اعتبر “المنتدى الاقتصادي العالمي” اتفاق الشراكة بين وكالة التجارة والتنمية الأميركية وكينيا لتعزيز تصنيع أشباه الموصلات “خطوة طال انتظارها نحو إشراك القارة الإفريقية في سلاسل التوريد العالمية لأشباه الموصلات”.
ونبه المنتدى المعني بالتعاون بين القطاعين العام والخاص في تقرير له إلى أن شرق وغرب إفريقيا “يقدمان فرصا كبيرة للولايات المتحدة والغرب بصفة عامة لتأمين سلاسل التوريد الحرجة، وتعزيز ما يمكن أن يصبح ساحة جديدة في مجال أشباه الموصلات العالمي، من شأنها تعزيز الشراكات مع القارة في مشهد جيوسياسي معقد”.
واعتبر تقرير المنتدى أن اقتصادات كينيا ونيجيريا ورواندا وغانا “تمثل أرضا خصبة للاستثمار والابتكار والنمو في تصنيع أشباه الموصلات، ويمكن لهذه الدول أن تصبح مراكز حيوية في شبكة عالمية تتطلب المرونة والتكيف مع تدفق مليارات الدولارات إلى الأسواق الوطنية لأشباه الموصلات، كما هو الحال في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين والاتحاد الأوروبي”.
وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة “تطور قدرتها على تصنيع أشباه الموصلات محليا من خلال استثمارات مباشرة في المشاريع عبر سلسلة التوريد بقيمة 327 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة”.
واستنادا إلى هذه الأرقام، اعتبر التقرير أن من شأن هذا التعاون “المساعدة في تحقيق أقصى استفادة من الموارد ورأس المال، وحماية سلاسل التوريد من عدم الاستقرار، وتعزيز تبادل المعرفة والمعلومات لتعزيز الابتكار وتطوير تقنيات أشباه الموصلات”.
وحسب توقعات التقرير، فإن نموا هائلا ينتظر صناعة أشباه الموصلات يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2034، واستشهد التقرير بالاستثمارات في هذا المجال في الهند وكوستاريكا والمكسيك لتعزيز القدرة التصنيعية، وتطوير القوى العاملة، وتحفيز الابتكار والاستثمارات بصورة مستمرة.
وبناء على تلك الحالات، رجح التقرير إمكانية استفادة إفريقيا لتحقيق مثل هذه المكاسب، لكنه أشار إلى أن القارة السمراء “قد لا تتمكن من تصنيع أشباه الموصلات على المدى القصير، لكن يمكنها المشاركة في أنشطة سلسلة التوريد مثل الاختبار، وضمان الجودة والبرمجة”.
وذكر التقرير أن إفريقيا تحتوي على ثلث المعادن الحيوية اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات للحواسيب الكمية التي لا يمكن صناعتها من دون هذه المعادن، مثل السكانديوم والإيتريوم واللانثانوم والسيريوم، الضرورية في إنتاج الرقائق.
وأوضح أن هذه المعادن الحيوية مهمة في الإلكترونيات الاستهلاكية والحواسيب والاتصالات والطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية وأنظمة الدفاع، مشيرا إلى “وجود فرصة إنشاء نظام بيئي مستدام في إفريقيا يقلل الاعتماد على مصادر أخرى لوفرة هذه الموارد في إفريقيا تضعها في موقع إستراتيجي”.
ميزة أخرى يشير إليها التقرير وهي “توفر المواد الخام محليا، وهذا من شأنه أن يقلل مخاطر سلسلة التوريد وتكاليفها للمصنعين، بما في ذلك الوقود، بشكل كبير، كذلك رسوم الاستيراد والتصدير، وخطر الأحداث الجيوسياسية غير المتوقعة أو الكوارث الطبيعية ومشاكل الموردين”.
ويقول التقرير إنه مع استمرار ارتفاع تكاليف سلسلة القيمة لأشباه الموصلات في الأسواق القائمة، تقدم إفريقيا بأسعارها التنافسية وإبداعها وابتكارها غير المستغل حلا واعدًا. قد تصبح القارة، المعروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة والحياة البرية، قريبًا السافانا السليكونية لتصميم واختبار أشباه الموصلات، مما يقلل الاعتماد على الصين للحصول على المواد الحيوية.
ويرجح معدو التقرير أن تشهد الدول الإفريقية نموا “يشجع على إعطاء الأولوية للبحث والتطوير داخل حدودها، مما يمكنها من الاحتفاظ بالمواهب المحلية وتوفير الوظائف في سوق صعب لخريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات”.
ويتطرق التقرير إلى العنصر البشري قائلا إن لدى إفريقيا ما هو أبعد من استخراج الموارد، فالشباب الذين يتمتعون بالمهارات التكنولوجية يوفرون أرضا خصبة للابتكار والتصميم. يمكن أن يؤدي التعاون المحتمل بين مراكز البحث في نيروبي بكينيا أو لاغوس بنيجيريا، والشركات الغربية الراسخة إلى مزيد من التقدم في تكنولوجيا الرقائق.
ويشير إلى أن الاستثمارات في التعليم والبنية التحتية والتكنولوجيا تؤدي إلى تحويل إفريقيا إلى مركز للابتكار والتميز في التصنيع وتلهم جيلًا جديدًا من المهندسين والتكنولوجيين.
ويختتم التقرير بالقول إنه مع زيادة الطلب العالمي على أشباه الموصلات، يجب على الدول الغربية أن تنظر إلى إفريقيا بوصفها شريكا مهما في إنشاء نظام بيئي وسلسلة توريد قوية ومتنوعة ومرنة لأشباه الموصلات، سيساعد التعاون واستخدام نقاط القوة الفريدة لكل منطقة على التقدم التكنولوجي. “لقد حان الوقت لأفريقيا للتألق في مجال أشباه الموصلات مع انتباه المجتمع العالمي”.