتيازات للمعلمين.
وهناك أطراف من المجتمع المدني التزمت الحياد، ولم تبيّن موقفها رغم مشاركة بعضها في الجلسة الوطنية كالمجلس الأعلى الإسلامي ومجلس الكنائس والزعماء التقليديين، كما امتنعت بعض التجمعات عن بيان موقفها من الحكومة الحالية رغم معارضتها العلنية لبعض سياساتها؛ كالإمام محمود ديكو، والحركات الموقِّعة لاتفاقية السلام حركة بلاتفورم (Platforme) وتنسيقية حركات أزواد (CMA) رغم مشاركتهما في الحكومة.
الوضع الاقتصادي:
تواجه الحكومة المالية مشكلة تتعلق بالغلاء جراء فيروس كورونا، وتوقف بعض المساعدات عن الدولة، ولقد بذلت جهودًا كبيرة لحل هذه الأزمة، ومنها إرجاع سعر الخبز إلى سعره السابق بعد زيادة ٢٠٪، كما أعلنت عن أسعار موحدة لبعض المواد الغذائية الأساسية إلا أنها واجهت صعوبة في تطبيق تلك القرارات بسبب عدم رضوخ التجار لها، لذا بقيت بعضها على الورق، بينما قد تم تطبيق الأخرى، وبسبب تأثيرات كوفيد19 أعلنت الحكومة عن حظر تصدير المواد الغذائية الأساسية إلى الخارج.
قرارات المنظمة والرد المالي:
في ختام قمة عقدت يوم 9 يناير 2022م أصدرت منظمة الإيكواس بيانًا فرضت فيه حزمة من العقوبات على مالي، منها: إغلاق الحدود البرية والجوية مع مالي، ووقف التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وجمهورية مالي باستثناء الاحتياجات الأساسية والمواد الطبية والكهرباء والبتروكيماويات، كما تضمنت العقوبات تجميد أصول الحكومة المالية في بنوك الإيكواس، ووقف تقديم مساعدات تنموية لمالي، وتجهيز قوات للتدخل السريع في مالي إذا تطلب الأمر ذلك([10]).
وبعد القمة بأربع ساعات أصدرت الحكومة المالية بيانًا استنكاريًّا أعلنت فيه عن اتخاذها إجراءات مماثلة: منها: إغلاق حدودها مع الدول الأعضاء في الإيكواس، واستدعاء سفرائها، كما قامت بطمأنة الشعب بوجود مخزون وافر من البضائع والسلع الأساسية، واختتمت البيان بدعوة القوات المسلحة إلى الحيطة والحذر([11]).
الدوافع وراء هذه العقوبات:
يرى الباحث أن للوضع السياسي في منظمة غرب إفريقيا وصراع النفوذ الدائر بين فرنسا وروسيا في الساحل تأثيرًا كبيرًا على العقوبات المفروضة على مالي، وأن لهذه العقوبات ثلاثة أبعاد:
أ- بُعد قانوني: فبحسب مادة 77 من نظام الإيكواس فيحق للمنظمة اتخاذ إجراءات لأي دولة عضو لم تلتزم بقوانين المنظمة، وهذه العقوبات تتراوح بين: منع تقديم دعم اقتصادي، رفض قبول مرشح الدولة العضو في المناصب، المنع من التصويت، عدم المشاركة في فعاليات، وفي عام 2002م تبنت المنظمة بروتوكولاً يهدف إلى تعزيز الديموقراطية داخل المنظمة، ومن أهم مبادئ هذا البروتوكول: رفض الانقلابات العسكرية داخل المنظمة، فالمنظمة مضطرة لفرض العقوبات لحفظ ماء وجهها؛ لكي لا تُوصف بالعاجزة تجاه عدم احترام سلطات المرحلة الانتقالية لالتزاماتها، وخاصة أنها لم تَفرض عقوبات على مالي بعد الانقلاب الثاني الذي حدث في مايو 2021م .
ب- الوضع الإقليمي غير المستقر: أسفر الوضع الإقليمي غير المسقر إلى جعل العقوبات أكثر قسوة؛ إذ إن المنطقة تواجه أزمات سياسية وحالات عدم استقرار؛ فلقد حدث انقلاب عسكري في غينيا بينما الرئيس الايفواري في ولايته الثالثة، وهي ولاية يراها البعض بأنها غير دستورية، بينما رئيس بوركينا فاسو كان يواجه غضبًا شعبيًّا بسبب انعدام الأمن في البلاد، وفي السنغال هناك أصوات تزعم نيَّة الرئيس في الترشح لولاية ثالثة، وفي جمهورية بنين هناك أزمة سياسية نتيجة إقصاء المعارضة في الانتخابات الرئاسية الماضية؛ حيث يعتقد البعض بأن الرئيس غير شرعيّ؛ فهذه التطورات أثَّرت على قرار المنظمة؛ حيث يوجد خوف لدى الرؤساء بأن تصير الحالة المالية مصدر إلهام لشعوب المنطقة أو للجيوش للانقلاب عليهم.
ج- الصراع الفرنسي الروسي: كما أنه لا يجب أن نغفل عن التأثير الفرنسي على المنظمة؛ إذ إنها قد عبَّرت في بيانات سابقة عن قلقها من مجيء قوات خاصة (فاغنر) إلى مالي، بينما هذه لا تدخل في صلاحيات المنظمة؛ إذ إن كل دولة عضو فيها حرّ في اختيار شركائها، ولقد ذكر رئيس الحكومة المالية في مقابلة صحفية بأن المنظمة لم تستفسر من الحكومة حول مدى صحة الخبر الذي روَّجه الإعلام الفرنسي.
وفي البيان الذي أصدرته الحكومة بعد العقوبات ذكرت فيه وجود أيادٍ خارجية خلف هذا العقوبات, وهذا ما يجعل للخيارات الحكومة المالية والوضع الجيوبوليتيكي الحالي لجمهورية مالي أحد أهم الدوافع لفرض هذه العقوبات على البلاد.
ردود الأفعال حيال العقوبات:
ردود الفعل المحلية:
تنقسم ردود الأفعال المحلية إلى أربعة مستويات:
أ- المستوى الحكومي:
جاء رد فعل الحكومة المالية حيال العقوبات بطريقة صدمت كثيرًا من المراقبين والخبراء؛ حيث عملت بمبدأ المعاملة بالمثل، مع الاعتماد على دعم الشارع في تعزيز موقفها؛ حيث عقدت اجتماعًا استثنائيًّا في اليوم التالي من فرض العقوبة دعت فيه الشعب إلى الخروج في مسيرة للتنديد بالعقوبات يوم الجمعة ١٤/ يناير /٢٠٢٢م، كما ألقى الرئيس خطابًا في مساء نفس اليوم طمأن فيه الشعب بوجود مخزونات وافرة، وأنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم نقص السلع في السوق، وفي خطابه دعا جميع أطياف الشعب إلى لمّ الشمل ووحدة الكلمة، وأكد على عدم إغلاق باب المفاوضات والتزام مالي بالبقاء في المنظمة مع احترام بنودها الأساسية.
ومما يلفت الانتباه في موقف الحكومة المالية أنها ذكرت وجود أيادٍ خارجية وراء عقوبات منظمة الإيكواس، كما أرسلت الحكومة المالية وفدًا رفيع المستوى مكونًا من سبع وزراء ومدير مكتب الرئيس إلى جمهورية غينيا وإلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية لتسهيل عبور الشاحنات المالية عَبْرَهما، كما استخدمت الحكومة وسائل الإعلام كوسيلة للدفاع عن موقفها؛ حيث كثَّفت النشاط الإعلامي حتى في الملفات التي تخصُّ السياسة الخارجية والأمن القومي، الأمر الذي لم تكن الحكومات السابقة تفعلها.
ب- مستوى المجتمع المدني:
تباين موقف الحركات وشخصيات المجتمع المدني حيال العقوبات المفروضة بين مؤيد للحكومة وداعٍ لمواصلة المفاوضات مع المنظمة، فقد أصدرت نقابة العمالية الوطنية (Union national des travailleurs du Mali) بيانًا استنكرت فيه العقوبات، وأعلنت دعمها للحكومة، كما أعلن مجلس الغرف القنصلية التي تضم غرفة التجارة والصناعة، واتحاد الناقلات البرية، واتحاد الشحن عن وجود كميات كافية من السلع الضرورية والمواد الأساسية، وقام بتوجيه الفاعلين الاقتصاديين إلى اتخاذ التدابير اللازمة للإمداد المنتظم عبر الموانئ الأخرى المفتوحة.
أما المجلس الإسلامي الأعلى فقد دعا المواطنين إلى التحلي بروح الوطنية، ووجهت الأئمة إلى القيام بالدعاء لأجل الوطن؛ كاستجابة لطلب الحكومة، كما وجه الحكومة بإعادة بدء المفاوضات مع المنظمة. كما أعلنت نقابة المعلمين عن تعليق إضرابها الذي كان قد بدأ منذ تاريخ ٧ يناير (أي قبل فرض العقوبات بيومين)، وقد أعلن الشريف بوي حيدرا على لسان الناطق الرسمي باسمه عن إدانته الشديدة للعقوبات ودعوة أتباعه، والشعب المالي إلى دعم الحكومة الانتقالية([13])، وكذلك فقد نادى الإمام محمود ديكو في مقابلة صحفية إلى التكاتف، ودعا الرئيس إلى توحيد صف الماليين([14]).
ج- مستوى الأحزاب السياسية:
لم يُصْدِر أيٌّ من الأحزاب السياسية الكبرى بيانًا إلا بعد مرور40 ساعة من القرار، وقد تأرجحت بياناتها بين داعمة لموقف الحكومة، وداعية إلى مواصلة المفاوضات مع إلقاء اللوم على الحكومة، فتحالف الكوار الوطنية (Cadre Dechange) الذي يضم الأحزاب السياسية المعارضة للحكومة الانتقالية ألقى اللوم على الحكومة لأنها لم تلتزم بتعهداتها مع الشعب المالي في الداخل، ومع المنظمة في الخارج؛ رغم التنبيهات المستمرة ، ودعا التحالف الحكومة إلى بحث توافق وطني، وعدم الانجرار وراء قرارات شعبوية غير مفيدة، وعدم قطع التواصل مع منظمة غرب إفريقيا. وأصدر حزب (ADEMA) بيانًا دعا فيه الطرفين إلى الرجوع إلى المفاوضات ودعا الحكومة إلى توفير البيئة المناسبة للرجوع إلى المفاوضات ووضع خارطة طريق لا تتجاوز سنة واحدة، كما أصدرت حركة ٥ يونيو وحزب (URD) الداعمين للحكومة الانتقالية بيانًا استنكاريًّا.
د- على المستوى الشعبي:
في الشارع المالي هناك غضب كبير ضد العقوبات؛ حيث يُنظر إليها كعقوبات ضد الشعب المالي وليس الحكومة، وقد دعا كثير من الفنانين والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي إلى دعم الموقف الحكومي والخروج في مسيرة 14 يناير، وقد جسَّدت مسيرة ١٤ يناير ردّ الشعب المالي؛ حيث خرج الناس في أكثر من 15 مدينة وإقليمًا، زيادةً على مسيرة كبرى نُظِّمت في العاصمة في ميدان الاستقلال ضمَّت الآلاف، ووصفها البعض بالأكبر في تاريخ مالي الحديث.
ردود الفعل الدولية:
تنقسم المواقف الدولية تجاه العقوبات المفروضة على مالي إلى ثلاثة مواقف رئيسية:
أ- موقف الدول الإقليمية:
أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا دعت فيه الطرفين إلى ضبط النفس، وإعادة بدء المفاوضات، كما أعربت عن استعدادها للتوسط بين الطرفين؛ تعزيزًا لمبدأ الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية، كما عبَّرت القيادة الجزائرية عن موقفها من المدة المناسبة للمرحلة الانتقالية؛ حيث اقترحت عامًا واحدًا مع إمكانية زيادة أشهر قليلة حسب الظروف.
اما جمهورية غينيا كوناكري فقد أعلنت عن عدم تقيُّدها بقرار المنظمة، وإبقاء حدودها مفتوحة، كما ذكر في البيان بأنها لم يتم إشراكها بالقرار كون عضويتها مجمدة في المنظمة منذ 8 ديسمبر 2021م. أما الجمهورية الإسلامية الموريتانية فقد أعلنت عن استعدادها للمساهمة في إيجاد حل للازمة الدائرة([15]).
ب- موقف القوى الدولية:
أما على المستوى الدولي فقد عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا يوم 11 يناير حول مالي؛ حيث قدّمت فرنسا طلبًا لدعم المجلس لموقف منظمة الإيكواس، ولم يتوصل المجلس إلى اتخاذ قرار يدعم موقف منظمة الإيكواس بسبب الفيتو الروسي الصيني، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها الكامل لقرار المنظمة وذكرت ممثلتها في المجلس الأمن ليندا توماس جريفليند أن خمس سنوات كثيرة كفترة انتقالية، وأنها ليست في مصلحة العسكر، وتزيد من آلام الشعب المالي، كما عبر الرئيس الفرنسي عن تضامنه الكامل مع المنظمة وموقفها الشجاع، وفي جانب آخر عبّر السفير الروسي عن تفهُّم دولته للصعوبات التي تواجهها السلطات المالية في التحضير للانتخابات، وأنه في غياب استعادة الحكومة للسيطرة على أجزاء كثيرة من البلاد فسيصعب اعتبار التصويت شرعيًّا، وأشار السفير الصيني في مجلس الأمن الدولي إلى أن مالي تمر بمرحلة انتقالية حرجة؛ فيجب أن تمتنع القوى الخارجية عن ممارسة ضغوط مفرطة عليها([16]).
ج- موقف الشارع الإفريقي:
كما عبَّرت بعض الأحزاب المعارضة السياسية في دول الإيكواس عن إدانتها للعقوبات وتضامنها مع مالي؛ كحزب الشعوب الإفريقية في ساحل العاج الذي يرأسه الرئيس الإيفواري السابق لوران غباغبو([17])، وزعيم حزب باستيف في السنغال عثمان سونكو([18])، والناشط البنافريقاني: كيمي سيبا، والذي دعا إلى مظاهرات دولية يوم 22 يناير 2022م أمام جميع سفارات مالي في إفريقيا الفرنكوفونية بمشاركة الجاليات الإفريقية في الخارج([19])، كما أدان شيخ تيجان كاجو وزير الخارجية السنغالي الأسبق العقوبات ورآها غير مناسبة في الوقت الحالي، وكذلك عبر رئيس حزب البنافريقانيين الوطنيين النيجري (unpp-incin Africa) عمرو عبدالرحمن عن رفضه للعقوبات، بالإضافة إلى شخصيات إفريقية أخرى؛ كالمغني الريغي: تيكان جاه فاكولي والفا بلوندي.
في مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ وجود استنكار كبير في الصفحات والمجموعات الإفريقية ضد العقوبات؛ حيث اعتبرها كثير من الناشطين بأنها تضر الشعب المالي، وليست الحكومة، ولقد تم إطلاق هشتاقات في هذا الصدد منها وسم باللغة العربية : #مالي_لست_وحدك، ووسم آخر بالفرنسية: ادعم مالي (#je_suis_mali)، وبالإنجليزية: #standwithmali كما تم إطلاق لافتة بشعار إفريقيا تدعم مالي؛ حيث إن في مضمونه: (أنا من الدولة الفلانية، أنا أدعم الماليين) يستخدمه مواطنو كل دولة بعَلَم دولته لإظهار تعاطفه مع الماليين، كما خرج مواطنو معظم العواصم الإفريقية الناطقة بالفرنسية والمهجر في مسيرة أمام السفارات المالية لإظهار دعمهم للشعب المالي، كما يُوجد طرف آخر يقرون بقسوة العقوبات، ولكنهم يرونها ضروريَّة للحدّ من طمع العسكريين في مالي في البقاء في الحكم؛ لأن خمس سنوات كمدة انتقالية فترة مُبَالَغ فيه.
التأثيرات الاقتصادية والأمنية للعقوبات:
مالي دولة حبيسة تعتمد على موانئ دول الجوار في عمليتي التصدير والاستيراد، وهي دولة مستهلكة؛ حيث لا تنتج المواد الغذائية الأساسية، وتواجه أزمة اقتصادية منذ 2012م جراء اندلاع أزمة أمنية في شمال البلاد، ومن أكثر المواد التي تستوردها مالي: البتروكيمياويات، ومواد البناء والأساس، والآلات، والمواد الغذائية.
وتوجد ثلاث دول من أكبر خمس المصدرين إلى مالي أعضاء في منظمة الإيكواس؛ حيث يأتي ترتيبهم حسب إحصائية 2016م على النحو التالي: السنغال والصين بنسبة 12.2٪، ثم فرنسا بنسبة 10.3٪، فجمهورية بنين بنسبة 8.6٪، ثم ساحل العاج بنسبة 8.4٪([20]). فالعقوبات المفروضة على مالي تؤثر عليها اقتصاديًّا بشكل كبير؛ حيث تعتمد بشكل شبه كلي على موانئ دول الإيكواس (ميناء دكار في السنغال وتيما في غانا وكوتونو في البنين وولومي في توغو وأبيدجان في ساحل العاج)، ورغم إمكانية الاستيراد من موانئ الدول الحدودية الأخرى كالجزائر وموريتانيا وغينيا كوناكري إلا أن ذلك تواجهه بعض العراقيل كانعدام الأمن في الطرقات والمسافة البعيدة بين الموانئ والعاصمة المالية بماكو حالة الجزائر وموريتانيا أو البنية الأساسية غير المتطورة في شكل يسمح بمرور الشاحنات الكبيرة كما في حالة غينيا كوناكري، علاوةً على المزايا الاقتصادية الموجودة في منطقة الإيكواس وسهولة عملية الصرف بين الدول التي تَستخدم الفرنك.
أما الصادرات المالية فيأتي على رأس القائمة: القطن والذهب والمواشي، وتحتل بوركينا فاسو بنسبة 4.9% المرتبة الخامسة من بين أكبر الدول التي تُصدّر إليها منتجاتها خلف سويسرا (30.4%) والهند (12.2%) وأوكرانيا والصين (5.1%)، بينما السنغال تحتل المرتبة السادسة بنسبة 4.3%([21]). فالعقوبات ستؤثر بشكل كبير جدًّا على اقتصاد البلاد، وعلى أسعار السلع، وستؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعارها بسبب شحّ بعضها في السوق، وأكبر طبقة اجتماعية ستؤثر عليه العقوبات هي التجار الذين يعتمدون على الاستيراد، ومزارعو القطن وأصحاب قطعان الماشية.
وفي القطاع النقدي ستؤثر هذه العقوبات على الحكومات المالية؛ حيث كان من المزمع حصولها على قرض بقيمة 30 مليار فرنك سيفا من الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا (uemoa) يوم 12 يناير2022م لتمويل الميزانية وبعض المشاريع، حسب ما ذكره صحيفة سيكا الاقتصادية نقلاً عن وكالة روتيرز([22]).
كما سيتم تعليق الدعم المالي من مؤسسات إقليمية تابعة لمنظمة الإيكواس؛ كبنك غرب إفريقيا للتنمية(BOAD) وبنك غرب إفريقيا للاستثمار والتنمية (BIDC)، كما سيؤثر تجميد الأصول المالية في البنك المركزي لدول غرب إفريقيا (BECEAO)، إلى عدم بيع المنتجات في سوق مشترك يضم أكثر من 350 مليون شخص.
ولكن هذه العقوبات لن يكون تأثيرها على الجانب المالي فحسب، بل إنها ستؤثر على دول منظمة غرب إفريقيا؛ حيث يعتمد بعضها على السوق المالي في تصدير منتجاتها؛ إذ تعتبر مالي أكثر دولة تعتمد عليها السنغال في تصدير منتجاتها؛ حيث تتربع على رأس قائمة صادرات السنغال بنسبة 22% بقيمة 960 مليون دولار([23])، كما أن 4.7% من صادرات ساحل العاج بقيمة 616 مليون دولار تذهب إلى مالي([24]).
ومن القطاعات التي ستتأثر بهذه العقوبات في دول الإيكواس هو قطاع المواشي؛ حيث تعتمد بعض الدول على مالي في استهلاكها اليومي للحوم الطازجة، فمالي هي المصدر الثاني على مستوى غرب إفريقيا في مجال اللحوم الطازجة.
كما ستؤثر هذه العقوبات على شعوب هذه الدول؛ لأن الكثيرين يحصلون على قوت يومهم في عملية التبادل التجاري بين الدول، وخاصة في المناطق الحدودية، وأكثر قطاعات ستتأثر بهذه العقوبات في هذه الدول هو قطاع الشحن والنقل البحري والإسمنت والزراعة؛ فالمزارعون يُصدّرون منتجاتهم بشكل يوميّ، ولأنه لا يتوفر لديهم أدوات لتخزين تلكم المنتجات؛ فإن مصيرها ستكون التلف.
أما على المستوى الأمني فستؤثر هذه العقوبات على عملية مكافحة الإرهاب في المنطقة؛ كونها ستضعف الاقتصاد المالي، مما سيؤثر تدريجيًّا على الميزانية المخصصة لعملية مكافحة الإرهاب. ويدور جدل كبير بين الخبراء حول تأثير العقوبات على التنسيق الأمني بين هذه الدول في مجال مكافحة الإرهاب فحسب البعض فإنها لن تؤثر استنادًا إلى الرسالة التي وجّهها وزير الدفاع النيجري إلى نظيره وزير المواصلات أوضح فيها أن السكرتير التنفيذي لمنظمة الإيكواس أخبر وزير الخارجية النيجيري بعدم شمول العقوبات للطائرات العسكرية([25]).
بينما يرى آخرون أنها ستتأثر، ولذلك أرسلت الحكومة المالية رسالة احتجاجية إلى السلطات الفرنسية بسبب اختراق طائرة تابعة للقوات الجوية الفرنسية المجال الجوي المالي سلكت مسار أبيدجان – غاو -أبيدجان، وأخبرتها بضرورة تحمّل أي تبعات مستقبلية في حال خرقت أي طائرة أخرى المجال الجوي المالي دون سابق إذن([26]).
ومنذ إعلان العقوبات على مالي لم تتم أيّ عملية مشتركة بين قوات الدول الثلاث (مالي وبوركينا فاسو والنيجر)، وقد فسّر بعض الخبراء ذلك بسبب انخفاض مستوى التهديد الأمني في المنطقة، وانشغال الجماعات الإرهابية في حرب داخلية على الزعامة في المنطقة.
كما ستؤثر هذه العقوبات على منظمة الإيكواس استراتيجيًّا؛ حيث تضطر مالي إلى التوجه لدول منافسة خارج المنظمة كالجزائر والمغرب وموريتانيا، مما سيشكِّل تحديًا كبيرًا في عملية التكامل التي تسعى إليه، وسيهدد ذلك صناعات في كل من نيجيريا وغانا وساحل العاج على حساب دعم الصناعة الجزائرية والمغربية، وفي الداخل بدأت أصوات تنادي بضرورة الانسحاب من المنظمة؛ لأنها لا تخدم مصالح الشعوب؛ رغم أن النخبة السياسية المالية ترى عكس ذلك.
الخاتمة:
يرى الباحث أن الأزمة الدائرة بين الحكومة المالية ومنظمة الإيكواس ستنفرج مع نهاية شهر فبراير وبداية مارس الجاري؛ حيث إن الحكومة المالية ستحرص على عدم انتهاء مدة المرحلة الانتقالية قبل التوصل إلى نقطة اتفاق مع منظمة الإيكواس تجنبًا لدخولها في أزمة شرعية؛ كرفض أحزاب المعارضة الاعتراف بها أو عدم اعتراف المجتمع الدولي بشرعيتها، أو حدوث انقلاب عسكري آخر.
ومن ناحية أخرى فمنظمة الإيكواس ستسعى إلى التهدئة بسبب تكالب الأزمات عليها، وخاصة بعد الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، والانقلاب الفاشل في غينيا بيساو، وتأثير الشارع على الزعماء، وخوف البعض من حدوث أزمات داخلية جراء إغلاق الخط مع مالي؛ بسبب الاعتماد الكلي لبعض القطاعات على هذا الخط، وعدم تقديم الرؤساء دعمًا اقتصاديًّا أو بديلاً.
كما يعبّر الباحث عن قلقه من استخدام الأزمة في الخلاف المالي الفرنسي؛ مما سيجعل عملية المفاوضات أكثر تعقيدًا، وفي هذا الإطار يرى الباحث ضرورة إحداث بعض التغييرات الضرورية قبل الذهاب إلى الانتخابات لكي لا تكون الانتخابات سببًا لأزمة سياسية جديدة؛ حيث إن الأزمة الحالية هي نتيجة لأزمات ما بعد انتخابية: (الانتخابات الرئاسية لعام 2018م، والانتخابات التشريعية لعام 2020م)، وتتمثل هذه الإجراءات في التعديلات الدستورية والتعديلات المؤسساتية، ومراجعة القوائم الانتخابية، وتفعيل اللجنة المستقلة للانتخابات. لذا يتوقع الباحث أن 18 شهرًا فترة مناسبة وكافية كمدة إضافية لتحقيق هذه الإجراءات وتنظيم انتخابات حرَّة ونزيهة.
[1] Communique sur la situation au mali ,( 2020,18 August), commission de la CEDEAO, [Picture file]
[2] Extraordinary Summit of the ECOWAS Authority of Heads of State and Government on the Socio-Political Situation in Mali ( 2020,20 august), ECOWAS summit . [picture file]
[3] Arret n 2021-02/cc/vacance du 28 mai 2021 , (2021, mai 28) ,constitutional court of mali , [picture file].
[4] Communique sommet extraordinaire sur la situation politique au mali ,accra le 30 mai 2021, ecowas website ,( 2021,31 may ) ,ECOWAS SUMMIT ,Retrieved from : https://www.ecowas.int/communique-sommet-extraordinaire-sur-la-situation-politique-au-mali/?lang=fr
[5] La CEDEAO rassurer par le colonel Goita sur le prochain retour des civils au pouvoir , ( 2021, 09 june), journal le croix ,Retrieved from : https://www.la-croix.com/Monde/Mali-Cedeao-rassuree-colonel-Goita-prochain-retour-civils-pouvoir-2021-06-09-1201160234
[6] 3rd EXTRAORDINARY SUMMIT OF THE ECOWAS AUTHORITY OF HEADS OF STATE AND GOVERNMENT ON THE SITUATION IN MALI AND GUINEA ,site of egreee, ( 2021, 11 july ) ,ECOWAS SUMMIT , Retrieved from : http://www.ecreee.org/news/3rd-extraordinary-summit-ecowas-authority-heads-state-and-government-situation-mali-and-guinea
[7] Final Communiqué Summit 12 December 2021 , ecowas website , (2021,13 December ) ,ECOWAS SUMMIT ,Retrieved from :https://www.ecowas.int/wp-content/uploads/2021/12/ENGLISH_-Final-Communque%CC%81_Summit-12-Dec-2021-VF_17h45_211213_185725.pdf
[8] Conclusion des assises nationales de la refondation de letat niveau national ,(2021,30 December ) [pdf file ]
[9] Sommet extraordinaire de la cedeao sur le mali : début des travaux (2022 , 09 january ) page of présidence of fazo ,direction of communication de la présidence au faso, [facebook and twitter post ]
[10] Final Communique ECOWAS Extraordinary Summit on Mali, ecowas website ,(2022,09 january )Retrieved from : https://www.ecowas.int/wp-content/uploads/2022/01/Final-Communique-on-Summit-on-Mali-Eng-080122.pdf
[11] interview exclusive du premier ministre Dr. choquel kokala maiga. (2022,16 January ) ,ortm channel ,
, retieved from : https://youtu.be/XrxYXFY1Fv4
[13] Un message urgent du cherif ,(2021,12 january) page de cheick Coulibaly ,[facebook post],retrieved from : https://www.facebook.com/100000618527719/posts/5159137267450173/?d=n
[14] Declaration de limam Mahmoud dicko sur les sanctions de la cedeao , (2022 14 january ) ,page du journal mali online ,
, retrieved from : https://fb.watch/aA34ZB13os/
[15]Mauritanie : « la crise malienne est passagère et nous sommes disposés à tout ce qui pourrait aider à sa résolution » ,sahara media , (2022,11 february) Retrieved from : https://fr.saharamedias.net/mauritanie-la-crise-maRetrieved from ne-est-passagere-et-nous-sommes-disposes-a-tout-ce-qui-pourrait-aider-a-sa-resolution/
[16] Russia, China block UN support for ECOWAS sanctions on Mali, al jazzera website ,(2022 , 12 january ) Retrieved from : https://www.aljazeera.com/news/2022/1/12/russia-and-china-block-un-support-for-ecowas-sanctions-on-mali
[17] Declaration du ppa-ci sur la situation du mali abidjan le 11/01/2022 , service communication ppa-ci, [ picture file ].
[18] Ousmane sonko soutien le peuple malien, (2022,12 January) ,page of ty chérie
, retrieved from :https://fb.watch/b62UoRxzOF/
[19] Kemi seba , page of kemi seba
,(2022, 10 january ) Retrieved from : https://fb.watch/awdn3TpOtN/
[20] Mali – Economic Indicators , moody’s analytics website ,Retrieved from : https://www.economy.com/mali/indicators
[21] Mali – Economic Indicators , moody’s analytics website ,Retrieved from : https://www.economy.com/mali/indicators
[22] Yao, O.( 2022, JANUARY 12 )Le Mali privé d’une levée de 30 milliards FCFA sur le marché de l’UMOA, Sika finance. Retrieved from : https://www.sikafinance.com/marches/le-mali-prive-dune-levee-de-30-milliards-fcfa-sur-le-marche-de-lumoa_32290?fbclid=IwAR0U2wFsxtHX2WiOmyLXWISALIoNQM-kaWCJnASm8veeAYQGLqVmZ6It2z8 .
[23] Senegal ,Observatory of Economic Complexity (OEC), Retrieved from: https://oec.world/en/profile/country/sen
[24]Cote divoire ,observatory of Economic Complexity (OEC), Retrieved from https://oec.world/en/profile/country/civ
[25] Lettre n’0138/mdn/dre/cm de ministre de la defense national du niger a monsieur le ministre des transports, (2022 11 january) [picture file ].