د. رشا السيد عشري
كاتبة وباحثة مصرية ، متخصصة في الشأن الافريقي
في ظل تصاعد انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) في القارة الإفريقية، وذلك بعد تسارع معدلاته ووصوله إلى أكثر من 18 ألف إصابة، وأكثر من 900 حالة وفاة حتى منتصف أبريل 2020م، أضحى هناك تهديد من استمرار انتشاره بوتيرة مرتفعة مع توقع تزايد الحالات إلى 450 ألف حالة في أول شهر مايو 2020م حسب تقرير المدرسة البريطانية للوقاية والطب الاستوائي، الأمر الذي حذَّر منه رئيس شركة مايكروسوفت بيل جيتس بالقول: “إن الفيروس التاجي قد يصيب إفريقيا بشكل أسوأ من الصين وإمكانية وفاة أكثر من عشرة ملايين شخص في إفريقيا جراء فيروس كورونا”.
كما حذَّرت منه منظمة الصحة العالمية؛ لما له من آثار مدمرة على المنظومة الاقتصادية والصحية، والتسبّب في تآكل رأس المال الاجتماعي في المجتمعات؛ لا سيما وأن القارة الإفريقية تعاني من انعدام البنية التحتية والافتقار لمنظومة صحية تُجابه الوباء العالمي في ظل الأمراض والأوبئة التي عانت منها على مدار سنوات.
ومن ثم أثَّر ذلك على التواجد الأجنبي بالقارة في أكثر من منحى، وصعد معه تحديات جديدة انعكست على الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي.
كورونا وتأثيره المتنامي على الاستثمارات الأجنبية:
أثار انتشار الفيروس تخوفًا من تأثيره المتنامي على الاستثمارات الأجنبية داخل القارة، والذي بدأ بخسائر حادة لبورصة الأوراق المالية في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا وصلت إلى 2,6% في بداية الأزمة؛ نظرًا لتعاملها مع الشركات الصينية، ما أدَّى لتصاعد عمليات بيع مكثفة من المستثمرين الأجانب.
وتمثل الشركات الصينية بالقارة ما يقرب من 10 آلاف شركة، وهو ما ترك تحديًا أمام الحكومات في قدرتها على وقف تلك الشركات؛ نتيجة القيود المالية الكبيرة -التي تمثلت في صناديق الثروة السيادية- أمام الأزمات الاقتصادية. إلا أن الإجراءات الوقائية التي تتخذها العديد من دول القارة؛ والمتمثلة في: إغلاق حركة الطيران والحدود، مع تراجع العمالة في ظل إغلاق العديد من الشركات لتحقيق نظام التباعد الاجتماعي؛ قد يؤثر بشكل كبير على استمرار عمل تلك الشركات الأجنبية مع الدخول للموجة الثالثة من تفشّي الفيروس في القارة حسب توقعات الخبراء، وذلك في ظل عزوف السياح ورجال الأعمال عن الاستثمار في القارة لا سيما الصينيين منهم.
على صعيد آخر، ومع تزايد وتيرة انتشار الفيروس داخل القارة؛ لا سيما في ظل أزمة تفشّيه في العالم أجمع، أدَّى ذلك إلى تراجع الاقتصاد الإفريقي بشكل متسارع، والذي تمثل في تراجع النشاط التجاري بنسبة 35%، وانهيار أسعار النفط التي من المتوقع أن تخسر الدول على أثره 65 مليار دولار من الإيرادات، لا سيما مع تراجع الطلب الصيني لإغلاق الحدود والطيران، حيث تستهلك الصين أكثر من 1% من النفط النيجيري، كما يمثل المشترون الصينيون 95% من صادرات جنوب السودان، و61% من أنغولا عام 2017م في شكل نفط خام.
يأتي ذلك مع تراجع نشاط السياحة التي خسرت أكثر من 400 مليون دولار أمريكي؛ نتيجة تعليق الرحلات الجوية للعديد من الدول الإفريقية.
وأدَّت تلك الخسائر إلى تأثير سلبي على حجم الاستثمار الأجنبي؛ حيث توقَّع الاتحاد الإفريقي أن ينكمش اقتصاد القارة إلى 0.8، واختفاء الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 15 في المائة، وانهيار رؤوس الأموال، وانكماش الأسواق المالية الدولية.
ليمثل ذلك تحديًا أمام استمرار الشركات الأجنبية؛ لا سيما شركات السياحة والطيران والتعدين والصناعات التحويلية؛ مع توقف عجلات الإنتاج، خاصةً في الشركات الصينية في القارة، وذلك مع استمرار انتشار الوباء بشكل تصاعدي، بما انعكس بشكل سلبي على الشركات متعددة الجنسية بشكل عام، والتي تُمثّل حصةً كبيرةً من الاستثمار الأجنبي المباشر؛ حيث تمَّ تقليص أرباحها بنسبة 16% في الدول النامية و1% في القارة الإفريقية، وكذلك المؤسسات المتعددة الجنسية التي تعمل في الاقتصادات الناشئة أيضًا، والتي أبطأت النفقات الرأسمالية في المناطق المتضررة بالفيروس.
ففي كينيا وإثيوبيا ورواندا؛ حيث توجد العديد من شركات الاستثمار الألمانية، والتي تركز على الزراعة والتعليم التقني والرياضة والصناعات التحويلية والتكنولوجيا، والتي تأثرت سلبًا نتيجة إغلاق المجال الرياضي والتراجع الجزئي للصناعات والزراعة؛ لتأثرها بإغلاق باقي القطاعات الأخرى، وذلك بالإضافة للشركات الأوروبية؛ حيث تُمثّل شركة “إلف” نطاقًا واسعًا في مجال البترول في الجابون ونيجيريا والكونغو، فضلًا عن الشركات الأمريكية النفطية والموجودة في معظم دول القارة؛ مثل شركة أوكسي للنفط في الكونغو برازافيل، وشركات النفط الأوروبية الأخرى؛ مثل شركتا شل والنفط البريطانية في جنوب إفريقيا، وكذلك الشركات التركية والهندية والبرازيلية والروسية والخليجية في المجال الزراعي والتعديني والبنية التحتية؛ حيث يبلغ عائد تلك الشركات أكثر من 100 مليار دولار. ومن ثَم تُواجه تلك الشركات وغيرها الإغلاق أو التراجع بشكلٍ كبيرٍ على إثر انتشار الفيروس، وتعطل عجلة الإنتاج في ظل أزمة الديون التي أثقلت عاتق الحكومات الإفريقية، وتقليل الفرص للقطاع الخاص وخفض أسعار الفائدة ما يدفع المستثمرين الأجانب لترك البلاد، والبحث عن وجهة استثمارية أخرى ذات ربحية عالية.
من ناحية أخرى مثّل فيروس كورونا تحديًا كبيرًا أمام الدول الإفريقية المعتمدة بشكل كبير على عائدات السياحة؛ فبجانب تراجع للنشاط السياحي في دول الشمال الإفريقي لا سيما مصر وتونس والجزائر، والتي تستقبل سنويًّا ملايين السائحين من جميع أنحاء العالم لا سيما أوروبا، كما أن القارة بشكل عام استقبلت عام 2017م ما يقرب 121 مليون زائر صيني لا سيما في إثيوبيا وكينيا وجنوب إفريقيا، فقد أثرت أيضًا على العديد من دول الغرب الإفريقي، التي يُطْلَق عليها دولٌ جذرية، ويعتمد دخلها على السياحة بشكل أساسي مثل الرأس الأخضر وسيشيل وموريشيوس وساو تومي وبرينسيبي، وذلك مع توقف حركة الطيران لتلك الدول لا سيما دولة الرأس الأخضر، والتي تعتمد على السياحة بنسبة 25%، كما أن 80% من صادراتها والمعتمدة على الأسماك إلى البرتغال وإسبانيا وايطاليا، ووارداتها التي تمثل 70% من الصين، مهددة بالانحسار، مع توقف التعامل مع تلك الدول الأجنبية بما فيها عمليات التبادل، ووجود السائحين.
ليمثل انحسار الدور الأجنبي في القارة معضلة في استمرار النشاط السياحي، وتراجع كبير في الدخل القومي، وتهديدًا اقتصاديًّا للعديد من مؤسساتها على كافة الأصعدة، وذلك مع إغلاق الشركات الأجنبية وهروب الاستثمار الأجنبي إلى خارج القارة؛ خوفًا من تأثير فيروس كورونا المتنامي، وعدم القدرة على مواجهته.
القواعد والقوات العسكرية الغربية وإشكالية انتشار فيروس كورونا:
تنتشر القواعد الأجنبية في معظم أرجاء القارة الإفريقية لتمثل قوة عسكرية ضاربة ضد الجماعات الإرهابية؛ حيث حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على العديد من القواعد في القارة الإفريقية، فبجانب أفريكوم، تمتلك حوالي 46 تمركزًا عسكريًّا ما بين قواعد عسكرية ووحدات دعم، وذلك في أنجولا وجيبوتي (قاعدة ليمونير3200 جندي)، وبورندي وكينيا (قاعدة سيمبا) والصومال وجنوب السودان وأوغندا وجنوب إثيوبيا، فضلًا عن القواعد المتعددة في منطقة غرب إفريقيا، حيث تنتشر في الكاميرون (300 جندي) وشمال النيجر والسنغال، وليبيريا ومالي، وموريتانيا وغانا والجابون، وتشاد وبوركينا فاسو، وبتسوانا وجزيرة سيشل، فضلًا عن القواعد الفرنسية والبريطانية والألمانية وغيرها، والمنتشرة في جميع أنحاء القارة لا سيما في الغرب الإفريقي؛ وذلك لمحاربة الجماعات الإرهابية المتمثلة في جماعة بوكو حرام وحركة الشباب المجاهدين في الصومال، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وداعش في الصحراء الكبرى، وغيرها من الحركات المسلحة المنتشرة في القارة.
واجهت تلك القواعد والقوات العسكرية الغربية إشكالية انتشار فيروس كورونا في دول القارة بما مَثَّلَ تخوفًا من استمرار نشاطها؛ وذلك في ظل الإجراءات التي تتخذها الدول الغربية لحماية قواتها خارج بلادها من انتشار الفيروس؛ حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحجيم عمل أجهزة الاستخبارات ميدانيًّا (نشاط عملائها) لا سيما في المناطق الموبوءة، وسحب قواتها من بعض المناطق الأخرى، خاصة بعد إصابة 280 جنديًّا بالفيروس لترتفع عدد الحالات إلى 600 إصابة في 23 مارس 2020، ووضع الآلاف من الأفراد العسكريين الأمريكيين في الحجر الصحي أو في عزلة ذاتية، خاصة في أوروبا والشرق الأوسط.
لذلك عمدت في 17 مارس 2020م بعد انتشار الفيروس في العراق إلى انسحاب الجيش الأمريكي من 3 قواعد أمريكية، وتعليق التدريبات العسكرية، إلا أنَّ تراجُع خطر تفشي الفيروس في القارة الإفريقية حتى كتابة هذا التقرير أدَّى إلى شروع القواعد العسكرية الأمريكية -مثل قاعدة أفريكوم- في استمرار عملها بالقيام بعمليات عسكرية لتتبُّع العناصر الإرهابية في العديد من المناطق لا سيما في الشرق الإفريقي؛ حيث قامت القوات الأمريكية أوائل أبريل الحالي باستهداف حركة الشباب في الصومال، لكن تظل الرؤية الأمريكية في اتجاه محاولة تقليل عدد قواتها وكذلك عملياتها، لا سيما في غرب إفريقيا؛ حيث تتضمن ألفي جندي، والتي شرعت بها في ديسمبر 2019م، وزاد هذا الدافع مع انتشار فيروس كورونا في المنطقة، وظهور حالة اشتباه لإصابة جندي صيني في القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي، وحالة أخرى لجندي أمريكي في قاعدة ليمونير؛ حيث تشمل عملية الانسحاب التخلّي عن قاعدة طائرات دون طيار، تم تأسيسها في النيجر عام 2018م بتكلفة قُدِّرت بنحو 110 ملايين دولار، وإنهاء المساعدة المُقدَّمة للقوات الفرنسية.
يأتي ذلك على إثر سياسة الاحتواء التي تتخذها الولايات المتحدة لمجابهة الفيروس داخليًّا بعد تفشّيه في معظم الولايات الأمريكية، وتغيير سياسات التمويل خارجيًّا وتوجيهها إلى الداخل وهو ما يفرض تحديًا حول سياسات الولايات المتحدة في القارة بعد تسارع معدلات انتشار الفيروس.
أما على الصعيد الفرنسي، فبالرغم من تقليل نشاط القوات العسكرية الفرنسية في العديد من المناطق خارج حدودها، وذلك على خلفية تفشي الفيروس، إلا أنها لم تُنْهِهَا أو تقوم بسحبها على غرار الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنشر 600 جندي إضافي للانضمام إلى 4500 آخرين منتشرين في غرب إفريقيا، وذلك مع توقيع استونيا والتشيك لإرسال قوات أيضًا لمساعدة فرنسا، وذلك قبل اجتماع قمة يناير 2020م الطارئة مع رؤساء دول غرب إفريقيا؛ وبالرغم من ارتفاع عدد الإصابات في صفوف القوات الفرنسية بفيروس كورونا؛ حيث أصيب أكثر من 600 جندي في الجيش بشكلٍ عامّ، إلا أن وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أكدت استمرار العمليات العسكرية في إفريقيا.
وقد ظهر ذلك جليًّا مع قيام القوات الفرنسية بعملية عسكرية بالمشاركة مع الجيش النيجيري في فبراير الماضي لتعقُّب الجماعات الإرهابية، والتي أدَّت إلى مقتل 120 إرهابيًّا في منطقة تيلابيري في النيجر، وذلك بالتزامن مع إصابة 4 جنود فرنسيين بفيروس كورونا، ممن كانوا ضمن مهام عمليات برخان؛ حيث تم إجلاء 3 عسكريين منهم.
يأتي ذلك في ظل الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدول الغربية لمنع تفشي الفيروس بين القوات الأجنبية؛ لذلك عمدت تلك القوات إلى تقليل نشاطها لا سيما الميداني، بالرغم من التحديات المتمثلة في تصاعد انتشار الفيروس وسوء الرعاية الصحية والبنية التحتية المتردية في غرب القارة خاصة في مجموعة دول الخمس G5 (مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو)، التي تعاني بالأساس من قلة الدعم المالي واللوجستي، واستغلال الجماعات الإرهابية لتلك التحديات لتُصَعِّد من عملياتها الإرهابية؛ كما حدث في العملية الإرهابية في بوركينا فاسو، التي قُتل على إثرها 34 جنديًّا، وكذلك العملية التي قامت بها بوكو حرام، واستهدفت قوات عسكرية على الحدود التشادية النيجيرية، وقتلت على إثرها أكثر من 160 جنديًّا، مما أجبر القوات الأجنبية على عدم المبادرة بتنفيذ عمليات هجومية ضد مواقع الإرهابيين بشكل كبير دون مشاركة القوات المحلية؛ حيث تم إنشاء عملية “تاكوما”؛ وهي قوة عسكرية فرنسية بمشاركة 13 دولة أوروبية ودولتي مالي والنيجر، تلك القوة اعتُبِرَتْ استكمالاً لعملية برخان الفرنسية في الساحل الإفريقي، والتي يُتوقع أن تبدأ عملياتها في صيف 2020م.
على صعيد آخر، ومع إعلان الاتحاد الإفريقي عن عزمه إرسال قوة عسكرية من 3 آلاف جندي، وذلك لتعزيز القوات العسكرية التابعة لمجموعة الدول الخمس لمحاربة الجماعات الإرهابية، بالإضافة للقوات الأمريكية والأوروبية ينذر بخطر كبير على تزايد تفشي الفيروس بين تلك القوات المكونة من جنسيات مختلفة بما ينعكس على السياسات الدولية في تلك المنطقة لا سيما بعد ظهور حالات بين القوات مصابة بفيروس كورونا.
يأتي ذلك في ظل إغلاق حركة الطيران والحدود والتي تؤدي بدورها لتوقف حركة التزود بالوقود لتلك القواعد التي تخسر سنويًّا 45 مليون دولار تُنفق على النقل والتزود بالوقود الجوي والطائرات من دون طيار، والتي تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية مع فرنسا، بإجمالي تكلفة تبلغ مليار دولار سنويًّا، ومن ثَم تنذر عواقب انتشار فيروس كورونا لتغير سياسات الدول الغربية بشأن إعادة تمركزها أو استعانتها بسبل أخرى تُمكن من استمرار نشاطها في المنطقة، دون تعرُّض قواتها للخطر.
حيث تُظهر بعض التقارير طلب فرنسا مساعدة الجيش الألماني في مواجهة فيروس كورونا؛ إلا أنها لم تحدد الوجهة التي على أساسها سيتم التدخل مِن قِبَل القوات الألمانية بشكل أوسع؛ جدير بالذكر أن الجيش الألماني يشارك بمهمة أوروبية في مالي بقرابة 150 جنديًّا؛ لتدريب القوات المالية منذ عام 2013م، كما يشارك في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بوحدة قوامها 1100 جندي، بما يفرض تحديًا حول أوضاع القوات الألمانية بعد انتشار الفيروس في دول الساحل؛ لذلك أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارنباور تعليق تلك العمليات في الفترة الحالية، إلا أن القوات الألمانية ستظل في مالي والنيجر لمحاربة المتشددين برغم فيروس كورونا؛ حيث قالت: «إن هناك العديد من الدعوات الآن لسحب القوات الألمانية بسبب أزمة كورونا، ولكنَّ الإرهابيين لن يتوقفوا بسبب هذا الفيروس». يأتي ذلك في إطار التنسيق مع القوات الفرنسية لتأمين المنطقة، وتعزيز القوات المحلية للقيام بعمليات ميدانية، ليفرض الفيروس تحديًا أمام استمرار عمل تلك القوات، لذلك ارتفع الدعم المالي للاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا لمساعدة القطاع الصحي في تلك المناطق.
هذه التحديات تفرض نفسها مع تزايد استياء الشعوب الإفريقية من الوجود العسكري الأجنبي، وممارساته التي وُصِفَتْ بأنها كارثية على المدنيين؛ نتيجة عمليات القتل والاستهداف الخاطئ للكثير منهم، وزاد الأمر سوءًا مع انتشار فيروس كورونا، وتخوُّف تلك الشعوب من أن تكون تلك القوات مصدرًا للفيروس؛ خاصةً وأنها من جنسيات مختلفة، في ظل عملها الميداني مع المحليين، ظهر ذلك جليًّا مع تخوُّف المدنيين في إفريقيا الوسطى من قوات حفظ السلام، ورأت أن وجودها غير مُرَحَّب به في ظل التخوف من نقل الفيروس لشعب الدولة المنهك؛ سواء في البنية الصحية المتردية، أو الصراع الدائم بين طوائفه، بما يمثل خطرًا على الأوضاع الأمنية، ويعرّض تلك القوات إلى التهديدات المتزايدة، والتي بدورها تُعرّض المدنيين لخطر أكبر ردًّا على المعاملة السيئة والخوف والتهديد المتبادل.
الكورونوفوبيا والتأثير الاجتماعي:
هل يزيد فيروس كورونا مخاوف الشعوب الإفريقية من الأجانب أو العكس؟
ظهرت العديد من التحديات لفيروس كورونا كان لها تأثيرها على الوجود الأجنبي بالعديد من الدول الإفريقية، تمثلت في تراجع دور المنظمات الأجنبية، وتأثير ذلك على الوضع الاجتماعي والمعيشي للمناطق الأقل فقرًا، وكذلك خوف الشعوب الإفريقية من الوجود الأجنبي، ومردود ذلك التخوف على الأجانب أنفسهم؛ نتيجة العديد من الإشكاليات التي فرضتها فوبيا فيروس كورونا.
ففي ظل التخوف من تفشي الفيروس بالقارة اتخذت الدول الإفريقية إجراءات وقائية لمنع انتشار الوباء، والتي تمثلت في إغلاق الحدود، وتعليق الرحلات الجوية في الكثير من الدول الإفريقية، فضلًا عن فحص الركاب القادمين من الخارج، ووضع الركاب المشتبه بإصابتهم بالفيروس في الحجر الصحي، مثلما حدث في كينيا وجنوب إفريقيا، وموريشيوس ورواندا، وليبيريا والمغرب والجزائر؛ لتمتد تلك الإجراءات الاحترازية لباقي الدول الإفريقية.
حيث قامت جنوب إفريقيا بفرض إجراءات أكثر رسمية في 16 مارس 2020م، تمثلت في منع قدوم الأجانب وفرض قيود على حركة الطيران، كإلزام المسافرين القادمين من كوريا الجنوبية والعديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبريطانيا بتقديم تأشيرات للزيارة، والتي فرضت قيودًا على سيرها أيضًا، كما ألغت أكثر من 8000 تأشيرة كانت ممنوحة قبل الأزمة للمسافرين من الصين وإيران.
تلك الإجراءات كان لها تأثيرها على الرعايا من الدول الغربية والآسيوية، وكذلك الرعايا من الدول المجاورة؛ وذلك في ظل الحظر التي فرضته الدول، وعملية الإغلاق الشاملة لا سيما في حركة العمل داخل القارة، ما أدَّى لهروب ما يقرب من 23000 شخص (خاصة عمال المناجم والمزارعين الموزمبيقيين) من جنوب إفريقيا إلى الحدود مع موزمبيق المجاورة في 27 مارس نتيجة عملية الحظر الكلي، الأمر الذي أدَّى إلى حدوث اضطرابات على الحدود وتصاعد العنف، بما ينعكس بدوره على الوضع الاجتماعي للعديد من الدول المتضررة جراء الفيروس، وهو ما أثار القلق من ضعف وصول المنظمات الإغاثية للمناطق الفقيرة، وعدم القدرة على توصيل المساعدات الإنسانية، لا سيما وأن 200 مليون شخص يعيشون في الأماكن الفقيرة، و85% يعيشون على أقل من 5.50 دولارات في اليوم، فضلًا عن أن 40% يعانون من الإجهاد المائي، لذلك فإن التوقف عن العمل، وعدم إرسال المعونات سيشكل تهديدًا وجوديًّا لهم، خاصة مع توقف عمل تلك المنظمات نتيجة توقف حركة الطيران والحظر الداخلي وتصاعد الأزمة في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
حيث فرض هذا الأمر تحديًا في جنوب السودان وأوغندا مع إغلاق المطارات، ما أدَّى إلى عدم وصول المنظمات الإغاثية إلى المناطق المتضررة، وذلك في ظل انعدام الأمن، ونقص التمويل لا سيما في أوغندا والتي تقدر احتياجاتها العاجلة بـ137 مليون دولار، وهو ما دفع المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي أليكس دي ووال بالقول: “إن الحكومات الإفريقية قد تبنَّت سياسة فرض الحظر دون معرفة الآثار المحتملة لمسار العدوى، وضمان سبل عيش الأشخاص المتضررين”.
ومن ثَمَّ تسهم تلك التحديات بدورها في تصاعد الأزمة في العديد من الدول الإفريقية، لا سيما مع هروب العمالة الأجنبية؛ سواء داخل القارة أو خارجها، وهو ما حذَّر منه مدير المركز الإفريقي للهجرة والتنمية، والذي أشار إلى مدى الضرر الذي يلحق باقتصادات القارة لا سيما في جنوب إفريقيا التي تشهد حركة عالمية، وتمثل ثاني أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية.
الكورونوفوبيا وتصاعد العنصرية:
على صعيد آخر، فمع تصاعد المخاوف من انتشار الفيروس داخل القارة الإفريقية، وذلك بعد تحذير المنظمات الدولية، أثار ما يطلق عليه الكورونوفوبيا أو التخوف الكبير من انتقال الفيروس، سواء من قبل الشعوب الإفريقية تجاه الوجود الأجنبي، أو من تخوف الأجانب أنفسهم من استمرار وجودهم بالقارة، وما تبع ذلك من المعاملة السيئة والعنصرية، وإلقاء التُّهَم المتبادلة في التسبب بنشر الفيروس؛ وذلك في ظل الأزمات الأخرى التي أثيرت مؤخرًا، والتي تمثلت في تصريحات الأطباء الفرنسيين في استخدام الشعوب الإفريقية كحقل تجارب بيولوجية، فضلًا عن تصاعد التوترات الإفريقية الصينية الأخيرة على خلفية التعامل السيئ للجاليات الإفريقية في الصين.
فعلى صعيد القوى الدولية، دفعت المخاوف الأجنبية من انتشار الفيروس في القارة، وتردِّي البنية الصحية كصعوبة القيام بالتحاليل الطبية الكافية لرصد الإصابات بالفيروس، وظهور اضطرابات في حملات الطب الوقائي، وفي عمليات التطعيم في ظل الافتقار لأجهزة التنفس والأَسِرَّة، التي من شأنها تعرُّض الأجانب للخطر إلى شروع الدول الأجنبية في إجلاء رعاياها لا سيما من نيجيريا؛ حيث أجلت الحكومتان الأمريكية والكندية، 575 من رعاياهما، وأعطت الأولوية للمسنين وذوي المشاكل الصحية، كما نقلت شركة الخطوط الجوية الفرنسية 260 أوروبيًّا من نيجيريا إلى فرنسا، وتم إجلاء 140 لبنانيًّا أيضًا على متن رحلة لشركة “الشرق الأوسط” الجوية اللبنانية، في حين تدرس بريطانيا أيضًا إجلاء رعاياها من القارة.
تلك المخاوف أثارت العديد من الدول الغربية من احتمال أن تمثل القارة الموجة الثالثة من انتشار الفيروس؛ بما يمثل تهديدًا على الوجود الأجنبي بالقارة؛ في ظل عدم القدرة على التحكم في سرعة تفشيه أو احتوائه، وهو ما حذَّرت منه المنظمات الدولية من احتمال إصابة الملايين في القارة بالفيروس، وانعكاس ذلك على الأمن الإنساني.
المخاوف الأجنبية من انتشار الفيروس بالقارة لم تقارن بمخاوف الأفارقة أنفسهم الذين عانوا ويلات انتشار الأوبئة على مدار السنوات الماضية ليمثل فيروس كورونا المستجد تحديًا جديدًا يهدّد حياة الملايين من الشعوب الإفريقية، الأمر الذي أثار استيائهم من التواجد الأجنبي، والشك في أن يكون الأجانب لا سيما الأوروبيين والصينيين عاملًا في نشر الفيروس بين الأفارقة، وذلك بعد تفشّيه في تلك الدول بدءًا من الصين ومرورًا بأوروبا والولايات المتحدة، ظهر ذلك جليًا مع قلق المواطنين الأفارقة في جنوب إفريقيا من الأوروبيين والجنسيات المختلفة التي يروا أنها من الممكن أن تنقل الفيروس، وذلك في ظل حالة العداء على مدار السنوات السابقة بين الأفارقة والمهاجرين من جنسيات مختلفة على خلفية انتشار البطالة، وصعود الجريمة وعدم المساواة بين المواطنين، ليفاقم فيروس كورونا من حالة الكراهية ضد الأجانب في الدولة، وتصاعد العنف بعد هروب الآلاف من العمالة للدول المجاورة.
كما تمثلت حالة الاستياء والخوف الشديد للأفارقة أيضًا في جمهورية إفريقيا الوسطى من القوات المتعددة الجنسية؛ حيث رأى المواطنون أن تلك القوات تُمَثِّل خطرًا؛ لأنها من المحتمل أن تنشر الفيروس في ظل هشاشة الدولة، وتردي البنية التحتية لا سيما الصحية، وحالة العنف والصراع التي تعيش في ظلها الدولة بين الطوائف المختلفة، بما أدَّى إلى تصاعد حالة العداء واستهداف الأجانب، لا سيما بعد ظهور أول حالة إصابة بالفيروس لمواطن إيطالي في 8 مارس 2020م، ما أدَّى لفرض حجر إلزامي على الوافدين من الخارج لا سيما من الدول التي تفشَّى فيها الفيروس، واستدعى الصحف المحلية لانتقاد السياسة الفرنسية في البلاد، واستغلال ماكرون لفيروس كورونا لزعزعة استقرار البلدان الإفريقية، ووصف حالة المواطن الإيطالي بأنها بداية لتسمم الشعب بأكمله؛ وهو ما دفع الأمم المتحدة لفرض حظر التجول لتلك القوات خاصة بعد عمليات الاستهداف، والترهيب اللفظي لهم، وذلك عقب ظهور حالات مصابة بالكورونا بين قوات الدعم العام لبعثة الامم المتحدة Minusca، لذلك أوقفت قوة حفظ السلام الأممية السفر الداخلي وتراجعت أيضًا عن جلب وحدات جديدة من “الخوذ الزرقاء”.
الأمر الذي دفع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أيضًا للقول: “إن تصاعد التهديدات والعنف ضد الأجانب والعاملين في المجال الإنساني، الذي ينتشر عبر وسائل الإعلام أيضًا، يُشَكِّل مخاطر كبيرة على السلامة والأمن، ويمكن أن تؤدي إلى تقليل العمليات عندما تكون هناك حاجة ماسة إليها”.
ومن ثَم تعتبر الكورونوفوبيا من أكبر التحديات التي تواجه الوجود الأجنبي في القارة الإفريقية، وانعكست بدورها على وضع الشعوب الإفريقية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وفرضت رؤًى مغايرة في التعامل مع التحديات الجديدة، وذلك في ظل بروز الأزمات المستجدة، التي فرضت أعباءً أثقلت كاهل المواطن الإفريقي وزادت من الإشكاليات التي أُلقيت على عاتق الحكومات الإفريقية، والتي ظهرت مع تصاعد انتشار الفيروس في العالم، وعدم القدرة على التوصل للقاح للفيروس، وهو ما دفع الأطباء الفرنسيين على وسائل الإعلام بالتصريح بضرورة تجريب لقاحات لعلاج فيروس كورونا على الشعوب في القارة الإفريقية كما فعلوا في تجريب لقاحات أخرى من قبل لمرض الإيدز، هذه التصريحات أثارت العديد من الدول الإفريقية ومثلت رؤية ذهنية للكراهية تجاه الشعوب الإفريقية، بما انعكس على ردود الفعل الرسمية، سواء من منظمة الصحة العالمية أو بعض الرؤساء الأفارقة، باستنكار تلك التصريحات والتنديد بها، وبدورها أثارت استهجان المواطن الإفريقي؛ حيث أطلق المثقفون مبادرة على وسائل التواصل الاجتماعي باسم “معركة الوعي الإفريقي- إفريقيا ليست حقلاً للتجارب”، لنشر الوعي بدور القوى الغربية ومصالحها في القارة الإفريقية، وتسليط الضوء على ممارسات الأجانب داخل القارة، الأمر الذي ينذر بتوتر العلاقات الأوروبية الإفريقية لا سيما بين الجاليات الفرنسية الموجودة داخل القارة وبعض المواطنين الإفريقيين.
من ناحية أخرى دفعت الكورونوفوبيا إلى استهداف الأفارقة في الصين لا سيما في مدينة كانتون، كبرى مدن الصين، بالطرد من الفنادق والحجر الإلزامي بالمنازل والتخويف، وذلك لشكوك الحكومة بأنهم مصابون بالفيروس بعد اكتشاف السلطات المحلية إصابة 16 إفريقيًّا منهم، حيث أظهرت التقارير وبعض الفيديوهات المعاملة السيئة للطلاب الإفريقيين، ما استدعى تدخلاً دبلوماسيًّا لإنهاء تلك الأزمة والتحقيق فيها؛ حيث ندَّد المسؤولون والاتحاد الإفريقي، الذي استدعى السفير الصيني لديه، وبعض الدول الغربية أيضًا استنكرت هذه الممارسات، والتي كان لها انعكاسها على التعامل الإفريقي مع الصينيين في القارة، ردًّا على هذه الإساءة؛ حيث تعرض بعض الصينيين للتنمر مِن قِبَل بعض المواطنين الإفريقيين، وقامت بعض المتاجر في كينيا بمنع دخولهم، وتم طرد بعض العمال الصينيين من موقع منجم ميجوري الكيني، بما ساهم في إزكاء الكراهية والمعاملة بالمثل من الجانبين؛ لتظهر أزمة انتشار الفيروس تحديات وقعت على عاتق الشعوب، وفرضت معها إشكاليات لا يمكن معالجتها على المدى القريب في ظل استمرارها.
ختامًا، لا يزال هناك خطر في استمرار انتشار فيروس كورونا في القارة الإفريقية بشكل تصاعدي، بما يهدّد الأمن والاستقرار لا سيما للدول التي شهدت تحسنًا اقتصاديًّا على مدار السنوات الماضية، ويفرض تحديات جمَّة لم تتمثل فقط في الإشكاليات الاقتصادية، وإنما ذهبت لأُطُر متعددة تمثلت في الأزمة الإنسانية التي تلوح في الأفق؛ نتيجة سياسات الحجر وتعرض أكثر من 400 مليون للمجاعة، وأكثر من ذلك لانتشار الوباء، والذي فرض معه معضلة كبرى في كيفية احتوائه، في ظل تهالك البنية التحتية على كافة الأصعدة، وهو ما فرض التزامًا من القوى الدولية لمساعدة الدول الإفريقية؛ حيث تقدمت الصين الصفوف الأمامية للدول المانحة، وأرسلت مساعدات نقدية ومستلزمات طبية ومعدات تقنية للعديد من الدول الإفريقية كمصر ورواندا وإثيوبيا والكونغو وتنزانيا، وغيرها، كما أعلنت فرنسا عن تخصيص حوالي 1.2 مليار يورو كمساعدة؛ لمكافحة فيروس كورونا المستجد في القارة الإفريقية، وذلك في إطار تخصيص الاتحاد الأوروبي أكثر من 20 مليار يورو إلى “الدول الأضعف في إفريقيا وفي سائر أنحاء العالم لمساعدتها في مكافحة الوباء؛ يأتي هذا مع خطوات جهات الدعم الإفريقية في مكافحة الفيروس، التي خصصت 10 مليارات دولار للحد من الآثار السلبية للفيروس على القارة، من خلال مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، وغيرها من المؤسسات الإفريقية المانحة؛ حيث تحاول تلك الدول مجابهة خطر انتشار الوباء وما يمثله من كارثة لا يمكن التعافي منها على المدى القريب.
من ناحية أخرى فرضت الكورونوفوبيا معضلات أمنية، وسياسية؛ مع تزايد التهديدات للوجود الأجنبي بالقارة، وأثر ذلك على الشعوب الإفريقية نفسها التي تعاني من التهميش، بما يفرض معه سياسات غربية؛ إما تتجه إلى تقليل الوجود العسكري الأمر الذي يضع العديد من المناطق الهشة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، أو تعزز تلك القوات الأجنبية وجودها بشكل أكبر من السابق، ولكن مع تغيير استراتيجية الانتشار، وإغراق القوات المحلية في المواجهة بشكل أكبر، بما يؤثر على الاندماج الوطني في المجتمعات مع تزايد الكراهية لممارسات تلك القوات، التي يذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين.
وبالتالي فما زالت القارة الإفريقية أمام سيناريوهات متعددة يفرضها تفشّي وباء فيروس كورونا على الأوضاع الداخلية، ويبقى الرهان على قدرة الحكومات على السيطرة على هذه المعضلة الجديدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
1. Amanda Sperber, Africa Meets Pandemic With Violence, Confusion, Foreign Policy, APRIL 2, 2020.
https://foreignpolicy.com/2020/04/02/africa-coronavirus-pandemic-violence-confusion/
2. Atlantic Council, Coronavirus: Africa, N.D.
https://atlanticcouncil.org/coronavirus-africa/
3. Jack Losh, Foreigners targeted in Central African Republic as coronavirus fears grow, The Guardian, Fri 10 Apr 2020.
4. Jason Burke, African nations impose stricter measures as coronavirus spreads, The Guardian, Mon 16 Mar 2020
5. Luke Tyburski, Cabo Verde braces for plummeting tourism revenue, Atlantic Council, TUE, MAR 24, 2020.
https://atlanticcouncil.org/blogs/africasource/cabo-verde-braces-for-plummeting-tourism-revenue/
6. Phil Stewart, Idrees Ali, Exclusive: As coronavirus spreads, U.S. military to withhold some infection data, Reuters, MARCH 26, 2020.
7. Richard Sisk, Coronavirus Case Suspected in Djibouti, Where US and China Base Troops, Military.com, 30 Jan 2020.
8. Thomas Gibbons-Neff, Helene Cooper and Eric Schmitt, U.S. Army Halts Training Over Coronavirus but Then Changes Its Mind, The New York Times , March 26, 2020.
https://www.nytimes.com/2020/03/26/us/politics/coronavirus-military-defense-training.html