تُعدّ قارة إفريقيا من المناطق التي تواجه تحديات متزايدة تتعلق بالسلم والأمن؛ نتيجة لتعدُّد الصراعات والنزاعات المسلحة، سواء بين الدول أو داخلها.
في هذا السياق؛ برز مجلس السلم والأمن الإفريقي هيئةً رئيسيةً تابعة للاتحاد الإفريقي تُعنَى بإدارة هذه التحديات، وهو يعكس التزام القارة بالسعي نحو تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
تأسس المجلس عام 2004م ليكون بمثابة آلية فعَّالة تهدف إلى الوقاية من النزاعات وحلها بطرق سلمية، وذلك عبر أدوات مثل الوساطة، الدبلوماسية الوقائية، ومهام حفظ السلام، كما لعب المجلس دورًا محوريًّا في تعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إرساء الأمن؛ حيث يعتمد على مقاربة شاملة تتضمن معالجة جذور النزاعات وتحقيق العدالة الانتقالية وتعزيز التنمية.
كما يدعم المجلس التعاون بين الدول الإفريقية لتحقيق الاستقرار المشترك، ويعمل بالتنسيق مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة لضمان تكامل الجهود، مع تزايد التحديات، سواء من حيث الصراعات المسلحة أو التهديدات الإرهابية أو التدخلات الخارجية. ويمثل مجلس السلم والأمن الإفريقي أداة حيوية لتحقيق أهداف القارة في بناء منظومة أمنية قوية قادرة على التعامل مع تعقيدات المشهد الإفريقي، مما يجعله ركيزة أساسية في مساعي تحقيق السلام المستدام.([1])
من جهة أخرى، يُنظَر إلى هذا المجلس باعتباره أبرز الأدوات التي يملكها الاتحاد الإفريقي المكلفة في تحقيق حالتي الأمن والسلم في القارة الإفريقية، وقد حدَّدت الفقرة الأولى من المادة الثانية من البروتوكول التأسيسي لمجلس السلم والأمن الإفريقي بأنه جهاز دائم لصنع القرارات المتعلقة بمنع النزاعات وإداراتها وتسويتها داخل الاتحاد الإفريقي، ويقع على عاتق المجلس الترتيبات الخاصة بالأمن الجماعي والإنذار المبكر لأيٍّ من النزاعات الإفريقية، كما يعاون المجلس في مهامّه كلّ من المفوضية وهيئة حكماء ونظام إنذار وقوة إفريقية جاهزة للقيام بالمهام التي تُوكَل إليها وصندوق خاص لعمل مجلس السلم والأمن.
كما يسعى المجلس إلى تحقيق عدة أهداف، والتي تُعدّ أساس نشأته؛ حيث يعمل على دعم العمليات الرامية لتحقيق حالة السلم والاستقرار، وكذلك منع نشوب أيّ صراعات تُقوّض من عملية التنمية الإفريقية للشعوب الإفريقية الطامحة إلى مزيد من الاستقلال والاستقرار، مع وضع السياسات الدفاعية المشتركة للاتحاد، وذلك طبقًا لما نصَّت عليه المادة الرابعة، مع تعزيز وتشجيع الممارسات الديمقراطية، والحكم الرشيد، واحترام القوانين وسيادتها، وتعزيز حقوق الإنسان، والعمل على حماية تشريعاته وقدسيته، واحترام القوانين الدولية الإنسانية، وذلك ضمن الجهود الرامية إلى منع الصراعات بين دول الاتحاد أو بين الدولة والفصائل داخل الدولة الواحدة، وكذلك تنسيق ومواءمة كافة الجهود التي تبذلها كافة هيئات الاتحاد الإفريقي الرامية إلى وقف كافة العمليات المسلحة للجماعات في القارة، والإرهاب العابر بكل صوره.([2])
وفيما يتعلق بتشكيل مجلس السلم والأمن الإفريقي، يمكن القول: إنه يتشكل من 15 دولة؛ حيث يتم انتخاب نحو 10 دول منهم لمدة عامين، وكذلك 5 دول آخرين لمدة 3 سنوات، بالتناوب وفقًا لمبدأ التمثيل الجغرافي للقارة الإفريقية؛ حيث يتم اختيار 4 دول من منطقة غرب إفريقيا ونحو 3 دول من منطقة الشرق، وكذلك 3 دول من منطقة الوسط، فضلًا عن اختيار 3 دول من منطقة الجنوب، ودولتان فقط من شمال إفريقيا، وتعكس هذه الاختيارات حالة التوازن الإقليمي التي يسعى إليها الاتحاد الإفريقي، فضلًا عن مجموعة متنوعة من المعايير الأخرى، بما في ذلك القدرة على المساهمات العسكرية والمالية للاتحاد، والإرادة السياسية للقيام بذلك ووجود دبلوماسي فعَّال.([3])
آليات عمل المجلس:
يُعدّ المجلس واحدًا من أبرز أجهزة الاتحاد الإفريقي، ويعمل على تعزيز السلم والأمن والاستقرار في القارة، ولكي يقوم بأداء مهامه داخل القارة، لا بد من توضيح آليات عمله، وذلك على النحو التالي([4]) :
1- تعزيز المصالحة من خلال جهود هيئة الحكماء: والتي تعمل على حلّ النزاعات عبر الوساطة والحوار؛ حيث تتكون الهيئة من 5 حكماء من داخل القارة، وتكون لها إسهامات بارزة في السِّلم والأمن والتنمية داخل القارة الإفريقية، ويتم اختيارهم مِن قِبَل رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي على أساس التمثيل الإقليمي لمدة ثلاث سنوات، وتكون مهمة هذه الهيئة تقديم النصح لمجلس السلم والأمن ولرئيس المفوضية في جميع الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن والاستقرار وتعزيزه داخل القارة، كما تقوم بناءً على طلب المجلس أو بمبادرة من أجل دعم الجهود المبذولة من المجلس ورئيس المفوضية لمنع الصراعات.([5])
2- نظام الإنذار القاري المبكر: متابعة التحديات الأمنية، وإصدار تنبيهات مبكرة؛ حتى يمكن ترقب النزاعات ومنعها، وقد تم إنشاء النظام القاري والمعروف بـ”الإنذار المبكر”؛ حيث يتكون هيكل النظام من 21 عضوًا بالإضافة إلى رئيس الجهاز، وذلك على النحو الآتي: عدد (2) من النواب، وعدد 2 من السكرتارية، وعدد 2 من المسجلين، وعدد 15 من المحليين خمسة منهم محللون سياسيون يعملون رؤساء الأفرع النظام في أقاليم القارة الخمس، ويقع على هذا النظام عبء التنبؤ بما سيحدث حال تدخُّل أيّ قوة سياسية خارجية داخل القارة.
3- التدخل عند الضرورة لمنع الصراعات الداخلية والحدودية: يمكن للمجلس التدخل في النزاعات لدواعي إنسانية مثل وقف الإبادة الجماعية، وهي عبارة عن أداة لمنع الصراعات الداخلية والحدودية في الدول الجاهزة قبل وقوعها، كما تتعامل مع الصراعات فور وقوعها قبل تفاقهما، كما تعمل على ردع أي عدوان خارجي على القارة ومنع تدويل الصراعات الإفريقية كما كان يحدث قبل نشأة مجلس السلم والامن الإفريقي مثلما حدث في ليبيريا وسيراليون. وتتكون القوة الإفريقية من مجموعة عناصر عسكرية ومدنية في دولها الأصلية، مستعدة للانتشار السريع عندما يتم تكليفها بذلك، وتتكون أيضًا من لجنة أركان حرب مهمتها تقديم المشورة المجلس السلم والأمن من حيث المسائل المتعلقة بالاحتياجات العسكرية والأمنية بهدف حفظ وتعزيز السلم والأمن داخل القارة الإفريقية.
4- صندوق السلم: تُعدّ مسألة التمويل مسألة مهمة؛ لما لها من تأثير على استقلالية عمل المجلس بعيدًا عن التدخل في شؤونه؛ إذ يمكن أن تؤثر مصادر التمويل المختلفة على عمله مثل الأمم المتحدة، والقطاع الخاص والمصادر الأخرى من خارج القارة سلبًا على عمل واستقلالية المجلس. وللتغلب على ذلك تم إنشاء “صندوق السلم” بهدف توفير المواد المالية لمهام دعم السلم والأمن الإفريقي، وذلك من خلال الاعتمادات المالية في ميزانية الاتحاد الإفريقي، ومن مساهمات الدول الأعضاء، وكذا نسبة من المعونة الاقتصادية من داخل القارة أو من خارجها، أو من التبرعات الطوعية، كما يجوز لرئيس المفوضية قبول مساهمات من خارج القارة؛ شريطةَ أن يكون ذلك وفقًا لمبادئ وأهداف الاتحاد الإفريقي.
جهود المجلس في تسوية النزاعات الإفريقية
يمكن تسليط الضوء على الدور الذي يقع على عاتق المجلس في سياق حل بعض النزاعات داخل القارة من خلال عدة أدوار رئيسة، وذلك على النحو التالي:([6])
المحور الأول: تدخل مجلس السلم والأمن في تسوية بعض النزاعات الإفريقية
في هذا السياق، يمكن عرض أبرز تحركات مجلس السلم والأمن الإفريقي في تسوية بعض النزاعات في القارة الإفريقية، ولعل أبرزها، ما يلي:
أولًا: تدخُّل المجلس السلم في حل النزاع في جزر القمر
يعود تاريخ بداية الأزمة في جمهورية جزر القمر إلى أغسطس 1997م عندما أعلنت إحدى جزر الجمهورية عن الانفصال، وهي جزيرة «نجوان»، تلا ذلك استيلاء رئيس أركان القوات المسلحة على الحكم في جمهورية جزر القمر بانقلاب عسكري في أبريل 1999م، وقد أدت عملية الاستيلاء على السلطة في جمهورية جزر القمر إلى تعطيل العمل بالدستور والمؤسسات الديمقراطية التي تم إرساؤها عام 1996م، وأصدر قائد التمرد مرسومًا دستوريًّا جديدًا يُخوّل له جميع السلطات التنفيذية والتشريعية، وقام بتشكيل حكومة لا تُمثّل التيارات السياسية في الدولة. وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت لحل الأزمة السياسية، إلا أن الأمور تأزمت من جديد في الجزيرة؛ حيث رفض العقيد محمد بكر الذي تولى الحكم في الجزيرة عام 2002م، بعد الانقلاب الذي خاضه عام 2001م، حكم المحكمة الدستورية بالتنحي عن السلطة، وقام بإجراء انتخابات، ونصَّب نفسه حاكمًا على الجزيرة، وعليه قام الاتحاد الإفريقي بالتدخل من خلال المجلس؛ وذلك من خلال بعثتين هما:
1- بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الانتخابات في جزر القمر (CESIMA): والتي نشأت بموجب القرار الصادر من المجلس بناءً على طلب من رئيس جزر القمر في مارس عام 2006م؛ حيث تم تفويض البعثة من أجل العمل على توفير مناخ ملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية للدولة، والعمل على دعم عمليات المصالحة، والعمل على منع القوات التابعة للحكومة من التدخل في الإجراءات الانتخابية، وكذلك حماية الأفراد والمدنيين المتجهين الصناديق الاقتراع، وقد كان التفويض الزمني الممنوح لها ممتدًّا حتى 9 يونيو 2006م، وبلغ قوام هذه البعثة نحو (462) عنصرًا من العسكريين والشرطيين والمدنيين.
2- بعثة المساعدات الأمنية والانتخابية التابعة للاتحاد الإفريقي في جزر القمر (SEAM): جاءت هذه البعثة بعد قرار من المجلس في مايو عام 2007م، من أجل العمل على توفير مناخ ملائم لاختيار حكام الجزر، وكذلك تعزيز الجهود الإفريقية الرامية لمراقبة هذه الانتخابية، وكذلك تشجيع لغة الحوار بينهم. هذا، وقد نجح المجلس السلم والأمن الإفريقي في إنهاء الصراع في جمهورية جزر القمر، فيما يرجع السبب وراء تحقيق المجلس أهدافه هو ضعف عمليات التسليح داخل جزيرة أنجوان المتمردة، والتأييد الفرنسي للنظام واستعدادها لنقل القوات الإفريقية لأرض المعركة، ورئاسة تنزانيا للاتحاد؛ حيث تربط تنزانيا بجمهورية جزر القمر صلات قوية بين شعبي الدولتين إضافة إلى رغبة الاتحاد في تعويض فشله في تسوية أزمتي دارفور والصومال.([7])
ثانيًا: قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات لمواجهة جماعة بوكو حرام (FTJNM)([8])
كان هدف القوة هو العمل على وقف عمليات تهريب الأسلحة داخل منطقة بحيرة تشاد، والتي تمركزت في نيجيريا وتشاد؛ حيث عملت هذه القوات على التصدي لكافة التهديدات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود بين دول نيجيريا وتشاد وكذلك النيجر، كما تصدت إلى عمليات التمرد والأعمال التخريبية، لا سيما في ضوء تنامي الأوضاع الأمنية الإقليمية داخل بحيرة تشاد، مع تنامي موقف جماعة بوكو حرام في نيجيريا وتأثيرها على دول الجوار، هذا، وكانت مفوضية بحيرة تشاد تضم عدة دول، أبرزها الكاميرون – نيجيريا – تشاد – النيجر؛ حيث تُسهم نيجيريا بنصيب كبير في هذه المفوضية.
ومع ذلك، فإن التقدم ضد التنظيم وفروعه كان في الغالب قصير الأجل؛ فقد نجحت الجماعات الإرهابية في تجاوز الهجمات باستمرار، ويعود ذلك إلى قدرتهم على الفرار إلى مناطق أخرى وعدم قدرة الدول نفسها، ولا سيما نيجيريا، على متابعة العمليات العسكرية، وكذا عدم القدرة على إعادة بناء وتحسين ظروف سكان المناطق المستعادة، ولحل هذه المشاكل وجعل القوة أكثر فعالية طالبت المجموعة الدول الأربعة بالتخطيط والتنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية، كما طالبت الحكومات والقادة العسكريين أن يشاركوا المزيد من المعلومات مع القوة المشتركة، ويمنحوا كبار المسؤولين مساحة أكبر لتحديد ما يمكن مشاركته، وما يجب حجبه لأسباب أمنية، مع ضرورة إرسال الدول قواتها للعمل تحت قيادة القوة المشتركة لفترات طويلة، بالإضافة إلى تكثيف التدريب في مجال حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات من أجل تحسين صورة القوة المتعددة الجنسيات.
وينبغي للقوة متعددة الجنسيات أن تُولي اهتمامًا خاصًّا بمعاملة مقاتلي بوكو حرام الذين تمَّ أَسْرهم، وضمان تسليمهم بسرعة إلى السلطات المدنية التي تساعد الحكومات على تحسين العلاقات مع السكان المحليين الذين يرون أن القوات تسيء معاملة الشباب الذين يتم القبض عليهم، فيما يجب تمكين القوة المشتركة من تحقيق إستراتيجية الاتحاد الإفريقي الإقليمية للاستقرار لعام 2018م، والتي تهدف إلى تحسين الخدمات، وخلق سبل عيش جديدة في المناطق المتأثرة بالصراع، ويجب على الاتحاد الإفريقي والمانحين، وبشكل أساسي الاتحاد الأوروبي، دعم هذه الخطوات، وأن يدفعوا لإجراء مثل هذه التحسينات دون بيروقراطية ثقيلة، كما يجب أن يتوصل المانحون والاتحاد الإفريقي ودول بحيرة تشاد إلى توافق دائم بشأن الدعم المالي.
المحور الثاني: قيام الاتحاد الإفريقي بفرض مجموعة من العقوبات ضد بعض الدول الإفريقية([9])
في هذا السياق، يمكن عرض أبرز تحركات مجلس السلم والأمن الإفريقي في تسوية بعض النزاعات في القارة الإفريقية، وذلك من خلال فرض مجموعة من العقوبات على عدة دول إفريقية؛ حيث إنه وفقًا للقانون المُؤسِّس للمجلس؛ هناك مجموعة من الأهداف التي يسعى الاتحاد الإفريقي لتحقيقها من خلال تأكيد النظام الديمقراطي ومؤسساته، وزيادة المشاركة المجتمعية، والتأكيد على ضرورة تحقيق العدالة والحكم الرشيد؛ حيث تنص بعض مواد القانون التأسيسي على أنه لا يُسمح للحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد.
ولعل من أبرز هذه العقوبات، ما يلي:
أولًا: العقوبات التي تم فرضها ضد مدغشقر في عام 2009م:
جاءت هذه العقوبات عقب اقتحام قوات عسكرية في جزيرة مدغشقر القصر الرئاسي بالعاصمة في 16 مارس 2009م، واستولت عليه بعد أن دعا زعيم المعارضة الجيش للقبض على الرئيس، كما أعلنت المعارضة المدعومة من الجيش أنها عيَّنت زعيم المعارضة “أندري راجولينا” 34 عامًا رئيسًا لحكومة انتقالية لفترة عامين، وقام الاتحاد الافريقي في مارس 2009م بتعليق العضوية الخاصة بدولة مدغشقر داخل الاتحاد، مع اعتبار أن هذا التطور يمثل تغييرًا غير دستوري، لا يتوافق مع مبادئ وأسس الاتحاد؛ حيث فام الاتحاد بإعطاء مهلة للمجلس الحاكم في مدغشقر نحو 6 أشهر لاستعادة حكومة دستورية، من خلال الانتخابات، مؤكدًا أنه في حال عدم امتثالها فإن الاتحاد سينظر في فرض عقوبات على قادة الجزيرة.
ثانيًا: العقوبات التي تم فرضها ضد غينيا بيساو 2012م:
جاءت هذه العقوبات عقب الانقلاب العسكري في غينيا بيساو في 12 أبريل 2012م، بقيادة الجنرال “مامادو توري كوروما” نائب رئيس الأركان قبل جولة الانتخابات الرئاسية الثانية المتنافس عليها بين “كارلوس غوميز جونيور” وكذلك “كومبا بالا”؛ حيث قام الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية غينيا بيساو في المنظمة الإفريقية عقب الانقلاب الذي وقع في الدولة الواقعة بغرب إفريقيا في 17 أبريل 2012م؛ حيث قرر المجلس، مع التنفيذ الفوري، تعليق مشاركة غينيا بيساو في جميع أنشطة الاتحاد الإفريقي لحين استعادة النظام الدستوري في البلاد، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاق أدى إلى اختيار مرشح المركز الثالث في الانتخابات.
ثالثًا: العقوبات التي تم فرضها ضد إفريقيا الوسطى 2013م([10])
25 مارس 2013م عقب نشوب الحرب بين الحكومة داخل إفريقيا الوسطى، والمعارضة، التي سرعان ما قامت بالاستيلاء على العاصمة، ومِن ثَم الإطاحة بالرئيس “فرانسوا بوزيزي”؛ حيث قام الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية جمهورية إفريقيا الوسطى، وفرض الاتحاد مجموعة من العقوبات والقيود على حالات السفر، بالإضافة إلى تجميد أرصدة بعض من قادة المعارضة، وبينهم رئيس حركة سيليكا المعارضة وهو “ميشال جوتوديا” الذي نصَّب نفسه رئيسًا للبلاد.
رابعًا العقوبات التي تم فرضها ضد غينيا 2021م
جاءت هذه الأحداث بعد قيام مجموعة تابعة لوحدة المهام الخاصة في الجيش بقيادة “مامادي دومبوي” بتنفيذ انقلاب عسكريّ في 5 سبتمبر 2021م، وقامت بإلقاء القبض على الرئيس “ألفا كوندي”، وجاء في رسالة مسجلة من قائد الانقلاب إصدار قرار بحل الحكومة ووقف العمل بالدستور وإغلاق حدود البلاد؛ حيث قامت الاتحاد بتعليق عضوية غينيا، مع منعها من المشاركة في كافة أنشطة الاتحاد والهيئات التابعة لها المخول لها صناعة القرار.
رغم هذه الإنجازات، لكن هذا المجلس لا يزال يواجه عدة تحديات، أبرزها:([11])
- نقص التمويل: ضعف التمويل وقلة الخبرة حدَّا من فاعلية المجلس في حل وتسوية النزاعات.
- التدخلات الخارجية: تأثير القوى الخارجية على النزاعات الإفريقية أعاق جهود المجلس في تحقيق السلام.
- التنسيق مع المنظمات الإقليمية: الحاجة إلى تحسين التنسيق مع المنظمات الإقليمية والمحلية لتعزيز فعالية عمليات حفظ السلام.
وختامًا، يمكن القول: إن مجلس السلم والأمن الإفريقي لم ينجح في كَبْح جماح الجماعة الإرهابية مثل بوكو حرام في نيجيريا؛ حيث كان التقدم ضد التنظيم وفروعه في الغالب قصير الأجل، فقد نجحت الجماعات المسلحة في تجاوز الهجمات باستمرار، ويعود ذلك إلى قدرتهم على الفرار إلى مناطق أخرى، وعدم قدرة الدول نفسها، ولا سيما نيجيريا، على متابعة العمليات العسكرية، وكذا عدم القدرة على إعادة بناء وتحسين ظروف سكان المناطق المستعادة.
وبعد مرور عقدين على تأسيسه، يُعدّ مجلس السلم والأمن الإفريقي أحد أبرز الآليات القارية في مجال حفظ السلام. ورغم التحديات، تمكَّن المجلس من تحقيق تقدم ملحوظ في منع النزاعات وإدارتها، وتعزيز الاستقرار في القارة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى تعزيز قدراته، وتحسين التنسيق مع الشركاء الدوليين والإقليميين، وتوفير الموارد اللازمة لضمان استمرارية وفعالية جهوده في تحقيق السلم والأمن في إفريقيا.
……………………….
[1] African Union, Consultancy Services on Security Sector Reform (SSR) in the Kingdom of Lesotho, https://au.int/en/bids/20210428/consultancy-services-security-sector-reform-ssr-kingdom-lesotho
[2]– AU, Conclusions of 2nd Africa Forum on Security Sector Reform – Promoting the Continental Agenda of Security, Justice and Development, www.peaceau.org/en/article/conclusions-of-2ndafrica-forum-on-security-sector-reform-promoting-the-continentalagenda-of-security-justice-and-development
[3]– فاروق حسين أبو ضيف، الاتحاد الإفريقي والشراكات في مجال إصلاح قطاع الأمن، قراءات إفريقية.
[4]– تقرير مجلس السلم والأمن الإفريقي حول أنشطته ووضع السلم في إفريقيا، الاتحاد الإفريقي. https://www.peaceau.org/uploads/assembly-au-3-viii-a.pdf
[5]– محمد خليفة، آليات ومظاهر التعاون بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين، https://asjp.cerist.dz/en/article/31746
[6]– د. محمود زكريا، عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلم في إفريقيا: الواقع والإشكاليات (دراسة)، مركز فاروس للدراسات. https://pharostudies.com/%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1/
[7] -United Nations, ” UNISFA Mission Fact Sheet”, Access Date: 11 April 2020, Available at: https://peacekeeping.un.org/en/mission/unisfa
[8]– بسبب انقلابات ومخالفات.. هذه الدول علق الاتحاد الإفريقي عضويتها، موقع الجزيرة، أكتوبر 2021م. https://www.ajnet.me/encyclopedia/2021/10/28/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%B9%D8%B6%D9%88%D9%8A%D8%A9
[9]– بسبب انقلابات ومخالفات… هذه الدول علق الاتحاد الإفريقي عضويتها، مرجع سابق.
[10] -Conciliation Resource, “Central African Republic: the conflict in focus”, Access Date: 9 April 2020, Available at: https://bit.ly/2xKgMy4
[11] -African Union (AU), Policy on Post-Conflict Reconstruction and Development (PCRD), www.peaceau.org/uploads/pcrd-policyframwowork-eng