محمد تفسير بالدي*
تقديم:
لم يُكتب لمذهبٍ فقهيٍّ من القبول والانتشار في غينيا مثل ما كُتب للمذهب المالكي، إذ هو المذهب السائد فيها، والمعتمد عليه في المقرّرات الفقهية في الحلقات الغينية، والمعمول به في الرابطة الإسلامية التابعة للأمانة العامّة للشؤون الدينية، وهو أول مذهب دخل غينيا؛ فسار على نهجه أهلها، ويكفي أنّ أغلب كتابات علماء غينيا دارت حول الفقه المالكي؛ تأليفاً وشرحاً وتعليقاً واختصاراً.
لقد أنجبت غينيا فقهاء أجلاء، ساهموا بشكلٍ كبيرٍ في تنشيط الحركة العلمية بالمنطقة، وعملوا على نشر تعاليم الإسلام على مدى القرون، وأغنوا المكتبة الإسلامية بغينيا، وخلّفوا تراثاً علميّاً ضخماً ذاع بين العامّة والخاصّة.
كانوا يجوبون الأقطار للتوسّع في المذهب، والأخذ عن العلماء المشهود لهم بالتضلّع في الفقه المالكي، فدخلوا «مراكش، وفاس، والقيروان، والقاهرة، لدراسة الشريعة الإسلامية والتفقّه فيها، وتكاثرت أعداد أولئك الطلاب في الأزهر خاصّة»[1].
ويعدّ الشيخ صالح الفلاّني (ت 1218هـ) الرائد في هذا المجال؛ حيث تعدّدت رحلاته من بلاد السودان منذ كان في الثانية عشرة، التقى خلالها أشهر علماء الأقاليم المعروفة بالعلم، حتى وصل المدينة المنوّرة سنة 1187هـ، وظلّ فيها حتى وفاته[2].
«أما العائدون منهم؛ فكانوا يحتلون مكانةً رفيعةً بين الناس، فيتولون القضاء والإفتاء، ليقيموا العدل والشريعة، ويعلّموا الناس القرآن والسنّة، فنشأت الكتاتيب في كلّ مكان في السودان الغربي»[3]، هكذا ضرب المذهب المالكيّ بجذوره في غينيا.
وقد اخترنا الحديث عن الفقه والفقهاء في غينيا؛ للتعريف بالحركة الفقهية في هذه المنطقة من الغرب الإسلامي بإفريقيا، وذلك لبيان جهود علمائها في خدمة المذهب المالكيّ، ولبيان ميادين الحركة الفقهية فيها، وألقاب فقهاء غينيا، ونختم بترجمة بعض فقهاء المنطقة[4].
أولاً: ميادين الحركة الفقهية في غينيا كوناكري:
أقبل علماء غينيا على المذهب المالكيّ يتزوّدون من معارفه، فتعلّموه وعلّموه، ونشروه وتقيّدوا به، وأقاموا على أُسسه ومبادئه دولتهم[5]، ومارسوا حياتهم العلميّة والعمليّة في ميادين عدة مستظلّين به.
ومن الميادين التي نشط فيها فقهاء المذهب المالكي في غينيا؛ نذكر ما يأتي:
1 – ميدان التعليم:
ظلّت الحلقات العلمية تؤدّي دَوْرها الأساسيّ في تثقيف المجتمع الغينيّ المسلم على مرّ العصور، ولقيت إقبالاً كبيراً من لدن الشباب الذين كانوا يفدون إليها جماعات للتعلّم، واتخذت أشكالاً متعددة في التلقين والتثقيف، وتنتشر أكبر المراكز العلمية بغينيا في مدن: لابي، ومومبيا، وطوبى[6]، وكانكان[7]، وكنديا[8]، ودينغراي، وغيرها.
2 – ميدان التأليف:
استطاع علماء غينيا أن يُثروا المكتبة الفقهية بأجود التآليف، تنوّعت ما بين المنثور والمنظوم، وما يزال أغلبها– ويا للأسف!- في حكم المخطوط، ولذلك لم تشتهر المنطقة بمؤلفات علمائها، فقد جُمع معظمها على يد المستعمر الفرنسيّ الذي حلّ بالمنطقة وفوجئ بحركتها العلمية ورجالاتها، فجمع مخطوطاتها قصد دراسة المجتمع الغينيّ المسلم. ولعلّ من بين الأسباب التي أدت إلى عدم انتشار مؤلفات أهل غينيا: احتفاظ بعض الأسر العلمية بالمخطوطات، ورفض عرضها على الباحثين لدراستها، فلا تزال معظم إنتاجات فقهاء المنطقة مخطوطات محفوظة لديهم، تنتظر العناية والدراسة.
ويحتفظ المعهد الأساسيّ لإفريقيا السوداء بالسنغال بكمٍّ عظيمٍ من مخطوطات غينيا، رصدها الدكتور خديم محمد امباكي في مقالته: «مخطوطات المعهد الأساسي لإفريقيا السوداء»، حيث يقول: «تقع مخطوطات… فوتا جالون في 57 كراسة، ومخطوطات المنطقة الأدبية واللغوية في 22 كراسة، ومخطوطاتها الإثنولوجيا في 19 كراسة، ومخطوطاتها الدينية والسحرية في 7 كراسات، ومخطوطاتها العلمية في 8 كراسات»[9].
وفي معرض حديثه عن التراث الإسلاميّ بغينيا كوناكري؛ أشار الباحث موسى عمر كوناتي إلى أنّ التراث العلميّ الثمين الذي خلّفه العلماء الغينيون يغفل عن وجوده- ويا للأسف الشديد!- جلّ الباحثين، وبالأحرى لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عنه، فضلاً عن التفكير في خدمته؛ مما جعله عرضةً للاضمحلال[10].
ومن المؤلفات الفقهية المشهورة في غينيا، نذكر:
– معدن السعادة (ط)، و بيان أحكام المواريث (خ): للفقيه جرن محمد سمب مومبيا (ت 1268هـ).
– شكر الإله في علم الفرائض (ط)، و اللؤلؤ المكنون: في الفقه (خ): للفقيه جرن سعد دلين (ت 1270هـ).
– معدن العلوم والإسلام: للشيخ عمر كابا (ت 1381هـ).
– تعليم الإخوان بأحكام فروض الأعيان، و الدرة الصافية شرح النبذة الكافية (خ): للفقيه الشيخ الحاج إبراهيم (ت ؟).
وتجدر الإشارة إلى أنّ المؤلفات الفقهية في غينيا وُضع أغلبها باللغة العربية، وجزء منها وُضع باللغات المحلية؛ وكانت اللغة الفلانية الأكثر استخداماً من بينها، مثل: المنظومة الفقهية الفلاّنية: «أوغرد ملل» (معدن السعادة) للفقيه جرن سمب مومبيا، تلتها اللغة المادنينكية، مثل المنظومة الفقهية الماندينكية: «معدن العلوم الإسلامية» للشيخ عمر كابا.
3 – ميدان الإفتاء:
من الميادين العلمية التي نشط فيها فقهاء غينيا ميدان الإفتاء، وذلك لإمداد المجتمع الغيني بالأحكام الفقهيّة؛ فيما يحتاج إليه الناس وفيما يستجد من أحوالهم ومسائلهم.
وبالرغم من أنّ المذهب المالكيّ هو مذهب علماء غينيا، فقد كان بعض العلماء يهتم بأن يؤصّل الفتوى بالكتاب والسنّة، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ الفقيه اللبويّ[11] (ت 1345هـ) قاضي قضاة غينيا في زمنه، كان لا يستنبط الفتوى إلا من أدلة الكتاب والسنّة، ويتبعها بأقوال أهل العلم، ومثال ذلك أنه لما كثر استعمال التبغ، وسأله بعض إخوانه عن حكمه، أجابه بأبيات، منها:
جوابُ سـؤالٍ دون قطعٍ عن الشمّ | أتاني عن الصنديد محمود ذي العلم |
وليس جوابي قاطعــاً مصمّـما | ولكنه الإخبـار بالظنّ في الحكم… |
فأقوال أهــل العلم فيه كــثيرةٌ | وأرجحهـا التحريم يا صاحب الفَهْم |
وما هـو إلا مشكلٌ فذووا النهَـى | يفرّون منه خشية الوقع في الظلـم |
وصرح قول المصـطفى كلّ مشكل | حــرامٌ بمنع الشمّ إن كنت ذا فَهْم |
وقال كلوا ممـا رزقناكـم معــاً | من الطيبات اللهُ فـي الذكر يا قـوم |
ومفهومه لا تأكلوا غيرهـا من الـ | خبيثــات غير المستلذات كالشم… |
فأفتيــك بالتحريـم دون تـرددٍ | فأت به واستغـفـر الله من وَهْـم |
ومـا حجـتي إلا كتــابٌ وسنّة | وأقـوالُ أصحاب الدراية والعلـم[12] |
وعلى وجه العموم؛ يعتمد كبار علماء البلد، في المجلس الوطنيّ للفتوى والبحوث العلمية، على المذهب المالكي، في بيان الحكم الفقهي في النوازل الغينية.
4 – ميدان القضاء:
مارس فقهاء المذهب المالكي في غينيا أعمال القضاء، فتولّوا المناصب فيه، وفرضوا الفقه في محاكمهم وعلى قضاتهم، فقاموا بإصلاح ذات البين، والفصل بين الناس في اختلافاتهم.
ونظراً لمكانة العلماء في الحياة العامّة، وسمعتهم الطيبة في الحياة الاجتماعية، أَوْلتهم السلطات المحلية عنايةً فائقة، وفتحوا لهم آفاقاً ومناصب للقضاء والولاية، وردّوا الاعتبار للفقه المالكيّ بتنصيب قاضٍ في كلّ بلدٍ يستحقه.
ودفعت اجتهادات الفقهاء المسلمين، التي خلَّفت أحكاماً وأُقضية ومدوّنات، بالأعراف القضائية إلى بلوغ اكتمالها في قواعد فقهية، وإلى الاتجاه نحو المأسسة، وحاز المذهب المالكيّ قصب السبق في الشمال والغرب، وبعض أقطار الشرق من القارة[13].
ومن أشهر قضاة غينيا الذين وصلتنا أخبارهم:
– الشيخ علي اللبوي (ت 1345هـ) قاضي قضاة لابي: بعد وفاة ملك لابي ألفا إبراهيم عام 1294هـ- الذي كان قد ولاّه على القضاء- ظلّ يمارس مهامه، إلى أن خلف الأمير ألفا يحيى والده 1309هـ فأبقاه في منصبه، ووطّد حبل العلاقات الطيبة التي ربطت الشيخ علي بوالده، إذ اتخذه مستشاراً للشؤون الدينية والأحكام التشريعية، وكانت الأقضية التي تُقضى في الأرياف تُعرض على الشيخ للمراجعة والتصديق، وكلّ مَن طلب الاستئناف على قاضٍ في قضيةٍ يأتي إليه[14].
ومن الطرائف التي تُذكر للشيخ اللبويّ في ميدان القضاء: ما جرى بين شخصَيْن في إرث؛ إذ أبى المحكوم عليه قبول الحكم، وطلب الاستئناف عند الشيخ اللبويّ، فألغى الحكم بعد أن فتّشه ولاحظ فيه خطأً، ولمّا سمع القاضي الأول بإلغاء حكمه غضب غضباً شديداً، وأتى إلى الملك ألفا يحيى وقدّم احتجاجاته إليه، فطلب ألفا يحيى من الشيخ اللبويّ معاودة الحكم مرّة ثالثة، وكادت القضية تثير فتنة عظيمة، فأمر الملك- بعد تجمّع الجماهير في المسجد- بإحضار الخصمَين لكي يُسمعا بين يدَي الملك نفسه.
فلمّا وصَفَا ما جرى بينهما؛ أعطى الكلام للقاضي الأول؛ فتحدث عن نظريته التي اعتمد عليها في إصدار حكمه، ثم جاء دور الشيخ اللبويّ فتحدث عن نظريته التي اعتمد عليها في إلغاء الحكم، فوجدوا أنّ ما اعتمد عليه القاضي الأول في حكمه منسوخٌ بآية قرآنية، فاعترف بالخطأ، وأقرّ بأنّ الحقّ هو فيما قضاه الشيخ علي اللبوي[15].
وبهذا حاز الشيخ اللبوي المرتبة الأولى بين علماء فوتا جالون كلها، وحمل لقب «قاضي قضاة غينيا» في عصره، وظلّ يحكم بالحقّ والعدل إلى أن احتلت فرنسا البلاد، ولكنها لمكانة الشيخ الدينية في بلدته تركته في المنصب الذي وجدته فيه، بل عينته قاضيّاً لولاية لابي استناداً إلى قرارٍ صدر عن الحاكم العامّ في 15 نوفمبر 1912م، كان ينصّ على تعيين عالمٍ محليّ في كلّ ولاية لرياسة مجلس القضاء الأول، في حين يرأس مجلس القضاء الثاني حاكمٌ فرنسي. وظلّ الشيخ اللبويّ يؤدّي هذه المهام حتى عام 1914م، وهو العام الذي استقال فيه[16].
ثانياً: ألقاب العلماء في غينيا:
كان لفقهاء غينيا دورٌ بارزٌ في الحياة الاجتماعية، من خلال نزع فتيل الكثير من الخلافات الداخلية بين القبائل، وإدارة المشاريع الزراعية، كما أنهم باشروا وظائف عالية، تمثلت في الدبلوماسية الدينية، وحظوا بمكانة رفيعةٍ وإجلالٍ كبيرٍ داخل المجتمع، وأصبحت كلمتهم مسموعة لدى العامّة والخاصّة، حتى لُقّبوا بألقابٍ تميزّهم عن الآخرين.
ومن الألقاب التي أُطلقت على علماء غينيا، نذكر ما يأتي:
1 – جرن: ومعناه العالم الربّاني، وقيل: الجيم: بمعنى: تعلَّم وأتقَن، والراء: (رن): بمعنى «اتق الله في السرّ والعلن»، والنون: (ن): علّم الناس وانفعهم وأرشدهم. ولا يوصف به العالم إلا إذا تضلّع في كلّ الفنون، وأتقن جميع المتون المقررة من شتى الفنون، وعندما يصل لهذه المرحلة يُقام له حفلٌ كبيرٌ يجتمع له العلماء والشيوخ، ويُقلنَس بـ «بوتو»[17]] أو ما يشبهها[، فلا يكاد يُرى بعدُ حاسر الرأس؛ لأنه من خوارم المروءة عندهم، وهذه العادة ما زالت بارزة في فوتا جالون[18].
ويذكر أنّ لقب «جرن» يختص به الفلاّن دون غيرهم من قبائل غينيا، ويتقاسمه مع فلاّن أهل السنغال وموريتانيا.
ومن الفقهاء الذين حملوا لقب «جرن» بغينيا: الفقيه جرن محمد سمب مومبيا (ت 1268هـ)، وجرن سعد دلين (ت 1270هـ) مؤسس محضرة دالين الشهيرة، وجرن علي بوبديم الشيخ اللبويّ (ت 1345هـ)، وجرن سمب بوريا، وجرن جاو، وجرن إبراهيم، وجرن دييج تمب، وجرن علي الكلوي[19].
2 – ألمام: ومعناه العالم المتضلّع، ويُطلق على العلماء الذين تميّزوا بعلمهم وزعامتهم الدينية في الوقت نفسه، وهو مشترك بين أهل غينيا والدول المجاورة لها، كما في ماسينا وفوتا تورو، حيث يُطلق لفظ الإمام على حكّام ماسينا، وأُطلق على الحاج عمر تال بفوتا تورو[20]؛ بوصفه عالماً وزعيماً دينيّاً في الوقت نفسه.
ومن العلماء الذين حملوا لقب «ألمام» بغينيا: الفقيه ألمام عاقب باري (ت 1389هـ)، وألمام إبراهيم سوري دار (ت 1398هـ).
3 – فودي: ومعناه «الفقيه»، وممن حمل لقب «فودي» بغينيا: الفقيه الشيخ سيدي كانتي ابن الشيخ عثمان كانتي في كانكان، صاحب نظم كتاب (التوحيد) المعروف باسم: (ستة وستون)، حول الواجب والمستحيل والجائز من صفات الله مع أركان الإيمان[21]. وفودي سلمان كانتي مخترع أبجديات «انكو»؛ إحدى اللّغات الإفريقيّة المشهورة بخصائصها الفنيّة والأدبيّة.
4 – ألفا: من «الفاهم»، ومعناه: العالم الحكيم عند الفلاّن، ولعلّ أصله من أرفا أو أرفان Arfa, Arfan، الذي يُطلق عند المانديغ بمعنى: أمير الأمراءchef prince ، وبهذا يكون معنى «ألفا»: «أمير العلماء، أو العلوم»[22]، ويرى الدكتور عبدالرحمن ميغا أنّ مصطلح «ألفا والفع» معروفٌ عند الفلاّنيين والصنغاويين خاصّة؛ لاستعمالهم له أكثر[23].
ومهما يكن من أمر؛ فإنّ مصطلح «ألفا» متداولٌ في غينيا، ويقابله «جرن»، وهو أقلّ درجة من «ألمام»، وتُقام لكلّ مَن حمله حفلة تكريمية، فتوضع له البردة التي تميّزه عن العوام.
ومن العلماء الذين حملوا لقب «ألفا» في غينيا: الفقيه ألفا محمد من لب سل، وألفا أحمد شيخ البلاد، وألفا موسى من كيبال الذي كان رئيساً في قطره.
5 – الشيخ: يُستعمل هذا المصطلح في غينيا للدلالة على أعلى مرتبة في العلم، ويُطلق على العلماء في الغالب الأعمّ.
ومن العلماء الذين حملوا هذا اللقب في المنطقة: الشيخ الحاج إبراهيم ابن الشيخ محمد التسليمي، والشيخ إبراهيم بن نوح، إمام فوت العادل النصوح، والشيخ صالح كين،.. والشيخ محمد من فكونمبا، والشيخ عمر الداري، الشيخ إبراهيم سوري[24].
6 – «مودي» أو «مودبو»: وهذا اللقب يُستعمل خاصّة عند الفلان لقباً علميّاً، فإذا أُطلق ينصرف مباشرة إلى شخصيةٍ علمية، ولعله مأخوذ من «المؤدّب» على اعتبار أنّ الفقيه كان يؤدي دور المربّي إلى جانب التلقين.
لكن مع مرور الأيام؛ فقَدَ مدلوله الحقيقي، حيث أصبح يُطلق أحياناً على شخصٍ وليس لقباً، ولعلّ هذا الأمر يرجع إلى تبرّك الناس باللقب ليكون المولود الذي سمّي به عالماً[25]، واشتهر اللقب في فوت ماسينا بمالي أكثر من غينيا.
7 – «كرموكو»: «كرامو» في لغة الماندينكو يعني: «المعلّم، أو المعلّم الكبير» وعند الفلاّن «كرموكو» يعني المعلّم، و «كَرَمُوْبَا» تسمية المعلّم الأكبر عند قبائل صوصو وجاكانكي.
ومن العلماء الذين حملوا هذا اللقب في غينيا: الفقيه كرمو طلبي (ت 1381هـ)، والفقيه كرمو قطب الطوبوي، والفقيه كرموكو سنكون طوبى، وكرموكو ألفا مو لابي.
ثالثاً: بعض مشاهير الفقه المالكيّ بغينيا:
وردت تراجم علماء غينيا ضمن أعمال بعض المستشرقين من أمثال: بول مارتي وغيره، كما ورد ذكرهم ضمن كتابات المحقّق الغينيّ المرحوم ألفا إبراهيم صو، ولكن بإشاراتٍ خفيفة، غفلت عن إيراد مجموعة من القضايا المتعلقة بمؤلفاتهم ومساهماتهم في الحركة الفقهية بغينيا بين التعليم والتأليف، وممارسة القضاء والإفتاء.
لذا؛ ارتأينا تخصيص هذا المبحث لترجمة بعض الفقهاء المشهورين الذين وضعوا بصماتٍ في الفقه المالكي، أو مارسوا الفقه في القضاء والإفتاء في عصرهم، وذلك بالترتيب الزمني– حسب الوفيات-.
1 – الفقيه الشيخ صالح الفلاّني (ت 1218هـ):
هو: صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله العمري المعروف بالفلّاني: عالم بالحديث مجتهد، من فقهاء المالكية. نسبته إلى «فلاّن» أو «فلاّنة» من قبائل السودان، نزلها بعض أسلافه، وولد صالح ونشأ بها، وكان مولده سنة 1166هـ في موطن قبيلته، تحديداً بمنطقة فوت جالو.
أخذ الشيخ صالح عن كبار علماء عصره في مختلف أقاليم العالم الإسلامي، وتنقّل في طلب العلم، فقرأ ببلدة القبلة (بشنقيط) ومراكش وتونس ومصر، ثم استقر في المدينة إلى أن توفي الخميس 5 جمادى الآخرة 1218هـ، ودفن بالبقيع بالمدينة المنوّرة عن 52 عاماً[26].
من مؤلفاته: قطف الثمر، في أسانيد المصنفات في الفنون والأثر (ط)، إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار[27] (ط)، الثمر اليانع (خ)؛ وهو رسالة في تراجم أشياخه.
2 – الفقيه جرن محمد سمب مومبيا (ت 1268هـ):
هو: جرن محمد سمب بن جرن سعيد بوبو جالو السّيليّ، وأقدم مَن عرف مَن سلالته هو عبد الله سواري الذي عاش في فترة كرموك ألفا مو لابي Karamoko Alpha mo Labe (كرموك ألفا اللبوي). وجدّه عبد الله سواري، تعلّم القرآن على يد السرانكوليّ المشهور بـ كرموكو سواري (لقباً)، فسمّي بذلك عبدالله صاحب سواري، حتى اختفت كلمة «صاحب» فبقي عبدالله سواري، وعُرف بذلك الاسم. وهذا يفيدنا أنّ حمل جده عبدالله لقب «سواري» لم يكن انتساباً له بقدر ما كان تكريماً وتشريفاً له، فهو من عائلة جالو. وأمه: نين حبيبة تورو، وُلد في مومبيا حوالي 1178هـ.
تلقّى تعليمه الأولى في المدارس العتيقة بمومبيا على يد الشيخ محمد نجمد، ودام عليه حتى حفظ القرآن، وأخذ عنه فنون الشريعة والعربية، وختم: الرسالة، والتحفة، والمقامات الحريرية، ومختصر خليل في الفقه المالكي، زاد عليها الكتب الميسّرة، ففسّر القرآن كاملاً، وحمل بذلك لقب «جرن»، وبعده خرج للتحصيل.
كان الشيخ متقناً للعربية، فصيحاً بالفولانية، فاق أقرانه ومعاصريه، نال منزلةً لدى العلماء والأدباء، اشتهر في حياته، وأقبل الناس عليه من كلّ فجّ عميق، لم تكن شهرته في فوت جالو وحدها، بل تعدّاها إلى فوت تورو وبلاد الشنقيط، وكان يتمتع بذكاءٍ خارق، وذاكرة قوية، حيث استطاع أن يجمع عدة علوم، ويبرز فيها.
وكان متفرداً باللطائف العلمية، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات الفريدة، والتحقيق البارع، والاطلاع المفرط، ألّف في العربية والفولانية، غير أنه اشتهر في النظم الفولاني أكثر، فترك للأمة تراثاً علميّاً لا غنى عنه. توفي– رحمه الله- سنة 1268هـ.
من مؤلفاته: دالية في بيان فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (خ)، لامية في بيان أحكام المواريث (خ)، لامية الطلاب (خ)، معدن السعادة، وهي منظومة فقهية باللغة الفولانية تسمّى: (أوغرد ملل)[28].
3 – الفقيه الشيخ جرن سعد دلين (ت 1270هـ):
هو: عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله سليمان بن جرن سواري بن سل جالو الفلاني اللبوي الدلني السيلي. وأمه: السيدة فاطمة بنت شريف محمد عبد الله.
وُلد في قرية دلين (جافنت) سنة 1201هـ، ونشأ في أسرة عريقة معروفة بالعلم والهدى والصلاح (أسرة سيلنك)، وقد كان للدين وللتربية الأخلاقية والأدبية دَوْر كبير في تكوين شخصيته.
لله درّ الشيخ الحاج عمر السالمي! حيث يقول :«الشيخ سعد بن إبراهيم الدلني هو الأديب الفصيح، الشاعر البليغ، عالم فوتا جالو، الذي سجدت له أفكار أهل النباهة من الحكماء، والشعراء البلغاء، وعجزت الفلانيات أن يلدن مثله»[29].
من مؤلفاته: ألّف كثيراً من الكتب نظماً ونثراً، منها: شكر الإله في علم الفرائض (ط)، منيلة الأماني في الاعتقاد (خ)، قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وذكر معجزاته (خ)، فاتحة التصريف في علم التصريف[30]، نظم شذور الذهب لابن هشام (خ)، اللؤلؤ المكنون في الفقه (خ)، المنفعة العامّة للأمة الإسلامية والراحة الكاملة للعلماء (خ)[31]، نجم النهى في علم العروض والقوافي (خ)، نصيحة النساء (خ)، وغيرها، بالإضافة إلى ما لم نقف عليه.
وفاته: الأربعاء بعد العشاء، 4 جمادى الأولى عام 1270هـ، رزئت الأمّة بفقد شيخ الشيوخ، خادم الإسلام، الشيخ سعد دلين، بعمر يناهز تسع وستين (69) عاماً، ودفن في مسقط رأسه بدلين.
4 – الفقيه الشيخ علي اللبويّ (ت 1345هـ):
هو: الشيخ المشهور بـ «جرنو علي بوبديم»، وُلد حوالي 1265هـ، في قرية دنقول جرنويا، من ضواحي مدينة لابي؛ عاصمة إقليم فوتا جالو التابع لجمهورية غينيا.
حفظ القرآن الكريم في صغره عند أبيه الشيخ جرن محمد، ثم تعلّم علوم الدين الإسلامي واللغة العربية عند الشيوخ المتخصّصين، إلى أن بلغ مستوى الدراسات العليا، وكان متفوقاً دائماً حتى ذاع صيته في أقطار فوتا جالو كافّة، وحاز المرتبة الأولى بين علمائها في جميع النواحي، علميّاً ودينيّاً وثقافيّاً وإداريّاً واجتماعيّاً، كما عُرف هذا الشيخ- رحمه الله- طول حياته بالصلاح والعبادة، إلى أن توفاه الله عام 1345هـ، عن عمر يناهز الثمانين عاماً[32].
تقلد مناصب دينية وسياسية مهمّة، حيث عيّنه ملك لابي ألفا إبراهيم مستشاراً في الشؤون الدينية والأحكام الشرعية، كما عُيّن بعد ذلك والياً على مملكة لابي، ثم «قاضي القضاة» لولاية لابي.
5 – الفقيه الشّيخ عمر كابا، المعروف بـ «كرامو طلبي» (ت 1381هـ):
هو: الخطيب البارع، الفقيه الفرضيّ: عمر بن محمد جاتا كابا، وُلد الشّيخ بمدينة كانكان، كان أبوه عالماً مشهوراً؛ هو الشّيخ: محمد جاتي كابا، وأمّه العفيفة هي السّيدة: جاكا غبي محمود كابا.
درس الشّيخ كرامو طلبي على يد أبيه في المرحلة الأوّلى من تعليمه، ولمّا أحسّ أبوه بأنّ عقله قد بدأ ينفتح على المعارف العلميّة أرسله طالباً إلى أستاذه الأوّل بعد أبيه، فضيلة الشّيخ أمادو كمارا في حي كمارالا بمدينة كانكان.
ولمّا تشبّع الشّيخ على يد معلّمه من العلوم المتعلّقة بالقرآن الكريم والحديث النّبوي والعقيدة، عزم الرّحلة متوجهاً إلى تلقاء المنطقة الفوتاجالونيّة بغينيا السّفلى، بحثاً عن فنّ العروض والقوافي الّذي كان ينقصه وقت تحصيله عند أستاذه، ولمّا وصل هناك تتلمذ على أيدي علمائها، حتى عرف أسراره وأتقنه ممارسة وتدريباً، ومن هناك توجه إلى ضواحي منطقة كونيا لتعلّم فن النّحو والصّرف والبلاغة، ثمّ تتلمذ أيضاً على علمائها حتى صار لسانه مستقيماً في اللّغة العربيّة التي أتقن نطقها جيداً، وبعد عودته إلى مدينة كانكان أنشأ فيها المركز العلمي، وتولى زمام التّدريس فيه، ثمّ تتلمذ على يديه عددٌ كبيرٌ من المتعلّمين، وتوفي سنة 1381هـ.
مؤلفاته: ألّف منظمومة بلغة «انكو» اقتداءً بالشيخ محمد سمب موبيا في العلوم الإسلامية، تضمّنت الأحكام الفقهية، وهي: (معدن العلوم والإسلام)، وتحتوي على 332 بيتاً[33].
ومما نظمه في العبادة:
نِصَلِلَمُّو كَبُلُلَجِي فُكَلَيْلَى نَدْبُ | صَـلتِيْتِيلَاَ كُبَــدَ وُكِ فُمَدَتُـهْ |
ترجمة المعنى: القبض في الصّلاة والإنزال جائز، لا يبطل القبض الصّلاة والإنزال، فلا يمكن لأحدٍ من المسلمين أن يكفّر الآخر لأجل قبضه اليد أو إنزالها في الصّلاة[34].
6 – الفقيه الشيخ الحاج إبراهيم ابن الشيخ محمد التسليمي (ت ؟):
هو: أبو محمد الشيخ الحاج إبراهيم ابن الشيخ محمد التسليمي، له في كلّ فنٍّ من فنون الدراية باعٌ عريض، خفق عليه لواء البراعة في علوم الفصاحة والبلاغة وهو غلام يافع، وكان إليه المنتهى في علم اللغة والتصريف والمعاني والبديع والبيان، وله في الفقه والحديث والفتوى وأصول الدين شأوٌ لا يُلحق بالجريان.
أخذ مبادئ علومه، وهواديّ فهومه، عن أخيه الكبير، وشيخه الشهير، الشيخ محمد المصطفى ابن الشيخ محمد السنوسي- رحمهما الله تعالى-، تعلّم منه كتب البداية ومقدمات الدراسة، ثم انتقل إلى المدرسة الكبرى مدرسة والده الشيخ محمد التسليمي، فأغمسه الشيخ في بحور الفنون العميقة، وسيّره في فيافي علوم الشريعة والحقيقة.
من مؤلفاته: له تآليفُ كثيرةٌ وتصانيفُ شهيرة، منها: وسائل الوصول في خصائص الرسول، نور الظلام في الصلاة والسلام على سيد الأنام، تيسير الشدائد في تربيع تائية الوالد، مفتاح باب المراد في هذه الدنيا ويوم الميعاد، وسيلة العبد اللهيف في نظم أسماء الرب اللطيف، الدرة الصافية شرح النبذة الكافية (ط).
7 – الفقيه الحاج عبد الرحمن باه (ت 1434هـ):
هو: الحاج جرنو عبد الرحمن بن جرنو علي بوبديم (الشيخ اللبوي) بن محمد بن محمد بنو بن عبد الرحمن، وهو أصغر أبنائه الثمانية، وُلد في مدينة لابي عام 1335هـ.
تلقّى تعليمه الأولى في مجلس والده المرحوم الشيخ علي اللبوي، وبعد وفاته رحل إلى دار لابي، وهي قرية تبعد من مدينة لابي 12 كيلو متراً، ليتعلّم عند أحد طلبة والده يُقال له الشيخ عمر الداري، مكث عنده ثمانية أعوام، تعمّق خلالها في علوم العربية والعلوم الإسلامية، وتعمّق في كتب الفقه المالكي، مثل: جواهر الإكليل شرح مختصر خليل، والدسوقي، وغيرها، وقبلها حفظ القرآن الكريم وفسّره.
شارك عام 1964م باسم غينيا في المؤتمر التأسيسيّ للاتحاد الثقافي الإسلامي الذي عُقد في القاهرة بمصر، وفي 1972م أسّس المجلس الإسلامي الوطني الغيني، ثم عُيّن أميناً موكّلاً بشؤون الحجّ والأوقاف، وصار قائداً ورئيساً لحجاج غينيا مدة 12 سنة، وفي 1984م عُيّن وزيراً للشؤون الدينية بغينيا، وكان أول مَن شغل هذا المنصب زمن الرئيس الراحل لنسا كونتي، وعمل إماماً للجامع الكبير «فيصل» بكوناكري، وفي 1978م استقال من الوزارة، وعاد لمسقط رأسه لابي، فعكف على التعليم والتأليف، والبحث والارشاد، وتوفي في 18 ذي القعدة 1434هـ.
من مؤلفاته: حكم تعدد كفارة القتل مع تعدد المقتول، الغزو الفكري، مرض نقص المناعة المكتسبة، وغيرها.
……………………………………………
* طالب دكتوراه في الدراسات الإفريقية – مؤسسة دار الحديث الحسنية- جامعة القرويين.
[1] الإسلام الفاتح، مؤنس حسن، الزهراء للإعلام العربي، قسم النشر، بدون تاريخ، ص 121.
[2] الدر الفريد لمفترقات المسانيد، عبد الواسع بن يحيى الواسعي، مطبعة الموسوعات، مصر، 1357هـ، ص 120.
[3] الإسلام الفاتح، مرجع سابق، ص 121.
[4] لا يسعنا هنا إلا التنويه بالجهد الجبّار الذي قام الباحث الغيني الأستاذ محمد صالح جالو الشهير بضيف الله الغيني، فهو أول من كتب فيه، فأفاد وأجاد في بحثه الذي نُشر بمجلة الغنية – عدد مزدوج 2 و 3؛ حيث تحدّث عن أسباب انتشار المذهب المالكي في غينيا، وذكر المناهج التعليمية المعتمدة في الحلقات الغينية، وترجم لبعض فقهاء غينيا.
[5] الفقه والفقهاء في غينيا، محمد صالح جالو الشهير بضيف الله الغيني، مجلة الغنية، عدد مزدوج 2 و 3، ربيع الثاني 1434هـ / 2013م، ص 115، بتصرف.
[6] تقع هذه المدن في شمال البلاد، وهي مدن علمية أنجبت علماء أجلاء خدموا التراث الإسلاميّ بغينيا.
[7] العاصمة الثانية للدولة، وفيها عددٌ كبيرٌ من المراكز التعليمية.
[8] هي عاصمة منطقة غينيا السّاحليّة، برز فيها علماء أجلاء؛ أمثال: الشيخ محمد فاديغا- رحمه الله-.
[9] مجلة “المغرب الإفريقي”، عدد 1، 2000م، ص 57.
[10] الإسلام والمسلمون في غينيا.
[11] ستأتي ترجمته.
[12] ديوان شعر للشيخ علي اللبوي، الشهير بجرنو علي بوبديم، المطبعة العالمية، القاهرة– جمهورية مصر العربية-، ص 222.
[13] الدين والدولة في إفريقيا: السنغال – المغرب – السودان – نيجيريا: دراسة في العقد الاجتماعي الإفريقي، هارون باه، أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية، جامعة محمد الخامس – الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، السنة الجامعية: 2015م، ص 73.
[14] ديوان شعر للشيخ علي اللبوي، مرجع سابق، ص 10.
[15] ديوان شعر للشيخ علي اللبوي، مرجع سابق، ص (11 – 12).
[16] المرجع السابق.
[17] بوتو أو Puuto: هي قلنسوة درّية، ينفرد بها فلان فوتا جالون، فهي تطرّز بالإبرة، وتُزخرف بألوان متعددة، فتبدوا على الرأس كالجوهر الدريّ المكنون في أصدافه.
[18] جالو، محمد صالح، مرجع سابق، ص 119، بتصرف.
[19] ورد ذكرهم ضمن أسماء بعض الأشياخ الذين اشتهروا بالعلم والولاية في فوتا جالو. ينظر: ديوان بنات أفكاري، مرجع سابق، ص 48 وما بعدها.
[20] حركة التجارة والإسلام والتعليم الإسلامي في غرب إفريقيا، د. أحمد، مهدي رزق الله، ص 517 وما بعدها، بتصرف.
[21] الشعر العربي بالغرب الإفريقي خلال القرن العشرين المسيحي، عمران كبا، رسالة علمية مقدمة لنيل الدكتوراه، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ليبيا – 2007م، ص 264، بتصرف.
[22] Marty, Editions Ernest Leroux. Paris. 1921 L’Islam en Guinée : Fouta-Djallon : Paul
[23] الحركة الفقهية ورجالها في السودان الغربي من القرن 8 إلى القرن 13 الهجري، تأليف: د. ميغا عبد الرحمن، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – المملكة المغربية، 1432هـ / 2011م، ص 203.
[24] وهذا الأخير من أبرز مَن ساهموا في نشر الإسلام بغينيا في أوائل القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين. ينظر: الدعوة إلى الإسلام: شارل توماس أرنولد، ص 291.
[25] الحركة الفقهية ورجالها في السودان الغربي، مرجع سابق، ص 214.
[26] الأعلام، للزركلي، (3 / 195)، وهدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، لإسماعيل البغدادي، (1 / 424).
[27] عنوانه الكامل: “إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار”، وهو بلا شك أهم مصنفاته؛ إذ أوضح فيه المراد بالتقليد في كلام العلماء، وتحدث عن عمل الفقهاء المقلدين إذا وقفوا على ضعف مذهب إمامهم، ونصّ على ما ذكره الإمام أحمد بن حنبل، وما لأصحابه، من الحضّ على العمل بالكتاب المنزل والسنّة، وسجل الشيخ صالح خمسة وخمسين سؤالاً في هذا الكتاب إلى كلّ مقلّد يظهر منها حنقه ممن يحرم نفسه نعمة التفكر في دين الله، والأخذ بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنّة وهما أصل الدين، وغيرها من الموضوعات المهمة التي يحسن أن يطلع عليها فقهاء العصر الحالي، (ينظر: المرجع السابق، ص 35 وما بعدها).
[28] يظهر هذا الديوان قدرته الشعرية وفصاحته في اللغة الفولانية، فقد استوفى روح تأليفه بعد استقراره في منطقته، واعتكافه على التدريس، فكان أول مَن نظم الشعر في غير العربية بغينيا كوناكري أو هو الأشهر على الإطلاق. ومضمون الديوان تجارب كثيرة تزودت بها شخصية الناظم في سنوات طويلة، وتنوعت موضوعاته في: التوحيد والعبادات والوعظ والإرشاد، وقد انتشر الديوان في أوساط العلماء وتناقله طلاب العلم كتابة وقراءة، أبياته 566 بيتاً، وقافيته: لامية، طبع من تحقيق: ألفا إبراهيم صو، ينظر:
Le Filon du Bonheur Eternel: Alfâ Ibrâhîm Sow, Collection Classiques africains. Armand Colin. Paris. 1971.
[29] الشاعر جرن سعد دلين، محمد صالح جالو، مقال منشور في موقع www.ar.misiide.net
[30] شرحه الباحث محمد صالح جالو الشهير بضيف الله الغيني، وأسماه: “فتح اللطيف بشرح فاتحة التصريف”، (غير منشور).
[31] الكتاب سؤال وجواب، بين الحاج عمر تال والشيخ سعد دلين في المسائل الفقهية والآداب، وهو في أربعة أجزاء، في كلّ جزء مائة مسألة، (غير مطبوع).
[32] ديوان شعر للشيخ علي اللبوي، مرجع سابق، ص 6 وما بعدها، بتصرف.
[33] الحياة الأدبية في غينيا من أوائل القرن 19 إلى أواخر القرن 20 الميلاديين، عمران كبا، رسالة الماجستير، قسم الدراسات العليا، كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ليبيا، 1996م، ص (125 – 126).
[34] المرجع السابق، ص 130.