مساء الجمعة الموافق 9 ديسمبر 2022م قام الرئيس الكيني ويليام روتو بزيارة رسمية إلى العاصمة الإريترية أسمرة على رأس وفد رفيع المستوى، التقى خلالها بالرئيس أسياس أفورقي وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات في إريتريا، وتأتي هذه الزيارة استجابةً لدعوة رسمية وجَّهها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى نظيره الكيني، والذي كان قد أبدَى رغبته في زيارة إريتريا في 3 ديسمبر الجاري، وذلك أثناء تسلُّمه رسالة الرئيس الإريتري التي نقلها إليه وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح، والتي هنَّأ فيها الرئيس أفورقي نظيره الكيني على توليه مهام منصبه كرئيس جديد لكينيا، مع إبداء رغبته في تعزيز العلاقات الثنائية مع كينيا، وكذلك تعزيز التعاون المشترك على المستوى الإقليمي، وهو ما أسفر عن حدوث هذه الزيارة السريعة، والتي تأتي في توقيت مهم لكلا البلدين؛ حيث يمكن أن ينجم عنها تحقيق العديد من الأهداف المشتركة لكليهما سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، كما أن هذه الزيارة كان لها العديد من المخرجات المعلنة والخفية، ومن خلال هذه المقالة يمكن تناول هذه الزيارة فيما يلي:
أولاً: تفاصيل الزيارة:
لقد بدأت هذه الزيارة في مساء يوم الجمعة الموافق 9 ديسمبر الجاري؛ حيث وصل الرئيس الكيني ويليام روتو إلى مطار أسمرة الدولي وبصحبته وفد رفيع المستوى ضمَّ كلاً من أدن باري دوالي وزير الدفاع الكيني، وجوزيف كولي نانوك نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية بكينيا، وعدد من أعضاء البرلمان الكيني وكبار المسؤولين، وقد كان في استقبالهم في مطار أسمرة الدولي الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وأعضاء الحكومة الإريترية، وعدد من كبار المسؤولين، وعقب إتمام مراسم الاستقبال الرسمي، انتقل الوفد الكيني إلى المناقشات الثنائية مع الرئيس الإريتري والوفد المصاحب له؛ حيث تم الإعلان أن الزيارة تضمنت مناقشات ودية دافئة، حول القضايا الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، وكذلك النقاش حول التجارة والتعاون الإقليمي بين البلدين، وفي ختام الزيارة التي انتهت في اليوم التالي الموافق 10 ديسمبر تم إصدار بيان صحفي تناول ما تم التوصل إليه في هذه الزيارة، وهو ما أعقبه مغادرة الرئيس الكيني والوفد المرافق له لأسمرة عائدين إلى بلادهم.([1])
ثانيًا: أهمية الزيارة على المستوى الثنائي والإقليمي:
فيما يتعلق بأهمية هذه الزيارة التي تأتي في توقيتٍ مهمٍّ للغاية على كافة المستويات؛ يمكن عرضها فيما يلي:
أ- أهمية الزيارة لإريتريا:
1- التقليل من العزلة الدولية المفروضة على النظام الإريتري: فنظرًا للسياسة الخارجية التي يتبنَّاها النظام الإريتري في علاقاته الدولية التي تتسم بطابع العداء، ودعم الصراعات والنزاعات؛ فإنه أصبح يواجه عزلة إقليمية ودولية كبيرة، تتضح من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعدم دعوته للمشاركة في القمة الأمريكية الإفريقية التي تُعقَد خلال هذه الآونة، والتي تم التصريح مِن قِبَل مسؤولين أمريكيين أنه لم يتم دعوة إريتريا للمشاركة في القمة بسبب احتجاز النظام الإريتري للمعارضين السياسيين وسجناء الرأي بما فيهم الأقليات الدينية، وقيامه بغلق الصحف المستقلة، وانتهاك الحريات الدينية، والتضييق على الحريات المدنية، وانتهاك حقوق الإنسان، وخاصة بعد مشاركته في حرب تيجراي. كما أن العقوبات الغربية التي وُقِّعت على النظام الإريتري لمشاركته في الحرب الأهلية في إقليم تيجراي، وتعرُّضه للعديد من الإدانات مِن قِبَل المنظمات الدولية والحقوقية لانتهاك حقوق الإنسان في بلاده، زادت من عُزلته الدولية، ويبدو أنها دفعت النظام إلى مراجعة سياساته، وجعلته يفكر في التقرب من حلفاء الغرب في الإقليم، وعلى رأسهم كينيا التي تُعدّ حليفًا للولايات المتحدة الأمريكية، والتي يمكن من خلال تقاربه معها، أن يجعلها وسيطًا لتخفيف الضغط الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الإريتري، والتراجع عن العقوبات المفروضة عليه، والسماح له بالعودة إلى الاندماج داخل المجتمع الدولي، وكسر هذه العزلة.([2])
2- محاولة إصلاح العلاقات الإقليمية السلبية: فالمتأمل لحال النظام الإريتري مع دول الجوار في المنطقة يجد أن علاقاته كذلك يَشُوبها العديد من الجوانب السلبية، ففي إثيوبيا نجد أنه ما يزال منخرطًا مع القوات الحكومية الإثيوبية في حربها ضد إقليم تيجراي، وهو ما أسفر عن خَلْق صورة ذهنية سلبية كبيرة للنظام الإريتري على مستوى القارة؛ بسبب تدخله في هذه الحرب واتهامه بارتكاب العديد من الانتهاكات التي وُصِفَتْ بأنها جرائم حرب، وفيما يتعلق بعلاقته مع جيبوتي نجد أنه ما يزال محتفظًا بعددٍ من الجنود الجيبوتيين الذين يتخذهم كأسرى حرب، ولم يسلمهم لذويهم حتى الآن، بالإضافة إلى استمراره في خلافاته مع جيبوتي في مسألة ترسيم الحدود، رغم الجهود الدولية التي بُذِلَتْ لتسوية تلك المسألة، لكن النظام الإريتري لم يتخذ خطوات ملموسة لإنهائها، ونظرًا لعلاقاته الإقليمية السلبية، فيمكن أن يستفيد النظام الإريتري من هذه الزيارة، ويتقارب مع الرئيس الكيني الجديد، والذي يمكن أن يَدْعمه من خلال عضوية كينيا في الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، والتي تلعب كينيا فيها دورًا محوريًّا، والتي يمكن أن تساعد إريتريا في إعادة صياغة سياستها الخارجية مع دول الجوار، بما يُحقِّق مصالح الجميع، خاصةً في ظل تحسُّن علاقات إريتريا مع الصومال بعد قيام الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود بزيارة أولى إلى إريتريا في يوليو الماضي، أعقبها بزيارة ثانية في نوفمبر الماضي، والتي هدفت إلى استعادة القوات الصومالية الموجودة في إريتريا والتي يقال: إنها تبلغ نحو 5 آلاف جندي، يستعين بهم النظام الإريتري في حرب تيجراي، لكن الرئيس الصومالي يودّ عودتهم إلى بلادهم من أجل الاستعانة بهم في مكافحة الإرهاب المتفشي في الصومال، وكذلك إبعاد أيّ عناصر تحمل الجنسية الصومالية من المشاركة في الحرب الأهلية الإثيوبية؛ حفاظًا على علاقات الصومال الإقليمية مع دول الجوار.([3])
3- فتح آفاق ثنائية وإقليمية لمواجهة التحديات الاقتصادية: حيث يعاني الشعب الإريتري من سوء الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر، الناجمة عن ازدياد موجات الجفاف المزمن بصورة متكررة، وتراجع تحويلات العاملين في الخارج، واعتماد البلاد على الزراعة بشكل كبير والتي تأثرت سلبًا بسبب الجفاف وموجات غزو الجراد، بالإضافة إلى تداعيات فيروس كورونا التي أثَّرت سلبًا على كافة الاقتصادات الإفريقية، بجانب العديد من العوامل السياسية الأخرى التي ساهمت في تعقُّد الوضع الاقتصادي للبلاد، ومن بينها مشاركة إريتريا في الحرب الإثيوبية، ولهذا فإن إريتريا في حاجة إلى الحصول على دعم إقليمي لإخراجها من أزمتها الاقتصادية التي تَضع النظام الحاكم تحت ضغوط وانتقادات شعبية كبيرة مِن قِبَل أبناء الشعب، وخاصةً المقيمين في الخارج، بل يقوم العديد من أبناء الشعب الإريتري بالهروب من البلاد للخارج بحثًا عن حياة معيشية أفضل تُؤمِّن لهم حياتهم، وخاصة الشباب الذين يهربون من عمليات التجنيد الإجباري غير محدد المدة، والتي تُفرَض عليهم من أجل إلحاقهم بالقتال في تيجراي رغمًا عنهم، ويمكن للنظام الإريتري من خلال هذه الزيارة أن يحصل على دعم كينيا لمواجهة التحديات الاقتصادية التي يعيش فيها، وتجعله محلاً للانتقاد الدائم.([4])
ب- أهمية الزيارة لكينيا:
1- تحقيق مكاسب سياسية شخصية للرئيس ويليام روتو: نظرًا لكون الرئيس الكيني الجديد ما يزال في بداية عهده، فإنه يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية شخصية من خلال تدخُّله في محاولة تسوية الصراع الإثيوبي الذي هو محطّ أنظار المجتمع الدولي والإقليمي، وهو ما يمكن أن يَمنحه صورة ذهنية إيجابية، ويجعله بمثابة صانع سلام في المنطقة أمام شعبه، وأمام المجتمع الدولي الذي يودّ إخباره أنه يمكن الاعتماد عليه في تحقيق الأمن والاستقرار في تلك المنطقة المهمة للمجتمع الدولي، وكذلك تحقيق مكاسب إقليمية من خلال بناء علاقات صداقة مع قادة دول المنطقة يمكن الاستفادة بها، وخاصة أنه ما يزال في بداية ولايته الرئاسية.
2- مزاحمة الرئيس الكيني السابق في مهمته المتعلقة بأزمة تيجراي: حيث إن الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا تم اختياره من قبل الاتحاد الإفريقي لرعاية مباحثات السلام بين أطراف الصراع في تيجراي، ونظرًا لكون الرئيس السابق كان خصمًا سياسيًّا للرئيس الحالي ويليام روتو؛ حيث كان حليفًا للمرشح رايلا أودينجا، وقام بدعمه في الانتخابات الرئاسية السابقة ضد ويليام روتو؛ فإن الأخير لا يود ترك الساحة للرئيس أوهورو كينياتا، بحيث لا يتركه يحصل على الشرف وحده في تسوية هذه الصراع، بل يريد أن يكون له دور يُضيفه إلى نفسه في بداية عهده، يستفيد منه داخليًّا في التسويق لذاته أمام شعبه، وكذلك لا يترك المجال لخصمه السابق في نسبة الفضل إليه في تمثيل كينيا في تسوية ذلك الصراع الكبير.([5])
3- تعزيز فرص الصدارة الإقليمية لكينيا في المنطقة: وذلك من خلال الحفاظ على مكانتها الإقليمية في شرق إفريقيا، وتدخلها في تسوية الصراعات والنزاعات الإقليمية، وهو ما يُعزّز من مكانة الرئيس الكيني الجديد إقليميًّا ودوليًّا لحفاظه على صدارة كينيا في المنطقة إذا ما نجح في إقناع الرئيس الإريتري بالتخلي عن تدخله في الحرب الأهلية في إثيوبيا.
4- تعزيز علاقات التعاون بين كينيا ودول المنطقة: فمع بداية تولّي الرئيس الكيني الجديد لمهام عمله يبدو أنه عازم على تبنّي سياسة خارجية جديدة مع دول المنطقة تقوم على تسوية الأزمات، وتعزيز علاقات التعاون المشترك، وهو ما يتَّضح من اتفاق الرئيس الكيني مع نظيره الصومالي من إعادة فتح المعابر البرية الرئيسية بين البلدين بعد مفاوضات مكثَّفة، وتأتي زيارته إلى إريتريا لتكون خطوة جديدة في تعزيزه لعلاقات بلاده الإقليمية، والتي يمكن أن تفتح المجال للعديد من فرص التعاون المشترك في شتى المجالات.
ج- أهمية الزيارة إقليميًّا ودوليًّا:
تتمثل الأهمية الإقليمية والدولية لهذه الزيارة في وجود رغبة إقليمية ودولية مشتركة في إنهاء الصراع الإثيوبي في إقليم تيجراي؛ نظرًا لما أسفر عنه هذا الصراع من تداعيات سلبية كبيرة على إثيوبيا ودول الجوار، تتمثل في وقوع آلاف القتلى، فضلاً عن آلاف النازحين واللاجئين، وتدمير البنية التحتية، ولهذا فإن هناك مساعي دولية وإقليمية حثيثة لإنهاء الصراع، ولكون النظام الإريتري فاعلاً رئيسيًّا متدخلاً في هذه الحرب؛ فإنه لا يمكن إنهاء الحرب عمليًّا دون إقناع النظام الإريتري بالكَفّ عنها والانسحاب منها، وهو ما يمكن أن يحدث من خلال وساطة الرئيس الكيني الجديد وليام روتو، التي تشارك بلاده بالفعل في محاولة تسوية هذه الأزمة من خلال قيام الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا برعاية المفاوضات كأحد مبعوثي الاتحاد الإفريقي الذي يرغب في إحلال السلام في إثيوبيا؛ حيث إن لقاء القمة الذي جمع بين الرئيس الكيني الجديد ونظيره الإريتري، قد يُعوَّل عليه إقليميًّا ودوليًّا في تسريع وتيرة المفاوضات وإنهاء الحرب في إقليم تيجراي، وخاصةً أن المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي مايك هامر كان قد صرَّح أثناء لقائه بالرئيس الكيني وليام روتو في أكتوبر الماضي بأن مشاركة إريتريا في حرب تيجراي تزيد من تعقيد إنهاء النزاع، وهو ما يعني أنه على المستوى الدولي يتم التعويل على كينيا في لعب دور أكبر لتسوية الصراع في إثيوبيا، من خلال رعاية الوساطة مع إريتريا.([6])
ثالثًا: مخرجات الزيارة المعلنة وغير المعلنة:
لقد أسفرت هذه الزيارة عن العديد من المخرجات المعلنة وغير المعلنة، والتي يمكن عرضها فيما يلي:
أ- المخرجات المعلنة للزيارة:
عقب انتهاء جدول أعمال الزيارة تم إصدار بيان صحفي تناول أبرز مخرجات الزيارة المعلنة، والتي تمثلت فيما يلي:
1- إلغاء متطلبات تأشيرة السفر لمواطني البلدين: حيث تم الإعلان عن أنه تم التوصل إلى اتفاق يقضي بإلغاء متطلبات التأشيرة لمواطني البلدين؛ حيث أصبح من حق مواطني البلدين دخول بلديهما دون الحاجة للحصول على تأشيرة عند التخطيط للسفر سواء من كينيا أو إريتريا، وهو ما سيساهم في زيادة تسهيل عملية السفر بين البلدين، ويعزّز من العلاقات الثنائية بينهما، ويحسّن من العلاقات الشعبية بينهما، وهو ما يعزز أيضًا التكامل الإقليمي حسب ما تم التصريح به.([7])
2- التعاون المشترك داخل الاتحاد الإفريقي: حيث أعلن أيضًا عن أن البلدين سوف يتعاونان داخل الاتحاد الإفريقي بروح الوحدة الإفريقية، وهو ما يشير إلى الاتفاق خلال هذه الزيارة على التنسيق المشترك بين البلدين داخل الاتحاد الإفريقي في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
3- التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بقضايا منطقة القرن الإفريقي: حيث تم الاتفاق خلال الزيارة على العمل من أجل التكامل الإقليمي، وحماية السلم والأمن، وتحقيق التنمية والاستقرار في دول منطقة القرن الإفريقي، وهو ما يقتضي وجود قيادة ملهمة وحازمة تعمل من أجل تحقيق تلك الأهداف؛ بحسب البيان.
4- تعزيز معدلات التجارة والاستثمار على المستوى الإقليمي: حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز معدلات التعاون في المجال التجاري، والاستثمار، وذلك من خلال تطوير النقل البري والبحري والجوي في دول الإقليم، مع العمل على التغلب على التحديات التي تَحُول دون إتمام ذلك؛ من خلال تشجيع المبادرات الإقليمية التي تستفيد من عملية تجميع الموارد.([8])
ب- المخرجات غير المعلنة للزيارة:
نظرًا لكون المخرجات المعلنة للزيارة والتي وردت في البيان الصحفي الذي تم إعلانه عقب إتمام جدول أعمال الزيارة مقتضبة إلى حدٍّ ما، فقد تم البحث عن وجود مخرجات غير معلنة؛ وذلك لما يلي:
1- التقليل من مسألة إلغاء متطلبات تأشيرة السفر بين البلدين: وذلك لأنه غير مسموح قانونًا للمواطنين الإريتريين بمغادرة بلادهم، وبالتالي فإن مسألة إلغاء تأشيرة السفر إلى كينيا لن تكون ذات جدوى لهم؛ نظرًا لحاجتهم إلى حصول على إذن يسمح لهم بمغادرة البلاد، ومع ذلك يمكن أن يكون هذا الأمر ذا جدوى لهم في حالة صدور قرارات تلغي مسألة الحصول على إذن للسفر للخارج فيما يتعلق بدولة كينيا على الأقل، لكن قد لا يحدث ذلك؛ لكونه قد يُشكّل انطلاقة لهروب آلاف الشباب الراغبين من الخروج من إريتريا بسبب عمليات التجنيد الإجباري التي يخضعون لها، ويجدون السفر إلى كينيا طريقًا لتحقيق ذلك، ورغم التقليل من هذه المسألة بالنسبة لسفر الإريتريين إلى كينيا فعلى الجانب الآخر قد تحقق عملية إلغاء التأشيرة فرص استثمارية داخل إريتريا، تعود بالنفع على الجانب الاقتصادي في البلاد، وذلك في حالة دخول مستثمرين من كينيا إلى إريتريا، وإقامة مشروعات واستثمارات تصبُّ في صالح الشعب الإريتري.([9])
2- مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية المتعلق بحرب تيجراي: حيث يرى البعض أن أهمّ المخرجات غير المعلنة لهذه الزيارة هو ما تمت مناقشته بين الرئيسين فيما يتعلق بحضّ الجانب الإريتري على تخلّيه عن خيار التدخل في الحرب الأهلية الإثيوبية، خاصةً بعد الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لإنهاء هذا الصراع الذي طال أمده على مدار عامين، وعلى رأس تلك الجهود: جهود الاتحاد الإفريقي، والتي أسفرت عن الوصول إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية بين الحكومة الإثيوبية وقوات تيجراي، لكنَّ هناك العديد من المخاوف لعدم توقيع إريتريا على ذلك الاتفاق رغم كونها مُشاركًا في الصراع بصورة أساسية، ولم يتم ذِكْرها كذلك في اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقد أبدى قيادات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي مخاوفهم بالفعل من ذلك الأمر؛ حيث صرَّحوا بأنهم قاموا بسحب 65% من قواتهم من الخطوط الأمامية، ولكن لا يمكنهم سحب كامل قواتهم حتى تنسحب القوات الإريترية بالكامل؛ لكون الأهالي يشعرون بالقلق من الهجمات المستمرة التي تقوم بها القوات الإريترية الموالية للقوات الحكومية الإثيوبية، وبالتالي فإن أهم مخرجات زيارة الرئيس الكيني إلى إريتريا من المؤكد أنها تتعلق بوساطة كينيا للتأثير على الرئيس أفورقي ليسحب قواته العسكرية من أجل الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية، وإشراف كينيا على هذا الأمر، وما يعزّز ذلك الأمر مرافقة وزير الدفاع الكيني للرئيس ويليام روتو خلال هذه الزيارة، والذي تتمثل مهام عمله في الأمور العسكرية بالمقام الأول.([10])
الخاتمة:
في ختام هذه المقالة يمكن القول: إن هذه الزيارة سوف يتم التعويل عليها في تعزيز علاقات التعاون بين كينيا وإريتريا على المستوى الثنائي، كما أنها يمكن أن تساهم في تسوية الصراع الإثيوبي، من خلال استجابة الرئيس أفورقي لوساطة نظيره الكيني الجديد، نظرًا للضغوط الدولية والإقليمية والشعبية المفروضة عليه، والتي جعلته يفكر ولو بصورة جزئية في البحث عن حلفاء إقليميين يمكنه الاستناد عليهم للخروج من عزلته، وحل مشكلاته الداخلية.
_____________________
الإحالات والهوامش:
([1]( -” President William Ruto of the Republic of Kenya arrives in Asmara ” , at , https://shabait.com/2022/12/09/president-william-ruto-of-the-republic-of-kenya-arrives-in-asmara/ , 9/12/2022.
([2]( -” US Confirms Eritrea, Somaliland Exclusions From Africa Summit ” , at , https://www.voaafrica.com/a/us-confirms-eritrea-somaliland-exclusion-from-africa-summit/6866368.html , 7/12/2022.
([3]( -” THE IMPACT OF THE DJIBOUTI-ERITREA CONFLICT ON CITIZENS ” , at , https://borgenproject.org/the-djibouti-eritrea-conflict/ , 17/7/2021.
([4]( -Milena Belloni ; ” Young Eritreans explain why they are fleeing the country ” , at , https://www.theafricareport.com/15529/young-eritreans-explain-why-they-are-fleeing-the-county/ , 23/7/2019 .
([5]( -” President Kenyatta endorses Raila Odinga in upcoming presidential election ” , at , https://www.africanews.com/2022/02/24/president-kenyatta-endorses-raila-odinga-in-upcoming-presidential-election/ , 12/8/2021.
([6]-(Lauren Jackson ; “Ending a Civil War ” , at , https://www.nytimes.com/2022/12/11/briefing/ethiopia-war-tigray.html , 11/12/2022.
([7]( -” Kenya, Eritrea Agree To Abolish Visa Requirement For Their Nationals” , at , https://www.citizen.digital/news/kenya-eritrea-agree-to-abolish-visa-requirement-for-their-nationals , 10/12/2022.
([8]( -” COMMUNIQUE FOLLOWING OFFICIAL VISIT TO THE STATE OF ERITREA” , at , https://shabait.com/2022/12/10/communique-following-official-visit-to-the-state-of-eritrea/ , 10/12/2022.
([9]( -” Kenya-Érythrée: quel était le véritable sujet de la rencontre entre William Ruto et Isaias Afwerki“ , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20221211-kenya-%C3%A9rythr%C3%A9e-quel-%C3%A9tait-le-v%C3%A9ritable-sujet-de-la-rencontre-entre-william-ruto-et-isaias-afwerki , 11/12/2022.
([10]( -” Factbox: Key points in Ethiopia’s ceasefire agreement ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/key-points-ethiopias-ceasefire-agreement-2022-11-04/ , 4/11/2022 .