شهد مقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة أديس أبابا، أول مواجهة مباشرة بين المرشحين لمنصب رئيس المفوضية الإفريقية.
المرشحون هم: محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي، ورايلا أودينغا رئيس وزراء كينيا الأسبق، ووزير مالية مدغشقر السابق ريتشارد راندريا.
وبحضور جمهور اقتصر على سفراء الدول الإفريقية وممثليها الدائمين لدى الاتحاد الأفريقي، عُقدت المناظرة التي أدارتها الإعلاميتان أنيتا إرسكين من غانا وفاطمة شارف من الجزائر.
تزامن ذلك مع بث مباشر على عدد من قنوات الدول الإفريقية ومنصات الاتحاد الأفريقي، مع ترجمة فورية إلى لغات العمل الرسمية للاتحاد الإفريقي (الإنجليزية، الفرنسية، البرتغالية، الإسبانية، والسواحلية)، في حين غابت اللغة العربية لأسباب غير معروفة.
حُددت مدة المناظرة بـ120 دقيقة، تخللتها استراحتان، واستُهلت بعزف النشيد الرسمي للاتحاد الإفريقي، بعدها تصافح المرشحون ثم توجهوا للوقوف خلف منابر متجاورة طغى عليها اللون الأبيض.
مُنح كل مرشح 4 دقائق للإجابة على الأسئلة، وكان يتم كتم صوت الميكروفون فور انتهاء المهلة، وقد بدأت المناظرة ببيانات افتتاحية لكل مرشح، قبل أن تنطلق لمناقشة عدة محاور شملت الاقتصاد والتنمية، والصراعات وملفات السلام، وصولا إلى إصلاح الاتحاد الإفريقي.
وبدأت المناظرة بالتركيز على الوضع الاقتصادي ورؤية المرشحين لتحقيق ازدهار تنموي للقارة، وهو ما كشف عن تباين واضح في الأولويات بين المرشحين، حيث أكد مرشح مدغشقر أن تطوير الاقتصاد القاري يبدأ من تعزيز المشاريع المحلية، إلى جانب تحرير حركة الأشخاص والبضائع لزيادة التجارة البينية الإفريقية، التي لا تتجاوز حاليا نسبة 12.6%.
في المقابل، شدد مرشح كينيا على ضرورة الضغط الإفريقي لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي بما يتناسب مع مصالح إفريقيا، مع التركيز على تطوير البنية التحتية من خلال تنفيذ مشاريع كبرى، مثل خطوط السكك الحديدية القارية، لتحسين النقل وتعزيز التجارة عبر القارة.
أما مرشح جيبوتي، فقد رأى أن الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري يمثل الركيزة الأساسية للتنمية في إفريقيا، مشيرا إلى أهمية تطوير الزراعة باستخدام التكنولوجيا، مع التركيز على إضافة قيمة للمنتجات الخام عبر التصنيع المحلي قبل تصديرها.
وكانت الإعلاميتان إرسكين وشارف، تستخرجان الأسئلة من مظاريف مغلقة، مما أضاف عنصر التشويق على المناظرة، وطرحتا الأسئلة باللغتين الإنجليزية والفرنسية بالتناوب، وفيما التزم مرشح كينيا، أودينغا، الإجابة باللغة الإنجليزية، رد راندريا مرشح مدغشقر، على الأسئلة بالفرنسية، أما مرشح جيبوتي علي يوسف، فكان يتنقل بين الإنجليزية والفرنسية والعربية.
وفي الجولة الثانية، انتقلت المناظرة إلى مناقشة ملف الصراعات والسلم والأمن، وسبل تحقيق مبادرة الاتحاد الإفريقي لإسكات صوت البنادق في القارة، حيث ركز المرشح الكيني على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراعات، مثل الفقر، والإقصاء، وانعدام العدالة الاجتماعية. وأكد أهمية تقديم حلول تتعامل مع جذور المشكلة كأساس لمنع تفاقم الصراعات.
من جانبه، شدد المرشح الجيبوتي على أهمية تحسين آليات الاتحاد الإفريقي المتعلقة بإدارة الصراعات وتعزيز فعاليتها، مؤكدا الحاجة إلى توفير التمويل اللازم لتفعيل قوات الاحتياط الإفريقية، ما من شأنه أن يجعل الاتحاد الإفريقي قادرا على الاستجابة بسرعة للأزمات.
أما مرشح مدغشقر، فركز على أهمية التعاون الدولي، خاصة مع الأمم المتحدة، في جهود حل الصراعات. ورأى أن الشراكة بين المنظمات الإقليمية والدولية تلعب دورا محوريا في تحقيق الاستقرار وبناء السلام في القارة.
خلال المناظرة، تفاوتت أساليب عرض المرشحين لرؤاهم، حيث كان الكيني أودينغا متريثا في حديثه مقارنة بالآخرين، ما أدى إلى إغلاق الميكروفون الخاص به غير مرة بسبب تجاوزه الوقت المسموح، فيما كان مرشح مدغشقر يستعرض رؤيته ضمن نقاط محددة ومختصرة، أما مرشح جيبوتي فكان الأكثر استخداما للغة الجسد والأسرع حديثا، ما منحه فرصة لاستعراض قضايا وملفات أكثر خلال الوقت المتاح.
اختتمت المناظرة باستعراض مقاربات المرشحين حول إصلاحات منظمة الاتحاد الإفريقي، حيث ركز مرشح مدغشقر على أهمية الإصلاحات المالية والتنظيمية، مشيرا إلى قصر فترة الولاية الزمنية للمنصب (4 سنوات) كعامل يستدعي وضع خطة قصيرة المدى لمعالجة القضايا العاجلة.
في المقابل، طرح مرشح كينيا رؤية تقوم على إنشاء صناديق سيادية إفريقية لتمويل الإصلاحات وتنفيذ مشاريع كبرى، مثل تطوير شبكة السكك الحديدية القارية، واستكمال بناء سد إنغا الكبير.
أما مرشح جيبوتي، فقد أكد على ضرورة تعزيز ولاء العاملين في المنظمة وتفعيل الإصلاحات غير المكتملة، مثل تفعيل البرلمان الإفريقي وتطبيق ضريبة الاستقطاع بنسبة 0.2% من واردات الدول الإفريقية لتحسين تمويل برامج ومشاريع الاتحاد الإفريقي.