أ. محمد سليمان فايد
باحث مصري – متخصص في الشأن الإفريقي
تعاني إثيوبيا مؤخرًا من كثرة الاضطرابات الداخلية، والتي أَوْدَتْ بحياةِ ما يزيد عن 100 مواطن إثيوبي ينتمون إلى جماعة الأورومو، وفقًا لما هو مُعْلَن؛ ففي الوقت الذي يتولّى فيه رئاسة مجلس الوزراء رجلٌ ينتمي لهذه الجماعة، إلاَّ أنَّ كلّ الآمال التي بُنِيَتْ على تولّيه مقاليد الحكم في البلاد تلاشت بعد مرور ما يزيد عن عامين من تولّيه مهامّ منصبه، وعلى الرغم من كلّ ذلك فلا زالت هذه الجماعة غير قادرة على المُطالَبَة بالانفصال والحكم الذاتي برغم وجود مادة في الدستور الإثيوبي تسمح للجماعات الإثنية الإثيوبية بالانفصال في حال أرادت ذلك؛ سواء هي أو غيرها من الجماعات الإثيوبية.
أولاً: الدستور الفيدرالي الإثيوبي الدائم لعام 1995م:
في أعقاب سقوط نظام الدرج عام 1991م، وبدء الفترة الانتقالية رسميًّا في 22 يوليو 1991م، أصدر مجلس النواب الانتقالي في أغسطس عام 1992م قانونًا لإنشاء لجنةٍ دستوريَّةٍ، تضمّ نخبةً من المتخصِّصين في القانون الدستوري؛ لصياغة مسودة الدستور الجديد، وتقديمها إلى المجلس؛ لإقرارها قبل عَرْضها على الجمعية التأسيسية للتصدّيق عليها، وتمَّ تكليف اللجنة باعتماد المسودة على مواد الميثاق الانتقالي، وعلى نتائج المناقشات التي تمَّت بمجلس النواب الانتقالي، وتشكَّلت اللجنة من 29 عضوًا، وبعد إتمام المسودة تم تنظيم سلسلة من الندوات المتخصِّصة لمناقشة ما تمَّ التوصُّل إليه، كما استفادت اللجنة من ملاحظات عددٍ من خبراء القانون الدستوريّ في فرنسا وألمانيا ومصر والهند، ثم قامت أخيرًا بتوزيع مسودة الدستور على الجمهور، وفتح أبواب النقاش والمشاركة الجماهيرية، وفي أوائل أبريل من عام 1994م قدّمت اللجنة المسودة النهائية للدستور إلى مجلس النواب؛ لمناقشتها لآخر مرةٍ وإقرارها([1]).
وفي 5 يونيو عام 1994م أُجْرِيت الانتخابات العامَّة لاختيار أعضاء الجمعية البرلمانية التي ستتولى مسؤولية التصديق على مسودة الدستور الجديد، ونظرًا لهيمنة الجبهة الديمقراطية الثورية (EPRDF) من جهة، ومقاطعة الكثير من القُوَى السياسيَّة المعارِضَة لهذه الانتخابات من جهةٍ أخرى؛ تمكَّنت الجبهة الديمقراطية الثورية من الفوز بالغالبية العظمى من المقاعد، وبعد انتخابها قامت اللجنة الدستورية وفقًا للميثاق الانتقالي بتقديم مسودة الدستور النهائية التي أقرَّها مجلس النواب الانتقالي إلى الجمعية التأسيسية لتبدأ الجمعية مناقشتها في أواخر أكتوبر 1994م حول عددٍ من القضايا، كان من أهمّها مَنْح حقّ تقرير المصير حتى الانفصال، واللامركزية، ومسألة ملكية الأرض، وبعد مناقشات محدودة، تمَّ التصديق على مسودة الدستور في 8 ديسمبر عام 1994م، وخرج الدستور الفيدرالي الدائم إلى حيّز النفاذ، وتم العمل بموجبه خلال عام 1995م([2]).
ويتكوّن الدستور الإثيوبي الفيدرالي الدائم لعام 1995م من 106 موادّ موزَّعة على 11 فصلاً، كما بدأ بديباجة أبرزت ملامح المستقبل في ظلّ النظام الجديد، ونوَّهت الديباجة إلى الجزء الإيجابيّ في تاريخ العلاقات بين القوميات الإثيوبيَّة، واعترفت بوجود بعض المظالم التي يجب تصحيحها، كما أكَّدت على المصير المشترك الذي يُلْزِمُ الجميعَ بالتعاون لتحقيق المصالح المشتركة([3]).
ثانيًا: الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا وفقًا للدستور الفيدرالي الدائم لعام 1995م:
أكَّد الدستور الفيدرالي على تعدُّدية المجتمع الإثيوبي، وعلى حقّ القوميات الإثيوبية المختلفة في تنمية هويتها وإدارة شؤونها، وعلى هذا الأساس تم طرح النموذج الفيدرالي الإثني في محاولة للمعالجة الجذرية للمسألة القومية؛ حيث يحفظ هذا النموذج وحدة البلاد من جانب، ويلبِّي طموح القوميات نحو الحكم الذاتي من جانبٍ آخر([4]).
كما اعتمد الدستور الفيدرالي على الإثنية كأساس للتنظيم الفيدرالي، ثم الإداري باعتباره أنسب الأسس لتقسيم المجتمع، كما يلبِّي طموح القوميات المتعدِّدة نحو تحقيق الحكم الذاتي([5])، وعمَّم الدستور كذلك نموذج اللامركزية من خلال تقسيم الدولة فيدراليًّا إلى 9 ولايات هي: (التيجراي – العفر – الأمهرة – أوروميا – صومالي – بني شنقول جميز – ولاية الأمم والقوميات والشعوب الجنوبية – ولاية شعب جامبيلا – ولاية شعب هراري)([6])، بالإضافة إلى مدينتي أديس أبابا وديرا داوا اللتين تتمتعان بقدرٍ كبيرٍ من الاستقلالية؛ فأديس أبابا هي العاصمة، وديرا داوا هي ثاني أكبر المدن الإثيوبية؛ حيث تحظى أديس أبابا بالحكم الذاتي وفقًا للدستور، ويتم إدارتها وفقًا لميثاقٍ خاصٍّ بها، أما ديرا داوا فتُدَارُ بشكلٍ مؤقَّت من خلال نظامٍ يجمع بين مهامّ البلدية والولاية، وهي تقع تحت مسؤولية رئيس الوزراء مباشرةً، ويتم إعداد ميثاق خاصّ بها إلّا أنَّ التوترات الإثنية أثَّرت على صدوره حتى الآن([7]).
وأعطى الدستور الحقّ للأُمَم والشعوب والقوميات في هذه الولايات التسعة في إنشاء ولايتها المستقلة، واعترف الدستور الفيدرالي للمرة الأولى بجميع اللغات الإثيوبية، مع الإبقاء على الأمهرية باعتبارها اللغة الرسمية للمصالح الحكومية، وبرغم التميُّز الذي تتمتَّع به صياغة الدستور الفيدرالي؛ فقد أثارت بعض مواده -ولا تزال- جدلاً واسعًا بين النظام الحاكم والمعارضة؛ ومن أبرزها: المادة الخاصة بحقّ تقرير المصير بما يصل إلى حدّ الانفصال([8])؛ حيث أقرَّ الميثاق الانتقالي بحقّ جميع الأمم والشعوب والقوميات في الحكم الذاتي، وأكَّد على حقّ هذه القوميات في تقرير المصير، بل والمطالبة بالاستقلال إذا انتُهِكَ هذا الحقّ، وأيَّدت غالب المنظّمات السياسية هذا الإقرار ضمن سياق تغيير النظام السياسي بعد الإطاحة بمنجستو هيلا مريام، ثم تغيَّر ذلك خلال صياغة ومناقشات الدستور الفيدرالي([9]).
ثالثًا: الجوانب الخلافية في الدستور الإثيوبي:
ظهرت ثلاثة جوانب خلافية في الدستور الإثيوبي بعد إقراره تضمَّنت:
1- المادة (39) الخاصَّة بحقّ الانفصال وتقرير المصير:
تمثل المادة رقم (39) من الدستور الفيدرالي الدائم والتي تتناول مَنْح الشعوب والأمم والقوميات المختلفة في إثيوبيا حقّ الانفصال وتقرير المصير أكثر مواد الدستور الفيدرالي إثارةً للجدل، فهي تُعبِّر عن جدية النظام الإثيوبي في إثبات التوجُّه الفيدرالي الإثني، وهي كذلك تُعبِّر عن وجود حالة من التناقض البالغ بين المناداة بالحفاظ على وحدة الدولة الإثيوبية من جهة، والسماح بانفصال الأقاليم في حال توافرت لها الشروط المنصوص عليها من جهةٍ أخرى؛ حيث يرى الكثير من الباحثين أن هذه المادة تناقض في مضمونها مفهوم الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا، والتي تهدف بالأساس إلى تفادي النزعات الانفصالية؛ بحيث إن إدراج الحقوق الانفصالية في الدستور من شأنه بشكلٍ أو بآخر تسهيل انقسام الدولة الإثيوبية، خصوصًا في ظل وجود موروث تاريخيّ للصراعات الإثنية، حتى وإن كان هناك صعوبة شديدة في تحقيق الانفصال الفعلي نتيجة لوجود شروطٍ شِبْه تعجيزية لتحقيق الانفصال؛ حيث تنص المادة (39) من الدستور الفيدرالي الإثيوبي على أن([10]):
أ- لكل شعب وقومية وأُمَّة في إثيوبيا الحقّ المطلق غير المشروط في تقرير مصيرها، بما في ذلك حقّها في الانفصال.
ب- لكل شعب وقومية وأُمَّة في إثيوبيا الحقّ في التحدُّث بلغتها والكتابة بها وتطويرها، والتعبير عن ثقافتها وتطويرها والترويج لها، والحفاظ على تاريخها.
ج- لكل شعب وقومية وأُمَّة في إثيوبيا الحق الكامل في تشكيل حكومة ذاتية؛ حيث يشتمل هذا الحق على الحق في إنشاء مؤسسات حكومية في المقاطعات التي تقطنها، والتمثيل العادل في حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية.
د- تعرّف الأُمَّة أو القومية أو الشعب وفقًا للدستور الفيدرالي بأنها مجموعة من الناس لديهم قواسم كبيرة مشتركة في الثقافة والتقاليد المشتركة واللغة والعقيدة والهوية ذات الصلة، ومكون نفسيّ مشترك، وتعيش بشكل متجاور في مقاطعة واحدة معروفة.
ويمكن لهذا الإجراء أن يُتَّخَذ عندما يصوِّت ثلثا الهيئة التشريعيَّة للقوميَّة أو للشَّعب المختصّين على ذلك، ثم يتم عمل استفتاء شعبيّ واسع النطاق بعد مرور ثلاث سنوات على تصويت الهيئة التشريعية، وبعد التصويت بمنح الشعب أو القومية الحقّ في تقرير مصيرها والموافقة على منحها الحقّ في الانفصال يتم تصديق مجلس النواب بالموافقة، وللمحكمة الدستورية والمجلس الفيدرالي الحقّ في نَقْد ومراجعة ذلك وإعادة النظر فيه([11]).
2- عدم التفسير الواضح لعددٍ من المصطلحات الواردة في الدستور الفيدرالي الدائم أو التمييز بينها:
تم ملاحظة وجود نوعٍ من الغموض حول تفسير عددٍ من مواد الدستور الفيدرالي الدائم نتيجة لعدم التمييز بين عدد من المصطلحات؛ من أهمها: المصطلحات المتعلقة بالأمم والقوميات والشعوب؛ حيث لم يميّز الدستور الفيدرالي الدائم بين هذه المصطلحات وبعضها البعض، ولم يَذْكُر متى يُطْلَق على مجموعةٍ إثنيةٍ ما مصطلح أُمَّة، ومتى يُطْلَق عليها مصطلح قومية ولا متى يُطْلَق عليها اسم شعب، بل تمَّ استخدام الثلاثة مصطلحات باعتبار أنهم جميعًا يشيرون إلى معنًى واحدٍ.
3- عدم وجود قواعد ثابتة ومحدَّدة لتقسيم الولايات الإثيوبية التسعة:
لم يقدم الدستور الفيدرالي الإثيوبي تبريرًا واضحًا أو محددًا فيما يتعلق بكيفية تقسيم الولايات الإثيوبية التسعة المُكَوِّنَة للفيدرالية الإثيوبية على أُسُسٍ إثنيةٍ، فبالنظر لتقسيم الولايات الإثيوبية يتَّضح أن هناك بعض الولايات مثل ولاية الشعوب الجنوبية تضمّ أكثر من 5 جماعات إثنية في إقليمٍ واحدٍ صغيرِ المساحة، بينما هناك ولايات أخرى ذات مساحة أكبر وتضمّ جماعة إثنية واحدة فقط وعدد أبنائها أقل كثيرًا من عدد سكان ولاية الشعوب الجنوبية.
رابعًا: أثر الدستور الفيدرالي على شرعية واستقرار نظام الحكم والنظام الحاكم في إثيوبيا:
تُواجِه الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا عددًا من التحديات ربما يكون من أبرزها وأهمها على الإطلاق هو خطر تفكُّك وتفتيت الدولة الإثيوبية، خاصةً في ظل مطالبة عددٍ من الجماعات الإثنية بالانفصال كما حدث مع إريتريا، لا سيما وأن الدستور الفيدرالي الدائم لعام 1995م، قد أقرَّ بمبدأ الانفصال للجماعات الإثنية الراغبة في ذلك كما جاء في المادة (39).
وبتتبُّع أثر الفيدرالية الإثنية على الواقع الإثيوبي بعد مرور ما يزيد عن 20 عامًا من تطبيقها في إثيوبيا؛ اتضح أن الاعتراف بالتعددية الإثنية في إثيوبيا بعد سقوط نظام الدرج عام 1991م حتى وإن كان ذلك بشكلٍ صوريّ كان هو المخرج الوحيد لأيّ نظامٍ حاكمٍ جديد راغب في الهيمنة على مقاليد السلطة في إثيوبيا، بعد أن أثبتت جميع التجارب السابقة أن محاولة الهيمنة من جانب إحدى الجماعات الإثنية على مقاليد الأمور في إثيوبيا هو أمرٌ شِبْه مستحيل في ظل التعدُّد الإثني الذي تعجُّ به الدولة الإثيوبية، والتي تضمُّ بين حدودها ما يزيد عن 80 جماعة إثنية، وأصبح مبدأ التعدد الإثني هو المبدأ الأساسي الذي اتخذته الجبهة الديمقراطية الثورية في كل ترتيبات المرحلة الانتقالية للحفاظ على الاستقرار المؤقَّت في الشارع الإثيوبي أولاً، وبما يُمَكِّنها من الحصول على الشرعية السياسية لتولّي مقاليد الحكم ثانيًا، واستمرَّت على سياستها تلك حتى تم الإعلان عن اتخاذ الشكل الفيدرالي الإثني لإثيوبيا عام 1995م([12]).
وقد لاقت فكرة الفيدرالية الإثنية قبولاً كبيرًا من جانب الجبهة الديمقراطية الثورية التي أعلنت أن الشكل الفيدرالي الإثني من شأنه حلّ المشكلات والصراعات الإثيوبية الناجمة عن عدم قدرة النظم السياسية السابقة على إدارة التعددية الإثنية الاثيوبية، كما أنها ستُمَكِّن الأقليات غير القادرة على تولّي الحكم بصورةٍ ديمقراطيةٍ بالشكل الذي ترغب في ظل الفيدرالية الإثنية من خلال حكومات الولايات.
وأعلن نظام الجبهة الديمقراطية الثورية وغيره من مؤيدي الشكل الفيدرالي الإثني عند طرح الفكرة أن المدن الإثيوبية بمرور الوقت أصبحت تتشكل من مجتمعات تعيش فيها الإثنيات المختلفة، نتيجة زيادة معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر، وأن هذه المجتمعات استطاعت أن تتعايش مع بعضها البعض في حالة من التناغم والانسجام برغم تعدد انتماءاتهم الإثنية واختلافها، ومن جانبٍ آخر فإنَّ الغالبية العظمى من السكان الإثيوبيين هم من فئة الشباب والذين يمتلكون قدرات كبيرة على الاندماج في مؤسسات التعليم المختلفة، خاصةً الجامعات، والتي تتركز في غالب الأحيان في المدن الكبرى، وهو ما جعلهم يميلون بصورةٍ أكبر إلى فكرة الوحدة والتضامن ونَبْذ الاختلافات والفروق الإثنية، مما عزَّز لديهم الشعور بالانتماء الوطني الموحَّد في مواجهة الانتماءات القومية والإثنية المتعدِّدة، وبالتالي فإن المتوقع هو أن ينعكس ذلك بالتبعية على الممارسة السياسية في المستقبل؛ حتى يصبح الانتماء الإثني ناتجًا عن دوافع ثقافية بحتة؛ مثل اللغة والعادات والتقاليد والدين والأعراف، ولا علاقة لها بالدوافع السياسية([13]).
وواقع الأمر يشير إلى أن الجبهة الديمقراطية الثورية اتجهت إلى فكرة الشكل الفيدرالي الإثني للدولة في محاولةٍ منها لتخفيف حدة المواجهات مع الجماعات الإثنية الأخرى خلال المرحلة الانتقالية حتى تتمكن الجبهة من اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لفرض سيطرتها وهيمنتها على الدولة الإثيوبية؛ فعلى الرغم من أن الجبهة الثورية كانت أكثر الائتلافات السياسية تنظيمًا، إلا أنها لم تَلْقَ الدعم والتأييد من باقي الجماعات الإثنية الأخرى، والتي كانت تُمثِّل تهديدًا محتملاً في حال تشكيل تلك الجماعات لأحزابٍ سياسيةٍ في أعقاب المرحلة الانتقالية([14]).
فكان الخطاب السياسي الموجَّه للجماعات الإثنية الإثيوبية المختلفة بشأن الفيدرالية الإثنية هو أنها السبيل الذي ستتمكّن من خلاله الجماعات الإثيوبية المختلفة من إدارة شؤونها؛ من خلال منحها المزيد من سلطات الحكم الذاتي، وأن إعادة الترسيم الإداري للمقاطعات الإثيوبية على أُسُسٍ إثنية من شأنه ضمان حقوق الجماعات الإثنية التي كانت مضطهَدة في السابق، مثل جماعتي الصومالي والأورومو التي تعرَّضت كلّ منها للقمع والحرمان من التنمية، وقامت الجبهة الديمقراطية الثورية في إطار ذلك بالإعلان عن أنه سيتم لأول مرة منذ نشأة الدولة الإثيوبية السماح باستخدام اللغات المحلية للتدريس في المدارس الابتدائية في الولايات الإثيوبية، وهو ما من شأنه السماح لمختلف الجماعات الإثنية بالتحرُّر من قيودِ فَرْضِ الثقافة الأمهرية بالقوة([15]).
وعلى الرغم من إعلان الجبهة في بداية المرحلة الانتقالية عن استعدادها التام لتقاسم السلطة مع القوى السياسية الأخرى في البلاد، إلا أن الواقع الفعليّ كان يشير إلى اتجاه الجبهة بشكلٍ واضحٍ إلى السيطرة والهيمنة على مقاليد الحكم، وذلك من خلال احتكار غالبية مقاعد البرلمان الانتقالي ومنصب رئيس الوزراء في المرحلة الانتقالية، والاستحواذ على جميع الحقائب الوزارية السيادية، وإقصاء المعارضة تمامًا من المشهد السياسي، كما استخدمت الجبهة خطاب الديمقراطية لكسب تأييد المجتمع الدولي لها، وهو ما يضمن استمرار تدفق المِنَح والمساعدات الأجنبية التي من شأنها تعزيز موقف حكومة الجبهة الديمقراطية الثورية الانتقالية داخليًّا، وهو ما يترتب عليه حصولها على الشرعية السياسية، ورضاء عموم الشعب قبيل إجراء أول انتخاباتٍ برلمانية بما يضمن استمرارها في الحكم([16]).
وفي إطار ما سبق، اتَّجهت الجبهة الديمقراطية الثورية إلى تشويه المعارضة السياسية أمام الشعب الإثيوبي، خاصةً أحزاب وحركات المعارضة التي كانت تطالب بالتأكيد على حقّ حكومات الولايات في الحصول على الحكم الذاتي وصولاً إلى الانفصال([17])، باعتبارها عدوًّا للوحدة الإثيوبية، وتسعى لتفتيت الدولة وتفكيكها، فتم استبعاد التحالف الديمقراطي للشعوب الإثيوبية الجنوبية (SEPDC) من ترتيبات المرحلة الانتقالية على الرغم من أنه يضمّ العديد من التنظيمات والمؤسَّسات السياسية، إلى جانب استبعاد كافة الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية التي عقدت مؤتمر باريس عام 1991م.
وأصبح واضحًا أن ممارسات النظام الحاكم في الفترة الانتقالية تؤكّد على عدم وجود نية حقيقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية يمكن من خلالها تحقيق وضمان الوحدة السياسية اللازمة للحفاظ على بقاء واستمرار الدولة الإثيوبية، وأصبح جليًّا أن التحوُّل إلى الشكل الفيدرالي الإثني في إثيوبيا لم يكن إلا أداة من أدوات الجبهة الحاكمة التي تُهيمن عليها إثنية التيجراي للحصول على الشرعية السياسية في الشارع الإثيوبي عند إجراء الانتخابات المزمع إقامتها في أعقاب انتهاء الفترة الانتقالية([18]).
وعلى جانبٍ آخر فقد كانت المعارضة السياسية الإثيوبية تتسم بالضعف والافتقار إلى وجود برنامجٍ محدَّدٍ، سواءٌ فيما يتعلق بترتيبات المرحلة الانتقالية أو ما بعد المرحلة الانتقالية، وفي محاولة منها للضغط على الجبهة الديمقراطية الثورية، اتجهت المعارضة إلى التركيز على بثّ خطاب الكراهية بين الإثنيات المختلفة لتأجيج الوضع الداخلي مرةً أخرى في البلاد، وخوفًا من تجدُّد الأزمات الإثنية مرةً أخرى اتَّجه المجتمع الدولي الداعم للجبهة الديمقراطية الثورية، وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية للضغط عليها لاستيعاب كافة الجماعات السياسية المُشَكِّلَة للمعارضة الإثيوبية؛ إلا أنَّ المعارضة السياسية فشلت في تطوير ذاتها وبلورة رؤية سياسية موحَّدة لها بعيدة عن إثارة النعرات الإثنية([19]).
خامسًا: أثر الدستور الفيدرالي على استقرار الدولة في إثيوبيا:
واجهت الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا -باعتبارها المنفذ الملائم للحدّ من التوترات الإثنية في البلاد، والتي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانقسام- معارضةً ومقاومةً شديدتين من جانب فئتين رئيسيتين؛ الأولى: هي الفئة التي تفضِّل خيار الدولة البسيطة الموحَّدة التي تشتمل على حالة من التعدُّد الإثني. والثانية: هي الفئة التي كانت تسعى إلى الحصول على الحكم الذاتي والراغبة في الانفصال عن الدولة الإثيوبية، وبالتالي فقد كانت تعارض تمامًا أيّ وَضْع ينتج عنه بقاؤها كجزء من الدولة الإثيوبية، حتى وإن كان ذلك في إطار الحكم الذاتي تحت مظلة الفيدرالية الإثني([20]).
وعلى الرغم من كل ما جاء في خطاب الجبهة الديمقراطية الثورية خلال المرحلة الانتقالية بشأن قبول الآخر والاعتراف بالتعددية الإثنية والمناداة بالفيدرالية الإثنية باعتبارها المخرج لأزمة التعددية الإثنية في إثيوبيا، إلا أن تشكيل الحكومة الانتقالية وما تلاها من حكومات مُنتخَبَة عكس الانتماء لجماعة التيجراي، فقد احتكر ميلس زيناوي التيجيريني منصب رئيس الوزراء وهو أعلى منصب في البلاد منذ الفترة الانتقالية وحتى وفاته عام 2012م، وتم توزيع الحقائب الوزارية على الجماعات الإثنية دون وجود معيار واضح للتوزيع، فوفقًا للأهمية لم تحصل جماعة العفر على أيّ حقائب وزارية برغم أهميتها السياسية والأمنية؛ لجوارها لميناء عصب الإريتري، والذي يُمثّل العمق الحيوي لإثيوبيا، ووفقًا لحجم سيطرة الأقلية المسيحية على التشكيل الحكومي بنسبة 55% مقابل 45% للأغلبية المسلمة، وهو ما يُشكِّل تهديدًا كامنًا لاستقرار الدولة الإثيوبية مستقبلاً في سياق الفيدرالية الإثنية([21]).
وفي إطار زيادة التوترات الداخلية بدأ أعضاء جبهة تحرير شعب التيجراي (TPLF) -المحرّك الرئيسي للجبهة الديمقراطية الثورية- في الانتقال من إقليم تيجراي شمال إثيوبيا إلى العاصمة أديس أبابا، في محاولةٍ منها للهيمنة والسيطرة على العاصمة في عام 1991م؛ كخطوةٍ أولى من خطوات الاستيلاء على السلطة في العاصمة؛ بحجة القضاء على أيّ شكلٍ من أشكال الاضطرابات والتوترات في ذلك الوقت المبكّر([22]).
وعندما تشكّلت أول حكومة إثيوبية مُنتخَبَة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية وفقًا للدستور الفيدرالي الدائم الذي لاقى قبولاً واسعًا في البداية من الشارع الإثيوبي، ومع إعلان الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة حينها استعدادها لاستيعاب كافة الجماعات الإثنية المُشَكِّلَة للمجتمع الإثيوبي ومشاركتها لها في الحكم، وأصبحت حكومة زيناوي تُمَثِّل الأمل الذي ترجوه غالبية القوى السياسية الأخرى في البلاد، خاصةً مع إقرار الدستور الفيدرالي والحكومة الإثيوبية المنتخبة بعدم وجود دين رسمي للدولة، إلى جانب إقرار الدستور لأحقية الجماعات الإثنية المختلفة في تقرير مصيرها وفقًا للقواعد والشروط التي وضعها الدستور.
إلا أن ممارسات الجبهة على أرض الواقع أثبتت عكس ذلك؛ فقد كان الدين محلَّ اعتبارٍ كبيرٍ لدى الجبهة الحاكمة، كما أنه لم يكن هناك أيّ مرونة في تنفيذ المادة (39) من الدستور والخاصة بحقّ تقرير المصير، بل إنَّ الشروط التي وُضِعَتْ بشأن هذه المادة تكاد تكون تعجيزيَّة ويستحيل في ظلها حصول أيٍّ من الجماعات الإثيوبية على حقّ تقرير مصيرها، وتم توزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا المختلفة وفقًا لمعيار الانتماء الإثني للجماعات الموالية للجبهة الحاكمة، ممَّا أدَّى إلى زيادة حدَّة التوتر والتنافس الإثني بين الجماعات الإثيوبية وبعضها البعض، وأضعف المعارضة الإثيوبية، فكانت النتيجة تمكُّن الجبهة الثورية من إِحْكَام قبضتها على زمام الأمور، إلا أنَّ تلك الأوضاع كان من شأنها تهديد استقرار الدولة في حال تزايدت حدَّة التوترات الداخلية وتفاقمت بصورةٍ أكبر من ذلك([23]).
وعندما اتَّجهت الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة إلى سياسة تشويه المعارضة واستبعادها، والقبض على قاداتها وإيداعهم السجون والمعتقلات، والتضييق على مشاركتهم السياسية؛ بدأت المعارضة في التلويح بطلب الانفصال عن الدولة الإثيوبية كورقةِ ضغطٍ وتهديدٍ للنظام الحاكم، خاصةً وأن الدستور الفيدرالي يسمح بذلك حتى وإن كان ذلك في إطارٍ تعجيزيٍّ.
وعلى الرغم من ذلك استمرت الجبهة الحاكمة في اتّباع سياسة العنف تجاه المعارضة، وساندها المجتمع الدولي في ذلك؛ على الرغم من إعلانه الدائم لحقّ المعارضة في المشاركة السياسية دون أن تنتهك، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت الداعم الأكبر لنظام الجبهة الديمقراطية الثورية، وعلى الرغم من ادعائها بالتهديد بربط المنح والمساعدات المقدَّمة للنظام الإثيوبي بالإصلاح السياسي كورقةٍ للضغط عليه لإجباره على قبول المشاركة السياسية للمعارضة، إلا أنَّ تصريح مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية (هيرمان كوهين) بشأن المرحلة الانتقالية والذي قال فيه: “إن ما تم هو أفضل ما كان يمكن فعله”، أدَّى في النهاية إلى اتجاه المعارضة الإثيوبية للتصعيد؛ من خلال زيادة حدَّة المطالبات بالانفصال ونشر العنف، وهو ما نتج عنه في النهاية تزايد حدَّة الاضطرابات في أعقاب المرحلة الانتقالية([24]).
وفي إطار ما سبق، فقدت المعارضة السياسية في إثيوبيا شرعيتها داخليًّا وخارجيًّا؛ داخليًّا من خلال خسارتها المستمرة في الانتخابات؛ فانعقاد الانتخابات البرلمانية وفقًا للشكل الفيدرالي الإثني كان يتم على المستوى الإقليمي للولايات، مما جعل احتمالات فوز المعارضة في الانتخابات في حال تمكَّنت أصلاً من المشاركة فيها تكاد تكون منعدمة؛ وذلك نظرًا لوجود أحزاب وتنظيمات في الولايات التي تنتمي لها المعارضة موالية للجبهة الحاكمة، وتحصل في مقابل موالاتها تلك على مكانها في السلطة التشريعية والتنفيذية على المستوى الفيدرالي، وكذلك على مستوى الولايات.
وبذلك لم يَعُدْ هناك تداولٌ سلميّ للسلطة في إثيوبيا، وهو ما ظهر جليًّا من خلال نتائج الانتخابات البرلمانية والمحلية التي أُجْرِيَتْ في إثيوبيا على مدار الـ20 عامًا واستبعاد المعارضة من المشاركة في الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، وبالتالي لم تكن المعارضة حاضرةً في رسم السياسات العامة للدولة؛ نتيجة لسيطرة العامل الإثني على تشكيل الأحزاب السياسية من جهةٍ، وعلى السلوك التصويتي للناخبين من جهةٍ أخرى، وأصبح من الواضح أن تأثير الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا على الممارسة الانتخابية نتَج عنه التحوُّل إلى سيطرة وهيمنة الحزب الواحد على مُقدَّرَات الأمور.
أما خارجيًّا، وفي ظل الخسارة المتتالية لأحزاب المعارضة في الانتخابات البرلمانية والمحلية، وما نتج عن ذلك من اتجاه المعارضة للتهديد والتلويح بالانفصال من جهةٍ، وتأجيج الأوضاع الداخلية ونشر العنف والاضطرابات من جهةٍ أخرى، فقد تمَّ اعتبار أن تلك الأحزاب والتنظيمات ما هي إلا حركات تمرُّدٍ مخالفة للدستور والقانون([25]).
وعلى الرغم من النجاح الظاهري للجبهة الديمقراطية الثورية في تحقيق قدرٍ كبيرٍ من الاستقرار في إثيوبيا، إلا أن ذلك لا يرجع بالأساس إلى اتِّباع الشكل الفيدرالي الإثني، بل إنَّ تطبيق الشكل الفيدرالي الإثني كان بمثابة عاملٍ محفّزٍ للاضطرابات والتوترات الداخلية، ولكنَّ الاستقرار الذي تمَّ تحقيقه لا يمكن تناوله بمعزل عن البيئة الداخلية والخارجية لنظام الجبهة؛ فعلى مستوى البيئة الداخلية تخلَّص نظام الجبهة من المشكلة التاريخية التي أرَّقَتْ جميع الأنظمة الإثيوبية السابقة والمتمثلة في مشكلة انفصال إريتريا من جهة، كما أحكمت الجبهة هيمنتها وسيطرتها على كافة مناحي الحياة على مستوى كامل الإقليم الإثيوبي، واستبعاد أيٍّ من الكيانات الأخرى من المشاركة في عملية الحكم من جهةٍ أخرى.
أما على مستوى البيئة الخارجية فلم يَعُدْ المجتمع الدولي يقبل بالحركات والتنظيمات الانفصالية والمتمردة، وبالتالي فإنَّ الاستقرار الذي تحقَّق في أعقاب إعلان الشكل الفيدرالي الإثني في إثيوبيا هو استقرارٌ قمعيّ قائمٌ على استخدام القوة والقمع من جانب النظام الحاكم ومساندة المجتمع الدولي له، وليس على المشاركة المجتمعية لجميع الفئات والفصائل المُشَكِّلَة للمجتمع الإثيوبي، وهو ما يمكن أن ينتج عنه في أيّ لحظةٍ إذا ما اختلفت خريطة التحالفات السياسية داخليًّا وخارجيًّا تجدُّد الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا([26]).
خاتمة:
في إطار ما سبق أصبح من الواضح لدى الجماعات الإثنية الإثيوبية أنها لم ولن تُحقّق أيًّا من آمالها المنشودة في توزيع السلطة والثروة من خلال التحوُّل للشكل الفيدرالي الإثني، بل فقد زادت قيودها؛ فالجبهة الثورية نجحت في تحويل الصراع ليكون بين الولايات وبعضها البعض بدلاً من أن يكون بينها وبين الولايات؛ من خلال اتِّباع سياسة “فَرِّق تَسُدْ” أحيانًا والعصا والجزرة في أحيانٍ أخرى، فزادت هيمنتها وسيطرتها من خلال حفاظها على استقرار المركز بما يوحي بأن الوضع في الدولة الإثيوبية مستقرّ، خاصةً في ظل الدعم الغربي الأمريكي لنظام الجبهة وتمتعها بالشرعية والدعم الدوليين.
إنَّ النجاح الظاهريّ للجبهة الثورية في تحقيق قدرٍ جيدٍ من الاستقرار في إثيوبيا، لا يرجع بالأساس إلى اتِّباع الشكل الفيدرالي الإثني، ولكنَّ الاستقرار الذي تمَّ تحقيقه لا يمكن تناوله بمعزلٍ عن البيئة الداخلية والخارجية لنظام الجبهة؛ فعلى مستوى البيئة الداخلية تخلَّص نظام الجبهة من المشكلة التاريخية التي أرَّقَتْ جميع الأنظمة الإثيوبية السابقة والمتمثلة في مشكلة انفصال إريتريا من جهة، كما أحكمت الجبهة هيمنتها وسيطرتها على كافة مناحي الحياة على مستوى كامل الإقليم الإثيوبي واستبعدت أيًّا من الكيانات الأخرى من المشاركة في عملية الحكم من جهةٍ أخرى.
وعلى مستوى البيئة الخارجية لم يَعُدْ المجتمع الدولي يَقبل بالحركات والتنظيمات الانفصالية والمتمردة؛ وبالتالي فإن الاستقرار الذي تحقَّق في أعقاب إعلان الشكل الفيدرالي الإثني في إثيوبيا هو استقرارٌ قمعيّ قائمٌ على استخدام القوة والقمع من جانب النظام الحاكم ومساندة المجتمع الدولي له، وليس على المشاركة المجتمعية لجميع الفئات والفصائل المُشَكِّلَة للمجتمع الإثيوبي، وهو ما نتج عنه تجدُّد الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا بصورة دائمة كلما اختلفت خريطة التحالفات السياسية لإثيوبيا داخليًّا وخارجيًّا، وهو ما يدفع النظام الحاكم في إثيوبيا -حتى بعد تولّي آبي أحمد مقاليد الأمور- من حين إلى آخر إلى إثارة زوبعة وهميَّة من المعارك المبنية على التصريحات الرنَّانة للنظام الحاكم الإثيوبي تجاه قضايا قومية مثل قضية سد النهضة والتباطؤ المتعمد في إيجاد حلّ نهائيّ لها؛ حتى تكون مثل هذه القضايا هي الحُجَّة التي يستند إليها النظام الحاكم في مناشدة كافة الجماعات إلى دَرْء الصراعات والمصالح الشخصية جانبًا لحين الانتهاء من حلّ هذه المسألة المصيرية التي تواجهها الأُمَّة الإثيوبية قاطبة.
وعلى الرغم من كل ما سبق، ومن جميع المحاولات التي تمت بغرض الحفاظ على تماسك بنية الدولة إلا أن عدوى الاضطرابات والخلافات انتقلت إلى الجبهة الحاكمة ذاتها، ففي ديسمبر 2019م تم الإعلان عن انسحاب عددٍ من الأحزاب المُشَكِّلَة لائتلاف الجبهة الحاكمة واندماجهم تحت راية حزب الازدهار بقيادة آبي أحمد، وهو ما أثار العديد من التساؤلات بشأن مصير الحكم في الدولة، فوفقًا لانتخابات 2015م فازت الجبهة الحاكمة في إثيوبيا، ونجحت في تولّي مقاليد الحكم في ظل تكوينها السابق، أما بعد انفصال ما يزيد عن 8 أحزاب عنها واندماجهم تحت راية حزب الازدهار والإعلان عن تشكيله رسميًّا من خلال مجلس الانتخابات الوطنية الإثيوبية، وخوضه الانتخابات المزمع انعقادها خلال 2020م.
[1]– Hashim Tewfik, “Federalism in Ethiopia”, (Kathmandu: Paper presented to the International Conference on Dynamics of Constitution Making in Nepal in Post-conflict Scenario, 15th – 17th January, 2010), Pp. 3-5.
[2]– محمد عبد اللطيف، مرجع سبق ذكره، ص 140.
[3]– المرجع السابق، ص 141.
[4] -The Federal Democratic Republic Of Ethiopia, The Constitution Of Federal Democratic Republic Of Ethiopia, Addis Ababa, 1995, the Preamble.
[5]– محمد أحمد عبد اللطيف، مرجع سبق ذكره، ص 142.
[6]– محمد حجاج، “الحكم المحلي في ظل الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا” في مجلة الشؤون الإفريقية، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، المجلد الثاني، العدد الثامن، أكتوبر 2014م)، ص 49.
[7]– المرجع السابق، ص ص 59 – 60.
[8] -The Federal Democratic Republic of Ethiopia, Op. Cit., Article No. 39.
[9] -Yonatan Tesfaye Fessha, Institutional Recognition and Accommodation of Ethnic Diversity: Federalism in South Africa and Ethiopia, PhD Thesis, (Western Cape: University of The Western Cape, Faculty of Law, June 2008), Pp. 338-400.
[10] -Ibid., Article No. 39.
[11] -Edmond J. Keller, “Ethnic Federalism, Fiscal Reform, Development and Democracy in Ethiopia”, in African Journal Of Political Science, (Dar el Salaam: African Association Of Political Science (AAPS), Vol. 7, No. 1, 2002), p. 21
[12] -Abate Nikodimos Alemayehu, Ethnic Federalism in Ethiopia: Challenges and Opportunities, Master Thesis, (Lund: University of Lund, Faculty of Law, Fall 2004), Pp. 74-75.
[13]– أحمد حجاج، “الديمقراطية والتعددية الحزبية والانتخابات في إفريقيا” في مجلة السياسة الدولية، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مجلد 38، العدد 153، يوليو 2003م)، ص 45.
[14]– Edmond J. Keller, “The Ethno Genesis in The Oromo Nation and its Implications for Politics in Ethiopia”, in The Journal of Modern African Studies, (Vol. 33, No. 4, 1995), Pp. 629-630.
[15] -Idem.
[16]– يوسف حسن إبراهيم حسن، مرجع سبق ذكره، ص ص 164-165.
[17] -Edmond J. Keller, “Ethnic Federalism, Fiscal Reform, Development and Democracy in Ethiopia”,Op.Cit., p. 24
[18]– يوسف حسن إبراهيم حسن، مرجع سبق ذكره، ص ص 155، 164-165.
[19]– د. جمال ضلع، إثيوبيا الأوضاع السياسية الداخلية والتوجهات الخارجية، مرجع سبق ذكره، ص ص 45-50.
[20]– Edmond J. Keller, “Ethnic Federalism, Fiscal Reform, Development and Democracy in Ethiopia”,Op.Cit., p.25.
[21]– د. جمال ضلع، النظام السياسي الإثيوبي منذ عام 1960م، مرجع سبق ذكره، ص ص 166 – 167.
[22]– يوسف حسن إبراهيم حسن، مرجع سبق ذكره، ص 162.
[23]– عبد الوهاب الطيب بشير، “البعد الإثني في السياسة الإثيوبية الداخلية وعملية التحول الديمقراطي”، في دورية آفاق إفريقية، (القاهرة، الهيئة العامة للاستعلامات، المجلد 5، العدد 18، 2005م) ص ص 48-49.
[24] -Terrence Lyons, “Closing the Transition: the May 1995 Elections in Ethiopia”, in the Journal of Modern African Studies, (Vol. 34, Issue 1, March 1996), Pp. 121-122.
[25]– د. خيري عمر، “إثيوبيا ومسألة المياه والطاقة والانتخابات البرلمانية” في د. محمود أبو العنين (محرر) التقرير الاستراتيجي الإفريقي 2010/2011م، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة) ص ص 92-93.
[26]– محمد أحمد عبد اللطيف، مرجع سبق ذكره، ص 420.