ياسين يونس مسريكا (*)
أعلنت مفوضية الانتخابات في أوغندا، استمرار الرئيس يوري موسيفيني في الحكم بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية بنسبة أكثر من 60 % من الأصوات لفترة خامسة ، ليصبح واحدا من أطول الحكام الأفارقة استمرارا في السلطة .
الانتخابات الأوغندية:
وأجريت الانتخابات الرئاسية في أوغندا في 18 فبراير 2016م والتي تنافس عليها ثمانية مرشحين أربعة منهم يمثلون أحزاب سياسية في حين أن البعض الآخر مستقل ، وكان من بين المرشحين الرئيس الحالي يوويري موسيفيني الموجود في السلطة منذ ثلاثة عقود.
وواجه موسيفيني منافسيْن رئيسيين هما زعيم المعارضة كيزا بيسيجي الذي خاض انتخابات الرئاسة ثلاث مرات من قبل دون نجاح، ورئيس الوزراء السابق أماما امبابازي الذي كان حتى الآونة الأخيرة حليفا وثيقا للرئيس الأوغندي. وشارك في الانتخابات نحو 15 مليون ناخب من أصل 37 مليونا هم عدد سكان البلاد.
وقد فاز الرئيس الحالي يوري موسيفيني في الانتخابات بنسبة بلغت 60 % من الأصوات. أما منافسه الأقرب كيزا بيسيجي والمرشح عن حزب منتدى التحول الديمقراطي المعارض، فقد حصل على نسبة 35 % من الأصوات وفقا للنتائج النهائية التي أعلنها بادرو كيجوندو، رئيس مفوضية الانتخابات.
المعارضة ترفض :
المرشح الرئيسي للمعارضة كيزا بيسيجي رفض النتائج ،وقال في بيان “شهدنا منذ قليل ما يجب أن توصف بأنها العملية الانتخابية الأكثر خداعًا في أوغندا، كما دعا أيضا إلى مراجعة مستقلة للنتائج. وذلك للأسباب منها التأخير في إيصال المعدات الانتخابية ومعلومات عن بطاقات اقتراع معدة سلفا وتعطيل مواقع التواصل الاجتماعي والإفراط في استخدام القوة من قبل الشرطة واعتقال مرشح المعارضة لأكثر من مرة حيث أعلنت الشرطة أنها احتجزت المرشح كإجراء أمني “احترازي”، وقال المتحدث باسم الشرطة باتريك أونيانجو أن (بيسيجي) حشد مجموعة من الشبان لاقتحام مقر اللجنة الانتخابية وبأن لديه معلومات بأنهم خططوا لأعمال عنف في المدينة .
قلق دولي:
وقد انتقد المراقبون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية الأوغندية. وقال كبير المراقبين إدوارد كوكان إن الانتخابات قوضها “غياب الشفافية والاستقلالية” في لجنة الانتخابات. ولكن موسيفيني (71 عاما) نفى فكرة أن اللجنة انحازت إليه وإلى حزبه حركة المقاومة الوطنية، وقال للصحفيين في منزله الريفي في كيروهورا جنوبي غربي أوغندا “إنهم مخطئون، قلت لأولئك الأوروبيين لست بحاجة لمحاضرات من أي طرف”. كما انتقدت الولايات المتحدة سير الانتخابات، وأثارت مخاوف بشأن الإقامة الجبرية التي فرضت على بيسيجي والذي اعتقل أربع مرات خلال أسبوع. واتصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري بموسيفيني لإبداء القلق بشأن مضايقة الشخصيات المعارضة وإغلاق وسائل التواصل الاجتماعي في أوغندا حيث حجبت مواقع فيسبوك وتويتر وواتساب منذ يوم الانتخابات. وأدانت واشنطن سلسلة من “المخالفات” المثيرة للقلق في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أوغندا، مؤكدة أن “الشعب الأوغندي يستحق أفضل من ذلك”. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن الانتخابات تمت بهدوء لكنها جرت بشكل “لا يتناسب مع المعايير الدولية والتطلعات إلى أي عملية ديمقراطية” إلا أن نائب المتحدث باسم الحكومة الأوغندية شعبان بانتاريزا رفض الانتقادات الأمريكية قائلا إنها تفتقر إلى الموضوعية، مضيفا أن المخالفات القليلة التي حدثت لا يمكن أن تستخدم للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية التي مرت بسلاسة.
من جانبه اعتبر الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو -الذي قاد مجموعة من مراقبي الكومنولث- أن الانتخابات “لم ترق إلى بعض المحددات الديمقراطية المهمة”. ويقول منتقدون أيضا إن موسفيني يريد أن يحكم البلاد، التي يبلغ تعداد سكانها 37 مليونا، مدى الحياة اقتداء بحكام أفارقة آخرين يرفضون التنحي عن الحكم.
قطع المعونات:
وكان موسيفيني اصطدم بالمانحين الغربيين عام 2014، وقطعت عدة دول من الاتحاد الأوروبي المعونات. وفعلت الولايات المتحدة الشيء نفسه، وفرضت قيودا على التأشيرات وألغت تدريبات عسكرية في المنطقة. وفي المجمل جرى إيقاف أكثر من مئة مليون دولار من المعونات أو إعادة توجيهها. وتلك ضربة قوية لبلاد تعتمد على المعونة الخارجية في نحو 20% من ميزانيتها. لكن موسيفيني نال رضا الغرب من خلال إرساله قوات إلى الصومال لمحاربة حركة الشباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة.
سجال انتخابي:
لذلك فقد حظي الملف الصومالي باهتمام كبير من قبل المرشحين في الانتخابات الرئاسية حيث يستغله موسيفيني ليسوق نفسه في الدوائر الغربية باعتباره المحارب للتنظيمات التي تهدد المصالح الغربية في المنطقة.
وأوغندا من بين أكثر البلدان في العالم التي يوجد بها نسبة كبيرة من الشباب حيث يبلغ نسبة الشباب الذين هم أقل من 25 عاما ما يقارب الـ70% من تعداد السكان ، فكل من ولد منذ عام 1986 – سنة سيطرة موسيفيني على السلطة- لا يعرفون رئيسا آخر في حياتهم غيره، ومعظم هؤلاء يحق لهم التصويت الآن… وقد سوقت حملة موسيفني ضرورة انتخابه تحت شعار” تقدما مطردا” باعتباره الأكثر خبرة بأوضاع البلاد ومن ثم فهو الأجدر على حلها ، لكن الحل لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة .
لكن المعرضين للرئيس الأوغندي يقولون بأنه قد وصل إلى النهاية وليس لديه الجديد ليقدمة وأن البلاد في حاجة زعيم جديد يتولى إدارتها.
(*) كاتب وباحث من أوغندا