المصدر: بي بي سي أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
ظهر بديل المعارض البارز عثمان سونكو على الجمهور بعد منتصف ليلة الخميس، 14 مارس، في داكار مرتديًا زيّا تقليديا أزرق وطاقية بيضاء ووشاحًا بالألوان الوطنية حول رقبته. وقف على فتحة سقف سيارته، يحيّي حشد الناشطين وأنصار حزب باستيف المتحمسين والسعداء للغاية بتجربة هذه اللحظات الأولى من حرية الرجل الذي أصبح الآن مرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 24 مارس.
باسيرو ديوماي فاي، باعتباره محور الموضوع، استعاد حريته بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن بتهمة ازدراء المحكمة والتشهير ونشر أخبار كاذبة على وجه الخصوص. وتم إطلاق سراحه بالتزامن مع إطلاق سراح زعيمه عثمان سونكو المسجون منذ يوليو 2023.
ويأتي إطلاق سراحهما على خلفية صدور قانون العفو الذي اعتمدته الجمعية الوطنية فيما يتعلق بـ “جميع الأفعال التي يمكن أن تعتبر جرائم الجنائية أو الإصلاحية المرتكبة في الفترة ما بين 1 فبراير 2021 و25 فبراير 2024، في السنغال وخارجها، فيما يتعلق بالمظاهرات أو الأحداث ذات دوافع سياسية، بما في ذلك تلك التي تصدر عن جميع وسائل الاتصال، سواء تمت محاكمة أصحابها أم لا”.
وتم تعيين باسيرو ديوماي فاي، البالغ من العمر 43 عامًا، وصيف عثمان سونكو الذي تم إبطال ترشيحه، كمرشح بديل من قبل عثمان سونكو نفسه, وقدم نفسه في 15 مارس، في أول مؤتمر صحفي له كمرشح، إلى جانب زعيمه، بعد خروجهما من السجن, وقال: “ها أنا باسيرو ديوماي فاي أمامكم حراّ طليقا إلى جانب عثمان سونكو كجزء من المشروع الذي نقوم بتنفيذه اليوم”.
من هو باسيرو ديوماي فاي؟
يُوصف بأنه مهندس مشروع حزب باستيف، لكن اختياره، الذي فاجأ العديد من المحللين والمراقبين للمشهد السياسي، يبدو واضحًا ومنطقيًا، بحسب عثمان سونكو نفسه, الذي صرح بقوله “اختياري ديوماي لم يكن اختيارًا عاطفيًا بل عقلانيًا، اخترته لأنه يستوفي المعايير التي حددتها. إنه كفؤ ودرس في أرقى مدرسة في السنغال. وبعد قرابة 20 عامًا في العمل في الضرائب وأملاك الدولة حيث حقق إنجازات استثنائية؛ فضلا عن عدم مقدرة أحد الإثبات بأنه لا يتمتع بالنزاهة بل أود أن أقول إنه يتمتع بنزاهة أكثر مني. أنا أضع المشروع بين يديه”.
ولد باسيرو ديوماي دياخار فاي عام 1980 في ندياجانياو في مقاطعة مبور (غرب)، وهو ينحدر من عائلة متواضعة. وبعد حصوله على البكالوريا عام 2000 في مدرسة ليسيه ديمبا ديوب في مبور، التحق باسيرو ديوماي فاي بكلية الحقوق بجامعة الشيخ أنتا ديوب في داكار حيث حصل على درجة الماجستير في القانون.
وبعد ثلاثة أشهر من حصوله على درجة الماجستير، عام 2004، تم قبول باسيرو ديوماي فاي في المدرسة الوطنية للإدارة (ENA) وتخرج بعد ثلاث سنوات، في عام 2007، والتحق بالمديرية العامة للضرائب وأملاك الدولة.
والتقى هناك بعثمان سونكو الذي سبقه ببضع سنوات في هذه الهيئة المرموقة للإدارة السنغالية. ونشأت علاقة بين سونكو وديوماي تكاد تكون وثيقة، فهما شقيقان لا ينفصلان.
وعرف مصطفى ساري المسؤول عن التدريب داخل باستيف كلا الرجلين بقوله: “إنهما وجهان لعملة واحدة بأسلوبين مختلفين. كاريزما عثمان لا مثيل له، لكن جاذبية ديوماي وبصيرته يثيران ضجة كبيرة”.
“باسيرو، هو أنا”، هكذا قال عثمان سونكو عن نائبه الذي سيحل محله الآن في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 24 مارس.
وكما يقول أحد أعضاء فريق الحملة الانتخابية إن “هذا الاختيار لجعل باسيرو ديوماي فاي بديلاً لـ PROS (عثمان سونكو) ليس مفاجئًا على الإطلاق، حيث إن الرجلين لديهما العديد من القواسم المشتركة، يمكننا القول إن ديوماي هو عثمان سونكو الآخر، نسخته المثالية تقريبًا، لديهم الرؤية ذاتها، ويفكرون بنفس الطريقة، وفوق كل شيء، لديهم احترام وثقة لا ينضب”.
لكن مفتش الضرائب لم ير نفسه يدخل في السياسة قبل أن ينخرط في باستيف، الذي شارك في كتابة نصوصه والذي سيدافع الآن عن مشروعه السياسي أمام السنغاليين.
“لم يخطر ببالي أبدًا الخوض في السياسة؛ لأنه عندما يكون لديك أحد الوالدين الذي يعمل في السياسة، فإنك للوهلة الأولى تكره السياسة لأنك ترى ضيق الوقت”. قال باسيرو ديوماي فاي في مقابلة مع وسائل الإعلام المحلية، في نهاية الانتخابات الرئاسية لعام 2019، مضيفًا “إنك ترى صعوبة الالتزام، وترى الغياب المتكرر للأب”.
من الخطة البديلة إلى المرشح الرئيس؟
تم القبض على باسيرو ديوماي فاي، الأمين العام آنذاك والرقم 2 للحزب، ووُضع في حجز الشرطة مساء يوم 14 أبريل 2023، ثم وُضع رهن الاعتقال في 18 أبريل بتهمة “أفعال من شأنها المساس بالأمن العام” و”ازدراء الأمن العام والمحكمة” و”التشهير بهيئة مشكلة” بعد نشر منشور على شبكات التواصل الاجتماعي انتقد فيه سلوك بعض القضاة.
وبعد عام تقريبًا من الاعتقال، خرج من السجن وهو أحد المرشحين الرئاسيين المفضلين، وسيتعين عليه الآن الظهور بمظهر الرجل الأول.
وفي معرض تقديمه أثنى عثمان سونكو على “أخيه الصغير”، وقال: “باسيرو هو أنا. إنه رائع للغاية ويمكنني أن أقول إنه أكثر صدقًا مني”.
بعد جعل ديوماي مرشح باستيف، نصب عثمان سونكو نفسه كدرع ضد الانتقادات وهجمات الخصوم على قلة خبرة باسيرو ديوماي فاي وعدم استعداده لتولي المنصب الرئاسي.
وهي الانتقادات التي يرفضها المالك ندياي المتحدث الرسمي باسم المرشح جملة وتفصيلا. ويقول “يتمتع ديوماي بمسؤوليات واسعة بما يكفي لإدارة الدولة. لقد عمل على الملفات الفنية. وأدار المديرين التنفيذيين. وهو مهندس المشروع”.
إن الأمين العام للاتحاد المستقل لوكلاء الضرائب وأملاك الدولة، ثم الأمين العام لحزب باستيف ورئيس الحركة الوطنية للمديرين التنفيذيين الوطنيين (مونكاب)، باسيرو ديوماي فاي هو في قلب مشروع باستيف وساعد في تأسيس الحزب في الشتات. ويصف المقربون منه الرجل بأنه “منهجي، جاد، لامع العقل، متحفظ للغاية، بارد في التحليل، متماسك في الأفكار ويعرف بالضبط في كل موقف كيف يتحكم في مشاعره”.
ما هو برنامج المرشح الرئاسي ديوماي؟
إذا تم انتخابه مساء يوم 24 مارس 2024، سيصبح ديوماي فاي خامس رئيس للجمهورية وأول موظف حكومي يتدرب في المدرسة الوطنية للإدارة في السنغال (ENA) يصل إلى المنصب الأعلى.
باسيرو ديوماي فاي، الذي اجتاز امتحانات ENA والقضاء في نفس الوقت، معروف أيضًا بشغفه بالزراعة والثروة الحيوانية “أيام الآحاد والعطلات، وخاصة خلال أشهر الشتاء، يقضيها بسيرو في القرية وفي الحقول” كما نقرأ على الموقع الرسمي للحملة الانتخابية لائتلافه.
ويهدف المشروع الذي يدافع عنه ويحمل عنوان “من أجل سنغال ذات سيادة وعادلة ومزدهرة” إلى التغيير الاجتماعي والعدالة لجعل السنغال “دولة عادلة ومزدهرة وذات سيادة ترتكز على قيم قوية” كما “تدعو هذه الرؤية إلى ضرورة إيجاد مسارات جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في السنغال، ترتكز على قيم الوطنية والعمل الجاد والأخلاق والأخوة”.
ويتمحور هذا المشروع حول خمسة محاور تضم خمسة عشر توجها:
وفيما يتعلق بالتجديد المؤسسي والالتزام تجاه أفريقيا, يقترح المرشح الرئاسي إصلاحات كبيرة، لا سيما إلغاء منصب رئيس الوزراء وإنشاء منصب نائب الرئيس، الذي سيتم انتخابه بالتزامن مع الرئيس. وسيتم تحديد صلاحيات ومسؤوليات الرئيس ونائب الرئيس بوضوح في الدستور.
أما القسم الاقتصادي للمرشح باسيرو ديوماي فاي فهو مليء بالمقترحات والمشاريع الرائدة. وعلى وجه الخصوص، تقترح الوثيقة “نموذجًا اقتصاديًا داخليًا للتصنيع من خلال استبدال الواردات لتحقيق اقتصاد فعال ومرن يعتمد على إدارة شفافة للمالية العامة”.
وعلى المستوى النقدي، يتمثل الاقتراح الرئيسي في خروج السنغال من الفرنك الأفريقي, حيث يرغب المرشح باسيرو ديوماي فاي في تنفيذ إصلاح نقدي يسمح للسنغال بدمج عملة واحدة لجميع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) أو الحصول على عملتها الخاصة إذا لم يتم استيفاء الشروط.
ويقترح المرشح باسيرو ديوماي فاي في مشروعه أيضًا إعادة التفاوض على عقود استغلال الغاز والنفط وكذلك اتفاقيات الدفاع وصيد الأسماك.
إن إنشاء أقطاب اقتصادية إقليمية، وتطوير وتعزيز البنية التحتية الاقتصادية (السكك الحديدية، والكهرباء، والخدمات البريدية، والاتصالات، وشبكة الطرق)، والتفضيل الوطني والاستهلاك المحلي تشكل النقاط الأخرى في هذا البرنامج الاقتصادي.
بعد بقائه لفترة طويلة في ظل زعيمه الكاريزمي، يجب على باسيرو ديوماي فاي أن يتولى وضعًا جديدًا ودورًا جديدًا وأن يقنع من هم خارج معسكره بأنه لن يكون مجرد رئيس افتراضي.
رابط المقال:
https://www.bbc.com/afrique/articles/cd18gegg961o