محمد المختار (*)
يلعب الاستثمار دورًا كبيراً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأمن والاستقرار؛ حيث يسهم في قيام المنشآت والمشاريع الإنتاجية والخدمية وغيرها من التكوينات الرأسمالية الأخرى. وأفريقيا صاحبة ثاني أكبر بساط أخضر في العالم تمتلك مقومات الاستثمار في شتى المجالات، فهي غنية بمواردها البشرية والمادية، وتتميز بموقعها الاستراتيجي، واليوم تشهد نشاطاً اقتصادياً واسعاً وتدفقاً لاستثمارات كبيرة.
لقد بلغت عملية التنمية فيها أعلى معدل لها منذ عام 1960م، كما حققت أفريقيا جنوب الصحراء في السنوات الأخيرة أقوى معدلات النمو وأدنى معدلات التضخم المسجلة منذ ثلاثين عاماً، وكثير من البلدان الأفريقية ” … تجاوزت المرحلة الحرجة، وأنها في سبيلها للمضي على المسار لتحقيق معدلات نمو اقتصادية أشدّ ثباتاً وأكثر سرعة، وهي معدلات ضرورية لتخفيض مستويات الفقر المرتفع” (1) وقد أوضح نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة أفريقيا ، أنه: “على مدى العقد الماضي، سجلت أفريقيا معدل نمو متوسط بلغ 5.4 في المائة التي هي على قدم المساواة مع بقية العالم.”(2).
من المتوقع أن تكون للتنمية الشاملة آثار إيجابية مباشرة وغير مباشرة على العديد من المؤشرات الاقتصادية في الدول الأفريقية، مثل: ميزان المدفوعات، والموازنة العامة (الميزانية العامة)، والناتج المحلي الإجمالي، والطلب الإجمالي، ومستوى التوظيف (التشغيل)، والأسعار، وتوزيع الدخل والثروة، وتأثيرات واسعة في المجالات السياسية والاجتماعية والتقنية والثقافية، وعلى المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، يشير تقرير الأعمال للبنك الدولي لعام 2008 م إلى أن الدول الإفريقية تسير بمعدل جيد للإصلاح. إلا أن الأمر لا يخلو من مخاطر تهدد اقتصاد الدول واستراتيجياتها لضعف أسس النمو التي لا تزال هشة، والأهداف المستترة وراء الاستثمارات الخارجية، مما يمس سيادة الدول وأمن مجتمعاتها؛ بسبب التنافس العالمي وسعي بعض الدول الكبرى لبسط الهيمنة والنفوذ، وتلويحها باستخدام القوة إذا اقتضى الأمر.
إن السياسات الاستثمارية الحكيمة، وإيجاد شراكات استراتيجية عادلة، وتنويعها، وتمكين القدرات المحلية من المشاركة في التخطيط السليم للمشروعات وتنفيذها، وإيجاد المناخ المناسب، يمكن أن يسهم في احتواء الهجمة الاستثمارية العالمية، وتوجيه تدفقاتها المالية في مسارات التنمية بما يحقق تطلعات الشعوب الأفريقية وآمالها ويقلل من التحديات والمخاطر.
فرص الاستثمار في أفريقيا:
“ونحن ندرك أن البلدان الأفريقية تمتلك موارد كبيرة وفي جميع الميادين: الموارد المعدنية والنفطية، والموارد الزراعية، والموارد السمكية، وموارد الغابات، ولكن هذه الموارد لا تجهز، للأسف، بطريقة مفيدة في أفريقيا. وهذا يشكل فرصة كبيرة ضائعة لأفريقيا؛ ” (3)، إن هذه الموارد تمثل مجالات استثمارية قوية، بجانب فرص أخرى متاحة في مجال بناء المنشآت الأساسية والبنى التحتية، كبناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ ، وتوليد الكهرباء والسدود والخزانات وإمداد الماء، ومنشآت أساسية أخرى في مجال الخدمات المختلفة، أو إعادة تأهيل وبناء لما تقادم عهده من ذلك.
إن الموارد البشرية تعد أهم مجالات الاستثمار التي تقاس بها ثروة الأمم، فهي على رأس المكونات الرأسمالية والأصول المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول، وقد أصبح العنصر البشري ودرجة كفاءته هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم، وأفريقيا التي يبلغ عدد سكانها قرابة 934مليون نسمة، لا يزال الاستثمار فيها محدوداً في مجال التنمية البشرية، برغم اهتمام بعض الجهات المستثمرة بالتنمية الحضارية للمجتمع، والبيئة والصحة، وزيادة معرفة الفرد، والارتقاء بدرجة وعيه وقدراته عن طرق التعليم والتدريب. وبالنسبة للموارد الأخرى غير البشرية، فإن أفريقيا التي تتميز بموقعها الجغرافي، وبمساحة إجمالية تبلغ 30.190 مليون كم2 تمتلك أكبر مخزون للعديد من الثروات والمعادن الاستراتيجية، فمن بين 50 معدنًا هامًّا في العالم يوجد 17 معدناً منها في أفريقيا باحتياطيات ضخمة. وهي تمتلك النسبة الأكبر من احتياطي ” البوكسيت، والفروكروم، والكوبلت، والماس، والذهب، والمنجنيز، والفوسفات، والمعادن البلاتينية، والتيتانيوم، والفاناديوم “(4).
كما أنها تتمتع بإمكانيات هائلة في مجال الزراعة، تؤهلها لأن تكون سلة الغذاء العالمي كما يرى كثير من الخبراء؛ فهي تشتهر بمواردها المائية حيث يجري فيها 13 نهراً، إضافة إلى ارتفاع معدلات سقوط الأمطار في بعض مناطقها المناخية المتنوعة، ومخزونها الضخم من المياه الجوفية، وتقدّر الطاقة الكامنة للريّ في القارة الأفريقية بأكثر من 42.5 مليون هكتار، مع مراعاة الطاقة الكامنة للريّ لكلّ من الأحواض والموارد المائية المتجددة.
ونظراً لاتساع رقعة أفريقيا الجغرافية فإنها تتميز بتنوع أقاليمها المناخية، وبمستويات ونوعيات مختلفة من التربة الغنية، و بمواسم زراعية متنوعة، وهو ما يجعل منها ” بيئة ملائمة لزراعة وإنتاج جميع المحاصيل والحبوب والخضروات، وتقدر نسبة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيها بحوالي35% من إجمالي مساحة القارة، يستغل منها 7% فقط في الزراعة بشتى أنواعها،… ولا تزيد مساحة الزراعة المروية في الجزء الواقع جنوب الصحراء من أفريقيا عن 50 كم2 من إجمالي 23 مليون كم2″.(5)
فالاستثمار في المجال الزراعي يعد من أفضل الخيارات التي تقدمها أفريقيا للمستثمرين للإسهام في تحقيق النمو الاقتصادي والأمن الغذائي في أفريقيا.
وفي مجالات الطاقة ومصادرها، فإنه برغم ضخامة الطاقة الكهرومائية الكامنة الهائلة في أفريقيا، والتي تناهز 750 1 تيراواط ساعة، ورغم إمكان ضمان أمن الطاقة من خلال توليد الطاقة الكهرومائية، لا يُستغلّ حالياً سوى نسبة 5 في المائة من هذه الطاقة الكامنة.
وهي بالنسبة للنفط والغاز تعد المنطقة الأخيرة في العالم التي يوجد بها احتياطي هائل ، ويقدر الخبراء حجم النفط الأفريقي بين 7 في المائة و9 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي، ما يوازي ما بين 80 إلى 100 مليار برميل خام، حيث تنتشر حقول النفط داخل القارة في كثير من دولها وعلى شواطئها الغربية، وهو أسهل وأسرع في استخراجه، وسهولة نقل الخام المتدفق من الآبار إلى سفن راسية عند السطح تقوم بأعمال التصفية والتكرير، بحيث تصبح مشتقاته جاهزة للتحميل والتصدير مباشرة، وهو ما يحقق وفراً اقتصادياً مشجّعً للمستثمرين، كما يعد النفط الخام المستخرج من إقليم خليج غينيا، من النوعية الممتازة.
وتحرص أفريقيا في مجال الصناعة على تعميق وتطوير شراكات استثمارية، وقد جاء مؤتمر القمة الأفريقية العاشر تحت شعار: ( التنمية الصناعية في أفريقيا) ، تأكيداً لأهمية التوجه نحو تطوير قطاع الصناعة الذي لا يزال الاستثمار فيه ضعيفاً؛ حيث إن ” مخرجات القطاع الصناعي بالقارة لا يتعدى نسبة 2% من الإنتاج العالمي… وصادراتها الصناعية تبلغ نسبة 1% فقط من إجمالي الصادرات العالمية”(6)، بالرغم من أنها كما تقدم “…خلافاً لما يحصل في أجزاء أخرى من العالم، تعتبر أفريقيا أغنى القارات من حيث الموارد والمعادن الطبيعية بما في ذلك الكثير من الموارد الصناعية والزراعية التي يمكن أن تكون محركاً للنمو الاقتصادي والتنمية إذا ما تم استخدامها على نحو فعال ومتوازن”(7). فالقطاع الصناعي في أفريقيا أكثر القطاعات حاجة إلى الإمكانات الفنية والمالية، والمعلومات والخبرات حول تنفيذ البرامج الخاصة بالتنمية الصناعية. وحرصاً على مشاركة المستثمرين في تسريع التنمية الصناعية في أفريقيا، نظَّم المؤتمر الثامن عشر لوزراء الصناعة الأفريقيين24 ـ 28 أكتوبر 2008م في دوربان، بجنوب أفريقيا منتدى يجمع الفاعلين الأفريقيين وغير الأفريقيين،… قرابة 80 مسؤولاً تنفيذياً من الشركات الأفريقية الكبرى، والمتعددة الجنسيات العاملة في أفريقيا للحصول على مساهماتهم بخصوص التحول الصناعي الأفريقية واستراتيجية التنفيذ.(8).
تداع وتنافس عالمي محموم :
كانت ثروات أفريقيا من أسباب الهجمة الاستعمارية الغربية عليها في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين ، كما كانت من أسباب بعض الحروب الداخلية ؛ فاستغلال ثرواتها الطبيعية لم يكن هدفاً للجماعات المتصارعة في الداخل فحسب، بل كان أيضاً هدفاً للقوى الخارجية التي تدخلت في النزاعات الأهلية مدفوعة بمصالحها الاقتصادية.
واليوم تتسابق الدول نحو أفريقيا في تنافس محموم، في مقدَّمتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين وروسيا إضافة إلى إيران وتركيا وماليزيا والهند وكوريا وتايوان والبرازيل، جميعها تسعى للنفاذ إلى ثروات القارة، و خاصة مصادر النفط فيها. يحذر إيان غاري محلل السياسة النفطية بمنظمة ( أوكسفام ) (9) العالمية من أن ” القارة أصبحت بقعة ساخنة لسباق دولي محموم للاستثمار في قطاع النفط “(10)، و قد سارعت الولايات المتحدة في محاولتها لتعزيز السيطرة على النفط الإفريقي من خلال المجلس الاستشاري لإفريقيا, وهو تحالف يضم شركات أمريكية عملاقة، ويعد هذا المجلس شريكًا أصيلاً للحكومة الأمريكية في كل ما يخص إفريقيا، وهو وراء تضخم الاستثمارات الأمريكية في قطاع النفط في غرب إفريقيا حتى تجاوزت سبعة المليارات دولار بعد أن كانت مليارًا واحدًا في بداية عقد التسعينات(11).
تحديات ومخاوف :
. لقد ولد هذا التنافس مخاوف من تدخلات عسكرية ، تجعل أفريقيا خاضعة لبعض الدول ذات الهيمنة والنفوذ كفرنسا، أو أمريكا التي ترعى ـ بجانب مصالحها الخاصة ـ مصالح إسرائيل في أفريقيا وتتولى مسؤولية حمايتها،. يؤكد هذه المخاوف ويزيدها الوجود العسكري الأجنبي وقواته وقواعده المنتشرة في مناطق متفرقة داخل القارة ، وفوق المياه المحيطة بها ، كالقواعد الفرنسية والأمريكية، كما تأتي تصريحات بعض المسؤولين والمحللين السياسيين لتقوي هذا التأكيد ؛ يرى مؤلف كتاب: (حروب مصادر الثروة)، المحلل الأمني الأمريكي (مايكل كلير): ” أن أفريقيا ستكون هي الهدف, وستكون مسرحًا للحروب القادمة بين القوى المتصارعة. ” (12) ويقول الدكتور جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) “: إن السباق بين الدول المستوردة للغذاء على الحصول على أراضٍ زراعية في الدول الأخرى لتعزيز أمنها الغذائي يهدد بخلق نظام “استعماري جديد” (13) لقد حذرت بعض المنظمات العالمية من الآثار والنتائج السلبية لتنافس المستثمرين على شراء مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في أفريقيا، كما دعا جامعيون أفارقة إلى إعداد استراتيجية إقليمية وقارية للعلاقة مع الصين لتجنب الاختلال في علاقاتهما الثنائية مشيرين إلى أن “الاستثمارات الصينية مرتبطة بالاحتكارات الكبرى للدولة الصينية” و أنها تركز على قطاع المناجم والمسح الجيولوجي أو على البنى التحتية.
إن هذه المخاوف لا يمكن تجاهلها طالما هنالك وقائع تاريخية سبقت ، ومؤشرات قائمة لاحتمال وقوعها ثانية، فهل تقبل أفريقيا بنظرية ‘السيطرة الحميدة’ التي يطلقها بعض رؤوس المحافظين الجدد في أمريكا ؟! أم تفضل الاستعمار الناعم القادم من بكين ؟!
أياً ما كان الأمر، فإن أفريقيا أخذت تهيئ بيئتها الاستثمارية لاحتواء سيل التدفقات القادمة نحوها بقوة .
تهيئة المناخ الاستثماري في أفريقيا:
اهتمت الدول الأفريقية بتهيئة بيئاتها الاستثمارية، وخاصة جنوب الصحراء التي ظلت تعاني أوضاعاً سياسية غير مستقرة، إضافة إلى ضعف أسس النمو، وعدم ملاءمة كثير من السياسات الاقتصادية المطبقة فيها؛ لذلك سارعت الحكومات الأفريقية من خلال أجهزتها المعنية إلى إيجاد بيئات استثمارية مناسبة، فقامت بمراجعة سياساتها الاقتصادية، ونظمها الاستثمارية ، وسنَّت العديد من التشريعات والقوانين والأنظمة واللوائح الجديدة التي تشجع الاستثمار وتدعمه، واستحدثت الهيئات والمؤسسات التي تخطط له وتنظمه . ووضعت امتيازات كثيرة، منها: تيسير شروط الاستثمار وتخفيف القيود على تدفقاته، والتحوط لما يمكن أن تتعرض له الاستثمارات من مخاطر، والعمل على تقليلها، والشفافية في توفير المعلومات الضرورية للمستثمر وكسب ثقته، وتبسيط الإجراءات، وتقديم ضمانات بحرِّية نسبة المساهمات ونقل الأموال إلى الخارج، إضافة إلى الإعفاءات من بعض الضرائب الجمركية والربحية وغيرها. في ظل هذه التوجهات الجادة للحكومات، وحرصها على جذب الاستثمارات الخارجية وتشجيعها، تسابقت الدول والشركات والمؤسسات نحو أفريقيا، وتدفقت الاستثمارات حتى بلغ حجم الاستثمار المباشر مستوى قياسيا قدر بحوالي 53 مليار دولار أواخر عام 2007م، يتوقع أن يصل إلى مئات المليارات من الدولارات، وهو ما يمكن أن تترتب عليه نتائج مدمرة لاقتصاد الدول الأفريقية إن لم تكن ثمة محددات لقبول تلك الاستثمارات وضوابط لتوجيه مساراتها.
الاستثمار الخارجي : سياسات الاحتواء
من التجارب الدالة على ما يمكن أن يسببه الاستثمار الخارجي في أفريقيا من آثار مدمرة لاقتصاد دولها تأثر التنمية مؤخراً بصورة سلبية في البلدان الإفريقية نتيجة ارتباط اقتصادها بالأسواق الأوربية، والتضرر الذي حصل للدول التي فتحت قطاعها المالي بصورة أكبر في السنوات الماضية للاستثمارات الأجنبية مثل جنوب إفريقيا. فقد يتسبب الاستثمار في إشكالات اقتصادية كبيرة في الدول الأفريقية كانهيار الاقتصاد أو انكماشه في حال الانسحاب المفاجئ لرؤوس الأموال أو التركيز على الاستثمارات قصيرة المدى، وكالتضخم النقدي ، ورفع أسعار العملات ، أو التسبب في زيادة حجم الفساد الإداري والمالي في المجتمعات ، والتهديدات الأمنية فيما يتوقع من صدامات بين الدول المتنافسة . إن تجنب مثل هذه المخاطر من ناحية، وتحقيق الاستفادة القصوى من الاستثمار الخارجي في تطوير الاقتصاد وتحقيق ثباته واستقراره في الدول الأفريقية من ناحية أخرى، يتطلب وضع استراتيجية شاملة وسياسات راشدة توجه تدفقاته ،
ومن ذلك وضع محددات وشروط أساسية أهمها :
1- التعاون مع الدول الأفريقية كمجموعة واحدة يتم التنسيق بينها من خلال استراتيجية تنموية متوازنة ومتكاملة للقارة عبر مؤسساتها القارية كمفوضية الاتحاد الأفريقي وغيرها.
2- ربط الاستثمارات الخارجية بخطط التنمية المحلية للاستفادة منها بصفتها موارد تمويلية، وتحقيق التوازن والتكامل بينها وبين الخطط الاستراتيجية للدول، وبينها وبين الاستثمارات المحلية .
3- توظيفها للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة ، وتنفيذ المشرعات الاستراتيجية ، وخاصة ما يتعلق بالأمن الغذائي والبنى التحتية لأفريقيا.
4- المشاركة في تنمية رأس المال البشري في الدول الأفريقية من حيث: التخطيط والتنمية والتوظيف.
5- المساهمة في تحقيق الجانب الأمني للمجتمعات الأفريقية بمعالجة المشكلات المزمنة كالفقر ، والبطالة ، والمرض ، وتوفير الخدمات الأساسية لحياة الإنسان .
6- دعم السياسات والبرامج التي تزيد من إمكانية تحقيق الدولة للتنمية و الانخراط في اقتصاد متطور.
7- وضع الموازنة السليمة لتدفقات رؤوس الأموال الخارجية بالنسبة للناتج القومي العام، تجنباً لتعرض اقتصاديات الدول الأفريقية للانهيار في حال انسحاب هذه الأموال عند ظهور أية بوادر لعدم الاستقرار، مع التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل .
8- توريث وتوطين الخبرة والتجربة والتقنية ، وبناء وتطوير المؤسسات المحلية .
9- تطوير البنيان أو الهيكل الاقتصادي ، ونقله من طرق الإنتاج التقليدي إلى طرق الإنتاج المتطورة.
10- إتاحة الفرص على نطاق واسع للشراكة مع القطاع الخاص في التخطيط والتنفيذ لتلك المشروعات.
المبادرات والبرامج التنموية:
ظهرت مبادرات ومشروعات وبرامج تنموية متعددة من جهات مختلفة، منها :
– تصميم آلية للتقييم الذاتي : أكد ذلك القادة الأفارقة في بيان مشترك، سعياً لتعزيز امتلاك أفريقيا لبرنامجها التنموي الخاص.
– مشروع “مشاورات من أجل صياغة استراتيجية للاستثمار في أفريقيا ” وهو مشروع استشاري أصدرته مفوضية الاتحاد الأفريقي يهدف إلى اقتراح استراتيجيات الاستثمار وسياساته التي يجب أن تعتمدها الدول الأعضاء من أجل تطوير القارة الأفريقية …في ظل استراتيجية شاملة تكون موجهة نحو التكامل الإقليمي)(14) وذلك من خلال محاور أساسية أهمها ما يلي :
– تحليل وضع سياسات الاستثمار في الدول الأفريقية ، وعلى مستوى المجموعات الاقتصادية الإقليمية ، ومدى تجانسها.
– مراجعة أنشطة المجموعات الاقتصادية الإقليمية في مجال مواءمة استراتيجيات الاستثمار.
– تقييم قدرة الدول الأعضاء على اعتماد أفضل الممارسات لتسيير الاستثمار.
– تقييم دور وكالات ترقية الاستثمار وأصحاب المصلحة الآخرين المعنيين في تيسير الاستثمار وتعزيزه.
– صياغة الاستراتيجيات والممارسات المناسبة التي تحتاجها الدول الأعضاء جماعياً من أجل استثمارات مستقرة ومتطورة في أفريقيا .
– برنامج للعمل المشترك في مجال الزراعة والغذاء تم الاتفاق عليه بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي .
– المنتدى العربي الأفريقي للتنمية. يشارك فيه مسؤولون وخبراء وأكاديميون والغرف التجارية والقطاع الخاص والمجتمع المدني على الجانبين، وستعقد الدورة الأولى لهذا المنتدى نفسه في أوائل عام 2010 في إحدى الدول العربية.
– مشروعات المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا لتحسين الظروف المعيشية للسكان ورفع المعاناة عنهم، والتخفيف من حدة الفقر، وتطوير الخدمات المختلفة.
– المؤتمر الخليجي الأفريقي: وهو مؤتمر يهدف إلى بحث القضايا والتحديات التي تعوق تعزيز العلاقات بين قارة أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي وبحث آفاق التعاون الاقتصادي إضافة إلى الارتقاء بعلاقات الجانبين على الصعيد السياسي والأمني والاجتماعي.
– المشروعات الثنائية المباشرة بين عدد من الدول العربية والخليجية من جانب والدول الأفريقية من جانب آخر، مثل: المملكة العربية السعودية ، وقطر، وبين الدول الأفريقية وبعض الشركات العربية.
مصرف الاستثمار الأفريقي:
وهو من الأدوات المميزة وذات الأولوية لتمكين إفريقيا من المضي قدماً وتسريع عملية الاندماج والتنمية المستدامة ، وسيساهم في تغطية احتياجات إفريقيا الفعلية للتمويل والمقدرة بين 54 و100 مليار دولار أمريكي لسبع السنوات القادمة.
نحو شراكات عربية وإسلامية :
هل يكون في ذلك تحقيق الطموحات، ودفع التحديات؟
هذا ما تطمح إليه أفريقيا، فقد جاء على لسان جان بينح رئيس الاتحاد الإفريقي : ” إن الاستثمارات العربية للحد من الفقر في القارة أفضل وسيلة لتخفيف حدة التوترات بين العرب والأفارقة “(15)، كما أكد الرئيس السنغالي عبد الله واد على الاستفادة من الروابط الدينية لجذب استثمارات تقلل من الاعتماد على مانحين غربيين، وتطوير التعاون الشامل لمواجهة التحديات ، يقول:” إننا نتجه بالفعل إلى تعاون شامل نعمل على أن يكتسي بعداً مؤسسياً كاملاً، يشد من عضدنا في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية. وإنني كلي ثقة في حنكة وإدراك وتعاون الرئيس جان بينج الذي أعمل معه يداً بيد للوصول إلى هذا الهدف، هذا هو المدخل الحقيقي للحفاظ على أمننا وسلامة مجتمعاتنا، وتحقيق نمائها وتطورها والمشاركة بحق في لعب دورنا الطبيعي والتاريخي في بناء الحضارة الإنسانية ” (16) .
خاتمة:
لقد أثبتت تطورات الأوضاع التنموية والسياسية أن معالجة قضايا التنمية في كل من أفريقيا والعالم العربي ، و التعامل مع القضايا الأساسية التي تثقل كاهل القارة الأفريقية ،وتلك التي يتعرض لها العالم العربي، أصبحت متداخلة متشابكة في معظمها، الأمر الذي يجعل ممارسة التعاون العربي الإفريقي أمراً يدخل في باب حسن إدارة الأمور، ويتطلب التنظيم المباشر لهذا التعاون وإحياء آلياته.
كما يتوقع أن يكون للتمويل والاستثمار الإسلامي في أفريقيا دور فاعل بعد مؤتمر “عالم التمويل والاستثمار الإسلامي – إفريقيا 2009” الذي يعد الأول من نوعه الذي يعقد في القارة،… وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية التي لفتت أنظار المجتمع المصرفي والاستثماري بشكل متزايد إلى صناعة التمويل الإسلامي باعتبارها نعمة الخلاص من الأوضاع السائدة، ومع التوقعات التي تشير إلى وصول حجم هذه الصناعة إلى تريليون دولار في عام 2010م) .
الإحالات والهوامش:
(*) باحث وكاتب سوداني.
(1) تقرير مؤشرات التنمية في أفريقيا* 2007 (ADI2007) الذي أصدره البنك الدولي
(2) توسيع نطاق النمو ومواصلته في أفريقيا http://go.worldbank.org/J7TZWQ6KG0
(3) البيان الوزاري الأفريقي إلى القمة العالمية المعنية بالتنمية المستدامة، المعتمد في المؤتمر الأفريقي التحضيري للقمة العالمية المعنية بالتنمية المستدامة المعقود في نيروبي في الفترة من 15 إلى 18 تشرين الأول/أكتوبر 2001م
(4) تقريرا تحت عنوان // البيئة الاستثمارية في افريقيا وكالة انباء الصين الجديدة / شينخوا
(5) الزراعة في إفريقيا.. العمود الفقري للاقتصاد الإفريقي . http://www.voiceofafrica.com
(6) www.gom.com.eg/algomhuria/2008/…/detail00.shtml
(7) مذكرة المؤتمر الثامن عشر لوزراء الصناعة الأفريقيين24 ـ 28 أكتوبر 2008م دوربان، جنوب أفريقيا. www.africa-union.org
(8) مذكرة المؤتمر الثامن عشر لوزراء الصناعة الأفريقيين24 ـ 28 أكتوبر 2008م دوربان، جنوب أفريقيا. www.africa-union.org
(9) هي ائتلاف دولي من 13 منظمة تعمل مع نحو 3000 شريك في 100 دولة بهدف إيجاد حلول دائمة للفقر في العالم. يتحكم في المنظمة نحو 6000 شخص في العالم . ولها برامج تدريبية ودليل للتدريب على الجندر وهي من المنظمات الطوعية التي تم طردها من دارفور بالسودان .
(10) النفط والدولار.. ومهمة تسليح الدول الكبرى إعداد: علي الطالقاني* شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 20 آذار/2008 – 12/ربيع الاول/1429
(11) إفريقيا …. آتون الصراعات وبحر الثروات ـ مفكرة الإسلام: وحدة متابعة الشئون الإفريقية 18 – 07 – 2006
(12) إفريقيا …. آتون الصراعات وبحر الثروات ـ مفكرة الإسلام: وحدة متابعة الشئون الإفريقية 18 – 07 – 2006
(13) تحقيق الأمن الغذائي بقلم د.جون اسفكياناكيس* مدير عام وكبير الاقتصاديين لمجموعة ساب (البنك السعودي البريطاني) الرياض الاقتصادي الاثنين 24 ربيع الآخر 1430هـ – 20 ابريل 2009م – العدد 14910
(14) 13يوليو 2008 2007:12:24.15:02
(15) الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الإفريقي أديس أبابا: 2 فبراير2009
(16) الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الإفريقي أديس أبابا: 2 فبراير2009