استعادت غانا سمعتها السياسية الجيدة في أفريقيا يوم الجمعة, عندما أعلنت اللجنة الانتخابية زعيمَ المعارضة نانا اكوفو أدوو – رجل الدولة المخضرم الذي تلقى تعليمه في بريطانيا- كالرئيس المنتخب الجديد للغانا.
في تلك الانتخابات, والتي أجريت يوم الأربعاء الموافق 7/12/2016, لم يكن هناك أي تهديد خطير بالنسبة للرئيس جون دراماني ماهاما الذي يسعى لولاية ثانية, سوى المعارض, نانا اكوفو ادو، والذي يحاول للمرة الثالثة الوصول لأعلى منصب في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.
كان اكوفو أدوو مرشح الحزب الوطني الجديد (NPP)، وقد أخفق في عام 2008، عندما خسر أمام الرئيس السابق الراحل جون أتا ميلز بهامش صغير. وعندما مات “ميلز” وحلّ محله ماهاما, ممثّل المؤتمر الوطني الديمقراطي (NDC), في عام 2012، عاد اكوفو ادو مرة أخرى ليخسر في انتخابات ذلك العام بعد أن فشلت محاولاته أيضا للطعن في نتائج الانتخابات في المحكمة العليا.
وبعد ما يقرب من عامين من حملة سياسية محتدمة، فقد اختارت غانا بين تجديد ولاية الرئيس جون دراماني ماهاما، وبين القانوني نانا اكوفو ادو، الذي تركزت حملته على خلق فرص العمل وتوفير التعليم الجيد للشعب الغاني.
إن ما هو مؤكد بعد هذه الانتخابات أن الفائز سيرث وطنا بحاجة للهدوء، واقتصادا تجاوز الهدف المحدد للاقتراض لسنوات ويعتمد الآن على مساعدات من الدول الأخرى والمؤسسات الدولية.
وعلى الرغم من أن هناك سبعة من المرشحين للمنصب الرئاسي, إلا أن وجوه المرشحَين الرئيسيين هي التي توجد في كل مكان في شوارع أكرا، على لوحات الإعلانات والقمصان، في حين يلوح مؤيدوهما أعلام الحزبين من نوافذ السيارات.
لمحة موجزة:
من بين 17 مرشحا للرئاسة – بما فيهم مرشح مستقل- الذين قدموا استمارات الترشيح إلى اللجنة الانتخابية الغانية، كان السبعة منهم فقط من وصلوا إلى القائمة النهائية للمفوضية الانتخابية.
وهؤلاء هم؛ الرئيس جون دراماني ماهاما من حزب المؤتمر الوطني الحاكم (NDC)، نانا ادو دانكوا اكوفو ادو من الحزب الوطني الجديد (NPP)، الدكتور بابا كويسي ندوم من حزب الشعب التقدمي (PPP) والدكتور إدوارد ناسيغري ماهاما من (PNC), نانا كونادو أغيمان-رولينجز من الحزب الوطني الديمقراطي (NDP)، ايفور كوبينا غرين ستريت من (CPP) ويعقوب أوسي يبوا وهو مرشح مستقل.
والذي يرى البعض أنه يميز انتخابات هذا العام من غيرها, هو حقيقة أن هذه هي المرة الأولى التي تترشح امرأة في شخصية السيدة الأولى السابقة، نانا كونادو أغيمان-رولينجز, وتتنافس في الانتخابات الرئاسية في غانا.
جون ماهاما وحملاته الانتخابية:
دخل الرئيس ماهاما هذه الانتخابات الرئاسية بتفاؤل، بعد سلسلة من الإدانات والاتهامات. وكان محور جولته الانتخابية النهائية في مسيرة ضخمة في ملعب الرياضة بالعاصمة أكرا، حيث انضم إليه بعض كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال الذين ينظر إليهم من قبل المراقبين السياسيين كمحايدين.
ولد الرئيس جون دراماني ماهاما في دامونغو شمال غانا, عام 29 نوفمبر 1958. وكان خبير الاتصالات، ومؤرخا، وكاتبا، وعضوا في البرلمان من 1997-2009 ووزير الاتصالات في 1998-2001.
ينتمي ماهاما إلى مجموعة غونجا العرقية، وينحدر من مدينة بولي. وكان والده عمانوئيل أداما ماهاما، مزارعا ثريا ومدرسا، وأول عضو مجلس النواب لدائرة غرب غونجا, وأول مفوض إقليمي للمنطقة الشمالية خلال الجمهورية الأولى في غانا تحت أول رئيس البلاد، كوامي نكروما.
وتماشيا مع الدستور غانا، أصبح ماهاما رئيس جمهورية غانا يوم 24 يوليو 2012 بعد وفاة سلفه جون أتا ميلز. وقال في البرلمان بعد أدائه اليمين: “هذا هو أتعس يوم في تاريخ أمتنا. وقد غمرت الدموع أمتنا، ونحن نشعر بحزن عميق وذهول …. أشعر بخيبة أمل كبيرة شخصيا، لقد فقدت والدا، لقد فقدت صديقا، لقد فقدت معلما ورفيقا كبيرا.”
ونتيجة لترقيته إلى منصب الرئاسة، أصبح ماهاما في تاريخ غانا السياسي, الرئيس الغاني الأول الذي ولد بعد الاستقلال عن الحكم الاستعماري البريطاني في 6 1957.
في 30 أوغسطس 2012, عقد حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي (NDC) مؤتمرا وطنيا خاصا بالمندوبين، وأيّد الرئيس جون دراماني ماهاما، كمرشح للرئاسة عام 2012. وفاز في انتخابات ديسمبر 2012 بـ 50،70٪ من مجموع الأصوات الصحيحة، حيث حصل نانا اكوفو ادو من حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الوطني الجديد بـ 47.74٪.
واليوم, وبعد السنوات الأربع التي قضاها جون ماهاما في قيادة البلاد، تراجع اقتصاد البلاد جنبا إلى جنب مع ارتفاع أسعار النفط والسلع. لتكون غانا هذا العام شهدت نموا أكثر بطئا منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وعلى الرغم من الإنجازات التي تعدّها الرئيس ماهاما في حملته الانتخابية, وإقناع المواطنين بأنه ساعد في تثبيت وتحسين إلى حد ما الوضع الذي خلقته القوى العالمية الخارجة عن إرادته.. إلا أن نتائج الانتخابات هي التي أشارت إلى أن العانيين ربما سئموا من رؤية هذه الأوضاع دون حلّ أي تقدم تدريجي من قبل ماهاما.
“لقد فعلنا الكثير من العمل، ولكن هناك الكثير الذي يتعين القيام به ويمكننا التقدم بشكل أسرع فقط إذا استمررنا وبقينا على المسار”، قال الرئيس ماهاما لحشد من أنصاره يوم الاثنين، وفقا لرويترز.
وفي واحدة من مسيراته النهائية في منتصف ليلة الاثنين، رسم ماهاما صورة مختلفة جدا غن اقتصاد غانا. وشكّك في مجموعة من البيانات السلبية التي ظهرت مؤخرا، مصرّا إلى أن البلد كان على الطريق الصحيح تحت قيادته.
حملة المعارض نانا اكوفو ادو:
جعل المحامي المترشح, نانا اكوفو ادو, البالغ من العمر72 عاما, المحور الرئيسي لحملته هو الاقتصاد، متعهدا بخلق فرص عمل للشباب واستقرار العملة، والتي غرقت في الأشهر الماضية.
“أنا لن أخيّب أملكم ولكن سوف أستخدم الحكمة التي وهبني الله، معرفتي وخبرتي للعمل فيما يهمّكم ووضع غانا على طريق التقدم والازدهار”, قال اكوفو ادو في تجمع كبير في العاصمة أكرا يوم الأحد.
“أنا لا أسعى للسلطة السياسية لسرقة أموالكم أو لنهب خزائن الوطن. لقد حصل الحزب الوطني الجديد على الرجال والنساء الذين سوف ينفذون سياسات وبرامج سليمة لوضع حد للصعوبات الحالية التي يمر بها البلاد بسبب تعامل الرئيس ماهاما الضعيف مع الاقتصاد. الآن هو الوقت لتغيير المشقة.”
إن “الأجواء مهيأة من أجل التغيير”، قال بيري أوكودزيتو، المتحدث باسم حملة المرشح اكوفو ادو مشيرا إلى ضعف الاقتصاد. “شعب غانا تعبوا.”
في الماضي، اعتمدت استراتيجية السيد اكوفو ادو على السفر حول العالم في محاولة لكسب تأييد القادة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. وفي الأشهر الأخيرة، تركزت حملته على حشد الدعم الشعبي.
كان جد اكوفو ادو لأمه نانا السير أوري أتا الأول، أحد الرموز والقوى السياسية الرئيسية في ساحل الذهب حتى وفاته في عام 1943. وكان والده السير “إدوارد اكوفو ادو”, ثالث رؤساء المحكمة العليا في غانا, ثم في وقت لاحق رئيسا للجمهورية الثانية في عهد حكومة حزب التقدم لرئيس الوزراء الدكتور كوفي أبريفا بوسيا 1969-1972.
نتائج الانتخابات:
كانت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 68.62٪. وأعلنت مفوضية الانتخابات شارلوت أوسي, في وقت متأخر يوم الجمعة, أن اكوفو ادو هزم الرئيس جون ماهاما بنسبة 53.8 في المائة مقابل 44.4 في المئة، مما اثار احتفالات في العاصمة أكرا.
ووفقا للمتحدث باسم حزب اكوفو ادو، اتصل الرئيس جون ماهاما بـ”اكوفو ادو” قبل بيان المفوضية لتقديم تهانيه, وفي وقت لاحق خاطب أنصاره معترفا بالهزيمة.
“لقد فعلت ما بوسعي كالرئيس. لقد ساهمت في التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبلدنا. وكنت أود أن أعتز بالفرصة لفعل ما هو أكثر ولكنني أحترم إرادة الشعب الغاني” قال ماهاما.
وفاز الحزب الوطني الجديد أيضا يوم الجمعة بعدد غير قليل من المقاعد البرلمانية.
“..أنا أقوم بهذا التعهد الرسمي لكم هذه الليلة بأني لن أخذلكم” قال اكوفو ادو في حشد من المحتفلين أمام مقر إقامته.
“سأفعل كل ما في استطاعتي للارتقاء إلى مستوى آمالكم وتوقعاتكم.”
تساعد هذه النتائج تحسين سجل الانتقالات والتحولات السياسية السلمية في غرب أفريقيا, بعد الانتقالات الأخيرة للسلطة في نيجيريا، والرأس الأخضر وبنين. ومع ذلك، كانت هناك أنباء ليلة الجمعة أن الرئيس المنهية ولايته في غامبيا “يحيى جامع” قد تراجع وتنازل عن اعترافه بالنتائج والهزيمة أما الفائز آداما بارو.استعادت غانا سمعتها السياسية الجيدة في أفريقيا يوم الجمعة, عندما أعلنت اللجنة الانتخابية زعيمَ المعارضة نانا اكوفو أدوو – رجل الدولة المخضرم الذي تلقى تعليمه في بريطانيا- كالرئيس المنتخب الجديد للغانا.