في يوم الاثنين الموافق 29 أغسطس 2022م أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في أنجولا، عن النتائج النهائية للانتخابات العامة التي أُجريت في 24 أغسطس 2022م؛ حيث أكَّدت فوز الحزب الحاكم في البلاد؛ تأكيدًا لما أعلنته من قبل في النتائج المؤقتة، وهو ما يعني مَنْح الرئيس الحالي جواو لورينسو فترة ولاية ثانية تستمر لمدة خمس سنوات، بوصفه رئيس الحزب الفائز في الانتخابات، وقد أسفرت هذه النتائج عن حدوث انقسام كبير لدى الرأي العام في البلاد، كما أعلنت المعارضة رَفْضها لنتائج الانتخابات، وقامت بالطعن فيها أمام المحكمة الدستورية، بل وطالبت بعرض النزاع الانتخابي على لجنة دولية للفصل فيه.
ومن خلال هذه الدراسة سوف نقوم بتحليل الانتخابات العامة التي أُجريت في أنجولا، والتي تُعدّ خامس عملية انتخابية تشهدها البلاد منذ الاستقلال، وذلك من خلال المحاور التالية:
المحور الأوَّل: النظام الانتخابي في أنجولا
أولاً: النظام الانتخابي لاختيار رئيس الجمهورية:
أ- طريقة اختيار الرئيس في أنجولا: ألغى دستور أنجولا الجديد الذي تم إقراره في 21 يناير 2010م، نظام الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية، وأقر نظام الانتخاب غير المباشر للرئيس، وذلك بنصه على أن الشخص الذي يترأس قائمة مرشحي حزب الأغلبية في الجمعية الوطنية، يكون هو الفائز بمنصب رئيس الجمهورية وذلك وفقًا للمادة (109) من الدستور، وكذلك يكون المرشح الثاني في القائمة هو الفائز بمنصب نائب الرئيس، وهذا ما أكَّدت عليه المادة (23) من قانون الانتخابات الصادر في 2021م.([1])
ب- مدة ولاية الرئيس: نص الدستور في الفقرة الأولى من المادة رقم (113) على أن تكون مدة ولاية الرئيس محددة بخمس سنوات تبدأ منذ تنصيبه رسميًّا، وتنتهي بتنصيب الرئيس الجديد التالي له، ونصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أن تكون خدمة الرئيس في منصبه لفترتين اثنتين فقط كحد أقصى. كما ألغى هذا الدستور منصب رئيس الوزراء، ومنح الرئيس الكثير من السلطات الواسعة؛ حيث جعله هو رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، والقائد العام للقوات المسلحة في أنجولا، وذلك كما ورد في الفقرة الأولى من المادة رقم (108) من الدستور. بالإضافة إلى منح الرئيس العديد من سلطة التعيينات كما ورد في المواد (119، 122، 124) من الدستور، وهو ما يخوّله التحكُّم في تلك المؤسسات ويجعلها غير محايدة.([2])
ج- شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية: نصت المادة (110) من الدستور على مجموعة من الشروط اللازم توافرها في الشخص الذي يحقّ له الترشح لمنصب الرئيس، وتتمثل فيما يلي:
1- شرط الجنسية الأصلية: حيث يجب أن يكون المرشَّح يحمل الجنسية الأنجولية، ومن أصل أنجولي.
2- شرط السن: حيث يجب أن يكون عُمر الراغب في الترشح لا يقلّ عن 35 عامًا.
3- شرط الإقامة داخل البلاد: حيث يجب أن يقيم الراغب في الترشح بشكل اعتيادي في أنجولا لمدة 10 سنوات على الأقل.
4- شرط الأهلية المدنية والبدنية: وذلك بأن يكون الراغب في الترشح متمتعًا بحقوقه السياسية والمدنية، وكذلك يكون متمتعًا بقدراته البدنية والعقلية؛ بحيث يكون مُؤهَّلاً لممارسة مهامّه الوظيفية في المنصب.
5- شرط انتفاء الموانع القانونية للترشُّح: حيث نصت المادة السابقة في فقرتها الثانية على عدم جواز الترشح لمنصب الرئيس في حالة كان المرشح لا يحمل الجنسية الأنجولية، أو كان ما يزال عاملاً في الخدمة في منصب قضائيّ، وكذلك يمنع من الترشح كلّ من يشغل المناصب الآتية: المدعي العامّ، القاضي في المحكمة الدستورية، القاضي في ديوان المحاسبة، أو أمانة المظالم، أو عضو لجنة إدارة الانتخابات، أو أحد أفراد القوات المسلحة العاملين في الخدمة، أو أي رئيس سابق خدم فترتين في المنصب.([3])
ثانيًا: النظام الانتخابي لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية:
أخذ دستور أنجولا بنظام المجلس التشريعي الواحد؛ حيث جعل البرلمان مكونًا من الجمعية الوطنية فقط، ولم يأخذ بنظام المجلسين مثل بعض الدول، وذلك وفقًا لما ورد في الفقرة الثانية من المادة رقم (141) من الدستور، وفيما يتعلق بالنظام الانتخابي للجمعية الوطنية لأنجولا يمكن عرضه فيما يلي:
أ- طريقة اختيار أعضاء الجمعية الوطنية: نصت المادة (143) من الدستور في فقرتها الثانية على أن يتم انتخاب أعضاء الجمعية الوطنية وفقًا لنظام التمثيل النسبي، وذلك لمدة خمس سنوات. وأوضحت المادة (144) أنه يجب انتخاب هؤلاء الأعضاء عن طريق الدوائر الانتخابية، على أن يتم تقسيم هذه الدوائر الانتخابية إلى نوعين من الدوائر تتمثل فيما يلي:
1- الدائرة الوطنية: حيث يتم انتخاب 130 عضوًا بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة على مستوى الدولة.
2- الدوائر الإقليمية: حيث يتم انتخاب 5 أعضاء عن كل محافظة ومقاطعة انتخابية، مع تخصيص دائرة انتخابية خاصة بها، وقد بلغ عدد هذه الدوائر الإقليمية 18 دائرة انتخابية، ليكون مخصصًا لها 90 عضوًا، يتم انتخابهم وفقًا لطريقة “هوندت” للتوزيع النسبي للمقاعد على قوائم الأحزاب، ولهذا فإن مجموع أعضاء الجمعية الوطنية في أنجولا يكون 220 عضوًا.([4])
ب- شروط الترشح لعضوية الجمعية الوطنية:
1- شرط توافر الأهلية القانونية للمرشح: حيث نص الدستور في المادة (145) على أنه لا يجوز انتخاب الأشخاص المحكوم عليهم بالسجن لأكثر من عامين، ولا الأفراد المعلوم قانونًا أنهم عاجزون عن تولّي ذلك المنصب لوجود عجز عقلي أو بدني يحول دون أداء مهامهم في البرلمان.
2- شرط الخلو من الموانع القانونية: حيث تم النص على عدم جواز ترشح أفراد القوات المسلحة العاملين في الخدمة، ولا أعضاء الهيئة الانتخابية، ولا القضاة والمدعين العامين.
3- شرط الجنسية: حيث تم النص على حق الترشح للمواطنين الحاصلين على الجنسية الأنجولية المكتسبة بشرط مرور 7 سنوات على تاريخ اكتسابهم الجنسية.
4- شرط السن: حيث تم تحديد سن الترشح للجمعية الوطنية ليكون 35 عامًا، بينما تم النص على جعل سن التصويت في الانتخابات ليكون 18 عامًا، لكل المواطنين المتمتعين بحقوقهم السياسية داخل البلاد وخارجها، ونشير إلى أن السماح للمواطنين في خارج البلاد بالتصويت هو أمر جديد؛ حيث تم إدخاله بموجب التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في أغسطس 2021م، والتي عدلت 30 مادة من مواد دستور 2010م للمرة الأولى منذ إقراره.([5])
المحور الثاني: خريطة الانتخابات، وقائمة المرشحين، وخلفيتهم التاريخية
أ- خريطة الانتخابات:
1- موعد إجراء الانتخابات: في يوم الجمعة الموافق 3 يونيو 2022م أعلن الرئيس جواو لورينسو، بعد أن اجتمع مع مجلس الجمهورية في القصر الرئاسي بلواندا أن موعد الانتخابات العامة في البلاد تم تحديده ليكون يوم 24 أغسطس 2022م، وذلك توافقًا مع الوقت المحدد في الدستور، كما أشار الرئيس إلى أن اللجنة الوطنية للانتخابات وافقت على هذا الموعد؛ لكونه يتناسب مع المحكمة الدستورية، ويسمح ببدء تلقي ترشيحات الأحزاب الراغبة في المشاركة في الانتخابات.([6])
2- موعد تقديم أوراق الترشح: لقد تم تحديد الفترة من 5 إلى 25 يونيو 2022م لتكون موعدًا لتقديم أوراق الترشح، كما تم تحديد 10 أيام تبدأ من 26 يونيو إلى 5 يوليو للطعن على قوائم الأحزاب بطريقة قانونية، وكذلك منح فرصة خلال تلك الفترة لتصحيح أي مخالفات تتعلق بالقوائم المرشحة، وإكمال المستندات الناقصة، وتسليمها للمحكمة الدستورية للمصادَقة عليها.([7])
3- موعد الحملة الانتخابية: تم تحديد موعد الحملة الانتخابية لتبدأ في تاريخ 22 يوليو، وتنتهي في 22 أغسطس؛ بحيث تستمر لمدة شهر قبل موعد التصويت، ويكون يوم 23 أغسطس هو يوم الصمت الانتخابي.
ب- قائمة الأحزاب المرشحة للانتخابات:
أعلنت المحكمة الدستورية في يوم 9 يوليو 2022م أنه تم قبول ملفات ترشح 7 أحزاب، بالإضافة إلى ملف “التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني –الائتلاف الانتخابي” (CASA- CE) المكون من 6 أحزاب، وذلك للمشاركة في الانتخابات العامة في أنجولا، وفي 16 يوليو 2022م أعلنت المحكمة الدستورية القوائم النهائية للترشيحات، والتي تتمثل في كل من هذه الأحزاب:
م |
اسم الحزب |
اختصار الحزب |
رئيس القائمة الحزبية |
سن المرشح |
1 |
الحركة الشعبية لتحرير أنجولا |
MPLA |
جواو لورينسو |
68 |
2 |
الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا |
UNITA |
أدالبرتو كوستا جونيور |
60 |
3 |
حزب التجديد الاجتماعي |
PRS |
بينديتو دانيال |
61 |
4 |
الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا |
FNLA |
نيمي يا سمبي |
71 |
5 |
حزب التحالف الوطني |
APN |
كوينتينو موريرا |
54 |
6 |
حزب الإنسانية الأنجولي |
PHA |
السيدة/ فلوربيلا مالكياس |
63 |
7 |
الحزب القومي للعدالة في أنجولا |
P- Njango |
إدواردو تشينجونجي |
57 |
8 |
التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني – الائتلاف الانتخابي |
CASA- CE |
مانويل فرنانديز |
50 |
ج- الخلفية التاريخية للأحزاب المشاركة في الانتخابات:
يمكن تسليط الضوء على الخلفية التاريخية للأحزاب التي ترشَّحت للانتخابات، فيما يلي:
1- حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA)): تأسس في عام 1956م كمنظمة قومية تطالب بالاستقلال عن البرتغال، وبعد حصول البلاد على استقلالها في عام 1975م تولى مقاليد السلطة في البلاد، وأصبح الحزب الحاكم، كما أنه ظل مسيطرًا على مقاليد السلطة خلال الحرب الأهلية في أنجولا التي استمرت لمدة 27 عامًا، وراح ضحيتها ما يقارب 1.5 مليون شخص، بجانب نزوح نحو 4 ملايين شخص؛ حيث استطاعت الحركة الشعبية الانتصار على الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا (UNITA)، والجبهة الوطنية لتحرير أنجولا (FNLA).([8])
وعلى مدار تاريخ أنجولا نجد أن الرؤساء الأربعة الذين حكموا البلاد ينتمون إلى هذا الحزب؛ حيث تولى الرئيس الأول لأنجولا أغوستينو نيتو حكم البلاد خلال الفترة (1975- 1979م) وتلاه لوسيوس لارا، بعد وفاته ولمدة 10 أيام بصورة مؤقتة، حتى تسلم منه المنصب الرئيس الأطول في حكم البلاد: جوزيه دوس سانتوس، والذي استمرت فترة حكمه منذ سبتمبر 1979م حتى سبتمبر 2017م، ثم أعقبه الرئيس الحالي للبلاد جواو لورينسو الذي تولى حكم البلاد في سبتمبر 2017م. كما أن هذا الحزب كذلك على مدار تاريخه ظل هو حزب الأغلبية في الجمعية الوطنية حتى الآن، وذلك رغم خسارته لعدد من المقاعد الانتخابية لصالح حزب المعارضة الرئيسي (UNITA) في انتخابات 2012، 2017م.([9])
وفيما يتعلق بالقائمة الانتخابية للحزب في انتخابات 2022م؛ فقد تم اختيار الرئيس المنتهية ولايته جواو لورينسو ليكون على رأس قائمة الحزب، وبذلك يكون مرشح الحزب لمنصب الرئيس لولاية ثانية، ويذكر أنه كان وزيرًا للدفاع قبل تولّيه منصب الرئيس في 2017م خلفًا للرئيس الراحل جوزيه سانتوس الذي حكم البلاد لمدة 38 عامًا، كما شغل مناصب عديدة في الحزب، وكان عضوًا في البرلمان، وكذلك رئيس المجموعة البرلمانية في الحزب، والنائب الأول لرئيس البرلمان، وقد درس في الاتحاد السوفييتي في أكاديمية لينين، وحصل على ماجستير في العلوم التاريخية، ويتقن عدة لغات، وكان من بين مقاتلي الحركة، وشارك في الحروب التي خاضتها.([10])
كما تم اختيار الدكتورة إسبيرانسا دا كوستا في المركز الثاني لقائمة الحزب لتكون مرشحة لمنصب نائب رئيس أنجولا، ويذكر أنها عملت وزيرة دولة للمصايد منذ 2020م، كما تم اختيارها لتكون عضوًا في اللجنة المركزية للحزب عام 2019م، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه في علم البيئة النباتية من الجامعة التقنية في لشبونة عام 1997م، وعملت أستاذة بالجامعة، وتولت منصب المدير الوطني لتوسيع التعليم العالي في وزارة التعليم العالي بأنجولا. وقد تم اختيارها لهذا المنصب بعد رفض بورنيتو دي سوزا النائب السابق للرئيس الترشح لهذا المنصب، كما أنه تم اختيارها رغم وجود العديد من الشخصيات التي دار الحديث في البداية عن احتمال اختيارها لهذا المنصب من بينها السيدة لويزا دامايو، نائبة رئيس الحزب منذ سبتمبر 2018م، والسيدة كارولينا سيركويرا، وزيرة الدولة للشؤون الاجتماعية، والسيدة فيرا ديفيس، وزيرة المالية.([11])
وقد أشار البعض إلى أن اختيار الرئيس للدكتورة إسبيرانسا دا كوستا، كان الهدف منه تجنُّب الرئيس لشخصيات بارزة في الحزب الحاكم؛ حتى لا تطغى عليه، فهو باختياره هذا كان يبحث عن شخصية جديرة بالثقة لديه، وتتبع القواعد التي يمليها الرئيس على نائبه، كما رأى البعض أنه تم اختيارها لهذا المنصب استجابةً لدائرة المصالح المحيطة بالرئيس، ومراعاةً لمنع حدوث انقسام وصراع على المناصب؛ فقد تم اختيار السيدة كارولينا سيركويرا لتكون مرشّحة لمنصب رئيس الجمعية الوطنية، وكذلك تم اختيار السيدة لويزا دامايو لتكون مرشحة لمنصب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الحاكم في الجمعية الوطنية.([12])
وفي ذات السياق فقد سعى الحزب إلى استقطاب النساء والشباب للتصويت لصالحه، وذلك من خلال ضم 47 مرشحة إلى قائمة الحزب، من بينهن: النساء الثلاثة السابق ذكرهن في المراكز الأولى من القائمة، ورغم أن مسألة التمكين السياسي للمرأة من بين الأمور التي أصبحت تحرص عليها النظم الانتخابية الإفريقية المعاصرة؛ من خلال التوازن بين الجنسين في تكوين البرلمانات؛ إلا أن تلك المسألة يوجد عليها العديد من المآخذ والانتقادات؛ حيث يرى البعض أن مسألة تمكين المرأة مجرد أمر شكلي تستخدمه النظم السياسية الإفريقية لمصلحتها الخاصة، وذلك عن طريق خَلْق برلمانات تنتمي لفصيل سياسي واحد، دون وجود معارضة برلمانية تحاسبه؛ حيث يتم استخدام المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة سياسيًّا بدعوى تمكينهم، كما أن عملية اختيار هذه الفئات تتم بناء على معايير بعيدة عن الحياد وعدالة توزيع السلطة؛ حيث يتم اختيارهم من قبل الأجهزة الأمنية، من بين أبناء النُّخبة، والطبقة الحاكمة، بل وكثيرًا ما يتم اختيارهم بناء على عمليات بيع المناصب البرلمانية لأصحاب النفوذ، مع استبعاد أصحاب الكفاءات، وتهميشهم.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأداء البرلماني لهذه الفئات ضعيف للغاية، وذلك لكونهن لا يتمتعن بالخبرات اللازمة لممارسة وظائفهم البرلمانية، وكذلك فإن أغلب هؤلاء يبحثون عن مصالحهم ومنافعهم الذاتية، كالبحث بطريقة غير مشروعة عن تحقيق الذات، والمكانة الاجتماعية، والوصول لقمة الهرم الاجتماعي، مع تركهم معالجة قضايا المجتمع ومشكلاته، كما أن العديد من النظم الإفريقية تحرص على استقطاب النساء؛ لكونها تدرك أنهن أكثر طاعة للنظام، وأكثر نفعية من الرجال. ولقد أشار المحلل الاجتماعي الأنجولي أندريه أوغوستو إلى هذا المعنى؛ حيث قال: “إن العديد من النساء العاملات في الشارع في بيع السلع المختلفة لكسب قوت يومهن، يتعرضن لسوء المعاملة، والموت أحيانًا، ورغم ذلك فإن النساء البرلمانيات في أنجولا يلتزمن الصمت”. هذا وقد حرص الحزب الحاكم على الاحتفاظ بالشخصيات القوية في الحزب، وأبقى عليهم في القائمة الانتخابية؛ حيث أدرج كلاً من نائب الرئيس السابق، ورئيس الجمعية الوطنية السابق، وعددًا من كبار الجنرالات، والمحاربين القدامى، رغم إدخاله لعدد من الوجوه الجديدة والشباب في قائمته الانتخابية.([13])
2- حزب الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا (UNITA): يُعدّ هذا الحزب هو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وقد تأسس هذا الحزب في بدايته كحركة تحرُّر ضد الاستعمار البرتغالي، وبعد الاستقلال بشهور بدأ الصراع المسلح على السلطة؛ حيث شاركت (UNITA) في الحرب بجانب الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا FNLA)) مدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية، وجنوب إفريقيا، ضد الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA)) التي كانت تُدْعَم مِن قِبَل الاتحاد السوفيتي، وكوبا، وبعد فوز الحركة الشعبية في الحرب وهزيمة التحالف عسكريًّا في 1976م، تفكك التحالف، وأُعلنت أنجولا دولة ذات حزب واحد، واعتبر شركاء التحالف غير شرعيين، مما جعلهم يستأنفون الحرب الأهلية، وبعد انتهاء الحرب، وتوقيع اتفاق سلام بين الحركات الثلاثة، تحولت الحركة إلى حزب سياسي وشاركت في الانتخابات العامة التي أُجريت في عام 1992م والتي أسفرت عن صعود مرشح الحركة الشعبية، ومرشح المعارضة للتنافس في جولة ثانية على منصب الرئيس في أول انتخابات تعددية في البلاد تنافس فيها 11 مرشحًا على منصب الرئيس، كما فازت الحركة الشعبية بالانتخابات البرلمانية؛ حيث حصلت على 129 مقعدًا، بينما حصلت (UNITA) على 70 مقعدًا في البرلمان، ولكن قامت 8 أحزاب برفض النتائج وعلى رأسها (UNITA)؛ حيث رفضت المشاركة في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، وكذلك رفضت مشاركة أعضائها الفائزين في البرلمان، وقد أعقب ذلك مفاوضات فاشلة أعقبها اندلاع الحرب الأهلية مجددًا، والتي أدَّت إلى مقتل عشرات الآلاف من أعضاء (UNITA) وأنصارها على يد قوات الحركة الشعبية فيما عُرف باسم مذبحة الهالوين. كما لم تُجْرَى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة نهائيًّا، بالإضافة إلى مقتل جوناس سافيمبي مرشح (UNITA) للرئاسة في 22 فبراير 2002م على يد القوات الحكومية، وظل الرئيس دوس سانتوس حاكمًا للبلاد بدون شرعية دستورية بعد توقُّف إجراء الانتخابات في البلاد.([14])
وفي 2008م أجريت ثاني انتخابات برلمانية تعدُّدية، وقد حصلت فيها حزب يونيتا على 16 مقعدًا فقط، ورغم اعتراضها على النتائج في البداية، إلا أنها قبلت بها منعًا لتكرار سيناريو العنف في البلاد. وفي 2010م تم وضع دستور جديد للبلاد، والذي بموجبه أجريت الانتخابات العامة في 2012م؛ حيث حصلت فيها حزب يونيتا على عدد 32 مقعدًا في البرلمان، وفي انتخابات 2017م ارتفع عدد المقاعد التي فازت بها وأصبح 51 مقعدًا، لكن على مدار تاريخ الحزب أخفق في أن يفوز بمنصب رئيس البلاد حتى الآن؛ حيث قدم مرشحين للرئاسة على رأس قائمته الانتخابية في انتخابات 2012 و2017م.([15])
وفيما يتعلق بالقائمة الانتخابية للحزب التي شاركت في انتخابات 2022م، فقد تم اختيار أدالبرتو كوستا جونيور، ليكون رئيس قائمة الحزب في الانتخابات، وبذلك يكون مرشح الحزب لمنصب الرئيس، ويذكر أنه تولى منصب رئاسة الحزب في نوفمبر 2019م، غير أن المحكمة الدستورية أعلنت بطلان المؤتمر الانتخابي للحزب، بسبب اتهام معارضين للحزب أن كوستا جونيور تخلَّى عن جنسيته البرتغالية بعد الوقت المحدد لذلك، وبالتالي لا يمكن أن يترشح للرئاسة؛ لأنه مزدوج الجنسية، وقد تبع ذلك عقد مؤتمر جديد للحزب، وتم تسوية النزاع في المحكمة في مارس 2022م، وتولى جونيور رئاسة الحزب بصورة نهائية، رغم الكشف عن محاولات متعددة للمحكمة الدستورية لعزله من رئاسة الحزب لمنعه من خوض الانتخابات.([16]) وفيما يتعلق بدراسته فقد درس الهندسة الكهربائية في الجامعة، وانضم للعمل السياسي مبكرًا في حزب يونيتا، كما انتُخب عضوًا في البرلمان في 2012م؛ حيث شغل منصب النائب الأول لرئيس المجموعة البرلمانية للحزب، وفي 2015م شغل منضب رئيس المكتب البرلماني للحزب.([17])
وفيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس فقد تم ترشيح “أبيل تشيفوكوفوكو”، وهو لا ينتمي إلى حزب يونيتا حاليًا ولكن ترشح على قائمته الانتخابية؛ حيث كان عضوًا سابقًا في الحزب لفترة طويلة، غير أنه استقال منه في 2012م، وقام بتأسيس التحالف العريض من أجل إنقاذ أنجولا (CASA- CE) الذي ترشح على رأس قائمته في انتخابات 2012م و2017م، كما سعى لتأسيس حزب سياسي معارض جديد منذ 2019م تحت مسمى “حزب النهضة الأنجولي- معًا من أجل أنجولا”، لكنه لم ينجح في توفير الشروط القانونية لتأسيس الحزب، وما يزال يسعى لذلك حتى الآن.([18])
بالإضافة إلى كونه من مؤسسي الجبهة الوطنية المتحدة (FPU) التي أعلن عنها في أكتوبر 2021م وهي تحالف مكوّن من 3 أحزاب معارضة، يضم حزب (UNITA)، وحزب الكتلة الديمقراطية (BD)، وحزب النهضة الأنجولي تحت التأسيس (PRA- JA Servir Angola)، وعدد من مؤسسات وأعضاء المجتمع المدني، والتي توافقت على ترشيح كوستا جونيور زعيم حزب يونيتا لمنافسة الرئيس لورينسو، وقد انتقد الرئيس لورينسو هذه الجبهة في أبريل 2022م، ووصفها بأنها غير قانونية؛ لأن أحد مكوناتها ليس حزبًا سياسيًّا معترفًا به رسميًّا، كما قالت المحكمة الدستورية في مايو 2022م: إن هذه الجبهة لم يتم تسجيلها رسميًّا، وبالتالي لا يمكنها المشاركة في الانتخابات أو إجراء أحداث حزبية سياسية، وبالتالي تم قطع الطريق على هذا التحالف المعارض للحزب الحاكم من المشاركة في الانتخابات.([19])
وعلى صعيد آخر فقد أعلن حزب يونيتا أنه قام بترشيح 23 امرأة في المراكز الأولى لقائمته الانتخابية، كما ضمت القائمة كذلك 12 مرشحًا من أعضاء حزب الكتلة الديمقراطية (BD)؛ حيث لم يقم بالترشح في الانتخابات بقائمة مستقلة، وكذلك استبعدت قائمة الحزب بعض الشخصيات التاريخية في الحزب مثل رئيسه السابق إيزياس ساماكوفا، وذلك بدعوى فتح الباب أمام الجيل الجديد من المرشحين الشباب.([20])
3- حزب التجديد الاجتماعي (PRS): وقد تأسَّس هذا الحزب في مطلع التسعينيات، وشارك في أول انتخابات تعددية في البلاد عام 1992م؛ حيث جاء مرشحه للرئاسة في المركز رقم 11 والأخير، لكنه حصل على 6 مقاعد في الجمعية الوطنية، وفي انتخابات الجمعية الوطنية 2008م، حصل على 8 مقاعد، أما في الانتخابات العامة في 2012م؛ فقد تراجعت مقاعده لتصبح 3 مقاعد فقط، وفي انتخابات 2017م أصبحت مقاعده 2 فقط. وفيما يتعلق بالقائمة الانتخابية للحزب في هذه الانتخابات فقد ترشح الدكتور بينديتو دانيال على رأس القائمة، وهو الرئيس الثاني للحزب منذ 2017م، كما كان مرشحًا للرئاسة كذلك على قائمة الحزب في انتخابات 2017م، وحزبه يسعى إلى تطبيق نظام اللامركزية من خلال إقامة نظام فيدرالي في البلاد.([21])
4- حزب الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا FNLA)): وقد تأسس في عام 1954م كحركة تنادي بالاستقلال عن البرتغال، كما شارك في الحرب الأهلية في أنجولا كما ذكرنا من قبل، وفيما يخص تاريخه الانتخابي فقد شارك في انتخابات 1992م، وجاء مرشحه للرئاسة في المركز الرابع، وحصل على 5 مقاعد في البرلمان، وفي انتخابات 2008م، حصل على 3 مقاعد، وفي انتخابات 2012م حصل على مقعدين، بينما في انتخابات 2017م حصل على مقعد واحد، ورغم كونه أقدم منظمة سياسية في البلاد فقد تراجعت شعبيته بسبب ضعف أدائه الانتخابي. وفيما يتعلق بترشحه لهذه الانتخابات، فقد ترأس قائمة الحزب نيمي يا سمبي رئيس الحزب، وهو حاصل على ماجستير في علم نفس العمل، وقد تعهَّد ببذل كل جهوده للقضاء على الجوع في البلاد، وكذلك رفع شعار الحرية والأرض لجميع الأنجوليين.([22])
5- حزب التحالف الوطني APN)): وقد تم إقرار تأسيس هذا الحزب في أغسطس 2015م من قبل المحكمة الدستورية برئاسة كوينتينو موريرا، وهو حاصل على شهادة في القانون، وماجستير في الحوكمة والإدارة، وكان عضوًا في برلمان 2008م، كما ترشح في انتخابات 2012م لكنه فشل، وكذلك ترشح على رأس قائمة الحزب في 2017م لكنَّه فشل في النجاح كذلك، ولم يحصل الحزب على أيّ مقاعد في البرلمان، وقد ترشح في هذه الانتخابات كذلك على رأس قائمة الحزب ليكون مرشحًا لمنصب الرئيس.([23])
6- حزب الإنسانية الأنجولي (PHA): وقد تم الإعلان عن تأسيس هذا الحزب في نوفمبر 2020م، وصادقت المحكمة الدستورية على تأسيسه في 27 مايو 2022م، ويترأس هذا الحزب السيدة فلوربيلا مالاكياس، وهي حاصلة على شهادة في القانون، وهي عضوة سابقة في الجناح العسكري لحركة (UNITA)، ويدعو هذا الحزب إلى تعزيز فكرة الإنسانية والحكم الديمقراطي، وضمان كرامة الإنسان وحقه في التنمية، وإضفاء الطابع الإنساني على جميع أبناء الشعب دون تمييز، وجعل الإنسان هو القيمة المركزية، والعمل على أن يكون الاقتصاد في خدمة الإنسان وليس العكس. وقد ترشحت رئيسة الحزب على رأس قائمته الانتخابية لتكون مرشحة لمنصب رئيس البلاد، وهي المرأة الوحيدة التي ترشَّحت لهذا المنصب في هذه الانتخابات، وقد قدم الحزب قائمة وحيدة مكونة من 97 اسمًا بدون مرشحين بديلين، وتنافس فقط في الدائرة الوطنية، ولم يتقدم بمرشحين في دوائر المقاطعات، بخلاف باقي الأحزاب التي قدمت مرشحين لها في كل من الدائرة الوطنية ودوائر المقاطعات.([24])
7- الحزب القومي للعدالة في أنجولا (P- Njango): لقد تمت الموافقة على تأسيس هذا الحزب مِن قِبَل المحكمة الدستورية في 24 مايو 2022م، برئاسة إدواردو تشينجونجي، وهو ابن صمويل بيدوسو تشينجونجي أحد مؤسسي (UNITA) ورئيس أركان الجناح المسلح للحركة آنذاك، وقد أصبح نجله معارضًا لحركة (UNITA) بعد الخلافات داخل الحركة التي أدت لمقتل جميع أفراد أسرته تقريبًا؛ حيث سافر للخارج وعاد للبلاد بعد مقتل رئيس الحركة سافيمبي. وقد تولَّى منصب وزير السياحة سابقًا في حكومة الوحدة والمصالحة الوطنية، وهو مهندس مدني، وقد ترشح على رأس قائمة الحزب على منصب الرئيس، كما أعلن أنه سوف يسعى لدعم قطاع السياحة في حالة فوزه، لكونه يمتلك خبرات كافية في هذا المجال.([25])
8- التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني – الائتلاف الانتخابي (CASA- CE): وقد تأسس هذا التحالف في 2012م للمشاركة في الانتخابات العامة بعد إخفاق حزب المعارضة التاريخي يونيتا في التغلب على الحزب الحاكم في انتخابات 2008م؛ حيث أسسه أبيل تشيفوكوفوكو، وهو تحالف مكون من 6 أحزاب معارضة، وقد شارك في انتخابات 2012م؛ حيث حصل على 8 مقاعد في البرلمان، وفي انتخابات 2017م حصل على 16 مقعدًا. غير أن التحالف حدث فيه انقسام منذ مطلع 2019م؛ حيث تم طرد أبيل تشيفوكوفوكو من رئاسة التحالف في فبراير 2019م بعد منحه مهلة للاستقالة؛ حيث تم اتهامه بتركيز كل السلطات في يديه، ومعارضة الائتلاف المنتمي إليه.([26])
وقد تم تنصيب أندريه كارفالو خلفًا له في رئاسة التحالف، والذي استقال في يناير 2021م بعد الضغط عليه من قبل 4 أحزاب من مكوني التحالف، وقد تولى مانويل فرنانديز رئاسة التحالف خلفًا له، وهو حاصل على شهادة في الاقتصاد، وترشح في هذه الانتخابات على رأس قائمة التحالف ليكون مرشحًا لمنصب الرئيس.([27])
المحور الثالث: التحضير للعملية الانتخابية، والحملة الانتخابية
أ- التحضير للعملية الانتخابية والخلافات التي صاحبته:
قبل إجراء العملية الانتخابية وأثناء الإجراءات التحضيرية لها، كان هناك مجموعة من التحفظات مِن قِبَل المعارضة؛ حيث تزايدت نبرة عدم الثقة بشأن شفافية العملية الانتخابية، واحتمالية التلاعب في الأصوات، بسبب استمرار الخلافات التي صاحبت الإجراءات التحضيرية، وذلك يرجع لعدة أمور من بينها ما يلي:
1- تعيين رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات: في يناير 2020م قام المجلس الأعلى للقضاء بتعيين مانويل بيريرا دا سيلفا رئيسًا للجنة الوطنية للانتخابات (CNE)، وذلك بعد فوزه في الانتخابات التي أُجريت لشغل هذا المنصب، وتتكون اللجنة الوطنية للانتخابات من 17 عضوًا، يتم اختيار رئيسها من خلال الانتخاب، ويتم تعيينه بقرار من المجلس الأعلى للقضاء، أما باقي الأعضاء البالغ عددهم 16 عضوًا فيتم اختيارهم من قبل الجمعية الوطنية بناء على اقتراح الأحزاب السياسية، طبقًا لمبدأ الأغلبية البرلمانية. وبعد تعيين مانويل بيريرا في هذا المنصب فقد أعلن حزب يونيتا أنه غير صالح لهذا المنصب، بحجة أنه لا يفي بمتطلباته؛ حيث إنه عندما كان رئيسًا للجنة الانتخابية الإقليمية في لواندا من قبل، وكان هناك مشكلات عديدة تحيط به وتشكك في نزاهته، كما اعترضت أحزاب أخرى على تعيينه في هذا المنصب؛ لكونه ليس محل إجماع من قبل الأحزاب السياسية، مرددة أن مسألة تعيينه يستفيد منها الحزب الحاكم فقط.([28])
2- تنقية السجل الانتخابي: فيما يتعلق بعملية تجهيز سجل الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات؛ فقد قامت وزارة إدارة الأقاليم بعملية تسجيل الناخبين، وتنقية السجل الانتخابي خلال الفترة من سبتمبر 2021م، حتى أبريل 2022م، ثم قامت بتسليم السجل الانتخابي (FICM) المشتمل على مَن لهم حق التصويت إلى اللجنة الوطنية للانتخابات (CNE)، والتي سلّمته بدورها إلى المحكمة الدستورية (TC)، وقد بلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات (14399391) أي نحو 14.3 مليون ناخب بما في ذلك (22560) يحق لهم التصويت خارج البلاد.([29])
وقد انتقدت المعارضة عملية تسجيل الناخبين، وادعت أنها تحتوي على العديد من المخالفات؛ حيث قدم حزب يونيتا شكوى إلى اللجنة الوطنية للانتخابات تكشف عن وجود العديد من الأشخاص المتوفين، لكنَّ أسماءهم مدرَجة في السجل الانتخابي، بالإضافة إلى وجود أشخاص مقيمين في خارج البلاد منذ فترة طويلة لكنهم كذلك مدرجون في السجل الانتخابي بالداخل، وهو ما يسمح بحدوث عمليات تصويت جماعي من خلال استخدام بطاقات هوية مزورة تحمل أسماء هؤلاء المتوفين والمهاجرين. كما تم نقل العديد من أسماء المواطنين إلى مراكز اقتراع لم يختاروها خارج مناطق إقامتهم، تبعد عنهم آلاف الكيلومترات وهو ما يصعب عليهم عملية التصويت في الانتخابات، ويسمح لأعوان الحكومة بالتصويت نيابة عنهم لصالح مرشح النظام، وكذلك تكرار أسماء بعض الناخبين في أكثر من مركز اقتراع، وهو ما يُمكّنهم من التصويت أكثر من مرة، بالإضافة إلى استبعاد الكثيرين من المقيمين بالخارج من السجلات المخصَّصة لهم وحرمانهم من التصويت بالخارج، ولهذا فقد طالب حزب يونيتا من اللجنة الوطنية للانتخابات ضرورة تصحيح الأخطاء والمخالفات الموجودة بالسجل الانتخابي.([30])
وفي ذات السياق فقد تم إطلاق عريضة تطالب اللجنة الوطنية للانتخابات بتطهير السجل الانتخابي من ملايين الأسماء المتوفية، والتي قيل: إنها تصل إلى 2 مليون شخص، وبعد جمع مجموعة من التوقيعات على هذه العريضة، تم تسليم التماس عام إلى المحكمة الدستورية يطالب بتنقية السجل الانتخابي من الوفيات والأخطاء الموجودة فيه حتى لا يكون هناك طعن في العملية الانتخابية.([31])
كما قام حزب (UNITA) وحزب الكتلة الديمقراطية (BD) بتقديم طلب قضائي إلى المحكمة الدستورية لتقوم بإصدار قرار يقضي بإعادة تنقية السجل الانتخابي وتصحيح المخالفات الموجودة به، لكن المحكمة رفضت طلباتهم بدعوى أن مقدمي الطلب ليس لهم صفة شرعية؛ بسبب تقديم الطلب من قبل أشخاص طبيعيين، وهو ما جعل نوابًا من حزب المعارضة ينتقدون قرار المحكمة، ويصفونه بغير الصحيح.([32])
3- تجهيز المواد الانتخابية: لقد كانت عملية تجهيز وإعداد المواد الانتخابية اللازمة لإتمام العملية الانتخابية، موضع جدل كبير في هذه الانتخابات، بل والانتخابات السابقة في البلاد منذ عام 2008م، وتتمثل هذه المواد في بطاقات الاقتراع، وصناديق الاقتراع، والحبر الفسفوري الذي لا يُمْحَى بسهولة بعد التصويت، والطوابع، والأمور التكنولوجية، والمواد التكميلية التي ستُستخدم في التصويت، وغيرها من أشياء لوجستية تعد هي الجوهر الأساسي للمواد الانتخابية في مراكز الاقتراع. ويرجع الخلاف على هذه المسألة بين الجهات المشرفة على الانتخابات وعلى رأسها اللجنة الوطنية للانتخابات، وأحزاب المعارضة بسبب قيام اللجنة الوطنية للانتخابات بالتعاقد مع شركة إندرا INDRA)) الإسبانية من أجل تجهيز المواد الانتخابية؛ حيث قالت اللجنة الانتخابية: إن هناك 10 شركات تقدمت بعروض في المناقصة العامة للتعاقد من أجل تجهيز المواد الانتخابية، لكن تم الموافقة على عرضين فقط، متمثلين في عرض شركة Smart Matic، وعرض شركة INDRA، ولكن تم استبعاد عرض الشركة الأولى بدعوى أنها سلمت العرض الخاص بها في مظروف شفاف يدل على هوية الشركة، وهو ما ينتهك قواعد التفضيل بين الشركات، ومِن ثَم فإن الفائز بالتعاقد هو شركة إندرا لكونها هي الشركة الوحيدة المتبقية.([33])
ومن جانبها أعلنت شركة إندرا أنها ستضمن تنظيم انتخابات شفافة في أنجولا؛ وذلك لخبرتها السابقة في تنظيم أكثر من 400 عملية انتخابية وطنية ودولية. وقد احتجت المعارضة على اختيار هذه الشركة؛ وذلك نظرًا لسمعتها السيئة في إدارة الانتخابات السابقة في أنجولا؛ حيث إن هذه الشركة تعرضت لنقد مِن قِبَل المعارضة في انتخابات 2008م، وذلك بعد أن طلب منها إنتاج 10 ملايين بطاقة اقتراع، لكن موقع الشركة أعلن حينها أنه أنتج 26 مليون بطاقة اقتراع، وتساءلت المعارضة عن فارق عدد بطاقات الاقتراع والبالغ عددها 16 مليون، وأين ذهب؛ حيث فسرت ذلك بأنه تم استخدامه في التصويت لصالح الحزب الحاكم، وتزوير نتائج الانتخابات، وهو ما يوضح وجود بطاقات اقتراع أكثر من أعداد الناخبين في بعض المقاطعات ومراكز الاقتراع حينها.([34])
كما أن نفس الشركة تم التعاقد معها في انتخابات 2012م، هي وشركة برتغالية تدعى ((SINFIC؛ حيث طعنت المعارضة فيهما، وطالبت ببدء عملية تعاقد مع شركات أخرى، لكن لم يتم الاستجابة لطلباتها، وهو ما جعل المعارضة تتهم اللجنة الانتخابية بممارسة الاحتيال مع تلك الشركات في صفقة قدرت قيمتها بنحو 143 مليون يورو.([35])
وفي انتخابات 2017م تم التعاقد مجددًا مع شركة إندرا الإسبانية، وتجددت الانتقادات لها، بل قامت قوى المعارضة حينها بحشد مظاهرات كبيرة ضمت نحو 50 ألف متظاهر رفضًا لتلك المخالفات، كما قالت: إن هذه الشركة ستخضع للمساءلة أمام السلطات الإسبانية؛ لكونها تهدف إلى تزوير الانتخابات والاحتيال على الشعب الأنجولي، وهو ما يسبّب حالة من عدم الاستقرار في البلاد. ورغم ذلك التاريخ السلبي للشركة ورفض المعارضة لها، تعاقدت اللجنة الوطنية للانتخابات معها مجددًا؛ حيث أعلنت أنها استقبلت على مدار شهرين من هذه الشركة المواد الانتخابية؛ حيث تسلمت 4 شحنات عن طريق البحر، و10 شحنات عن طريق الجو، بلغت في مجموعها نحو 68 طنًّا من المواد الانتخابية. ومن جانبه قام حزب يونيتا بتقديم طعن أمام المحكمة الدستورية ضد التعاقد مع شركة إندرا مشككًا في نزاهتها، طالبًا من المحكمة الدستورية تصحيح ما أسماه بالأخطاء الانتخابية التي تهدّد سلامة وشفافية العملية الانتخابية، لكنَّ المحكمة لم تستجب لطلباته، كما علقت اللجنة الانتخابية بأنه لم يكن هناك أي عوائق قانونية تمنع الشركة من تقديم عرض في المناقصة العامة، وفيما يتعلق بالسمعة؛ فقد قالت اللجنة: إنه أمر خارج نطاق عملها، وهو أمر متروك للشركة لتدافع عن نفسها، كما أضافت اللجنة أنها اتبعت المعايير القانونية المطلوبة، وأنها تثق في مصداقية هذه الشركة.([36])
4- المشرفون اللوجستيون الأجانب: حيث نددت المعارضة بوجود نحو 1500 مشرف لوجستي أجنبي من خارج البلاد، غير معروفة جنسيتهم، ولا هويتهم، ولا مدى كفاءتهم، وكذلك هم لا ينتمون إلى موظفي اللجنة الوطنية للانتخابات، ولا يتقاضون رواتب منها، وكذلك ليسوا أعضاء في مراكز الاقتراع، لكنهم تابعون لشركة أجنبية، ويشرفون على الانتخابات، وسيتحكمون في نقل صناديق وبطاقات الاقتراع، وغيرها من أمور انتخابية، وهو ما يُزعج المعارضة؛ لكونهم مجهولين، ولم يتم نشر قوائم بأسمائهم. وبالتالي لا يمكن محاسبتهم مدنيًّا أو جنائيًّا عن المخالفات التي يرتكبونها أثناء ممارسة أنشطتهم، كما أضافت المعارضة أن وجود هؤلاء المشرفين يسمح بنقل الاختصاصات الممنوحة للجنة الوطنية للانتخابات، إليهم بطريقة مستترة، وهو ما يخالف الدستور والقانون في البلاد ويشوّه نزاهة العملية الانتخابات.([37])
5- عملية فرز الأصوات: حيث كان هناك خلاف يتعلق بمن سيقوم بحساب الأصوات، وفي أي مكان سيتم ذلك، وذلك بسبب قيام البرلمان الأنجولي قبل عام بتعديل قانون الانتخابات وجعل عملية حساب الأصوات خاصة باللجنة الوطنية للانتخابات على المستوى المركزي، وبالتالي استبعد القانون فرز الأصوات في اللجان الانتخابية الموجودة في البلديات والمقاطعات، وقد قدم حزب يونيتا، طلبًا إلى اللجنة الوطنية للانتخابات، لإلغاء النص القانوني الخاص بعملية فرز الأصوات، لكن تم رفض هذا الطلب تمامًا، رغم إعلان المعارضة عدم ثقتها بأعضاء مراكز الاقتراع على المستوى المركزي.([38])
6- نقل صناديق الاقتراع: حيث أعلنت المعارضة عن عدم ثقتها في اتحاد (KPMP- LTI) التابع لشركة نقل متكامل وخدمات لوجستية تعاقدت معها اللجنة الوطنية للانتخابات لنقل صناديق الاقتراع إلى مكان الفرز المركزي، وهذه الشركة تأسست في عام 2008م، وهي تابعة إلى الجنرال هيلدر فييرا المعروف بلقب “كوبيليبا” رئيس الأركان السابق، وهو شخص مُدْرَج اسمه في العديد من قضايا الفساد، وهو من الشخصيات المقربة للرئيس الراحل جوزيه سانتوس، وقد قامت شركته بالمشاركة في انتخابات 2017م، غير أن شريكه البرتغالي في هذه الشركة قام بتهديده في مطلع عام 2021م بتسريب وثائق وأسرار تتعلق بقيامهم بالمشاركة في تزوير الانتخابات في أنجولا من قبل، وذلك بعد حدوث خلافات بينهم بسبب عدم دفع الجنرال مبالغ يستحقها شريكه البرتغالي. وهذه المعلومات جعلت المعارضة تخشى من تلاعب هذه الشركة في الصناديق الانتخابية أو تبديلها أو تغيير الأوراق الموجودة بداخلها أثناء رحلة نقل الصناديق.([39])
7- تأخير نشر السجلات الانتخابية: حيث ينص القانون على ضرورة نشر السجل الانتخابي قبل 30 يومًا من موعد التصويت، وهو ما لم يحدث حتى قبل الانتخابات بأسبوع واحد، مما جعل المعارضة تشكك في تنقية السجل الانتخابي من المتوفين، وقد قللت اللجنة الوطنية للانتخابات من تلك المشكلة؛ حيث قالت: إن الموتى لا يمكنهم التصويت؛ لأنهم ماتوا بالفعل، وهو ما أغضب المعارضة متهمة إياهم بعدم الشفافية، بل دعت قوى المعارضة إلى تنظيم مظاهرة يوم 30 يوليو احتجاجًا على تأخير نشر السجلات الانتخابية، وعدم تنقيتها، ومطالبة الحكومة بتصحيح المخالفات التي تشوب العملية الانتخابية، لكنَّ السلطات الأمنية منعت تنظيم هذه المظاهرة؛ بحجة الحفاظ على الأمن العام، وهددت أيّ مواطن يشارك فيها. وقد تقدمت المعارضة بطلب للمحكمة الدستورية يفيد بوجود مخالفات في العملية الانتخابية بسبب عدم نشر قوائم التسجيل الانتخابي في مراكز الاقتراع وفقًا للقانون، لكنَّ المحكمة رفضت طلب المعارضة.([40])
8- مسألة اعتماد المراقبين على الانتخابات: لقد حددت اللجنة الوطنية للانتخابات عدد المراقبين الوطنيين على الانتخابات بما لا يزيد عن ألفي مراقب وطني في جميع أنحاء البلاد، ولهذا فإن العديد من منظمات المجتمع المدني التي كانت تريد المشاركة في مراقبة الانتخابات واجهت العديد من الصعوبات، كما أن الكثير منها تم استبعاده، بحجة وصول عدد المراقبين للحد الأقصى، كما تم انتقاد هذا العدد المحدد مِن قِبَل اللجنة الانتخابية لكونه صغيرًا جدًّا، ولا يمكن أن يغطي مراكز الاقتراع البالغ عددها 13338 مركز اقتراع، وأن هذا العدد المحدد من المراقبين لن يغطي إلا 5% فقط من مراكز الاقتراع.([41])
وفيما يتعلق بالمراقبين الدوليين فقد أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات، أنه تم توجيه الدعوة إلى 9 منظمات دولية لترسل مراقبين من طرفها لتراقب العملية الانتخابية تتمثل في كلّ من: مركز كارتر الدولي بالولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الإفريقي، الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (ECCAS), الجماعة الإنمائية لدول الجنوب الإفريقي (SADC)، المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى (CIRGL)، مجموعة الدول الناطقة بالبرتغالية (CPLP)، ومنتدى اللجان الانتخابية لبلدان الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (ECF- SADC)، ومؤتمر الهيئات القضائية الدستورية الإفريقية (CJCA).([42])
ومن جانب المعارضة فقد قام رئيس حزب المعارضة كوستا جونيور على رأس وفد من رفقائه في المعارضة بزيارة إلى الولايات المتحدة؛ حيث طلب من منظمات أمريكية إرسال مراقبين للإشراف على الانتخابات، كما طلب الدعم من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وجماعات المصالح الأمريكية، وكذلك فعل نفس الأمر مع الاتحاد الأوروبي، بجانب زياراته السابقة إلى كل من بلجيكا، وألمانيا، والبرتغال، وإسرائيل. وبالإضافة إلى ذلك فقد صرح زعيم المعارضة كوستا جونيور بأنه يأمل ألا تقوم الحكومة بدعوة مراقبين دوليين من أبناء عمومتهم الأفارقة من الشخصيات المقربة والصديقة للحزب الحاكم، أو المنتمين لنفس توجهاته الأيديولوجية، أو مراقبين منتمين إلى مؤسسات وشركات خاصة ترغب في الاستثمار في أنجولا وتجامل الحزب الحاكم من أجل مصالحها، مما يؤدي إلى إعطاء شرعية للانتخابات دون وجود مصداقية ورقابة حقيقية عليها، وهو ما يجعل هؤلاء المراقبين ليسوا محايدين، كما وصفهم البعض أنهم أشبه بطوابع بريدية الهدف منها إعطاء مصداقية للانتخابات خلافًا للحقيقة.([43])
ب- الحملة الانتخابية:
بدأت الحملة الانتخابية كما هو مقرر لها في يوم 22 يوليو 2022م، واستمرت لمدة شهر كامل؛ حيث قام كل حزب من المشاركين في الانتخابات بالدعاية لمرشحيه، ويمكن تناول ما يتعلق بالحملة الانتخابية من خلال النقاط التالية:
1– تمويل الحملة الانتخابية: فيما يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية؛ نجد أن قانون تمويل الأحزاب السياسية في أنجولا ينص على وجود تمويل استثنائي يُمنَح لجميع الأحزاب السياسية قانونًا في العام الذي تُجْرَى فيه الانتخابات؛ بهدف دعمها في نفقات الترشح والحملة الانتخابية، وعملاً بهذا القانون فقد قامت الحكومة في مايو 2022م بمنح الأحزاب السياسية القائمة في البلاد -والبالغ عددها 11 حزبًا في ذلك الوقت وقبل أن تصبح 13 حزبًا لاحقًا-، تمويلاً استثنائيًّا بلغت قيمته 882.6 مليون كوانزا والتي تعادل نحو 2 مليون يورو؛ حيث تم تخصيص مبلغ 80.2 مليون كوانزا لكل حزب منها. كما أعلنت الحكومة حينها بعد حدوث نقد من الأحزاب لمبلغ التمويل ووصفه بأنه غير كافٍ، أن هذا المبلغ مجرد تمويل استثنائي للأحزاب، وليس مخصصًا للحملة الانتخابية، والتي سيتم منح التمويل المخصص لها بعد موافقة المحكمة الدستورية على ترشيحات الأحزاب.([44])
وبالفعل تم إصدار مرسوم رئاسي في 24 يونيو ينص على تخصيص مبلغ 444.8 مليون كوانزا، ما يعادل 949 ألف يورو، لتمويل الحملات الانتخابية للأحزاب المتنافسة في الانتخابات، وأن هذا التمويل تم تخصيصه من الموازنة العامة للدولة، وفي 12 يوليو تم إصدار مرسوم جديد ينص على زيادة التمويل الممنوح للأحزاب من أجل الحملة الانتخابية ليصبح قدره 112 مليون وخمسين ألف كوانزا لكل حزب؛ حيث قامت وزارة المالية بتحويل هذا المبلغ لحسابات الأحزاب البنكية استعدادًا للحملة الانتخابية.([45])
ومن جانبه فقد قام حزب يونيتا المعارض في يوم 13 يوليو بإطلاق حملة لجمع الأموال في العاصمة لواندا؛ من أجل دعم الإنفاق على حملته الانتخابية؛ حيث صرح كوستا جونيور أن المبلغ المخصص من قبل الحكومة غير كافٍ لتمويل الحملة الانتخابية.([46])
وفي ذات السياق فقد انتقدت المعارضة قيام الحزب الحاكم باستخدام الموارد العامة للدولة في تمويل الحملة الدعائية للحزب، وكذلك استخدام المنشآت والطائرات والسيارات المملوكة ملكية عامة للدولة لأغراض حزبية؛ حيث أبدت المعارضة استياءها من تلك المخالفات، مطالبة بضرورة وجود خط فاصل بين المال العام المملوك للدولة، والمال الخاص المملوك للحزب.
2- ما يخص الدعاية الانتخابية: قامت الأحزاب المشاركة في الانتخابات بالتسويق لمرشحيها في شتى مقاطعات الدولة؛ حيث زيّنت الشوارع الرئيسية والطرق، بالملصقات، والأعلام، وصور مرشحي الرئاسة، واللوحات الإعلانية الضخمة، وخاصة في العاصمة لواندا، كما سُمح للأحزاب بعرض الدعاية الخاصة بها في الإعلام الحكومي، سواء في التلفزيون أو الإذاعة الرسمية، وقد أجرت اللجنة الوطنية للانتخابات قرعة بين الأحزاب لترتيب موعد كل منها في البثّ عبر الإعلام الحكومي. وقد حرص قادة الأحزاب على أن تتم الحملة الانتخابية في جوّ من السلام بعيدًا عن التعصب السياسي والعنف، وهو ما تم بصورة كبيرة؛ حيث لم يحدث عنف أثناء الدعاية الانتخابية إلا في صورة ضيقة، ومن أمثلته ما تم في أول أيام الحملة الانتخابية من عنف من قبل سائقي سيارات الأجرة والدراجات النارية الذين شاركوا في مسيرة الحزب الحاكم الانتخابية، بعد الاتفاق معهم على دفع 10 آلاف كوانزا لهم مقابل مشاركتهم في مسيرة الحزب الحاكم، غير أنه لم يتم الدفع لهم بعد انتهاء المسيرة، وهو ما دفعهم إلى القيام بحرق القمصان والقبعات والأعلام التابعة للحزب الحاكم، وكذلك قاموا بحرق دمية على شكل الرئيس لورينسو، ودعوا إلى انتخاب مرشح المعارضة، بالإضافة إلى وضعهم حواجز في الشوارع وقطع الطريق، وإتلافهم لبعض الدراجات النارية، كما توجهوا إلى مقر الرئاسة للتظاهر؛ حيث أوقفهم جنود من وحدة الحرس الرئاسي، مما جعلهم يقومون بإطلاق أعيرة نارية في الهواء، وظهرت سحب سوداء من الدخان، وتدخل رجال الإطفاء، وقد نجم عن هذه الحادثة وجود عدد من الجرحى والمعتقلين.([47])
ومن جانبه نفى الحزب الحاكم علاقته بتلك المسيرة، مدعيًا أنه ليس له علاقة بها، وأنه لم يسعَ لتنظيمها، كما نفى وجود أي تعهدات مالية لسائقي الدراجات النارية، التي شارك فيها نحو 14 ألف شخص، ونظمتها جمعية الشباب المتحد (AJUS) من أجل الإشادة بإنجازات الرئيس لورينسو خلال فترة ولايته الأولي.([48])
3- البرامج والوعود الانتخابية: حرصت الأحزاب المشاركة في الانتخابات على تقديم برامج جذابة للناخبين، من أجل كسب أصواتهم في المعركة الانتخابية، وقد دارت معظم هذه البرامج حول مكافحة الفقر والجوع والفساد، وتحسين التعليم والصحة، والبنية التحتية، وخلق فرص عمل للشباب، وتعزيز حقوق المرأة. غير أن كل حزب منها ركز على نقاط في برنامجه، فنجد أن الحزب الحاكم ركز على فكرة الاستمرارية من أجل ضمان السلام والاستقرار والأمن في البلاد، كما قدم الرئيس مجموعة من الوعود الانتخابية والتي من بينها بناء مطار دولي جديد في لواندا، وبناء مدينة جديدة حول هذا المطار، والعمل على تحسين البنية التحتية في البلاد.([49])
وفيما يخص برنامج حزب يونيتا، فقد رفع شعار التغيير تحت عبارة “لقد حان وقت التغيير”؛ معلنًا أنه بدون تغيير لا يمكن إجراء إصلاح عميق وتغيير مسار البلاد، والتخلص من سوء الإدارة الناجم عن هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في البلاد منذ الاستقلال، كما قدم برنامج المعارضة كذلك مجموعة من الوعود تتعلق ببناء المساكن، والطرق، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد طالب كوستا جونيور الناخبين بمنح صوتهم لحزبه من أجل الحصول على أغلبية برلمانية يقوم من خلالها بتعديل الدستور، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وانتخابه بصورة مباشرة، وزيادة حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة والإعلام، وضمان العدالة الاجتماعية والمعاملة المتساوية بين أبناء الشعب.([50])
وفيما يتعلق بباقي برامج الأحزاب الأخرى فإنها دعت إلى التغيير في البلاد، وتعزيز الديمقراطية، ومكافحة الفساد، مع تركيز كل حزب منها على مجموعة من القضايا الموضوعة على أجندة أولوياته. وقد وصفت هذه البرامج مِن قِبَل المحللين في أنجولا بأنها برامج جيدة؛ حيث تم عرضها في البرامج الإذاعية والتلفزيونية بصورة مناسبة، لكن يرى المحللون أن هذه البرامج مجرد دعاية ولا يتم تطبيقها على أرض الواقع.
4- المناظرة الانتخابية بين المرشحين: دعا كوستا جونيور مرشح حزب المعارضة في رسالة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الرئيس جواو لورينسو إلى مناظرة عامة أمام الشعب الأنجولي، قائلاً: إن الشعب يتوق لمناظرة علنية حقيقية بعد هيمنة الحزب الحاكم على السلطة منذ الاستقلال، غير أن الرئيس لورينسو لم يرد عليه، ولم يستجب لدعوته، وبالتالي لم يتم عقد مناظرات انتخابية.([51])
5- الانتقادات التي وُجِّهت للحملة الانتخابية: تعرضت الحملة الانتخابية لمجموعة من الانتقادات، وذلك بسبب حدوث مجموعة من المخالفات التي من بينها ما يلي:
– انحياز الإعلام للحزب الحاكم: حيث إن قانون الانتخابات ينص على ضرورة أن يقوم الإعلام والصحافة الرسمية بالتعامل بمساواة بين الأحزاب والمرشحين خلال الانتخابات، لكن وسائل الإعلام الحكومية لوحظ أنها تقوم بتفضيل مرشحي الحزب الحاكم، وتركز الدعاية عليهم؛ حيث تعطيهم المساحة الأكبر في البث التلفزيوني والإذاعي، وعلى سبيل المثال تم بث خطاب مرشح الحزب الحاكم الرئيس لورينسو مباشرة على أكثر من قناة، بينما خطاب كوستا جونيور مرشح المعارضة لم يتم بث سوى دقائق منه خلال النشرة الإخبارية، وهو ما جعل أحزاب المعارضة والمجتمع المدني تعبّر عن انزعاجها من ذلك التحيُّز الواضح للحزب الحاكم، واصفين ذلك بأنه بعيد عن العدالة والمساواة في المعاملة الإعلامية، منتقدين هيمنة الحكومة على وسائل الإعلام. كما قامت مجموعة من الناشطين والصحفيين برفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية وأربع وسائل إعلام عامة في البلاد بسبب المعاملة غير المتكافئة بين الأحزاب خلال الحملة الانتخابية.([52]) كما اشتكت المعارضة من التضييق على حرية الصحافة في البلاد، وخاصة الصحف المعارضة، بل ومراقبة الشبكات الاجتماعية في البلاد واضطهاد الأصوات المعارضة ذات التأثير الاجتماعي.
– استخدام استطلاع رأي مزور يعزز فرص الحزب الحاكم: حيث قامت وسائل الإعلام الحكومية بالاستشهاد باستطلاع رأي انتخابي مِن قِبَل شركة برازيلية للأبحاث واستطلاعات الرأي تسمى المعهد البرازيلي للرأي العام والإحصاء (IBOPE Brasil)، ويشير إلى كون الحزب الحاكم سيفوز في الانتخابات المقبلة بنسبة 62% متقدمًا على المعارضة التي ستحصل على 33%، وبعد البحث عن هذه الشركة من قبل النشطاء والصحفيين الدوليين في أنجولا، تبين لهم أن هذه الشركة أغلقت منذ يناير 2021م، ولم تعد مسجلة قانونًا في البرازيل، ولهذا تم اكتشاف أن تلك الإحصاءات تم اختراعها مِن قِبَل الإعلام الحكومي، وأنها اختراعات كاذبة تهدف إلى تضليل وخداع الرأي العام من أجل تعزيز فرص الحزب الحاكم في الفوز.([53]) وفي المقابل تم إقرار قانون يحظر إجراء استطلاعات الرأي أثناء فترة الحملة الانتخابية، ويأتي ذلك الحظر القانوني بعد قيام شبكة Afrobarometer لاستطلاعات الرأي بنشر استطلاع رأي يشير إلى احتمالية فوز حزب المعارضة في العاصمة لواندا، مع فوز الحزب الحاكم بالانتخابات لكن بدون أغلبية مطلقة.([54])
– استغلال موت الرئيس السابق جوزيه سانتوس: حيث ادعى البعض أن الحزب الحاكم قام باستغلال موت الرئيس السابق للبلاد جوزيه دوس سانتوس، وذلك بعد استعادة جسده من إسبانيا لدفنه في البلاد؛ حيث قيل بأن الحزب سيستخدم ذلك الأمر في الدعاية الانتخابية، لكسب وُدّ أنصار الرئيس السابق وخاصة مؤيديه القدامى داخل الحزب الحاكم، غير أن بعض المحللين قلَّل من ذلك الأمر؛ بسبب ارتباط الرئيس السابق وأسرته بعمليات الفساد أمام الرأي العام وخاصة الشباب، كما أن ابنة الرئيس الراحل تشيزي دوس سانتوس، كانت تعارض دفن والدها في أنجولا، واتهمت الرئيس الحالي ونظامه بأن لهم دورًا ما في موت والدها، كما دعت إلى التصويت لمرشح المعارضة كوستا جونيور، معلنة أن هذه كانت رغبة أبيها قبل موته.([55])
– العنف اللفظي والاتهامات المتبادلة في خطابات المرشحين: حيث لُوحظ وجود عنف لفظي في خطابات المرشحين، وخاصة ما جاء في خطابات مرشح الحزب الحاكم وحزب يونيتا من لغة الهجوم، والهجوم المضاد، وهو ما كان يمكن أن ينتج عنه عنف جسدي بين المؤيدين لهم. بالإضافة إلى اتهام الرئيس لورينسو زعيم المعارضة كوستا جونيور بأنه متحالف مع الفاسدين، وله علاقات مالية مع عائلة الرئيس السابق جوزيه سانتوس، وأن حزب يونيتا تلقى أموالاً من أسرة الرئيس الراحل؛ حيث وصفهم الرئيس الحالي لورينسو بأنهم منافقون؛ لكونهم يتهمون حكومته بالفشل في مكافحة الفساد، رغم أنهم يأكلون من طبق الفاسدين الذين فرُّوا من البلاد، بينما يواجهون تهمًا بالفساد وغسيل الأموال في الداخل، إشارة منه إلى أبناء الرئيس الراحل المقيمين بالخارج، كما ادعى أن كوستا جونيور متحالف معهم. وقد رد حزب المعارضة على هذه الاتهامات واصفًا إياها بغير الصحيحة، وأنها ليست سوى لعبة سياسية لكسب الأصوات الانتخابية.([56])
وفي ذات السياق تم اتهام حزب يونيتا بالحصول على تمويل للانتخابات من إسرائيل، والولايات المتحدة، ولكن كوستا جونيور تهكم بتلك الاتهامات، قائلاً: كنت أتمنى لو تلقيتها لأستطيع تنفيذ حملة الحزب؛ لأن موارده قليلة، كما أضاف بأنه لم يستطع تقديم قمصان أو قبعات دعائية للحزب في كثير من الأماكن التي زاروها أثناء الحملة، وبالإضافة إلى ما سبق؛ فقد تم اتهامه بأن زيارته لإسرائيل كانت للحصول على أجهزة حماية إلكترونية إسرائيلية لكي تمنع التنصت على هواتفه المحمولة؛ حيث إن زعيم المعارضة كوستا جونيور له علاقات مع النظام الإسرائيلي، وقام بزيارة عمل إلى إسرائيل قبل أشهر من الانتخابات، وأدى طقوسًا دينية أمام حائط المبكى.([57])
وكذلك من بين الانتقادات التي وجّهها الرئيس لورينسو للمعارضة في أكثر من خطاب: اتهامهم بتنفيذ حملة داخلية وخارجية لتشويه سمعة الانتخابات حتى قبل إجرائها، مطالبًا إياهم بالكفّ عن حملات التشكيك، والقيام بواجبهم في عملية إضفاء المصداقية على الانتخابات، وقد ردت المعارضة على تلك التصريحات، نافية لتلك الاتهامات، معلنة أن طعونها تهدف لمنع المخالفات الانتخابية.([58])
– الرشاوى الانتخابية: حيث قامت بعض الأحزاب بتوزيع سلع تموينية أساسية، ومواد غذائية، ومساعدات طبية وعينية في بعض المناطق؛ من أجل التأثير على الناخبين لشراء أصواتهم، كما حذّرت العديد من المنظمات غير الحكومية من عمليات شراء الأصوات واستغلال حاجة الناخبين، خاصة بعد قيام بعض الأحزاب باستقطاب مجموعات فئوية، ووعدها بمزايا مادية واجتماعية مقابل التصويت لصالحهم. وكذلك انتقدت المعارضة الحزب الحاكم بعد قيامه بتقديم برنامج للقروض الصغيرة للمواطنين في لواندا، قائلة: إن الأحزاب ليست مؤسسة مصرفية تمنح القروض، وقد تم تبرير ذلك الأمر بأن هذه القروض مقدمة من قبل رجال أعمال شركاء للحزب من أجل دعم النساء أصحاب المشروعات التي تتعرض للخسارة.([59])
– استخدام موظفي الحكومة في دعم الحزب الحاكم: حيث تم الحديث عن إجبار موظفي الحكومة في المشاركة في دعم الحملة الانتخابية للحزب الحاكم رغما عنهم، وعمل مضايقات لمن لم يستجب لطلباتهم؛ حيث وجدت ادعاءات بأن المضايقات الحكومية للمعارضة وأنصارها ملحوظة بشكل كبير.
– تدمير الدعاية الانتخابية: حيث وجدت أعمال تخريب وتدمير للمواد الدعائية من قبل أنصار بعض الحزبين الكبار، وسرقة الأعلام والشعارات الحزبية وتمزيقها، وذلك للتضيق على مساحة الدعاية المتعلقة بكل منهم، ومنعها في بعض المناطق.
– تعاقد حزب يونيتا مع شركة إسرائيلية: حيث انتقدت السلطات في أنجولا قيام حزب يونيتا بتعيين شخصية إسرائيلية تدعى “آدي تيمور” لدعم لحملة الانتخابية الخاصة بالحزب؛ حيث اتهمت السلطات أن حزب يونيتا يجنّد جواسيس من إسرائيل للتجسس على أوضاع البلاد، ويعرّض سيادتها للخطر، وليسوا مجرد متخصصين في الانتخابات، كما تم نشر هذه الانتقادات عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي في أنجولا مصحوبة بصور لأشخاص منتمين للشركة الإسرائيلية، مع القول: إنهم مرتبطون بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد. وقد رد مرشح المعارضة كوستا جونيور أنه قام بالفعل بتوقيع عقد مع شركة اتصالات وتسويق إسرائيلية من أجل خدمة حملته الانتخابية، كما قلل من مزاعم السلطات، قائلاً: إن الحكومة الأنجولية نفسها لديه مستشارون من إسرائيل، وكذلك اللجنة الوطنية للانتخابات لها تعاملات مع إسرائيل. وأضاف بأن العديد من القادة العسكريين في أنجولا تدربوا في إسرائيل، بالإضافة إلى قوله: إن إسرائيل شريك لأنجولا في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتدريب الموظفين، والتعليم؛ حيث درس العديد من الأشخاص في مدارس تل أبيب. وأضاف أن هذه الشركة الإسرائيلية التي استعان بها تقدّم خدمات لرئيس موزمبيق فيليبي نيوسي، صديق الحزب الحاكم، كما أشار آخرون إلى أن هذه الشركة قد ساعدت رئيس مالاوي تشاكويرا في الفوز في انتخابات 2020م، وقد اتهم كوستا جونيور الحكومة بالتورط في شنّ هذه الحملة على حزبه واصفًا إياها بالمضللة، كما قدم طلبًا إلى وزير الداخلية ووزير الدولة برئاسة الجمهورية لتوضيح هذا الموقف متهمًا الرئاسة بأنها هي التي تقف وراء هذه الحملة والهراء المنتشر؛ على حد قوله.([60])
– استخدام الكنائس في الدعاية الانتخابية: حيث انتقد عدد من أعضاء المجتمع المدني، ورجال الدين استخدام الكنائس في الدعاية الانتخابية؛ وذلك منعًا لحدوث انقسامات سياسية داخل دور العبادة، ما يُخِلّ بقُدسيتها حسب قول بعض رجال الدين. ورغم تلك الانتقادات فقد كان للكنيسة مجموعة من الأدوار في الانتخابات؛ حيث وجهت الدعوة للأحزاب بإجراء العملية الانتخابية بسلام وتجنُّب العنف، كما قامت الكنائس بطوائفها المتعددة بإقامة قداس ديني كبير يوم 21 أغسطس 2022م قبل الانتخابات بأيام جمع قادة الحكومة والمعارضة وآلاف المواطنين، بحضور الرئيس لورينسو؛ حيث أقيم هذا القداس في استاد العاصمة الأنجولية، تحت شعار “صلوا من أجل الأمة، من أجل انتخابات سلمية”، وبالإضافة إلى ذلك فقد شاركت الكنائس في الرقابة على الانتخابات؛ حيث أرسلت العديد من المراقبين للإشراف على الانتخابات.([61])
المحور الرابع: إجراء الانتخابات، وتحليل النتائج
أ- إجراء الانتخابات:
أجريت العملية الانتخابية في صباح يوم الأربعاء الموافق 24 أغسطس 2022م؛ حيث تم فتح أبواب اللجان الانتخابية في تمام الساعة 7 صباحًا، واستمرت عمليات التصويت حتى الساعة 5 مساءً بالتوقيت المحلي، وقد أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات أن شعار هذه الانتخابات هو “التصويت من أجل السلام والديمقراطية والتنمية”، وفي ذات التوقيت أجريت العملية الانتخابية في خارج البلاد للمواطنين المقيمين في الشتات، في 12 دولة موزعة على ثلاث قارات؛ ففي إفريقيا أجريت في كل من (جنوب إفريقيا، ناميبيا، الكونغو الديمقراطية، جمهورية الكونغو، زامبيا)، وفي أمريكا الجنوبية أجريت في دولة واحدة هي (البرازيل)، أما في أوروبا فأجريت الانتخابات في كل من (البرتغال، ألمانيا، بلجيكا، فرنسا، إنجلترا، هولندا).([62])
وقد أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات أن العملية الانتخابية تمت في هدوء وسلام، وأن التصويت نجح نجاحًا باهرًا، مشيرة إلى أنها لم تتلقَّ أيّ مخالفات تتعلق بالعملية الانتخابية، غير أن بعض المراقبين انتقد تأخر بعض اللجان في فتح موعد التصويت، وكذلك استخدام القلم الرصاص في ملء المحاضر الانتخابية، بالإضافة إلى نقص مندوبي القوائم الانتخابية في مراكز الاقتراع.
ورغبةً من الحكومة في التسويق للعملية الانتخابية أمام المجتمع الدولي وادعاء أنها تشهد نسبة مشاركة واسعة، فقد ناشدت وزيرة الشؤون الاجتماعية كارولينا سيركويرا النساء بالمشاركة والحضور بصورة قوية في هذه الانتخابات؛ حيث درجت العديد من النظم الإفريقية على الاستخدام السياسي للنساء في العملية الانتخابية؛ بحيث تظهر نسبة حضورهم في رفع نِسَب المشاركة أمام الرأي العام الدولي؛ من خلال تصويرهن أمام اللجان وهن يحتفلن ويرقصن أثناء التصويت من أجل إعطاء مشروعية للعملية الانتخابية. كما صوَّت كلّ من رؤساء الأحزاب محاطين بعدد من أنصارهم داخل اللجان، مشجعين أنصارهم على عملية التصويت مرددين عبارات الأمل في تحقيق الفوز. وكذلك قامت قوات الجيش والشرطة بالتصويت في الانتخابات، كما سمح لهم بارتداء الزي الرسمي الخاص بهم أثناء عملية التصويت. وفي ذات السياق حثّ حزب يونيتا الناخبين على التصويت والبقاء أمام اللجان الانتخابية لمراقبة العملية الانتخابية والحفاظ على أصواتهم؛ حتى لا يتم التلاعب بالنتائج، ورفع شعار “صَوِّت واجلسْ”، مما جعل الحزب الحاكم يرد على دعايته ويرفع شعار ” صَوِّت وغَادِرْ”.([63])
وهو ما جعل المتحدث باسم اللجنة الوطنية للانتخابات يصرح بأن على الناخبين عدم البقاء في مراكز الاقتراع بعد التصويت، وانتظار إعلان النتائج في منازلهم؛ منعًا لحدوث احتكاك أو عنف بين أنصار الحكومة، والمعارضة. كما أعلن قائد الشرطة أنه لن يتم السماح للناخبين بالبقاء بالقرب من مراكز الاقتراع؛ لأن ذلك مخالف للقانون؛ حيث تم الإعلان عن حشد 80 ألف شرطي لتأمين العملية الانتخابية. وعقب انتهاء موعد التصويت وإغلاق اللجان، بدأت عمليات فرز الأصوات، تمهيدًا لإعلان النتائج.
ب- تحليل النتائج: في صباح الخميس الموافق 25 أغسطس 2022م، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات عن النتائج المؤقتة للانتخابات بعد فرز 97% من الأصوات المُدْلَى بها، والتي أفادت فوز حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA)) في الانتخابات العامة، يليها حزب المعارضة الرئيسي UNITA))، وفي 29 أغسطس أصدرت اللجنة الوطنية للانتخابات النتائج النهائية للعملية الانتخابية بعد انتهائها من كامل أعمال الفرز؛ حيث صدَّقت على فوز الحزب الحاكم بالانتخابات، ويمكن عرض نتائج الانتخابات، وتحليلها فيما يلي:
1- جدول النتائج النهائية للانتخابات:
م |
اسم الحزب |
اختصار الحزب |
عدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان |
عدد الأصوات التي حصل عليها |
النسبة المئوية |
1 |
الحركة الشعبية لتحرير أنجولا |
MPLA |
124 |
3209429 |
51.17% |
2 |
الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا |
UNITA |
90 |
2756786 |
43.95% |
3 |
حزب التجديد الاجتماعي |
PRS |
2 |
71351 |
1.14% |
4 |
الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا |
FNLA |
2 |
66337 |
1.06% |
5 |
حزب الإنسانية الأنجولي |
PHA |
2 |
63749 |
1.02% |
6 |
التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني – الائتلاف الانتخابي |
CASA- CE |
0 |
47446 |
0.76% |
7 |
حزب التحالف الوطني |
APN |
0 |
30139 |
0.48% |
8 |
الحزب القومي للعدالة في أنجولا |
P- Njango |
0 |
26867 |
0.42% |
كما أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات، أن نسبة مشاركة الناخبين في التصويت بلغت 44.82%، بينما بلغت نسبة الامتناع عن التصويت 55.18%، وهو ما يعني أن أقل من نصف الناخبين المسجلين شاركوا في الاقتراع، وكذلك بلغت نسبة الأصوات الصحيحة 97.18%، بينما بلغت نسبة الأصوات الباطلة 1.15%، كما بلغت نسبة الأوراق البيضاء الفارغة من التصويت 1.67%.([64])
2- تحليل نتائج الانتخابات: من خلال جدول النتائج السابق يمكن أن نقوم بعرض وتحليل لهذه النتائج وذلك فيما يلي:
1- فوز الحزب الحاكم مع تراجع كبير في نسب الفوز: فاز الحزب الحاكم بمنصب الرئيس، ونائب الرئيس، كما حصل على 124 مقعدًا في الجمعية الوطنية ليحافظ على كونه حزب الأغلبية في البرلمان؛ حيث حصل على 67 مقعدًا في الدائرة الوطنية، بجانب حصوله على 57 مقعدًا في دوائر المقاطعات. ورغم كل ما قام به الحزب الحاكم من هندسة للعملية الانتخابية، من أجل ضمان فوزه وبقائه في السلطة، واستطاعته بالفعل تحقيق ذلك الهدف، إلا أن نسبة فوزه على حزب يونيتا كانت بمثابة فارق ليس كبيرًا يمثل فقط حوالي 7.5%، كما أن النسبة التي فاز بها في الانتخابات تمثل أقل نسبة حصل عليها الحزب الحاكم في تاريخه الانتخابي، ووُصِفَت بأنها أسوأ نتائجه منذ الاستقلال؛ حيث نجد أنه فاز في انتخابات 2008م بنسبة 82%، بينما حصل في انتخابات 2012م على نسبة 72%، وفي انتخابات 2017م حصل على نسبة 61%، ثم تأتي هذه الانتخابات ليحصل فيها على نسبة 51.17%، ليخسر نحو مليون صوت مقارنة بانتخابات 2017م، وهو ما يشير إلى التراجع المستمر لشعبية الحزب الحاكم في البلاد.([65])
والمطالع للنتائج التفصيلية يلاحظ كذلك خسارة الحزب الحاكم في العاصمة لواندا التي تُعد أكبر معقل انتخابي في البلاد، بالإضافة إلى خسارته في كلّ من مقاطعة زائير، ومقاطعة كابندا الواقعتين في شمال البلاد. وكذلك نجد أن الحزب الحاكم فقد أغلبية الثلثين التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية من قبل؛ حيث خسر 26 مقعدًا في البرلمان مقارنة بانتخابات 2017م، ورغم حفاظه على الأغلبية المطلقة، لكن ذلك سوف يجعله يواجه معارضة أقوى في البرلمان، وكذلك لن يعد بإمكانه إمرار التعديلات الدستورية منفردًا في البرلمان، فمن اللازم لإمرارها موافقة أغلبية ثلثين أعضاء البرلمان، وهو ما يجبره على عقد صفقات وتقديم تنازلات مع نواب أحزاب المعارضة. ولعل هذا التراجع الذي يواجه الحزب الحاكم يعبّر عن السخط الشعبي الكبير من هيمنة الحزب الحاكم على مقاليد السلطة في البلاد، مع عجزه عن استخدام الإيرادات النفطية الكبيرة في البلاد لتحسين أوضاع المواطنين؛ حيث لا يزال معظم سكان البلاد البالغ عددهم 33 مليون نسمة من بين أفقر سكان العالم، كما أن تلك النتائج تشير إلى أنه في حالة تنظيم انتخابات شفافة، بعيدة عن سيطرة الحزب الحاكم ومؤسساته، من المحتمل فوز المعارضة في الانتخابات بسهولة.
2- استمرار حزب يونيتا في المرتبة الثانية بالبرلمان: رغم كل الجهود التي بذلها حزب يونيتا المعارض للتغيير والتداول السلمي للسلطة، وإنهاء حكم الحركة الشعبية المتواصل على مدار 47 عامًا حتى الآن، لكنه استمر في المرتبة الثانية في البرلمان؛ حيث حصل على 90 مقعدًا في هذه الانتخابات، تنقسم إلى 57 مقعدًا في الدائرة الوطنية، و33 مقعدًا في دوائر المقاطعات، ليعزز ذلك من فرص وجوده في البرلمان بزيادة 39 عضوًا مقارنة بمقاعده في انتخابات 2017م البالغ عددها 51 مقعدًا. ولعل أسباب تصاعد نسب فوز حزب يونيتا، ترجع إلى عدة عوامل؛ أبرزها الشخصية الكاريزمية لمرشح الحزب كوستا جونيور، وخطابه السياسي المؤثر في الناخبين، وخاصة في أوساط الشباب والمثقفين، وبالأخص في العاصمة لواندا، وكذلك تركيزه على إخفاق الرئيس لورينسو في الوفاء بوعوده الانتخابية خلال فترة ولايته الأولى بصورة كبيرة، كما ركز حزب يونيتا على الشباب وحماستهم الكبيرة في إحداث تغيير حقيقي في البلاد يلبّي تطلعاتهم المستقبلية، ويحقق متطلباتهم الحياتية. وبالإضافة إلى ذلك نجاح التحالفات التي أقامها حزب يونيتا في تعزيز نِسَب فوزه في الانتخابات؛ حيث إن ترشيح ” أبيل تشيفوكوفوكو” رئيس التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني (CASA- CE) السابق، على منصب نائب الرئيس على قائمة حزب يونيتا أدَّى إلى تصويت أنصاره ومحبيه لصالح حزب المعارضة، وذلك لكونه شخصية سياسية كبيرة في البلاد، وهذا التحالف بينهم وُصف بأنه “اتحاد اثنين من عمالقة السياسة في أنجولا”، وبالإضافة إلى تحالفه مع فيلومينو فييرا لوبيز، زعيم حزب الكتلة الديمقراطية (BD)، وهو شخصية سياسية بارزة كذلك؛ حيث قدَّم دعمه لكوستا جونيور، وخاصةً بعد ترشح أعضاء من حزبه على قائمة حزب يونيتا، وهو ما عزّز من فرص حزب يونيتا في تحقيق نتائج إيجابية، كما لا ننسى نجاح حزب يونيتا في استقطاب العديد من الشخصيات السياسية المعروفة في البلاد، والعديد من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي أعلنت عن دعمها له، رغبةً منهم في تحقيق تداول سلمي للسلطة في البلاد.
3- حصول ثلاثة أحزاب على مقعدين لكل منها: حيث فاز كل من حزب التجديد الاجتماعي PRS))، وحزب الجبهة الوطنية (FNLA)، وحزب الإنسانية الأنجولي (PHA) بمقعدين لكل حزب منهم؛ حيث استطاع حزب التجديد الاجتماعي الحصول على مقعدين، ليظل محافظًا على مقعديه اللذين فاز بهما في انتخابات 2017م، كما أن حزب الجبهة الوطنية زاد عدد مقاعده لتصبح مقعدين بدلاً من مقعد واحد في انتخابات 2017م، أما حزب الإنسانية فقد فاز بمقعدين رغم مشاركته الأولى في الانتخابات لكونه حزب حديث النشأة.
4- عدم حصول ثلاثة قوائم على أيّ مقاعد في البرلمان: حيث نجد أن التحالف الواسع من أجل الإنقاذ الوطني – الائتلاف الانتخابي (CASA- CE) لم يحصل على أي مقاعد في هذه الانتخابات؛ حيث حصل على نسبة 0.76%، وبتلك النتيجة خسر التحالف مقاعده في البرلمان والبالغ عددها 16 مقعدًا في انتخابات 2017م، كما خسر مرتبته التي كان يتمتع بها كثاني قوة سياسية معارضة في البلاد، ويرجع ذلك إلى حدوث العديد من الانقسامات داخل التحالف، والتي بدأت بطرد رئيسه، ثم إجبار خليفته على الاستقالة، ثم تولي مانويل فرنانديز رئاسة التحالف، وهو لا يتمتع بنفس الكاريزما السياسية التي كان يتمتع بها مؤسس التحالف المطرود، بالإضافة إلى خروج حزب الكتلة الديمقراطية (BD) من تشكيل التحالف، وهو ما أسفر عن سقوط مُدَوٍّ للتحالف في الانتخابات. وفيما يتعلق بحزب التحالف الوطني (APN) فنجد أنه لم يحصل كذلك على أي مقاعد في البرلمان للمرة الثانية على التوالي بعد مشاركته في انتخابات 2017م، والتي حصل فيها على نسبة 0.5٪؛ حيث نلاحظ أنه منذ تأسيسه في 2015م لم يحقق أيّ نجاحات، لكن حصوله في هذه الانتخابات على نسبة 0.48% أدى إلى انتهاء الحزب قانونيًّا من الحياة السياسية، وذلك تطبيقًا لقانون الانتخابات الذي ينص على أن الحزب أو الائتلاف الذي لم يحصل على نسبة 0.5% على الأقل من أصوات الناخبين يعتبر منقرضًا. وهو ما حدث أيضًا للحزب القومي للعدالة في أنجولا (P-Njango)؛ حيث لم يفز بأيّ مقاعد في الانتخابات التي يشارك فيها لأول مرة منذ تأسيسه؛ لكونه حديث النشأة، كما لم يحصل إلا على نسبة 0.42%، وهو ما يجعله منتهيًا من الحياة السياسية وفقًا لقانون الانتخابات.([66])
المحور الخامس: المواقف الداخلية والإقليمية والدولية من الانتخابات
أولاً: المواقف الداخلية من الانتخابات: يمكن عرض المواقف الداخلية المتنوعة من العملية الانتخابية ونتائجها من خلال النقاط التالية:
أ- موقف أحزاب المعارضة: شككت أحزاب المعارضة في العملية الانتخابية بصورة مستمرة، حتى من قبل بدايتها، وهذا يلاحظ من كثرة الطعون والأوامر الزجرية، والطلبات القضائية التي تقدمت بها إلى اللجنة الوطنية للانتخابات، والمحكمة الدستورية؛ حيث كانت ترى أن هناك العديد من المخالفات التي تؤثر في شفافية ونزاهة العملية الانتخابية. وفيما يتعلق بموقفها من النتائج الانتخابية يمكن عرضها فيما يلي:
1- الطعن ضد النتائج المؤقتة والنهائية: عقب إعلان اللجنة الوطنية للانتخابات النتائج المؤقتة أعلن حزب يونيتا في مؤتمر صحفي عن عدم صحة هذه النتائج، مدعيًا أن نتائج الفرز والمحاضر الانتخابية تشير إلى فوز حزب يونيتا في جميع أنحاء البلاد، كما قام الحزب بتقديم شكوى أمام اللجنة الانتخابية بسبب كون إعلان النتائج المؤقتة به مخالفات قانونية، وقد أعلنت اللجنة الانتخابية في 26 أغسطس رفضها للشكوى بدعوى أنها لا تستند إلى أسس قانونية سليمة. وكذلك قدم تحالف (CASA- CE) شكوى أمام اللجنة الانتخابية رفضًا للمخالفات التي تشتمل عليها، غير أنها رفضت كذلك شكواه. وعقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات فقد تقدم حزب يونيتا بطعن ثاني أمام اللجنة الانتخابية، ولكنها رفضت قبول الشكوى.([67])
2- طلب إعادة فرز الأصوات: أعلن كوستا جونيور مرشح حزب يونيتا أنه متأكد أن الحزب الحاكم لم يفز في الانتخابات، وأنه يطالب بإعادة فرز الأصوات من جديد، كما طالب بمقارنة محاضر الفرز الموجودة لدى حزبه وأحزاب المعارضة، بمقارنة محاضر الفرز الموجودة لدى اللجنة الوطنية للانتخابات، كما أضاف أن العد الموازي للأصوات الذي قام به مندوبو الحزب يوضح سلسلة من التناقضات في بيانات اللجنة الوطنية للانتخابات. ويذكر أن حزب يونيتا كان قد أنشأ مركز فرز وفحص موازيًا للأصوات، في مقر الحزب في العاصمة لواندا، وتم دعمه بمستشارين إسرائيليين من ذوي الخبرة في الانتخابات يعملون لصالح حزب يونيتا المعارض.([68])
ومن جانبه أصدر حزب الإنسانية الأنجولي بيانًا انتقد فيه نماذج محاضر مركز الاقتراع التي تم إعدادها من قبل شركة إندرا الإسبانية؛ حيث قال: إن هذه النماذج لا تشير إلى عدد الناخبين فيها، مما يسمح بإضافة ناخبين وهميين بعد انتهاء التصويت، وإن هذه النماذج تخدم مرشحي الحزب الحاكم، ولهذا طالب بضرورة تصحيحها على الفور. كما تم الكشف كذلك عن وجود عدد من بطاقات الاقتراع التي تم إلقاؤها في سلة المهملات، وهو ما يشكك في نزاهة عمليات الفرز الحكومية.
3- الطعن أمام المحكمة الدستورية: بعد إعلان النتائج النهائية تقدم كلّ من حزب (UNITA)، وحزب (BD)، وتحالف (CASA- CE) بالطعن أمام المحكمة الدستورية في النتائج النهائية؛ حيث إنهم طلبوا إجراء فحص قضائي لجميع محاضر الانتخابات للتأكد من صحتها. وقد طلبت اللجنة الوطنية للانتخابات من المحكمة الدستورية عدم الموافقة على تلك الطعون، وهو ما حدث بالفعل؛ حيث رفضت المحكمة الدستورية طعون المعارضة بحجة أنها لا تلتزم بالإجراءات القانونية الشكلية، ولا تمتلك أدلة حتى يتم قبولها، ووصفت نسخ المحاضر المقدمة بأنه تم العبث بمحتواها، وغير مفهومة، وغامضة، وصدقت على النتائج الانتخابية نهائيًّا. ومن جانبها انتقدت المعارضة حكم المحكمة لكونها لم تسأل عن سبب عدم وضوح المحاضر التي هي صور من محاضر اللجنة الوطنية للانتخابات، ولم تطالب المقارنة بينها وبين المحاضر الأصلية الموجودة لدى اللجنة.([69]) وقد وقَّع 9 قضاة على حكم المحكمة الدستورية، ورفضت القاضية جوزيفا نيتو التوقيع على الحكم، وهي قاضية معيّنة مِن قِبَل حزب يونيتا؛ حيث اشتكت من أن الأدلة المقدمة لم يتم تحليلها، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الشكوك بصورة عامة حول النتائج.([70])
4- طلب تدخل لجنة دولية: حيث دعا حزب يونيتا إلى تشكيل لجنة متعددة التخصصات مكونة من اللجنة الوطنية للانتخابات، والأحزاب المشاركة في الانتخابات، بجانب مراقبين محليين ودوليين لمقارنة محاضر الفرز المختلفة الموجودة مع الأحزاب، بالمحاضر الموجودة مع اللجنة الوطنية للانتخابات، غير أن ذلك المطلب لم يتم تحقيقه، بدعوى أن الانتخابات شأن داخلي، ولا يوجد محكمة دولية يحق لها أن تفصل في النزاعات الانتخابية الوطنية، ورأى البعض أن جونيور كان يسعى من ورائه لكسب التعاطف الدولي.([71])
5- تقديم التماس استثنائي ضد قرار المحكمة الدستورية: حيث قام حزب يونيتا يوم 13 سبتمبر بتقديم التماس استثنائي بعدم دستورية قرار المحكمة الدستورية الذي رفض طعن المعارضة المتعلقة بالنزاعات الانتخابية، مع طلبه وقف تنفيذ تلك القرارات فعليًّا، لكون المحكمة لم تقم بفحص العديد من الأدلة المقدمة لها، ولم تلتزم بأحكام الدستور. وقد تم التصريح مِن قِبَل حزب يونيتا بأنه لا يعلّق آمالاً كبيرة على قبول الاستئناف؛ لأن نظام العدالة والقضاء الأنجولي خاضعان لهيمنة الحزب الحاكم؛ على حد وصف حزب يونيتا. كما أضاف أنهم قدموا هذا الاستئناف من أجل تربية المواطن الأنجولي على التمسك بحقوقه حتى استنفاذ كافة الطرق من أجل تحقيق العدالة.([72])
6- إعلان التظاهر والاحتجاج ضد النتائج الانتخابية: حيث أعلن خمسة من أحزاب المعارضة ممثلين في كل من (UNITA)، تحالف (CASA- CE)، (BD)،(FNLA)، PRS)) في بيان وقَّعوا عليه عن تنديدهم بالمخالفات الجسيمة في النتائج التي أعلنتها اللجنة الوطنية للانتخابات، معربين عن قلقهم من الاستعداد لبرنامج تنصيب الرئيس دون الانتهاء من التحقيقات في تلك المخالفات، ولذلك قرروا إنشاء مجموعة عمل لدراسة تنظيم مظاهرات احتجاجية في ربوع البلاد؛ تعبيرًا عن سخطهم، كما شددوا على أن المظاهرات ذات طابع سلمي، وسيتم احترام القوانين والنظام العام أثناء إقامتها، وكذلك التنسيق مع المؤسسات الأمنية، التي طالبتها المعارضة بعدم استخدام القوة وترويع المواطنين.([73])
كما دعت كذلك بعض فصائل المعارضة إلى التظاهر يوم حفل تنصيب الرئيس جواو لورينسو تنديدًا منها بعدم تحقيق العدالة.
من جانبها رفعت القوات المسلحة والشرطة العسكرية حالة التأهب الأمني في البلاد، وعززت الإجراءات الأمنية لحماية المنشآت العامة والمؤسسات الاستراتيجية في البلاد، كما أعلنت قوات الشرطة أنها في حالة تأهب كامل، وتقوم بتكثيف الدوريات في مراكز وضواحي البلاد؛ من أجل منع ارتكاب أي مخالفات أو تخريب للمنشآت العامة؛ حيث انتشرت السيارات المصفحة، والمركبات العسكرية على الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة لواندا. وفي ذات السياق قام العديد من المعترضين على قرارات اللجنة الانتخابية، سواء من أعضاء الأحزاب السياسية، أو جماعات المجتمع المدني، والحقوقيين والصحفيين، بل حتى العديد من المستقلين بالتظاهر والاحتجاج، وذلك في أكثر من منطقة في البلاد، وقد أسفرت تلك الاحتجاجات عن اعتقال العديد من المشاركين فيها، أو حتى الداعين إليها، وهو ما أدى إلى إدانة القمع الممارس مِن قِبَل المؤسسات الأمنية على لسان العديد من المنظمات الحقوقية في البلاد.
وقد قام حزب يونيتا بالفعل بإجراء مظاهرة حاشدة يوم 24 سبتمبر تحت شعار “الأمل والحرية وعدم التحيز”، طالب فيها بسرعة إطلاق السجناء السياسيين؛ حيث ألقى كوستا جونيور خطابًا أدان فيه موجة الاعتقالات والترهيب التي قامت بها أجهزة الأمن ضد منتقدي الحكومة، مجددًا حديثه عن كون الشعب يعرف أن يونيتا هي التي فازت في الانتخابات، كما طالب بالإفراج عن القيادات الشبابية المعارضة التي مازالت في السجون منذ 9 شهور، واعدًا الشعب أن الكتلة البرلمانية في حزبه ستبدأ العمل في الأيام المقبلة للإفراج عن النشطاء ضحايا الاعتقالات التعسفية، وأضاف أنه سيطلب لقاء مع الرئيس لورينسو من أجل معالجة القضايا المختلفة للبلاد، ووعد كذلك بأن حزبه سينظّم العديد من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد من أجل الضغط لتحسين الظروف المعيشية للشعب، وتنفيذ الوعود الانتخابية التي وعدت بها الأحزاب الناخبين.([74])
7- عدم المشاركة في حفل تنصيب الرئيس ونائبته: حيث غاب زعيم حزب يونيتا كوستا جونيور عن حضور حفل تنصيب الرئيس لورينسو، ونائبته؛ وذلك تعبيرًا عن إصراره على موقفه من النزاع الانتخابي، ومن جانبهم فقد أعلن رؤساء أحزاب (PRS)، (PHA)، (FNLA)، عن مشاركتهم في حفل التنصيب؛ تلبيةً للدعوات التي أُرسلت إليهم مِن قِبَل الحزب الحاكم، رغم كونهم أحزابًا معارِضة.([75])
8- إعلان حزب يونيتا تولي نوابه لمناصبهم البرلمانية: حيث وقعت حركة من أجل الحقيقة الانتخابية (MOVER) وهي حركة تضم أكثر من 40 منظمة مجتمع مدني، على عريضة تطالب نواب حزب يونيتا بعدم تولي مناصبهم الفائزين بها في البرلمان، ردًّا منهم على رفض المحكمة طلب إعادة فرز الأصوات، واصفين النتائج بأنها مزورة ولا تتوافق مع الإرادة الشعبية الحقيقية التي تم التعبير عنها في الصناديق، ومن جانبه أطلق حزب يونيتا عملية تشاور في شتى مقاطعات البلاد للاستماع إلى آراء أنصاره، والمتعاطفين معه، ورجال الدين، وأعضاء المجتمع المدني، وذلك “حول ما إذا كان نوابهم يتولون مناصبهم في البرلمان أم لا ؟”، وقد شارك معهم في هذه العملية كل من حزب التجديد الاجتماعي PRS))، والجبهة الوطنية المتحدة (FPU)، وقد أعلن كوستا جونيور قرار الحزب في النهاية، والذي رأى أن يتولى نوابه مناصبهم في البرلمان تلبية للنصائح التي أسفرت عنها عملية التشاور الشعبي، وذلك من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار في البلاد، واعدًا أنصاره بمواصلة المقاومة داخل مؤسسات الدولة؛ لأن النضال خارجها لن يؤدي إلى شيء، خاصةً بعد ارتفاع مقاعد الحزب في البرلمان، والتي ستعزز من عملية تمثيله في العديد من مؤسسات الدولة كمجلس الجمهورية، واللجنة الوطنية للانتخابات.([76])
ب- موقف الحزب الحاكم والمؤسسات المشرفة على الانتخابات:
1- الاحتفال بالفوز وتنصيب الرئيس: من جانبه فقد احتفل الحزب الحاكم والرئيس جواو لورينسو بإعادة انتخابه لولاية ثانية، ووجَّه الشكر للناخبين على إعادة تأكيد ثقتهم فيه، كما أعلن رضاءه عن النتائج، ومن جانب أنصار الحزب الحاكم فقد أطلقوا الاحتفالات في الشوارع ومقرات الحزب، مسرورين بفوز الحزب للمرة الخامسة بالانتخابات في البلاد. وفي يوم 15 سبتمبر أقيم حفل تنصيب الرئيس لورينسو، ونائبته؛ حيث اقتصر على مشاركة 1500 ضيف فقط، وقد أدَّى الرئيس اليمين الدستورية، ووقَّع على فترة ولايته الثانية المحددة من 2022م حتى 2027م، كما ألقى خطابًا عبَّر فيه عن تهنئته للشعب، واصفًا إياه بالفائز الحقيقي في أكثر انتخابات إثارةً للجدل في تاريخ البلاد، كما وجَّه الشكر للجنة الوطنية للانتخابات، والمحكمة الدستورية، والمراقبين على الانتخابات، وقد تضمَّن خطابه العديد من الوعود التي من بينها أن يكون رئيسًا لجميع أبناء الشعب، ومواصلة العمل على تطوير البنية التحتية، وتوفير الطاقة والمياه النظيفة، وتعزيز دور القطاع الخاص، وخلق المزيد من فرص العمل، ومكافحة الجفاف الشديد في جنوب البلاد.([77])
2- مطالبة الحزب الحاكم بمحاكمة حزب يونيتا بتهمة التزوير: حيث طالب سكرتير الإعلام والدعاية بالحركة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA) من السلطات القضائية في البلاد تحميل حزب يونيتا المعارض المسؤولية الجنائية، متهمًا إياه بتقديم وثائق مزورة أثناء نزاعه الانتخابي أمام المحكمة الدستورية، لكنَّ الفقهاء القانونيين في أنجولا أشاروا إلى أنه على الحزب الحاكم إثبات أن تلك الوثائق مزورة، وهو ما لم يحدث، كما أن مطالبه اعتُبِرَت مجرد ردود لثني حزب يونيتا عن طعونه ضد المخالفات الانتخابية.([78])
3- موقف اللجنة الوطنية للانتخابات، والمحكمة الدستورية: قامت اللجنة الوطنية للانتخابات CNE)) بدور كبير خلال العملية الانتخابية في دعم الحزب الحاكم حتى النهاية، وهو ما يكشف عن عدم حيادها أمام الرأي العام وتبعيتها للنظام، كما أنها رفضت الطعون الانتخابية التي قدمتها المعارضة، بجانب تصديها لأربعة من أعضائها كانوا قد رفضوا التوقيع على المحضر النهائي للنتائج المؤقتة، بحجة وجود استغلال سياسي، وقيود فرضت عليهم في ممارسة صلاحيتهم في اللجنة؛ حيث ذكروا أنه لم يتمكن إلا خمسة فقط من أعضاء اللجنة البالغ عددها 17 عضوًا، من جدولة النتائج، كما شككوا كذلك في الالتزام بلائحة مراقبة الانتخابات، وقد قامت اللجنة الوطنية للانتخابات برفض تلك التصريحات منهم، وهددتهم بتوقيع إجراءات تأديبية ضدهم من بينها الطرد من اللجنة.([79]) وكذلك دعمت المحكمة الدستورية TC)) الحزب الحاكم ورفضت الطعون التي قدَّمتها المعارضة، وصدقت على النتائج النهائية، وقد أعلنت كل من اللجنة الوطنية للانتخابات، والمحكمة الدستورية أنها أشرفت على الانتخابات بنزاهة وشفافية.
ج- موقف المجتمع المدني:
فيما يتعلق بمواقف منظمات المجتمع المدني؛ فإنها تدور حسب توجهات وولاءات كل منها، فنجد العديد منها التي تتبع الحزب الحاكم قد أعلنت عن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية ورحَّبت بالنتائج، بينما المنظمات المعارضة قد انتقدت العملية الانتخابية والنتائج ومن بينها ما يلي:
1- الحركة المدنية مودي (Mudei): فمن جانبها شككت في نزاهة العملية الانتخابية، بسبب كثرة المخالفات التي أحاطت بها، كما أنها قامت بعمليات فرز موازٍ للأصوات، وانتهت من خلاله إلى عدم فوز الحزب الحاكم بالانتخابات، كما أنها طالبت اللجنة الوطنية للانتخابات بإعادة فرز الأصوات، ومقارنة جميع المحاضر الانتخابية، كما أعلن منسّق الحركة الناشط السياسي لواتي بيراو أن نتائج الانتخابات تفيد التعادل بين الحزبين بنسبة 48%، مع وجود زيادة في الأصوات لصالح حزب يونيتا المعارض.([80])
ويذكر أن لواتي بيراو منسق الحركة هو مغني راب وناشط سياسي بدأت شهرته في 2011م بعد حادثة نقده لنجل الرئيس الراحل جوزيه سانتوس علانية في حفل موسيقي مطالبًا إياه أن يبلّغ والده بالتنحي عن السلطة، وقد حُكِمَ عليه فيما بعد بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة التخطيط للإطاحة بالرئيس، وبعد إضرابه عن الطعام هو ورفقاؤه المسجونون، تم تخفيف الحكم عليهم إلى الإقامة الجبرية، حتى قام بالاستئناف ضد الحكم ليحصل على حريته لاحقًا. ويُذْكَر أيضًا أنَّ حركة مودي انتقدت أحكام المحكمة الدستورية واصفة إياها بغير العادلة، كما طالب منسّق الحركة من نواب يونيتا بعدم تولي مناصبهم في البرلمان، قائلاً لهم: إن قبولكم تولي المناصب يعني كونكم متواطئين في جريمة ضد الشعب الأنجولي؛ لأنهم بذلك يعطون شرعية للانتخابات في وجهة نظره.
2- ناشطو حركة (15+2): وهي حركة سياسية معارضة تضم 15 ناشطًا من الذكور وامرأتين، تم اعتقالهم في عهد الرئيس الراحل جوزيه سانتوس لمواقفهم المعارضة، وضبطهم وهم يقرؤون كتاب “من الديكتاتورية إلى الديمقراطية” للكاتب الأمريكي جين شارب، واتهامهم بالتحضير للتمرد ضد الرئيس وحكومته. حيث أعلن الناشط أوسفالدو كاهولو عن رفضه لنتائج الانتخابات، معلنًا عن وجود خطة للاحتجاجات، منتقدًا تولي أعضاء حزب يونيتا لمناصبهم في البرلمان واصفًا ذلك بالخيانة للشعب؛ لأنهم من وجهة نظره أقاموا حروبًا سياسية لا داعي لها أسفرت عن تضحيات العديد من الشباب، ولكن قيادات حزب المعارضة بقبولهم النتائج في النهاية سيعيشون حياة طيبة، كما وصفهم بأنهم لا يمثلون واقع المعارضة، فالمعارضة هم أبناء الشعب الفقراء، خلافًا لقيادات حزب يونيتا الذين يتعلم أبناؤهم في الخارج بالمدارس البرتغالية والفرنسية، ويتعالجون في أفخم المستشفيات الدولية، بينما العديد من أبناء الشعب عاجزون عن الوصول لحقنة.([81])
3- المرصد الانتخابي الأنجولي (Obea): حيث شارك هذا المرصد في مراقبة الانتخابات، وقدم العديد من الملاحظات والتقارير حول العملية الانتخابية، والتي من بينها وصفه بوجود قصور ومخالفات أضعفت شفافية العملية الانتخابية، وهو نفس الوصف الذي أعلنه اتحاد الصحفيين الأنجوليين.
4- منظمة OMUNGA لحقوق الإنسان: حيث انتقدت قيام قوات الشرطة باستخدام القمع والعنف والاعتقالات ضد المدنيين الرافضين للنتائج الانتخابية، كما وجهت رسالة إلى المدعي العام والنيابة العامة في البلاد للتحقيق مع قوات الشرطة التي قامت باعتقال العديد من النشطاء الشباب بدون تُهَم، وطالبت بسرعة إطلاق سراحهم، وكذلك طالبت بعدم استخدام القمع ضد المحتجين السلميين واحترام حق التظاهر.([82])
د- الموقف الشعبي:
فيما يتعلق بالموقف الشعبي من الانتخابات فهو مقترن إلى حد كبير بموقفه من الحزب الحاكم للبلاد منذ الاستقلال حتى الآن، والذي أخفق في تحويل عوائد الموارد النفطية والمعدنية في أنجولا لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للشعب؛ حيث تشير التقارير والمؤشرات الدولية إلى أن نحو نصف سكان أنجولا يعيشون تحت خط الفقر، كما أن أكثر من نصف السكان يبلغ سنهم أقل من الخامسة والعشرين، ولكنهم عاطلون عن العمل، هذا بجانب إخفاق الرئيس لورينسو في ولايته الأولى عن تحقيق وعوده للشعب بأن يكون رجل المعجزة الاقتصادية، بل إن رفعه شعار مكافحة الفساد في البلاد رغم ما حققه من بعض النجاحات، إلا أنه كان محلاً للعديد من الانتقادات من بينها اتهام الرئيس بالانتقائية في عمليات مكافحة الفساد؛ حيث لا يزال هناك العديد من الشخصيات المعروف عنها المشاركة في عمليات الفساد، ولم يتم التعرض لها مثل إلدتروديس كوستا مدير ديوان مكتب رئيس الجمهورية، والذي نظمت مظاهرات من أجل استقالته مِن قبل بسبب اتهامه بالفساد ومنح العقود العامة للدولة لشركات خاصة به، هذا بالإضافة إلى تعرض الرئيس لورينسو نفسه للنقد، بعد تولي ابنته كريستينا دياس لورينسو منصب المدير التنفيذي لبورصة أنجولا (BODIVA)، وهو ما اعتبره البعض بمثابة عمل من أعمال المحسوبية والفساد، الذي يتعارض مع قيام الرئيس لورينسو برفع شعار مكافحة الفساد.([83])
بل تم اتهامه شعبيًّا بالسير على نهج الرئيس الراحل جوزيه سانتوس الذي عين ابنته إيزابيل دوس سانتوس (المعروفة بلقب أغنى امرأة في إفريقيا) كمديرة لشركة النفط العامة في البلاد Sonangol))، والتي أقالها الرئيس لورينسو بعد توليه منصبه في 2017م، وتم اتهامها باختلاس نحو 38 مليون دولار من أموال الشركة وتحويلها للخارج، كما تم إقالة أخيها غير الشقيق خوسيه فيلومينو دوس سانتوس، والذي كان يتولى منصب رئيس صندوق الثروة السيادية، وتم اتهامه بتحويل 500 مليون دولار من أموال الصندوق لحسابات مصرفية بالخارج، وكذلك تم اتهامه بعمليات غسيل أموال، وقد حكم عليه القضاء في أغسطس 2020م بالسجن 5 سنوات بعد إدانته بغسيل الأموال، واستغلال النفوذ، والاحتيال. كما انتقد البعض الطريقة التي تتعامل بها حكومة الرئيس لورينسو مع ملف مكافحة الفساد؛ حيث تم وصفها بعبارة “لقد أزالوا الفاسدين القدامى، وخلقوا فاسدين جددًا”، ولعل نسبة امتناع الناخبين عن المشاركة في الانتخابات التي بلغت 55.18% توضح حالة السخط الشعبي واليأس من الانتخابات.
ثانيًا: المواقف الإقليمية من الانتخابات:
أما فيما يخص المواقف الإقليمية من الانتخابات فنجد أن بعثات المراقبة الإقليمية التي أشرفت على الانتخابات قد أعلنت عن موقفها الإيجابي من الانتخابات، ووصفتها بالسلمية، والشفافة، مع تقديمها لعدد من الملاحظات غير المؤثرة والتي أوصت بمراعاتها مستقبلاً عند إجراء عمليات انتخابية قادمة. وفيما يخص مواقف الحكومات الإفريقية فنجد أن العديد منها رحَّب بإعادة فوز الرئيس لورينسو بولاية رئاسية ثانية، وأرسلوا برقيات التهاني إليه، كما شارك في حفل تنصيب الرئيس لورينسو، رؤساء دول كلّ من غينيا بيساو، والرأس الأخضر، وساوتومي وبرينسيبي، وغينيا الاستوائية، وجمهورية الكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية إفريقيا الوسطي، وزامبيا، وزيمبابوي، وناميبيا. بالإضافة إلى مشاركة العديد من الوزراء والدبلوماسيين الأفارقة نيابة عن رؤساء الدول الذين لم يشاركوا بأنفسهم في حفل التنصيب.([84])
ثالثًا: المواقف الدولية من الانتخابات:
1- موقف البعثات الدولية: أشادت البعثات الدولية التي شاركت في مراقبة الانتخابات بالبيئة السلمية التي شابت العملية الانتخابية، كما أوصى البعض منها السلطات القضائية بضرورة النظر في النزاعات الانتخابية المتعلقة بالنتائج من أجل تحقيق قواعد العدالة بين جميع الأحزاب المتنافسة.
2- موقف القوى الدولية: شاركت العديد من القوى الدولية في إرسال مراقبين للإشراف على الانتخابات، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وغيرهم، كما أصدر وزير الخارجية الأمريكي بيانًا عبَّر فيه عن تهنئة الولايات المتحدة للرئيس لورينسو بمناسبة فوزه، بالإضافة إلى قيام عدة دول بإرسال برقيات تهاني للرئيس لورينسو،، بل شاركت العديد من الدول بمندوبين نيابة عنها في حفل تنصيب الرئيس.
3- موقف البرتغال: بوصفها القوة الاستعمارية السابقة لأنجولا، فقد كانت البرتغال حاضرةً بقوة في المشهد الانتخابي؛ حيث أرسلت مراقبين لمراقبة الانتخابات، بالإضافة إلى قيام الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، “نجل الحاكم الاستعماري السابق لموزمبيق بالتازار دي سوزا”، بلقاء زعيم المعارضة كوستا جونيور والوفد المرافق له، أثناء حضوره لأنجولا للمشاركة في جنازة الرئيس الراحل جوزيه سانتوس؛ حيث التقى بهم في الفندق محل إقامته، وتم مناقشة النزاع الانتخابي، وخاصة مطالبهم المتعلقة بإعادة فرز الأصوات، ومقارنة محاضر الفرز، لكنه أعلن في تصريح موجز للصحفيين أن الاجتماع مع المعارضة كان متعلقًا بشؤون وطنية داخلية لأنجولا، وأن الأمر ليس له علاقة بالتدخل الدولي، كما أضاف أن البرتغال لا يحق لها التدخل في ذلك الأمر الداخلي، على الرغم من كونهم أصدقاء، ويتمثل دورها فقط في الاستماع. كما التقى كذلك بالرئيس لورينسو، ولم يصرح عن محتوى المحادثات التي تمت أثناء لقائه بطرفي النزاع. بالإضافة لذلك فقد كان الرئيس البرتغالي هو الرئيس الأوروبي الوحيد الذي شارك في حضور حفل تنصيب الرئيس لورينسو، مما جعل البعض ينتقد حضوره ويصفه بأنه جاء ليقدم الدعم للحزب الحاكم ورئيسه؛ نظرًا للمصالح التي تحصل عليها البرتغال من أنجولا وتود استمرار النظام حفاظًا على مصالحها.([85])
الخاتمة:
تقييم العملية الانتخابية، والتحديات المستقبلية للنظام والمعارضة
في ختام هذه الدراسة يمكن أن نقوم بتقييم لهذه الانتخابات، مع ذكر أبرز التحديات المستقبلية التي ستواجه الحزب الحاكم، والمعارضة في البلاد؛ وذلك فيما يلي:
أولاً: تقييم العملية الانتخابية في البلاد:
اشتملت العملية الانتخابية على مجموعة من المزايا، مصحوبة بعدد من العيوب والانتقادات، والتي يمكن عرضهما فيما يلي:
أ- المزايا: تتمثل أبرز المزايا التي تمت ملاحظتها في هذه الحالة الانتخابية فيما يلي:
1- غياب الحديث عن الصراع والتصويت الإثني في المشهد الانتخابي: فرغم أن أنجولا كغيرها من دول إفريقيا جنوب الصحراء لديها تنوُّع إثني، وقد كان موضوع الصراع الإثني ظاهرًا مِن قبل خلال مرحلة الحرب الأهلية، لكن لاحظنا أن هذا الأمر غير ظاهر على السطح في هذه العملية الانتخابية، كما حاولنا البحث عن مصادر تشير إليه؛ لكنه كان مِن قبيل المسكوت عنه، وقد يرجع هذا إلى أن المشهد الانتخابي في أنجولا يهيمن عليه نظام الحزبين؛ الحزب الحاكم بأيديولوجيته السياسية، في مقابل حزب المعارضة بتفاعلاته التاريخية، وهو ما ساعد في رفع راية الولاءات الحزبية، مع غياب إعلاء الولاءات الإثنية.
2- غياب العنف الانتخابي: حيث أجريت العملية الانتخابية بسلام، ولم يكن هناك أعمال عنف إلا في صورة ضيقة للغاية، وهو من الأمور الإيجابية رغم ارتفاع وتيرة المنافسة الانتخابية.
ب- الانتقادات: فيما يتعلق بالانتقادات المتعلقة بالعملية الانتخابية فتتمثل فيما يلي:
1- عدم حياد وتسيس المؤسسات العامة: وعلى رأسها اللجنة العليا للانتخابات، والمحكمة الدستورية وانحيازهما الواضح للحزب الحاكم، بالإضافة إلى كون العملية الانتخابية تمَّت هندستها بصورة شبه كاملة من قبل الحزب الحاكم، فهي تُعدّ مِن قبيل عمليات الانتخابات المدارة.
2- وجود العديد من الشركات الأجنبية والخاصة في المشهد الانتخابي: وذلك مثل شركة إندرا الإسبانية التي قامت بإعداد المواد الانتخابية رغم اتهامها بغياب النزاهة، ومن العجيب أن تكون دولة مثل أنجولا وهي المنتج الرئيسي للنفط الخام في إفريقيا، وفقًا لمنظمة أوبك، بعد انتزاعها لهذا اللقب من نيجيريا مؤخرًا، ولا تستطيع أن تقوم بطباعة المواد الانتخابية اللازمة داخل البلاد.
3- الحضور الإسرائيلي في المشهد الانتخابي: حيث قام حزب يونيتا المعارض باللجوء لشركة إسرائيلية لدعم حملته الانتخابية، وهو ما يؤدي إلى القلق والمخاوف من هذه الشركات التي تسعى في المقام الأول لخدمة أجندة النظام الصهيوني، والذي يمكن أن يقوم من خلال تدخل تلك الشركات في المشهد الانتخابي بصناعة أزمة تؤدي إلى حرب أهلية، حتى تفسح المجال للشركات الإسرائيلية في الاستحواذ على المعادن الإفريقية كالألماس مقابل تمويل أمراء الحرب بالسلاح، بل وكذلك دعمها لحركات المعارضة في الوصول إلى السلطة يؤدي بطريقة مباشرة إلى توطيد علاقاتهم بالكيان الصهيوني بعد وصولهم للرئاسة، وبالتالي إعطاء مساحة أكبر للتغلغل الصهيوني في إفريقيا، ويضر بمصالح العلاقات العربية الإفريقية، ولهذا نقترح عمل تشريع قانوني يمنع الاستعانة بالشركات الأجنبية في تنظيم العمليات الانتخابية أو حتى في الدعاية الحزبية الخاصة بها.
ب- التحديات المستقبلية للنظام والمعارضة:
1- التحديات المستقبلية للنظام: يواجه النظام الحاكم في أنجولا العديد من التحديات المستقبلية، وخاصة بعد تراجع نسبة فوزه في هذه الانتخابات، وتتمثل تلك التحديات في وفاء رأس النظام وحكومته بوعودهم الانتخابية، وخاصة تنويع مصادرها الاقتصادية، وعدم اعتمادها على النفط بشكل مفرط، وكذلك العمل على رفع معدلات التنمية الاقتصادية، وتقليل معدلات التضخم، والبطالة، والفقر، بجانب العمل على تسديد ديون البلاد الخارجية، وخاصة ديون القروض الصينية التي بلغت نحو 19 مليار دولار، والتي تمثل حوالي 40% من الدين الخارجي. كما أن برنامج الخصخصة الذي تسعى الحكومة لتنفيذه في البلاد، من خلال بيع حصص الدولة في شركات النفط، والألماس من التحديات التي ستواجه كذلك الحزب الحاكم.
2- التحديات المستقبلية للمعارضة: بعد ارتفاع مقاعد المعارضة في الجمعية الوطنية، مع ارتفاع رصيدها الشعبي، وتعليق العديد من الآمال عليها في تحقيق حلم التغيير؛ فإن ذلك سيفرض عليها العديد من التحديات المستقبلية، وأهمها: الوفاء بوعودها الانتخابية، وكذلك مشاركتها في تنظيم الانتخابات المحلية المتأخرة، والتي تأمل المعارضة أن تفوز فيها بنسب كبيرة، خاصة بعد فوزها على الحزب الحاكم في هذه الانتخابات بالعاصمة لواندا التي تمتلك نحو 30% من أصوات الناخبين، وهو ما يزعج الحزب الحاكم، ويجعل البعض يشكك في تنظيمه للانتخابات المحلية؛ حيث تقول المعارضة: إنه لن يجري الانتخابات المحلية إلا عندما يضمن أنه سوف يفوز فيها، وبالتالي فإن تحدّي إرغام النظام الحاكم على إجراء الانتخابات المحلية يعد من أكبر التحديات المستقبلية التي ستواجه المعارضة، بالإضافة إلى أن الفترة المقبلة في البلاد ستشهد حالة من الزخم السياسي بين النظام والمعارضة، خاصة مع استمرار تطلُّع المعارضة وتصميمها على تحقيق التغيير، ووصولها إلى كرسي السلطة، وهو ما يمكن أن يحدث في الانتخابات العامة التي ستشهدها أنجولا في 2027م.
([1](-CONSTITUIÇÃO DA REPÚBLICA DE ANGOLA 2010 , p. p 47,48 .
([2](-Ibid , p. p ,47, 49 ,52,54,55.
([3](-Ibid , p. p , 48 .
([4](-Ibid , p. p , 66,67 .
([5]-(“Lei de Revisão Constitucional já está em Diário da República ” , at , https://www.jornaldeangola.ao/ao/noticias/lei-de-revisao-constitucional-ja-esta-em-diario-da-republica , 18/8/2021م .
([6](-“João Lourenço vai marcar eleições gerais para 24 de Agosto” , at , https://www.voaportugues.com/a/6601551.html , 3/6/2022.
([7]“-(Angola: Tribunal Constitucional divulga lista de candidatos às eleições” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-tribunal-constitucional-divulga-lista-de-candidatos-%C3%A0s-elei%C3%A7%C3%B5es/a-62276933 , 27/6/2022.
([8](-“Guerra Civil de Angola: de 1975 aos Dias de Hoje” , at , https://www.natgeo.pt/historia/2019/08/guerra-civil-de-angola-de-1975-aos-dias-de-hoje , 28/8/2019 .
([9](-“MPLA vence com 61,70% dos votos em Angola” , at , https://www.dn.pt/mundo/angolaeleicoes-mpla-vence-com-6170-dos-votos—cne-8727330.html , 25/8/2017.
([10](-“Síntese Biográfica” ,at , https://governo.gov.ao/ao/presidencia/presidente .
([11]-(Manuel Luamba ; “Ilustre desconhecida” é candidata do MPLA a vice-Presidente” , at , https://www.dw.com/pt-002/ilustre-desconhecida-%C3%A9-candidata-do-mpla-a-vice-presidente/a-61920072 , 24/5/2022 .
([12]-(Venâncio Rodrigues ;” Angola: Mais mulheres e jovens nas listas de candidatos a deputados ” , at , https://www.voaportugues.com/a/angola-mais-mulheres-e-jovens-nas-listas-de-candidatos-a-deputados/6704051.html ,16/8/2022.
([13](-Idem .
([14] “-(Elections in Angola ” , at , https://africanelections.tripod.com/ao.html .
([15](-“Eleições de 2012 em Angola” , at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-de-2012-em-angola/a-16070052 ,20/9/2012.
([16]-(Cláudio Silva ; ” Angola 2022: Can Adalberto Costa Júnior wrest power from President Lourenço?” , at , https://www.theafricareport.com/186563/angola-2022-can-adalberto-costa-junior-wrest-power-from-president-laurenco , 28/3/2022.
([17]“-(Angola Fala Só: Bilhete Identidade Adalberto Costa Junior”, at , https://www.voaportugues.com/a/angola-fala-so-bilhete-identidade-adalberto-costa-junior/2987400.html , 1/10/2015.
([18]“-(Lista da UNITA: Adalberto Costa Júnior à frente, Chivukuvuku é número 2″ , at , https://www.dw.com/pt-002/lista-da-unita-adalberto-costa-j%C3%BAnior-%C3%A0-frente-chivukuvuku-%C3%A9-n%C3%BAmero-2/a-62212455 , 21/6/2022.
([19](-Manuel José ; ” Frente Patriótica Unida rejeita acusação de que poderá ser illegal ” , at , https://www.voaportugues.com/a/frente-patri%C3%B3tica-unida-rejeita-acusa%C3%A7%C3%A3o-de-que-poder%C3%A1-ser-ilegal-/6517991.html , 7/4/2022.
([20]-(“Bloco Democrático diz que está a fazer “esforço” pela “alternância”, at , https://www.dw.com/pt-002/bloco-democr%C3%A1tico-diz-que-est%C3%A1-a-fazer-esfor%C3%A7o-pela-altern%C3%A2ncia/a-62253035 , 24/6/2022.
([21]-(Nelson Francisco ; ” Benedito Daniel quer generalizar a participação política em Angola”, at , https://www.dw.com/pt-002/benedito-daniel-quer-generalizar-a-participa%C3%A7%C3%A3o-pol%C3%ADtica-em-angola/a-62408428 , 8/7/2022
([22]-(Nelson Francisco ; “Nimi Ya Simbi promete “fazer tudo para acabar com a fome” , at , https://www.dw.com/pt-002/nimi-ya-simbi-promete-fazer-tudo-para-acabar-com-a-fome/a-62721834 , 5/8/2022.
([23]-(Borralho Ndomba ; ” APN quer firmar sua base eleitoral em Angola ” , at , https://www.dw.com/pt-002/apn-quer-firmar-sua-base-eleitoral-em-angola/a-61569906 , 23/4/2022.
([24]-(“Eleições: Partido Humanista Angolano sem lista de deputados nos circulos provinciais” , at , https://novojornal.co.ao/politica/interior/eleicoes-gerais-partido-humanista-angolano-sem-lista-de-deputados-nos-circulos-provinciais-108775.html , 28/6/2022.
([25](-Nelson Francisco ; ” Dinho Chingunji quer “servir o povo”, at , https://www.dw.com/pt-002/dinho-chingunji-quer-servir-o-povo/a-62636301 , 29/7/2022.
([26](-Manuel Luamba ; ” Abel Chivukuvuku destituído da liderança da CASA-CE” , at , https://www.dw.com/pt-002/abel-chivukuvuku-destitu%C3%ADdo-da-lideran%C3%A7a-da-casa-ce/a-47691703 , 26/2/2019.
([27](-Manuel Luamba ; “Angola: Manuel Fernandes é o novo presidente da CASA-CE ” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-manuel-fernandes-%C3%A9-o-novo-presidente-da-casa-ce/a-56515098 , 9/2/2021م.
([28](-“Manuel Pereira da Silva é o presidente da CNE” , at , https://www.jornaldeangola.ao/ao/noticias/detalhes.php?id=442810 , 16/1/2020.
([29](-“Catorze Milhões trezentos e noventa e nove mil, duzentos e noventa e um cidadãos maiores estão habilitados para votar no dia 24 de Agosto de 2022” , at , https://www.cne.ao/noticia/Catorze+Milh%C3%B5es+trezentos+e+noventa+e+nove+mil%2C+duzentos+e+noventa+e+um+cidad%C3%A3os+maiores+est%C3%A3o+habilitados+para+votar+no+dia+24+de+Agosto+de+2022 , 14/6/2022.
([30](-“UNITA apresenta reclamação devido a “irregularidades” nos cadernos eleitorais” , at , https://www.dw.com/pt-002/unita-apresenta-reclama%C3%A7%C3%A3o-devido-a-irregularidades-nos-cadernos-eleitorais/a-62606173 , 26/7/2022.
([31]-(“Angola: Petição exige à CNE purga de milhões de falecidos dos cadernos eleitorais” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-peti%C3%A7%C3%A3o-exige-%C3%A0-cne-purga-de-milh%C3%B5es-de-falecidos-dos-cadernos-eleitorais/a-62736273 , 7/8/2022.
([32](-” TC de Angola indeferiu providência cautelar da Unita e do Bloco Democrático” , at , https://www.rfi.fr/pt/angola/20220524-tribunal-constitucional-de-angola-indeferiu-provid%C3%AAncia-cautelar-da-unita-e-do-bloco-democr%C3%A1tico , 24/5/2022.
([33]-(” Angola: CNE confia na Indra para as eleições ” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-cne-confia-na-indra-para-as-elei%C3%A7%C3%B5es/a-60751401 , 11/2/2022
([34]“-(UNITA avisa que não vai aceitar fraude nas eleições de Angola”, at , https://www.dw.com/pt-002/unita-avisa-que-n%C3%A3o-vai-aceitar-fraude-nas-elei%C3%A7%C3%B5es-de-angola/a-16085952 , 10/7/2012.
([35](-Eleições angolanas: Oposição denuncia suposta “manipulação” , at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-angolanas-oposi%C3%A7%C3%A3o-denuncia-suposta-manipula%C3%A7%C3%A3o/a-38737568 , 6/5/2017 .
([36]“-(Nelson Francisco ; “Angola: UNITA apresenta providência cautelar contra empresa Indra” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-unita-apresenta-provid%C3%AAncia-cautelar-contra-empresa-indra/a-61845825 , 19/5/2022.
([37]“-(UNITA: “Há 15.000 intervenientes externos nas eleições gerais de Angola” , at , https://www.dw.com/pt-002/unita-h%C3%A1-15000-intervenientes-externos-nas-elei%C3%A7%C3%B5es-gerais-de-angola/a-61916993 , 24/5/2022 .
([38]-(Amós Fernando; ” Fraude eleitoral em Angola? Quatro pontos polémicos” , at , https://www.dw.com/pt-002/fraude-eleitoral-em-angola-quatro-pontos-pol%C3%A9micos/a-62829119 , 17/8/2022 .
([39](-“CNE contrata empresa de “Kopelipa” para transporte das urnas eleitorais” , at , https://www.club-k.net/index.php?option=com_content&view=article&id , 21/2/2021م .
([40](-Manuel Luamba ; ” Angola: Ativistas querem cancelar as eleições e preparam marcha” at , https://www.dw.com/pt-002/angola-ativistas-querem-cancelar-as-elei%C3%A7%C3%B5es-e-preparam-marcha/a-62816366 , 15/8/2022.
([41](-“Centro Carter, União Europeia e mais sete organizações vão observar eleições em Angola” , at , https://www.voaportugues.com/a/centro-carter-uni%C3%A3o-europeia-e-mais-sete-organiza%C3%A7%C3%B5es-v%C3%A3o-observar-elei%C3%A7%C3%B5es-em-angola/6631921.html , 24/6/2022.
([42]-(“Plenário da CNE delibera que não haverá votação antecipada nas eleições de 24 de Agosto” , at , https://www.cne.ao/noticia/Plen%C3%A1rio+da+CNE+delibera%C2%A0que%C2%A0n%C3%A3o+haver%C3%A1+vota%C3%A7%C3%A3o , 24/6/2022.
([43]-(Alvaro Ludgero Andrade ; “Presidente da UNITA em “ofensiva exclusiva” para garantir observadores eleitorais e não “amigos do MPLA” , at , https://www.voaportugues.com/a/presidente-da-unita-em-ofensiva-exclusiva-para-garantir-observadores-eleitorais-e-n , 12/3/2022.
([44](-VENÂNCIO RODRIGUES ; “Partidos angolanos dizem que verba do Estado não satisfaz necessidades de campanha” , at https://www.voaportugues.com/a/partidos-angolanos-dizem-que-verba-do-estado-n%C3%A3o-satisfaz-necessidades-de-campanha/6586038.html , 23/5/2022.
([45](-“ELEIÇÕES: Ministério das Finanças já depositou dinheiro nas contas dos partidos” , at , https://factosdiarios.com/eleicoes-ministerio-das-financas-ja-depositou-dinheiro-nas-contas-dos-partidos .
([46]-(“Angola: Oposição vai angariar fundos para reforçar campanha eleitoral” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-oposi%C3%A7%C3%A3o-vai-angariar-fundos-para-refor%C3%A7ar-campanha-eleitoral/a-62459944 , 13/7/2022.
([47](-Nelson Francisco ; ” Angola: Campanha eleitoral arranca com distúrbios e feridos em Luanda ” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-campanha-eleitoral-arranca-com-dist%C3%BArbios-e-feridos-em-luanda/a-62580140 , 24/7/2022.
([48](-“Angola: MPLA nega envolvimento em passeata de motoqueiros em Luanda”, at , https://www.dw.com/pt-002/angola-mpla-nega-envolvimento-em-passeata-de-motoqueiros-em-luanda/a-62624676 , 28/7/2022.
([49](-Adolfo Guerra ; “Eleições em Angola: Programas dos partidos não convencem eleitores” , at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-em-angola-programas-dos-partidos-n%C3%A3o-convencem-eleitores , 18/8/2022.
([50](-Stélio Guibunda ; “Eleições: Adalberto Costa Júnior promete reformar Angola” , at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-adalberto-costa-j%C3%BAnior-promete-reformar-angola/a-62002934 , 1/6/2022.
([51](-Borralho Ndomba ; ” Eleições em Angola: “Sr. Presidente, queremos um debate”, at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-em-angola-sr-presidente-queremos-um-debate/a-62592348 , 26/7/2022.
([52](-“Comunicação social pública angolana criticada no âmbito da campanha eleitoral” , at , https://www.rfi.fr/pt/angola/20220726-comunica%C3%A7%C3%A3o-social-p%C3%BAblica , 26/7/2022.
([53](-António Cascais ; “Angola: MPLA acusado de “inventar” sondagem eleitoral que lhe dá vitória” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-mpla-acusado-de-inventar-sondagem-eleitoral-que-lhe-d%C3%A1-vit , 10/8/2022.
([54](-Adolfo Guerra ; “Angola: Proibição de sondagens contribui para “regressão da democratização” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-proibi%C3%A7%C3%A3o-de-sondagens-contribui-para-regress , 26/5/2022.
([55](-António Cascais ; “Angola: Haverá aproveitamento político do corpo de José Eduardo dos Santos?” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-haver%C3%A1-aproveitamento-pol%C3%ADtico-do-corpo-de-jos , 22/8/2022.
([56]-(“No dos Santos Loot!” – UNITA” , at , https://www.voaafrica.com/a/no-dos-santos-loot—unita/6697763.html , 11/8/2022.
([57]“-(Adalberto Costa Júnior quer esconder segredos com os israelitas” , at , https://tribunadeangola.org , 1/2/2022.
([58]-(Coque Mukuta ; ” Lourenço acusa oposição de fazer “uma campanha interna e externa de descredibilização das eleições” , at , https://www.publico.pt/2022/08/24/mundo/noticia/candidato , 23/5/2022.
([59](-Borralho Ndomba ; ” Angola: MPLA acusado de corrupção eleitoral após atribuição de microcrédito” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-mpla-acusado-de-corrup%C3%A7%C3%A3o-eleitoral , 31/1/2022.
([60](-Manuel José ; “São “parvoíce sem limites” alegações de que espiões israelitas trabalham para a UNITA, diz Costa Júnior” , at , https://www.voaportugues.com/a/s%C3%A3o-parvo%C3%ADce-sem-limites-alega%C3%A7%C3%B5es-de-que-espi%C3%B5es-israelitas , 20/7/2022.
([61](-“Governo e oposição rezaram juntos por “eleições pacíficas” em Angola”, at , https://www.publico.pt/2022/08/21/mundo/noticia/governo-oposicao-rezaram-juntos-eleicoes-pacificas-angola , 21/8/2022.
([62]-(“Os angolanos residentes no exterior vão votar em doze países e em vinte e cinco cidades nas eleiçoes gerais de 24 de Agosto” , at , https://www.cne.ao/noticia/Os+angolanos+residentes+no+exterior+v%C3%A3o+votar+em+doze+pa%C3%ADses+e+em+vinte+e+cinco , 14/6/2022.
([63](-António Cascais ; ” Eleições em Angola: “Votou, sentou” ou “votou e bazou”?” , at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-em-angola-votou-sentou-ou-votou-e-bazou/av , 24/8/2022.
([64](-“Resultados Definitivos das Eleições Gerais de 24 de Agosto” , at , https://resultados2022eleicoesgerais.cne.ao , 29/8/2022.
([65](-Estelle Maussion ; ” Angola: le MPLA de João Lourenço l’emporte avec 51 % des voix” , at , https://www.jeuneafrique.com/1372070/politique/angola-le-mpla-de-joao-lourenco-lemporte-avec-51-des-voix , 26/8/2022 .
([66]-(“Angola: Elections2022 – Constitutional Court Validates Results”, at , https://allafrica.com/stories/202209090510.html , 8/9/2022.
([67](-Adelina Inácio ; “Reclamações da UNITA e CASA-CE desprovidas de prova legal” , at , https://www.jornaldeangola.ao/ao/noticias/reclamacoes-da-unita-e-casa-ce-desprovidas-de-prova-legal , 6/9/2022.
([68]“-(UNITA pede inspecção das actas em posse da CNE e dos partidos” , at , https://www.jornaldeangola.ao/ao/noticias/unita-pede-inspeccao-das-actas-em-posse-da-cne-e-dos-partidos , 5/9/2022.
([69](-“Tribunal Constitucional chumba recurso da UNITA” , at , https://www.dw.com/pt-002/tribunal-constitucional-chumba-recurso-da-unita/a-63062990 , 8/9/2022.
([70]-(“Tribunal Constitucional angolano chumba recurso da UNITA”, at , https://eco.sapo.pt/2022/09/08/tribunal-constitucional-angolano , 8/9/2022.
([71](-“Impasse eleitoral em Angola: Constitucional afasta hipótese de recurso internacional”, at , https://www.dw.com/pt-002/impasse-eleitoral-em-angola-constitucional-afasta-hip%C3%B3tese-de-recurso-internacional , 7/9/2022.
([72](-“UNITA apresenta recurso extraordinário contra decisão do Tribunal Constitucional” , at , https://www.dw.com/pt-002/unita-apresenta-recurso-extraordin%C3%A1rio-contra-decis%C3%A3o-do-tribunal , 13/9/2022.
([73](-“Inquieta” com tomada de posse: Oposição angolana prepara manifestações”, at , https://www.dw.com/pt-002/inquieta-com-tomada-de-posse-oposi%C3%A7%C3%A3o-angolana-prepara-manifesta , 8/9/2022.
([74](-“Thousands in Angola’s Capital Protest Alleged Electoral Fraud”, at , https://www.voanews.com/a/thousands-in-angola-s-capital-protest-alleged-electoral-fraud , 24/9/2022.
([75](-“Angola: PRS, FNLA e PHA confirmam presença na investidura de João Lourenço” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-prs-fnla-e-pha-confirmam-presen%C3%A7a-na-investidura-de-jo%C3%A3o-louren , 14/9/2022.
([76](-“Ausente da posse do PR de Angola, Unita garante a sua presença no Parlamento” , at , https://www.rfi.fr/pt/angola/20220915-ausente-da-posse-do-pr-de-angola-unita-garante-a-sua-presen%C3%A7a-no-parlamento , 15/9/2022.
([77](-“João Lourenço toma posse em Angola” , at , https://www.dw.com/pt-002/jo%C3%A3o-louren%C3%A7o-toma-posse-em-angola , 15/9/2022.
([78](-“Documentos falsificados”: MPLA pede responsabilização criminal da UNITA” , at , https://www.dw.com/pt-002/documentos-falsificados-mpla-pede-responsabiliza%C3%A7%C3%A3o-criminal-da-unita , 9/9/2022.
([79](-“Eleições em Angola: Comissários da CNE queixam-se de “aproveitamento político”, at , https://www.dw.com/pt-002/elei%C3%A7%C3%B5es-em-angola-comiss%C3%A1rios-da-cne-queixam-se-de-aproveitamento , 28/8/2022.
([80](-“Angola: movimento MUDEI aponta para empate técnico entre MPLA e UNITA” , at , https://www.rfi.fr/pt/angola/20220902-angola-movimento-mudei-aponta-para-empate-t%C3%A9cnico-entre-mpla-e-unita , 2/9/2022.
([81](-Madalena Sampaio ; ” Tomada de posse da UNITA será “traição ao povo angolano” , at , https://www.dw.com/pt-002/tomada-de-posse-da-unita-ser%C3%A1-trai%C3%A7%C3%A3o-ao-povo-angolano , 12/9/2022.
([82](-“Angola: OMUNGA denuncia violência policial e detenções de jovens e ativistas” , at , https://www.dw.com/pt-002/angola-omunga-denuncia-viol%C3%AAncia-policial-e-deten%C3%A7%C3%B5es , 2/9/2022.
([83](-Jornal O Crime; “Será Manuel Vicente o próximo a cair?” , at , https://jornalocrime.com/sera-manuel-vicente-o-proximo-a-cair , 7/8/2022.
([84]“-(João Lourenço aposta na continuidade” , at , https://www.rfi.fr/pt/elei%C3%A7%C3%B5es-gerais-angola , 15/9/2022.
([85](-“Angola: Marcelo ouviu líder da UNITA e diz que questão eleitoral é interna” , at , https://www.jornaldenegocios.pt/economia/politica/detalhe/angola-marcelo-ouviu-lider-da-unita-e-diz-que-questao-eleitoral-e-interna , 28/8/2022.