عيدي أمين دادا، أحد الرؤساء الأوغنديين السابقين الذي توفي في 78 من عمره. فهو أحد الحكام العسكريين الذي اتخذ الاستبداد منهجا له أثناء ممارسته للسلطة في مرحلة ما بعد “الاستقلال” الأفريقي.
يعتبر عيدي أمين دكتاتورا عسكريا, مشهورا بلقبه الشائع “جزار أوغندا” وذلك لوحشيته في فترة حكمه لأوغندا في السبعينات.
في فترة حكومة الدكتور “ميلتون أوبوتي” المدنية, كان أمين رئيسا لأركان الجيش الأوغندي، واستولى على السلطة في انقلاب عسكري في عام 1971، فقدم نفسه رئيسا للبلاد مع رتبة المشير وحكم أوغندا لمدة 8 سنوات. إلا أنه ترك البلاد منغمسا في الدماء وسوء الإدارة الاقتصادية, إضافة إلى أنه في فترته قام بحلّ البرلمان ولم تعقد انتخابات.
كانت الشرطة السرية التي أسسها – ومعظم أفرادها يرتدون ملابس مدنية – هي عبارة عن قتلة يمارسون السلطة المطلقة للحياة والموت, وخاصة وأن المحاكم والصحف تم تسخيرها لأهواء حكومته المرعبة.
مولده
ولد عيدي أمين دادا في عام 1925 في منطقة “كوبوكو” بشمال أوغندا, ووالده “أمين دادا” من عرقية “كاكوا”. وقد انتقل أمين وأمه بعد ولادته إلى “لوغازي” في أوغندا بالقرب من بحيرة فيكتوريا.
وكان مما سجّل عنه أنه لم يتلق تعليما مدرسيا, وعندما كان 21 من عمره, التحق ببنادق ملك أفريقيا (KAR) في عام 1946 كمساعد طباخ. وتمت ترقيته في الجيش البريطاني بسبب خشونته واستعداده لاستخدام القوة الغاشمة. ويعدّ أمين أحد الاثنين من الضباط غير البريطانيين في الببنادق، والذي أصبح فيما بعد الجيش الأوغندي. إضافة إلى كونه رياضيّا حملا لقب بطولة الملاكمة للوزن الثقيل في أوغندا ما بين عامي 1951-1960.
قيادته للجيش
في ظل الحكومة الأوغندية الجديدة، برئاسة “ميلتون أوبوتي” الذي كان رئيس الوزراء سابقا ثم رئيسا، ارتقى رتبة أمين في عام 1965 من قائد عقيد إلى قائد الجيش.
وفي 25 يناير عام 1971، انقلبت القوات المسلحة الأوغندية على حكومة الرئيس “أوبوتي” وهو خارج البلاد. وبمساعدة من القادة العسكريين الموالين لأمين, تولى القيادة العليا, فأعلن نفسه قائدا أعلى للقوات المسلحة, وأتبع ذلك بسلسلة من التصفيات السياسية.
توليه للحكم
وفي بداية توليه للحكم, تلقى عيدي أمين قبولا داخل بلاده. ويعد من أحسن ما قام به إعادة جثة “الملك فريدي” الذي توفي في المنفى عام 1969 إلى أوغندا لإعطائها تكريما وطنيا. وأطلق أيضا سراح السجناء السياسيين. لكنه مع ذلك، يتصيد ويلاحق أنصار “أوبوتي”.
ثم شرع أمين في حملات الترهيب ضدّ أكثر من 40 مجموعة عرقية أوغندية. وقد شهدت فترات حكمه العديد من المحاولات الانقلابية الفاشلة ومؤامرات الاغتيال, وكان من أبرزها محاولة “أوبوتي” في 17 سبتمبر عام 1972 بمهاجمة أوغندا من منفاه في تنزانيا مع ألف جندي. إلا أن أمين نجح في سحق هذه المحاولة.
إن عدد القتلى خلال نظام أمين ليس معروفا بدقة. لكن تقديرا من اللجنة الدولية للحقوقيين في جنيف يرى أن العدد لم يكن أقل من ثمانين ألف شخص ومن الأرجح أن يصل إلى حوالي ثلثمئة شخص. وهناك تقدير آخر جمعته منظمات بالمنفى بمساعدة من منظمة العفو الدولية، وهو أن عدد الذين قتلوا هم حوالي خمسمئة ألف.
وبحسب قول الرئيس التنزاني “جوليوس نيريري” , فإن عيدي أمين سيسجّل في التأريخ على أنه “قاتلا، كاذبا وحشيا “, والذي أضرّ بقضية إفريقيا القومية. إذ حكمه في أوغندا كان مرادفا للهمجية.
لقد أدان الرأي العام العالمي بدموية نظام أمين. ففي 10 عام 1979 وبأمر من الرئيس “نيريري” , خضعت العاصمة “كمبالا” لقوة مشتركة تتألف من مؤيدي “أوبوتي” والقوات التنزانية.
فهرب أمين مع زوجاته وأطفاله وبعض مؤيديه المخلصين إلى طرابلس بليبيا، وذلك قبيل سيطرة قوات المعارضة على العاصمة. واستقرّ أمين وأسرته فيما بعد في الرياض بالسعودية, حيث توفي فيها في 16 أغسطس عام 2003.
مصادر:
– Thomas and Margaret Melady, Idi Amin Dada: Hitler in Africa (Kansas City: Universal Press Syndicate, 1977)
– David Martin, General Amin (London: Faber and Faber, 1974)