بسمة سعد
باحثة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية
في افتتاحية لافتة لصحيفة وول ستريت جورنال قالت: “في العصر الجديد من المنافسة بين القوى العظمى، إفريقيا هي المكان الوحيد الذي تخسر فيه الولايات المتحدة”، بما يكشف عن تحول في السياسة الأمريكية تجاه منطقة الساحل الإفريقي، في خضم حزمة من التطورات السياسية والعسكرية والأمنية التي تشهدها المنطقة،والتي يأتي من بينها حزمة الانقلابات العسكرية التي عصفت بالعديد من دول المنطقة بشكل متوالي، ومن المحتمل انتشارها في باقي دول القارة، ألقت بظلالها على شبكة التفاعلات الخارجية لدول منطقة الساحل الإفريقي، إما نحو مزيد من التقارب، أو نحو مزيد من التباعد أو عبر نسج شبكة جديدة من التفاعلات مع بعض البلدان. ولكون قارة إفريقيا عموماً، ومنطقة الساحل الإفريقي على وجه الخصوص أحد مناطق النفوذ التقليدي لواشنطن منذ عقود، فإن الانسحاب الأمريكي الكلي والجزئي من النيجر وتشاد على التوالي، يكشف عن تحول ملحوظ في النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل، مما يدفع للتساؤل التالي: هل تفقد واشنطن نفوذها في منطقة الساحل الإفريقي؟.
انطلاقاً مما سبق، تهدف الدراسة إلى تقديم قراءة مفصلة للتحول الذي يشهده النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل، عبر مناقشة الأسباب التي تقف وراء الانسحاب الأمريكي الكلي والجزئي من النيجر وتشاد على التوالي، وما يحمله من دلالات، إلى جانب تناول تداعيات ومخاطر هذا الانسحاب سواء على المصالح الأمريكية أو على منطقة الساحل الإفريقي.
أولاً: أسباب تراجع النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل
تُعد إفريقيا أحد ساحات النفوذ التقليدي للولايات المتحدة الأمريكية على مستوى العالم، تنشر فيها نحو 6000 جندي أمريكي في حوالي 34 منطقة في إفريقيا، لاسيما في المناطق الاستراتيجية الممتدة من شرق إفريقيا حتى غربها، بما في ذلك منطقة الساحل الإفريقي، متمركزين في دول (بوركينا فاسو، السنغال، غانا، النيجر، تشاد، إفريقيا الوسطى، جنوب السودان، الكاميرون، الجابون، الكونغو الديمقراطية، بوتسوانا، سيشل، الصومال، كينيا، أوغندا، جيبوتى)[1]. ومن ثم، تأتي موافقة الولايات المتحدة على سحب قواتها من النيجر، وسحب جزئي لقواتها من تشاد، بمثابة خطوة لافتة مدفوعة بحزمة من الأسباب، وتحمل في طياتها عدة دلالات.
فعلى نحو تفصيلي، وافقت واشنطن على سحب قواتها من النيجر امتثالاً لمرسوم أصدره المجلس العسكري في البلاد في مارس2024 نص على تعليق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، وهو ما اثار قدر من الغموض بشأن مستقبل القاعدة الجوية الأمريكية التي تبلغ تكلفتها 110 مليون دولار، ولا يتجاوز عمرها الـ6 سنوات[2]، تبعها تشكيك المجلس العسكري التشادي في اتفاق يسمح لواشنطن بإجراء عمليات أمنية داخل حدودها، اتخذت على إثره قراراً في أبريل 2024 بوقف الأنشطة في قاعدة “أدجي كوسي” الجوية في نجامينا، التي تستضيف نحو 100 جندي أمريكي كانوا في دورة مدتها 6 أشهر على وشك الانتهاء، إلى جانب نحو 1500 جندي فرنسي لتدريب القوات التشادية، وهو القرار الذي فسره البعض بأنه محاولة من نجامينا لاحكام قبضتها على البلاد قبيل بدء الانتخابات التشادية[3]، وقطع الطريق أمام أية محاولة لتغيير المسار السياسي للبلاد الذي يأتي وفقاً لتوجهات المجلس العسكري التشادي، وتحديداً الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي.
واستدلالاً على ذلك، وصف البنتاغون سحب القوات من تشاد بأنها “خطوة مؤقتة”، قد تضفي نحو استئناف محادثات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين عقب الانتخابات في مايو 2024 [4]، كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنه وفقاً للخطة المعنية بسحب القوات الأمريكية من البلدين بناء على طلبيهما، ستقوم واشنطن بسحب حوالي 75 جنديا من قواتها الخاصة التابعة للجيش من تشاد وأكثر من 1000 جندي منتشرين في النيجر، مُشيرة إلى أن سحب جزء كبير من القوات الأمريكية من تشاد والنيجر سيكون خطوة مؤقتة [5].
وبخلاف النيجر، فإن عدد من أفراد القوات الأمريكية المنخرطة في قوة عمل إقليمية مشتركة لمكافحة الإرهاب في بحيرة تشاد، التي تُعد أحد مناطق تمركز الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، ستظل في تشاد، حيث لم تقم الحكومة الانتقالية التشادية بإلغاء اتفاقية “وضع القوات” التي تحكم علاقتها العسكرية مع الولايات المتحدة، على غرار النيجر، كما أن الحديث عن رحيل جزء من القوات الأمريكية من نجامينا جاء عقب خلاف واضح بين المسؤولين الأمريكيين وجنرال في القوات التشادية الجوية “إدريس أمين أحمد”، أكد على أن واشنطن فشلت في تقديم وثائق تبرر وجودها العسكري في نجامينا، وهو ما دفع تشاد لمطالبة واشنطن بوقف نشاط قواتها على الفور في القاعدة، أعلن في عقبها المتحدث الصحفي باسم البنتاغون في أبريل 2024، أنه بينما تستمر المحادثات مع تشاد، فإن القادة “يخططون لإعادة تمركز بعض القوات العسكرية الأمريكية[6].
وعلى الرغم من الإعلان الأمريكى بشأن انسحاب قواتها من كلا البلدين بشكل كلي وجزئي، فإن واشنطن لاتزال تسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع حكومة البلدين، يضمن لها الحفاظ على وجود عسكري هناك؛ نظراً لكون هذا التواجد يُعد ذا أهمية للسياستين الأمنية والعسكرية الأمريكية في المنطقة، وكذلك أداة رئيسية للحفاظ على الصورة السياسية لواشطن ولنفوذها في الساحل الأفريقي[7]، وفقاً لما ورد على لسان رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا في 2 مايو [8]، وهو ما يتطلب مناقشة أبرز الأسباب التي وقفت وراء سحب واشنطن لقواتها من النيجر وتشاد، على النحو التالي:
1- الانقلابات العسكرية في الساحل وتقارب قادتها مع موسكو
لا يُمكن فك الارتباط بين الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من النيجر، والانسحاب الجزئي من تشاد، وبين تراجع النفوذ الفرنسي من منطقة الساحل، عقب سحب قواتها من بعض دول المنطقة؛ كمالي وبوركينافاسو وإفريقيا الوسطى والنيجر، والتي على إثرها أَجلت عدد من الدول الأوروبية مثل إيطاليا وألمانيا قواتها من عدد من دول المنطقة [9]، وما لذلك من ارتباط بموجة الانقلابات العسكرية التي شهدتها بعض دول المنطقة كمالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو، وكذلك حالة التقارب بين المجالس العسكرية لهذه الدول، والتي توجت بتشكيل تحالف إقليمي أمني بديل (تحالف دول الساحل الجديد) . فمنذ العام 2020، شهدت منطقة الساحل الإفريقي نحو 8 انقلابات عسكرية ناجحة[10]، شملت مالي عقب وقوع انقلابين في عامين 2020، 2021، وانقلابين في بوركينا فاسو خلال عام واحد 2022 في شهري يناير وسبتمبر، وقبل ذلك في تشاد أبريل 2021، ومؤخراً في النيجر في يوليو 2023 [11].
فكان من اللافت عقب سيطرة عدد من ضباط الجيش في النيجر على السلطة في 26 يوليو 2023، تردد الحكومة الأمريكية في وصف الحدث بأنه “انقلاب” خلال الأشهر الأولى التى تلت الانقلاب، وقام المتحدث باسم البنتاغون بوصف الوضع في النيجر بأنه “مائع”، مُشيراً إلى أنه من السابق لأوانه وصف الوضع بأنه انقلاب، بينما وصفت الإدارة الأمريكية الحدث بأنه “محاولة انقلاب”، إلى أن اعلنت واشنطن رسمياً في أكتوبر 2023 عن تصنيفها الحدث بأنه انقلاب عسكري[12]؛ حيث حاولت واشنطن خلال هذه الفترة حتى إعلانها سحب قواتها من البلاد، منح القادة العسكريين في النيجر فرصة للحفاظ على المسار الديمقراطي للبلاد، وإعادة النظر في تداعيات هذه الخطوة على العلاقات الأمريكية النيجرية، لجئت خلالها واشنطن إلى ممارسة الضغط على القادة العسكريين في النيجر على أمل استعادة الحكم المدني للبلاد، عبر اتخاذ حزمة من القرارات؛ كتقييد نحو200 مليون دولار من الدعم الإنساني والاقتصادي للنيجر، وتعليق التعاون العسكري مع القوات النيجرية [13].
لكن مع مرور الوقت ازدادت الفجوة بين القادة العسكريين في النيجر من جانب، وواشنطن بالتوازي مع أوروبا من جانب آخر، إما لتمسك الأول بأجندته السياسية التي لا تتفق مع التوجهات والمبادئ الأمريكية والغربية التي تنادي بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحماية الحقوق والحريات، أو نتيجة لتقارب القادة العسكريين مع موسكو، كشريك أمني وعسكري بديل يقوض النفوذ الأمريكي والأوروبي في المنطقة.
وفي أعقاب زيارة وفد أمريكي للنيجر في مارس 2024، تفاقم التوتر بين القادة العسكريين في النيجر والوفد الأمريكي، حيث من المتوقع أن التقارب بين قادة النيجر وموسكو كان أحد ملفات التباحث خلال زيارة الوفد الأمريكي التي حرص خلاله التعبير عن غضبه ورفضه لهذا التقارب، والذي من المؤكد أنه لم يأتِ على أهواء قادة النيجر، وهو ما يُستدل عليه بتصريح المتحدث باسم المجلس العسكري بأن الوفد الأمريكي حاول أن يملي على بلاده عدم إقامة علاقات مع دول أخرى معينة، بما في ذلك إيران وروسيا[14]، وهو ما دفع قادة نيامي لاتخاذ قرار بإنهاء سريع للاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة[15]، والذي تبعه وصول عدد من المستشارين العسكريين الروس إلى النيجر في أبريل 2024[16]، ما يكشف عن عدم توصل الطرفان إلى نموذج مختلف لما كان عليه التعاون العسكري بين النيجر والولايات المتحدة، يُحقق مصالح الطرفين ويُبدد المخاوف المتبادلة، أدى إلى تغير جذري في مسار العلاقات بين البلدين، كما اثار تساؤل لدى واشنطن بشأن جدوى ومصير الاستثمارات الأمريكية الممتدة لسنوات في النيجر.
أما بالنسبة لتشاد، فيبدو أن نجامينا أحد مناطق التنافس الدولي بين واشنطن وفرنسا وأوروبا من جانب، وموسكو من جانب آخر، مما وضع الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي في حالة من الشد والجذب بشأن جدوى الشراكات العسكرية التشادية مع القوى الغربية، والتي يبدو أنها مدفوعة بشكل كبير من مالي وبوركينافاسو والنيجر في خضم اتجاه الرئيس الانتقالي محمد ديبي إلى تعزيز علاقاته مع زعماء منطقة الساحل الوسطى.
فعلى الرغم من أن تشاد لاتزال أحد مرتكزات القوات الفرنسية في منطقة الساحل، وعدم لجوء محمد ديبي لانتهاج مسار جيرانه بشأن طرد القوات الفرنسية من أراضيه، إلا أن قرار نجامينا بتعليق الأنشطة العسكرية الأمريكية في قاعدة “أدجي كوسي” الجوية التشادية، إلى جانب إجراء الرئيس الانتقالي محمد ديبي زيارة إلى موسكو في 24 يناير 2024 ولقاءه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي أكد خلاله على أن البلدين لديهما فرص عظيمة لتطوير علاقاتهما الثنائية[17]، يكشف عن انحياز ولو محدود من جانب تشاد للتيار المعادي للغرب في حلبة التنافس الدولي الدائرة في منطقة الساحل، بل وإفريقيا بشكل عام، سواء إن كان هذا التيار نابع من قلب منطقة الساحل، أو من خارج القارة، مثلما يكشف عن تحول لافت في توجهات الرئيس الانتقالي محمد ديبي خلال عام واحد، عندما حذر مسؤولو المخابرات الأمريكية من أن المرتزقة الروس يعملون مع المتمردين للإطاحة بحكومة تشاد التي كان يُنظر إليها على أنها أحد البلدان الموالية للغرب .
2- التعالي الأمريكي وشراكة غير مُتكافئة…ازدواجية السياسة الأمريكية تجاه النيجر
وبخلاف رفض القادة العسكريين في النيجر للإملاءات الأمريكية بشأن شركاء نيامي الدوليين، فإنه على الرغم من الحديث الأمريكي بشأن ما قدمته واشنطن من جهود لتعزيز القدرات الأمنية والعسكرية للنيجر، إلا أنه يبدو أن هناك مبالغة أمريكية بشأن حجم وجدوى هذه الشراكة وفق المنظور النيجري؛ حيث كانت القوات العسكرية في النيجر تشعر بالقلق منذ فترة طويلة بشأن شروط ما يسمى باتفاقية وضع القوات (SOFA) بين البلدين، وبناء عليها جددت نيامي طلبها ثلاث مرات بمراجعة شروط الاتفاقية، على اعتبار أن بعض البنود “غير متكافئة واستغلالية”، لاسيما مع رفض القوات الأمريكية مشاركة المعلومات الاستخبارية العسكرية التي حصلت عليها واشنطن عبر رحلات الاستطلاع والمراقبة والرصد التي تُنفذها الطائرات غير المأهولة الأمريكية في المجال الجوي النيجري[18]. بل اقتصرت مهام الدرونز الأمريكية عقب فترة قصيرة من الانقلاب على المراقبة لحماية الأصول الأمريكية[19]، والتي توصلت على إثرها القيادة العسكرية في نيامي إلى نتيجة محددة مفاداها أن الاتفاق “فُرض من جانب واحد”[20]، وهو ما لم تقبل به القيادة العسكرية في النيجر، خاصة في خضم تعدد الشركاء الدوليين الذي هم على استعداد لمد وتعزيز أواصر الشراكة والتعاون الأمني والعسكري والاقتصادي مع نيامي، دون إملاءات وشروط سياسية مثل موسكو وإيران والصين.
ومن الجدير بالذكر، أنه سبق وأن أقر وزير الخارجية الأمريكي بالنظرة الفوقية الأمريكية لدول القارة قائلاً أنه “في كثير من الأحيان، تم التعامل مع بلدان إفريقيا كشركاء صغار – أو ما هو أسوأ من ذلك – وليس كشركاء متساوين”[21]، كما أكد الجنرال تود ر. واسموند، الذي يشرف على عمل القوات الأمريكية في تشاد والنيجر، في مقابلة أجريت معه، إن دول الساحل لا تزال ترغب في الشراكة مع الولايات المتحدة، مُضيفاً “لكنهم يريدون منا أيضًا أن نحترمهم كدول ذات سيادة”[22]، لكن على الرغم من ذلك، لم يتغير المنظور الأمريكي للقارة، ولم تُعدل واشنطن من سياساتها تجاهها، وكان الانسحاب الأمريكي من النيجر ، والانسحاب الجزئي من تشاد أحد تداعياته. بل من المحتمل في المستقبل أن تتفاقم الخسائر الأمريكية في المنطقة، بانضمام دول إفريقية جديدة إلى جانب النيجر؛ حيث تتوجه الأنظار نحو بوركينافاسو والغابون وإفريقيا الوسطى كبلدان مرشحة لإعادة النظر في تقييم الوجود العسكري الأمريكي على أراضيها في المستقبل.
ثانياً: تداعيات تراجع النفوذ الأمريكي في الساحل
إن تراجع النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل الإفريقي، يضع المنطقة إلى جانب المصالح الأمريكية أمام حزمة من المخاطر، أبرزها التالي:
1- ملئ الفراغ.. فتح الباب لدول منطقة الساحل لتعزيز شراكاتها مع التيار المعارض للغرب
في ضوء ما تتمتع به منطقة الساحل الإفريقي من ثروات طبيعية هائلة من الموارد الطبيعية كالنفط واليورانيوم والغاز ، والليثيوم، ناهيك عن تفرد المنطقة بموقع استراتيجي مهم في قلب القارة الإفريقية يربط بين شمال القارة بجنوبها، وشرقها بغربها[23]، تتكالب القوى الإقليمية والدولية من أجل ترسيخ نفوذها في المنطقة أو من أجل البحث عن موطئ قدم لها في المنطقة الذي تتمتع بأهمية جيوستراتيجية بالغة.
يُمثل انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من النيجر بعد عقد من التعاون والدعم العسكري والتنموي أنفقت خلاله واشنطن نحو مليار دولار[24]، خسارة فادحة لواشنطن، لاسيما بعدما ألقت الولايات المتحدة بثقلها في نيامي، التي كانت مرتكز رئيسي لسياسة واشنطن الداعمة لدول منطقة الساحل في مكافحة الإرهاب؛ نظراً لاحتضانها لقاعدتين للطائرات غير المأهولة في وسط وجنوب النيجر[25]. ومن ثم، فإن انسحاب القوات الأمريكية من النيجر، إلى جانب اخفاق المحاولات الأمريكية في التوصل لاتفاق مع قادة النيجر يضمن لواشنطن البقاء في البلاد، سيترك الساحة النيجرية فارغة أمام موسكو وبكين- وأحياناً إيران- باعتبارهما التيار الشرقي المعارض للنفوذ الأمريكي والغربي في إفريقيا، في حلبة التنافس الدولي الدائر بين الكتلتين الشرقية والغربية، والتي تُسجل على إثرها موسكو انضمام دولة ساحلية جديدة إلى سلسلة النفوذ الروسي في منطقة الساحل عقب مالي وبوركينافاسكو وإفريقيا الوسطى.
وبالفعل، لم تترك موسكو فرصة لمد أواصر الحوار والتعاون مع القادة العسكريين في النيجر، حيث أجرى نائب وزير الدفاع الروسي “جونوس بيك يفكوروف” زيارة إلى نيامي في ديسمبر 2023، والتي تُعد أول زيارة قام بها عضو في حكومة موسكو إلى النيجر منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2023، والتي جاءت ضمن جولته الأفريقية التي شملت ليبيا ومالي، أبرم خلالها يفكوروف اتفاقا مع نيامي ينص على تعزيز التعاون العسكري بين البلدين[26].
يُضاف إلى ذلك، أنه عقب زيارة يفكوروف إلى نيامي، أعلن القادة العسكريين في النيجر اعتزام بلادهم وضع حد لاتفاقية الشراكة العسكرية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم “Eumpm، وكذلك وضع حد للمهمة المدنية الأوروبية Eucap Sahel Niger، النشطة منذ عام 2012، والتي يعمل بها نحو 120 موظفًا لدعم قوات الأمن والسلطات النيجرية[27]، وهو ما يكشف عن أن أحد الأهداف السياسية الروسية في أفريقيا، تتمثل في تضييق الخناق على واشنطن والغرب في مناطق نفوذهما، والتي تأتي من ضمنها منطقة الساحل الإفريقي باعتبارها أحد المناطق الاستراتيجية حول العالم.
علاوة على ذلك، عقب إعلان القيادة العسكرية عن قرارها بالإنهاء السريع لتواجد القوات العسكرية الأمريكية في النيجر في مارس 2024، استقبلت نيامي وفداً روسياً يضم عدد من المستشارين العسكريين في أبريل 2024[28]، يكشف عن إعادة نيامي تصحيح مسار البلاد السياسي عبر التوجه شرقاً بتعزيز التقارب مع موسكو . في هذا السياق، كشف تقرير حديث صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، أن موسكو لاتزال تعتمد على سياسة “البنادق مقابل الذهب” في تعزيز نفوذها في مناطق جيوستراتيجية بالغة الأهمية كمنطقة الساحل الإفريقي، مع تسجيل تقارب روسي مع النيجر، مُشيرة إلى أن موسكو ترمي نحو تأمين حصولها على امتيازات مناجم اليورانيوم؛ حيث تنتج نيامي حوالي 7% من إنتاج اليورانيوم في العالم[29]، وذلك بعدما علقت النيجر تصدير اليورانيوم إلى باريس[30] التي كانت تعتمد على نيامي في الوصول إلى الإمدادات اللازمة لمفاعلاتها النووية الـ56 التي تنتج معظم الطاقة في البلاد، بينما ينتظر قادة النيجر من موسكو تقديم نموذج تعاون جديد قادر على معالجة التحديات التي تواجهها نيامي، التي لا تنظر إلى القوات الروسية كوجود أجنبي[31]، وإنما شريك وحليف استراتيجي، وهو ما يُثير قلق واشنطن بطبيعة الحال.
علاوة على ذلك، وجدت طهران في بناء أواصر التعاون مع قادة النيجر فرصة ذهبية لا يُمكن تغافلها؛ حيث أجرى رئيس وزراء النيجر “علي الامين زين” زيارة إلى طهران في 24 يناير 2024، تلبيةً لدعوة النائب الاول للرئيس الايراني، من أجل التباحث بشأن آليات توسيع العلاقات ورفع مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين، توجت بتوقيع مذكرات للتفاهم في القضايا ذات الاهتمام المشترك [32]؛ حيث آتت هذه الزيارة استكمالاً للمباحثات التي أجراها الجنرال ساليفو مودي، الرجل الثاني في المجلس العسكري النيجيري سراً مع مبعوثين إيرانيين خلال رحلته إلى العاصمة المالية باماكو في أغسطس2023، أي عقب نحو شهر من انقلاب النيجر[33].
وعقب ما يقرب من عام من انقلاب النيجر، يبدو أن العلاقات بين قادة النيجر وطهران اتخذت مساراً أكثر تقارباً، حيث افاد تقرير لموقع “أفريكا إنتليجنس” في 2 مايو 2024، أن السلطات الإيرانية تُجرى مفاوضات مع المجلس العسكري في النيجر للحصول على 300 طن من اليورانيوم تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 56 مليون دولار، نظير تقديم طهران مولدات كهربائية تساعد نيامي على سد عجز البلاد في ملف الطاقة، ناهيك عن دعم طهران جهود النيجر للتحول الزراعي، كما سبق وأن استقبلت طهران عدد من القيادات العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو[34]. وبالطبع اثار التقارب النيجري الإيراني قلق واشنطن التي تميل في علاقاتها مع دول القارة إلى إملاء الشروط، وهو ما دفع رئيس وزراء النيجر علي مهامان لامين زين يوم 14 مايو للتصريح بأن واشنطن هي المسؤولة عن انهيار العلاقات بينها وبين نيامي، وأنه لا يحق للإدارة الأمريكية أن تطلب من بلاده قطع علاقاتها مع طهران وموسكو[35].
أما بالنسبة للصين التي لاتزال تخطو أولى خطواتها للتقارب مع النيجر، مقارنة بموسكو وطهران، فلقد أعلن المجلس العسكري النيجري في أبريل 2024 عن أن شركة النفط الحكومية الصينية دفعت مبلغًا مقدمًا بقيمة 400 مليون دولار لشراء النفط الخام من حقل أجاديم في النيجر، والتي من شأنها أن تُعين نيامي على التعامل مع أزمة الديون المحلية المتفاقمة، بما يضمن لبكين تحقيق العديد من العوائد الاقتصادية[36]. وفي مؤشر على مدى القبول الصيني والروسي في أفريقيا، أوضح استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب أن لدى موسكو وبكين قبول كبير في أجزاء كثيرة من منطقة الساحل، كما أوضحت مديرة تحرير الأخبار العالمية في مؤسسة غالوب أن بكين سجلت أعلى نسبة تأييد لها في إفريقيا في العام 2023، وذلك منذ أكثر من عقد من الزمن، وأن دول غرب إفريقيا تُعد من أكثر البلدان دعماً لبكين، متفوقة في ذلك على واشنطن بنقطتين مئويتين، بينما تسببت الحرب الأوكرانية في فقدان موسكو دعمًا كبيرًا في جميع أنحاء القارة، لكن صورة موسكو تعافت إلى حد كبير الآن، خاصة في منطقة الساحل، بعدما سجلت موسكو معدلات تأييد عالية في تشاد ومالي وبوركينا فاسو[37] .
2- تقويض استراتيجيات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل
إن أحد الأهداف الرئيسية من التوجه الأمريكي نحو إفريقيا عموماً، وتعزيز تمركزاتها في منطقة الساحل على وجه الخصوص، هو مكافحة الإرهاب. فكانت النيجر خلال السنوات الأخيرة بمثابة نقطة تمركز رئيسية للقوات العسكرية الأمريكية، في قاعدتين عسكريتين، هما؛ القاعدة الجوية 101 في نيامي عاصمة النيجر، والقاعدة الجوية 201 الواقعة بالقرب من أغاديز على بعد حوالي 920 كيلومترا من العاصمة نيامي[38]، واللتان تستخدمان كمنصة لانطلاق عملياتها وأنشطتها الخاصة بمكافحة الإرهاب، وذلك في إطار عمليات مشتركة مع دول الساحل الإفريقي، وذلك بعدما تأكدت نيامي من عدم صحة فرضيتها الممثلة في أن احتضان نيامي للقواعد العسكرية الأمريكية سيجعلها محل استهداف من الجماعات الإرهابية مما يُهدد من أمنها القومي، وذلك بعدما سجلت البلاد انخفاض في عدد العمليات الإرهابية عقب خمس سنوات من النشاط الأمريكي، مقارنة بدولتي مالي وبوركينا فاسو[39].
ومن ثم، فإن توتر العلاقات النيجرية الأمريكية وضع واشنطن في مأزق بالنسبة لمستقبل جهودها في مكافحة الإرهاب، لاسيما أن السياق الأمني العام في منطقة الساحل، المرتبط بالسياق السياسي للمنطقة وما شهدته من حالة عدم استقرار ذات صلة بموجة الانقلابات العسكرية، يكشف عن تنامي النشاط الإرهابي، وهو ما يُستدل عليه بارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية في دول الساحل الثلاث (مالي والنيجر وبوركينافاسو) خلال العام 2023 بنسبة 38%، بينما تضاعف عدد الوفيات الناتجة عن العمليات الإرهابية على مستوى منطقة الساحل ثلاث مرات منذ الانقلاب الأول في سلسلة الانقلابات العسكرية الثمانية التي شهدتها المنطقة منذ العام 2020، كما تصاعفت الهجمات الإرهابية ضد المدنيين أربع مرات في الشهر التالي لانقلاب النيجر[40]. كما سبق وأن أشارت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، أثناء حضورها قمة الزعماء الأفارقة في العاصمة النيجيرية أبوجا في أبريل 2024، إلى أن نصف الوفيات الناتجة عن الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم خلال العام 2023، بلغت 8352 حالة وقعت في منطقة الساحل [41].
في هذا الإطار، وجدت الجماعات الإرهابية فرصة ذهبية للتمدد والانتشار في مناطق جغرافية جديدة، تنضم إلى مناطق نفوذها التقليدية حيث مالي و تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون، ثم إلى بوركينافاسو، عززها حالة التنافس الدائرة بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش في الصحراء الكبرى، من أجل السيطرة على أكبر منطقة جغرافية تقربها من هدف إنشاء دولة الخلافة على غرار تنظيم الدولة في العراق وسوريا. وبالفعل وجدت الجماعتان في المناطق المتاخمة لكوت ديفوار وغانا وتوغو وبنين بيئات حاضنة مثالية جديدة، بعدما عززت من ترسيخ تمركزاتها في النيجر وبوركينا فاسو؛ فعلى سبيل المثال، تمكنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بتوسيع مناطق سيطرتها في بوركينا فاسو منذ العام 2023، وهو ما دفع الأمم المتحدة لإثارة “ناقوس الخطر” بشأن تحول دول ساحل غرب إفريقيا إلى ملاذات إرهابية محتملة[42]، خاصة بعدما اشارت وثيقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي لعام 2023 إلى أن تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة يستخدمان السودان كقاعدة لوجستية ومالية للعمليات الإرهابية في جميع أنحاء أفريقيا، بما في ذلك نقل العناصر الإرهابية إلى جنوب ليبيا ومالي وغرب إفريقيا .[43]
وما يُفاقم من المعضلة الأمريكية لاستمرار سياسة مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، تزامن تراجع الوجود الأمريكي مع الانسحاب الفرنسي من منطقة الساحل، باستثناء تشاد، باعتبار باريس حليف وشريك لواشنطن في جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، ناهيك عن تفكك مبادرة تاكوبا الأوروبية وكذلك مجموعة الساحل الخمس، وهو ما يُعد محفز قوى للجماعات الإرهابية للتمدد والانتشار في المنطقة، ومنها إلى دول ساحل غرب إفريقيا، خاصة أن القاعدتين العسكريتين في النيجر يُعدان مركز دعم رئيسي لكل دول المنطقة وكذلك لمبادرات السلام والأمن الإقليمية في مكافحة الإرهاب ودعم السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين[44]. ومن ثم، فإن الانسحاب الأمريكي من النيجر سيكون له تأثير كبير على دور واشنطن القيادي العالمي في مجال السلام والأمن العالميين، وكذلك الإقليميين، والذي بدأ يتراجع بالفعل مع انخفاض المساهمات المالية الأمريكية في الأمم المتحدة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من أن واشنطن لاتزال حتى الان أكبر مساهم، وهو ما انصرف بطبيعة الحال إلى تراجع دور الوساطة الأمريكية في منع الصراعات وتأمين اتفاقيات السلام، نظير تصاعد دور عدد من القوى الإقليمية والدولية مثل الصين والسعودية وقطر[45] .
كما أن تراجع الدور الأمريكي في الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين والدوليين يُناظره زيادة مساهمات عدد من القوى الصاعدة والمنافسة لواشنطن مثل بكين؛ حيث زادت مساهمات بكين زيادة كبيرة من حوالي 2% في عام 2000 إلى أكثر من 15% في عام 2022، ومن المتوقع أن تزيد المساهمة خلال الفترة القادمة[46] .
نهاية القول، إن إنسحاب القوات الأمريكية من النيجر وخفض عدد قواتها في تشاد مع إعادة تموضعهم، يضع واشنطن أمام حزمة من التساؤلات بشأن أسباب التراجع وتداعياته على المصالح الأمريكية في منطقة تُعد أحد مناطق النفوذ الأمريكية التقليدية التي أنفقت فيها واشنطن ملايين من الاستثمارات في قطاعات التنمية والدفاع والأمن، انتهاءً بأهم التساؤلات التي تدور حول السياسة الأمريكية تجاه دول الساحل، وما تفرضه من مشروطية سياسية، تقوض من النفوذ الأمريكي في المنطقة، نظير تصاعد نفوذ القوى المنافسة لها كالصين وروسيا.
……………………………………..
[1] محمد الطماوي، فى ظل صراع دولى محتدم.. مستقبل القواعد العسكرية في إفريقيا جنوب الصحراء، مؤسسة الأهرام، 29 سبتمبر 2023.
https://gate.ahram.org.eg/News/4563147.aspx
[2] -Ishaan Tharoor, The U.S. is in retreat in a crucial part of the world, The Washington post, 24 April 2024.
https://www.washingtonpost.com/world/2024/04/24/niger-sahel-russia-africa-corps-united-states/
[3] Lorraine Mallinder ,What’s next as ‘heavy-handed’ US negotiates pullout from Niger? ,aljazeera, 1May 2024
[4] Abigail Kabandula, US Withdrawal from Niger Signals a Shift in Western Influencer in the Sahel, foreign policy research Institute, 1 April 2024.
[5] Huang Panyue , US troops’ withdrawal to trigger significant power restructure in Sahel, Africa, China Military, 8 May 2024.
http://eng.chinamil.com.cn/OPINIONS_209196/Opinions_209197/16306748.html
[6] Rachel Chason, Dan Lamothe and John Hudson, U.S. troops to leave Chad, as another African state reassesses ties, The Washington post, 25 April 2024.
https://www.washingtonpost.com/world/2024/04/25/us-troops-chad/
[7]– Huang Panyue , US troops’ withdrawal to trigger significant power restructure in Sahel, Africa, China Military, 8 May 2024.
http://eng.chinamil.com.cn/OPINIONS_209196/Opinions_209197/16306748.html
[8] Aaron Akinyemi & Chris Ewokor, ‘We are still engaged with West African juntas’ – US Africom head Gen Michael Langley, BBC, 2 May 2024.
https://www.bbc.com/news/world-africa-68943579
[9] Huang Panyue, OP.CIT.
[10] 8 انقلابات عسكرية في غرب ووسط إفريقيا خلال 3 أعوام، الشرق الأوسط، 30 أغسطس 2023.
[11] Aja Melville , Russia Exploits Western Vacuum in Africa’s Sahel Region, Defense and Security Monitor , 22 April 2024.
[12] JESSICA DONATI AND SAM MEDNICK, The US attempts a new military deal with Niger in a last ditch effort to stay, AP News, 19 April 2024.
[13]– Charles A. Ray, Is the United States Losing the Sahel?, foreign policy research Institute ,7 May 2024.
https://www.fpri.org/article/2024/05/is-the-united-states-losing-the-sahel/
[14]Rachel Chason, Dan Lamothe and John Hudson, OP.CIT.
[15] Aja Melville, OP.CIT.
[16] Charles A. Ray, OP.CIT.
[17] -Rachel Chason, Dan Lamothe and John Hudson, OP.CIT.
[18] Lorraine Mallinder, OP.CIT.
[19] Niger has cut military ties with the US: why this is bad for the Sahel’s security, The Conversation, 19 March 2024.
[20] Lorraine Mallinder, OP.CIT.
[21] How the United States Lost Niger, Foreign Policy, 2 APRIL 2024.
https://foreignpolicy.com/2024/04/02/us-niger-sahel-military-deal-russia-china/
[22]Rachel Chason, Dan Lamothe and John Hudson, OP.CIT.
[23] Charles A. Ray , OP.CIT.
[24] Cameron Hudson, OP.CIT.
[25] قرار النيجر إنهاء التواجد الأمريكي يفاقم خسائر الغرب في الساحل الأفريقي، أسباب، أبريل 2024.
[26] النيجر: المجلس العسكري يعتزم إنهاء اتفاقيات الدفاع والأمن مع الاتحاد الأوروبي، نوفا نيوز، 4 ديسمبر 2023.
https://www.agenzianova.com/ar/news/niger-la-giunta-intende-mettere-fine-agli-accordi-di-difesa-e-sicurezza-con-lunione-europea/
[27] المرجع السابق.
[28] Charles A. Ray , OP.CIT.
[29] Abigail Kabandula, OP.CIT.
[30] – النيجر تعلق تصدير اليورانيوم.. كيف ستردّ فرنسا؟، سكاي نيوز، 1 أغسطس 2023.
[31] Lorraine Mallinder, OP.CIT.
[32] – نائب الرئيس الايراني يستقبل رسميا رئيس وزراء النيجر في طهران، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، 24 يناير 2024.
[33] إيران تتفاوض مع النيجر لشراء 300 طن من اليورانيوم، نوفا نيوز، 2 مايو 2024.
[34]– المرجع السابق.
[35] رئيس وزراء النيجر: لا يحق لأمريكا مطالبتنا بقطع علاقاتنا مع إيران وروسيا، مصراوي، 15 مايو 2024.
[36] Ishaan Tharoor , OP.CIT.
[37] Idem.
[38] JESSICA DONATI AND SAM MEDNICK ,OP.CIT
[39] How the United States Lost Niger ,OP.CIT
[40] Kris Inman; Matthew Reitman , For Sahel Stability, U.S. Needs Broader, Coordinated Policy, The United States Institute of Peace ,21 March 2024
https://www.usip.org/publications/2024/03/sahel-stability-us-needs-broader-coordinated-policy
[41] Lorraine Mallinder, OP.CIT.
[42] Kris Inman; Matthew Reitman, OP.CIT.
[43] Idem.
[44] Abigail Kabandula, OP.CIT.
[45] Idem.
[46] Idem.