الأفكار العامة
- فوز الجنرال نغيما، بنسبة 90.35% من الأصوات، يُذكّرنا بعهْدَي بونغو الأب والابن.
- آلان كلود بيليه نزي، زعيم المعارضة، يُندِّد بالتزوير وفقدان الشفافية لا سيما بلوغ نسبة المشاركة 100% في العديد من القرى في وولو-نتم وهوت-أوغوي.
- وفقًا للغالبية العظمى من الشعب: كانت الانتخابات أمرًا مفروغًا منه.
- النشوة الشعبية في أحياء معاقل المعارضة داخل العاصمة وخارجها عقب إعلان فوز الجنرال.
- الرئيس الفرنسي يهنئ الجنرال بفوزه عقب إعلان النتائج.
- إعلان السلطات في البداية عن نسبة مشاركة تزيد عن 87% قبل تعديلها خلال الليل.
بقلم: صوفي إيجي
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
بعد فوزه بنسبة 90.35% من الأصوات، يتحوَّل زعيم الانقلاب على “علي بونغو” من انقلابي إلى رئيس منتخب. وعلى الرغم من إشادة باريس بانتصاره إلا أن انتصاره لا يُزيح الشكوك أو ظلال نظام “بونغو”.
فاز “بريس أوليغي نغيما” في الانتخابات الرئاسية الغابونية بنسبة 90.35% من الأصوات، ماحِيًا بذلك نهائيًّا صفة الانقلابي العسكري، مرتديًا عباءة الرئيس الديمقراطي. وقد تغلَّب على خصومه بهامش واسع، بما في ذلك آخر رئيس وزراء في عهد “علي بونغو”، وهو “آلان كلود بيليه نزي”، الذي كان يتمتع مع ذلك بدعم كبير في الشتات. ورغم ذلك، فشلت هذه الانتخابات غير المسبوقة في الحدّ من شبهات الغش.
فقد أبقى البث المباشر على القنوات التلفزيونية الوطنية الشعب الغابوني على حافة مقاعدهم لساعات طويلة؛ فقد كان من المتوقع في البداية أن تُعلَن نتائج الانتخابات الرئاسية الغابونية في الساعة 1.30 بعد ظهر يوم الأحد 13 أبريل قبل إعلانها في النهاية بعد الساعة 4.30 مساءً؛ حيث فاز بريس أوليغي نغيما بنسبة 90.35% من الأصوات. وقد حصل الجنرال على نسبة تصل إلى 97.18% في مقاطعة وولو نتيم مسقط رأسه في شمال البلاد.
لا مفاجآت:
وقد أعقب الإعلان عن النتائج نشوة عارمة لدى أنصار الجنرال عقب الإعلان عن النتائج، واستيقظت منطقة “باس” في حي “غوي-غوي” في شمال العاصمة، التي كانت هادئة على غير عادتها في بداية الظهيرة، ببطء في المساء للاحتفال بانتخاب رئيس المرحلة الانتقالية. وبحلول نهاية يوم الأحد 13 أبريل، سادت أجواء الابتهاج المحلات التجارية التي كانت لا تزال مفتوحة على طول تقاطع شاربوناج.
كانت الأجواء في تناقض صارخ مع المظاهرات الغاضبة التي تم قمعها بقسوة في نفس المكان في عامي 2009 و2016م عقب انتخاب علي بونغو. لكنها تُذكّرنا بالفرحة الجماعية التي تم التعبير عنها في أعقاب انقلاب 30 أغسطس 2023م. لكن هذه المرة، لم يكن صعود الجنرال إلى سدة الحكم بالقوة المسلحة، بل بنتائج صناديق الاقتراع.
“لقد فعلها وحققها”؛ كما يقول أحد كبار السن، وقد بدت عليه الدهشة بشكل غريب، كما لو أنه لم يكن يتوقع ذلك. ولكن وفقًا للغالبية العظمى كانت الانتخابات أمرًا مفروغًا منه. وفي هذه الأثناء صرخ أحد الشباب “هل هو جيد أم سيئ؟”؛ فأجابه الحشد الصغير المتجمع حوله “إنه جيد” في إشارة إلى بريس أوليغي نغيما. ثم بدأ الحشد في الهتاف “أوليغي الرئيس”.
وعلى مسافة بعيدة، كان هناك صخب وضجيج؛ حيث خرج الشعب الغابوني إلى الشوارع في الأحياء المجاورة. ولكن على الواجهة البحرية، وباستثناء بعض أبواق الفرح المدوية، لم تتفاعل العائلات التي كانت تستمتع باللحظات القليلة الأخيرة من أشعة الشمس في وقت متأخر من بعد الظهر.
“حسنًا، لم تكن مفاجأة”؛ كما صرَّحت إحدى الأمهات، لكنها كانت سعيدة “على الرغم من ذلك” بالنتيجة.
مع حصوله على أكثر من نصف الأصوات لصالحه في الجولة الأولى، سحق رئيس المرحلة الانتقالية، بشكل غير مفاجئ، خصومه السبعة، بمن فيهم “آلان كلود بيلي باي نزي”، آخر رئيس وزراء للرئيس المخلوع، الذي حصل على 3.2% فقط من الأصوات. حتى إن هذه النتائج جعلت من غير الضروري إجراء جولة ثانية، كما هو منصوص عليه في قانون الانتخابات.
شارك الشعب الغابوني بكثافة في هذه الانتخابات التاريخية التي كانت بمثابة نهاية المرحلة الانتقالية وبداية عهد جديد. ووفقًا لوزارة الداخلية، شهدت الانتخابات إقبالًا “تاريخيًّا”؛ حيث شارك فيها 70% من الناخبين. وقد تم الإعلان في البداية عن نسبة تزيد عن 87% إلا أن السلطات عدلت هذه النسبة إلى أقل من ذلك خلال الليل.
“أود أن أُشيد على وجه الخصوص بنضج الشعب الغابوني الذي تميز خلال العملية الانتخابية”، هذا ما أعلنه الرئيس الجديد للغابون من مقر حركته “لي باتيسير” في أكاندا، بينما كان ينتظر تأكيد النتائج مِن قِبَل المحكمة الدستورية. وفي خطاب عاطفي قصير؛ حثَّ الشعب الجابوني على تجنُّب الفوضى؛ قائلاً: “علينا الآن أن نطوي صفحة الانتخابات الرئاسية. إن بلدنا في طور البناء، وأدعوكم إلى استئناف أنشطتكم المهنية”؛ ختم قائد الجيش السابق قبل أن ينزوي إلى جانب عقيلته.
عدم زوال العادات السيئة بسهولة:
في اليوم السابق، في مقر أكاندا نفسه، كانت النتائج الواردة من المحافظات تصل عبر قنوات الواتساب. وفي الواقع، سادت النشوة على المؤيدين الذين حضروا بأعداد كبيرة للاستمتاع بالبوفيه والمشروبات؛ نتيجة فوزهم في الانتخابات. عززت النتائج الواردة من 96 مركز اقتراع في الخارج، والتي كان الجيش هو الفائز الواضح فيها، ثقة الناخبين في ليبرفيل.
لكن سرعان ما تحول هذا الارتياح إلى إحراج من جانب المنسقين. ففي وقت مبكر من المساء، كان أنجيس كيفن نزيغو، مدير الحملة الانتخابية، مستلقيًا في مكتبه في وقت مبكر من المساء، يتساءل عن نسبة المشاركة التي بلغت 100% في العديد من القرى في وولو-نتم وهوت-أوغوي. وأعربت إحدى المتحدثات عن أسفها قائلة: “لا تتلاشى العادات السيئة بسهولة”.
من خارج الميكروفون، فهمنا أن الشكوك تراود “القدامى” الذين لا يستطيعون القيام “بما كانوا يفعلونه دائمًا من أجل البونغو”. وطوال الأمسية، بالكاد أخفى الفريق استياءه من هذه النتائج غير المحتملة، ولكن عندما انتهى كل شيء يوم الأحد، بدا فريق الباتيسير سعيدًا بتجاوزه علامة 90٪ بقليل. وهي نتيجة كان من شأنها أن تدعم الشكوك حول التزوير.
والأكثر من ذلك أن حاشية “بريس أوليغي نغيما” كانت تحاول منذ عدة أسابيع تنظيم -ولا تزال تأمل- وصول إيمانويل ماكرون في المستقبل القريب. “لن يبدو الأمر جيدًا إذا حصلنا على نتيجة مثل عليّ”؛ يتهامسون في المقر الرئيسي؛ وذلك دليل على أن إستراتيجية إضفاء الشرعية بدأت تؤتي ثمارها؛ فبعد ساعات قليلة من إعلان النتائج، رفع الرئيس الفرنسي سماعة الهاتف لتهنئة الرئيس المنتخب. وهي علامة على الاعتراف الدبلوماسي الذي -من دون أن يكون تأييدًا- يرسّخ تحوّل الانقلابي السابق إلى رجل دولة شرعي على الساحة الدولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: