هيئة التحرير
لاتحظى قارة بوجود عسكري أجنبي قدر ما هو موجود في القارة الافريقية، والذي يختلف عددا ونوعا من دولة إلى أخرى.
ولاتوجد قارة بها اضطراب أمني وانتشار للإرهاب على مدى زمني وجغرافي واسع قدر ما هو موجود في القارة الأفريقية.
هي إذن مفارقة مدهشة!
كيف يمكن فهم الوجود العسكري الغربي الكثيف في دول القارة الأفريقية مع الإضطراب الأمني في أكثر دول القارة الأفريقية؟
وثناثا هذه المفارقة تبرز تساؤلات مبررة ومشروعة:
-هل فشلت القوات العسكرية الغربية في وقف موجه الإرهاب المتصاعد والمتنامي في دول أفريقيا؟
-ما مبررات وجود هذه القوات مع استمرارية فشلها في التصدي للإرهاب؟
-ما الدور الحقيقي لهذه القوات الأجنبية في دول القارة الأفريقية؟
هذه الأسئلة وغيرها حاضرة بقوة عندما يطرح ملف القوات العسكرية الأجنبية في دول القارة، التي غالبا ما يؤكد رؤسائها على أهمية وجود هذه القوات للتصدي للإرهاب!
لقد اختصرت بعض شعوب القارة المعادلة التي يحاول كثير من الزعماء اخفائها عن عمد، وتحديدا في دولة مالي حيث تتواصل المظاهرات الشعبية ضد بعثة الأمم المتحدة لبسط الاستقرار في مالي (مينوسما) وعملية “برخان” الفرنسية.
هؤلاء المتظاهرون -الذين استطاعوا الوصول إلى مستودعات القوة الأممية – طالبوا بمغادرة القوات الأجنبية، لأنها –برأيهم- أحد الأسباب الرئيسة في انتشار الإرهاب الذي يجد مبررات قوية لانتشاره وتمدده على رافعة الوجود الأجنبي الغربي في البلاد.
والوعي نجده ممتدا حتى في شعاراتهم وقمصانهم التي اراتدوها، حيث كتبوا ورفعار شعار “الفرنسيين موجودون هنا لنهب مواردنا فقط”.
هكذا أفصح الشعب المالي بوعي صادق عن مبررات وجود القوات الأجنبية في كلمتين: نهب الثروات!
وعبروا عن آثار وجود هذه القوات الأجنبية على الأراضي الأفريقية بزيادة الإضراب الأمني، وزيادة رقعة الإرهاب، وليس العكس.
ولايقف الأثر السلبي لوجود القوات الأجنبية في دول القارة الأفريقية عند الحدود الجغرافية لكل دولة، بل يمتد ليشمل الوضع الاقليمي والقاري، حيث يضعف هذا الوجود من قدرة الاتحاد الأفريقي، وسائر المنظمات الإقيليمية القارية على طرح وتنفيذ حلول قارية أصلية، خاصة تلك التي تتطلب الشمولية والوساطة.
ولناخذ مثالًا من مالي، حيث أحبط الوجود العسكري الفرنسي الجهود التي تبذلها المنظمات الإقليمية لتضمين جماعة أنصار الدين في العملية السياسية، وهو الأمر الذي أطال أمد الصراع ونزيف الدم في البلاد.
أضف إلى ذلك أن هذه القوات غالبا ما تتدخل لدعم بعض الديكتاتوريات في القارة، وهو ما يعني قمعا مباشرا للمعارضة السياسية، ومعلوم أنه متى أغلق باب المعارضة السلمية فتحت مقابله عشرات الأبواب من المعارضة العنيفة والمسلحة.