بسام المسلماني(*)
“حياة الفقراء ازدادت فقرا من أجل أن تزداد حياة الأغنياء غني.. لذا حان الوقت لطوى تلك الصفحة المأساوية من تاريخ نيجيريا”.. بتلك الكلمات البسيطة حاول الجنرال الأسبق محمد بخارى أن يعلن عن هدفه من ترشحه لخوض الإنتخابات الرئاسية فى نيجيريا.. فمن هو محمد بخاري والذي تشير النتائج الأولية إلى تقدمه في الانتخابات الرئاسية..؟
محمد بخاري هو عسكري وسياسي نيجيري حكم البلاد في ثمانينيات القرن الماضي قبل الانقلاب عليه، ثم عاد ليخوض الانتخابات الرئاسية في أكثر من مناسبة دون أن ينجح في العودة للقصر الرئاسي.
المولد والنشأة :
ولد محمد بخاري بولاية كاتسينا عام 1942، وهو مسلم ينحدر من مناطق الشمال النيجيري، من قبيلة الهوسا التي تعتبر أكبر التجمعات العرقية في البلاد، حيث تبلغ نسبتهم بحسب بعض التقديرات ربع السكان، وغالبيتهم الساحقة من المسلمين (نحو 89%).
مراحل حياته:
التحق محمد بخاري بالسلك العسكري مبكرا، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة جنرال، ودخل السياسة من البوابة العسكرية مثل كثير من قادة نيجيريا التي اشتهرت بكثرة الانقلابات العسكرية فيها.
تولى الحكم في نيجيريا في الأول من يناير/كانون الثاني 1984 بعد انقلابه على شيخو شجاري أول حاكم مدني للبلاد، واستمر في الحكم عشرين شهرا قبل أن ينقلب عليه قائد الجيش إبراهيم بابانجيدا ويضع حدا لنظامه في أغسطس/آب 1985، ويحيله إلى الإقامة الجبرية التي قضى فيها فترة طويلة.عُرف بخاري خلال فترة حكمه بقوته وصرامته وقبضته الحديدية، وحظي بشعبية كبيرة في الشمال ذي الغالبية المسلمة، بينما كانت شعبيته أقل في مناطق المسيحيين الذين يساورهم الخوف من صرامته العسكرية وانتمائه الديني، علما بأن الانطباع السائد عنه لدى كثير من المراقبين أنه من أنظف ساسة نيجيريا وجنرالاتها.
شارك في الاستحقاقات الرئاسية التي نظمت بعد عام 1999 إثر عودة الحكم إلى المدنيين واتجاه النخب السياسية نحو الانتخابات كوسيلة للتداول على السلطة بدل الانقلابات العسكرية، ولكن الانتخابات التي أجريت في الأعوام 1999 و2003 و2007 شابتها كلها -بحسب مراقبين- مستويات عالية من التزوير والتلاعب بالنتائج.
وفاز في استحقاقي 1999 و2003 الحاكم العسكري الأسبق أولوسيغون أوباسانجو، لكنه حظي عام 2003 بمنافسة قوية من غريمه بخاري الذي شكل تكتلا سياسيا من عدد من الأحزاب السياسية لرفض نتائج الانتخابات والضغط على أوباسانجو لإعادتها.
وفي عام 2007 رشح أوباسانجو -نتيجة لعدم تمكنه من ترشيح نفسه- أحد مقربيه وهو الرئيس الراحل عمرو يارادوا، حيث حصل في تلك الانتخابات على أكثر من 24 مليون صوت، مقابل 6.6 ملايين لبخاري الذي كان أقوى منافسيه.
لكن بخاري اعتبر أن تلك الانتخابات مثل سابقتها مزورة وعديمة المصداقية، وهو ما شهد به المراقبون الدوليون الذين اعتبروا أنها لا ترقى حتى إلى معايير الانتخابات الأفريقية، فكيف بالمعايير الدولية، كما اعترف أوباسانجو نفسه بأنها شابتها تجاوزات دون أن يقبل إعادتها.
خاض بخاري مرة أخرى الانتخابات الرئاسية ضد غودلاك جوناثان في 16 أبريل/نيسان 2011، وهي الانتخابات التي فاز فيها جوناثان وتلتها أعمال عنف أدت لسقوط نحو ثمانمائة قتيل.
فوزه في الانتخابات:
وخلال الانتخابات التي جرت في شهر مارس من عام 2015م ، فاز محمد بخاري بالانتخابات الرئاسية في نيجيريا بفارق 2,57 مليون صوت على الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان، وحسب النتائج الرسمية فقد حصل بخاري على أغلبية تقدر 53,9% من الأصوات. ونال خصمه غودلاك جوناثان من الحزب الديموقراطي الشعبي(44,96%) .
وقال بخاري للصحفيين ومؤيديه وسط التصفيق : “كان الرئيس جوناثان خصما فاضلا وأنا أمد يد المودة إليه ،وسوف ألتقيه قريبا لتنظيم انتقال السلطة”
تحديات تواجه الرئيس:
تنتظر الرئيس عدة تحديات، على رأسها: جماعة بوكو حرام التي تشن تقود تمردا مسلحا ضد الدولة ، والفساد الذي يضرب المجتمع النيجيري ، والبنية التحتية المتهلهلة، وقيمة العملة النيجيرية “النايرا” التي انخفضت مؤخرا بانخفاض سعر النفط الذي يعتمد عليه النمو الاقتصادي في البلاد، فضلا عن إثبات أنه قادر على الإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني الذي فشل فيه الرئيس الخاسر، والأهم إعادة نيجيريا إلى الاستقرار في ظل حالة من الاستقطاب الطائفي.
(*) كاتب وباحث مصري، مدير تحرير موقع قراءات إفريقية.