بقلم: مودست كوامي
ترجمة: سيدي .م. ويدراوعو
الأفكار العامة:
– نتائج تصنيف شنغهاي لعام 2024م تبعث التفاؤل بشأن قدرات القارة على تشكيل جيل جديد من المؤسسات التعليمية المتميزة.
– الجهود المبذولة لتحسين نوعية التعليم بدأت تُؤتي ثمارها.
– استناد التصنيف إلى ستة معايير أكاديمية وبحثية رئيسية.
– مصر وجنوب إفريقيا على طليعة القائمة على مستوى القارة.
– مواجهة الجامعات الإفريقية العديد من التحديات للتنافس مع أفضل المؤسسات العالمية.
مقدمة:
من المرجّح أن تثير نتائج تصنيف شنغهاي لعام 2024م التفاؤل بشأن قدرات القارة على تشكيل جيل جديد من المؤسسات التعليمية المتميزة، بشرط بذل جهود متواصلة مع مرور الوقت. إن الطريق واضح، والأمر متروك للمسؤولين الحكوميين ومسؤولي الجامعات لمواجهة التحديات.
إن الجهود التي تبذلها العديد من البلدان الإفريقية لتحسين أنظمتها التعليمية والاستثمار في البحث العلمي والأكاديمي بدأت تُؤتي ثمارها، ويمكن رؤيتها من خلال تحسين ترتيب الجامعات الإفريقية بين أرقى الجامعات في التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية 2024م، المعروف باسم “تصنيف شنغهاي”. وهذا في حد ذاته مصدر فخر للقارة، وعلامة مشجّعة على ظهورها كمركز عالمي للتميُّز الأكاديمي.
يسرد هذا التصنيف، الذي نشرته شركة Shanghai Ranking Consultancy المستقلة، أفضل 1000 مؤسسة للتعليم العالي في العالم لعام 2024م. وللتذكير، تم إنشاء التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية منذ عام 2003م، ويتمتع بسمعة كبيرة في مجال التعليم العالي. ويستند إلى “ستة مؤشرات أكاديمية وبحثية رئيسية: عدد جوائز نوبل التي تم الحصول عليها، وعدد الباحثين الأكثر استشهادًا بأبحاثهم الأكاديمية، وعدد المقالات المنشورة المفهرسة أو المستشهَد بها، فضلاً عن الأداء الأكاديمي لكل طالب”.
وهذا يعني أن الصعود الملحوظ لجامعات القارة يشهد على التقدم الكبير الذي أحرزته إفريقيا في سعيها للتميُّز الأكاديمي. وفي الواقع، دخلت 20 جامعة إفريقية، وللمرة الأولى، بين الأفضل في العالم مقارنةً بما كانت عليه قبل عشر سنوات فحسب. وهو أداء يستحق تسليط الضوء عليه.
الدولتان الرائدتان هما جنوب إفريقيا ومصر:
تهيمن جنوب إفريقيا ومصر إلى حد كبير على القائمة الإفريقية، مع وجود 8 مؤسسات لكل منهما، بما في ذلك 4 و1 على التوالي في قائمة أفضل 500 مؤسسة تعليمية في العالم. ورغم ذلك، لم تظهر أيّ جامعة إفريقية في قائمة أفضل 100 جامعة في تصنيف شنغهاي 2024م.
ويُسلّط الغياب عن المجموعة الرائدة عالميًّا الضوء على الجهود الإضافية التي تتطلبها المؤسسات الإفريقية لتحقيق مستوى من التميُّز يُضاهي الجامعات الأمريكية والبريطانية الرائدة.
جامعات جنوب إفريقيا المدرَجة في القائمة هي:
جامعة كيب تاون (المرتبة 201 على مستوى العالم بنتيجة 16.4، والأولى على مستوى إفريقيا)،
وجامعة ويتواترسراند (الثانية على مستوى إفريقيا)،
وجامعة ستيلينبوش (الرابعة على مستوى إفريقيا)،
وجامعة جوهانسبرغ (5)،
جامعة كوازولو ناتال (6)،
جامعة بريتوريا (7)،
جامعة الشمال الغربي
(NWU) (8) وجامعة جنوب إفريقيا (UNISA) (16).
وعلى الجانب المصري، نجد:
جامعة القاهرة (الثالثة إفريقيًّا برصيد 17.2)،
جامعة عين شمس (9)،
جامعة الإسكندرية (10)،
جامعة المنصورة (11)،
جامعة الأزهر (12)،
جامعة الزقازيق (13)،
جامعة قناة السويس (14)،
جامعة طنطا .(15)
على الصعيد العالمي:
وضع تصنيف 2024م جامعة هارفارد (الولايات المتحدة) في المقدمة بنتيجة 100 نقطة، تليها جامعة ستانفورد (الولايات المتحدة) في المركز الثاني، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (الولايات المتحدة) في المركز الثالث، وجامعة كامبريدج (المملكة المتحدة) في المركز الرابع، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي (الولايات المتحدة) في المركز الخامس.
وتتخلف بلدان إفريقية أخرى عن الركب:
وإلى جانب الثنائي الرائد جنوب إفريقيا ومصر، تمكَّنت بلدان إفريقية أخرى من العثور على مكان لها في تصنيف 2024م، وهي: إثيوبيا عبر جامعة أديس أبابا (17 في إفريقيا)، وغانا بجامعة غانا ومقرها في أكرا (18)، والمغرب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء (19 والجامعة المغربية الأولى في التصنيف)، وكذلك تونس بفضل جامعة تونس المنار (المرتبة 901 عالميًّا و20 إفريقيًّا).
ويعتبر هذا التنوع الجغرافي للجامعات الإفريقية في هذا التصنيف علامة مُشجّعة، حتى لو كان عددها لا يزال محدودًا بتمثيل واحد فقط لكل دولة. وستكون السنوات القليلة المقبلة حاسمة لمعرفة ما إذا كان هذا الاتجاه يتسارع، وما إذا كانت الدول الأخرى في القارة ستتمكن من وضع مؤسساتها الأكاديمية في تصنيف شنغهاي أم لا.
مواصلة الجهود:
وعلى الرغم من هذه التطورات الملحوظة، فلا تزال الجامعات الإفريقية تُواجه العديد من التحديات للتنافس مع أفضل المؤسسات العالمية. ومن بين القضايا الرئيسية: الوصول إلى الموارد المالية، وتعزيز التعاون الدولي، وزيادة التمويل المخصَّص للبحث الأكاديمي المتطور.
سيكون الهدف للسنوات القادمة هو مواصلة الجهود؛ حتى تتمكَّن المزيد من الجامعات من الحصول على مرتبة مفضلة في هذا التصنيف المعترف به عالميًّا. وهذا يتطلب استثمارات استراتيجية، وتطوير مراكز التميز، وكذلك تدريب أجيال جديدة من الباحثين والأكاديميين رفيعي المستوى.
المقارنة مع المناطق الناشئة الأخرى:
إن صعود إفريقيا في تصنيف شنغهاي، على الرغم من أهميته، لا يزال متأخرًا عن التقدم الذي أحرزته المناطق الناشئة الأخرى على مدى العقد الماضي. ففي آسيا، ارتفعت مرتبة الصين من 44 إلى 225 جامعة بين عامي 2014 و2024م، في حين شهدت كوريا الجنوبية زيادة في عدد ممثليها من 10 إلى 29 جامعة خلال نفس الفترة.
ويمكن تفسير هذا التناقض بشكل خاص من خلال السياسات الاستباقية لتطوير التعليم العالي، والميزانيات الكبيرة المخصَّصة للبحث الجامعي والابتكار، فضلاً عن إستراتيجية زيادة تدويل الجامعات الآسيوية لجذب أفضل المواهب الأكاديمية.
تواجه الجامعات في إفريقيا ومناطق أخرى مثل أمريكا اللاتينية تحديات مشتركة من حيث التمويل والموارد البشرية المؤهلة والاعتراف الدولي. ومع ذلك، فإن استدامة التقدم المُحرَز ستعتمد أيضًا على عناصر خاصة بكل سياق وطني؛ مثل: الاستقرار السياسي، والإطار التنظيمي الملائم، والانفتاح على التعاون الدولي، وما إلى ذلك.
تصنيف ضروري ولكنه نسبي:
كما هو موضح أعلاه، يعتمد تصنيف شنغهاي على ستة مؤشرات أكاديمية وبحثية رئيسية؛ هي: عدد جوائز نوبل التي تم الحصول عليها، وعدد الباحثين الأكثر اقتباسًا من أبحاثهم الأكاديمية، وعدد المقالات المنشورة المفهرسة أو المستشهَد بها، بالإضافة إلى الأداء الأكاديمي لكل طالب.
وإذا كانت هذه المنهجية الكمية تقدّم رؤية مثيرة للاهتمام، فإن لها حدودًا معينة وفقًا لمنتقديها. في الواقع، فهو يميل إلى “المبالغة في تقدير العلوم الصعبة على حساب العلوم الاجتماعية والإنسانية”، ولا يغطي بعض المجالات الأكاديمية مثل الفلسفة واللسانيات.
لكن يظل هذا التصنيف، بخصوص الجامعات الإفريقية، أداة قيِّمة، ولكن يجب تحسينه وتكميله بتصنيفات أخرى تركز على معايير مختلفة (تايمز للتعليم العالي، تصنيفات جامعة كيو إس العالمية، تصنيف CWTS Leiden، تصنيف U-Multirank، وغيرها …). والشيء الرئيسي هو مواصلة الديناميكية الإيجابية التي بدأت من أجل زيادة ظهور وجاذبية الجامعات الإفريقية على الساحة الأكاديمية العالمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: