شيرين ماهر
مترجمة وباحثة في الشأن الإفريقي
لم يكن مستغربًا أن تكون أول جولة خارجية للمستشار الألماني “أولاف شولتس” بعد أقل من خمسة أشهر على توليه منصبه خلفاً للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى إفريقيا، حيث كانت جولته (خلال الفترة من 22- 25 مايو عام 2022) مُصمَمة بعناية، وشملت السنغال والنيجر وجنوب إفريقيا. وعلى الرغم من أن الحرب الأوكرانية شكلت الجانب الخفي من زيارة “شولتس” الإفريقية، إلا إنه كان من بين الأهداف الأخرى استكمال ما بدأته “أنجيلا ميركل” من أجل اللحاق بركب التدافع الدولي نحو إفريقيا. إن المتابعين للمشهد السياسي الألماني يمكنهم ملاحظة الحراك الدبلوماسي والزيارات الرسمية المتوالية إلى إفريقيا وتحديداً دول منطقة الساحل، والتي تعكس الأهمية المتزايدة التي أصبحت تمثلها دول المنطقة بالنسبة لألمانيا، حيث أسهمت بعض العوامل والتحولات الكبرى في صعود هذه الدول إلى قمة أولويات أجندة السياسة الألمانية، ولعل أبرزها اندلاع أزمة اللاجئين وهجرة الأفارقة إلى أوروبا، بالإضافة إلى تنامي النشاط الإرهابي وحرب العصابات في هذه الدول، علاوة على أزمة الطاقة التي تعانيها القارة الأوروبية جراء الحرب الروسية في أوكرانيا.. كلها دوافع لها وجاهتها جعلت ألمانيا تتطلع إلى الضلوع بدور أكبر في هذه الدول بما يعزز مكانتها الدولية ويؤمن احتياجاتها الطاقية. وفي محاولة قراءة أبعاد التحولات الجذرية التي يشهدها الوجود الألماني، خلال السنوات الأخيرة، في مناطق عدة من إفريقيا، بصفة عامة، ومنطقة الساحل الإفريقي، بصفة خاصة، نستعرض أبعاد التأثيرات الجديدة التي تحاول ألمانيا خلقها في منطقة ساخنة تعج بالأزمات، وفي الوقت نفسه، تزخر بالمواد الخام التي تشتد الحاجة إليها في ظل تنافس دولي محموم ومتغيرات جيوسياسية يصعب إنكارها.
جولة وزيرة الخارجية الألمانية إلى غرب إفريقيا:
في ضوء توجهات السياسة الألمانية مؤخرًا نحو إفريقيا، تعددت جولات وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” إلى منطقة الساحل الإفريقي. وكانت أخر هذه الجولات زيارتها التي استغرقت يومين إلى غرب إفريقيا خلال الفترة من 15 إلى 16 يوليو الجاري، متوجهة إلى السنغال وكوت ديفوار لإجراء مباحثات بشأن ملف الهجرة، نظرًا لأهمية البلدين لأجل تحقيق استقرار المنطقة، إذ حذرت وزيرة الخارجية الألمانية من التداعيات الأمنية الخطيرة على أوروبا جراء عدم الاستقرار في دول المنطقة. كما تراهن على تعزيز التعاون مع السنغال، وكوت ديفوار للحيلولة دون انتشار الفوضى في دول الساحل ووصولها إلى بقية دول المنطقة، فيما ترى أن السنغال، وهي إحدى دول منطقة الساحل الأكثر استقرارًا، تتحمل مسئولية حثيثة باعتبارها وسيطًا في المنطقة. كما أكدت بيربوك أيضًا على أهمية الديمقراطية لتحقيق النمو والسلام في دول المنطقة. واعتبرته عنصرًا أساسيًا وعاملاً هاماً فيما يتعلق بالتعاون مع ألمانيا. وقالت بيربوك: “إن التغيير السلمي والديمقراطي يفتح آفاقًا جديدة لمزيد من التعاون في جميع المجالات”. لكن يظل شبح الانقلابات العسكرية يَحول دون المضي قُدمًا بالوتيرة المطلوبة على طريق تحقيق هذا التعاون.
استقبل “بيربوك” كل من رئيسي دولتي السنغال وكوت ديفوار “باشيرو ديوماي فاي” و “ألاسان درامان واتارا” وعدد من المسؤولين البارزين في الدولتين. في السنغال، شاركت بيربوك في حفل افتتاح معهد جوته في العاصمة داكار، الذي تم وضع حجر الأساس له قبل عامين بحضور الرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير. وفي كوت ديفوار، قامت بزيارة الأكاديمية الدولية لمكافحة الإرهاب في العاصمة أبيدجان. وشددت بيربوك على أنها خلال زيارتها “تنظر نظرة شاملة للعلاقات – السياسية والاقتصادية والثقافية”. واستشهدت ببناء أول نظام للحافلات الكهربائية السريعة في إفريقيا في داكار كمثال للتعاون الموجه نحو المستقبل بين السنغال وألمانيا. وقد بدأ تشغيله في شهر مايو بتمويل كل من بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الدولي. ويهدف النظام إلى المساعدة في الحد من المشاكل البيئية في المدينة. وأضافت بيربوك: “من خلال الخبرة الألمانية ومبادرة البوابة العالمية الأوروبية، نساعد على ضمان قيام السنغال بتعزيز تحولها الأخضر وضمان تحسين مستوى معيشة السكان المحليين”.
لفتت بيربوك إلى أن “الانقلابيين” في مالي والنيجر وبوركينا فاسو “أعادوا بلدانهم إلى الوراء اقتصاديًا وسياسيًا وكذا فيما يتعلق بالعلاقات مع ألمانيا، مشيرة إلى أنه “لا يمكننا ببساطة المضي قدمًا كما لو أنه لم يحدث شيء”. وفي الوقت نفسه، أوضحت بيربوك “إن منطقة الساحل تقع في الجوار المباشر لألمانيا وأوروبا. لذلك، لا نريد أن نهدم كل الجسور”، وأضافت: “رغم كل الأزمات التي تحبس أنفاسنا، ندرك أن فرص وتحديات أوروبا متشابكة بشكل لا ينفصل مع تلك الخاصة بأفريقيا”(1). وقد جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الألمانية أن ألمانيا تتقاسم “القيم الديمقراطية” مع السنغال وكوت ديفوار، فيما شددت الوزارة على أن الحكومة السنغالية تعمل كوسيط بين المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس” والحُكام العسكريين في غرب إفريقيا الذين وصلوا إلى السلطة في السنوات الأخيرة.
تطلعات ألمانيا في إفريقيا وسط تنافس عالمي:
لم تكن زيارة بيربوك الأخيرة إلى دول غرب إفريقيا محض صدفة، إذ اعتزمت ألمانيا مع انتهاء مشاركتها العسكرية في مالي توسيع برامج المساعدات الاقتصادية والشراكة مع بلدان منطقة الساحل. من ناحية أخرى، قالت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية “سفنيا شولتسه” إن خطة ألمانيا تطمح إلى “تلبية احتياجات شعوب المنطقة بهدف جذب المزيد من الشركاء.” وتأمل ألمانيا بواسطة إطلاقها برنامجًا تنمويًا شاملاً أن تصبح قوة ناعمة في منطقة الساحل التي تعد محورية لأمن أوروبا.
خلال السنوات الأخيرة، هناك مجموعة من العوامل الرئيسية المحفزة التي تحرك الدور الألماني في القارة الأفريقية، وتتمثل فيما يلي(2):
1– الاستفادة من الثقل التصويتي لإفريقيا: تستهدف ألمانيا تكثيف الزيارات الرسمية للمسؤولين في إفريقيا خلال الفترات الأخيرة؛ من أجل كسب التأييد الإفريقي في المحافل الدولية.
2– تعظيم المنفعة من الموارد والسوق الاستهلاكية: تسعي ألمانيا للاستفادة من قاعدة الثروات والموارد الطبيعية الهائلة التي تمتلكها منطقة الساحل الإفريقي لخدمة منظومة الأهداف والمصالح الاقتصادية لها.
3– إيجاد بديل لنقص إمدادات الطاقة: تسعى ألمانيا – شأنها شأن العديد من القوى الغربية – إلى الاستفادة من قاعدة موارد الطاقة التي تمتلكها إفريقيا بشكل كبير، ولا سيما منذ بدء اندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية في أواخر فبراير 2022، التي صاحبها وقف في إمدادات مصادر الطاقة الروسية لأوروبا بفعل العقوبات الغربية المفروضة عليها.
4– تقليص تهديدات الهجرة غير الشرعية: تحرص ألمانيا، بشكل متواتر، على مواجهة المخاطر المصاحبة لهذه الظاهرة؛ نظراً إلى تأثيراتها المباشرة على الأمن الوطني لألمانيا بمفهومه الشامل؛ حيث تعد بمنزلة أكبر دولة مساهمة في “الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا (EUTF)”، الذي يهدف إلى السيطرة على الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؛ إذ تساهم بنحو ربع ميزانيته. ويستهدف الصندوق تقديم ما يقرب من (5) مليارات يورو في تمويل المشروعات الطارئة؛ من أجل معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية في البلدان المستقبِلة للاجئين. وتُعَد الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) على رأس الأطراف الفاعلة في تنفيذ مشروعات هذا الصندوق؛ حيث قدمت تمويلاً بقيمة تتجاوز نحو (800) مليون يورو. ويرتكز هذا التمويل على المشروعات المتعلقة في الأساس بمنطقتي الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا.
ماذا فعلت ألمانيا لتحقيق أهدافها في منطقة الساحل؟
جاءت زيارة وزيرة الخارجية الألمانية الأخيرة إلى غرب إفريقيا في وقت تتخلى فيه دول الساحل غير الساحلية مثل؛ مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بشكل متزايد، عن الشراكات الأوروبية لصالح روسيا في أعقاب الانقلابات العسكرية وإعلان انسحابها من كتلة “إيكواس” الإقليمية. في المقابل، تحاول كل من السنغال وكوت ديفوار بذل جهودًا لتعميق التعاون مع أوروبا، ومن بينهم ألمانيا، انطلاقًا من الاستفادة المزدوجة ورفع إمكانيات البنية التحتية واستغلال فرص استخدام التقنيات الحديثة في البلاد. وهو خيط يجذبه طرفين، فتبدو دول الساحل صاحبة الاستفادة الأكبر، بينما هناك مآرب سياسية واقتصادية لدي ألمانيا تكمن خلف هذه الشراكة.. إذن، ماذا تستفيد ألمانيا من دول الساحل الحليفة؟ وكيف يمكنها تعديل مسار استراتيجيتها مع دول الساحل التي شهدت انقلابات؟ وهل يمكن تسمية ذلك بمحاولة ألمانية لتعديل المسار بهدف الحد من التوغل الروسي والصيني في قلب المنطقة؟
هذا ما نستعرضه معاً من خلال تسليط الضوء على استراتيجية ألمانيا في منطقة الساحل سواء في الدول الحليفة أو المناوئة
إن مصالح ألمانيا في منطقة الساحل جلية ولا تقبل جدال. وهي تتراوح بين الاقتصاد والأمن والشراكة السياسية في منافسة النظام العالمي. والواقع تنشط ألمانيا في مجال التعاون الإنمائي في منطقة الساحل منذ عام 1960 بحسب جوليان بيرجمان، الخبير في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة (IDOS)، حيث جرى تدشين تعاون مع الجهات الفاعلة المحلية والمجتمع المدني هناك. ويرى بيرجمان مجالاً كافيًا لتوسيع نطاق هذا الالتزام، الذي من شأنه أن يخلق فرص عمل في الزراعة والبناء والبنية التحتية ويعزز أنظمة التضامن الاجتماعي. ومن خلال مبادرة “الساحل بلس” تكثف الحكومة الألمانية التعاون مع الدول المجاورة مثل؛ السنغال وكوت ديفوار وغانا وتوجو وبنين، “لأن الجماعات الإرهابية في المنطقة لا تتوقف عند الحدود الوطنية”، بحسب بيرجمان، موضحاً أنه: “بدلاً من التركيز على دولة واحدة فقط في المنطقة، فمن الأفضل استراتيجيًا الاعتماد على شركاء مختلفين ومعرفة إمكانيات التعاون المتاحة في كل دولة على حدا، دون أن نتجاهل أيضًا دور المنظمات الإقليمية”. وبناء على ذلك، يجب أيضًا تكثيف التعاون مع الاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا(3).
وعلى عكس الصورة النمطية للأزمات التي تعيشها دول إفريقيا جنوب الصحراء، هناك أيضًا الكثير من الأشياء الإيجابية، إذ سجلت دول مثل غانا وأوغندا وإثيوبيا وسيراليون وموزمبيق ورواندا نموًا اقتصاديًا مرتفعًا يربو على سبعة بالمئة سنويًا. وفي الوقت نفسه، أحرزت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تقدماً في مجالات أخرى: لقد انخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع من 57 إلى 35 في المائة منذ بداية الألفية، وارتفع متوسط العمر المتوقع من 51 إلى 61 عامًا. والواقع هناك شركاء تجاريون ووجهات استثمارية تمثل محور الاهتمام الألماني في المنطقة، وتشمل التعاون التنموي، وهي: كوت ديفوار، غانا، السنغال، إثيوبيا ورواندا. فيما تركز المانيا على أربع قطاعات تتعلق بالاقتصاد، حيث تتمتع البلدان سالفة الذكر بإمكانات تنموية عالية، بشكل خاص، وبالتالي فرص لتحقيق تعاون مثمر من خلال الشركات متوسطة الحجم في مجالات: توسيع البنية التحتية، الرقمنة، صناعة الطاقة، الهندسة الميكانيكية وهندسة المصانع.
من ناحية أخرى، تعد منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إحدى مناطق العالم الأكثر تأثراً بتغير المناخ، إذ تؤدي ندرة المياه ونقص الأراضي بشكل متزايد إلى صراعات عنيفة وحركات هجرة، كما تعرض الظواهر الجوية المتطرفة سُبل عيش ملايين الأشخاص الذين يعملون في القطاع الزراعي للخطر. إن إنشاء بنية تحتية صديقة للبيئة قدر الإمكان مع أخذ التنوع البيولوجي في إفريقيا بعين الاعتبار هو الهدف الذي جعلته الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) محور تعاونها في استراتيجيتها الإفريقية التي اعتمدتها في يناير 2023. ولتحقيق ذلك، تخطط الوزارة لتوسيع شراكات المناخ والتنمية، والتعاون من أجل التنمية الصديقة للمناخ والعادلة اجتماعيًا للمدن وأنظمة الطاقة وكذلك الاستخدام المسؤول للموارد، وتعزيز سلاسل التوريد المستدامة، ودمج النظم البيئية، والتنمية الاقتصادية، فضلاً عن توسيع آليات الحماية ضد المخاطر المناخية وتعزيز القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ(4).
ولكن منذ نشأة أزمة الطاقة العالمية، جراء الحرب الروسية في أوكرانيا، في بداية عام 2022، قامت العديد من البلدان الصناعية والناشئة بتوسيع استخدام الوقود الأحفوري للإمدادات الوطنية. وكانت الفجوة في إمدادات الطاقة في أوروبا، والتي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا، سبباً في إبرام العديد من اتفاقيات الطاقة الجديدة بين الدول الأوروبية والإفريقية. وأبدت ألمانيا اهتمامًا بشراء الغاز البحري من السنغال. ومن أجل التخفيف من الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، كان لابد من إتاحة التكنولوجيات الخضراء للبلدان الإفريقية الأكثر احتياجًا لها كما في جنوب الصحراء الكبرى. وفي علاقات الشراكة بين ألمانيا وإفريقيا، ينبغي أن تؤخذ احتياجات التنمية والتصنيع في القارة على محمل الجد. وهذا يعني دعم مشاريع البنية التحتية المدرجة في “أجندة 2063: إفريقيا التي نريدها”. وتعتبر أجندة 2063، التي نشرها الاتحاد الإفريقي، بمثابة دليل استراتيجي لتنمية القارة. ويمكن لألمانيا أن تساعد في ضمان تنفيذ مشاريع البنية التحتية بشكل صديق للبيئة وبأقل قدر ممكن من الانبعاثات. وهذا من شأنه أيضا أن يخلق بديلاً لمبادرة الحزام والطريق الصينية ومواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.
على صعيد أخر، يمكن لدول إفريقيا جنوب الصحراء أن تطالب باستثمارات عادلة من شأنها خلق قدرات موازية في إطار شراكات المواد الخام واتفاقيات الاستثمار، لكونها تتمتع بموقف تفاوضي قوي بسبب الطلب المتزايد على المواد الخام الخضراء. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تحول التعاون التنموي الحالي إلى تعاون اقتصادي على قدم المساواة. إلى جانب سَن تشريعات لمواجهة الطلب المتزايد على المعادن والفلزات بطريقة تضمن الشفافية والمشاركة الاجتماعية والسياسية وإعادة استثمار الأرباح في البلدان المعنية.
وفي ورقة أعدتها الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP) في مارس 2024 جرى التوصل إلى أنه يجب على ألمانيا أن تعمل من أجل تعاون أكثر واقعية في منطقة الساحل، إذ تجعل الانقلابات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر التعاون أكثر صعوبة وتجعل التعديلات الاستراتيجية ضرورية. وفي ضوء ذلك، يجب على الحكومة الفيدرالية أن تدعو، بشكل عاجل، إلى اتباع نهج أكثر واقعية دون إضفاء الشرعية على الانقلابات. ويشمل ذلك أدوات ملموسة مثل التحليلات المدعومة بالبيانات للالتزامات السابقة، وإمكانية قياس النجاحات وتحديد الأولويات بشكل واضح. ومنذ أن وقعت الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ظلت ألمانيا بلا شريك رئيسي في المنطقة، بحيث أصبحت المشاركة الحالية والمستقبلية أكثر صعوبة، وأصبح تحقيق أهداف ألمانيا مٌقيد على نحو متزايد(5).
على هذه الخلفية، تشارك الحكومة الفيدرالية في العديد من المشاريع كجزء من نهج شبكي: فمن ناحية، تلتزم الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية بالتعاون التنموي. وبحجم إجمالي يتجاوز ثلاث مليارات يورو، يشكل هذا المشروع جوهر التزام ألمانيا تجاه منطقة الساحل. ونظرًا للوضع الأمني المتقلب، غالبًا ما يتم تنفيذه بالتعاون مع الجهات الفاعلة المحلية ويهدف إلى تحقيق تحسن مستدام في الظروف المعيشية. وتشارك وزارة الخارجية الألمانية أيضًا في 246 مشروعًا، في المقام الأول في مجالات تحقيق الاستقرار والمساعدات الإنسانية. لدى الوزارة إدارة تم إنشاؤها خصيصًا والتي غالبًا ما تنفذ المشاريع بالتعاون مع المنظمات الدولية.
كذلك تبحث الحكومة الفيدرالية حاليًا عن طرق للمشاركة بشكل أكثر فاعلية في منطقة الساحل في المستقبل. وفي حين قامت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، باعتبارها شريكاً إقليمياً، برفع العقوبات المفروضة على مدبري الانقلاب، تظل ألمانيا حذرة في عدم إعطاء الانطباع بالتغاضي عن الاستيلاء غير المشروع على السلطة. وبدون موافقة الحكومات العسكرية الحالية، فإن الدعم الألماني، سواء على أساس القيم أو المصالح، يتقلص. ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة تبتعد، بشكل متزايد، عن الغرب. وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحميل روسيا المسؤولية الرئيسية عن هذا التطور، إلا أنها مستفيد جيوسياسي إلى جانب دول أخرى مثل الصين وإيران وتركيا. فهي تملأ فراغ السلطة الذي خلفته القوى الغربية وتقدم نفسها كشريك بديل. ويتجلى ذلك على مختلف المستويات: تدفق المساعدات الخارجية (العسكرية)، تكثيف العلاقات الاقتصادية، تَغلغُل مجموعة فاجنر شبه العسكرية في المنطقة.
ألمانيا وتَغيُر منحنى الأولويات في دول الانقلاب:
في ضوء التطورات الأمنية في دول الساحل الرئيسة بين عامي 2022 و2023 يمكن الجزم بصعوبة تناول مستقبل الأمن في المنطقة في عام 2024 دون إعادة تحديد الاتجاهات السياسية الجديدة فيها، وتنامي الظواهر الأمنية الأخرى. إن الأنظمة العسكرية التي أنشأتها الانقلابات في مالي (2020)، وبوركينا فاسو (2022)، والنيجر (2023) تضع ألمانيا وشركائها الأوروبيين أمام أهداف ومعضلات متضاربة. ولذلك يحتاج الأوروبيون إلى الكثير من الوقت لرسم المسار المناسب تجاه الأنظمة العسكرية. ويبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت عروض التعاون مبررة سياسياً ومن المرجح أن تحقق تأثيراً واعداً، أو ما إذا كانت سياسة العزلة والمواجهة أكثر ملاءمة. ومع ذلك، فإن الحاجة الحقيقية للتوضيح تكمن قبل كل شيء في مسألة تحديد المشاكل والأهداف التي ينبغي أن تحظى بالأولوية. وهل يتعلق الأمر بدحر الأنظمة الانقلابية، أو كبح النفوذ الروسي المتزايد، أم أن المشاكل الأمنية في المنطقة نفسها تمثل الأولوية (الهجرة غير الشرعية، والإرهاب، وعدم الاستقرار)؟ إن خيارات العمل الألمانية والأوروبية محدودة بالفعل في هذه الدول. وهذا يجعل الافتراضات الأساسية الشفافة والأهداف الواضحة أكثر أهمية(6).
إن مشاكل الهجرة غير الشرعية وعدم الاستقرار والإرهاب التي دفعت ألمانيا وشركاء آخرين إلى الانخراط في منطقة الساحل منذ عام 2013 لا تزال قائمة. وحتى لو كان لابد من النظر إلى المخاطر الفعلية بطريقة متمايزة، فإن هذا يؤيد محاولة الانخراط في المنطقة سياسيًا. إن تعاون روسيا مع دول الساحل يسوق استنتاجات متناقضة للعمل الألماني والأوروبي في المنطقة: فمن ناحية، هناك سياسة أوروبية تهدف إلى عزل الأنظمة العسكرية، مع المخاطرة بتوسع نفوذ روسيا في منطقة الساحل وربما في المنطقة. ومن ناحية أخرى، فإن عروض التعاون ضرورية لفتح قنوات سياسية، وتطويق النفوذ الروسي في المنطقة، وفي أفضل الأحوال، لكسب التأثير على تطورات الأحداث الجارية.
ولكن، هناك ثلاث مُعضلات رئيسية تواجه ألمانيا وأوروبا في الدول الثلاث، تتمثل في:
أولاً: نفوذ روسيا المتزايد، خاصة عندما لا يقتصر على دولة واحدة (مالي)، بل يكتسب بعدًا إقليميًا، بصورة متزايدة، في ظل وضع السيناريوهات الأسوأ التي يمكن تصورها مثل (التسليح) الروسي. الهجرة، والإحباط المتعمد للمصالح الأمنية والاقتصادية الأوروبية، وحملات التضليل.
ثانياً: مشاكل السياسة الأمنية في منطقة الساحل نفسها والتحديات التي كانت مبررًا للمشاركة الألمانية والأوروبية منذ عام 2013، وهي الإرهاب والصراعات العابرة للحدود الوطنية والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية وعدم الاستقرار.
ثالثاً: الأنظمة الانقلابية في المنطقة كوسيلة سياسية تتعارض مع القيم والمبادئ الألمانية والأوروبية التي تتقاسمها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا كشريك سياسي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأساليب التي يستخدمها الانقلابيون لن تحل المشكلات، ولكن ربما تؤدي إلى تفاقمها.
من وجهة نظر ألمانية، فإن مشاكل منطقة الساحل خطيرة، ولكنها قابلة للاحتواء، على الأقل على المدى القصير، حتى لو عجزت أوروبا وألمانيا عن تقديم أي حلول للمنطقة منذ عام 2013. خاصة وإنه لم يعد من الممكن تطبيق سياسة الاحتواء في ظل الظروف الحالية، الأمر الذي يتطلب الحد الأدنى من خيارات الوصول والاستعداد المحلي للتعاون، وهو ما يتعذر الوصول إليه في ظل الحكومات العسكرية المتعنتة حتى الآن.
من منظور ألماني وأوروبي، تشكل قضية الهجرة أهمية بالغة، ومعها دولة العبور المركزية في النيجر، التي لم يكتفِ مجلسها العسكري بإنهاء اتفاقية التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية. وبالتزامن مع التقارب مع روسيا، أصبح من الممكن أيضاً تصور “تسليح” قضية الهجرة. وفي ظل هذه الظروف، فإن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة شديدة إلى النيجر، مما يجعلهما عُرضة للابتزاز. ويبدو احتمال حدوث ذلك أكثر منطقية لأنه لا يمكن توقع أي تغيير في المسار من نظام النيجر فيما يتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية. إن سياسة احتواء المشاكل الإقليمية (الهجرة، الإرهاب، الجريمة المنظمة) يمكن أن تستمر جزئيًا من خلال التعاون مع الدول الساحلية في غرب إفريقيا. ومع ذلك، فإن هذا لا يحل المشكلة الأكثر إلحاحًا على الحدود الشمالية لمنطقة الساحل باتجاه أوروبا. كما إن السياسة العدائية والشجاعة سياسيًا المتمثلة في تقديم المساعدة من جانب ألمانيا والاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تؤدي إلى النتيجة القصوى المتمثلة في إخراج روسيا من منطقة الساحل. فالمساعدات العسكرية التي تقدمها موسكو دون شروط سياسية ستكون لها الأسبقية دائمًا. ومن غير الواقعي أن تقدم ألمانيا وشركاؤها عروضاً سياسية عسكرية وأمنية تتجاوز التعاون الروسي.
التوقعات وخيارات العمل:
ومن وجهة نظر ألمانية وأوروبية، لم تقدم أنظمة الساحل الثلاثة حتى الآن أي نقاط انطلاق للحوار السياسي، ناهيك عن التعاون، سواء على مستوى السياسة الداخلية أو الخارجية. من حيث المحتوى والرمزية، فإن ذلك يتناقض، بشكل صارخ، مع حقيقة أنه تم الإعلان غير الرسمي بصورة متكررة على أساس أنهم يرغبون في التعاون مع ألمانيا. ويجب أن يكون هذا مدعومًا بإشارات وخطوات موثوقة. وحتى الآن، من الواضح أن الأمور تسير في الاتجاه الآخر.
في الواقع، لا يملك الأوروبيون أي نفوذ لتسريع تغيير النظام أو صد النفوذ الروسي. ومع ذلك، ينبغي لألمانيا والاتحاد الأوروبي الامتناع عن القيام بأي شيء من شأنه أن يعزز استقرار النظام. وفي الوقت نفسه، يمكن تصور مجموعة متنوعة من السيناريوهات التي قد تؤدي إلى تغييرات سياسية مفاجئة. وتشمل هذه الصراعات داخل المجلس العسكري والمزيد من الانقلابات، ولكن أيضًا الاستيلاء على السلطة من قبل تحالفات سياسية عسكرية جديدة أو تجدد حركات الاحتجاج الاجتماعية التي يمكن أن تنشأ في مواجهة الأزمات التي لا يمكن السيطرة عليها. كل من هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى تغييرات سياسية وتحولات وتغييرات في اختيار الشركاء الخارجيين. وينبغي تحديد احتمالات وتداعيات هذه السيناريوهات بالنسبة لكل دولة من البلدان الثلاثة.
ويجب أيضًا أن تؤخذ في الاعتبار السيناريوهات متوسطة المدى التي تتجاوز التركيز على الجهات الفاعلة. ومن المتصور أيضًا أن يتم إرجاع واحدة أو أكثر من هذه البلدان بشكل دائم إلى دولة لا تمتد مطالباتها بالسلطة إلا إلى العاصمة وعدد قليل من المناطق. وهذا من شأنه أن يفرض تحديات جديدة على ألمانيا والاتحاد الأوروبي على المدى المتوسط فيما يتعلق بالأهداف والأدوات والشركاء. وفي الأمد القريب، ينبغي لبرلين وبروكسل أن تلتزما بمطالبتهما بعودة الدول الثلاث إلى النظام الدستوري، حتى لو كانت العمليات الانتقالية لا تعني العودة إلى الظروف الديمقراطية. والهدف المؤقت هو التغلب على حالة الطوارئ الحالية في السياسة الداخلية والخارجية. إن رفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لجزء كبير من العقوبات من جانب واحد هو بمثابة بالون اختبار. وسوف يظهر ما إذا كان هناك استعداد للتفاوض والتسوية، على الأقل في نيامي.
وعلى المستوى السياسي والخطابي، ينبغي تجنب كل ما من شأنه أن يدعم نجاح الشعبوية الداخلية للأنظمة العسكرية. وهذا يعني أن المزيد من التدابير القسرية (العقوبات، وما إلى ذلك) من المرجح أن تؤدي إلى نتائج عكسية. ومع ذلك، فمن المناسب الاستمرار في الجدال بطريقة مبدئية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات السياسية وسيادة القانون والقانون الإنساني الدولي. ويتضمن النهج العملي فهم القيود المفروضة على العمل وشعبية الانقلابيين. ومع ذلك، فإن السياسة الواقعية قصيرة المدى في شكل اعتراف سياسي من قِبَل ألمانيا والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي، قد ترقى إلى مستوى الاعتراف بالاستيلاء على السلطة بشكل غير دستوري. وهذا يمكن أن يشجع الانقلابات المستقبلية التي لن تتوقف في منطقة الساحل ويجعل التوقعات الألمانية والأوروبية أكثر غموضًا. وليس هناك ما يشير إلى أن الأنظمة العسكرية تعد بإحراز تقدم في السياسة الداخلية والخارجية والأمنية.
كذلك ينبغي مواصلة التبادلات الدبلوماسية ضمن الحدود المناسبة من أجل إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة. ويمكن لألمانيا أن تستفيد من سمعتها الجيدة نسبياً في منطقة الساحل هنا، لكن لا ينبغي لها أن تبالغ في تقدير نفوذها. بالإضافة إلى ذلك، يوصى بتخفيض التعاون أو المشاريع الجارية – دون التواصل السياسي – أو استمرارها على مستوى منخفض طالما ليس لها تأثير على استقرار النظام (مثل المشاريع الثقافية، وأماكن تدريب الضباط، وما إلى ذلك). أو المساهمة في إضفاء الشرعية على النظام. لقد تم بالفعل تقليص التعاون الإنمائي؛ وعلى أية حال، من المشكوك فيه ما إذا كان بإمكان ذلك تحقيق نتائج شاملة في الوضع الحالي. وفي البلدان التي يكون فيها ذلك ممكناً، فإن التعاون “غير الحكومي” المحدود مع الجهات الفاعلة غير التابعة لدول بعينها لابد أن يعزز المناقشات والخطابات الانتقادية.
من ناحية أخرى، ربما لا يوفر التعاون الأمني والدفاعي أي فرصة لممارسة النفوذ في ظل الظروف السياسية الحالية، ما لم تكن الأنظمة الانقلابية نفسها على استعداد لتقديم تنازلات. يمكن أن تكون مشاريع الترقية ذات العتبة المنخفضة بمثابة علامة على الاستعداد للتعاون من أجل البقاء في حوار مع الحكومات؛ ولن تولد نفوذاً سياسياً. ومن غير المرجح أن يكون هذا هو الحال حتى لو تم منح الجيش الألماني قاعدة نيامي. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تنشأ تبعيات جديدة لألمانيا إذا استمرت قاعدة الجيش الألماني في العمل، بغض النظر عن مسألة الوظيفة التي من المفترض أن تؤديها. وفي ظل رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي، وهي ليست عضوًا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، قد ينشأ مجال جديد لمحاولات الوساطة الإفريقية. وينبغي دعم هذه المحاولات.
خاتمة:
ظلت منطقة الساحل الإفريقي مهمشة لعقود من الزمن، لكنها أصبحت موضع اهتمام القوى الدولية ومسرح الصراع الدولي ذو الطابع العسكري والسياسي والأمني والاقتصادي من أجل الحصول على موطئ قدم. وعلى الرغم من الموقع الجيوسياسي الذي تتميز به منطقة الساحل، والموارد الطبيعية والثروات المعدنية التي تتمتع بها إلى جانب الموارد الزراعية؛ إلا أن المنطقة تشهد توترات سياسية وتحديات أمنية تتعلق بالانفلات الأمني في الحدود، وانتشار حركات التمرد والانفصاليين، وتمدد المنظمات الإرهابية وتجار الأسلحة وتوسع نطاق الجريمة المنظمة. وعلى هذه الخلفية، تواجه ألمانيا تحدياً معقدًا يتمثل في خلق التوازن المناسب في التعامل مع الحكومات العسكرية الانتقالية في منطقة الساحل. ونظراً للوضع الأمني غير المستقر، فمن الأهمية ألا تنتظر الحكومة الفيدرالية بعد الآن وتتصرف بأسرع ما يمكن. فمن ناحية، من الضروري تجنب إضفاء الشرعية على الانقلابات من خلال مدفوعات الدعم للحكومات المركزية. ومن ناحية أخرى، لا بد من تطوير مفهوم يتيح التعاون العملي مع بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وتمثل جولات وزارات التنمية الفيدرالية إلى غرب إفريقيا جهدا أوليًا في الاتجاه الصحيح.
من أجل تطوير استراتيجية طويلة المدى، ينبغي بناء قاعدة بيانات شاملة مشتركة بين الوزارات بحيث يمكن الوصول إليها بشكل عام. ومن شأن هذا الإجراء أن يحسن الشفافية والمساءلة أمام الجمهور ويدعم الممارسات القائمة على الأدلة. وبمساعدة تقييمات البيانات التفصيلية، يمكن تحديد الشراكات الفعالة ويمكن تخفيض أو إنهاء المشاريع الأقل فعالية. كذلك من الضروري تحديد الأولويات بوضوح في منطقة الساحل. ويجب أن تشكل هذه الأمور الأساس للمشاركة متعددة الأطراف، وتوجيه اختيار الشركاء (المحليين)، ودعم تحديد التدابير المناسبة. بالإضافة إلى إمكانية قياس النجاحات والإخفاقات من أجل تقييم فعالية المشاريع المنفذة حتى الآن. كما يجب على الحكومة الاتحادية تحديد مؤشرات أداء واضحة للأولويات المعنية بهدف جعل التقدم قابلاً للقياس وتوفير الأساس لتعديل المسار المحتمل.
………………………………………….
مراجع:
Baerbock setzt auf intensive Zusammenarbeit mit Westafrika für Sicherheit in Europa, rnd, Juli 2024, https://www.rnd.de/politik/annalena-baerbock-setzt-auf-intensive-zusammenarbeit-mit-westafrika-fuer-sicherheit-in-europa-B6PQPQEYB5L4VORSLJHSSPGBSM.html?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR1eQeSHoGC9r4eBkcpXtdpPg3erq6SaKqXmF6H7tKj2AgjTxG0Yc96_bcY_aem_dcddc7sajkYz_2rVB5s3fw
- ما أبعاد الدور الألماني في أفريقيا؟، موقع الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، إبريل 2023، متاح على الرابط التالي: https://apa-inter.com/post.php?id=6039&fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR1wMKrbqNvMvo3Yirc8sOKn5e-6PVjF8x8OEXBg2WNB7bqaTmQxpWeLUcU_aem_-6cWIKnhmPd27HJKPUdNWg
- بسبب الانقلابات.. ألمانيا تكيف استراتيجيتها في منطقة الساحل، نيكولاس فيشر، موقع دويتشه فيله، يناير 2024، متاح على الرابط التالي:
Eine gerechte Transformation?, Anja Berretta, KAS, Oktober 2023, https://www.kas.de/de/web/auslandsinformationen/artikel/detail/-/content/eine-gerechte-transformation
Strategie im Sahel: Deutschland sollte sich für eine pragmatischere Zusammenarbeit einsetzen, Pauline Hoffmann, DGAP, March 2024, https://dgap.org/de/forschung/publikationen/strategie-im-sahel-deutschland-sollte-sich-fuer-eine-pragmatischere?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR0xIXoLxmkSzssLrWWAhEvqJD-79Rm-EvKsGBevv4udKO76OqltesDe3IQ_aem_HASGDL1RpQUU_ORO4tAhtA
Wie weiter in der Sahelpolitik?, Denis M. Tull, SWP, March 2024, https://www.swp-berlin.org/10.18449/2024A19/?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTAAAR0gbQHVNwWwJ7DeFsRevaB9Ndb5zja7GJT3LtTJj9_gu5LuX7zhS3yCeq4_aem_yCaivBsJKHNGQNdh9zyOHA