تقع دولة الجابون في إقليم وسط غرب إفريقيا؛ حيث إنها تُطِلّ من الغرب على ساحل المحيط الأطلسي، ويحدُّها من الشمال الكاميرون، ومن الشمال الغربي غينيا الاستوائية، ومن الشرق والجنوب جمهورية الكونغو برازفيل، وقد خضعت الجابون للاستعمار الفرنسي منذ عام 1885 حتى نالت استقلالها في 17 أغسطس 1960م، كما أن اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للبلاد.
وقد تعاقب على حكم الجابون منذ استقلالها ثلاثة رؤساء؛ أولهم الرئيس ليون إمبا الذي تولى الرئاسة في 17 أغسطس 1961م حتى وفاته في 27 نوفمبر 1967م، والذي كان مواليًا لفرنسا ويحظى بدعمها؛ حيث سارعت القوات الفرنسية في إعادته إلى السلطة بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل على حكمه في عام 1964م.(1)
وقد تولى الحكم من بعده نائبه الرئيس عمر بونغو اونديمبا؛ حيث كان يعمل مديرًا لمكتب الرئيس السابق منذ عام 1962م، وفي عام 1966م عيَّنه الرئيس ليون إمبا نائبًا له مكافأة لولائه له عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، وبعد موت الرئيس إمبا تولى عمر بونجو الحكم في 2 ديسمبر عام 1967م. وفي عام 1973م أعلن إسلامه حيث كان يدين بالمسيحية وغير اسمه من ألبرت بيرنارد بونجو إلى اسمه الحالي عمر بونجو اونديمبا، كما أسلمت غالبية أسرته.(2)
وقد ظل عمر بونجو في رئاسة البلاد لمدة 43 سنة، إلى أن تم نقله للعلاج بشكل مفاجئ في مدينة برشلونة الإسبانية والإعلان عن أنه يعاني من سرطان متقدم حتى إعلان وفاته في 8 يونيو 2009م.(3)
وبعد وفاة عمر بونجو تولى ابنه علي عمر بونغو رئاسة البلاد؛ حيث ترشح للانتخابات الرئاسية التي أُجريت بعد وفاة والده، وفاز بها، وتولى منصب الرئيس، وذلك في 16 أكتوبر 2009م، كما فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نهاية شهر أغسطس عام 2016م لفترة رئاسية ثانية، ويذكر أنه خلال فترة رئاسة والده شغل منصب وزير الخارجية حتى 1991م، ثم نائبًا في الجمعية الوطنية حتى عام 1999م، ثم وزيرًا للدفاع خلال الفترة من 1999 حتى عام 2009م، ثم ترشح للرئاسة بعد وفاة والده في 2009م، ومازال محتفظًا بالمنصب حتى الآن.(4)
وقد جرت في السابع من يناير للعام الحالي 2019م محاولة انقلاب عسكري فاشلة على حكم الرئيس علي بونجو، وسنعرض لها فيما يلي:
أولاً: تفاصيل محاولة الانقلاب العسكري:
في حوالي الساعة الخامسة والنصف فجرًا بتوقيت جرينتش، في يوم الاثنين السابع من يناير لعام 2019م، أذاعت الإذاعة الرسمية في الجابون بيانًا ألقاه أحد ضباط الجيش، ويدعى كيلي أوندو أوبيانج، وبجواره اثنان من الجنود المسلحين، ثلاثتهم يرتدون الملابس العسكرية، وقد ألقى قائدهم بيانًا مقدِّمًا نفسه بأنه مساعد قائد الحرس الجمهوري، ورئيس الحركة الوطنية لشباب قوات الدفاع والأمن في الجابون، وقد أعلن في البيان إنهاء حكم الرئيس علي بونجو، وكذلك إعلان تولي ما أسماه “المجلس الوطني للإصلاح” إدارة البلاد، كما طالب كافَّة القوى السياسية والشعب الجابوني بالمشاركة في تلك المحاولة طالبًا منهم النزول إلى الشوارع والسيطرة على المؤسسات الحكومية والمطارات، وكذلك معلنًا سيطرته على نظام النقل والمطارات ومخازن السلاح بالبلاد، مؤكدًا وقوف الجيش بجانب الشعب لإنقاذ الشعب من الفساد السياسي المنتشر في البلاد، وكذلك معلنًا عن أنه يحظى بدعم من عناصر عسكرية ومدنية من رموز المعارضة والساسة المنشقين عن الحزب الحاكم في البلاد.(5)
ثانيًا: أسباب محاولة الانقلاب العسكري:
تعددت أسباب محاولة الانقلاب العسكري في الجابون، وتتمثل فيما يلي:
1- تدهور الوضع الصحي للرئيس علي بونجو، وعجزه عن إدارة البلاد، ومكوثه خارج الجابون في المملكة المغربية للعلاج؛ حيث إنه في 24 أكتوبر 2018م وأثناء زيارته للمملكة العربية السعودية للمشاركة في منتدي الاستثمار السعودي، تعرَّض لسكتة دماغية مفاجئة، تم نقله على إثرها للعلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالسعودية، حتى تم نقله إلى العاصمة المغربية الرباط في يوم 27 نوفمبر 2018م حسب تصريح من زوجته سيليفيا بونجو، وأنه سيقضي فترة نقاهة طبية في مستشفى عسكري بالرباط بالمملكة المغربية، وسيعود إلى الجابون بمجرد اكتمال شفائه.(6)
وفي 31 ديسمبر 2018م تحدث الرئيس بونجو في مقطع مصوَّر سُجِّل في الرباط بثَّته وسائل الإعلام الجابونية، مطمئنًا الشعب على حالته الصحية، ومهنئًا لهم بالعام الجديد.(7)
ورغم ذلك الحديث مازال كثير من القوى السياسية بالجابون متشككة في حالة الرئيس الصحية والقناعة بأنه أصبح عاجزًا عن إدارة البلاد، وكذلك لكونه ما يزال موجودًا في المغرب ولم يعد إلى البلاد، قررت تلك المجموعة بالقيام بمحاولة انقلاب عسكري لعزل الرئيس علي بونجو من حكم البلاد؛ نظرًا لحالته الصحية.
2- غياب التداول السلمي للسلطة في الجابون منذ استقلال البلاد حتى الآن؛ حيث ورث الرئيس علي بونجو السلطة عن أبيه عمر بونجو، والذي حصل عليها الأخير؛ لكونه نائبًا للرئيس ليون إمبا؛ حيث ينتمي الرئيس علي بونجو للجماعة الإثنية باتيكي، وهي جماعة إثنية صغيرة تستوطن في أقصى شرق البلاد، وقد حرص على تركيز السلطة في يد أبناء جماعته الإثنية؛ حيث أصبحت تسيطر جماعة باتيكي على المناصب السياسية المهمة في البلاد، وكذلك تشكيلها للقوام الرئيسي للقوات المسلحة الجابونية، أما جماعة الفانج وهي الجماعة الإثنية الأكثر عددًا والتي تستوطن في شمال البلاد فيتراجع نصيبها من المناصب المدنية والعسكرية لحساب جماعة باتيكي التي ينتمي إليها الرئيس.
وقد استولى الرئيس علي بونجو على السلطة في البلاد في 2009م بسبب دعم المؤسسة العسكرية في الجابون له؛ حيث كان وزيرًا للدفاع قبل وفاة والده، ثم ترشح للانتخابات وفاز فيها عام 2009م، وكذلك بسبب الدعم الفرنسي المقدَّم له نظرًا لولاء أبيه عمر بونجو لفرنسا، وأنه يحافظ على المصالح الفرنسية في الجابون.
وفي عام 2016م فاز كذلك في الانتخابات الرئاسية بفارق أصوات أقل من خمسة آلاف صوت على مرشح المعارضة جان بينج وزير خارجية الجابون السابق خلال الفترة 1999 حتى 2008م، وكذلك رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي حتى 2012م، وكذلك رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى 2005م.
وقد تلا انتخابات 2016م أعمال عنف شديدة؛ حيث اتهمت المعارضة الرئيس بونجو بتزوير نتائج الانتخابات، وقد دعا الاتحاد الأوروبي الرئيس بونجو إلى السماح بإعادة فرز الأصوات في اللجان الانتخابية المشكوك في نتائجها، ولكنَّ الرئيس علي بونجو رفض إعادة الفرز، وفضَّل استخدام القمع والسيطرة الأمنية على البلاد، وتفريق المتظاهرين، واعتقال وسجن رموز المعارضة، وقامت المعارضة بمحاولة حرق البرلمان، وقامت الشرطة باعتقال ما يقارب ألف مواطن، ووقع سبعة قتلى من بينهم ضابط شرطة، بالإضافة إلى عدد غير محدد من الجرحى خلال المظاهرات.
بالإضافة إلى قيام مرشح المعارضة جان بينغ بالتصريح في 3 سبتمبر 2016م بأنه هو الفائز الحقيقي في الانتخابات، وبالتالي هو رئيس البلاد، مما أدى إلى تصاعد أعمال العنف داخل البلاد، بل قام الجيش بقصف مقر حزب زعيم المعارضة بالطائرات، حتى تمت السيطرة الأمنية على البلاد واستقرار الأمر للرئيس علي بونجو.
ويذكر أن مرشح المعارضة جان بينج متزوج من باسكالين ابنة الرئيس عمر بونجو، وأخت الرئيس علي بونجو، وقد توجَّه جان بينج إلى انضمامه للمعارضة ضد صهره علي بونجو بسبب رفض الرئيس علي بونجو في 2012م ترشيحه لولاية ثانية قد تسمح له بأن يظل في رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي.(8)
وأعلنت المجموعة الانقلابية الفاشلة أنه نتيجة لما قام به الرئيس بونجو من قتل الشباب في أحداث انتخابات 2016م تسعي هذه المجموعة لإنهاء حكم أسرة آل بونجو في البلاد.
3- غياب عدالة توزيع السلطة والثروة في البلاد، بجانب ارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب الجابوني، وانتشار ظاهرة الفساد السياسي لدى النخبة الحاكمة بالجابون، وبرغم أن الجابون هي رابع أكبر منتج للنفط الخام في إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث يطلق عليها كويت إفريقيا في الصحافة الإفريقية، وكذلك تأتي في المرتبة الثالثة عالميًّا من احتياطي المنجنيز، وكذلك تتنوع مواردها الزراعية والمعدنية، غير أنه في ظل تفشّي ظاهرة الفساد السياسي تؤول عوائد تلك الموارد إلى النُّخَب السياسية الحاكمة في البلاد، والتي تقوم بتبديدها؛ حيث كان الرئيس عمر بونجو يقوم بتمويل المرشحين في الانتخابات الفرنسية الموالين لصديقه الرئيس الفرنسي جاك شيراك في عام 1982م (9)، بالإضافة إلى إنفاق زوجته ايديث بونجو ملايين الفرنكات على أغراضها الشخصية.
كما سار الرئيس علي بونجو على درب والده في تبديد أموال الدولة؛ عن طريق شراء الولاءات القبلية، واستقطاب الرموز السياسية في البلاد، واستخدام المال السياسي في شراء الأصوات الانتخابية، كما يعمل مقربون من الرئيس بونجو في عمليات غسيل الأموال؛ أبرزهم ميكسان آكرومبسي المدير السابق لديوان الرئيس علي بونجو؛ حيث تم القبض عليه في أغسطس 2015م في باريس مِن قِبَل سلطات الأمن الفرنسية بتهمة تبييض الأموال.(10) ونتيجة لتفشّي ظاهرة الفساد السياسي بالبلاد جاءت تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة للحدِّ من الفساد على حدّ وصفها، واستعادة العدالة في البلاد.
ثالثًا: نتائج محاولة الانقلاب العسكري:
تتمثل أهم نتائج المحاولة الانقلابية فيما يلي:
1- تم إحباط محاولة الانقلاب العسكري، والقبض على قائد المجموعة الضابط كيلي أوندو أوبيانج، والذي تبين أنه نائب قائد حرس الشرف، وهو أحد الفروع غير القتالية التابعة للحرس الجمهوري والمتمركز أصلاً في مبنى الإذاعة الوطنية في العاصمة ليبرفيل، وكذلك تم إلقاء القبض على باقي المجموعة المعاونة له في تلك المحاولة، والتي قيل: إن عددهم لا يتجاوز عشرة أشخاص، كما صرح جي برتران مابانجو المتحدث باسم الحكومة الجابونية بأن قوات الأمن قامت بقتل اثنين من منفذي محاولة الانقلاب الفاشلة، كما سيطرت قوات الأمن على مبنى الإذاعة، وقامت بتحرير الرهائن من الصحفيين والفنيين العاملين بالإذاعة، وذلك حسب تصريح وكالة رويترز الإخبارية.(11) كما صرَّح المدعي العام بالجابون بأن مصير منفذي محاولة الانقلاب المقبوض عليهم هو السجن مدى الحياة بموجب قانون العقوبات الجابوني.(12)
2- قامت القوات المسلحة بنشر المركبات العسكرية في العاصمة ليبرفيل، كما قامت بقطع الطريق المؤدِّي لمقر الإذاعة، كما قامت بفرض حالة حظر للتجوال، وكذلك قامت بقطع البث عن الإذاعة عقب البيان، وكذلك تم قطع خدمة الإنترنت في البلاد بهدف السيطرة على الوضع في البلاد.(13) وتمكنت من إفشال تلك المحاولة، التي كان العامل الرئيسي في فشلها هو الجيش الجابوني، بالإضافة إلى كونها صدرت من قبل عدد محدود من صغار الضباط ليس من بينهم قيادات كبرى بالجيش تدعم تلك المحاولة.
3- نفت الحكومة ومؤسسات الدولة الرسمية علاقتها بالمجموعة التي حاولت تنفيذ الانقلاب، كما أعلن وزير الإعلام فشل المحاولة، والقبض على المنفذين واصفًا إياهم بالمهرّجين، وأن مدبر الانقلاب قد اختبأ في مبنى مجاور لمبنى الإذاعة حتى تم القبض عليه، كما نفى زعماء المعارضة في البلاد صِلاتهم بالمجموعة التي حاولت تنفيذ الانقلاب.
رابعًا: الموقف الدولي والإقليمي من محاولة الانقلاب:
أدانت كلٌّ من منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في الجابون، كما أدانت كلٌّ من فرنسا والمغرب والجزائر والسعودية ومصر وعدد من الدول الإفريقية والعربية والغربية تلك المحاولة؛ حيث لم تحظَ بأيِّ مساندة من الخارج سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي.(14)
خامسًا: تبعات المحاولة الانقلابية الفاشلة:
تبع هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة عدة أمور، من أهمها ما يلي:
1- أصدر الرئيس علي بونجو من مقر إقامته بالمغرب في 12 يناير 2019م قرارًا بتعيين جوليان كوغيه بيكالي رئيسًا جديدًا للوزراء، والبالغ من العمر 60 عامًا، والذي عمل رئيسًا للوزراء عدة مرات في ظل رئاسة علي بونجو، وكذلك في ظل رئاسة والده عمر بونجو، خلفًا لإيمانويل إسيوزي نجونديت الذي تولَّى المنصب منذ 2016م، حتى أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارًا بإقالته في مايو 2018م، وذلك لتأخره في إجراء الانتخابات التشريعية وتأخيرها عن موعدها، ثم قام الرئيس علي بونجو بإعادة تعيينه مرة أخرى بعد إقالته كرئيس مؤقَّت للوزراء، كما تم تعيينه الآن كوسيط للجمهورية بعد إقالته من رئاسة الوزراء.
وقد قام رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة دون أيّ تغيرات تُذْكَر، وقد عاد الرئيس علي بونجو من المغرب إلى الجابون في 14 يناير2019م، وذلك للمشاركة في تأدية الحكومة الجديدة للقسم أمام الرئيس تبعًا لنصوص الدستور؛ حيث في يوم الثلاثاء 15 يناير 2019م أدَّت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس في القصر الرئاسي، والذي كان مغلقًا أمام الصحافة والمواطنين، كما صرحت بعض المصادر الإخبارية بأن الرئيس كان يجلس على كرسي متحرك أثناء أداء الحكومة لليمين وغير قادر على الحركة. وفي اليوم التالي عاد الرئيس علي بونجو إلى المغرب ثانيًا، وذلك لاستعادة فترة التأهيل الصحية حسب تصريحات وكالات الأنباء.
2- أعلن الرئيس كذلك من المغرب يوم 12 يناير قرارًا ثانيًا بتشكيل مكتب رئاسي جديد؛ حيث أعلن الأمين العام للرئاسة جان إيف تيل تشكيل مكتب الرئاسة من المغرب، وقد أبقى مدير مكتب الرئيس منذ 2017م بريس لاكروس أليهانجا في المنصب، وهو شخص مقرَّب من زوجة الرئيس سيلفيا بونجو.
3- وكذلك تم إنشاء الجمعية الوطنية في الجابون في نفس يوم تشكيل الحكومة الجديدة، وقد كانت الجمعية الوطنية قد حُلَّت في مايو 2018م بقرار من المحكمة الدستورية العليا؛ نتيجة لتأجيلها للانتخابات التشريعية عن موعدها، وقد قبل رئيس الجمعية الوطنية حينها ريتشارد أوجست قرار المحكمة الدستورية وتم حلّ الجمعية الوطنية، وقد انتُخِبَ فوستين بوكوبي المقرب من الرئيس بونجو رئيسًا للجمعية الوطنية عقب دقائق من إنشائها، وتم تشكيلها من 135 نائبًا، كما تم تعيين مليكة ابنة الرئيس علي بونجو في منصب سكرتير بمكتب الجمعية الوطنية، وذلك حسب تصريح مجلة جون أفريك الفرنسية. ونلاحظ من خلال تلك القرارات التي تم اتخاذها عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة أن الرئيس علي بونجو يحاول إحكام سيطرته على البلاد من خلال إدخال قيادات جديدة أكثر ولاءً للحفاظ على بقائه في السلطة. (15)
سادسًا: الرؤية المستقبلية للنظام السياسي في الجابون:
يوجد ثلاثة سيناريوهات محتملة بشأن مستقبل النظام الحاكم في الجابون نعرضها فيما يلي:
السيناريو الأول:
استمرار الرئيس علي بونجو في الحكم رغم تدهور حالته الصحية، وغيابه خارج البلاد، مع حدوث توافق بين أفراد أسرته المتصارعين على السلطة، والبالغ عددهم 52 ابنًا وابنة على ترك إدارة البلاد لأخي الرئيس الأصغر والمدعو فريدرك بونجو، والذي يرأس جهاز الاستخبارات، والذي يعد هو الحاكم الفعلي للبلاد بعد تدهور صحة الرئيس علي بونجو، بل وفي حالة وفاته يمكن التوافق على ترشيحه ليحل محله في الحكم. كما يُستبعد حدوث انقلاب عسكري ناجح على الرئيس علي بونجو لسيطرة أسرته على المؤسسة العسكرية في البلاد.
السيناريو الثاني:
حدوث حالة انتفاضة من قُوى المعارضة ضد حكم الرئيس علي بونجو؛ لقناعتها بعدم قدرته على إدارة البلاد، ومن ثَمَّ استجابة المحكمة الدستورية العليا لطلب المعارضة المطروح من فترة بإعلان فراغ منصب الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية، قد يفوز فيها زعيم المعارضة جان بينج ويصبح رئيسًا للبلاد، وذلك لا يمكن حدوثه إلا بعد تخلي فرنسا عن الرئيس علي بونجو، وعقد صفقة مع زعيم المعارضة ليحافظ على مصالحها في الجابون.
السيناريو الثالث:
حدوث تحالف بين جماعة الفانج الإثنية أكبر جماعة من حيث العدد في البلاد مع قوى وتيارات المعارضة غير الموالية لجان بينج، والتحالف معًا لإسقاط نظام حكم بونجو، أو حتى التوافق على مرشح رئاسي من جماعة الفانج والوقوف بجانبه ودعمه في حالة إجراء انتخابات في البلاد وإزاحة عائلة بونجو من الحكم، وهو سيناريو لن يُكتَب له النجاح إلا في حالة الحصول على دعم خارجي من فرنسا، وكذلك قد ينجم عنه حرب أهلية مع جماعة باتيكي الإثنية المنتمي لها الرئيس، والتي لن تتنازل عن الحكم بسهولة. وبالله التوفيق.
الإحالات والهوامش:
(1) عبدالوهاب الكيالي: موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت. المجلد 4 ص 271: 275.
(2) مجلة الدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد 29، الجزء10، ص 430.
(3) عماد الدين حسين، مقال بمجلة الشروق المصرية بعنوان “عمر بونجو وولده علي بونجو” بتاريخ 12 يونيو 2009م.
(4) سيدي أحمد ولد الأمير، تقرير تحت عنوان أي مستقبل للجابون بعد الانتخابات الرئاسية. إصدار مركز الجزيرة للدراسات، بتاريخ 22 سبتمبر 2016م.
(5) بيان الانقلاب العسكري الفاشل، عبر قناة FRANCE 24 Arabicبتاريخ 7 يناير 2019م.
(6) تصريح من سيليفا بونجو زوجة الرئيس علي بونجو عبر حسابها الشخصي على موقع التواص الاجتماعي فيس بوك، نقلا عن وكالة رويترز الإخبارية، بتاريخ 27 نوفمبر 2018م.
(7) خطاب الرئيس علي بونجو إلى الشعب الجابوني في القنوات الرسمية الجابونية، وذلك في شرط مسجل من المغرب، في يوم 31 ديسمبر 2018م، تم بثه على قناة فرانس 24.
(8) سيدي أحمد ولد الأمير، مرجع سبق ذكره، ص 3.
(9) مجلة البيان الصادرة عن المنتدى الإسلامي، الرياض، السعودية، العدد 238 ص 188 الجزء 155.
(10) سيدي أحمد ولد الأمير، مرجع سبق ذكره، ص 6.
(11) تصريح جي برتران مابانجو المتحدث باسم الحكومة الجابونية، لوسائل الإعلام، نقلته وكالة رويترز الإخبارية، بتاريخ 7 يناير 2019م.
(12) تصريح المدعي العام بالجابون، لوسائل الإعلام، نقلاً عن قناة فرانس 24، بتاريخ 7 يناير 2019م.
(13) نقلاً عن قناة فرانس 24، بتاريخ 7 يناير 2019م.
(14) بيان صادر عن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمد موسي فكي بتاريخ 8 يناير 2019م، وكذلك بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، بتاريخ 7 يناير 2019م، وكذلك مجموعة بيانات صادرة عن باقي المنظمات والدول تدين تلك المحاولة.
(15) بيان صادر من سكرتير عام الرئاسة في التلفزيون الرسمي بالجابون؛ حيث أعلن مرسومًا صادرًا عن الرئيس من مكان علاجه بالمملكة المغربية، تضمن هذه القرارات التي تبعت محاولة الانقلاب، وذلك بتاريخ 12 يناير 2019م.