أُشربت قلوب المسلمين حبّ اللغة العربية، على اختلاف لغاتهم، وتباين مشاربهم، في مشارق الأرض ومغاربها، بوصفها لغة القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، وبها يتوجّهون إلى ربّهم عند أداء صلواتهم، وبها يزاولون كثيراً من عباداتهم ومناسك دينهم الحنيف.
وقد أسهمت اللغة العربية في تدفّق مجرى الحضارة الإنسانية وتعميقه برافد متميّز، بوصفها لغة الثقافة العربية الإسلامية، وتحظى اللغة العربية باهتمام بالغ من الشعوب المسلمة، ذلك أنها لغة التراث الإسلامي، وأن كثيراً من الشعائر الإسلامية التعبدية لا يمكن أداؤها أداءً صحيحاً إلا باللغة العربية.
وفي نيجيريا تحتل اللغة العربية مكانة عظيمة منذ فجر دخول الإسلام في تلك المنطقة، وقد تطوّر التعليم العربي الإسلامي فيها كثيراً عبر مراحل وفترات تاريخية، حيث بدأ من المساجد، ثم الكتاتيب، ومنها إلى الدهاليز[1]، ثم انتقل إلى المدارس العربية الحديثة، ثم التعليم الحكومي الرسمي.
أرسى الإسلام دعائم العلم والمعرفة، فأعطى التعليم اهتماماً خاصاً في تعاليمه، وكان أوّل ما نزل من القرآن الكريم الأمر بالقراءة، وذلك في قوله تعالى: ]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)[ [العلق : 1 – 5]، فجعلها جزءاً لا يتجزأ من الدين، فشجّع ذلك على التعليم، وأعطى الإسلام العلماء منزلة لا تساويها منزلة، قال تعالى: ]قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ[ [الزمر : 9]، وهذا ما جعل العالم في المجتمع الإفريقي بشكل عام والنيجيري بشكل خاص في القرون الماضية يتمتع بتبجيل وإجلال يكاد يبلغ حدّ التقديس، وذلك لما يمتاز به من ثقافة دينية راقية، فيلتف حوله عدد من الناس ليتعلموا منه ويتثقفوا، وبذلك كانت الفصول الدراسية تبتدئ، وبالتدرج تترعرع وتزدهر، ولا يزال العلماء يتمتعون بهذه المكانة إلى يومنا هذا[2].
نشأة التعليم الإسلامي في نيجيريا:
ترجع نشأة التعليم الإسلامي العربي في نيجيريا إلى بدء توغّل الإسلام في هذه البلاد، وذلك قبل ظهور الشيخ عثمان بن فوديو بعدة قرون، وقد ظهرت المدارس القرآنية بظهور الإسلام، وكان المجتمع في هذه المنطقة يهتم بهذه المدارس، ويرسل الأطفال بنين وبنات إليها، فيتعلّمون شيئاً من القرآن، كما يتعلّمون بعض المبادئ الإسلامية؛ لذلك كانت لهذه البداية نتائج بعيدة المدى، وأصبح تعليم اللغة العربية مفتاحاً للعلم والمعرفة والمكانة، ولارتباط ذلك بالإسلام الذي حثّ على طلب العلم انتشر التعليم العربي الإسلامي.
ومن المستحسن أن نلقي نظرة على التعليم في المدارس القرآنية أو الكتاتيب قبل الحديث عن المدارس الحديثة، إذ كانت هي اللبنة الأولى والأساس الأول لوجود هذه المدارس الحديثة أو النظامية.
لا تختلف طريقة التعليم في تلك الكتاتيب كثيراً من منطقة إلى أخرى، ولم تكن تخضع لأي نظام منهجي، فليس للحكومة دخل في شأنها، وباستطاعة أي إنسان أن يؤسّسه�