وصل مدربون روس جدد إلى النيجر، وسلموا لسلطات البلاد دفعتين من المعدات العسكرية على متن طائرتي شحن، وذلك بعد أسابيع على وصول مدربين آخرين، بحسب ما أعلن التلفزيون الرسمي النيجيري.
وتحدث التلفزيون الرسمي عن أنه في أقل من شهر، سيرت روسيا “3 رحلات شحن لنقل مختلف المعدات العسكرية”، وجلبت “عدة مدربين من الجيش الروسي إلى نيامي”.
وأوضح التلفزيون الرسمي أنه “لم يكن لديه تصريح ببث” وصول الرحلة الثانية “لأسباب تتعلق بالأمن القومي”، مشيرا إلى أن الرحلة الثالثة، “إلى جانب المعدات العسكرية والمدربين، نقلت أيضا كمية كبيرة من المنتجات الغذائية المتنوعة إلى النيجر”.
ومن جانب آخر أكد الفيلق الإفريقي، الذي ينظر إليه على أنه خليفة شركة “فاغنر” شبه العسكرية في القارة الإفريقية، وصوله إلى النيجر.
وتأتي هذه التطورات في ظل استعداد القوات الأمريكية للانسحاب من النيجر، بعدما ألغى المجلس العسكري الانتقالي اتفاقية التعاون العسكري القائمة بين نيامي وواشنطن.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قد أشار إلى أن جنودا روسا يتمركزون في قاعدة جوية نيجرية تضم جنودا أميركيين، قرب مطار نيامي. وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية، على وجه الخصوص قاعدة كبيرة للطائرات بدون طيار بالقرب من أغاديز، بتكلفة تبلغ حوالي 100 مليون دولار.
هذا وذكر موقع “نيوز ري” الروسي أن المصادر الغربية ما فتئت تتحدث عن خطط لنشر قوات الفيلق الأفريقي الروسي في النيجر وفي أفريقيا بدلا من قوات فاغنر، حيث خُطط لتشكيل تلك القوات من أعضاء فاغنر السابقين والوافدين الجدد، ثم إرسالها إلى 4 دول هي ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، إلى جانب النيجر.
وأوضح الموقع أن المصادر الغربية تتخوف من تعزيز الوجود العسكري الروسي في النيجر والقارة السمراء مما سيشكل تحديا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، علما أن الفيلق الأفريقي -على عكس الشركات العسكرية الخاصة- يعزز الوجود الروسي في أفريقيا من خلال الاتفاقيات الحكومية الدولية.
ونقل الموقع عمن وصفه بـ”متخصص روسي” وصل إلى النيجر حديثا قوله “سيكون الفيلق الأفريقي هنا حاليا لإقامة العلاقات، بالإضافة إلى تدريب جيش النيجر”.
وأوضحت المحللة في معهد أفريقيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، تامارا أندريفا، أن الانسحاب الأميركي لن يكون سريعا، وسيحتاج الأميركيون إلى نفس القدر من الوقت الذي احتاجه الفرنسيون للخروج، حيث غادرت وحدة فرنسية قوامها 1500 جندي البلاد في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2023.
وسلطت أندريفا الضوء على التعاون بين روسيا والنيجر حتى قبل الانقلاب العسكري في الصيف الماضي، حيث زوّدت روسيا النيجر بطائرات هليكوبتر عسكرية. وفي عام 2017، أبرمت اتفاقيات بين الطرفين بشأن التعاون العسكري وتوريد المنتجات العسكرية والتدريب المشترك للقوات وتبادل الخبرات في مكافحة الإرهاب.
من جانبه، أكد باحث مركز الدراسات الأفريقية بمدرسة الاقتصاد العليا في موسكو أندريه ماسلوف للموقع أنه من المهم بالنسبة لموسكو التأكيد على الاختلافات بين نموذجي التعاون الروسي والأميركي.
وأضاف أن الأميركيين يطالبون الدول الأفريقية بتقاسم السيادة، ويتدخلون في سياساتها الداخلية وعمليات صنع القرار، في المقابل “تهتم روسيا بتعزيز استقلال الدول الأفريقية”، على حد قوله.
ويرجح ماسلوف تأخير البنتاغون سحب قواته بالكامل من النيجر إلى أمله في حدوث المزيد من التغييرات السياسية، مشيرا إلى وجود العديد من خريجي الأكاديميات الأميركية يعملون في صفوف القوات المسلحة النيجرية، ومن خلالهم سيستمر العمل على احتواء النفوذ الروسي المتنامي.
في هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون الأميركية رافائيل أوردوخانيان لموقع نيوز ري إن الوجود العسكري الروسي بالنيجر “قصة لا تضرب هيبة ومكانة الأميركيين والفرنسيين فحسب، بل الغرب كله”.
وتابع أوردوخانيان أن روسيا بحاجة إلى تعزيز نجاحها في النيجر وأفريقيا بشكل عام، وقال “يتعين على دبلوماسيينا ومنظماتنا غير الحكومية والمراكز الثقافية أن تعمل هناك”، مؤكدا أن تعزيز العلاقات على مستوى الدبلوماسية العامة هو مفتاح نجاح روسيا في أفريقيا.