سيطر الجيش النيجيري على المعقل الأخير لبوكو حرام في غابة سامبيسا الكبيرة. بحسب إعلان الرئيس النيجيري محمد بخاري الأسبوع الماضي. “أبلغنى رئيس أركان الجيش أن المعسكر سقط فى يدهم نحو الساعة 1:35 مساء يوم الجمعة الموافق 23 ديسمبر وأن الإرهابيين فارون ولم يعد لديهم مكان للاختباء.” يقول بخاري.
جاء هذا النجاح بعد الهجوم المكثف من قبل الجيش النيجيري في الأسابيع القليلة الماضية. وتفيد الصحف النيجيرية المحلية التي زارت الغابة أنها في الحقيقة تمت السيطرة عليها من قبل الجيش.
ومع ذلك, فقد ظهر أبو بكر شيكاو في تسجيل فيديو جديد, يوم الخميس وهو ينفي ما أعلنه الرئيس النيجيري محمد بخاري بخصوص سحق الحركة في معقلها بـ”سامبيسا”.
فرار الجماعة من الغابة واستسلام العشرات:
في الثلاثاء الماضي, أعلن وزير الداخلية النيجَرِية “بازوم محمد” أن حوالي 31 مسلحا من عناصر بوكو حرام – الذين فرّوا من سامبيسا إلى منطقة ديفا جنوب شرق النيجر – ألقوا سلاحهم وسلموا أنفسهم للسلطات الداخلية فى النيجر. “إن 31 شابا من ديفا تم تجنيدهم قبل بضع سنوات ضمن بوكو حرام، استسلموا”, يقول الوزير.
ويقول مقاتل سابق في جماعة بوكو حرام: “سمعت أن الذين سلموا أنفسهم لم يتم القبض عليهم، لذلك استسلمت.”
وتابع “نتوقع صدور عفو من الحكومة حتى نتمكن من المشاركة في تنمية البلاد وتساعدنا على التخلص من الصدمة.”
وبحسب الوكالة الفرنسية, فإن مصدرا أمنيا فى منطقة ديفا أفادت بأنهم “استسلموا واحدا بعد آخر وهم حاليا محتجزون فى مركز أمنى”. ومن بينهم 26 رجلا وثلاث نساء. “امراة رابعة تحمل جنسية نيجيريا سلمت نفسها لسلطات النيجر” يقول المصدر.
ولم يتضح ما الذي ستفعله السلطات حيال المقاتلين, ولكن هناك إشارات بإمكانية منح الذين ألقوا سلاحهم “عفوا” قبل عودتهم إلى أسرهم، وأنهم سيحظون بـ “برنامج مكافحة التطرف” ومشاريع لـ”اعادة إدماج اجتماعى واقتصادى”.
وفي شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين, استسلم المئات من مقاتلي بوكو حرام في تشاد وتنازلت الجماعة عن عدد من الأراضي التي استولت عليها والتي يقدر مجموع مساحتها بحوالي حجم بلجيكا في أوائل 2015 ولكن الجماعة خسرت غالبيتها على يد القوات النيجيرية، بمشاركة قوات من الدول المجاورة.
أما عن مكان وجود زعيم الجماعة أبو بكر شيكاو, فإن الجيش النيجيري يقول بأنه تمكن من الهرب أثناء حملاتهم في غابة “سامبيسا” الواسعة. غير أنهم – أي الجيش – تمكنوا من مصادرة مقتنياته الشخصية. كما أن المتحدث باسم الجيش النيجيري أعلن أنه سيتم تحويل المنطقة الشاسعة من الغابات إلى ساحة تدريب عسكرية.
وكان مما يجذب العديد من الشبان للانضمام إلى الجماعة عروض كانت تقدمها إليهم بقيمة ما يصل إلى 300 ألف فرنك نيجرى كل شهري.
وبعد سيطرة الجيش على سامبيسا, وفي أثناء عملية تمشيطها, تم القبض على نحو 1240 من عناصر بوكو حرام داخل الغابة. ووفق اللواء في الجيش النيجيري, لوكي ارابور, الذي تحدث مع الصحفيين حول مستجدات “عملية الإنقاذ النهائي” في ميدوغوري، قائلا: “لقد قمنا باعتقال الكثيرين. اعتقلت قواتنا في دامبوا حوالي 15 من أعضاء بوكو حرام. كما اعتقلنا شخصا يسمى موسى في بوتيسكوم في يوم عيد الميلاد الموافق 25 ديسمبر”.
ويضيف ارابور: ” اعترضت قواتنا أيضا يوم 26 ديسمبر اثنين من المشتبه بعضويتهم في بوكو حرام في ميدوغوري .. ولذلك، فإننا نحث سكان الولاية أن يكونوا حذرين من الذين يأتون للاختباء في وحول منازلهم .. نحذر أيضا المقيمين إلى إبلاغ الأجهزة الأمنية المعنية عن أي عضو مشتبه به في بوكو حرام وهو يختبئ في منازلهم. إذ أي فشل في القيام بذلك سيكون بمثابة دعم وتعاطف مع أنشطة الجماعة”.
وكشف اللواء أن 413 من عدد (1240) من المشتبه بهم من الذكور البالغين, 323 من الإناث البالغات, 251 من الأطفال الذكور, و 253 أطفال إناث.
“نحن نحقق معهم لمعرفة ما إذا كانوا أعضاء بوكو حرام، لأنه لا يمكن لمن ليس عضوا في الجماعة أن يعيش داخل غابة سامبيسا.
ظهور أبو بكر شيكاو من جديد:
وعلى الرغم من النجاحات التي سجلتها القوات التي تواجه الحركة وتصريحات المسؤولين, إلا أن زعيم الجماعة ” شيكاو ” في تسجيل جديد مدته 25 دقيقة ويحيط به مقاتلون مسلحون يردّ عليهم قائلا: “نحن بأمان.. لم يتم سحقنا في أي مكان، والخطط والإستراتيجيات لا يمكنها كشف مواقعنا إلا بمشيئة الله”.
وفي ردّه لإعلان الرئيس محمد بخاري، قال شيكاو: “لا يجدر بك الكذب على الشعب”. متسائلا: “إذا كنت سحقتنا بالفعل، كيف تراني هكذا؟ كم مرة قتلتنا في نعيك المزيف؟”.
ومع أن قائد الجيش سبق وأن أشار إلى أن أبو بكر شيكاو هرب من غابة سامبيسا, إلا أنه لم يتضح بعد أين مكان شيكاو الذي صوّر فيه الفيديو، لكن شيكاو نفسه أشار إلى أنه صُوّر يوم 25 ديسمبر.
انعكاس النجاحات الأمنية على الأوضاع الداخلية:
على ما يبدو, فإن غالبية النيجيريين يرحبون بالتطورات الإيجابية الجديدة حول جماعة بوكو حرام, ولكنهم أيضا يبدون قلقهم حيال عدم القبض على زعيم الجماعة شيكاو والمواجهات المتكررة للحركة الشيعية مع الأمن في “كدونا”, والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.. بل الأخيرة – أي الأوضاع الاقتصادية – من أهم النقاط التي ترد باستمرار في تعليقات المواطنين النيجيريين وخصوصا على وسائل الإعلام.
أما ايفياني أراراومي, عضو سابق في البرلمان وأحد زعماء الحزب الحاكم, فهو يرى أن “الرئيس محمد بخاري قد أنجز وعدا انتخابيا رئيسيا بهزيمة بوكو حرام وفرض الأمن القومي.”
وتابع قائلا: إن “الاستيلاء على غابة سامبيسا رمز فجر جديد في قطاع الأمن، والذي سيعدّ الأرض للانتعاش الاقتصادي. لأن تعزيز الأمن يخلق أرضا متمكنة لازدهار الأنشطة الاقتصادية.
ويضيف : “الأنشطة الاقتصادية المزدهرة ستؤدي إلى وظائف جديدة والسيطرة على التضخم. وسيتم تخفيف آلام الركود تدريجيا، وسيجني النيجيريون أرباح الديمقراطية بوفرة.
ويقول ايفاني “أدعو النيجيريين لدعم الحكومة الفدرالية بينما هي تركز جهودها الآن على الانتعاش الاقتصادي بعد أن أشلّتْ ومسحت ذلك التمرد المدمر. لأن بخاريًّا وفّى بوعود الأمن سيوفّي أيضا بالانتعاش الاقتصادي”.