إعداد: نشوى عبد النبي
باحثة متخصصة في الدراسات اللوجستية – مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء – مصر
تلعب الموانئ دورًا مهمًّا في قطاع النقل العالمي؛ وذلك بسبب موقعها الإستراتيجي الذي يجعلها نقاط دخول للعديد من الدول لممارسة الأنشطة التجارية والبحرية. وتُحدّد خصائص الموقع وإستراتيجيات أصحاب المصلحة إمكانات مجموعة من المواقع لتطوير وظائف الموانئ؛ مثل أنشطة إعادة الشحن والتخزين والتوزيع والأنشطة الصناعية والتجارة والخدمات اللوجستية ذات القيمة المضافة.
ويهدف هذا المقال إلى:
- البحث في إمكانية تطوير مركز للشحن والخدمات اللوجستية ضمن نظام الموانئ في جنوب إفريقيا لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى.
- تقديم نظرة ثاقبة على مفهوم نظام الموانئ في جنوب إفريقيا؛ من النظام الحالي إلى مركز إعادة شحن واحد مع مجموعة من الموانئ.
- بحث ودراسة ما إذا كان هناك طلب على إعادة شحن الحاويات، وإنشاء مثل هذا المركز في نظام الموانئ في جنوب إفريقيا؟
- وصف المتطلبات والآفاق لمركز إعادة شحن ناجح في جنوب إفريقيا، والذي سيتضمن التوصيات.
يتميز نظام موانئ الحاويات في جنوب إفريقيا بمجموعة متنوعة من أنواع وأحجام الموانئ المختلفة، وقد شكَّلت الموانئ في هذه المنطقة حصة سوقية كبيرة تبلغ 40٪ من إجمالي حركة الحاويات عبر القارة الإفريقية. يقع ميناء ديربان -وهو أحد أكثر موانئ الحاويات ازدحامًا في القارة- داخل منطقة جنوب إفريقيا. ومن الموانئ المُحتملة المخصصة لمركز إعادة الشحن مِن قِبَل الحكومة الجنوب إفريقية (سلطة الموانئ الوطنية ترانسنيت ومحطات الموانئ) هو ميناء نجكويرا الجديد وميناء ديربان، وهو ما سيتم تناوله من خلال هذا المقال.
مقدمة:
تلعب الموانئ دورًا مهمًّا في قطاع النقل على مستوى العالم، وكذلك نظرًا لموقعها؛ لأنها تُشكّل جزءًا من دخول العديد من البلدان للأنشطة التجارية. وتتطلب جودة الموقع خصائص وإستراتيجيات تُحدّد إمكانات مجموعة من المواقع لتطوير وظائف الموانئ مثل أنشطة إعادة الشحن والتخزين والتوزيع والأنشطة الصناعية والتجارة والخدمات اللوجستية ذات القيمة المضافة.
ولا يتم إنشاء مراكز إعادة الشحن في جميع أنظمة الموانئ ولكن في مناطق منفصلة مثالية لأنماط توزيع المحور والمغذيات البحرية نتيجة لعوامل جغرافية وبحرية وسوقية. فعلى عكس وسط البحر الأبيض المتوسط ومنطقة البحر الكاريبي التي بها العديد من الفرص لإعادة الشحن؛ فإن المناطق أو أنظمة الموانئ الأخرى ليس لديها القدرة على تطوير مراكز إعادة الشحن.
هناك مقترح لتطوير مركز إعادة شحن في ميناء جنوب إفريقيا؛ لإعادة شحن أعداد كبيرة من الحاويات التي يتم شحنها على طرق بين القارات بسبب الموقع الجغرافي والخصائص المادية لموانئ الحاويات في البلاد والتي يُعتقد أنها تفضل مثل هذا التطوير. ويدعم هذا ويدفعه حقيقة أن ميناء ديربان يتعامل بالفعل مع عدد كبير من عمليات إعادة الشحن بين السفن البعيدة.(1)
وفقًا لدراسة أجراها قطاع النقل البحري لوزارة النقل في جنوب إفريقيا عام 2011م؛ فإن عدم النجاح في بناء مراكز إعادة الشحن لا يعود فقط إلى جغرافية التجارة بين القارات والنقل البحري، ولكن أيضًا إلى تكنولوجيا واقتصاديات الشحن البحري، وتركيز العرض في الأسواق، ولوجستيات خدمات الحاويات، وإعادة تمركز الحاويات الفارغة، والتمويل، ومِلْكيته وتشغيل المحطات ودمج سلسلة التوريد. بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والسياسات البحرية للدول المضيفة، والآثار القانونية لإعادة الشحن على تمويل وتأمين البضائع.
تسعى حكومة جنوب إفريقيا إلى وضع جنوب إفريقيا كمركز إعادة شحن إقليمي لإفريقيا جنوب الصحراء، وتحقيق أجندة التكامل الإقليمي لـNEPAD. وهذا بعد أن تم استثمار المليارات في تطوير البنية التحتية والتسويق في ميناء جنوب إفريقيا، وخاصةً ميناء ديربان. وتشمل هذه المبادرة العديد من التحسينات على ممر ديربان-خوتينج للسكك الحديدية والتنمية المرحلية لقناة جديدة لتصدير 16 مليون طن من المنجنيز سنويًّا عبر ميناء نكويرا. كما أعلنت حكومة جنوب إفريقيا عن خفض رسوم الموانئ (بما يعادل حوالي مليار راند إجمالًا) كجزء من خفض تكاليف ممارسة الأعمال.(2)
تنمية التجارة في إفريقيا جنوب الصحراء:
يوجد اتجاه متزايد نحو تنمية التجارة تجاه إفريقيا؛ خاصةً تجاه دول جنوب الصحراء الكبرى. وأصبحت التكنولوجيا المتقدمة والإنتاجية في مجال الشحن والأنظمة المبتكرة الجديدة أمرًا شائعًا في كلّ من الدول المتقدمة والنامية. لقد أدَّت هذه التكنولوجيا الجديدة والميل نحو العولمة إلى لفت الانتباه إلى دول جنوب إفريقيا كمركز لإعادة تشكيل قطاع النقل بأكمله في جنوب إفريقيا وإفريقيا ككل.
- المتطلبات الأساسية للبنية التحتية لمراكز إعادة الشحن:
ربما يكون عمق 16 مترًا كافيًا في الموانئ لجميع السفن حتى حجم ما يسمى بسفن سويمكس، وهي سفينة يبلغ طولها الأقصى 400 متر، وعرضها 50 مترًا. ونظرًا لأنه تمَّ تعميق قناة السويس لاستقبال السفن التي يبلغ غاطسها 17 مترًا، وتم تصميم سفن الحاويات من فئة سويمكس مع غاطس يبلغ 15 مترًا عند التحميل الكامل، يبدو أن عمق 16 مترًا في أماكن الرسو سيكون كافيًا لأيّ ميناء إعادة شحن في جنوب إفريقيا لبعض الوقت.
سفن الحاويات من فئة سويمكس هي من بين أكبر سفن الحاويات المستخدَمة حاليًّا، وعلى وجه التحديد فئة PS التابعة لشركة ميرسك لاين؛ حيث يبلغ طولها 397 مترًا وعرضها 56 مترًا، وغاطسها 14.5 مترًا وسعتها الاستيعابية 11000 حاوية. يمكن استيعاب سفن بهذا الحجم في ميناء نجكورا (على الرغم من أن أطوالها تتجاوز أبعاد أماكن الرسو، وعروضها تتجاوز مدى الرافعات)، ولكن من غير المحتمل أن تكون حركة المرور كافية لتتطلب استخدامها على أيٍّ من الطرق المؤدية إلى جنوب إفريقيا في المستقبل القريب.
ربما يكون عمق المياه عند أماكن الرسو وفي القنوات هو القيد الأكثر أهمية على التطوير البنيوي للموانئ كمراكز إعادة شحن، إلى جانب توفّر مساحة لتكديس الحاويات. ومع التحوّل التجاري إلى الشرق الأقصى واعتماد لوجستيات تشغيل الخطوط الملاحية الآن على سفن أكبر بشكل متزايد؛ فإن الموانئ الجنوب إفريقية التي لا تملك عمقًا كافيًا لاستقبال سفن تتطلب أعماقًا لا تقل عن 15 مترًا سيتم تخصيصها كموانئ مغذية. تُعدّ المساحة الكافية لتكديس الحاويات شرطًا آخر لموانئ المحاور، على الرغم من أنه يمكن القول بأن فكرة إعادة الشحن هي نقل الحاويات بسرعة بين السفن، ويجب أن تكون المساحة محدودةً لتجنُّب التخزين.
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مساحة كبيرة لتوفير أماكن لفرز وتكديس الحاويات التي يتم تفريغها بسرعة من سفينة تحمل من 7000 إلى 9000 حاوية، أو يتم تجميعها للتحميل. إن عملية التفريغ والتحميل المتزامنة بين السفن هي احتمال يتطلب تخطيطًا لوجستيًّا غير قابل للتطبيق حتى الآن في التجارة مع جنوب إفريقيا، على الرغم من حدوثه في الشرق الأقصى.
باستثناء ميناء نجكورا، تقع جميع موانئ الحاويات في جنوب إفريقيا بالقرب من المناطق التجارية المركزية للمدن، وقد أدى نقص المساحة إلى ظهور مفهوم “خارج الميناء” لتكديس الحاويات. وبما أنه لا يمكن تطبيق هذا المفهوم في مراكز إعادة الشحن؛ فإن قلة المساحة تفرض قيودًا على تطوير أيٍّ من موانئ الحاويات الجنوب إفريقية القائمة كمركز إعادة شحن كبير، باستثناء ميناء نكويرا.
- العوامل التي تؤثر على موقع مراكز إعادة الشحن:
تتضح أهمية موقع شركات الخطوط الملاحية لمراكز إعادة الشحن إلى حد كبير من خلال دراسة جغرافية المراكز الحالية ومزايا الموقع التي أدت إلى التنافس. تقع كل من الجزيرة الخضراء (إسبانيا) وجيويا تاورو (إيطاليا) ومالطا فريبورت في البحر الأبيض المتوسط على طريق التجارة الرئيسي بين آسيا وأوروبا وعلى مقربة من مناطق منشأ ومقصد المغذيات في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا. تواجه هذه المراكز منافسة من بورسعيد شرق (مصر)، وطنجة (المغرب)، ودمياط (مصر) أيضًا في البحر الأبيض المتوسط، وتقع بالقرب من طريق الشحن الرئيسي. وتواجه كولومبو (سريلانكا) ودبي (الإمارات العربية المتحدة)، والمراكز الإقليمية لخليج العربي وشبه القارة الهندية منافسة من صلالة (عمان)، وعدن (اليمن) اللتين دخلتا السوق مؤخرًا.
على الرغم من أن جميع هذه الموانئ المنافسة تتمتع بميزة كونها تقع على أو بالقرب من طرق التجارة الرئيسية بين الشرق والغرب، فإن مستقبلها كمراكز إعادة شحن يعتمد إلى حد كبير على قرارات شركات الخطوط الملاحية التي تأخذ في الاعتبار إجمالي التكاليف اللوجستية لإدراج إعادة الشحن في شبكات خدماتها.
لتجنُّب حدوث ذلك؛ تحتاج شركات الخطوط الملاحية إلى الالتزام بالاستثمار في مركز إعادة الشحن، والذي يكون عادةً ترتيبًا متبادلًا مُرضيًا يسمح بتحقيق معدل مرتفع من الإنتاجية؛ نظرًا للمصلحة المشتركة في النتيجة المالية، على سبيل المثال مركز الحاويات في صلالة، فإن شركة ميرسك لاين هي مستثمر رئيسي إلى جانب حكومة عمان. (3)
تحليل SWOT لموانئ جنوب إفريقيا:
هذا القسم من تحليل SWOT يحاول استكشاف إمكانات موانئ جنوب إفريقيا (ديربان ونجكورا) كمركز محتمل لإعادة الشحن في منطقة جنوب الصحراء الإفريقي. تتم مقارنتها مع موانئ أخرى منافسة في جنوب إفريقيا (والفيس و موبيتو). سيساعد هذا التحليل على معرفة ما إذا كانت جنوب إفريقيا في وَضْع يسمح لها بتقديم خدمات إعادة الشحن والخدمات اللوجستية في جنوب الصحراء الإفريقي. بالنظر إلى حجم السوق البحري الإفريقي.
جدول 1. تحليل SWOT لميناء ديربان
كشف تحليل SWOT لموانئ جنوب إفريقيا أن إمكانية تطوير أيّ من موانئ جنوب إفريقيا وتحويلها إلى مركز إعادة شحن كبير محدودة، ولكن هناك فرصة لاستكشاف المزيد، وهو ما سيتم تناوله بالشرح أدناه:
- الموقع الجغرافي: يبعد موقع موانئ جنوب إفريقيا عن طرق الملاحة الرئيسية، مما قد يجعل من الصعب تطوير إعادة الشحن، ولكن بالنظر إلى التحديات التي تواجهها قناة السويس (أسعار مرتفعة، ازدحام، إلخ)؛ يمكن لجنوب إفريقيا أن تتَّخذ موقفًا لمعالجة ذلك. بشكل عام، يُعدّ ما يسمى بالطريق الاستوائي الشرقي/ الغربي أكثر حلقة ملاحية ازدحامًا في العالم. يتعرَّج عبر المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي وعبر قناة بنما وقناة السويس ومضيق جبل طارق ومضيق ملقا. يعتبر الانحراف عن طرق الملاحة الرئيسية نقطة مهمة عندما تُفكّر شركات النقل البحري في اختيار أي ميناء كمركز لإعادة الشحن.
- حجم إعادة شحن الحاويات: بالنسبة للموانئ التي يُراد اعتبارها مركزًا لإعادة الشحن؛ يجب أن تكون قادرة على مناولة ما لا يقل عن 60٪ من البضائع. حاليًّا، يتعامل أكبر ميناء مع حوالي 17٪ فقط. ويُعزَى ذلك بشكل رئيسي إلى وجود عدد قليل من شبكات التغذية لدعم أنشطة إعادة الشحن الكبيرة.
- قضايا العمالة: تعرضت موانئ جنوب إفريقيا في الماضي لانتقادات تتعلق بالبطء في تحريك الحاويات مقارنة بالموانئ الأخرى عالميًّا. سبب آخر لانخفاض الإنتاجية هو مغادرة أفراد التشغيل المهرة؛ بسبب فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز.
- موقع الموانئ: تقع موانئ جنوب إفريقيا في مواقع حضرية أو شبه حضرية (على سبيل المثال، ديربان)، ولا توفر موقعًا مثاليًّا لخدمات إعادة الشحن؛ كما أنها لا تمتلك صناعة شحن قوية أو كبيرة مقارنة بآسيا أو أوروبا.
- ارتفاع تكاليف الشحن وتأخيرات الجمارك: يُقوّض احتمال تحوُّل أيّ من موانئ جنوب إفريقيا إلى مركز إعادة شحن بشكل كبير بسبب ارتفاع تكاليف الشحن وتأخيرات الجمارك. على سبيل المثال، تؤدي ارتفاع تكاليف الشحن والتأخيرات في موانئ جنوب إفريقيا إلى تقليل القدرة التنافسية التجارية لإفريقيا.
فرص زيادة عمليات إعادة الشحن في جنوب إفريقيا- ميناء نجكورا وميناء ديربان كمركزين لجنوب إفريقيا
يجب الأخذ بعين الاعتبار تطوير ميناء نجكورا أو ميناء ديربان كمركز لتغذية الحاويات من وإلى الموانئ الأخرى في جنوب إفريقيا. مع عمليات إعادة الشحن الجارية حاليًّا في الميناء والعمل الإضافي لإعادة الشحن الذي يمكن الحصول عليه، يمكن أن يُحقّق ميناء نجكورا بعد ذلك مكانة كافية ليتم إدراجه في قائمة موانئ إعادة الشحن المهمة في العالم وجذب رأس المال الأجنبي للتنمية والإدارة من ذوي الخبرة في استغلال المراكز التنافسية. ومع ذلك، فإن الجمع بين ميناء بوابة وميناء مركز قد لا يسمح بتحقيق الكفاءة العالية المطلوبة إذا أخذنا بعين الاعتبار تجربة ميناء ديربان.
من أجل إنشاء مركز لإعادة الشحن في جنوب إفريقيا لنقل حاويات البضائع بين الهند والشرقي لأمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا، يلزم تجميع ما لا يقل عن 360,000 حاوية سنويًّا في ميناء المنشأ وشحنها على متن سفن بسعة 6000 حاوية TEU إلى المركز لإعادة الشحن وإعادة النقل في سفن أصغر. يمكن إدراج بعض البضائع المتجهة إلى جنوب إفريقيا في المرحلة الأولى، ولكن الهدف اللوجستي ليس إنشاء نظام مركزي ومحاور فرعية، بل الانضمام إلى الخدمات بين القارات بطريقة تسمح بالاستفادة الكاملة من قدرات السفن في كل قطاع من الرحلات التي تتطلب عادةً الرسو في موانئ متعددة.
ميناء ديربان لديه القدرة على أن يصبح مركزًا للشحن البحري، وكذلك ميناء نجكورا. كما أن المساحة التي كان يقع فيها المطار الدولي سابقًا في جنوب المدينة يمكن أن تساهم أيضًا في إنشاء مركز إعادة شحن في جنوب إفريقيا. ولكن هناك بعض التحديات التي يجب أخذها في الاعتبار. إلا أن هذا المقال لا يرى ذلك عقبة أمام ميناء ديربان ليصبح مركزًا لإعادة الشحن مثل ميناء نجكورا، ومن بين هذه التحديات تم تحديد ما يلي:
- قيود المساحة داخل الميناء.
- توقعات الطلب وتصميم القدرات الاستيعابية.
- قيود شبكة السكك الحديدية والطرق المجاورة.
- تصورات المستخدمين للميناء.
- التكامل مع إستراتيجية التنمية الإقليمية.(4)
الخاتمة والتوصيات:
ناقش هذا المقال إمكانية أن تصبح جنوب إفريقيا مركزًا لإعادة الشحن والخدمات اللوجستية لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية. لطالما كان هذا الموضوع محل نقاش مِن قِبَل الحكومة الجنوب إفريقية، ولا سيما شركتي ترانسنت لمحطات الموانئ والهيئة الوطنية للموانئ. اختارت ترانسنت ميناء نجكورا كميناء رئيسي مقترح لإعادة الشحن، بينما يُنظَر إلى ميناء ديربان على أنه خيار ثانٍ له إمكانات في حالة حدوث التوسعات المقترحة في موقع المطار القديم. على الرغم من التحديات التي تواجهها موانئ جنوب إفريقيا، هناك فرص كبيرة لتعزيز قدراتها على إعادة الشحن وتحسين جاذبيتها لشركات النقل البحري.
يوصي هذا المقال بأنه، نظرًا للفرص والموقع الإستراتيجي لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، هناك حاجة ماسَّة إلى إنشاء مركز لإعادة الشحن في هذه المنطقة. كما تمَّت مناقشة التحديات التي يواجهها قناة السويس (على سبيل المثال: الازدحام، والرسوم المرتفعة)، مما يمنح المنطقة الجنوبية فرصة لإنشاء مركز خاص بها. أصبحت إفريقيا لاعبًا رئيسيًّا في الاقتصاد العالمي، ويجب أن تكون الاستفادة من هذه الفرص أولوية. لذلك، من المهم أن تعمل إدارة الموانئ في جنوب إفريقيا (ترانسنت) على تطوير ميناء نجكورا أو ميناء ديربان بشكل أكبر لتحقيق هذا الاقتراح وخدمة منطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية.
التوصيات:
- هناك حاجة ماسة لجنوب إفريقيا للتفكير في نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص عند إنشاء مركز، خاصة مع مشغلي المحطات وشركات الشحن البحري. يمكن لموانئ جنوب إفريقيا الاستفادة من المزايا التالية للشراكة بين القطاعين العام والخاص:
- قد تتمتع السلطة العامة بحرية أكبر بعيدًا عن قيود القطاع العام.
- ستكون هناك المزيد من الفرص أمام مشغلي المحطات لتنويع عملياتهم.
- ستتمكن إدارة الموانئ بسهولة من تحديد إستراتيجيتها والميزة التنافسية لها.
موقعا مينائي جنوب إفريقيا رغم أنهما يتمتعان بإمكانات لإنشاء مركز لإعادة شحن الحاويات بين الخطوط الرئيسية والفرعية بين القارات والموانئ التي تخدم منطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، وكذلك مركز ترحيل لحركة المرور بين الشرق الأقصى والساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية، إلا أن تحقيق ذلك يتطلب التزامًا جادًّا.
في حالة تنفيذ التطوير المقترح، يمكن لكل من ميناء ديربان وميناء نجكورا منافسة حركة إعادة شحن البضائع إلى شرق إفريقيا القادمة من الشرق الأقصى، والتي يتم شحنها حاليًّا عبر خدمات مباشرة عبر صلالة أو مراكز أخرى على الخطوط الرئيسية شرق-غرب. كما يمكنهما منافسة حركة حاويات البضائع المتجهة إلى غرب إفريقيا القادمة من الشرق الأقصى، والتي يتم إعادة شحنها حاليًّا في مراكز بالبحر الأبيض المتوسط وفي والفيس باي.
- تحتاج الموانئ الجنوب إفريقية إلى العمل على تحسين كفاءة مناولة السفن والحاويات والبنية التحتية والخدمات اللوجستية، وكذلك أسعار الخدمات. لإنشاء مركز لإعادة شحن الواردات والصادرات الجنوب إفريقية المحملة بالحاويات، يجب أن تكون خدمات النقل الداخلي والخدمات المغذية للملاحة الساحلية قائمة. سيؤدي ذلك إلى تحقيق وفورات الحجم، بالإضافة إلى التوفير في تكاليف الاستثمار والتشغيل في موانئ أخرى.
- بسبب الملكية العامة لأنظمة الموانئ في جنوب إفريقيا، تدخّلت اعتبارات سياسية في عمليات الموانئ، مما أعاق وفقًا لبعض الآراء تطوير نظام الموانئ. ويجب التخلُّص من هذا الأمر؛ لأنه في حالات أخرى كان له تأثير معاكس، وأدَّى إلى تأخير نجاح التطوير في الموانئ الجنوب إفريقية.
- يجب على جنوب إفريقيا تطوير شبكة للنقل البحري القصير والسكك الحديدية / الطرق البرية، لكي تكون قادرة على ربط الميناء بالمناطق الداخلية والمركز التجاري الرئيسي لجنوب إفريقيا والدول المجاورة. ويجب تحقيق ذلك من خلال إشراك الدول المجاورة.
- يجب على شركة ترانسنت أن تضع في الاعتبار أن إشراك القطاع الخاص لا يجلب رأس المال الاستثماري فحسب، بل يجلب أيضًا المهارات التي تفتقر إليها حاليًّا. وتزداد الأمور سوءًا بسبب الإدارة البيروقراطية الضخمة وتأخيرات الجمارك التي تحتاج إلى معالجة لتحقيق هدف إنشاء ميناء لإعادة الشحن والخدمات اللوجستية.
إن نجاح موانئ جنوب إفريقيا سيعتمد على قدرتها على أن تصبح مراكز فعَّالة ومنخفضة التكلفة وذات خدمة جيدة، وعلى قدرتها على المنافسة عالميًّا. والسبب في ذلك أن ميناء مابوتو في موزمبيق ووالفيس باي في ناميبيا يقعان في موقع جيد لتقديم خدمات أفضل إذا تم تحسينهما بشكل جيد.
- يجب أن يتحرك نظام الموانئ في جنوب إفريقيا بأسرع وقت ممكن للاستفادة من الفرص لإنشاء مركز كبير والحصول على مزايا سبق التحرك مقارنةً بالمراكز المنافسة المحتملة التي قد تظهر في المنطقة. لن يخدم مركز إعادة الشحن والخدمات اللوجستية الذي يجب أن تطوره جنوب إفريقيا جنوب إفريقيا فقط، بل لخدمة وظيفة المركز الأوسع لمنطقة جنوب الصحراء بأكملها.
بسبب عدم وجود مركز كبير لإعادة الشحن في منطقة جنوب الصحراء الإفريقية؛ فإن جنوب إفريقيا وعن طريق ميناء نجكورا لديها فرصة لتصبح مركز إعادة الشحن في المنطقة. ويمكن لـ ميناء نجكورا باعتباره المركز المختار (من قبل ترانسنت) أن يجعل النموذج ناجحًا إذا أصبح مركزًا فعَّالًا ومنخفض التكلفة وذا خدمة جيدة، بحيث يمكن للسفن الاعتماد على سرعة دوران منخفضة للبضائع. كما يجب أن تتحرك البضائع من وإلى المناطق الداخلية بأسعار تنافسية من خلال نظام نقل داخلي فعَّال وخالٍ من الازدحام(، وهذا ينطبق أيضًا على ميناء ديربان.
بناءً على ما تم مناقشته؛ يمكننا أن نستنتج أن جنوب إفريقيا لديها القدرة على أن تُقدّم وتصبح مركزًا لإعادة الشحن والخدمات اللوجستية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير ميناء نجكورا الذي تم بالفعل الاستثمار فيه، بالإضافة إلى ميناء ديربان في حالة تنفيذ التوسعة المقترحة في موقع المطار القديم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- The Competitiveness of Ports in Emerging Markets The case of Durban, South Africa, https://2h.ae/nvVW
- Godius Kahyarara, Opportunity and Growth Diagnostic of Maritime Transportation in the Eastern and Southern Africa, UNCTAD Ad Hoc Expert Meeting, (Under the framework of the IAME Conference 2018), 11 September 2018, Mombasa, Kenya
- Kgwedi Reginald, Gabedava George , CAN SOUTH AFRICA BECOME A TRANSSHIPMENT AND LOGISTICS HUB FOR SUB-SAHARAN AFRICA?, International Scientific-Practical Conference, 23 March 2023
- Fraser D. and Notteboom T. (2012). Gateway and hinterland dynamics: The case of the Southern African container seaport system. https://2h.ae/LWpY