تُعد جريمة إهانة وازدراء رئيس الدولة من بين الجرائم المختلف عليها في العديد من دول العالم، وخاصةً في الدول التي تقوم بتطبيقها؛ حيث يرى أنصار بقائها أنها تحافظ على هيبة ومكانة رئيس الدولة داخليًّا وخارجيًّا، والذي كرامته من كرامة ومكانة الدولة ذاتها؛ على حدّ قولهم. بينما يرى منتقدوها أنها جريمة عفا عليها الزمن، وأُلغيت من معظم التشريعات في شتَّى دول العالم؛ وذلك لكونها تتعارض مع حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بوضوح وحرية فيما يقوم به رئيس الدولة، ويتعلق بممارسته لأعمال وظيفته.
أما فيما يتعلق بواقع هذه الجريمة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، فنجد أنه ما زالت أغلب تشريعات دول القارة تنص على هذه الجريمة، وتقرر عقوبات لها تدور بين السجن والغرامة أو كليهما أو أحدهما، وهو ما جعلها محلاً للنقد الشعبي والحقوقي والدولي، وزاد من حملات المطالبة بإلغائها؛ لكونها لم تَعُد تتوافق مع مبادئ الحقوق والحريات. ومن خلال هذه الدراسة سوف نُسلّط الضوء على هذا الموضوع من خلال المحاور التالية:
المحور الأول:
أسباب المطالبة بإلغاء جريمة إهانة رئيس الدولة
تتمثل أهم الأسباب الدافعة للمطالبة بإلغاء جريمة إهانة رئيس الدولة، وانتقاد تشريعها والعقاب عليها في الأمور التالية:
1- تقديس الحاكم ومنحه سلطات إلهية تجعله غير قابل للنقد: حيث يرى معارضو هذه الجريمة أنها تعطي الحاكم درجة من التقديس، كالتي كانت تُمنَح للحكام في العصور الوسطى بوصفهم يحكمون بنظريات الحق الإلهي، كما أنهم يصفون هذه الجريمة بأنها تقرر فكرة عبادة شخصية الحاكم، وتمنحه بعض صفات الإله، وتجعله غير قابل للنقد، وتعيد الامتيازات التي كانت تمنح للإمبراطور في العصر الروماني، وعصور الإقطاع، والتي سقطت وانتهت مع سقوط النظم الملكية، وميلاد الجمهورية في شتى دول العالم.([1])
2- إساءة الاستخدام السياسي لهذه الجريمة لقمع المعارضة: حيث تعد التطبيقات العملية لهذا النص القانوني الذي يجعل إهانة رئيس الدولة جريمة، خاضعة في كثير من الأحيان إلى إساءة الاستخدام السياسي؛ وذلك من خلال تطبيق هذه الجريمة على بعض معارضي النظام الحاكم، ومحاكمتهم بصورة تؤدي إلى إقصائهم من المشهد السياسي والتنكيل بهم، ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية، وهو ما يمنح النظم المستبدة حقّ تكميم أفواه المعارضين وأصحاب الرأي، وكذلك تحصين الرئيس عن النقد الشعبي حتى ولو كانت سياساته لا تلبي تطلعات الشعب.([2])
3- وجود تشريعات أخرى بديلة تحافظ على مكانة وهيبة رئيس الدولة: حيث إن معظم التشريعات القانونية في معظم دول العالم تنص على قوانين تعاقب من يقوم بإهانة أو سبّ أو قذف موظف عام أثناء ممارسة مهام عمله، وبالتالي فإن رئيس الدولة يستفيد من هذه القوانين بوصفه موظفًا عامًّا أيضًا، وبالتالي ليس هناك ما يستوجب وضع تشريعات مخصصة ليستفيد منها الرئيس تمييزًا له عن باقي أبناء الشعب.
4- وصف هذه الجريمة بكونها فضفاضة وواسعة وغير محددة: حيث تقوم العديد من التشريعات بالنص على جريمة إهانة رئيس الدولة، مع ترك الحرية للقضاء في تحديد الوقائع التي قد تمثل إهانة لرئيس الدولة، وهو ما يجعل هذه الجريمة فضفاضة وواسعة وتخضع لتفسيرات أعضاء النيابة وتقديرات القضاة، والتي تلبّي رغبات السلطة الحاكمة، وتستخدم تلك الجريمة لأغراض شخصية أو سياسية في كثير من الأحيان.([3])
5- المبالغة في العقوبة على مرتكبي تلك الجريمة: حيث تحاكم معظم التشريعات مرتكبي هذه الجريمة أمام المحاكم الجنائية، بل وأحيانًا أمام محاكم أمن الدولة، والمحاكم العسكرية، وتُخصّص لهم عقوبات بالسجن أو الغرامة أو كليهما معًا، وهو ما يعتبر عقابًا قاسيًا في وجهة نظر منظمات ومؤسسات الدفاع عن حرية الرأي وحقوق الإنسان، الذين يرون أنه لا يصح أن يخضع إنسان إلى السجن لعدة سنوات لمجرد انتقاده لرئيس الدولة بمناسبة قيامه بعمل من أعمال وظيفته.
6- الاستخدام السياسي للقضاء: حيث يرى منتقدو هذه الجريمة أن منح القضاة حق تفسير الوقائع التي تعد جريمة إهانة لرئيس الدولة، دون تحديد تلك الوقائع بنص قانوني، يسمح للسلطة التنفيذية بالاستخدام السياسي للقضاء من خلال التدخل في ممارسته لأعمال وظيفته، وجعل القضاة يفسّرون الوقائع المطروحة أمامهم بأنها داخلة في هذه الجريمة، وهو ما يُخِلّ بنزاهة واستقلال السلطة القضائية بالتبعية.
7- انتهاك حق الرقابة الشعبية: حيث إن تشريع هذه الجريمة، وتغليظ العقاب عليها يَحُدّ من مبدأ الرقابة الشعبية على قرارات وممارسات الرئيس وحكومته، خاصةً إذا كانت هذه الرقابة تتم من خلال أعضاء البرلمان، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمثابة وسيلة مهمة للتعبير عن المواقف الشعبية تجاه الرئيس وسياساته، ولكن قد يتم استخدام تلك الجريمة في تعقُّب ناشطي المعارضة الشعبية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حالة كونهم مؤثرين إذا ما قاموا بنقد الرئيس بمناسبة أدائه لمهام عمله.
8- التضييق على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير: حيث يرى منتقدو تلك الجريمة أنها تقيّد من حرية الرأي والتعبير، وخاصة فيما يتعلق بالحريات السياسية، والحق في الاختلاف، وإبداء الآراء المخالفة لرأي الحكومة في إطار النظام والقانون، وكذلك يرى آخرون أنها بمثابة قيد كبير على حرية الصحافة في القارة الإفريقية، وتقيد حق المعارضة في التعبير عن آرائها فيما يتعلق بسياسات الرؤساء بمناسبة أداء وظائفهم الرسمية.([4])
9- عدم وجود مبررات للإبقاء على تلك الجريمة: حيث يرى الكثيرون أن هذه الجريمة تم إلغاؤها من معظم التشريعات الوطنية في العديد من دول العالم، كما أن المؤسسات الحقوقية الدولية دعمت عمليات إلغائها، بالإضافة إلى كون هذه الجريمة كانت من الجرائم الموروثة عن الفترة الاستعمارية في إفريقيا، والتي كانت تحاول حماية حكام الاستعمار الموجودين في القارة، وبالتالي لم يَعُد هناك مبرر للإبقاء عليها، وخاصةً مع وجود تشريعات بديلة تعاقب من يسيء إلى الرؤساء سواء على مستواهم الشخصي، أو حتى على مستوى وظائفهم، ولكن مع وضعهم كباقي أعضاء المجتمع دون تمييز.([5])
المحور الثاني:
أبرز التطبيقات المتعلقة بهذه الجريمة في الواقع الإفريقية
في يونيو 2007م حثَّ الاتحاد العالمي للصحف (WAN) أثناء انعقاد مؤتمر في جنوب إفريقيا، الدول الإفريقية على إلغاء القوانين والتشريعات التي تقرر جريمة إهانة رئيس الدولة، كما أضاف أن مثل هذه القوانين السارية في حوالي 48 دولة إفريقية هي أكبر آفة لحرية الصحافة في القارة الإفريقية، ومن خلال هذا التصريح يتضح لنا أن معظم الدول الإفريقية تقوم بالنص على هذه الجريمة في تشريعاتها، وتطبقها عندما تحتاج إلى ذلك، ويمكن أن نشير إلى أبرز التطبيقات العملية لهذه الجريمة فيما ما يلي:
أولاً: نماذج تطبيقية لجريمة إهانة رئيس الدولة في إقليم غرب إفريقيا:
أ- السنغال:
تهمة إهانة الرئيس إحدى أدوات القمع السياسي للمعارضة:
بموجب القانون رقم 77- 87 الصادر في 10 أغسطس 1977م، نص قانون العقوبات السنغالي في المادة 254 على جريمة إهانة رئيس الدولة؛ حيث خصص لتلك الجريمة عقوبة “الحبس من ستة أشهر إلى سنتين، والغرامة التي تقدر بين 100 ألف إلى 150 ألف فرنك، أو بإحدى هاتين العقوبتين”، كما أشارت هذه المادة إلى أن تلك الجريمة تُرتَكب بإحدى وسائل النشر العامة الواردة في المادة 248 من قانون العقوبات، والتي حددت بدورها وسائل النشر العامة، والتي تتمثل في كل من “البث الإذاعي، البث التلفزيوني، السينما، الصحافة، الملصقات، صالات العرض، الكتابات المنشورة، الصور بأنواعها، الخطب، الأغاني، الهتافات، التهديدات التي تتم في الأماكن العامة أو الاجتماعات، وبصورة عامة أيّ عملية تقنية تهدف إلى الوصول إلى الجمهور”، وهو ما سمح من خلال ذلك النص بالعديد من المحاكمات لمعارضي النظام الحاكم.
ومن أبرز تلك المحاكمات ما يلي:
1- محاكمة وزير العدل الأسبق أمادو سال: في فبراير 2016م حكمت المحكمة على المحامي ووزير العدل السابق آمادو سال، وهو معارض بارز للرئيس ماكي سال، بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة إهانة الرئيس، وتقويض أمن الدولة، وذلك لإدلائه بتصريحات خلال اجتماع في مارس 2014م مع الحزب الديمقراطي السنغالي (PDS) يقول فيها: “إنه إذا تمت إدانة كريم واد نجل الرئيس السابق عبدالله واد، فلن يقضي ماكي سال ليلة أخرى في قصر الرئاسة، كما وصف الرئيس بأنه خائف، وعاجز، وغير كفء”، وقد وصف المتهم هذه العقوبة بغير العادلة، وأنها لن تمنعه من مواصلة نشاطه السياسي، وأضاف أنه عبَّر عن رأيه كرجل حُرّ في بلد حُرّ، ويقول: إنه تم استهدافه لأنه كان يعارض مشروع التعديلات الدستورية التي دعا إليها الرئيس ماكي سال، وكذلك لأنه محامي كريم واد، ووصف المحاكمة بأنها محاكمة سياسية.([6])
2- محاكمة الصحفي المعارض أداما غاي: حيث إنه في29 يوليو 2019م تم اعتقال الصحفي السنغالي المعارض أداما غاي، الذي قدّم نفسه على أنه ناشط من أجل تحقيق العدالة والشفافية والتقدم في السنغال، وقام بانتقاد الرئيس السنغالي ماكي سال، في مقالات صحفية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة فيما يتعلق بسوء إدارة ملف النفط والغاز في البلاد، وهو ما أدى إلى اعتقاله بتهمة الإساءة إلى رئيس الدولة، ونشر كتابات مخالفة للأخلاق الحميدة، وقد أدى اعتقاله إلى حالة من السخط الاجتماعي، وتم اتهام الحكومة باعتقاله بعد تدويناته على الفيس بوك والتي تناول فيها الحياة الخاصة للرئيس السنغالي، وقد أعلن الصحفي بعد اعتقاله أنه يعتبر نفسه سجين رأي، ومعتقلاً سياسيًّا. ويذكر أن الصحفي أداما غاي كان قد قدّم استجوابًا إلى الرئيس ماكي سال، وشقيقه عليو سال، فيما يتعلق بملف إدارة النفط والغاز، والذي آثار حفيظة السياسيين ووسائل الإعلام في البلاد لمدة شهرين، وأسفر عن استقالة شقيق الرئيس من رئاسة صندوق الودائع (CDC), بعد أن تم اتهامه بالفساد في منح عقود التنقيب عن النفط لشركة أجنبية؛ حيث قيل: إنه تلقى منها رشوة تصل إلى 250 ألف دولار، وقد كشفت تلك الأمور تحقيقات قامت ببثها قناة البي بي سي البريطانية.
هذا وقد ظل الصحفي أداما غاي في السجن لمدة شهر ونصف، وأضرب عن الطعام، وتم تقديم العديد من الطلبات للإفراج عنه بصورة مؤقتة من قبل محاميه، حتى تم بالفعل إطلاق سراحه بكفالة في سبتمبر 2019م، وقد غادر الصحفي أداما غاي السنغال لاحقًا، وهو مقيم حاليًا في المنفى بالمغرب، وقد وجّه العديد من السياسيين، ورؤساء الأحزاب مطالب إلى الرئيس السنغالي ماكي سال، بمنح الصحفي غاي ضمانات أمنية تسمح له بالعودة إلى وطنه، وذلك من أجل الاستفادة بخبراته لمصلحة التنمية في البلاد.([7])
3- محاكمة النائب السابق بالبرلمان الشيخ عبده مكي بارا: في 10 يونيو 2022م تم القبض على النائب السابق بالبرلمان عبده بارا بتهمة إهانة رئيس الدولة، والتشهير، ونشر أخبار كاذبة؛ حيث اعتبرت تصريحاته التي أدلى بها خلال تجمع لأحزاب المعارضة، وانتقد فيها الرئيس ماكي سال بأنها تعد جريمة إهانة للرئيس، وقد صرح وزير العدل السنغالي في بيان صحفي أنه أصدر تعليمات إلى النائب العام بملاحقته قضائيًّا، وبالفعل تم إيداعه بالسجن لمحاكمته، وفي يوليو 2022م تم تقديم طلب للإفراج عنه بصورة مؤقتة، وبالفعل أُفرج عنه، وقد أدان ما تعرَّض له من عقوبات، متهمًا الرئيس بأنه يرسل معارضيه إلى “قلعة الصمت”، ويقصد بها السجن من أجل كتم الأصوات، وتهديد المعارضين بمحاكمتهم.([8])
4- محاكمة المغنية الشعبية إيمي كولي دينغ: حيث إنه في 3 أغسطس 2017م تم القبض على هذه المغنية بتهمة إهانة الرئيس، وبثّ أخبار كاذبة، وقد جاء اعتقالها بعد نقدها في رسالة عبر تطبيق واتس آب للرئيس ماكي سال بعد أيام من الانتخابات التشريعية، مدعية أنه لم يفعل شيئًا للبلاد منذ انتخابه في 2012م, كما وصفته بأنه “ساي ساي” أي مارق بلغة الولوف، وأنه يقوم بمناورة في الظل لتحقيق أهدافه، كما انتقدت المخالفات التي تمت في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2017م, وأعلنت في حديثها عن تعاطفها مع حزب المعارضة بزعامة الرئيس السابق عبدالله واد، وبعد اعتقالها تم وضعها في سجن النساء بداكار، وبعد الضغط من مجموعات الفنانين، وقادة المجتمع المدني من أجل إطلاق سراحها؛ تم الإفراج عنها بصورة مؤقتة بعد 10 أيام من الاعتقال، مع استمرار التحقيقات في القضية، وفي مارس 2019م أعلنت هذه المغنية عن اعتذارها للرئيس، وطلبت منه العفو عنها، وأضافت أنها تعلمت من أخطائها.([9])
5- محاكمة سيرين ماسامبا سين لانتقاده الرئيس في اختيار شخصية رئيس الوزراء: حيث إنه في 1 أكتوبر 2022م تم القبض على سيرين ماسامبا المعروف باسم الأمير تياك تياك، وذلك بتهمة إهانة رئيس الدولة، بعد نشره مقطع فيديو على تطبيق تيك توك ينتقد فيه الرئيس لتعيينه “أمادو بو” في منصب رئيس الوزراء، وعدم تعيينه أشخاصًا مثل “مبارك لو” في هذا المنصب، وبعد القبض عليه قدم اعتذارًا أمام الشرطة السنغالية، لكنه أحيل للمحاكمة، وحكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر.([10])
وبصورة عامة فقد أشير إلى كون تهمة إهانة رئيس الدولة في السنغال تم توجيهها من عام 2012م إلى عام 2017م لحوالي 7 أشخاص، لقيامهم بنشر رسوم كاريكاتورية أو آراء تنتقد الرئيس ماكي سال، ومن جانبها فقد طالبت منظمة العفو الدولية بإلغاء جريمة إهانة رئيس الدولة في السنغال؛ نظرًا لكونها تُشكِّل قيدًا كبيرًا غير مُبرّر على حرية الرأي والتعبير.
ب- مالي:
النص قانونًا على هذه الجريمة مع عدم التوسع في تطبيقها عمليًّا:
لقد نص قانون العقوبات المالي في المادة رقم 147 على أنه يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، وبغرامة من 50 ألف إلى 600 ألف فرنك إفريقي أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وذلك على من يسيء إلى شخص رئيس الدولة، عن طريق الكلام أو الصياح أو التهديدات التي يعلنها في الاجتماعات أو الأماكن العامة أو عن طريق المطبوعات المباعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الاجتماعات أو الأماكن العامة. وعلى مستوى التطبيق لم نجد نماذج عملية كثيرة تتعلق بهذه الجريمة فيما بين يدينا من مصادر غير ما يلي:
1- محاكمة المذيع والصحفي الشهير راس باث: حيث إنه في يناير 2021م تم القبض على المذيع المعروف في مالي محمد يوسف باتيلي والمشهور باسم “راس باث”، وذلك بعد اتهامه بإهانة رئيس المرحلة الانتقالية في ذلك الوقت باه نداو، حيث وصفه في حديث إذاعي له بأنه “مختلّ عقليًّا”؛ حيث ظل في السجن لمدة عدة شهور، حتى تم الإفراج عنه لاحقًا في 19 أبريل 2021م، وصرّح بأنه كان ضحية لقضية سياسية بحتة أثارها خصوم رئيس الوزراء السابق بوبو سيسي.([11])
2- محاكمة مغني راب مجهول يدعي Nango TOV: في أبريل 2019م ألقت وحدة من جهاز أمن الدولة في مالي القبض على شاب يدعي تيديان جويندو، ومشهور باسم Nango TOV بعد قيامه ببثّ مقطع من موسيقي الراب على وسائل التواصل الاجتماعي يقوم خلالها بإهانة رئيس الدولة الراحل أبو بكر كيتا، ويتفاخر بأنه لا يمكن المساس به؛ حيث تم تقديمه للمحاكمة أمام السلطات بتهمة إهانة الرئيس.([12])
3- محاكمة خمسة صحفيين ومدرس على خلفية قصة عشيقة رئيس الجمهورية: وتعود وقائع هذه القضية إلى عام 2007م خلال فترة حكم الرئيس المالي الراحل أمادو توماني توري؛ حيث تمت محاكمة خمسة صحفيين، ومدرس بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وذلك على خلفية قيام باسيرو قاسم مينتا، وهو مدرس الأدب بمدرسة (Lycée Nanaïssa Santara) الثانوية في تكليف طلابه بالتعليق على قصة خيالية من كتابته، والتي تتحدث عن “قيام طالبة أسماها ديلي أجبرتها الظروف على أن تقوم باستغلال جمالها من أجل تلبية احتياجاتها المادية، وخلال إحدى مغامراتها تلتقي برئيس الجمهورية التي تحمل منه بطفل بصورة غير شرعية، ويحاول أن يجبرها على إجهاض الطفل من خلال تهديدها بالقتل دون جدوى، وبعد ولادتها تتمكن من دخول مجلس الوزراء، وتقاطع اجتماع الحكومة، وتطرح قضيتها أمامهم، ويقوم رئيس الوزراء بالوقوف بجانبها من خلال حكمته العظيمة، وينتهي الأمر باعتراف رئيس الجمهورية بالطفل، ويطلب يد عشيقته للزواج رسميًّا”.
وقد قام صحفي يدعي سيدينا عمر ديارا بنشر هذه القصة في صحيفة “إنفو ماتين”، وبعد نشر القصة في الصحيفة بأسبوعين قامت قوات الدرك باعتقال المدرس، والصحفي، وبعد حبسهم قام أربع رؤساء صحف معارضة بإعادة نشر هذه القصة، مما أدى إلى القبض عليهم أيضًا، ومن جانبها أدانت نقابة الصحفيين تلك الاعتقالات، وقامت بتنظيم مسيرة احتجاجية اعتراضًا على تلك الاعتقالات، وطالبت العدالة بالإفراج الفوري عنهم، كما منعت الشرطة اعتصام الصحفيين أمام مقر الحبس الاحتياطي في باماكو، غير أن المحاكمة استمرت أمام محكمة الجنايات، وتقدم للدفاع عن الصحفي عمر ديارا 19 محاميًا، من بينهم محامي فرنسي وآخر سنغالي، ولكن في النهاية تم الحكم على المدرس بالحبس لمدة شهرين، ومنعه من مزاولة مهنته، كما حُكِمَ على الصحفي عمر ديارا بالسجن 13 يومًا، بالإضافة إلى الحكم على رؤساء الصحف الأربعة بالسجن مع وقف التنفيذ. وقد تفاعلت العديد من المنظمات الحقوقية والصحفية مع هذه الواقعة حينها؛ حيث حثت منظمة “مراسلون بلا حدود” الرئيس المالي على إطلاق سراح المعتقلين، كما أدان الاتحاد الدولي للصحفيين كذلك القبض عليهم.([13])
ج- غينيا كوناكري:
حيث تم اتهام الصحفي والمؤرخ أمادو ديولدي دياللو في مارس 2021م بالإساءة إلى الرئيس السابق ألفا كوندي، بعد تصريحه في لقاء إذاعي عن رفضه لإغلاق الحدود البرية مع السنغال في ذلك الوقت، مدعيًا أن الحكومة تعاني من سوء الإدارة في غينيا، كما أعلن عن إدانته للرئيس مدعيًا أنه يقوم بالتمييز ضد مجموعة الفولاني الإثنية، واتهم الرئيس بأن مشروعه الوحيد هو إبادة مجتمع الفولاني في غينيا، وهو ما أدى إلى القبض عليه ومحاكمته بتهمة إهانة الرئيس؛ حيث ظل ثلاثة أشهر في السجن حتى تم صدور حكم المحكمة في مايو 2021م، والتي حكمت عليه بغرامة تعادل 415 يورو، كما أمرت بالإفراج عنه من السجن، وقد رحبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بالإفراج عنه، وطالبت السلطات في غينيا بالكفّ عن سجن الصحفيين بشكل تعسفي.([14])
د- بنين:
فقد حُكِمَ على الصحفي بيرثي كاكبوسا في 2013م بالسجن ثلاثة أشهر، وغرامة قدرها 500 ألف فرنك إفريقي بتهمة إهانة الرئيس بوني يايي، بعد بثه لمؤتمر صحفي في قناته الخاصة تضمن إساءة إلى حاشية الرئيس واتهامهم بالفساد، مع الادعاء بأن الرئيس كان على علم بوقائع الفساد الخاصة بهم، ولم يعاقبهم.([15])
ھ- بوركينا فاسو:
فقد تم اعتقال الناشط كامبو أولو ماتياس في سبتمبر 2022م بتهمة إهانة رئيس الجمهورية السابق بول هنري داميبا؛ حيث انتقد ذلك الناشط الرئيس داميبا فيما يخص الملف الأمني في برنامج إذاعي، وهو ما أدى إلى اعتقاله بتهمة إهانة الرئيس.([16])
و- موريتانيا:
فقد انتقد نواب المعارضة في نوفمبر 2021م قانون حماية الرموز الوطنية الذي تم اعتماده من قبل البرلمان، والذي نصت المادة الثانية منه من بين أمور أخرى على معاقبة مَن يهين شخص رئيس الجمهورية بالسجن من سنتين إلى أربع سنوات.([17])
ثانيًا: نماذج تطبيقية لجريمة إهانة رئيس الدولة في إقليم وسط إفريقيا:
أ- جمهورية الكونغو الديمقراطية:
استياء عام من استخدام هذه الجريمة في قمع المعارضة:
لقد تم النص على جريمة إهانة رئيس الدولة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بموجب المرسوم رقم 300 المؤرخ في 16 ديسمبر 1963م، والمتعلق بقمع الجرائم المرتكبة ضد رئيس الدولة؛ حيث نص على أنه “يُعاقب على الجريمة التي تُرتكب علانية ضد شخص رئيس الدولة بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر، وسنتين، وغرامة من ألفي إلى عشرة آلاف فرنك أو عقوبة واحدة فقط”، ولم يحدد القانون الوقائع التي تعد جريمة إهانة لرئيس الدولة، وفي 2007م قام المدعي العام للجمهورية بتفسير تلك الوقائع التي تمثل إهانة على أنها تندرج في “الكلمات، الإيماءات، التهديدات، الإيحاءات، الأفعال غير المحترمة، الادعاءات بوقائع من أجل الإساءة، التشهير، نشر ملصقات مسيئة، كتابة محتوى في صحيفة أو مجلة تتناول الرئيس بشكل غير لائق”.
وفي أكتوبر 2022م طالَب المدعي العام لمحكمة النقض في البلاد بتشديد العقوبات المتعلقة بتهمة إهانة وازدراء الرئيس، واصفًا العقوبة الحالية بأنها غير كافية، ودعا نواب البرلمان إلى تعديل هذه التشريعات من أجل تشديد العقوبات، وهو ما دفَع المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان إلى الاستياء من تلك التصريحات، كما صرح رئيس الجمعية الكونغولية للوصول إلى العدالة Acaj)) برفضه لتصريحات المدعي العام، معلنًا رفضهم لأيّ إجراء من شأنه تشديد العقوبات المقررة لهذه الجريمة، مطالبين بإلغائها تمامًا لأنها لم تعد موجودة في مجتمع اليوم.
ومن خلال مطالعتنا لتطبيقات هذه الجريمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ وجدنا لها العديد من الأمثلة، والتي من بينها ما يلي:
1- محاكمة المعارض جان مارك كابوند عضو الجمعية الوطنية في 2022م: منذ 12 أغسطس 2022م وحتي الآن، ما زال النائب الأول السابق لرئيس مجلس الأمة في الكونغو، وأحد زعماء المعارضة جان مارك كابوند، محتجزًا في سجن ماكالا المركزي، والذي قُبِضَ عليه بتهمة إهانة وازدراء رئيس الدولة، بجانب عدة تهم أخرى، من بينها نشر شائعات كاذبة، والسبّ العلني، وإهانة السلطات، وقد كان كابوند حليفًا سابقًا للرئيس تشيسكيدي؛ حيث تولى منصب الأمين العام لحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي (UDPS)، كما تولى الرئاسة المؤقتة للحزب في 2017م بعد وفاة إتيان تشيسكيدي الرئيس التاريخي للحزب، ووالد الرئيس فيليكس تشيسكيدي، كما تم انتخابه في 2019م كعضو للبرلمان، وتولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الأمة، وبعد خلافه مع الرئيس فيليكس تشيسكيدي أعلن استقالته من منصبه كنائب أول لرئيس مجلس الأمة، كما تم طرده من رئاسة الحزب.
وفي يوليو 2022م أعلن عن إنشاء حزب جديد تحت مسمى “التحالف من أجل التغيير”، وقد هاجم كابوند الرئيس تشيسكيدي في كثير من المرات؛ حيث وصفه أثناء حديثه في المؤتمر الصحفي لإطلاق حزبه الجديد بأنه “خطر على رأس الدولة”، وهو ما جعله محلا للاتهام بالعديد من التُّهَم التي يُحاكم عليها الآن، ومن بين العبارات التي يُحَاكم من أجلها قوله: “إن الرئيس فيليكس تشيسكيدي ليس لديه رؤية واضحة ومقنعة لرئاسة البلاد، ولا يوجد لديه كفاءة”، مع وصفه بسوء الإدارة المؤسسي، والتهور وعدم المسؤولية، بالإضافة إلى اتهام كابوند بتشويه صورة الحكومة بسبب قوله: “إن مؤسسات الدولة أصبحت ناديًا لأصدقاء الرئيس، وهو ما جعل خزائن الدولة تنزف ليلاً ونهارًا”.
كما يُحاكَم كذلك بتهمة إهانة السلطات لوصفه البرلمان بأنه عبارة عن “مسرح للمهرجين السياسيين، ومكانًا لتصفية الحسابات”، وقد قام البرلمان برفع الحصانة عنه في 9 أغسطس، وتم مثوله أمام النيابة، وبدأت محاكمته بالفعل في 5 سبتمبر، ومازالت المحاكمة مستمرة حتى الآن. وفي ذات السياق فإن زوجة هذا النائب وتدعى كريستين كاسونغو ميكومبي، تمت محاكمتها في 14 أكتوبر 2022م بتهمة الإهانة والتشهير لنائب حاكم مدينة كينشاسا جيرار مولومبا؛ حيث حُكِمَ عليها بالسجن ستة أشهر، مع إلزامها بدفع مبلغ تعويض له بجانب ذلك.([18])
2- محاكمة زعيم المعارضة جان برتراند إيوانغا: في ديسمبر 2014م حكم على زعيم المعارضة جان برتراند الأمين العام لاتحاد الأمة الكونغولية، ثالث قوة معارضة ممثلة في البرلمان حينها، بالسجن لمدة عام بتهمة إهانة رئيس الدولة، ورئيس مجلس الشيوخ، ورئيس الجمعية الوطنية، ورئيس مجلس الوزراء، وقد وصف محاموه بأن هذه المحاكمة سياسية؛ حيث غادروا قاعة المحاكمة تنديدًا بتحيُّز القاضي على حد قولهم، وتركوا المتَّهم وحده أمام القضاة السبعة؛ حيث رفض الدفاع عن نفسه قائلاً للقضاة: “افعلوا ما يجب عليكم فعله، وأرسلوني إلى ماكالا سجن كينشاسا الكبير”، وقد جاءت هذه المحاكمة بعد مشاركته في مظاهرة كبيرة نظمتها أحزاب المعارضة في كينشاسا، كانت تنادي برفض التعديلات الدستورية التي كان يسعى الرئيس السابق جوزيف كابيلا إلى تمريرها؛ سعيًا منه إلى البحث عن ولاية رئاسية ثالثة؛ حيث أدلى جان برتراند أثناء المظاهرة بتصريحات انتقادية للغاية تجاه الرئيس جوزيف كابيلا؛ حيث أشار إلى أنه يجب إجبار الرئيس كابيلا على مغادرة منصبه، والتصدي لمشروع الولاية الثالثة، وهو ما أغضب السلطات منه وجعله يقضي عامًا في السجن من أجل ذلك.([19])
3- محاكمة النائب مواندا نسيمي لوصفه الرئيس كابيلا بأنه رواندي: من بين الشخصيات التي حُوكمت بتهمة إهانة الرئيس الكونغولي، النائب مواندا نسيمي، وهو زعيم لحركة سياسية دينية في الكونغو تُعرَف باسم Bundu dia Kongo (BDK)، وهي حركة تناضل من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح شعب الكونغو في منطقة مملكة الكونغو القديمة، وتنادي بتأسيس دولة اتحادية من خلال تعديل الحدود الاستعمارية، وقد قامت الحكومة بحظر هذه الحركة في 2008م، وفي 2017م حُوكِمَ بتهمة إهانة الرئيس جوزيف كابيلا بعد وصفه بأنه رواندي الجنسية، وهو ما يعني أنه رئيس غير شرعي للبلاد، وقد تم إيداعه في سجن ماكالا المركزي، حتى قام أنصاره بمهاجمة السجن بالسلاح وإطلاق سراحه بعد شهرين، وظل هاربًا لمدة عامين، ثم عاد إلى السجن مرة أخرى بعد القبض عليه في 2019م، وتم الإفراج عنه بصورة مؤقتة، ثم تم إيداعه لاحقًا في مركز صحي تابع للسجن حتى تم الإفراج عنه في النهاية، وقامت زوجة الرئيس تشيسكيدي بزيارته في مقر إقامته مجاملة له.([20])
4- محاكمة النائب المعارض جيرار مولومبا بتهمة إهانة الرئيس ووالدته في 2018م: في أبريل 2018م تم الحكم على النائب السابق جيرار مولومبا، بالسجن 18 شهرًا بتهمة إهانة رئيس الدولة وإهانة والدته، وهو كان من معارضي الرئيس السابق جوزيف كابيلا؛ حيث استندت المحاكمة على وجود رسائل له على تطبيق واتس آب يصف فيها الرئيس كابيلا بأنه “عارٌ على إفريقيا”، وقد رفض محامو المتهم تلك الجرائم، واصفين إياها بغير الحقيقية، وحاولوا منحه إفراجًا مؤقتًا بسبب سوء حالته الصحية حينها، لكن لم يتم تنفيذ ذلك الطلب لهم.([21])
5- محاكمة النائب الإقليمي جينا بوسكو أسامبا: حيث تم القبض على النائب جينا بوسكو، وهو نائب من مقاطعة إيتوري شمال شرق الكونغو، وتمَّ مثوله أمام المدعي العسكري بتهمة ازدراء رئيس الدولة؛ حيث قال في تصريحات له في أبريل 2021م خلال اجتماع مع عدد من المسؤولين والمجتمع المدني أن الرئيس فيليكس تشيسكيدي “يخطئ كثيرًا”، وهو ما دعا السلطات إلى محاكمته على تلك التصريحات في حق الرئيس.([22])
6- محاكمة مغني الراب الكونغولي نزانزو مويسا ماكاسي: لقد خضع هذا المغني البالغ من العمر 33 عامًا إلى المحاكمة بتهمة إهانة رئيس الدولة فيليكس تشيسكيدي؛ حيث حُوكِمَ أمام المحكمة العسكرية بسبب انتقاده للرئيس في إحدى أغنياته لعدم قدرته على إنهاء الحرب المستمرة في شرق جمهورية الكونغو، وقد حكم عليه القضاء العسكري في ديسمبر 2021م بالسجن لمدة عامين، ولكن محاميه قام باستئناف الحكم، وحصل على البراءة، وتم الإفراج عنه في مايو 2022م، لكن مازال صديقه دلفين كاتيمبو، وهو أيضًا مغني راب يُحاكَم بتهمة إهانة الجيش بسبب انتقاده كذلك لعدم تحقيق الأمن في شرق الكونغو؛ حيث حُكِمَ عليه بالسجن 10 سنوات، وتم الطعن في هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف.([23])
وبصورة عامة يُشار إلى أن هذه الجريمة تُمثّل سيفًا على رقاب المعارضين في الكونغو؛ كما تردد العديد من المنظمات الحقوقية في الكونغو ذلك الأمر؛ حيث أصبحت عامل ردع لأيّ صوت ينتقد سياسات الرئيس، حتى إنه تم توجيه هذه التهمة إلى أحد الأشخاص لمجرد نقده للرئيس جوزيف كابيلا على قيامه بمنح لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم سيارات جيب وأموالاً، بدلاً من تخصيص تلك الأموال لدعم شبكة السكك الحديدية والنقل التي تعاني في البلاد. وبسبب السخط الشعبي من الإبقاء على هذه الجريمة في التشريع الكونغولي، فقد وعد المرشح الرئاسي السابق مارتن فايوليو، أثناء لقائه مع الجالية الكونغولية وبعض الصحفيين في كندا في سبتمبر 2022م بأنه في حالة انتخابه رئيسًا للكونغو في الانتخابات المقبلة فسوف يقوم بإلغاء التشريعات المتعلقة بجريمة إهانة رئيس الدولة، التي تُمثِّل قيدًا على حرية الرأي والتعبير.
ب- الكاميرون:
فقد تم الحكم على صحفي بالسجن وغلق الصحيفة لاتهامه بإهانة الرئيس، بعد جرأته في نشر مقال يتحدث عن مرض الرئيس الكاميروني بول بيا، وكذلك تم محاكمة الكاتب برتراند تيو بتهمة إهانة زوجة الرئيس الكاميروني؛ حيث تم القبض عليه في نوفمبر 2010م بعد تنظيمه حفل توقيع لكتابه الذي يحمل عنوان “حسناء جمهورية الموز: شانتال بيا، من الشوارع إلى القصر”؛ حيث حُكِمَ عليه بالسجن لمدة عامين أو بغرامة قدرها 4425 دولارًا، ولكونه لم يستطع دفع مبلغ الغرامة قضى عقوبة السجن حتى تم دفع الغرامة له في مايو 2011م مِن قِبَل فرع منظمة القلم الدولية بلندن، التي كانت أدانت محاكمته، كما اعتبرت منظمة العفو الدولية حينها أنه سجين رأي بسبب محاكمته، وطالبت بسرعة الإفراج عنه.([24])
ج- الجابون:
حيث تم القبض على صحفي بتهمة ازدراء رئيس الدولة بعد انتقاده لنظام الرئيس عمر بونجو والد الرئيس الحالي علي بونجو، بعد حديثه عن هيمنة عائلة بونجو على مقاليد السلطة والثروة في البلاد، وكذلك في 2016م تم محاكمة صحفيين اثنين بتهمة إهانة الرئيس علي بونجو، بعد نشرهما لمقال في صحيفة معارضة بتاريخ 20 فبراير 2015م، بعنوان “إقصاء الفهود علي بونجو يجلب الحظ السيئ”، وذلك بعد خسارة منتخب الجابون لكرة القدم أمام منتخب غينيا الاستوائية في الجولة الأولى من منافسات كأس الأمم الإفريقية، كما تم نشر المقال مرفقًا بصورة كاريكاتورية للرئيس علي بونجو وهو يتجول في السوق مرتديًا ملابس بها خِرَق حتى الصدر، وهو ما أدى إلى جعلهما محلاً لتلك المحاكمة.([25])
د- بوروندي:
حيث إنه في يوليو 2016م تمت محاكمة قاضي التحقيق في محكمة كيروندو الكبرى بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة، وغرامة قدرها 100 ألف فرنك بوروندي، بعد اتهامه بتوزيع منشورات تحتوي على صورة الرئيس، وتتضمن إساءة إلى شخصه، وقد نفى القاضي تلك التهمة مدعيًا أنها مُلفّقة له مِن قِبَل دائرة المخابرات الرئاسية.([26])
وفي يونيو 2016م تم القبض على 6 طالبات و5 طلاب، من طلاب المدارس الثانوية الذين تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 19 عامًا؛ حيث تم سجنهم في سجن مورامفيا المركزي، بعد اتهامهم بإهانة رئيس الدولة السابق بيير نكورونزيزا، وذلك بعد الكشف عن قيام عدد من التلاميذ برسم خربشات على وجه الرئيس في الصور الموجودة له بالكتب المدرسية، وقيام طلاب آخرون باقتلاع عيون الرئيس في تلك الصور، وقيام غيرهم بكتابة تعليقات مهينة على صورته، وقد أدى اعتقال هؤلاء الطلاب إلى اندلاع موجة من الغضب والتظاهر مِن قِبَل طلاب المدارس الثانوية وأهالي الطلاب المعتقلين للإفراج عنهم، وهو ما أسفر عن تصدي الشرطة لهم وإصابة عدد من المتظاهرين بالرصاص، وقد انتقد أهالي الطلاب ما حدث لهم قائلين: إنهم يخشون على أبنائهم من تلك التُّهَم؛ حيث إن قانون العقوبات البوروندي يُعاقِب مَن يهين رئيس الدولة بالسجن لمدة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات، بجانب الغرامة، وقد تدخل جهاز المخابرات وقام بالقبض على الطلاب بعد إبلاغ إدارة المدارس عن ما فعله الطلاب بصورة الرئيس، كما قامت مدرسة أخرى بطرد أكثر من 300 تلميذ من المدرسة؛ لاتهامهم بالتعدي على صورة الرئيس الموجودة في الكتب المدرسية. وفي مارس 2019م تم كذلك اتهام ثلاث تلميذات بإهانة رئيس الدولة بسبب قيامهن بخربشة صورة الرئيس في الكتب المدرسية، وهو ما جعل ذلك الأمر محلاً للنقد الحقوقي والدولي متهمين الحكومة في بوروندي بالترويج لعبادة شخصية الرئيس وتقديسه؛ حيث قال مدير منظمة حقوق الإنسان في وسط إفريقيا: “على السلطات محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في بوروندي بدلاً من سجن فتيات المدارس بسبب كتابتهم على صورة”.([27])
ويذكر أيضًا أنه في 2016م تم القبض على الممثل الكوميدي المعروف باسم “كيجينجي”، بعد قيامه بنشر محتوى رافض للولاية الثالثة للرئيس الراحل نكورونزيزا، في مشهد يتم فيه منح بطاقة صفراء ثانية والمطالبة بمغادرة المباراة، وهو ما أدَّى إلى قيام أعضاء من جهاز المخابرات الوطني باعتقاله بتهمة إهانة الرئيس.([28])
ثالثًا: نماذج تطبيقية لجريمة إهانة رئيس الدولة في إقليم شرق إفريقيا:
أ- رواندا:
خضوع العديد من الصحفيين للمحاكمة بهذه التهمة:
يُعدّ النظام الحاكم في رواندا من بين الأنظمة التي تخضع للنقد بسبب اتهامه بانتهاك الحقوق والحريات في رواندا؛ حيث يتهم هذا النظام بزعامة بول كاجامي بالكثير من التهم المتمثلة في عمليات تصفية المعارضين داخل البلاد وخارجها، والتنكيل بهم وبأُسَرهم، وكذلك قمع المعارضة داخليًّا، وتركيز السلطات في يديه، والبعد عن ممارسات العملية الديمقراطية، وفيما يتعلق بتطبيقات جريمة إهانة رئيس الدولة في رواندا فقد تم استخدامها في العديد من الحالات، والتي من بينها ما يلي:
1- محاكمة الصحفية أغنيس أويمانا نكوسي بالسجن 4 سنوات: في يوليو 2010م ألقت الشرطة الرواندية القبض على الصحفية أغنيس أويمانا نكوسي مديرة صحيفة Umurabyo)) وهي إحدى الصحف الخاصة، حيث تم اتهام هذه الصحفية بازدراء رئيس الدولة، وإنكار الإبادة الجماعية للتوتسي التي حدثت عام 1994م، والتحريض على العصيان المدني، ونشر الشائعات والإخلال بالنظام العام، وذلك بعد نشرها عددًا من المقالات التي انتقدت فيها الرئيس بول كاجامي ونظامه، وبعد إحالتها إلى القضاء تم الحكم عليها بالسجن 17 عامًا، وفي أبريل 2012م خففت المحكمة العليا الأحكام الصادرة ضدها إلى 4 سنوات، وأيدت تهمتين فقط هما الإهانة والتشهير برئيس الدولة، والإضرار بأمن الدولة، وبالفعل تم سجن الصحفية، وقضت عقوبتها حتى خرجت من السجن في 18 يونيو 2014م، وقد تضامنت معها العديد من المنظومات الحقوقية حول العالم ومن بينها منظمة “مراسلون بلا حدود” التي ضمّتها إلى قائمة 100 صحفي من أبطال حرية المعلومات حول العالم.([29])
2- الحكم على الصحفي جان بوسكو جاسسيرا بالسجن عامين ونصف: في يونيو 2011م حكمت المحكمة العليا في رواندا على الصحفي جان بوسكو جاسسيرا، محرّر الصحيفة الإلكترونية التي تعرف باسم أوموفوجيزي، بالسجن لمدة عامين ونصف، بتهمة إهانة رئيس الدولة، والتحريض على العصيان المدني، وذلك بعد نشره مقالاً على الإنترنت قارن فيه بين الرئيس الرواندي بول كاجامي، ورئيس زيمبابوي السابق روبرت موجابي، كما قام المجلس الأعلى للإعلام بوقف الصحيفة بزعم تحريضها على العنف وانتقاد رئيس الدولة، وقد هرب الصحفي جان بوسكو من البلاد بعد تعرُّضه لتهديدات هاتفية بالقتل، كما كان قد تعرض للضرب المبرح على أيدي مجهولين في العاصمة كيجالي عام 2007م؛ حيث فر إلى المنفى في أوغندا، وتنزانيا، ثم إلى السويد خشيةً على حياته، خاصةً بعد استهداف العديد من الصحفيين بالقتل، وقد قُتِلَ بالفعل نائب رئيس تحرير هذه الصحيفة والمعروف باسم جان ليونارد روجامباج في يونيو 2010م؛ حيث تعرَّض للقتل بالرصاص أمام منزله، وقد اتهم جان بوسكو مدير الصحيفة أن الحكومة هي التي تقف وراء مقتل صديقه، وذلك بعد نشره مقالاً يتهم فيه نظام الرئيس كاجامي بمحاولة اغتيال الجنرال الرواندي فاوستين كايومبا نيامواسا رئيس أركان الجيش سابقًا، والمقيم بالمنفى في جنوب إفريقيا، كما اتهمت منظمة مراسلون بلا حدود كذلك النظام الرواندي بأنه هو من وراء تلك الجريمة، غير أنه نفي تلك الاتهامات، كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة حينها إلى إجراء تحقيق في جرائم القتل التي حدثت للعديد من مُعَارِضي الحكومة في رواندا.([30])
ب- أوغندا:
جريمة إهانة الرئيس قد تستوجب فحص المتهم عقليًّا:
1- محاكمة الكاتب الأوغندي مؤلف رواية “البربري الجشع”: حيث تمت محاكمة الكاتب الأوغندي كاكوينزا روكيراباشايجا مؤلف رواية “البربري الجشع”، الذي حصل بعدها على جائزة الكاتب الشجاع البريطانية عام 2021م, بصفته كاتبًا دوليًّا شجاعًا، وتتحدث هذه الرواية عن بلدة خيالية مليئة بالفساد، والتي فسرت بأنها أوغندا، وأن الكاتب ينتقد حكم الرئيس موسيفيني بصورة مستترة، وقد تم احتجازه بسبب ذلك في أبريل 2020م لمدة 7 أيام، وتم استجوابه حول روايته، وتعرض للتعذيب، ثم أُطلق سراحه لاحقًا، لكن سرعان ما تم إعادة اعتقاله في سبتمبر 2020م بعد نشره كتاب بعنوان “جمهورية الموز: عندما تكون الكتابة خيانة”؛ حيث وصف فيه ما تعرض له من تعذيب في اعتقاله الأول، كما أنه في ديسمبر 2021م تم القبض عليه بتهمة إهانة الرئيس الأوغندي وابنه الجنرال موهوزي كاينيروغابا؛ حيث اتهم بأنه نشر على حسابه عبر منصة تويتر أن الرئيس الأوغندي قام “بسرقة الانتخابات”، وأن ابنه “مفلس فكريًّا”، وقد صرح محاميه بأنه تعرض للتعذيب في السجن، وبعد محاكمته أمرت المحكمة بالإفراج عنه بكفالة قُدِّرت ب 500 ألف شلن أوغندي، مع تسليم جواز سفره للسلطات، وعدم التعليق على القضية في وسائل الإعلام، وقد حظيت محاكمته باهتمام دولي حيث حضر ممثلون عن الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي في قاعة المحكمة، وبعد قرار المحكمة بالإفراج عنه أعلن محاميه أنه لم يُفرَج عنه، وأن هناك مسلحين قاموا بأخذه من السجن إلى مكان مجهول يشتبه في كونهم تابعين لوحدة القوات الخاصة، ثم تم إطلاق سراحه لاحقًا بعد تعرضه للتعذيب، وبعد ذلك قام بالفرار من البلاد؛ خوفًا على حياته؛ حيث انتقل إلى رواندا في فبراير 2022م، ومنها سافر إلى ألمانيا بعدها بأيام، كما قام برفع قضية أمام محكمة عدل شرق إفريقيا يتهم فيها السلطات الأوغندية بتعذيبه في مارس 2022م.([31])
2- محاكمة الدكتورة ستيلا نيانزي: حيث إنه في أبريل 2017م تم القبض على الدكتورة ستيلا نيانزي وهي ناشطة في مجال تنظيم الأسرة والصحة العامة وحقوق المرأة، بعد اتهامها بإهانة الرئيس يوري موسيفيني عبر صفحتها على فيسبوك، حيث زعم أنها وصفت الرئيس بأنه “زوج من الأرداف”، وقد دعا المدعي العام أثناء محاكمتها إلى إخضاعها لتقييم مدى صحتها العقلية، ومن جانب محاميها فقد رفض طلب التحقق من الجنون أو العجز العقلي للمتهمة، وقد تم الإفراج عنها بكفالة، وتأتي تلك القضية بعد انتقاد المتهمة للرئيس موسفييني في الوفاء بوعوده الانتخابية في توفير فوط صحية مجانية لفتيات المدارس في مرحلة الحيض، حيث صرحت المتهمة أن ثلث الفتيات في البلاد يتغيبن عن الحضور إلى المدرسة بسبب عدم قدرتهن على تحمل تكلفة المنتجات والفوط الصحية، وكانت المتهمة قد أطلقت حملة لجمع الفوط الصحية ووزعتها مجانًا على فتيات المدارس، وبعد اعتقالها تم فصلها من عملها بالجامعة، ورفعت قضية ضد الجامعة وحكم القضاء لصالحها، لكن الجامعة رفضت تنفيذ القرار، وفي ديسمبر 2018م تم فصلها من الجامعة بحجة أن عقدها قد انتهى، كما تم القبض عليها مرة ثانية بتهمة إهانة الرئيس موسيفيني، ووالدته، والتي كانت قد توفيت في سبتمبر 2018م؛ حيث تمت محاكمتها بعد كتابتها قصيدة نشرتها عبر حسابها على فيسبوك، تتحدث فيها عن مولد الرئيس موسيفيني بصورة مهينة، ويشار إلى أن المتهمة شخصية مثيرة للجدل في أوغندا؛ حيث قامت بالتظاهر عارية الصدر من قبل، كما يقال أنها تدعم حقوق المثليين في أوغندا.([32])
ج- تنزانيا:
حرية التعبير تحت الحصار بسبب هذه الجريمة:
1- محاكمة منتقدي الرئيس عبر وسائل التواصل الاجتماعي: حيث إنه في يونيو 2016م حكمت محكمة في أروشا على أحد مستخدمي فيس بوك بالسجن ثلاث سنوات أو دفع غرامة مالية قدرها 7 ملايين شلن تنزاني، والتي تعادل 3200 دولار أمريكي، بعد اتهامه بإهانة الرئيس جون ماجوفولي، وفي سبتمبر 2016م تم محاكمة 5 أشخاص بنفس التهمة؛ حيث حُوكِم أحدهم بعد نشره تعليقًا على واتس آب يقول فيه: “يجب على الرئيس أن يفهم أن المعارضة ليست عدوًّا، ويجب أن يتعامل معها على أساس النقاش وليس على أساس القوة”، وحُوكِمَ المتهمون الأربعة الآخرون بتهمة التحريض ضد كراهية الشرطة عبر وسائل التواصل، وقد أفرجت عنهم المحكمة بكفالة قدرها 500 ألف شلن تنزاني.([33])
2- محاكمة نائب بالبرلمان لانتقاده الرئيس ماجوفولي: حيث إنه في فبراير 2018م تم الحكم على النائب المعارض جوزيف مبيلينيي بالسجن خمسة أشهر بتهمة إهانة الرئيس، وذلك بعد اتهام الشرطة لهذا النائب، وبصحبته متّهم آخر بأنهما صرَّحا خلال اجتماع أن الرئيس هو المسؤول عن محاولة اغتيال النائب المعارض تندو ليسو، وقد أصر النائب المتهم على براءته، مؤكدًا أنه لم يحضر هذا الاجتماع، ومن جانب محاميه فقد استأنف الحكم، وطالب بالإفراج المؤقت عن موكله، وقد تم الإفراج عنهم بالفعل في مايو 2018م.([34])
د- مدغشقر:
مجرد إشارة بإبهام معلم شكلت جريمة بحق الرئيس:
حيث إنه في 21 يوليو 2022م تم القبض على مدرس في مدرسة ثانوية، بعد اتهامه بإهانة رئيس الدولة، حيث قام بالإشارة بإبهامه لأسفل، ومد يده من نافذة سيارته، أثناء مرور موكب رئيس الجمهورية الذي كان متوجهًا إلى قصر الرئاسة في يافولوها، قاصدًا من ذلك التصرف إعلان معارضته للرئيس، وبموجب ذلك فقد قامت قوات الحرس الرئاسي باعتقاله، وإحالته للنيابة، وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي، ومن جانبهم فقد أدان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي القبض على المدرس، وأعلنوا عن تضامنهم معه، وندّدوا بانتهاك حرية التعبير، كما أدان المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية في مدغشقر عملية اعتقال المدرس، وقد صرح مدير الأمن الرئاسي أن سيارة المدرس أعاقت مرور موكب الرئيس، وأن إشارته مثلت إهانة للرئيس وهو ما كان سببًا للقبض عليه لارتكابه تلك الجريمة.([35])
رابعًا: نماذج تطبيقية لجريمة إهانة رئيس الدولة في إقليم جنوب إفريقيا:
أ- زامبيا:
حيث تم محاكمة المعارض فرانك بواليا في يناير 2014م بعد وصفه للرئيس مايكل ساتا حينها بأنه “تشومبو موشولوا”. وهي عبارة بلغة بيمبا تعني أن الرئيس يشبه الشكل المنحني للبطاطس، التي تنكسر عندما يحاول شخص ثَنْيها، وهي تشير لوصف الشخص عندما يكون عنيدًا وغير مرن، ولا يستمع لآراء الآخرين، وقد قال هذا المعارض تلك العبارة في برنامج إذاعي، وبموجب ذلك تم القبض عليه بتهمة إهانة الرئيس والتشهير به، وكان سيخضع لعقوبة تصل إلى السجن 5 سنوات، لكن المحكمة برَّأته في يوليو 2014م بعد أن قضت بأنه كان يمارس حقه في حرية التعبير. وفي ذات السياق فقد تم اعتقال شخصين في يناير 2021م بتهمة إهانة الرئيس السابق لزامبيا إدغار لونغو، وذلك بعد اتهامهما بالتشهير بالرئيس في سوق كازومبا.([36])
ب- زيمبابوي:
تم محاكمة العشرات بتهمة إهانة الرئيس السابق روبرت موجابي، ومن بينهم المعارض سولومون مادزور الذي وصف الرئيس الراحل بعبارة “dhongi rinokamina“، وهي عبارة بلغة الشونا، وتعني أن الشخص أصبح يشبه الحمار الأعرج الذي لم يعد له فائدة، ويجب وضعه في المراعي، وكذلك تمت محاكمة 5 أشخاص من قدامى المحاربين في حرب استقلال زيمبابوي بتهمة إهانة الرئيس موجابي في 2016م بعد وصفهم إيَّاه بأنه سبب الركود الاقتصادي المستمر في البلاد، وفي 2020م تم مقاضاة عضو مجلس بلدية منتمي للمعارضة بعد وصف الرئيس الحالي لزيمبابوي إيمرسون منانجاجوا بـ “الأحمق”؛ بسبب سوء تعامله مع وباء فيروس كورونا الجديد.([37])
ج- بوتسوانا:
ففي عام 2009م تم اعتقال سائحة من جنوب إفريقيا بعد وصفها رئيس بوتسوانا بأنه يشبه البوشمان، وهي مجموعة إثنية تعيش في جنوب إفريقيا وبوتسوانا، لكنَّ وصفها للرئيس بذلك الوصف أدَّى إلى اعتقالها بتهمة إهانة الرئيس، وظلت في السجن طوال الليل، وأجبرت على دفع غرامة قبل إطلاق سراحها.([38])
خامسًا: نماذج تطبيقية لجريمة إهانة رؤساء الدول الإفريقية بواسطة شخصيات أجنبية:
لم تمتد جريمة إهانة رئيس الدولة على مستوى أراضي الوطن ومواطنيه فقط، بل تخطت إلى خارج البلاد، حيث وجدت حالات تم فيها رفع قضايا على شخصيات أجنبية، تم اتهامها بإهانة أحد رؤساء إفريقيا، أو إهانة أكثر من رئيس في وقت واحد، ومن بين تلك النماذج، ما يلي:
1- محاكمة الكاتب الفرنسي فرانسوا كزافييه فيرشاف: حيث قام رؤساء كل من تشاد، والجابون، وجمهورية الكونغو برازافيل، برفع دعوى قضائية ضد الكاتب الفرنسي الشهير فرانسوا كزافييه فيرشاف الذي توفي في عام 2005م، وهو مُؤسِّس منظمة Survie “ “، وهي منظمة غير حكومية ترفع راية مكافحة الفساد والفقر في دول العالم الثالث، كما هو من أشهر منتقدي الاستعمار الجديد في المستعمرات الفرنسية الإفريقية السابقة، وشبكات النفوذ الفرنسي في إفريقيا، والتي تعرف بمصطلح Françafrique”“، حيث تم اتهامه بجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية بعدما قام بنشر كتاب بعنوان الصمت الأسود “Noir silence “، وذلك في أبريل عام 2000م؛ حيث اتهم في ذلك الكتاب رئيس الجابون السابق عمر بونجو بأنه قام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وكذلك اتهم الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي بأنه مجرم عنيد وفاسد وقاتل، بينما اتهم رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو بأنه يرتكب عمليات فساد، وقد قام المحامي الفرنسي الشهير جاك فيرجيس بتمثيل الرؤساء الثلاثة ضد مؤلف الكتاب، مطالبًا بمحاكمته بتهمة الإساءة إلى زعيم دولة أجنبية على أساس قانون عام 1881م الخاص بحرية الصحافة، لكن محكمة جنايات باريس رفضت الدعوى المقدمة منهم بعد تداول القضية لمدة عام؛ حيث قضت المحكمة أن المادة 36 من القانون التي نصت على الجريمة، تتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على حرية نقل الأفكار والآراء بغض النظر عن الحدود، كما أشارت المحكمة أنه لم يَعُد من الممكن محاكمة الأشخاص على جريمة إهانة الرؤساء إذا كانت تتعارض مع مبادئ حرية الرأي والتعبير.([39])
2- محاكمة الصحفي الفرنسي بيير بيان بتهمة التشهير برئيس الجابون: حيث إنه في نوفمبر 2014م قامت الحكومة الجابونية برفع دعوى بالتشهير أمام محكمة باريس ضد الكاتب الصحفي بيار بيان، وذلك بعد قيامه بنشر كتاب بعنوان شؤون إفريقية جديدة ” Nouvelles Affaires Africaines “، وتضمن محتوى بعنوان “أكاذيب ونهب في الجابون” ادعى فيه أن الرئيس الحالي للجابون علي بونجو قام بتزوير شهادة ميلاده؛ حيث قال: إنه ليس جابونيًّا، وليس ابنًا للرئيس عمر بونجو، وإنما هو طفل يتيم من نيجيريا تبناه الرئيس عمر بونجو خلال حرب بيافرا في نهاية الستينيات؛ حيث ادعى الصحفي أن زوجة الرئيس عمر بونجو, المغنية والموسيقية المعروفة باسم ماري جوزفين كاما كانت عقيمة، والتي طُلقت لاحقًا من الرئيس عمر بونجو، كما ادعى أن الرئيس علي بونجو قام بتزوير شهاداته الدراسية؛ حيث قال الصحفي: إنه لم يحصل على درجة الدكتوراه في القانون العام من جامعة باريس الأولى، وإنما كانت أطروحة في الجغرافيا، كما أن البكالوريا التي حصل عليها الرئيس من فرنسا كانت بمساعدة من الرئيس الفرنسي فاليرى جيسكار ديستان في ذلك الوقت، وكذلك اتهم الرئيس بأنه قام بتسميم رئيس مجلس الشيوخ الجابوني السابق جورج رويري الذي توفي في مستشفى في باريس عام 2006م، والذي كان بمثابة الرجل الثاني في نظام عمر بونجو، وكذلك اتهمه بتدبير محاولتين اغتيال لجان بيير ليمبومبا رئيس الأركان السابق الذي كان يخطط لمنع علي بونجو من تولي حكم البلاد، وبالإضافة لما سبق فقد اتهم الرئيس علي بونجو بتزوير الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2009م، بجانب العديد من التهم الموجهة للرئيس بالفساد واختلاس الأموال العامة، حيث وصفه بأنه لص محاط بفيلق أجنبي من المافيا، وفي 2017م أصدرت محكمة جنايات باريس حكمها على كل من الصحفي مؤلف الكتاب ودار النشر التي نشرت الكتاب؛ حيث أدانتهم بتهمة التشهير بالرئيس علي بونجو، وألزمتهم بدفع غرامة قدرها 1000 يورو لكل منهما، مع دفع يورو واحد كتعويض للرئيس علي بونجو، ويذكر أن مؤلف الكتاب الصحفي بيار بيان قد توفي في يوليو 2019م، غير أن كتابه هذا سبب العديد من المشاكل للرئيس علي بونجو؛ حيث استغلته المعارضة للتشويش عليه بل ومحاولة عزله من السلطة؛ حيث قامت مجموعات من حركات المعارضة في نوفمبر 2014م بتنظيم مسيرة إلى المحكمة العليا في ليبرفيل لتوجيه اتهام رسمي ضد الرئيس علي بونجو بتزوير شهادة ميلاده، وأنه أجنبي ولا يحق له البقاء في السلطة أو الترشح للرئاسة من الأساس، وقد قامت الشرطة بتفريق هذه المسيرة، كما قامت أخته غير الشقيقية أونيدا مايشا بونغو برفع شكوى أمام محكمة نانت الابتدائية بفرنسا، مطالبة التحقق من صحة شهادة ميلاد أخيها الرئيس علي بونجو؛ وذلك لكون ميراث الرئيس عمر بونجو كان لم يتم تقسيمه في ذلك الوقت، وهو ما يعني أنه في حالة عدم ثبوت نسب علي بونجو للرئيس عمر بونجو فإنه لن يكون له حق في الحصول على جزء من تركة الرئيس عمر بونجو والتي بلغت مئات الملايين من الدولارات وسيتم توزيعها على 54 ابنًا وابنة معلنين للرئيس الراحل عمر بونجو، وبعد موافقة المحكمة على طلب اطلاع محامي أونيدا بونجو على شهادة ميلاده التي تثبت نسبه للرئيس عمر بونجو، لم تقتنع بها الشاكية وطعنت فيها بالتزوير، وقد سببت قضية نسب علي بونجو إزعاجًا كبيرًا له، وحاول التغلب عليها بكل الوسائل المتاحة أمامه، ومن جانبه فقد صرح محاميه أنها قصة خيالية تم تطويرها لإلحاق الأذى السياسي بالرئيس، كما قام الدكتور باتريك موجوياما داودا المستشار الخاص لرئيس الجابون علي بونجو حينها بتأليف كتاب بعنوان قرموط في المصيدة ” ” Un silure dans la nasse, حيث قام فيه بالرد على كتاب الصحفي الفرنسي بيار بيان بعد نشره بعدة أشهر؛ حيث انتقد ما ورد في كتاب الصحفي الفرنسي من اتهامات، ووصفه بالمتلاعب، ورد على كل الاتهامات التي ذكرها في كتابه، ويذكر أن هذا الدكتور الجابوني تم تعيينه في مارس 2022م وزيرًا للتعليم العالي والبحث العلمي في الجابون.([40])
الخاتمة:
في ختام هذه المقالة يمكن القول من خلال ما قمنا بعرضه من تطبيقات عملية لجريمة إهانة رئيس الدولة في العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، أنه قد تم استخدام هذه الجريمة في العديد من الحالات استخدامًا سياسيًّا كان الهدف من ورائه معاقبة المعارضين وإسكاتهم، أو التضييق على الحقوق والحريات، أو حتى إجبارهم على الخروج إلى المنفى خوفًا على حياتهم، وهو ما يتنافى مع قواعد العدالة القضائية، ويحتاج إلى إعادة إصلاح تشريعي لتلك الجريمة سواء بالنص على إلغائها نهائيًّا تلبية للمطالبات المتعددة من قبل المنظمات الدولية والحقوقية التي تستنكر الإبقاء على هذه الجريمة، كما أننا في ذاك الوقت لا نتفق مع أي سلوك يصدر من قبل أيّ شخص يقوم فيه بإهانة أو انتقاص شخص رئيس الدولة أو أسرته؛ حيث يحق للرئيس أن يطالب بحقوقه بموجب القوانين والتشريعات التي تُمنَح لباقي أبناء الشعب، ولكن في المقابل يحق للجميع وخاصة المتخصصين نقد الممارسات والقرارات التي يقوم بها الرؤساء بمناسبة قيامهم بوظائفهم، على أن يكون ذلك النقد مستندًا إلى وقائع علمية، وحقائق ظاهرة، بعيدًا عن الإشاعات، خاصةً إذا كان هذا النقد سوف يؤدي إلى مكافحة الفساد أو يصبّ في الصالح العام للشعب، كما لا ينبغي أن يؤدي ذلك النقد إلى العنف، أو يُعرّض الأمن والسلم العام للخطر.
وفي الأخير نُوصي البرلمانات الإفريقية الوطنية، والبرلمانات الإقليمية، وعلى رأسهم برلمان عموم إفريقيا، بأن يعرض النصوص التشريعية المتعلقة بجريمة إهانة رئيس الدولة للنقاش التشريعي، ويوصي الدول الإفريقية بسرعة إلغاء تلك الجريمة بصورة كلية أو حتى يضع ضوابط معلومة ومحددة لتطبيقها، مع إلغاء العقوبات السالبة والمقيدة للحرية للمتهمين بها، وخاصة العاملين في قطاع الصحافة؛ لأنها كانت بمثابة “سيف ديموقليس” الذي يُشْعرهم بالخطر الدائم أثناء أداء مهامهم الوظيفية، ويعوقهم عن تبين ونشر وعرض الحقائق بمصداقية دون خوف.
الإحالات والهوامش:
([1]( -“Délit d’offense au Chef de l’État et/ou délit d’offense au Peuple Souverain” , at , https://www.dakaractu.com/Delit-d-offense-au-Chef-de-l-Etat-et-ou-delit-d-offense , 22/8/2017.
([2]-(“Outrage à chefs d’Etat africains: Un boulevard pour la repression” , at , http://lefaso.net/spip.php?article22097 , 13/7/2007.
([3]-(Olivier Diansosa ; ” L’OFFENSE AU CHEF DE L’ÉTAT EN RDC: UN CRIME ANACHRONIQUE.” , at , https://www.village-justice.com/articles/offense-chef-etat-crime-anachronique,24526.html , 17/3/2017.
([4]( -“Offense au Président de la Rdc: Institution suprême, selon le professeur de droit Léopold Kondaloko, le Chef de l’Etat est une personnalité sacrée” , at , https://www.radiookapi.net/2021/03/18/emissions/droits-et-citoyennete/offense-au-president-de-la-rdc-institution-supreme-selon , 18/3/2021.
([5]( -Patient Bakadiku ; “Outrage au Chef de l’Etat: une infraction inexistante en Droit congolais ” , at , https://leganews.cd/index.php/analyses/1977-outrage-au-chef-de-l-etat-une-infraction-inexistante-en-droit-congolais-patient-bakadiku , 20/5/2020.
([6]( -“Sénégal: l’avocat Amadou Sall condamné à trois mois avec sursis” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20160223-senegal-amadou-sall-condamne-trois , 23/2/2016.
([7]( -“Liberté provisoire pour un ex-journaliste critique du pouvoir” , at , https://www.voaafrique.com/a/libert%C3%A9-provisoire-pour-un-ex-journaliste-critique-du-pouvoir/5092546.html , 20/9/2019.
([8]( -“Offense au chef de l’État: Cheikh Abdou Mbacké envoyé en prison” , at , https://www.sudquotidien.sn/offense-au-chef-de-letat-cheikh-abdou-mbacke-envoye , 11/1/2022.
([9]( -Olivier Liffran ; Sénégal: la chanteuse Amy Collé Dieng arrêtée pour offense au chef de l’État , at , https://www.jeuneafrique.com/463733/societe/senegal-la-chanteuse-amy-colle-dieng-arretee-pour-offense-au-chef-de-letat , 4/7/2017.
([10]“-(Offense au chef de l’État sur TikTok- Serigne Massamba Sène arreté par la Section de recherche ” , at , https://www.bonjourdakar.com/offense-au-chef-de-letat-sur-tiktok-serigne-massamba-sene-arrete-par-la-section-de-recherche , 27/9/2022.
([11]-(“Mali: la procédure visant Ras Bath et Boubou Cissé pour complot contre l’État abandonee” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20210302-mali-la-proc%C3%A9dure-visant-ras-bath-et-boubou-ciss%C3%A9-pour-complot-contre-l-%C3%A9tat-abandonn , 2/3/2021.
([12]( -“Mali: Le rappeur Nango Tov et son producteur arrêtés pour des injures à l’encontre du président IBK” , at , https://maliactu.net/mali-le-rappeur-nango-tov-et-son-producteur-arretes-pour-des-injures-a-lencontre-du-president-ibk , 11/4/2019.
([13]( – THIERRY OBERLÉ ; “La maîtresse du président’, un mauvais conte malien” , at , https://www.lefigaro.fr/international/2007/06/27/01003-20070627ARTFIG90202-la_maitresse_du_president_un_mauvais_conte_malien.php , 27/6/2007.
([14]( -“En Guinée, un journaliste condamné à une amende pour « offense » au président Condé et libéré” , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2021/05/20/en-guinee-un-journaliste-condamne-a-une-amende-pour-offense-au-president-conde-et-libere_6080834_3212.html , 20/5/2021.
([15]-(“Au Bénin, une journaliste condamnée pour offense au chef de l’État” , at , https://cpj.org/fr/2013/01/au-benin-une-journaliste-condamnee-pour , 24/1/2013.
([16]( -“Burkinabe junta arrests, jails activist for “insulting the president” , at , https://www.mfwa.org/country-highlights/burkinabe-junta-arrests-jails-activist-for-insulting-the-president , 8/9/2022.
([17]“-(Loi sur la protection des symboles nationaux: une menace pour la liberté d’expression sur les réseaux sociaux en Mauritanie” , at , https://www.accessnow.org/protection-des-symboles-nationaux-mauritanie , 2/12/2021.
([18]( – Romain Gras ; ” RDC: Jean-Marc Kabund jugé à partir du 5 septembre” , at , https://www.jeuneafrique.com/1371690/politique/rdc-jean-marc-kabund-juge-a-partir-du-5-septembre , 24/8/2022.
([19]( -“RDC: un an de prison ferme pour Jean-Bertrand Ewanga” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20140912-rdc-an-prison-ferme-jean-bertrand-ewanga , 12/9/2014.
([20]( -“RDC: Ne Muanda Nsemi, le leader de Bundu dia Kongo, finalement libéré” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20190511-rdc-muanda-nsemi-le-leader-bundu-dia-kongo-finalement-libere-prison , 11/5/2019.
([21]( -“RDC: verdict de 18 mois ferme de prison confirmé en appel pour Gérard Mulumba” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20180429-rdc-verdict-gecoco-gerard-mulumba , 29/4/2018.
([22]( -Birama Thior ; “RDC: UN DÉPUTÉ ENVOYÉ EN PRISON POUR AVOIR CRITIQUÉ LE PRÉSIDENT FÉLIX TSHISEKEDI” , at , https://senegal7.com/rdc-un-depute-envoye-en-prison-pour-avoir-critique-le-president-felix-tshisekedi , 29/6/2021.
([23]-(“Deux rappeurs congolais jugés pour outrage à l’armée et au chef de l’État” , at , https://afrique.lalibre.be/65945/deux-rappeurs-congolais-juges-pour-outrage-a-larmee-et-au-chef-de-letat , 26/11/2021.
([24]( -“AUTHOR JAILED FOR INSULTING PRESIDENT’S WIFE” , at , https://pen.org/rapid-action/author-jailed-for-insulting-presidents-wife , 31/3/2011.
([25]( -“Gabon: deux journalistes condamnés pour « outrage » au président Ali Bongo Ondimba” , at , https://www.jeuneafrique.com/depeches/332867/societe/gabon-deux-journalistes-condamnes-a-prison-outrage-president-ali-bongo-ondimba/?fbclid=IwAR05SWb-iHlNZPtkXQilXa5TAZ7QksyP3ecGw0DB-IgGSLv6SQgANN9CALM , 10/6/2016.
([26]( -” Burundi: Trois ans de servitude pénale condamnés à un magistrat de Kirundo pour injure au Chef de l’Etat ” , at , http://french.xinhuanet.com/2016-07/16/c_135516624.htm , 16/7/2016.
([27]( -“11 lycéens burundais inculpés d’outrage à chef d’Etat pour avoir abîmé des photos du president” , at , https://www.voaafrique.com/a/onze-lyceen-burundais-inculpes-outrage-a-chef-etat-pour-avoir-abime-des-photos-du-president/3360808.html , 3/6/2016.
([28]( -“Burundi: un humoriste arête” , at , https://www.bbc.com/afrique/region/2016/04/160401_burundi_arrest_humour , 1/4/2016.
([29]( -” La directrice du journal Umurabyo arrêtée pour « outrage au chef de l’État ” , at , https://www.jeuneafrique.com/155388/politique/la-directrice-du-journal-umurabyo-arr-t-e-pour-/outrage-au-chef-de-l-tat , 10/7/2010.
([30]( -“Rwanda: un journaliste en exil condamné pour « outrage » au chef de l’Etat” , at , https://cpj.org/fr/2011/06/rwanda-un-journaliste-en-exil-condamne-pour-outrag , 6/6/2011.
([31]( -“Writer who fled Uganda ‘relieved’ upon arrival in Germany” , at , https://www.dw.com/en/uganda-author-kakwenza-rukirabashaija-relieved-to-be-in-germany/a-60889608 , 23/2/2022.
([32]( -“Stella Nyanzi, the Ugandan accused of insulting the president”, at , https://www.bbc.com/news/world-africa-39558007 , 11/4/2017.
([33]( – Laure Broulard ;” Tanzanie: des internautes condamnés pour insulte au président sur les réseaux sociaux” , at , https://www.jeuneafrique.com/359758/societe/tanzanie-internautes-condamnes-insulte-president-reseaux-sociaux , 23/9/2016.
([34]( -“Tanzanie: 5 mois de prison pour insulte au president” , at , https://www.lefigaro.fr/flash-actu/2018/02/26/97001-20180226FILWWW00311-tanzanie-un-depute-condamne-a-5-mois-de-prison-pour-insulte-au-president.php , 26/2/2018.
([35]( – “Madagascar: un homme arrêté pour un geste jugé outrageux au passage du cortège presidential” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20220726-madagascar-un-homme-arr%C3%AAt%C3%A9-pour-un-geste-jug%C3%A9-outrageux-au-passage-du-cort%C3%A8ge-pr%C3%A9sidentiel , 26/7/2022.
([36]( -Erin Conway-Smith ; ” In Zambia, don’t call the president a potato (and other handy insults from Africa) ” , at , https://theworld.org/dispatch/news/regions/africa/140107/zambia-dont-call-the-president-potato-and-other-helpful-insults- , 7/1/2014.
([37]-(“Cinq vétérans Zimbabwéens en justice, pour avoir “insulté” Robert Mugabe” , at , https://fr.africanews.com/2016/11/22/cinq-veterans-zimbabweens-en-justice-pour-avoir-insulte-robert-mugabe , 22/11/2016.
([38]( -“Jetée en prison pour avoir traité le président botswanais de ‘Bushman” , at , https://www.survivalinternational.fr/actu/5258 , 12/11/2009.
([39]( -” Outrage ” à chef d’état.” , at , https://www.humanite.fr/outrage-chef-detat , 27/4/2001.
([40]( – Olivier Liffran ; “Gabon-France: Pierre Péan condamné pour diffamation suite à une plainte d’Ali Bongo” , at , https://www.jeuneafrique.com/480760/societe/france-pierre-pean-condamne-en-diffamation-pour-son-livre-sur-le-president-ali-bongo , 5/10/2017.