الأفكار العامة:
– استعداد إيكواس للاحتفاء بالذكرى الخمسين من تأسيسها في ظل تحديات وجودية جسيمة.
– نبعت فكرة إنشاء إيكواس من رغبة زعماء دول غرب إفريقيا في تعزيز التكامل الاقتصادي، وتشجيع حرية تنقل الأفراد، وتعزيز السلم والأمن.
– تدخُّل الجناح العسكري لإيكواس (إيكوموغ) في الحروب الأهلية في ليبيريا وسيراليون، والوساطة في الأزمات في ساحل العاج وغينيا بيساو وغامبيا.
– تطلُّع المؤسسين الأوائل إلى الوصول إلى قارة موحدة عبر منطقة موحدة، من منطلق القواسم المشتركة.
– إيجاد عملة إقليمية فرعية موحدة (رغم احتمال إطلاقها في 2027م)، يظل أحد أهم التحديات إلى جانب الأزمات القائمة وخيبة أمل شعوب المنطقة، وإشكالية عدم احترام مبادئ المنظمة من بعض الأعضاء.
– حرية التنقل التي يتباهى بها زعماء إيكواس مجرد سراب نتيجة تعرُّض مواطني كلّ دول المجموعة للابتزاز فور الوصول إلى حدود الدول الأعضاء الأخرى.
بقلم: كريس إيووكور
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
في الذكرى الخمسين من تأسيسها، قطعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) شوطًا طويلًا، متجاوزة العواصف والإنجازات والتحديات ككتلة ناضجة؛ يقول وزير الخارجية النيجيري السفير يوسف توغا: “في بعض الأحيان نأخذ على محمل الجد حجم الإنجازات التي حققناها”.
وقد نشأت فكرة التكتل الإقليمي عندما سعى زعماء غرب إفريقيا إلى جمع المنطقة وشعوبها من خلال الوحدة الإفريقية والتعاون الاقتصادي.
في 28 مايو 1975م، أصبح إنشاء الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) حقيقة واقعية على خلفية توقيع رؤساء الدول من مختلف أنحاء غرب إفريقيا على معاهدة لاغوس.
وكانت الرؤية طموحة، وتتمثل في تعزيز التكامل الاقتصادي، وتشجيع حرية تنقل الأشخاص، وتعزيز السلام والأمن.
أما بالنسبة للشعوب التي تتقاسم تاريخًا مشتركًا يتميز بالعبودية والحدود الاستعمارية والتخلف؛ فقد لاقت فكرة الاتحاد للدفاع عن أيديولوجية مشتركة ترحيبًا واسع النطاق.
لكن بينما تستعد الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للاحتفال باليوبيل الذهبي الذي تحتفل به، فإن الأزمات السياسية الأخيرة وخيبة الأمل تُشكِّل تهديدًا لمستقبلها.
حفظ السلام وبناء الأمة:
طوال الجزء الأكبر من تاريخها؛ حظيت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بالثناء تقديرًا لمواقفها الاستباقية بشأن السلام والأمن. ومن خلال جناحها العسكري، المعروف باسم مجموعة مراقبة الإيكواس أو إيكوموغ، تدخلت المجموعة في الحروب الأهلية الوحشية في ليبيريا وسيراليون، مما ساعد في استعادة الاستقرار.
وفي وقت لاحق، لعبت المجموعة أيضًا دور الوسيط في الأزمات في ساحل العاج وغينيا بيساو وغامبيا.
وفي حديثه لبي بي سي، قال رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “عليو عمر توراي”: إن رؤية الآباء المؤسسين للمجموعة كانت تطلق من رؤية منطقة موحدة تمهيدًا إلى قارة موحدة.
ويوضح قائلًا: “في ذلك الوقت، كان الهدف هو معرفة كيف يمكن للمواطنين الاستفادة من التكامل الوظيفي، وخاصةً فيما يتعلق بالتجارة وحرية التنقل”، مضيفًا: “ونظرًا لأهمية التجارة في إحداث التنمية، فقد كان من المأمول أن يؤدي التبادل التجاري داخل المنطقة إلى خلق تكامل أكبر والمساعدة في انتشال شعوبنا من براثن الفقر وتعزيز الوحدة الإفريقية التي حلمنا بها جميعًا، والتي لا تزال حلم جميع القادة في القارة”.
ويقول توراي: “إن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تظل نموذجًا للمجتمع الاقتصادي الإقليمي في إفريقيا؛ حيث تسمح بحرية التنقل والتجارة دون رسوم جمركية”.
باستخدام بطاقة هوية -بطاقة الهوية البيومترية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا-، يمكنك السفر من لاغوس إلى داكار دون تأشيرة. بالنسبة لنا نحن المسافرين داخل قارتنا، نعلم أن هذه ليست مهمة سهلة؛ على حد قوله.
ويستشهد بمثال رجل أعمال إفريقي بارز ادَّعى أنه يحتاج إلى 39 تأشيرة للسفر إلى بقية القارة، مشيرًا إلى أن أي دولة في غرب إفريقيا لن تطلب تأشيرة لمواطن عادي، فضلاً عن رجال الأعمال.
ويقول رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وزير الخارجية النيجيري، السفير يوسف توغار: إن المنظمات الإقليمية أصبحت، إلى جانب التنقل الفردي، ركائز مؤسسية لدعم البلدان الأعضاء.
خذ على سبيل المثال: إنجازات منظمة الصحة لغرب إفريقيا (WAHO) نادرًا ما نسمع عن هذه النجاحات، كما يقول.
“ونحن نشهد أيضًا مشاريع كبرى للبنية الأساسية والممرات، مثل مشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي الإفريقي، الذي سيمتد من نيجيريا على طول ساحل غرب إفريقيا إلى المغرب، مع إمكانية توريد الغاز إلى أوروبا.”
ورغم ذلك، فإن إحدى المبادرات الرئيسية للاتحاد التي لم تتحقق بعدُ هي مشروع إدخال عملة إقليمية فرعية واحدة.
لقد تم طرح هذا المشروع لأول مرة بعد عشرين عامًا من تشكيل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ولكنه لم يتحقق بعد، على الرغم من أن الزعماء الإقليميين يقولون: إنه لا يزال احتمالًا قائمًا.
في أبريل من هذا العام، اجتمع محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية في غرب إفريقيا في “أبوجا” لتأكيد التزامهم بالعملة الموحدة، وحددوا موعد إطلاق جديد في عام 2027م.
ويعتقد الزعماء أن لديهم الإرادة السياسية، ولكنّهم يؤكدون استمرار عدم احترام بعض الدول الأعضاء للمبادئ الاقتصادية الأساسية.
فشل دبلوماسي في منطقة الساحل:
لكن على الرغم من كل نجاحاتها، فإن مستقبل الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا غير مؤكد.
فهذا التكتل الذي كان يُحتفَى به سابقًا كنموذج للتكامل الإقليمي، يعاني من التشرذم والأزمات السياسية وخيبة الأمل المتزايدة لدى الأشخاص الذين يُفترَض أن يخدمهم.
فخلال السنوات الأربع الماضية، قام مجموعة من شباب الضباط العسكريين بتنظيم انقلابات في منطقة الساحل، ما أدى إلى تغييرات غير دستورية في العديد من دول المنطقة. فمنذ عام 2020م، أطاحت الانقلابات بحكومات مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر.
كانت نقطة التحول بالنسبة إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، في يوليو 2023م، عندما أطاح حرس رئيس النيجر محمد بازوم بزعيمهم وسجنوه.
وفي محاولة منهم لإسقاط الانقلاب، أصدر قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إنذارات نهائية، وفرضوا عقوبات اقتصادية كبيرة، وحتى هددوا بالتدخل عسكريًّا، من دون جدوى.
أدَّى ذلك في نهاية المطاف إلى قطع العلاقات بين الكتلة والنيجر وبوركينا فاسو ومالي. ثم انسحبت هذه الدول الثلاث من المجموعة الاقتصادية.
دفع رحيلهم المراقبين السياسيين إلى التساؤل عما إذا كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قد أصبحت “كلبا ينبح ولا يستطيع العضّ”.
قال رئيس مفوضية “إيكواس”، “أليو عمر توراي”: إنه لا يمكن لومه على السماح لدول الساحل الثلاث بالانسحاب من المنظمة”. مؤكدًا أن الانضمام إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أمر طوعي، وأن أيّ قرار بالانسحاب يُحتَرم بوصفه إجراءً سياديًّا من جانب الدولة العضو المعنية.
خيبة الأمل:
وليس انسحاب الأعضاء فقط هو الذي يُهدِّد مستقبل الكتلة الإقليمية؛ حيث إن في مختلف أنحاء غرب إفريقيا يُعرب المواطنون العاديون عن مشاعر متضاربة بشأن فعالية وأهمية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
ويقول البعض: إنهم يُقدِّرون المبادئ السامية التي تبنّتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، ولكنهم يشعرون بالإحباط من تطبيقها لبروتوكول حرية التنقل.
ويزعمون أن العديد من إنجازات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تتعرض للتراجع بسبب عدم التنفيذ وانعدام الثقة المتزايد بين الأعضاء.
ويقول نانا أدجاي في غانا: “يجد العديد من الأشخاص صعوبة في الانتقال من مكان إلى آخر، وخاصةً عند الوصول إلى الحدود، كما يقول المسؤولون”، ويزعم أن مسؤولي الحدود يُضايقون المسافرين ويبتزون الأموال منهم.
ويعترف الغاني مارفيس سيجورو بأن حرية التنقل التي يُروّج لها زعماء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ليست فعَّالة؛ “فعندما يتعلق الأمر بالسفر من بلد إلى آخر، نواجه مشكلة”؛ على حد تعبيره.
سافرتُ مؤخرًا من “أكرا” إلى “لومي”؛ حيث نتعرض دائمًا لمشكلة المطالبة بدفع المال، وحتى في حال توفير جميع وثائقك. عند تقديم وثائقك، يطلبون بطاقة التطعيم، وبطاقة الحمى الصفراء، ثم يحاولون الحصول على المال منك؛ كما يضيف.
ومع بقاء 12 عضوًا فقط وتزايد الدعوات إلى الإصلاح، يتساءل البعض عما إذا كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قادرة على الاستمرار أم لا.
ولكن رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “عمر عليو توراي”، يعتقد أن هناك الكثير مما نتطلع إليه قائلًا: “أعلم أن سكان غرب إفريقيا يدعمون بشدة تماسك الكتلة ووحدتها”.
قد تكون هناك تحديات، لكنّها ليست مستعصية على الحل. ومن خلال الحوار والتعاون، ينبغي أن نتمكّن من حلّ بعض هذه الخلافات وضمان وحدة منطقتنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/cy0kyzx4gpro