نِهاد محمود
باحثة دكتوراه بكلية الدراسات الإفريقية العليا- جامعة القاهرة
مُقَدِّمَة:
مع إعلان المُتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية “هوا تشون ينغ” عن انعقاد الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك 9” Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC9)، في العاصمة الصينية “بكين” خلال الفترة (4-6 سبتمبر 2024م)؛ يتزايد الترقب بشأن الموضوعات الرئيسية والصفقات المُحتملة التي ستنتج عن هذا الاجتماع الصيني-الإفريقي الدوري رفيع المستوى.
وفي حين تتفق الصين وإفريقيا في العديد من القضايا الحاسمة للطرفين؛ إلا أن بعض المصالح لا يُتوقع أن تتلاقى في الدورة التاسعة للمنتدى، وخاصةً في الطرق والمسارات ذاتها، بالنظر لعددٍ من الأولويات المُلِحَّة والتحدّيات المختلفة لكلا الجانبين.
وتأتي هذه القمة تحت عنوان: “التكاتف من أجل دفع عمليات التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مُشترك“. ومن المتوقع أن تحمل دلالات مهمة، وسط أجواء جيوسياسية مشحونة، للجانبين الصيني والإفريقي، وربما تُدَشِّن فصلًا جديدًا في مسار التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، المُمتد بين بكين وإفريقيا تحت مظلة “فوكاك” لأكثر من عقدين من الزمن (24 عامًا)، ويتصاعد دور منتدى التعاون الصيني-الإفريقي كآلية لتعزيز الشراكة بين الجانبين في هذا الإطار، خاصةً مع الحرص على استمراريته وعَقده بشكل دوري كل ثلاثة أعوام (منذ قمة بكين 2000م)، الذي يُمَثِّل تأكيدًا على عُمق العلاقات الممتدة بين إفريقيا والصين، وبلورتها داخل إطار عمل مؤسسي قائم على التعاون والنفع المتبادل لكلا الجانبين.
من جهة أخرى، ينظر البعض إلى القمة الصينية-الإفريقيّة باعتبارها رمزًا مهمًّا للتعاون بين بلدان الجنوب العالمي في القرن الحادي والعشرين، هذا التعاون الذي يحمل سمة أساسية، وهي السعي إلى التعاون “من قِبَل الجنوب ومن أجل الجنوب”. كما تؤكد هذه القمة على أن روح التعاون هذه لا تزال باقية على قيد الحياة. ولا ننسى في هذا الإطار المعني بالجنوب، إلى أن نشير إلى ما أنجزته لجنة الجنوب (1987-1990م)، تحت قيادة “جوليوس نيريري” رئيس تنزانيا آنذاك، من العمل على الاستمرار في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الجنوب، ونجاح اللجنة في إدراج تقاريرها في وثائق الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما كان إنشاء منظمة مركز الجنوب الحكومي الدولي([1])، ودخولها حيّز التنفيذ في يوليو 1995م، علامة على نهضة هذه الحركة، وتقدير الجنوب كمصدر للفكر والدعم والتضامن السياسي.([2])
رجوعًا لقمة “فوكاك” التاسعة التي تُعدّ أحد أبرز مظاهر التعاون بين بلدان الجنوب، ولمزيد من تسليط الضوء على مدى جدواها وانعكاساتها (المُخرجات والمآخِذ) على القارة، وصولًا إلى ما يُمكِن فِعْله من أجل مشاركة إفريقيّة فعّالة في مثل هذه الفعاليات والشراكات، نسعى خلال هذا المقال إلى طرح أبرز هذه النقاط، كما نحاول الإجابة عن التساؤلات المرتبطة بها، خلال الفترة الممتدة منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي عام 2000م، ليكون ركيزة مهمة وحجر أساس في التعاون الصيني-الإفريقي، وحتى الوقت الراهن، حيث قمة بكين (4-6 سبتمبر 2024م).
بناءً على ما تقدَّم سيتم تقسيم المقال وفقًا للمحاور الرئيسيّة التالية:
- أولًا: منتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك”: النشأة والأهداف.
- ثانيًا: منتدى التعاون الصيني-الإفريقي FOCAC )2000-2021م): مُكتسبَات وتحفّظات.
- ثالثًا: حول ترتيبات القمة الصينية-الإفريقيّة التاسعة (4-6 سبتمبر 2024م).
- رابعًا: “فوكاك 9”: ملفات مُحتمَلة وأخرى محظورة.
- خامسًا: ملاحظات وتوصيّات نحو مُشاركة إفريقيّة فعّالة.
أولًا: منتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك”: النشأة والأهداف
بدايةً تمتد العلاقات بين بكين وإفريقيا إلى ما قبل تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي بسنوات عديدة؛ ففي السنوات السابقة على عام 2000م، كانت الصين تُعدّ من أوائل الفاعلين الذين حرصوا على التوجّه نحو القارة الإفريقية والانخراط بشؤونها، في وقتٍ واجهت فيه القارة العديد من التحديات، كان أبرزها التهميش الذي حدث بالتزامن مع أجواء الحرب الباردة، إضافةً إلى الحروب الأهلية التي مُنِيَت بها، وعبء الديون المُنهِك، وغيرها من مشكلات عانت منها إفريقيا فيما بعد الاستقلال.
حتى أصبحت القارة، في ذلك الوقت، تُوصَف مِن قِبَل الغرب بأنها “يائسة”، غير جذّابة على نحوٍ متزايدٍ لشركائها التقليديين. وفي ظل هذه الأجواء الضاغطة، برزت الصين كشريك موثوق به للقارة، وتدخّلت عندما كانت إفريقيا في أمسّ الحاجة إلى الدعم. وعليه ولمزيد من التعاون الوثيق مع القارة تم إنشاء منتدى التعاون الصيني-الإفريقي Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) كمنصة تعقد اجتماعًا (قمة) بشكل دوري كل 3 سنوات، وتُعقَد كل قمة بالتناوب بين الصين وإحدى الدول الإفريقية، للتنسيق السياسي رفيع المستوى، بما يُمَثِّل بداية عصر جديد للتعاون بين الجانبين الصيني والإفريقي.
لكن من المهم أن نشير هنا إلى أن منتدى التعاون الصيني-الإفريقي بدأ كمنصة تركز في المقام الأول على العلاقات الاقتصادية، ثم توسع لاحقًا ليشمل مجموعة أوسع من القضايا التي تعكس الأولويات الصينية والإفريقية.([3])
وهو ما امتد على سبيل المثال ليشمل الصعيد التجاري؛ حيث باتت الصين الشريك التجاري الأول للقارة منذ عام 2009م، ولمدة 15 عام على التوالي.([4])
جدير بالذكر أنه تم عقد منتدى التعاون الصيني الإفريقي بنجاح ثماني مرات منذ إنشائه، قبل هذه النسخة التاسعة ببكين؛ حيث عُقدت النسخة الأولى في بكين (2000م)، والثانية في أديس أبابا (2003م)، والثالثة في بكين (2006م)، والرابعة في شرم الشيخ (2009م)، والخامسة في بكين مجددًا (2012م)، والسادسة في جوهانسبرغ (2015م)، والسابعة في بكين (2018م)، والثامنة في داكار (2021م)، وعليه تُعقَد القمة التاسعة في بكين، وهو ما يُوضّح فكرة التناوب المذكورة سلفًا بين بكين وإحدى المدن الإفريقيّة لاستضافة القمة المُشتركة.([5])
وبشكل عام يُسَهِّل المنتدى المناقشات والاتفاقيات والمشاريع التعاونية بين الصين والدول الإفريقيّة؛ حيث إنها الآلية الأساسية لتنسيق السياسات الرئيسية. كما أسفر منتدى التعاون الصيني-الإفريقي تاريخيًّا عن التزامات ماليّة ملحوظة للقارة الإفريقيّة: على سبيل المثال شهدت قمة عام 2021م تعهدًا بقيمة 40 مليار دولار أمريكي يشمل البنية التحتية والزراعة والتصنيع، وغيرها من عوائد سنذكرها مفصلًا خلال الحديث عن مُخرجات دورات المنتدى الثمانية في المحور التالي.([6])
ثانيًا: منتدى التعاون الصيني-الإفريقي( FOCAC )2000-2021 مُكتسبَات وتحفّظات:
يجد المتتبِّع للعلاقات الصينية-الإفريقيّة، ولا سيّما في ظل منتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك”، ومنذ تأسيسه قبل حوالي 24 عامًا، أن القارة الإفريقية قد جَنَت بعضًا من المنافع والعوائد جراء هذا التقارب (والتي لا يخلو بعضها من التحفظات أو الاختلاف بشأن مدى جدواها على الداخل الإفريقي)، لكن على أي حال نعرض أبرز هذه المُكتسبات العائدة على الجانب الإفريقي، ثم نتطرق بشكل تفصيلي إلى أهم مُخرجات “فوكاك” خلال دوراته السابقة، ثم نتطرق في الأخير إلى المآخذ والتحفظات حول المنتدى، وذلك على النحو التالي:
1- عوائد ومكتسبات:
أ- تصاعد حجم القروض الصينية المموّلة للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية:
فيما يتعلق بالتزامات القروض من جانب الصين فقد شهدت تزايدًا ملحوظًا بموجب منتدى التعاون الصيني-الإفريقي خاصةً التي تستهدف معالجة العجز الكبير في البنية التحتية في القارة وتعزيز التنمية الاقتصادية.
كما توفر هذه القروض تمويلًا بالغ الأهمية للمشاريع الضخمة، مثل: الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة.
ومن خلال تسهيل البنية الأساسية المحسّنة، تساعد قروض الصين في دمج الاقتصادات الإفريقية، وتعزيز التجارة، وجذب المزيد من الاستثمارات، وبالتالي الإسهام في النمو المستدام طويل الأجل في جميع أنحاء القارة. وبشكل عام شهد التزام الصين بالقروض من خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي ارتفاعًا كبيرًا، على مدار السنوات التي تلت تأسيس “فوكاك”([7])؛ كما يبين الجدول التالي:
جدول رقم (1)
حجم القروض الصينية إلى إفريقيا تحت مظلة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في الفترة (2006-2018م)
Source: Paul Frimpong, “Understanding FOCAC: A Comprehensive Overview and Key Insights”, Africa-China Centre for Policy & Advisory, May 29, 2024. Retrieved from: https://africachinacentre.org/understanding-focac-a-comprehensive-overview-and-key-insights/
ب- الالتزام الصيني بالاستثمار في إفريقيا:
شهدت التزامات الصين بالاستثمارات داخل القارة الإفريقية خلال اجتماعات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، ارتفاعًا ملحوظًا خصوصًا في الفترة (2006- 2021م)، كما يوضح الشكل التالي، علمًا بأنه لم يكن هناك إعلان عن أيّ استثمارات صينية عقب اجتماعات منتدى التعاون الصيني الإفريقي في عامي 2000 و2003م.([8])
شكل رقم (1)
حجم التعهُّد الصيني بالاستثمارات في إفريقيا منذ تأسيس فوكاك (2006-2021م)
مُقدَّر بالمليار دولار أمريكي
Source: Cobus Van Staden, “Taking Control: Africa’s Challenges and Priorities at FOCAC 2024”, The China-Global South Project, Aug 2024. On: https://chinaglobalsouth.com/wp-content/uploads/2015/05/focac2024_africa.pdf
جـ- المساهمة في بناء البنية التحتية الرقمية الإفريقية:
شهدت الدول الإفريقية منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، الكثير من المساعدات الصينية في بناء البنية التحتية الرقمية وتعزيزها، وهو ما حدَث على سبيل المثال في تأسيس مركز بيانات دلتا الرقمي في بوتسوانا Botswana’s Digital Delta Data Center، الذي نفّذته شركة التعاون الاقتصادي والتقني الدولي الصينية جيانغشي (CJIC) بفرعها في بوتسوانا.
كما أنه من المتوقع أن تتحسن سرعة الإنترنت بشكل كبير في بوتسوانا؛ بفضل المساعدات الصينية، مما سيعزّز بدوره بشكل كبير تطوير المعاملات الشبكية ودفع البيانات عبر الهاتف المحمول، مما يسهم في نمو الاقتصاد الرقمي في البلاد.([9])
في هذا الإطار يقول المتحدث لشركة “ترانسيون” Transsion Holdings الرائدة في صناعة الهواتف المحمولة([10]): “نتطلع إلى أن تعمل قمة فوكاك (سبتمبر 2024م) على تعميق العلاقات الثنائية وتدشين فصل جديد من التعاون بين الصين وإفريقيا، وخاصة ما يؤدي إلى تنمية جوهرية وأعمق في المجالات الرقمية والتكنولوجية”، مؤكدًا أن الصين ستلعب دورًا أكبر في التحول الرقمي المستقبلي لإفريقيا ككل.([11])
د- التنمية الزراعية:
حرصت بكين منذ عام 2006م، أي بعد 6 سنوات من تدشين “فوكاك”، على التركيز على الزراعة كمجال للتعاون بين الجانبين الصيني والإفريقي. وقد استثمرت الصين أكثر من 100 مليار دولار في قطاع الزراعة في إفريقيا منذ ذلك الوقت، مما أدى إلى تدريب المزارعين، وتعزيز تقنيات الزراعة الحديثة، وبناء مصانع المعالجة الزراعية، وبالتالي زيادة إنتاج الغذاء، والحدّ من سوء التغذية. وفي عام 2009م، أعلنت الصين أنها ستنشئ 30 مركزًا تجريبيًّا زراعيًّا في جميع أنحاء إفريقيا بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.([12])
هـ- الرعاية الصحية:
في هذا الشأن تقول بكين: إن تحسين الصحة في إفريقيا يأتي ضمن أبرز أولويات المنتدى، ويشمل ذلك تقديم المساعدات الطبية الصينية، تحسين البنية الأساسية الصحية وإجراء البحوث الطبية وتقديم المساعدة أثناء تفشي الأوبئة والأمراض، كالحال خلال جائحة كوفيد-19 التي أبرزت التعاون الصحي كمحور رئيسي بين الجانبين. على سبيل المثال قدّمت الصين ما يقرب من 200 مليون جرعة من التطعيم لإفريقيا، وتعهدت بتسليم مليار جرعة إضافية من اللقاح، بهدف تحقيق معدل تطعيم بنسبة 60٪ أثناء تفشي الفيروس، مُعلِنةً استفادة أكثر من 100 مليون إفريقي من هذا الدعم.([13])
2- مُخرجات دورات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي الثمانية (2000-2021م)
عقب استعراض أبرز مكتسبات القارة التي حققتها بفضل التقارب الصيني-الإفريقي، منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، نستعرض الجدول التالي، والذي يوضِّح أهم مُخرجات دورات “فوكاك” السابقة، منذ عام 2000م، بدءًا من القمة الأولى ببكين، العاصمة الصينية، وحتى العام 2021م؛ حيث قمة داكار، العاصمة السنغالية.
جدول رقم (2)
أبرز مُخرجات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي خلال الفترة (2000-2021م)
الجدول من تصميم الباحثة اعتمادًا على المصدر التالي:
Cobus Van Staden, “Taking Control: Africa’s Challenges and Priorities at FOCAC 2024”, The China-Global South Project, Aug 2024. On: https://chinaglobalsouth.com/wp-content/uploads/2015/05/focac2024_africa.pdf
3- مآخِذ وتحفّظات
رغم ما يحققه منتدى التعاون الصيني-الإفريقي من عوائد ومكاسب للقارة الإفريقية، إلا أن ذلك لا يمنع وجود عدد من المآخذ المُحيطة بهذه المكاسب، سواء كانت ناتجة عن ممارسات الدول الإفريقية ذاتها أو الصين أو الطرفين معًا، كما يلي:
أ- رغم ما تشير إليه بعض الأبحاث من أن الآليات المؤسسيّة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي كانت مواتية لتنفيذ المشاريع المتفق عليها؛ إلا أنه لا يمكن قياس مدى صحة ذلك بالفعل وبدقة. كما أن الافتقار إلى الشفافية خلال عقد الاتفاقيات وعدم الاتفاق على آليات تمويل متنوعة يجعل من الصعب قياس النتائج التي تحقَّقت بالفعل، ومدى جدواها على الصعيد الإفريقي.([14])
ب- يعمل منتدى التعاون الصيني-الإفريقي كإطار متعدّد الأطراف، ولكنه غالبًا ما ينطوي على مفاوضات ثنائية. وهذا يعكس تفضيل الصين للسيطرة المباشرة والعائدات السريعة، ورغبة إفريقيا في شروط مخصصة ونتائج أسرع.
جـ- يوصي المحللون على الدوام بضرورة وجود “صوت إفريقي موحَّد” بمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي لتحقيق نتائج أكثر فعالية. لكن البلدان الإفريقية غالبًا ما تدخل المفاوضات بمفردها، دون إستراتيجية متماسكة. على النقيض من ذلك، حددت الصين أهدافها في رؤية التعاون الصيني الإفريقي 2035م. لذا نأمل خلال المستقبل القريب، أن تتوافق المشاركات الثنائية الإفريقيّة بشكل وثيق مع الرؤى الجمعيّة للقارة، كرؤية الاتحاد الإفريقي.([15])
د- تخدم استثمارات “فوكاك” في كثير من الأحيان المصالح الجيوسياسية والإستراتيجية للصين، وهو ما يخلق تحديات وصعوبات إفريقيّة؛ خاصةً عندما لا تتفق هذه الاستثمارات مع احتياجات البلدان الإفريقيّة المتلقية وأولويات التنمية.([16])
هـ- تُسَلِّط أعباء الديون المرتفعة المرتبطة باستثمارات “فوكاك” الضوء على الحاجة إلى التدقيق لحماية سيادة إفريقيا واستقرارها المالي. كما تظل استدامة الديون إشكالية كبيرة ومُؤَرِّقة بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية. فمنذ عام 2006م، كان منتدى التعاون الصيني الإفريقي القناة الأساسية للقروض الصينية لإفريقيا، بإجمالي 191 مليار دولار أمريكي من القروض المُلتزم بها من عام 2006م إلى عام 2021م. كما أن هناك مخاوف من أن بعض المشاريع قد تعمل عن غير قصد على تعميق التفاوت في البلدان الإفريقية، من خلال عدم معالجة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية المحلية بشكل كافٍ.([17])
شكل رقم (2)
مُلخص لأبرز المآخِذ والتحفظات حول منتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك”
الشكل من إعداد الباحثة استنادًا إلى ما وَرد بالمحور الثاني من المقال
ثالثًا: حول ترتيبات القمة الصينيّة-الإفريقيّة التاسعة (4-6 سبتمبر 2024م)
فيما يتعلق بقمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي التاسعة، وخصوصًا فيما يتصل بها من استعدادات ورؤية بكين لها، يقول “تشن شياو دونغ” نائب وزير الخارجية الصيني في هذا الإطار: “إنه بعد قمة فوكاك في بكين عام 2006م، وقمة فوكاك في جوهانسبرغ عام 2015م، وقمة فوكاك في بكين عام 2018م، فإن قمة سبتمبر 2024م على وجه التحديد تمثل مناسبة مهمة جديدة تلتقي فيها الصين وإفريقيا كعضوين متحابين في أسرة واحدة”.
ويستكمل: “وهي أيضًا أكبر حدث دبلوماسي تستضيفه الصين في الأعوام الأخيرة يحضره أكبر عدد من الزعماء الأجانب”.
ويضيف “دونغ” أن العديد من الزعماء الأفارقة، فضلًا عن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، سيقودون الوفود إلى القمة، مشيرًا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة سيكون ضيفًا خاصًّا في القمة، وستشارك المنظمات الدولية والإقليمية ذوات الصلة كمراقبين. إضافةً إلى ذلك فإن قمة العام الحالي ستتضمَّن مأدبة ترحيبية ومراسم افتتاح وأربعة اجتماعات رفيعة المستوى حول حوكمة الدولة، والتصنيع والتحديث الزراعي، والسلام والأمن، فضلًا عن التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما سيتضمن جدول أعمال القمة المؤتمر الثامن لرواد الأعمال الصينيين والأفارقة. علاوة على ذلك أعلنت “هوا تشون ينغ” المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، أن الرئيس الصيني “شي جين بينغ” سيحضر مراسم افتتاح القمة وسيلقي كلمة رئيسية خلال تلك المراسم، حول المستقبل المشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا، كما سيعلن عن إجراءات وتدابير جديدة للتعاون العملي مع إفريقيا.([18])
كما أضاف نائب وزير الخارجية الصيني “دونغ” عددًا من النقاط حول القمة الصينيّة-الإفريقيّة، نشير إلى أبرزهم فيما يلي:
1- إن القمة ستعتمد وثيقتين ختاميتين؛ إحداهما إعلان والأخرى خطة عمل، لبناء توافق كبير بين الجانبين ورسم مسار لتنفيذ التعاون الصيني-الإفريقي عالي الجودة في الأعوام الثلاثة المقبلة.
2- التزام منتدى التعاون الصيني-الإفريقي منذ تأسيسه قبل 24 عامًا، بمبدأ التشاور المستفيض والمساهمة المشتركة والمنافع المتبادلة.
3- إن المنتدى شهد إنجازات ملحوظة، وأصبح علامة بارزة في التعاون الصيني-الإفريقي ومثالًا رائعًا لتعزيز التعاون الدولي مع إفريقيا وتعميق التعاون بين بلدان الجنوب العالمي.
4- ستعمل قمة العام الجاري (2024م) على صياغة توافق واسع النطاق بين الجانبين لمواجهة التحديات وإنشاء منصة لمشاركة فرص التنمية.
5- وأشار “دونغ” في الأخير إلى أن الصين ستنتهز هذه القمة كفرصة مهمة للتعاون مع إفريقيا في رحلة جديدة نحو دفع عمليات التحديث، والارتقاء بمجتمع ذي مصير مشترك بين الصين وإفريقيا، من أجل كتابة فصل جديد للصداقة بين الشعب الصيني وشعوب القارة الإفريقية.([19])
رابعًا: “فوكاك 9”: ملفات مُحتمَلة وأخرى محظورة
1- على صعيد الملفات المُحتمَل مناقشتها خلال الاجتماع التاسع لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي نتطرق إلى أبرز النقاط التالية:
أ- من المُرجَّح أن يتم التركيز خلال القمة التاسعة بين الجانبين الصيني والإفريقي على عدد من الملفات (سياسية- اقتصادية- تنموية). وفي حين أن توسيع التبادل التجاري لا يزال أولوية، وخصوصًا للجانب الإفريقي، خاصةً أن الهدف الطموح الذي تم تحديده في عام 2021م لزيادة الواردات الإفريقية إلى الصين قد أحرز تقدمًا متواضعًا. لكن مع ذلك، تظل الصين ملتزمة بتطوير وتعميق علاقاتها الاقتصادية في إفريقيا، ومن المتوقع أن يجدّد منتدى التعاون الصيني-الإفريقي لعام 2024م عددًا من الالتزامات، يأتي أهمها التركيز على الزراعة ومساعدة المنتجين الأفارقة في الوصول إلى الأسواق الصينية. ([20])
ب- وإلى جانب المصالح الاقتصادية والتجارية، تنظر الصين إلى إفريقيا كشريك رئيسي وحليف سياسي مهم في جهودها الرامية إلى إنشاء هياكل حوكمة عالمية بديلة أكثر انسجامًا مع أولوياتها وأقل تركيزًا حول فلك القوة الغربية. وبشكل عام يمكن القول: إن الثقل الأخلاقي لإفريقيا باعتبارها قلب الجنوب العالمي، وأصواتها الـ54 في الأمم المتحدة، يجعلها شريكًا مهمًّا في تحقيق هذا المسعى.([21])
جـ- على صعيد الطاقة الخضراء والتنمية الصناعية؛ يعكس منتدى التعاون الصيني الإفريقي في دورته التاسعة، استثمارات الصين في الطاقة المتجددة في إطار مبادرة الحزام والطريق BRI، ومن المرجح أن يؤكد الاجتماع التاسع على التعاون في مجال الطاقة الخضراء، وهي الأهمية المتصاعدة لبكين، لا سيّما مع فرض الغرب قيودًا على واردات منتجاتها من التكنولوجيا الخضراء، لذا تبحث عن أسواق جديدة، خاصةً أن الصين التي تُعدّ أكبر مُنتِج للبطاريات الشمسية في العالم، كما كانت في عام 2023م مسؤولة عن ثلاثة أرباع الاستثمار العالمي في تصنيع التكنولوجيا الخضراء بشكل عام، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. إضافةً لذلك أنتجت أكثر من نصف المركبات الكهربائية المُباعة في جميع أنحاء العالم، العام الماضي. لكن أدَّى تقدمها في هذه الصناعات إلى زيادة المنافسة مع الغرب. ما دفَع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى سنّ سياسات حمائية، وهو ما أدَّى بدوره إلى زيادة التعريفات الجمركية على المنتجات من الصين بما في ذلك المركبات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية والمعادن الحيوية. وهي سياسات يُمكِن فهمها بالنظر إلى أن أوروبا والولايات المتحدة تريد تعزيز التصنيع الخاص بهما، وخلق فرص للعمل. لذا يرى الخبراء أن منتجات الصين تُواجه قيودًا متزايدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وعليه يتوقع بشكل متزايد أن تسعى الصين للبحث عن أسواق بديلة في إفريقيا. لذا ليس بمستغرب أن يقول المحللون: إن هذا الموضوع سيحظى بأهمية كبيرة بجدول أعمال المنتدى.([22])
د- من جهة أخرى من المتوقع أن يعمل منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في دورته التاسعة، كمنصة رئيسية في تسليط الضوء على مبادرة الحزام والطريق. تلك المبادرة التي ركزت على تعزيز الاتصال بين الصين وبقيّة العالم، كما ركزت في البداية على البنية التحتية المادية، ولكن لاحقًا شملت بشكل متزايد أشكالًا أخرى من الاتصال والتعاون، مثل التجارة والتكامل التنظيمي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتدريب. ومن المرجَّح أن تبرز هذه المواضيع بشكل كبير في منتدى التعاون الصيني-الإفريقي 2024م.
2- أما على صعيد الملفات التي يُتوقع بألا يتم التطرق إليها، أو بقول آخر أنه حتى في حال تم التطرق إليها فلن تتخذ بكين خطوات حاسمة وملموسة تجاه تغييرها، نذكر ما يلي (على سبيل المثال وليس الحصر):
أ- إشكاليّة “أعباء الديون”: تُثار الكثير من الأقاويل (لا سيّما الغربية والأمريكية) حول تقدير حصة الصين من الديون الإفريقيّة، ويُقَدِّر في هذا الإطار صندوق النقد الدولي حصة الصين من إجمالي الدين العام للقارة بنحو 6%، وبعيدًا عما يُثار والذي تراه الصين يصل بعضه إلى حدّ المبالغة، إلا أنها تُعدّ أكبر مُقْرِض لعدد من البلدان يأتي أبرزهم أنجولا وإثيوبيا وكينيا وجمهورية الكونغو. وفي حين تتعرض الصين لضغوط لشطب بعض هذه القروض، فإن خياراتها مقيدة بأزمة الديون المحلية ومعركة أوسع نطاقًا مع الممولين العالميين حول كيفية التعامل مع أزمة الديون المتنامية. وهذا يعني أن الصين من غير المرجَّح أن تشطب ديونًا أكبر من القروض الصغيرة ذات الفائدة الصفريّة.([23])
ب- الانخراط الصينيّ في قوات حفظ السلام: من غير المتوقع أن يتم التركيز على هذا الموضوع بالمنتدى، وحتى إن تم إثارته فلن يؤدي لمزيد من المشاركة الصينية في قوات حفظ السلام بالقارة الإفريقية. جدير بالذكر أن الأطراف المعنية الإفريقيّة كانت قد دَعت إلى مشاركة صينية أكثر قوة لمواجهة حالة عدم الاستقرار المستمرة بالمنطقة، وخصوصًا في الساحل الإفريقي. وفي حين دَعّمت بكين جهود السلام والأمن الإفريقيّة، فإن حالات سابقة لقتل جنود حفظ السلام من الصينيين، التابعين للأمم المتحدة في جنوب السودان، قد أثارت ردود فعل قوية في الداخل الصيني. وفي حين أنه من المُرجَّح أن تعزز بكين دعمها المالي والتدريبي واللوجستي لحفظ السلام الإفريقي، فمن غير المرجَّح أن تخصص المزيد من القوات على الأرض بخلاف العدد الصغير الذي تم نشره بالفعل في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والمتمركزة في قاعدتها في جيبوتي. ومن المرجح أيضًا أن يظل هؤلاء الجنود في مواقع الدعم واللوجستية بدلًا من ساحات القتال.([24])
خامسًا: ملاحظات وتوصيّات نحو مُشاركة إفريقيّة فعّالة
مع استعراض ما سبق من مخرجات وعوائد لا يمكن إنكار استفادة إفريقيا من منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، منذ تأسيسه قبل 24 عامًا، ولكن لتعظيم الاستفادة يتطلب الأمر المزيد من المشاركة الاستباقية المنظمة. فالمشاركات الإفريقيّة تميل لأن تكون ارتجالية وضعيفة البنية، الأمر الذي يضع القارة في وضع غير مُؤَاتٍ. وعليه يتعيّن على البلدان الإفريقية أن تصبح أكثر إستراتيجية، وأن تُشرِك الأصوات غير الحكوميّة، وأن تنتبه إلى المخاطر المترتبة على الاقتراض غير المقيد وغير المسؤول، وأن تضمن من خلال ترسيخ المزيد من الشفافية في اتفاقيات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي أن يضع الممثلون الأفارقة المصالح الوطنية قبل المصالح الشخصية الضيقة.([25])
كما أن هناك حاجة إلى تعزيز آليات الرصد المستقلة بين قمم منتدى التعاون الصيني-الإفريقي لتقييم الالتزامات، وتحديد المشكلات والمجالات الأكثر احتياجًا للتطوير والتحسين، وضمان استفادة المواطنين العاديين، الذين يطالبون بقدر أعظم من التعبير والمساءلة في كيفية تعامل حكوماتهم مع الشركاء الأجانب الذين يثقلونهم بالديون. وفوق كل شيء، لا بد أن يكون هناك إدراك بأن الصين، أو أيّ طرف آخر، لا يمكنه تنمية إفريقيا دون جهود أبنائها وإرادتهم الحرة. وعليه فلا بد من إدارة العلاقات مع الشركاء من الخارج على هذا النحو.([26])
في الأخير نقول: إن كل ما سبق طرحه من تحديات لا يمنع القول بأن منتدى التعاون الصيني-الإفريقي “فوكاك” 2024م يُعقَد في سياق يدفعه بأن يكون منعطفًا مهمًّا وربما حاسمًا في العلاقات بين إفريقيا والصين، خاصةً في ظل الخطاب المُناهِض للصين المستمر من جانب الولايات المتحدة والغرب، مع إمكانية أن تُحرز القمة تقدمًا كبيرًا في المجالات ذات الاهتمام المُشترك كالتجارة والتنمية الصناعية والتعاون المُستدام. لكن على إفريقيا وهي تُبحِر في هذه الشراكة، أن تستدعي قدراتها وأولوياتها للتأثير على أجندة القمة والتي ستكون مفتاحًا -حال تطويعها- لجَنْي فوائد طويلة الأجل وفقًا لمتطلبات واحتياجات القارة، حتى لا تقتصر القمة على ما تُمرّره بكين وما تقرره وفقًا لأولوياتها ورغبتها أن تبرز كقائد للجنوب العالمي، وإن بدا أن ما تروّج له ملائم للقارة وفقًا لمبدأ Win-Win Cooperation.
……………………………………………
([1]) يعدّ مركز الجنوب منظمة حكومية دولية مكونة من الدول النامية، أُنشئت بموجب اتفاق حكومي دولي (معاهدة)، دخلت حيز النفاذ في 31 يوليو 1995م، ومقرها في جنيف بسويسرا. وتعمل كمركز أبحاث مستقل للسياسة العامة، بينما تتمتع أيضًا بصفة مراقب في الأمم المتحدة وعدد من كالات التنمية الأخرى. يساعد مركز الجنوب بلدان الجنوب على تطوير وجهات نظر مشتركة، والعمل معًا بشأن قضايا السياسة الدولية الرئيسية المتعلقة بالتنمية. وفي حدود قدراته، يستجيب مركز الجنوب أيضًا لطلبات الحصول على المشورة المتعلقة بالسياسات والدعم التقني، وغيرها من الكيانات الجماعية في الجنوب.
([2]) Zha Daojiong, “FOCAC 9 and its role in South-South cooperation in the 21st century”, CGTN, Aug 28, 2024. Retrieved from: https://news.cgtn.com/news/2024-08-28/FOCAC-9-and-its-role-in-South-South-cooperation-in-the-21st-century-1wr2cyNoZlC/p.html
([3]) “Looking Forward: African and Chinese Priorities Ahead of FOCAC 9”, China Global South Project, Aug 24, 2024, Retrieved from: https://chinaglobalsouth.com/analysis/looking-forward-african-and-chinese-priorities-ahead-of-focac-9/
([4]) “China stretches run as Africa’s largest trading partner to 15 consecutive years”, Xinhua, Aug 30, 2024. Retrieved from: http://www.china.org.cn/business/2024-08/30/content_117396325.htm
([5]) Paul Frimpong, “Understanding FOCAC: A Comprehensive Overview and Key Insights”, Africa-China Centre for Policy & Advisory, May 29, 2024. Retrieved from: https://africachinacentre.org/understanding-focac-a-comprehensive-overview-and-key-insights/
([6]) Jana de Kluiver, “Can FOCAC adapt to meet Africa’s long-term needs?”, Institute for Security Studies “ISS”, Aug 28, 2024. Retrieved from: https://issafrica.org/iss-today/can-focac-adapt-to-meet-africa-s-long-term-needs
([8]) Cobus Van Staden, “Taking Control: Africa’s Challenges and Priorities at FOCAC 2024”, The China-Global South Project, Aug 2024. Retrieved from: https://chinaglobalsouth.com/wp-content/uploads/2015/05/focac2024_africa.pdf
([9]) Li Xuanmin and Zhang Yiyi, “FOCAC summit to unfold a new chapter of China-Africa digital, tech cooperation”, Global Times, Aug 30, 2024. Retrieved from: https://www.globaltimes.cn/page/202408/1318925.shtml
([10]) تعدّ Transsion Holdings شركة صينية لتصنيع الهواتف المحمولة، ومقرها في المدينة الصينية “شنتشن”. كما كانت أكبر شركة لتصنيع الهواتف الذكية من حيث المبيعات في إفريقيا في عام 2017م، كما تبيع الهواتف المحمولة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية.
([11]) Li Xuanmin and Zhang Yiyi, Op.Cit.
([14]) Jana de Kluiver, “Can FOCAC adapt to meet Africa’s long-term needs?”, Institute for Security Studies “ISS”, Aug 28, 2024. Retrieved from: https://issafrica.org/iss-today/can-focac-adapt-to-meet-africa-s-long-term-needs
([15]) Jana de Kluiver, “Can FOCAC adapt to meet Africa’s long-term needs?”, Op.Cit
([18]) “The Ministry of Foreign Affairs Holds A Briefing for Chinese and Foreign Media on President Xi Jinping’s Attendance at the Opening Ceremony of the 2024 Summit of the Forum on China-Africa Cooperation”, Ministry of Foreign Affairs, The People’s Republic of China, Aug 23, 2024. Retrieved from: https://www.mfa.gov.cn/eng/xw/zyxw/202408/t20240823_11478966.html
([20]) “Looking Forward: African and Chinese Priorities Ahead of FOCAC 9”, China Global South Project, Aug 24, 2024, Retrieved from: https://chinaglobalsouth.com/analysis/looking-forward-african-and-chinese-priorities-ahead-of-focac-9/
([22]) Kate Bartlett, “Facing barriers in West, China to push green products at Africa summit”, VOA, Aug 28, 2024. Retrieved from: https://www.voanews.com/a/facing-barriers-in-west-china-to-push-green-products-at-africa-summit-/7762115.html
([23]) Cobus Van Staden, Op.Cit
([25]) Paul Nantulya, “FOCAC 2024: Elevating African Interests Beyond the Africa-China Summit”, Africa Centre for Strategic Studies, Aug 20, 2024. Retrieved from: https://africacenter.org/spotlight/focac-2024-elevating-african-interests-africa-china-summit/