في زيارة لها في أفريقيا لمدة 3 أيام, والتي وصفها الإعلام الألماني بالتاريخية, صارت المستشارة الألمانية أجيلا ميركل أول رئيس حكومة ألمانى يزور مالي, النيجر وإثيوبيا. وكانت زيارتها – وفقا لمراقبين، تهدف للتعاون والانخراط في سياسة خارجية تعزز التنمية في البلدان الإفريقية، خاصة في مجال الهجرة ومكافحة “الإرهاب”.
في الفترة التي سبقت هذه الزيارة، أكدت الزعيمة الألمانية أن استقرار الاتحاد الأوروبي يتوقف على مدى واقعية وسرعة التنمية في أفريقيا.
وذكرت ميركل أن القارة تحتاج إلى مزيد من المساعدات التنموية، وضرورة إيجاد سياسة جديدة للتنمية الأساسية، كما أن الاستثمار في أفريقيا بحاجة للتعزيز والحكم الرشيد.
وكما قالت وهي تلقي خطابا أمام الجمعية الاتحادية الألمانية لتجار الجملة والمصدرين في برلين, “بشكل أكثر تحديدا، سيكون علينا أن نركز على أفريقيا بطريقة جديدة ومختلفة.”
ميركل في مالي:
قبل بدء زيارتها, نشرت السفارة الألمانية في مالي بيانا, يفيد بأنه من المنتظر أن تجري ميركل، في يومي الأحد والإثنين، محادثات مع كبار المسؤولين في البلاد حول “قضايا في غاية الأهمية”، وخصوصا المتعلقة بعملية السلام في مالي وملف الأمن والتنمية الاقتصادية والهجرة.
وفي أولى محطاتها, وصلت إلى باماكو عاصمة مالي بعد ظهر يوم الأحد الموافق 9/10/2016, واستقبلها الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، بمطار باماكو-سينو الدولي.
وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة “إقامة تعاون متماسك” في سياسة التنمية والدعم العسكري في مالي. “بالنسبة لمالي, كان المطلوب خلق الاستقرار وتحقيق السلام، وحماية الحدود، ومكافحة الاتجار بالمخدرات الذي هو مورد هؤلاء المتطرفين وتنفيذ اتفاقات السلام. وهكذا نريد وسنكون قادرين على مساعدة البلاد”, في حدّ تعبيرها.
ومن الأمور الأخرى التي تناولتها المستشارة أيضا في باماكو؛ هجرة العقول. تقول: “من المهم ألا تفقد أفريقيا أفضل عقولها”، مؤكّدة على ضرورة عملية التكامل بين سكان شمال مالي في الجيش الجديد لضمان الاستقرار في البلاد.
من جانبه, قال رئيس مالي إبراهيم بوبكر كيتا، “هؤلاء هم الرجال والنساء الذين تدفعهم الصعوبات بسبب الأزمة وأيضا بسبب تغير المناخ، الذين يعتقدون أن بإمكانهم أن يجدوا حياة أفضل في أماكن أخرى. البعض ينتفع من بؤس هؤلاء الرجال والنساء من خلال منحهم الممرات في ظروف تكون دائما أكثر خطرا..” مشيرا إلى التزام بلاده للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
جدير بالذكر أن ألمانيا تشارك في بعثة الأمم المتحدة في مالي (Minusma) بأكثر من 550 جنديا, وتقود البعثة الأوروبية لتدريب جيش مالي.
زيارة ميركل للنيجر
في يوم الاثنين, وصلت أنجيلا ميركل إلى النيجر, في المحطة الثانية من جولتها. لتعيد تأكيد ما سبق ذكره في مالي, إضافة إلى التعليم.
“اتفقتُ أنا والمستشارة على أنه علينا الحد من الهجرة غير الشرعية، وخاصة الناس الذين يحاولون الهجرة عبر الصحراء ويموتون بالمئات”, وفقا للرئيس النيجري مامادو إيسوفو, في مؤتمر صحفي مشترك بعد محادثات ثنائية في العاصمة نيامي.
تحقيقا لهذه الغاية، يقول “مامادو إيسوفو”, دولة النيجر بحاجة إلى “خطة مارشال” لتعزيز التنمية. مضيفا بأن 1.8 مليار يورو (2 مليار دولار) من صندوق الاتحاد الأوروبي للبلدان التي يعبر من خلالها المهاجرين غير الشرعيين أو بلدانهم الأصلية لا تكفي لبلاده الذي يقاتل “حركات مسلحة” في امتداد حدوده من دول مجاورة ويكافح آثار تغير المناخ.
وأشار “إيسوفو” بأنه يعتقد أن النيجر بحاجة إلى مبلغ (1 مليار يورو) لمحاربة الهجرة غير الشرعية وحدها. “نحن بحاجة إلى دعم هائل لبلدنا”.
لكن المستشارة اعترضت على هذا الاقتراح، قائلة إنه كان من الضروري للغاية أولا التأكد من أن الأموال مستخدمة بشكل جيد. مضيفة أنه بعد ذلك سيُقرّر إذا كان المبلغ غير كافٍ لإحداث فرق، ثم تَنظر ألمانيا في إمكانية إرسال المزيد من المساعدات.
وبخصوص التعليم, دعت “ميركل” الحكومة النيجرية إلى استخدام المساعدات الأوروبية لتمويل المدارس وخطط التدريب. تأكيدا لما ذكرتها في مالي عن أهمية عدم فقدان أفريقيا لأفضل عقولها.
زيارتها لإثيوبيا:
في كلمتها في مقر الاتحاد الإفريقي عقب افتتاح المبنى الجديد لمجلس السلم والأمن الإفريقي، يوم الثلاثاء، وبحضور كل من رئيسة مفوضية الاتحاد، دلاميني زوما، ورئيس الوزراء الأثيوبي هيلي ماريام ديسالين، وسفراء الدول الإفريقية والبعثات الدبلوماسية بأديس أبابا, أعربت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عن قلقها حيال الأوضاع التي يشهدها عدد من دول القارة.
وأوضحت أن ليبيا “مثال حزين” حيث بنى الدولة قد انهارت وبإمكان منظمة الدول القارية (الاتحاد الأفريقي) أن تفعل الكثير. “أنا بصراحة مؤيدة للاتحاد الأفريقي وهو يستخدم نفوذه للتحمل والمساعدة في حل النزاع”، في حد قولها.
وقالت ميركل في حفل الافتتاح إن هذا المبنى يجسد التعاون القائم بين إفريقيا وألمانيا في مجال السلم والأمن، ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في القارة. متعهدة بإعطاء أفريقيا الأولوية في رئاسة ألمانيا لمجموعة الـ20 في عام 2017.
كما أن دلاميني زوما أشادت بالشراكة الألمانية الإفريقية ودور برلين كمساهم رئيسي في تعزيز السلم والأمن في القارة.
وتعتبر الهجرة من بين الموضوعات الرئيسية التي نوقشت يوم الثلاثاء في أديس أبابا في لقاء ميركل مع نظيرها ورئيس الوزراء الإثيوبي هايله ماريام ديسالين.
من جانبه، قال هيلي ماريام أن بإمكان ألمانيا أن تساعد إثيوبيا أيضا في قضية اللاجئين. حيث يعتبر البلاد واحد من أكبر المضيفين للاجئين في العالم، مع قدوم مئات الآلاف من الصومال المجاورة وجنوب السودان وأماكن أخرى.
“إثيوبيا هي واحدة من المضيفين للاجئين في العالم … في المرتبة الأولى في أفريقيا، بـ (000،780 ) لاجئ. أعتقد أن بإمكان ألمانيا أن تدعمنا على هذا”, يقول هيلي ماريام.
وخلال الزيارة التي قامت بها، أثارت ميركل قضية حالة الطوارئ التي أعلنتها حكومة إثيوبيا مؤخرا – والتي تعتبر الأولى من نوعها منذ 25 عاما، داعية إلى حلّ شامل بخصوص الاحتجاجات المتزايدة من جانب قوميات أورومو وأمهرة.
وكان قادة المعارضة قد طالبوا المستشارة الألمانية أن تدعو الحكومة لفتح ملف الحوار السياسي في إثيوبيا وإطلاق سراح السجناء السياسيين.
وأشارت ميركل عن تأييدها للمتظاهرين، قائلة: “مجتمع مدني نابض بالحياة هو جزء لا يتجزأ من دولة نامية”، وأن ألمانيا عرضت مساعدة تدريب الشرطة الإثيوبية على كيفية التعامل مع المظاهرات في أوروميا وأمهرة بطريقة سلمية.
وقالت ميركل “نحن نعمل بالفعل في أوروميا لتهدئة الوضع هناك من خلال تقديم وساطة بين الجماعات”. وأضافت “سأقول دائما بالسماح للناس من رأي سياسي مختلف … للتعامل معهم والسماح لهم للتعبير عن آرائهم، لأنه بعد كل شيء، تظهر التجربة الديمقراطية أن من هذه المناقشات تأتي عادة حلول جيدة”.
ودعت أنجيلا ميكل إلى ضرورة الاستفادة من خبرات ألمانيا في مجالات الصناعة وقيم التسامح في استضافة المهاجرين، مطالبة بضرورة تشجيع الاستثمارات الألمانية لتمكين إفريقيا من التحول الصناعي.