سيلفانوس كواكو أفيسورجبور[1] ـ إدوارد مارتي[2] ـ القاضي موسى ك. أهيتو[3]
ذي كونفرسيشن[4]
ترجمة: قراءات إفريقية
تقليديًا، طالما كان ينظر للسمنة وزيادة الوزن على أنهما من القضايا الصحية التي تؤثر بشكل أساسي على البلدان ذات الدخل المرتفع والتي تتمتع بالرفاهية ونمط العيش السهل، وكثرة الأدوات والأجهزة المساعدة لتسهيل نمط الحياة، لكن الآن باتت ترتبط بالمناطق الفقيرة ذات الدخل المنخفض في إفريقيا أيضًا. فلم تعد منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، على وجه الخصوص، تكافح الجوع والمجاعة فحسب – بل إنها باتت ترتبط الآن أيضًا بوجود مواطنين يعانون من السمنة وزيادة الوزن، وهذا لا يرجع إلى الرفاهية ولكن يرجع في المقام الأول إلى انتشار الأنظمة الغذائية وأنماط الحياة غير الصحية.
فتشير الدراسات إلى أن السمنة ترتبط بارتفاع الدخول وأنماط الحياة المستقرة وتبني الثقافة الغربية في استهلاك الأطعمة المصنعة الغنية بالدهون والسكر والملح. وهذا له علاقة وثيقة بالتنمية وأنماط الإنتاج، فالمخاطر الصحية المرتبطة بزيادة الوزن مخاطر حقيقية؛ حيث يموت المزيد من الناس بسبب الأمراض المرتبطة بالوزن والسمنة أكثر من سوء التغذية. أما في إفريقيا، فعادة ما يُعزى ارتفاع معدل الوفيات المتعلقة بالأمراض غير المعدية والمرتبطة بزيادة الوزن مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسكتات الدماغية وبعض أنواع السرطان، والتي باتت سريعة الانتشار أيضًا.
فالانتشار المتزايد للإفراط في التغذية، عندما يتجاوز تناول المغذيات مستوى النشاط البدني والتمثيل الغذائي، فإن ذلك يخلق عبئًا مزدوجًا: سوء التغذية مع استمرار إفريقيا في التعرض لمشكلات نقص التغذية.
المرأة الإفريقية والسمنة:
وفي إفريقيا، تشير الدراسات إلى أنه من المرجح أن تكون النساء أكثر عرضة لزيادة الوزن والسمنة من الرجال؛ ففي منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على سبيل المثال، من المرجح أن تكون النساء أكثر عرضة للسمنة بما يصل إلى 10 مرات من الرجال. أما في العديد من البلدان الإفريقية، كما يمكن للتنمية الاقتصادية أن تؤدي إلى زيادة الوزن لدى النساء أكثر من الرجال، ويرجع هذا إلى أن النساء غالبًا ما يتولين دور الأمهات اللواتي يبقين في المنزل بسبب رعاية الأطفال، وأداء المسؤوليات المنزلية، بينما يعمل الرجال عادةً خارج المنزل، ومن ثم تميل الأمهات اللواتي يبقين في المنزل إلى اتباع أنماط حياة أكثر رتابة وأقل حركة، مما يزيد من خطر زيادة الوزن.
رسم بياني يوضح معدلات زيادة الوزن والسمنة لدى النساء في الدول الأفريقية[5].
كما من المشاهد بصورة مضطردة أن تكتسب النساء الأفريقيات وزنًا زائدًا بعد الزواج، فهذا يرمز تقليديًا لثروة أزواجهن وسعادتهم الزوجية، وهذا يرضي الفكرة السائدة بأن ثروة المرأة في المجتمع الأفريقي تنعكس في وزن جسمها، كما تؤكد الدراسة التي ألفها كاتبو هذه المقالة في مجلة Review of Development Economics والتي درست على وجه التحديد كيف تؤثر التنمية الاقتصادية المحلية على وجه التحديد على زيادة الوزن بين النساء الإفريقيات.
قياس التنمية الاقتصادية المحلية:
التنمية الاقتصادية هي عامل أساسي يساهم في ارتفاع معدلات السمنة في البلدان النامية، فلقد أصبح من المعتاد قياس التنمية الاقتصادية على المستوى الوطني باعتبارها محركًا لزيادة الوزن. ومع ذلك، فإن هذا النهج له حدود لأن السمنة عادة ما تُقاس على المستوى الفردي، فقياس التنمية الاقتصادية على المستوى الوطني لا يأخذ في الاعتبار التوزيع غير المتساوي للأنشطة الاقتصادية وعدم المساواة في الدخل، الأمر الذي قد يؤدي إلى توزيع مكاني غير متساوٍ للسمنة، وفي غياب البيانات المحلية الدقيقة، يصبح التحديد الدقيق للأسباب والنتائج صعباً.
ونظراً لأن الإحصاءات الاقتصادية المحلية غالباً ما تكون غير موثوقة في إفريقيا جنوب الصحراء، فإن الباحثين عادة ما يستخدمون شدة الضوء الليلي كمقياس للنشاط الاقتصادي على المستوى المحلي، حيث يتم جمع هذه البيانات من مجموعة أجهزة قياس الإشعاع بالأشعة تحت الحمراء المرئية، والتي تسجل بيانات الضوء اليومي بمستوى دقيق من التفاصيل. وقد استخدم بحثنا بيانات شدة الضوء الليلي كمقياس للتنمية الاقتصادية المحلية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
التنمية الاقتصادية المحلية وزيادة الوزن:
يزعم بحثنا أن الزيادة في التنمية الاقتصادية المحلية تسبب زيادة في مؤشر كتلة الجسم وانتشار أكبر للسمنة أو زيادة الوزن، حيث غالباً ما يصاحب التنمية الاقتصادية تغير تكنولوجي يقلل من أنواع العمل التي تتطلب عمالة كثيفة أو تركز على الزراعة ويستبدلها بأنواع عمل أقل نشاطاً وموجهة نحو الخدمات، فإن استهلاك الأطعمة المصنعة الغنية بالدهون والسكر والملح، مثل الوجبات السريعة، هو أحد الأسباب وراء ارتفاع معدلات السمنة في أفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، يقدم التطور الاقتصادي تقنيات تعزز الأنشطة الترفيهية المستقرة، مثل مشاهدة التلفزيون أو تصفح الإنترنت أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كما تشجع هذه التغييرات أنماط الحياة الخاملة وغير الصحية وتقلل من الحاجة إلى النشاط البدني. كما يقلل الاستخدام المتزايد للسيارات كوسيلة نقل من الحاجة إلى بذل مجهود بدني.
ومع ذلك، يمكن أن تساهم المستويات الأعلى من التنمية الاقتصادية أيضًا في تقليل زيادة الوزن بطرق مختلفة:
- التعليم: ترتبط المستويات الأعلى من التعليم بتنمية أكبر، فغالبًا ما يتمتع الأشخاص المتعلمون بقدرة أكبر على الوصول إلى الإنترنت ويمكن لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي أن تجعل المعرفة والأفكار التي تقلل من السمنة أكثر إتاحة وانتشارًا.
- الابتكار الصحي: يصاحب التقدم في الابتكار الصحي التطور الأعلى في التنمية لأن التقنيات الصحية، مثل معدات مراقبة ضغط الدم في المنزل، باتت أسعارها في متناول اليد وأكثر انتشارًا.
- الدخل: إن ارتفاع الدخول يمكّن الناس من الوصول إلى التكنولوجيات والصالات الرياضية والأطعمة الصحية التي تساعد في إنقاص الوزن.
ما الذي يمكن عمله؟
لقد أدى ارتفاع معدل السمنة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى اقتراح أو تطبيق ضريبة على السكّر في دول مثل جنوب إفريقيا وغانا، كما تدرس دول أخرى، مثل كينيا وتنزانيا ورواندا وناميبيا وبوتسوانا وزامبيا، الأمر نفسه. ولكن هذا لا يكفي في حد ذاته – وخاصة إذا لم يتم استثمار العائدات المتراكمة من ضرائب السكر هذه في الرعاية الصحية والبنية الأساسية المادية اللازمة لتعزيز أنماط الحياة النشطة. فزيادة النشاط الاقتصادي يمكن أن تؤثر سلبًا على الصحة العامة، واكتساب الأمراض المتعلقة بأنماط العمل مثل آلام الظهر المرتبطة بالجلوس لفترات طويلة على المقاعد، مما يجعل من الضروري للحكومات الأفريقية تخصيص جزء كبير من المكاسب الاقتصادية من التنمية لبناء البنية الأساسية الصحية، مثل المستشفيات والعيادات.
وبعد بناء البنية الأساسية المادية، يجب أن يكون التركيز أيضًا على إنشاء مراكز ترفيهية وممرات للدراجات والأرصفة للتشجيع على كسر أنماط الحياة الخاملة، كما يجب تخصيص إيرادات تلك الضرائب من أجل تعزيز البنية الأساسية الصحية وليس فقط كأداة لتعزيز الإيرادات المحلية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى خلق الثروة باعتباره أمراً ضاراً لمجرد أنه قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات زيادة الوزن أو السمنة؛ بل لابد وأن ينصب التركيز على تثقيف السكان ورفع مستوى الوعي لديهم بشأن المخاطر الصحية المرتبطة بزيادة الوزن. ولابد وأن يتم تكثيف الحملات الصحية للوصول بفعالية إلى شريحة كبيرة من السكان، وخاصة النساء في البلدان النامية، حيث تنتشر السمنة بشكل أكبر.
……………………………………………
[1] أستاذ مشارك في تجارة الأغذية الزراعية والسياسة، جامعة جيلف
[2] باحث علمي أول، الاقتصاد الزراعي والتطبيقي، جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين
[3] أستاذ مشارك في الإحصاء الحيوي، جامعة غانا
[4] نشرت في ذي كونفرسيشن، على الرابط التالي: https://theconversation.com/economic-development-in-sub-saharan-africa-is-linked-to-increasing-obesity-rates-in-women-230745
[5] متوسط انتشار معدلات زيادة الوزن والسمنة بين النساء في دول أفريقية مختارة، كما هو مسجل في المسوحات الديموغرافية والصحية بمرور الوقت. (Afesorgbor et al.، 2024)