أعطى رئيس زيمبابوى, روبرت موغابى, الخميس الماضي, موافقته على موعد الانتخابات العامة المقرر اجراؤها عام 2018, وسرعان ما قوبلت الموافقة بانتقادات من المعارضة واتهامات بأن الرئيس روبرت موغابي يوظف “تكتيكات حرب العصابات على المسجلين الناخبين”.
كان دستور زمبابوي ينص على إجراء انتخابات بحلول يوليو 2018, ويبدو أنه من غير المرجح أن يتم إصلاح النظام السياسي في البلاد في الوقت المناسب مما قد يثير تساؤلات عن مدى مصداقية الانتخابات ونزاهتها. وبالتالي فإن المعارضة قد تجد نفسها في وضع غير مؤات.
لقد نظمت زيمبابوي عددا من الانتخابات لعدة سنوات, لكن أيّا منها – وفق محللين زيمبابويين – لم يؤد إلى تغيير حقيقي في القيادة أو السياسة، ولم يحل أي منها المشاكل المتزايدة للبلاد.
وكانت الانتخابات الأخيرة شهدت استخدام تكتيكات من قبل الحزب الحاكم تجاه معارضيه, تشمل التخويف والقتل المستهدف والاجتماعات السرية, حيث يتعرض سكان الريف لدعاية مكثفة ومعلومات خاطئة. وكلما يهدد حزب “حركة التغيير الديمقراطي” المعارض, الحزب الحاكم (زانو) بالهزيمة، لجأ الحزب الحاكم ببساطة إلى التكتيكات نفسها وإجبار سكان الريف للتصويت لصالح “زانو”.
وعلى الرغم من أن هناك من يعتقد أن الحكومة الحالية في زيمبابوي لا تمثل الشعب, وأن الغش الانتخابي شائع ومعتاد على مر السنين, إضافة إلى استمرار الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد, إلا أنه يبدو أن المعارضة نفسها قد تخلّت عن دعواتها للإصلاح السياسي والاقتصادي وهي تركز مجهوداتها الآن على بناء التحالفات.
ترشيح موغابي لانتخابات 2018:
في ديسمبر عام 2016, أكد “زانو – اف بي” الحاكم فى زيمبابوى, على أن الرئيس روبرت موغابى – الذى تولى السلطة منذ استقلال البلاد عن بريطانيا فى عام 1980 – هو مرشح الحزب لانتخابات عام 2018. بل واقترح جناح شباب الحزب أن يعلن موغابي رئيسا للبلاد مدى الحياة.
وعانى الحزب من الاقتتال الداخلي حيث هناك فصائل تطلب تسمية خليفة لـموغابي- رغم فرض مؤيدي الزعيم البالغ من العمر 92 عاما، سيطرتهم على مؤتمر الحزب السنوى فى مدينة ماسفينغو جنوب شرق البلاد. ودخل المؤيدون في تصفيق حارّ هاتفين: “تونجاى، تونجاى بابا” والذي يعني “اُحكمْ، احكمْ يا والد”.
وفي خطاب قبول الترشيح, دعا موغابي إلى إنهاء الاقتتال الداخلي في الحزب قائلا: “لقد اتفقنا على إنهاء الصراعات, يجب أن تنتهي المعارك، ويجب اتباع أيدولوجية الحزب.
“دعونا نكون متحدين، نحن عائلة واحدة، عائلة زانو-الجبهة الوطنية مرتبطة معا من خلال التفاهم بين أعضائها,” يقول زعيم زيمبابوي.
تسجيل الناخبين:
أعلن رئيس زيمبابوي بدء تسجيل الناخبين يوم الخميس الماضي وأنه ينتهى فى يناير من العام القادم. وفتح هو وزوجته غريس, وعدد من كبار مسئولى الدولة عملية التسجيل باستخدام حزم الأدوات البيومترية لتسجيل الناخبين التى تم اقتاؤها حديثا من شركة صينية.
“أعلن رسميا فتح التسجيل البيومتري للناخبين,” قال موغابى – الذي كان أول من سجّل في قائمة الناخبين الجديدة التي ستستخدم في الانتخابات العامة لعام 2018 – من مقر إقامته فى العاصمة هرارى.
لكن أحزاب المعارضة بزيمبابوي ترى أن هذه الموافقة على موعد الانتخابات وبد تسجيل الناخبين عملية احتيالية, لأن البلد لم يتلق سوى 400 حزمة أدوات التسجيل من أصل 3,200 حزمة ضرورية لتنفيذ نظام تسجيل الناخبين.
ويزعم المعارضون أن زيمبابوى لم تتمكن أيضا من تأمين المزودات لتخزين معلومات الناخبين التى تم جمعها، معللين ذلك بأنه قد يسهل عملية تزوير للانتخابات فى العام القادم.
ومما انتقدته المعارضة أيضا أن الأطفال الذين سيبلغون 18 عاما بعد 15 يناير من العام المقبل لن يتمكنوا من التصويت فى الانتخابات القادمة, حيث ستكون عملية تسجيل الناخبين قد تم إغلاقها للانتخابات فى يوليو.
يذكر أنه في عام 2013، أدان رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة مورغان تسفانجيراي, نتائج الانتخابات واتهم رئيس البلاد بـ”احتيال كبير”. كما أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” أقادت في تقرير لها بأن الناخبين المتوفين، القاصرين أو حتى الناخبين الوهميين صوتوا في تلك الانتخابات.
الأزمة الاقتصادية:
لقد انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في زمبابوي إلى 0،5٪ من عام 2011 إلى 2016 – وفقا لصندوق النقد الدولي. ومع أن توقعات عام 2017 شهدت تحسنا نسبيا عند 2٪ على خلفية التفاؤل بشأن أسواق التبغ في البلاد والإصلاحات التي تشمل إلغاء التمويل بالدولار ومراقبة الإنفاق لسداد المتأخرات للمؤسسات المالية الدولية.
ومنذ عام 2009، حاولت الحكومة تنفيذ تدابير مختلفة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. غير أن هناك حواجز كبيرة في البلد، مثل قانون التوطين وقوانين التمكين الاقتصادي، إضافة إلى قلة الحماية لحقوق الملكية.
وبحسب مرصد الأعمال الدولية (BMI), تحتل زيمبابوي 45 من أصل 48 بلدا في أفريقيا جنوب الصحراء في جذب الاستثمار بسبب تدهور النمو الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والشكوك حول الجدوى الائتمانية للحكومة الزيمبابوية. كما أن التحول المتكرر في تنفيذ قوانين التوطين يعيق فرص الاستثمار الأجنبي المباشر في البلد.
وبينما تحاول الحكومة تسهيل ممارسة الأعمال وتحسين مناخها، فإن المستثمرين يشككون في الاهتمام الحكومي بالإصلاح ويراقبون سوء الأحوال الاقتصادية والسياسات غير المتوقعة. وبحسب ” مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية”، بلغت قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى زمبابوي 421 مليون دولار في عام 2015، مقابل 545 مليون دولار في 2014.
كما أن زمبابوي لم تتمكن من التنافس مع نظرائها الإقليميين من حيث تكاليف العمالة، إذ تتفاقم مخاطر سوق العمل بسبب قوانين العمل الصارمة والقيود المفروضة على سيولة السوق المزمن والأجور غير التنافسية المقومة بالدولار الأمريكي.
وأشار تقرير (BMI) أن الشركات في زيمبابوي ستواجه “صعوبات فى تعديل حجم قواها العاملة استجابة للتغيرات الاقتصادية بسبب حزم الدفع باهظة الثمن، وإجراءات إنهاء عمل الموظف التى تستغرق وقتا طويلا.
“إن هذا الأخير كان سمة رئيسية للعديد من عمليات إغلاق الشركات (في البلاد)، ونتوقع استمرار هذا الاتجاه على المدى القصير والمتوسط,” يقول التفرير.
وأضاف تقرير المؤسسة أنه بسبب استمرار هجرة ذوي المهارات بحثا عن فرص اقتصادية واجتماعية أفضل فى الخارج, فإن الشركات الزيمبابوية ستواجه صعوبة فى الحصول على العمال المهرة على المدى المتوسط.
وقد ألقى الرئيس موغابى – مرارا – لوم المشاكل والأزمة الاقتصادية على الغرب, متّهمًا نقاد سياساته الغربيين بتخريب البلاد. ومحذّرا فى خضم الاحتجاجات العنيفة فى وقت سابق من هذا العام من أنه لن تكون هناك “انتفاضة زيمبابوية” على غرار “الربيع العربى”.