الأفكار العامة
– تقع سبع من الدول الـ12 المتأثرة بقرار حظر السفر الأمريكي الجديد في قارة إفريقيا.
– ينص القرار على منع مواطني هذه الدول من التقدُّم للحصول على فئات معينة من التأشيرات، دون أن يشمل ذلك جميع أنواع التأشيرات.
– تصريح الرئيس ترامب بإمكانية تعديل القرار مستقبلًا، سواء بإضافة دول جديدة أو شطب أخرى، وذلك في حال تحسّن الظروف.
– استناد ترامب في قراره إلى ذرائع أبرزها: ضعف قدرة تلك الدول على إصدار وثائق مدنية موثوقة، ورفض بعضها سابقًا استعادة مواطنيها المخالفين، إضافةً إلى انتهاك جالياتها لقوانين التأشيرات الأمريكية، ربما لتغطية الصبغة الدينية التي اتسم بها حظره في ولايته الأولى.
– استغلال ترامب الهجوم الإرهابي المزعوم الذي وقع مؤخرًا في مدينة بولدر بولاية كولورادو، لربط الأمر بعدم ضبط الجاليات في الولايات المتحدة بالشكل المناسب.
– اعتقاد بعض الباحثين أن القائمة تفتقر إلى الشفافية، وأنها مدفوعة بدوافع سياسية أو عِرْقية أكثر من كونها مبنية على اعتبارات أمنية حقيقية، خصوصًا أن الدول المُدْرَجَة لم يثبت تورطها -حديثًا- في أيّ هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة.
بقلم: جيليلت أولاولي
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حظر سفر جديد يشمل 12 دولة، من بينها سبع دول إفريقية، في خطوة أثارت تفاعلًا واسعًا وتساؤلات على المنصات الاجتماعية ونتائج البحث عبر Google Trends في أنحاء القارة.
وحول هذا القرار تُثار عدة تساؤلات نسعى للإجابة عنها فيما يلي:
ما هي الدول المعنية بقرار حظر السفر الأخير؟
يشمل الحظر الجديد دولًا إفريقية هي: إريتريا، تشاد، السودان، الصومال، غينيا الاستوائية، الكونغو–برازافيل، وليبيا. أما الدول الأخرى فهي: أفغانستان، ميانمار، هايتي، إيران، واليمن.
كما فُرضت قيود جزئية على عدد من الدول الأخرى، منها: بوروندي، توغو، سيراليون (في إفريقيا)، إلى جانب كوبا، لاوس، تركمانستان، وفنزويلا.
بموجب هذا القرار، يُمنَع مواطنو هذه الدول من التقدُّم للحصول على فئات معينة من التأشيرات، مثل تأشيرات الطلبة للدراسة أو تأشيرات السياحة. في المقابل، لا يزال من الممكن الحصول على أنواع أخرى من التأشيرات بحسب كلّ حالة.
هل هناك موعد نهائي لرفع الحظر؟ وما الذي يتعين على الدول فِعْله حتى يتم رفعها من قائمة الحظر؟
دخل قرار حظر السفر الأمريكي الجديد حيّز التنفيذ في تمام الساعة 00:01 بتوقيت واشنطن (04:01 ت.غ) يوم الاثنين 9 يونيو الجاري، دون تحديد تاريخ لانتهائه. ورغم ذلك، فإن التأشيرات التي تم إصدارها قبل هذا الموعد ستظل سارية، بحسب المرسوم الرئاسي.
وأشار الرئيس دونالد ترامب إلى أن قائمة الدول المشمولة بالحظر قابلة للمراجعة، في حال أُجريت ما وصفها بـ”تحسينات جوهرية” على أنظمة تلك الدول. كما ترك الباب مفتوحًا لإضافة دول أخرى، استنادًا إلى “التهديدات الناشئة في العالم”.
لماذا تم استهداف هذه الدول الإفريقية؟
برّر ترامب القرار بعدة أسباب؛ منها: ضعف أنظمة إصدار جوازات السفر والوثائق المدنية في بعض هذه الدول، ورفض بعضها في السابق استعادة رعاياها المخالفين داخل الأراضي الأمريكية. كما أشار إلى انتهاكات مزعومة لقوانين التأشيرات مِن قِبَل مواطني هذه البلدان، بالإضافة إلى مخاوف تتعلق بالأمن والسلامة العامة للمواطنين الأمريكيين.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون: إن القيود تهدف إلى “حماية الأمريكيين من عناصر أجنبية خطيرة”، مشيرة في مقابلة مع شبكة “سي بي سي” إلى أن القرار يستهدف الدول التي تسجل معدلات عالية لتجاوز مدة التأشيرة، أو لا تتعاون بشكلٍ كافٍ في تبادل المعلومات”.
أمن قومي أم اعتبارات سياسية؟
رغم تبرير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار حظر السفر الجديد بدواعٍ أمنية، أثار ربطه بالهجوم الإرهابي المزعوم الذي وقع مؤخرًا في مدينة بولدر بولاية كولورادو تساؤلات واسعة، خصوصًا أن المشتبه به في الهجوم مواطن مصري، بينما لم تشمل القائمة مصر.
يؤكد منتقدو القرار أن القائمة تفتقر إلى الشفافية، ويبدو أنها مدفوعة باعتبارات سياسية أو عرقية، لا سيما أن بعض الدول ذات التهديدات الأمنية الفعلية لم تُدْرَج، في حين أن دولًا أخرى مُدْرَجَة ليس لها سجلّ حديث في الحوادث الإرهابية داخل الولايات المتحدة.
وأعرب الاتحاد الإفريقي عن “قلقه من التأثير السلبي المحتمل” لهذا القرار، داعيًا واشنطن إلى اتباع “مقاربة أكثر تشاورية مع الدول المعنية”. من جهتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية القرار “تمييزيًّا وعنصريًّا وقاسيًا”، بينما وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش أولاً بأنه “إجراء عقابي جديد ضد المهاجرين”.
وفي ردّ دبلوماسي، عبَّر سفير الصومال لدى الولايات المتحدة عن استعداد بلاده للحوار لمعالجة المخاوف، رغم وصف ترامب للصومال بأنها “ملاذ للإرهابيين”!!
ما تداعيات الحظر على العائلات والمهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة؟
رغم القيود الصارمة التي يفرضها قرار حظر السفر الجديد، يتضمَّن المرسوم عددًا من الإعفاءات التي تُخفّف من تأثيره على بعض العائلات والمهاجرين المقيمين بالفعل في الولايات المتحدة.
ويشمل الإعفاء الفئات التالية:
– حاملو البطاقة الخضراء (Green Card) الذين يمكنهم الاستمرار في دخول البلاد.
– الأطفال الذين تم تبنّيهم مِن قِبَل مواطنين أمريكيين.
– الأشخاص مزدوجو الجنسية، في حال كانت إحدى الجنسيات أمريكية.
– أفراد الأسرة المباشرون لمواطني الولايات المتحدة (الآباء، الأزواج، الأبناء).
– الرعايا الأجانب العاملون مع الحكومة الأمريكية في الخارج لأكثر من 15 عامًا، وأفراد عائلاتهم.
– حاملو تأشيرات الهجرة من الأقليات المُهدَّدة في إيران، والمواطنون الأفغان الحاصلون على تأشيرات هجرة خاصة.
ورغم أن القرار يُقيِّد دخول مواطني 12 دولة، إلا أن هذه الإعفاءات تُبقي الباب مفتوحًا أمام بعض الفئات للدخول بشكل قانوني.
إمكانية الطعن على القرار قانونيًّا
أشار الصحفي “جيف ميسون” من وكالة “رويترز” إلى أن الحظر الجديد يشبه ذلك الذي صدر في 2017م، واستهدف دولًا ذات أغلبية مسلمة. ومع أنه صدر هذه المرة بصيغة إعلان رئاسي، إلا أنه يُتوقَّع أن يواجه طعونًا قانونية مماثلة.
وترى الإدارة الأمريكية أن لديها الصلاحية الكاملة لفرض مثل هذا الحظر، لكنّ الجدل القانوني المتوقع قد يؤثر في كيفية تطبيقه لاحقًا، خاصةً على القادمين من الدول المشمولة بالقرار.
هل كان هذا الحظر مفاجئًا؟
لم يكن قرار الحظر الجديد مفاجئًا للمراقبين الذين تابعوا سياسات الرئيس دونالد ترامب عن كثب، خصوصًا بعد عودته إلى البيت الأبيض. فالقرار يُعدّ امتدادًا لحملته المتواصلة لتشديد سياسة الهجرة، وقد سبقه حظر مشابه خلال ولايته الأولى في عام 2017م، حين استهدفت القائمة دولًا من بينها الصومال وتشاد، وهما مُدْرَجَتان مجددًا في الحظر الحالي.
هل يمكن أن يؤثر هذا الحظر على الفِرَق الوطنية التي تُخطّط للمشاركة في كأس العالم 2026م في الولايات المتحدة؟
الجانب الإيجابي بخصوص الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) هو أن مرسوم الرئيس ترامب يتضمَّن إعفاءً صريحًا يشمل الرياضيين، وأعضاء الفِرَق، والمدربين، وموظفي الدعم، بالإضافة إلى أقاربهم المباشرين، عند سفرهم للمشاركة في الفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية.
بموجب هذا الاستثناء، ستتمكن إيران، التي ضمنت تأهلها إلى نهائيات كأس العالم 2026م، من إرسال منتخبها الوطني والطاقم الإداري والفني المرافق.
غير أن اللاعبين لن يُسمح لهم باصطحاب الأصدقاء أو أفراد العائلة الممتدة من المواطنين الإيرانيين؛ إذ يقتصر الإعفاء على الأقارب المباشرين فقط.
ما أوجه الاختلاف بين الحظر الحالي عن نظيره في 2017م؟
يمثل الحظر الجديد امتدادًا لحظر السفر الذي أصدره الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى في عام 2017م، والذي استهدف حينها سبع دول ذات أغلبية مسلمة، ما دفَع كثيرين إلى وصفه بـ”الحظر الإسلامي”. وقد واجه المرسوم حينها سلسلة من الطعون القضائية، قبل أن تُقِرّه المحكمة العليا الأمريكية عام 2018م. ثم تعرَّض الحظر المعنيّ -لاحقًا– للإلغاء من الرئيس جو بايدن فور توليه الرئاسة عام 2021م.
لكنّ النسخة الحالية تختلف في الجوهر والشكل. وفقًا لمراسل الشؤون الأمريكية جيك كوون، لم تَعُد السياسة الجديدة تعتمد على الانتماء الديني، بل على عوامل أخرى مثل معدلات تجاوز مدة التأشيرة، وغياب التعاون الأمني، وعدم الاستقرار السياسي في الدول المعنية.
كما أن الحظر الجديد أكثر اتساعًا؛ إذ يشمل 12 دولة مقارنة بـ7 فقط في 2017م. وعلى عكس النسخة الأصلية التي كانت محدودة المدة (90 أو 120 يومًا)، لا يتضمن الحظر الحالي تاريخًا محددًا للانتهاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/c5yqz745v7yo