يتحدَّث الشعب الإريتري تسع لغات؛ ثمانية منها تُعتبر لهجات محلية، تتحدثها القوميات المختلفة، بجانب اللغة العربية التي تُعتبر هي والتجرينية، اللغتين الأكثر انتشارًا في إريتريا؛ تتواصل بهما القوميات المختلفة فيما بينها، وتليهما لغة التجري في الانتشار. وتُفضِّل الغالبية العظمى من سكان إريتريا استخدام اللغة العربية؛ لارتباطها بالدين والتراث الإسلامي؛ حيث إن أغلب سكان إريتريا مسلمون، كما أنها لا تزال اللغة الرسمية في دواوين الدولة والإذاعة والتلفزيون، والصحيفة الرسمية الناطقة باسم الدولة، وهي صحيفة إريتريا الحديثة تصدر باللغة العربية([1]).
ويقسم الباحثون اللهجات الإريترية الثمانية، بخلاف العربية، إلى ثلاث مجموعات لغوية، وهي؛ مجموعة اللغات السامية، ومجموعة اللغات الحامية (الكوشية)، ومجموعة اللغات النيلية (الإفريقية).
1- مجموعة اللغات السامية:
تضم اللغتين التجرينية والتجري، وهما لغتان منحدرتان من اللغة (الجئزية) القديمة ذات الأصول السبئية العربية، وقد حلت هاتان اللغتان محلها، بعد أن بطل الحديث بها مع اضمحلال دولة أكسوم النصرانية في القرن الثامن الميلادي. ويوجد تشابه كبير بين اللغة التجرينية ولغة التجري واللغة العربية في الأصول، وفي كثير من المفردات، باعتبار وحدة الأصل وهو الأصل السامي.
واللغة التجرينية لغة مكتوبة بالحرف الحميري القديم، وهو نفس الحرف المستعمل في اللغة الجئزية القديمة، وفي اللغة الأمهرية في إثيوبيا. وتنتشر التجرينية في محافظات (سراي) و(حماسين) و(أكلي قوزاي)، ومعظم المتحدثين بها يدينون بالمسيحية، وبجانب أقلية مسلمة تسكن إقليم الهضبة وهم (الجبرتة).. أما لغة تجري، فتنتشر في شرق إريتريا وشمالها وغربها، في المناطق ذات الأغلبية الإسلامية، وعدد المتحدثين بها أقل من اللغة التجرينية([2]).
2- مجموعة اللغات الكوشية الحامية:
تضم لغة البجة (الحدارب) المنتشرة بين قبائل البني عامر في وادي بركة الأسفل، وهناك لغة (البلين)، التي تنتشر حول (كرن) وما حولها، وتعتبر إحدى لهجات الاقو، هذا بالإضافة إلى لهجات (الدناكل) و(الساهو)([3]).
3- مجموعة اللغات النيلية:
وتضم لهجة (نارا) ولهجة (بازا)، وهي لهجات تتحدثها الأقليات العرقية ذات الأصول العرقية النيلية التي تعيش في الأجزاء الغربية والجنوبية الغربية من البلاد، وتتحدث لهجة (نارا) قبيلة (الباريا) التي تقطن منطقة (مقراييب) و(هقر) بإقليم القاش، كما تتحدث بها قبيلة (إيليت) المنتشرة من (هيكوتة) حتى مشارف (تسني) في الحدود السودانية. أما لهجة (بازا) فتتحدَّث بها قبيلة (كوناما) الموجودة في بارنتو وضواحيها، في إقليم القاش وستيت([4]).
الوضع الدستوري للغات في إريتريا:
اعتمد أول دستور إريتري، العربية والتجرينية لغتين رسميتين في إريتريا، حسب المادة 38 منه، وهو الدستور الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو من العام 1952م، وأقرها البرلمان الإريتري، في تلك الفترة. واستُخدمت اللغتان في كافة نشاطات الدولة في بداية العهد الفيدرالي، حتى تم إلغاؤهما مِن قِبَل سلطات الاحتلال الإثيوبي([5])، وذلك عندما فرضت إثيوبيا سيطرتها على إريتريا وألغت الاتحاد الفيدرالي في 14/11/1962م، فألغت اللغتين العربية والتجرينية، تبعًا لذلك، ومنعت تدريسهما في مدارس، وحاولت فرض اللغة الأمهرية مكانهما([6]).
وخلال فترة الكفاح من أجل التحرير، كانت اللغة العربية من الثوابت الوطنية المُجمَع عليها مِن قِبَل كل الفصائل الإريترية، وعبرها وجدت المقاومة الإريترية دعمًا ومساندة من الدول العربية والإسلامية([7]).
وبعد تحرير إريتريا في عام 1991م، وإعلان الاستقلال رسميًّا عام 1993م، كان واضحًا أن نظام الحكم في إريتريا الذي تسيطر عليه الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا، يتبنَّى موقفًا مناهضًا لاعتبار اللغة العربية لغة رسمية في البلاد، ظهر ذلك في منشوراتهم وفي خطابات الرئيس إسياس أفورقي، وفي كثير من الخطوات العملية. ومن أهم تلك الخطوات: أنه لمّا تم اعتماد الدستور الحالي في البلاد الذي صادق عليه المجلس الدستوري 23 مايو 1997م، اختفت منه المادة التي تنص على أن (التجرينية) و(العربية) هما لغتان رسميتان في إريتريا، وحلت محلها “المادة الرابعة: الشعارات واللغات الوطنية” التي نصت في البند (3) على الآتي: (يضمن هذا الدستور المساواة بين كافة اللغات الإريترية).
وتحولت قضية الوضع الدستوري اللغة العربية إلى موضوع صراع هوية، ودار جدل ومناقشات طويلة، بين المناهضين لاعتبار اللغة العربية لغة رسمية، وغالبيتهم من النصارى، وبين الداعين لاعتماد اللغة العربية لغة رسمية في البلاد.
اللغة العربية في إريتريا:
وجود اللغة العربية في إريتريا وجود قديم، وهو مرتبط بتاريخ العلاقة بين إريتريا وبين جزيرة العرب، فالصلات العربية مع الشواطئ الإريترية تمتد في عمق التاريخ، بل تتجاوز زمن ظهور الإسلام نفسه، حيث يذكر المؤرخون أن تلك الصلات تمتد إلى نحو ما يربو على ثلاثة آلاف سنة، ويؤكد البروفيسور يوسف فضل حسن أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الخرطوم، أن التواصل وتبادل المنافع بين ضفتي البحر الأحمر ظل مستمرًّا، ولا يزال، على مدى قرون طويلة، انتقلت خلالها اللغة والثقافة العربية إلى إريتريا من خلال ما أسماه بـ”التغلغل الصامت”، وهذا التغلغل بلغ مداه وتحوَّل إلى هجرات كبيرة، عقب انهيار سد مأرب؛ حيث بدأت الهجرات الكبرى لقبائل “حبشت وأجعازيان من اليمن إلى الحبشة (التي كانت تضم كلّ إريتريا وشمال إثيوبيا الحالية)([8]).
ويهتم الباحثون بملاحظة الصلات بين العرب في عصرهم الجاهلي وبين إريتريا، التي كانت هي المدلول الجغرافي لمسمى (الحبشة) في تلك العصور، ويُنبِّه بعضهم إلى أن الإشارة إلى ميناء (عدوليس) أو(عدل) وردت في الشعر الجاهلي([9])، ويعنون بذلك ما جاء في معلقة طرفة بن العبد:
(عدولية) أو من سفين بن يامنٍ *** يجور بها الملاح طورًا ويهتدي
ولا شك أن ظهور الإسلام كان له دور كبير في توطيد هذه الصلات، ونقل اللغة العربية إلى الداخل الإريتري، منذ الهجرة الأولى للصحابة الكرام، التي كانت في رجب من العام الثامن قبل الهجرة، وكانت إريتريا هي المركز الثاني الذي انطلق منه الإسلام بعد مكة؛ حيث هاجر العشرات من الصحابة إلى الحبشة واحتموا بجوار مَلِكها النجاشي أصحمة، وتكررت الهجرات، حتى تجاوز عددهم الثمانين إلى حوالي المائة، واستقر بعضهم هناك، وتكونت منهم عائلات لا يزال أحفادها حتى الآن ينتسبون إلى هذا الأصل بكل فخر واعتزاز، وفي حقبة الخلافة الراشدة أرسل الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حملة عسكرية ودعوية بقيادة علقمة بن مجزرة الكناني في صفر من العام 20 للهجرة، ولكنَّ الكنيسة حرَّضت أتباعها على إبادة الحملة وقتل من كان فيها من الدعاة والعلماء([10]).
وفي عهد الخلافة الأموية، أصبح نشاط القراصنة على البحر الأحمر، الذين ينطلقون من أرخبيل دهلك وخرائب عدوليس، يمثل تهديدًا للتجارة على البحر، بل تهديدًا حتى للشواطئ الإسلامية المقابلة، فقد أغار القراصنة على جدة عام 84هـ (702م)، حتى إنهم هدَّدوا بتدمير مكة المكرمة، فكان ردُّ الأمويين حاسمًا، حيث جرّدوا حملة بحرية احتلت مجموعة جزر (دهلك) المقابلة لمصوع، ووضعت حدًّا لنشاط القراصنة([11]).
وكانت هذه السيطرة العربية الإسلامية على هذه الجزر، فاتحة للطريق أمام انتشار اللغة العربية والثقافة الإسلامية وتوطينها في تلك السواحل، فمن جزر دهلك انتقلت الثقافة العربية الإسلامية إلى مصوع، ثم امتدت إلى جميع الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر، كما أسهم النشاط التجاري، الذي استقر بعد القضاء على القراصنة، في تمدُّد اللغة العربية بصورة كبيرة في داخل البلاد.
ومن جهة أخرى، كان لانتشار الإسلام والثقافة العربية وسط قبائل البجة في شرق السودان أثره الكبير في انتشار اللغة العربية في إريتريا؛ حيث كانت تلك القبائل الرعوية قد زحفت منذ حقب تعود إلى وقت انهيار مملكة أكسوم، التي مُحِقَتْ بسبب توافد تلك القبائل، كما دمرت ميناء عدوليس، وأسّست ممالك مستقلة في غرب وشمال وشرق إريتريا، مما أدى إلى ظهور حضارة إسلامية في تلك الشواطئ والجزر في مستهل القرن الثامن الميلادي([12]).
وبحسب عبد اللطيف سيد المترجم والباحث في تاريخ الحبشة في جامعة أكرا في غانا؛ فإن اللغة العربية عرفت كلغة للكتابة والتدوين في إريتريا في وقت مبكر، على الأرجح منذ سنِي الإسلام الأولى، وهناك ما يشير إلى ذلك في الآثار المكتوبة بالعربية التي اكتُشِفَت في جزر دهلك على البحر الأحمر وأماكن أخرى عديدة([13]).
ويشير عثمان صالح سبي إلى أنه حتى الكنيسة في إريتريا قد تأثرت باللغة العربية في العصور الوسطى، ويرى أن ذلك بحكم العلاقة مع الكنيسة القبطية في الإسكندرية، التي اتخذت العربية لغتها، وينقل عن مبعوث إمام اليمن، الحسن بن أحمد الحيمي، ما أثبته في كتابه (سيرة الحبشة) 1665م، (إن الأبون كان رجلًا من القبط من أهل مصر ولسانه عربي، يخرج من مصر وكتاب الإنجيل معه مكتوب بالعربي وجميع ما يستصحبه من كتب شريعتهم وأحكام دينهم كذلك مكتوب بالعربي أيضًا). ويبني عثمان صالح سبي على ذلك أن معظم ما كُتب بلغة جئز، لأغراض الوعظ الديني أو الأحكام القضائية، إنما تُرجِّم من العربية. وأشهر هذه الكتب (فتحا نحست) أي (قانون الملك) وقد كتبه مهاجر قبطي مصري اسمه ابن عسال، ومعظمه مقتبس من الفقه الإسلامي ومن القوانين اليونانية، وغير ذلك من الكتب([14]).
وفي عهد الخلافة العثمانية لإريتريا، الذي استمر حكمها على مدى ثلاثة قرون (1515ــ 1826م)، وكانت إريتريا تُحكم من قِبَل الوالي التركي في مكة المكرمة، ويديرها عن طريق نائبه (القائم بأعماله) حاكم مصوع، كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدواوين الأهلية، وكذلك في الدواوين الحكومية ذات الصلة بشؤون المواطنين الإريتريين ومخاطبة الجماهير الإريترية، ولم تُستخدم اللغة التركية إلا بين الموظفين والجنود الأتراك.. ولا تزال عائلة نائب مصوع (عدنايب) موجودة إلى يوم الناس هذا في مدينة مصوع.
وفي العهد التركي المصري (1872ــ 1884م)، الذي كانت تَحكم فيه عائلة محمد علي باشا نيابة عن تركيا، عيّن خديوي مصر المستر(مزنجر باشا) (سويسري الجنسية) حاكمًا عامًّا على إريتريا، وكان مقره مدينة (كرن) التي كانت عاصمة محافظات شرق وغرب إريتريا، وكانت اللغة العربية هي لغة الرسمية، وكان يتم تعليمها بجانب القرآن الكريم والفقه والنحو والحساب وغير ذلك من العلوم في الخلاوي (الكتاتيب) في شرق وغرب إريتريا وغيرها من المناطق التي يقطنها المسلمون، ثم يشدُّون الرحال إلى خلاوي شرق السودان مثل خلاوي (الشيخ القرشي)، وشمال السودان، والجزيرة في معاهد وخلاوي أمدرمان وأم ضوا بان وبربر إلخ… وبعد ذلك يسافرون إلى مصر للاستزادة من التعليم في الأزهر الشريف، وغيره من مراكز اللغة العربية والدين الإسلامي.([15])
وعلى هذا فإن اللغة العربية أخذت مكانها في إريتريا منذ فترة مبكرة، كلغة ثقافة ودين، وهي ليست لغة وافدة بدأ استخدامها رسميًّا مع الاستعمار الإيطالي (1851 ــ 1941م)، كما يُروِّج مناهضوها!.. بل واقع الأمر أن الإيطاليين سمحوا بتدريس اللغة العربية كمادة في المرحلة الابتدائية فقط!
وفي عهد الإدارة البريطانية (1941- 1953م) شهد التعليم عامة والتدريس باللغة العربية على وجه الخصوص نهضة، وأثمرت جهود الوطنيين المسلمين في دفع مسيرة التعليم باللغة العربية؛ فقد افتتحت أكثر من (50) مدرسة ابتدائية تُدرس باللغة العربية في عموم إريتريا، كما ارتقت الخلاوي القرآنية والمعاهد الدينية كمًّا ونوعًا، فافتُتح في (كرن) ستة معاهد تدرس العلوم الإسلامية، وافتُتح معهد في (حقات)، وآخر في (حلحل)، كما افتُتح المعهد الديني في أغوردات بإشراف الشيخ المجاهد الراحل عبدا إزاز، كما افتتح صالح كيكيا رحمة مدرسة ابتدائية في بلدة حرقيقو، كما افتتح عدد من الأعيان والتجار، في العاصمة أسمرا، مدرسة باسم مدرسة الجالية العربية.
وكان لحزب الرابطة الإسلامية الذي تأسس عام 1946م، بزعامة السيد بكري الميرغني زعيم الطائفة الختمية والزعيم إبراهيم سلطان، دوره المشهود في دعم اللغة العربية في إريتريا والدفاع عنها دفاعًا مستميتًا بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الإسلامية لإريتريا، فقد اعتمد الحزب اللغة العربية لغة تفاهم ومخاطبة رسمية في جلساته الرسمية، كما اعتمدها هي والتجرينية لغتين رسميتين للبلاد([16]).
بعد إعلان الكفاح المسلح 1961م أحيت جبهة التحرير الإريترية اللغة العربية بجانب التجرينية، واستعادت دورها ومكانتها، واعتمدت العربية والتجرينية لغتين رسميتين، وتعاملت بذلك في وسائل إعلامها ومكاتباتها الرسمية.
ويرى الأستاذ المربي الإريتري محمد نور فايد، وهو مناضل إريتري عمل فترة طويلة في مجال التعليم خلال فترة المقاومة والكفاح، وبعدها، يرى أن دور جبهة التحرير في مجال خدمة اللغة العربية لم يكن بمستوى حجمها الكبير، بعكس الحال في قوات التحرير الشعبية، والتي كان يقودها الزعيم عثمان صالح سبي؛ حيث يرى أن هذا التنظيم ساهم مساهمة كبير في المحافظة على اللغة العربية من خلال إنشاء المدارس والمعاهد، وذلك تحت إشراف جهاز التعليم الإريتري الذي كان يديره المرحوم محمود سبي. وقد ازدهرت المدارس في معسكرات اللاجئين وبعض المدن السودانية خاصة كسلا، كما أرسل الجهاز عددًا من الطلاب في مِنَح دراسية للدول العربية([17]).
أما الجبهة الشعبية التي تولَّت حُكم البلاد بعد التحرير، فقد تجاهلت موضوع اللغة العربية من البداية، ولم تدرجها ضمن قائمة اللغات الإريترية في وثيقتها (نحن وأهدافنا)، وتعاملت مع اللغة العربية في مجال الإعلام فقط.
الصراع حول اللغة العربية في إريتريا:
بدأ الصراع حول اللغة العربية واعتمادها لغة رسمية في إريتريا منذ فترة مبكرة من عمر الحركة الوطنية الإريترية، وبالتحديد في الفترة التي كانت فيها إريتريا تحت الوصايا الإنجليزية، عقب هزيمة إيطاليا في شرق إفريقيا إبَّان الحرب العالمية الثانية وخروجها من مستعمراتها هناك، بما فيها إريتريا في العام 1941م، في تلك الفترة اهتمت الإدارة البريطانية بتقديم المسيحيين من خريجي المدارس التنصيرية السويدية، المثقفين ثقافة بروتستانتية إنجليزية، وقلدتهم الوظائف الحكومية، في وقتٍ لم يكن بين المسلمين مَن يحسن اللغة الإنجليزية، لعزوفهم عن إرسال أبنائهم للمدارس التنصيرية، فاستأثر المتعلمون النصارى بالوظائف الحكومية، وكان لهؤلاء دور كبير في التقليل من أهمية اللغة العربية في إريتريا، والسعي لإبعادها عن مناهج التعليم وإقناع المسؤولين الإنجليز باعتماد اللغة التجرينية لغة رسمية للبلاد، واعتبار اللغة العربية لغة إضافية، واعتماد ميزانية سنوية للجريدة التجرينية، دون الجريدة العربية، وعملوا بكل جد، بالتعاون مع الإدارة البريطانية، للتأكيد في كل محفل على أن التجرينية هي اللغة الرسمية، وفي ذلك الإطار نظمت وزارة المعارف البريطانية سلسلة محاضرات بهذا الخصوص، ومن أبرز المثقفين الإريتريين الذين قادوا هذا الاتجاه، مفتش المعارف الإريترية للمدارس “إسحق تولد مدهن”، الذي أحدثت محاضراته بهذا الشأن صدىً كبيرًا وجدلًا واسعًا، وقد ردَّد آراءه تلك في المؤتمر السياسي للشرق الأوسط الذي عقدته الإدارة البريطانية في القاهرة عام 1945م ([18]).
ولم يقف المسلمون، وأنصار الهوية العربية مكتوفي الأيدي أمام هذا الاستهداف السافر، بل كانت لهم صولات وجولات في دحض تلك المزاعم، ومن أبرز الذين تصدوا لتفنيد تلك الدعاوى، فضيلة مفتي إريتريا الشيخ إبراهيم المختار، الذي سجّل التاريخ حواره بهذا الشأن مع الحاكم العام الإنجليزي لإريتريا، وردوده على آرائه المتحاملة على اللغة العربية، يقول سماحة المفتي: “وقد كانت دهشتي كبيرة حين قال لي أتريد من الحكومة أن تنشئ جريدة لأنفار من العرب المهاجرين؟ فقلت له: إن المعلومات التي وصلتكم فاسدة، واستعمال اللغة العربية ليس محصورًا على العرب المهاجرين، وهي لغة المسلمين جميعًا –بدون مزاحم– كتابة وقراءة. فقال لي: إني أعلم أن السواحل كلها إسلامية، ولكنهم لا يتكلمون باللغة العربية. فقلت له: أما التحدث بها بطريقة الكتابة والقراءة فأمر واضح لا ينكره أحد، وأما التكلم الشفهي بها فمنهم من يتكلم بها، ومنهم من لا يتكلم بها. فقال لي: إن المعلومات التي وصلتني تفيد بأن اللغة العربية غير مستعملة، وغير معتبرة في إريتريا لدى غير العرب المهاجرين، ثم وعدني أن ينظر في الأمر…”([19]).
وعبَّر فضيلة المفتي عن آرائه التي دافع من خلالها عن مكانة اللغة العربية في إريتريا في رسالة مفصلة قدَّمها لمندوب الأمم المتحدة (أنزو ماتنزوا) الذي كلّفته الأمم المتحدة بإجراء مشاورات واسعة مع القوى السياسية والاجتماعية لوضع مسودة للدستور الإريتري، وكان فضيلة المفتي من ضمن الشخصيات التي التقاها في هذا الصدد، وكان ذلك في 30 يوليو 1952م.
وفي تلك الفترة، كانت الحركة الوطنية الإريترية قد تشكَّلت ملامحها بصورة واضحة، وتحددت مواقفها من قضايا إريتريا المصيرية، ومن تلك القضايا قضية الهوية واللغة الرسمية، فكانت الأحزاب الاستقلالية تدعو بوضوح لاعتماد اللغة العربية لغة رسمية في إريتريا. أما حزب الاتحاد، الذي كان يدعو إلى الوحدة مع إثيوبيا تحت التاج الإثيوبي، فقد تبنَّى في هذا الصراع موقفًا معاديًا للغة العربية.
التقى ماتنزوا معظم القوى السياسية الفاعلة في إريتريا أثناء مشاوراته لوضع دستور إريتري، فالتقى بقيادات الأحزاب الاستقلالية التي عبّرت عن موقفها الداعم لاعتماد العربية لغة رسمية لإريتريا، بينما أحجم حزب الاتحاد مع إثيوبيا عن إبداء رأيه الصريح حول مسألة اللغة الرسمية لإريتريا، واعتذر عن مقابلة المندوب الأممي، ورغم ذلك أصدرت القيادات التي تمثل الأقلية المسلمة داخل الحزب بيانًا أوضحت فيه موقفها الداعم لاعتماد اللغة العربية لغة رسمية لإريتريا، مخالفة بذلك رأي قيادة الحزب.
في 25 و 26 مارس 1952م، أجريت الانتخابات العامة للجمعية التمثيلية الإريترية التي تمثل أول برلمان إريتري في ظل نظام الاتحاد الفيدرالي الذي أقرته الأمم المتحدة، وعقدت الجمعية أول اجتماع لها في 28 أبريل من نفس العام، وبحثت مشروع الدستور الإريتري في 40 اجتماعًا خلال الفترة من 12 مايو إلى 10 يوليو 1952م، وقامت بإقرار الدستور بالإجماع([20]).
وكانت قضية اللغة الرسمية لإريتريا حاضرةً بقوة، وبدأ النقاش فيها في 18 رمضان الموافق 11 يونيو، واحتدم الصراع بشدة حول اللغة العربية، ودعت الكتلة الاستقلالية بقيادة حزب الرابطة الإسلامية إلى الاعتراف باللغتين العربية والتجرينية لغات رسمية، بينما عارضت الكتلة المؤيدة للاتحاد مع إثيوبيا، التي عُرفت بــ(الكتلة الإنضمامية)، الاعتراف بأن العربية لغة إريترية، ووصمتها بأنها لغة أجنبية لا يتكلم بها إلا الحضارمة واليمنيون، ومن المفارقات العجيبة أنهم نادوا باعتماد اللغة الأمهرية مع التيجرينية لغتين رسميتين، رغم أن الأمهرية كانت مجهولة في إريتريا آنذاك.
وقد حمَّل نائب عصب محمد عمر أكيتو مندوب الأمم المتحدة مسؤولية ما حدث في الجمعية من انقسام نتيجة لسكوته في مسودة الدستور عن تحديد اللغتين الرسميتين، رغم أنه سمع بوضوح مطالب الشعب الإريتري في ذلك. وأكد النائب القاضي علي عمر أن العربية أصل للغات التي يطالب أعداؤها باعتمادها، فالتيجرينية وليدة اللغة الجئزية، وهي لغة منسوبة إلى اليمن، وأمام عزم وإصرار النواب المناصرين للعربية، وتهديدهم برفض الاتحاد الفيدرالي ومقاطعة الجمعية التمثيلية إذا لم تتم الموافقة على اعتماد اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب التجرينية، وافق المعارضون على القبول بتعديل الدستور ليشمل اعتماد اللغة العربية لغة رسمية في إريتريا([21])، وصوَّت البرلمان لصالح المادة 39 والتي تنص على ما يلي:
1 -تكون اللغتان التيجرينية والعربية اللغتين الرسميتين في إريتريا.
2 -بحسب العرف المُتَّبع في إريتريا سيسمح باستعمال اللغات المكتوبة والمنطوقة لدى مختلف عناصر الشعب عند الاتصال بالسلطات العامة كما يُسمح باستعمالها للأغراض التعليمية والدينية ولجميع أوجه التعبير عن الرأي([22]).
اللغة العربية في ظل الاحتلال الإثيوبي:
في العام 1962م ألغى الامبراطور هيلاسلاسي رسميًّا الاتحاد الفيدرالي مع إريتريا من جانب واحد، وأعلن دمج إريتريا في إثيوبيا… ولكن هذه الخطوة كانت قد سبقتها خطوات كبيرة خلال السنوات السابقة لها، التي شنَّت فيها إثيوبيا وعملاؤها في إريتريا حربًا شعواء على كل مظاهر السيادة الإريترية وعلى الهوية الإريترية، بما في ذلك اللغتان الرسميتان (العربية والتجرينية)، فمنعت طبع كتب جديدة بالتجرينية، كما منعت استيراد الكتب العربية، وأصبحت تُصادر أيّ كتاب عربي يحمله أيّ مسافر قادم إلى إريتريا دون تمييز في موضوعه، وأبعدت وزير المعارف الإريترية، السيد سعيد سفاف، بسبب استيراده كتبًا مدرسية عربية من القاهرة، وأحرقتها، واستبدلت كافة اللافتات المكتوبة بالتجرينية والعربية بلافتات مكتوبة بالأمهرية والإنجليزية، وأمرت أجهزة الدولة بإهمال الرسائل والفرائض التي تُكتب بالعربية والتجرينية، كما اضطهدت حاملي الثقافة العربية وخريجي الجامعات العربية، وخفّضت درجة معاشهم إلى مستوى خريجي المدارس الأمهرية الوسطى([23])، وعملت بكل وسيلة لفرض التمهير على الشعب الإريتري.
موقف فصائل المقاومة خلال مرحلة الكفاح الوطني:
خلال مرحلة الكفاح الوطني من أجل الاستقلال عن الاستعمار الإثيوبي، كانت اللغة العربية محل اهتمام من كل فصائل المقاومة الإريترية التي كان للمسلمين قصب السبق فيها، تمسكت حركة التحرير الإريترية وكذلك جبهة التحرير الإريترية بالموقف الذي تبنته الكتلة الاستقلالية، وما قررته مادة 39 من الدستور الإريتري حول اللغات الرسمية في إريتريا، وأكدت جبهة التحرير هذا الموقف في مؤتمرها المنعقد عام 1971م.
ورغم هذا فقد برزت من داخل جبهة التحرير أقلية لها رؤية مغايرة لمسألة اللغات الرسمية. وأصدرت هذه المجموعة وثيقة (نحن وأهدافنا) عام 1971م، وفيها تشكيك في مدى تعبير مادة اللغات الرسمية في الدستور الإريتري عن رغبات الشعب الإريتري. تقول الوثيقة: “أصبحت اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية في إريتريا فقط من خلال (القرار الفيدرالي) لعام 1952م الذي لم يشارك فيه الشعب الإريتري”([24]).
في وقت لاحق، بعد بروز الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا، تبنّت ما أطلق عليه “سياسة المساواة في اللغة”، وكان ذلك تحولاً عمليًّا عن سياسة ثنائية اللغة الرسمية المستقرة منذ الخمسينيات.
اللغة العربية في إريتريا بعد الاستقلال:
بعد استقلال إريتريا، انفردت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا بالحكم في البلاد، وكان الشعب الإريتري يتطلع إلى استعادة هويته التي عصف بها الاستعمار الإثيوبي، تلك الهوية التي تمثل اللغة العربية والإسلام أهم معالمها. ولكن، وأثناء صياغة دستور عام 1997م برز للسطح، مرة أخرى، النقاش حول اللغة الرسمية في إريتريا، وتجنَّب واضعو المسودة ذِكْر أيّ شيءٍ يتعلق باللغات الرسمية، واكتفوا بالمادة رقم 4 (3) والتي تنص على أنَّ “المساواة بين جميع اللغات الإريترية مضمونة”.
لم تكن قيادة الحزب الحاكم في إريتريا، وعلى رأسها الرئيس أسياس أفورقي، مؤمنة برسمية اللغة العربية بجانب التجرنية طبقًا لما هو منصوص عليه الدستور الإريتري لعام 1952م، وظهر ذلك في خطابات الرئيس أسياس أفورقي، الذي كان يعتبر أن المطالبين بتسمية اللغة العربية لغة رسمية في إريتريا، لديهم أزمة هوية، وصرح أكثر من مرة أن قضية المطالبة بجعل اللغة العربية لغة رسمية لإريتريا، هي جزء من السياسة الاستعمارية السابقة التي كانت تبغي صناعة الانقسام في المجتمع الإريتري.
ولذلك عمل النظام الحاكم، وبشكل ممنهج، على القضاء على العربية ومحو وجودها من الخارطة الوطنية وطمسها، ووضع برامج تتسق مع هذا الهدف؛ كالتغيير الديمغرافي للسكان، واعتماد التجرينية فقط في مؤسسات الدولة([25]).
وقد قامت الحكومة بإغلاق العديد من مدارس اللغة العربية في إقليم عشبا غرب العاصمة الإريترية، وإجبار مدارس أخرى على تدريس العلوم باللغة التيجيرية بدلًا من العربية. وفي منطقة عفر ذكر بعض الأهالي أن الحكومة تعمل على وضع قواعد جديدة، واختراع حروف أخرى للغة العفر بدلًا من تلك المستعملة في جيبوتي وإثيوبيا منذ مائتي عام، وقال هؤلاء الأهالي: إن الهدف من ذلك هو عزل القومية العفرية عن امتدادها في جيبوتي والصومال وإثيوبيا([26]).
مستقبل اللغة العربية في إريتريا:
ومع كل ما سبق، تظل مكانة اللغة العربية في إريتريا واقعًا لا يمكن تجاوزه، وحقيقة لا يستطيع أحد جحدها، فما زالت العربية هي اللغة الرائجة في الإعلام، ويُعزّز وجودها ارتباطها بالإسلام، وبهوية الشعب الإريتري.
ومن أهم العوامل التي أسهمت في دعم مكانة اللغة العربية في إريتريا وتثبيت وجودها في وجه الحملة الممنهجة ضدها، الامتدادات القبلية لكثير من القبائل الإريترية في عمق الأراضي السوداني، فكثير من القبائل الإريترية مثل قبائل البجا والبني عامر والحدارب والرشايدة لها امتدادها في السودان، وهذه القبائل رغم أن لديها لهجاتها الخاصة، ولكن اللغة العربية بالنسبة لها هي لغة الهوية والتواصل.
بالإضافة إلى ذلك فإن سنوات الكفاح الوطني، التي كان فيها المحيط العربي هو القاعدة والمنطلق والداعم الأساسي للنضال الإريتري، تركت أثرها المؤكد في تعزيز مكانة اللغة العربية، وقد كانت الأراضي السودانية هي القاعدة التي انطلقت منها كافة حركات المقاومة الإريترية، ونشأت أجيال وترعرعت في الأراضي السودانية، وتلقت تعليمها في المدارس والجامعات السودانية باللغة العربية؛ فاللغة العربية تشكل الوجدان الشعبي الإريتري، وسجّلت وجودها في الأدب والشعر.
ولذلك يمكن التأكيد على أن المحاولات الرسمية للحطّ من قَدْر اللغة العربية في إريتريا، هي محاولات يائسة، ولا يسعفها شيء، حتى المصالح السياسية الإريترية، ترتبط ارتباطًا كبيرًا بالمحيط العربي، والرئيس إسياس أفورقي يتقن العربية، ويتحدث بها في مخاطباته أثناء لقاءاته مع قادة الدول العربية، في المحافل الإقليمية التي تستضيفها الدول العربية.
كل ذلك يؤكد أن مستقبل اللغة العربية في إريتريا يدعمه الواقع الاجتماعي والثقافي، والمصالح السياسية، كما تؤكده حقائق التاريخ، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود الخطر، فطالما أن هناك استهدافًا وتخطيطًا، يبقى الخطر ماثلًا، وسيتفاقم إذا لم تكن هناك خطوات للمدافعة. ولذلك هناك دور على المحيط العربي يجب أن يقوم به لدعم اللغة العربية في إريتريا، من خلال دعم التعليم العربي، ودعم الإعلام العربي، مستفيدًا في ذلك من الفقرة في الدستور التي تنص على الحقوق المتساوية للغات الإريترية، خاصة أن النظام الإريتري يتحجج بعدم وجود المعلمين المُؤهّلين في اللغة العربية، ويتخفى وراء تلك الحجة لتمرير مخططاتها المناهضة للغة العربية، من إغلاق للمدارس، ومن تجاهل لها في السياق العام للدولة.
……………………………..
[1] – موقع المعرفة.
[2] – عثمان صالح سبي، تاريخ إريتريا، بتصرف.
[3] – المصدر السابق.
[4] – محمد عثمان أبوبكر، تاريخ إريتريا المعاصر أرض وشعب، القاهرة 1994م، ص 179.
[5] – المصدر السابق، ص 176.
[6] – محمد سعيد ناود، مفاهيم خاطئة عن عراقة اللغة العربية في إريتريا يجب تصحيحها، مقال منشور بموقع عدوليس، https://adoulis.net/articles/مفاهيم-خاطئة-عن-عراقة-اللغة-العربية-في/ ,بتاريخ 31- يناير-2011م
[7] – عطا محمد أحمد كنتول، أوضاع المسلمين في إفريقيا الشرقية (إثيوبياـ إريترياـ الصومال ـ جيبوتي)، بحث منشور ضمن كتاب أوضاع المسلمين في إفريقيا (دول جنوب الصحراء)، معهد مبارك قسم الله للبحوث والتدريب منظمة الدعوة الإسلامية، ص 23.
[8] – عبد الجليل سليمان، الحبشة والتغلغل الصامت ماذا تعرف عن اللغة العربية في إريتريا، مقال منشور بموقع الخليج أون لاين ((alkhaleegonlin.net.
[9] – المصدر السابق.
[10] – محمود شاكر، إريتريا والحبشة، سلسلة مواطن الشعوب الإسلامية في إفريقيا، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1983، ص (14-16).
[11] – عثمان صالح سبي، تاريخ إريتريا، سلسلة قضايا دولية، بدون دار نشر، وبدون تاريخ إصدار سوى عبار (ملف السبعينيات)، ص (59-60).
[12] – المصدر السابق، ص 60.
[13] – عبد الجليل سليمان، مصدر سابق.
[14] – انظر: عثمان صالح سبي، مصدر سابق، ص 36.
[15] – تاريخ ومكانة اللغة العربية في إريتريا، مقال منشور بدون كاتب، بموقع (erifuture.ahlamontada.com/t711).
[16] – محمد نور فايد، التعليم باللغة العربية في إريتريا بين الرغبة الشعبية والتعنت الحكومي، ندوة بمقر الجالية الإريترية بمدينة ملبورن بأستراليا، منشور بموقع عدوليس (adoulis.net) بتاريخ 17 أكتوبر 2014م.
[17] – المصدر السابق.
[18] – الصراع حول اللغة العربية في داخل وخارج البرلمان الإريتري، الموقع الرسمي لفضيلة المفتي الشيخ إبراهيم المختار: https://mukhtar.ca/%D8%A7%D9%84
[19] – المصدر السابق.
[20] – عثمان صالح سبي، مصدر سابق، ص (210-211).
[21] – الصراع حول اللغة العربية في داخل وخارج البرلمان الإريتري، مصدر سابق.
[22] – إسماعيل إبراهيم المختار، التباين الفكري حول اللغة العربية في إريتريا، مقال منشور بموقع فرجت نت: (التباين-الفكري-حول-اللغة-العربية-في-أرwww.farajat.net/ar/).
[23] – محمد عثمان أبو بكر، تاريخ إريتريا المعاصر أرضًا وشعبًا، بدون دار نشر، تاريخ الإصدار 1994، ص (527-528).
[24] – إسماعيل إبراهيم المختار، مصدر سابق.
[25] – محمد رمضان، اللغة العربية في إريتريا… التاريخ والمحيط، مقال منشور بموقع صحيفة اللغة العربية صاحبة الجلالة التابع للمجلس الدولي للغة العربية: (www.arabiclanguageic.org/view_page?id=9591).
[26] – موقع المعرفة، لغات إرتريا: (لغات_إرترياwww.marefa.org/ ).