اتخذت الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر خطوة أخرى نحو القطيعة مع تكتل دول غرب إفريقيا (إيكواس)، واعلنت خلال قمة في نيامي توحدها ضمن كونفدرالية تضم الدول الثلاث.
واجتمع في هذه القمة لأول مرة قادة “تحالف دول الساحل”، المنظمة التي أنشئت في سبتمبر 2023 وتضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر، الدول الثلاث التي تحكمها أنظمة عسكرية منذ أن وصلت إلى السلطة في انقلابات بين 2020 و2023 وتواجه أعمال عنف ينفذها مسلحون من جماعات متطرفة.
وقالت الدول الثلاث في بيان ختامي أن التحالف أصبح كونفدرالية تضم حوالى 72 مليون نسمة من أجل “عبور مرحلة إضافية نحو اندماج أكثر عمقا بين الدول الأعضاء”.
وتوجه القادة الثلاثة الذين كانوا يرتدون زيهم العسكري، حوالى الساعة 13,00 (12,00 ت غ) إلى مركز المؤتمرات في نيامي حيث عُقدت القمة تحت حراسة مشددة.
وفي مستهل القمة، أكد رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر عبد الرحمن تياني أمام نظيريه في بوركينا الكابتن إبراهيم تراوري وفي مالي العقيد أسيمي غويتا أن شعوب دولهم الثلاث “أدارت ظهرها نهائيا للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
ودعا تياني إلى جعل التحالف “بديلا من أي تجمع اقليمي مصطنع عبر بناء مجتمع سيادي للشعوب، مجتمع بعيد من هيمنة القوى الأجنبية”. كذلك، اعتبر تياني أن “تحالف دول الساحل هو التجمع الإقليمي الوحيد الفاعل على صعيد مكافحة الإرهاب، بعدما اخفقت الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا” في هذه العملية.
ومضى النقيب تراوري في حديثه في القمة قائلاً إن “هذه القارة عانت وما زالت تعاني من نيران الإمبرياليين. ولا يفكر هؤلاء الإمبرياليون إلا في عبارة مبتذلة واحدة: “أفريقيا هي إمبراطورية العبيد”،مضيفاً “سنشن حربًا بلا هوادة ضد كل من يجرؤ على مهاجمة دولنا”. و أكد غويتا، من جانبه، أن جيوش الدول الثلاث “تعمل في تكامل تام ضد الهجمات الإرهابية”.
وعلاوة على التعاون العسكري، سيتيح هذا الاتحاد الذي تتولى مالي رئاسته لمدة عام، إمكان تبادل الموارد في قطاعات تعد استراتيجية مثل الزراعة والمياه والطاقة وحتى النقل، بالإضافة إلى إنشاء بنك استثماري خاص بالكونفدرالية. ولم يأت البيان الختامي على ذكر مسألة العملة الموحدة واحتمال الاستغناء عن الفرنك الإفريقي. ومن المقرر أن يعقد رؤساء دول إكواس قمة الأحد في أبوجا يبحثون خلالها مسألة العلاقات مع تحالف دول الساحل.
وفي يناير، خرجت الدول الثلاث من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) التي فرضت عقوبات اقتصادية على النيجر لعدة أشهر، متهمة المنظمة بأنها أداة تحركها باريس وبأنها لا توفر لها دعما كافيا في مكافحة الجماعات المسلحة.
وتدهورت العلاقات بين التكتل والدول الثلاث المذكورة في شكل كبير إثر انقلاب 26 يوليو 2023 الذي أوصل تياني الى السلطة في النيجر.
وعلى الأثر، فرضت الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا عقوبات اقتصادية على النيجر، متوعدة بالتدخل عسكريا لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم.
وتم رفع العقوبات في فبراير، لكن الفتور لا يزال يسود العلاقات بين الطرفين رغم الدعوات التي أطلقها بعض الرؤساء، السنغالي والموريتاني بشكل خاص، لاستئناف الحوار.
ومطلع مارس، أعلنت مالي وبوركينا فاسو والنيجر إنشاء قوة مشتركة لمكافحة الجماعات المسلحة، من دون تحديد معالمها وعديدها. وجعل رؤساء دول الساحل الثلاث من السيادة المحور الرئيسي لحكمهم.
وابتعدوا من فرنسا، القوة المستعمرة السابقة، وطردوا تدريجيا القوات الفرنسية التي كانت تنشط في مكافحة المسلحين على أراضيهم. واتجهت الدول الثلاث إلى بلدان أخرى مثل روسيا وتركيا وإيران، واصفة هذه الدول بأنها “شريكة صادقة”.
كما طلبت النيجر من الولايات المتحدة سحب قواتها وامرت مالي بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعدّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) بمغادرة البلاد.
وتواجه الدول الثلاث منذ سنوات أعمال عنف دامية، وخصوصا في منطقة “المثلث الحدودي”، حيث تشن مجموعات مرتبطة بالقاعدة وبتنظيم الدولة هجمات تسفر عن مقتل مدنيين وجنود وتتسبب بنزوح ملايين الأشخاص.