بقلم: أرماند موكو بودومبو
ترجمة: سيدي. م. ويدراوغو
ألقى العديد من زعماء القارة، كلمات وخطابات تقييمية، وأطلقوا وعودًا للأشهر الـ12 المقبلة بمناسبة دخول العام الجديد 2024م، نرصد لكم بعضها.
في البداية نلاحظ أن غالبية القادة تناولوا خلال خطاباتهم، القضايا الاقتصادية المرتبطة بشكل خاص بالتضخم المتسارع في المنطقة، مما يؤثر على القدرة الشرائية للأُسَر، ويهدد طمأنينة المواطنين. كما تناولوا القضايا المتعلقة بالاكتفاء الذاتي الغذائي، ومكافحة الفساد واختلاس الأموال العامة.
وبخصوص البلدان التي تحكمها السلطات العسكرية الانتقالية؛ قام القادة بتقييم إنجازاتهم، والتقدم المُحْرَز في عمليات إعادة السلطة إلى المدنيين، دون أن ينسوا مسألة الأمن، التي ظلت حاضرة في كل مكان في الخطب.
بول كاغامي (رواندا) “أولئك الذين يتوعدوننا بالتدمير هم الذين سيعانون منه”:
أمام مئات الأشخاص، فضَّل الرئيس الرواندي إرسال ردّ فاتر إلى جارته الكونغولية. وقال بول كاغامي، وهو مسترخٍ أمام الحشد المتجمع في القصر بمناسبة الاحتفال بالعام الجديد: “عندما نسمع أولئك الذين يزعمون أنهم يخطّطون لهجوم وتدمير أمن رواندا، فإن السؤال هو: هل هناك شيء لم نره؟”
ومن دون الإشارة بشكل محدد إلى الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي؛ وعد الزعيم الرواندي مواطنيه بحمايتهم. وأعلن وهو يخطو خطوات صغيرة أمام الجمهور “أولئك الذين يتمنون لنا (الدمار) هم الذين سيعانون منه”.
وتأتي تصريحاته إعلان أطلقه فيليكس تشيسيكيدي، الذي كان آنذاك مرشحًا للانتخابات الرئاسية في بلاده، خلال الحملة الانتخابية التي سبقت تلك الانتخابات في 20 ديسمبر، والتي نتج عنها إعادة انتخابه لفترة جديدة.
وكان المرشح تشيسكيدي قد أعلن خلال تجمع انتخابي أمام حشد من أنصاره: “أخبروا كاغامي أنني لست مثل القادة السابقين لجمهورية الكونغو الديمقراطية الذين استمتع معهم. لقد تغيرت جمهورية الكونغو الديمقراطية. سأرد على أيّ استفزاز”.
ثم قطع لنفسه العهد بالقول: “سأستدعي البرلمان في الكونغرس ليأذن لي بإعلان الحرب على رواندا”، حسب تعبيره في ساحة سانت تيريز في كينشاسا. وهذا فصل جديد في حرب التصريحات بين البلدين، التي تأتي مع فجر عام جديد.
ولطالما اشتبهت كينشاسا في أن كيغالي تدعم متمردي حركة 23 مارس الذين يتسبَّبون في زعزعة الأمن في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو ما نفاه القادة الروانديون دائمًا.
وأكد بالقول: “سنقوم دائمًا بما هو ضروري لضمان سلامة الروانديين مهما كان الأمر”. وأضاف بول كاغامي خلال كلمته، بعد أن هنَّأ أجهزة إنفاذ القانون في رواندا على مساهمتها في تأمين البلاد وفي تأمين البعثات في الخارج.
مامادي دومبويا (غينيا) “سيتم طرح دستور جديد للاستفتاء عليه”:
هذا هو الإعلان القوي من العقيد دومبويا، الذي يتولى السلطة منذ الانقلاب على الرئيس ألفا كوندي في عام 2021م.
وأوضح خلال كلمته أن هذا الدستور سيكون “دستورًا يوافق عليه الشعب، وليس انتحالاً من الآخرين، بل دستور يستلهم الماضي لنبني مستقبلنا معًا”؛ على حد تعبيره.
وتعهد دومبويا، بعد انقلاب 2021م، بتسليم السلطة للمدنيين خلال عامين، اعتبارًا من بداية يناير 2023م.
كما وعد بأنه لن يترشح هو ولا أعضاء حكومته في الانتخابات التي ستمثل الفترة الانتقالية.
وأضاف أن “إنشاء مؤسسات قوية تقاوم الزمن وإغراءات الرجال يبقى وسيظل أحد الأهداف الأساسية لهذا التحول”.
ماكي سال (السنغال) “سأتولى تسليم السلطة إلى خليفتي في 2 أبريل 2024م؛ إن شاء الله”:
تضمَّن خطاب ماكي سال كلمة وداع للمنتخب السنغالي بامتياز. ومن المقرر أن يسلم السلطة بداية أبريل المقبل، بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 25 فبراير.
وبعد 12 عامًا على رأس البلاد، تخلَّى ماكي سال عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في يوليو “سأظل متاحًا وبنوايا حسنة؛ لأن السنغال قريبة من قلبي؛ وأعلن سال في خطابه في آخر أيام ديسمبر الماضي أن السنغال في قلبي.
ويعتزم ماكي سال إنشاء مؤسسة مخصصة للسلام والحوار والتنمية، وهي منظمة ستركز، بحسب الرئيس السنغالي، على الدعوة إلى التعايش السلمي بين الشعوب، وحوار الثقافات والحضارات، والتنمية المستدامة والشاملة، والعدالة المناخية، وتمويل الصحة، ولا سيما صحة الأم والطفل، وأعلن في كلمته أن “دعم الشباب وتطوير البنية التحتية في إفريقيا وإصلاح الحوكمة العالمية على رأس أولوياته”.
وفي خطابٍ أطول من المعتاد، لم يقدم ماكي سال أي وعود خاصة لمستقبل البلاد، لكنه كرَّس نفسه لتقييم السنوات الـ12 التي قضاها على رأس البلاد.
ويتعهد ماكي سال، بـ”ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية، على غرار الانتخابات السابقة، بشكل سلمي وفي أفضل الظروف التنظيمية”.
ودعا “جميع المرشحين إلى العمل بنفس الروح” قبل أن يتابع “دعونا جميعًا، معًا، نذهب إلى صناديق الاقتراع بهدوء وسكينة ولعب نزيه”.
بريس أوليغي نغويما (الغابون) “سيتم عقد الحوار الوطني في الأشهر المقبلة”:
ألقى العقيد أوليغوي نغويما (وهو جالس محاطًا بسترة حمراء ونجمتين كيبي مثبتتين على رأسه والميثاق الانتقالي واضح للعيان) أول خطاب له في نهاية العام كرئيس للدولة.
هذا الخطاب خُصِّص إلى حد كبير لتقييم الأشهر الأربعة التي قضاها في إدارة البلاد بعد انقلاب 30 أغسطس 2023م.
يقول الجنرال: إن مسؤوليتي “كرئيس للجمهورية هي ضمان رفاهية السكان الغابونيين”، قبل الانتقال إلى الوعود بما في ذلك الوعود التي دخلت حيّز التنفيذ في الأول من يناير 2024م.
وأشار إلى أنه “كلَّف وزير النفط والغاز باتخاذ كافة الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة بحيث يتم تعديل سعر الغاز في جمهورية الجابون تنازليًّا اعتبارًا من 1 يناير 2024م”، دون أن يذكر تفاصيل عن هامش التخفيض.
ويخطّط الزعيم الغابوني أيضًا لشراء شركة النفط أصالة للطاقة، إحدى الشركات الرئيسية المنتجة للنفط في الغابون. ويبدو أن الشركة التابعة لشركة Carlyle Group الأمريكية، الموجودة في الجابون منذ عام 2017م، قد توصلت إلى اتفاق في أغسطس الماضي مع شركة النفط والغاز الفرنسية Maurel & Prom للاستحواذ عليها.
لكن الدولة الغابونية “قررت التأكيد على حقوق الشفعة للدولة في إعادة شراء شركة النفط أصالة”، حسبما أعلن الجنرال أوليغي، مقدرًا أن “هذا عمل ذو نطاق وطني سيسمح للجمهورية بتحديد سيادتها في قطاع النفط الذي يعتبر من صميم اقتصادنا”.
وفكّر بريس أوليغوي أيضًا في المتقاعدين فقال: “ألتزم بالبدء في دفع مخصصات معاشات التقاعد الخاصة بكم بحلول فبراير 2024م”.
وعلى المستوى السياسي، وعد الجنرال أوليغي باستعادة المؤسسات، بدءاً بالحوار الوطني “الذي سيُعقد في الأشهر المقبلة”، والدستور الذي ستضعه الجمعية التأسيسية وتعتمده عبر استفتاء شعبي.
بول بيا (الكاميرون) “أنا لا أتنازل عن احترام الحق في التعليم”:
هذا بيان تم تلقيه في الأوساط التعليمية باعتباره تهديدًا, فقد عاد الرئيس الكاميروني إلى الحديث عن الإضراب المستمر في نظام التعليم في البلاد، حيث يطالب المعلمون المتجمعون ضمن مجموعة OTS بأجورهم كاملة، وتطوير حياتهم المهنية.
ويصل المبلغ الذي يطالب المعلمون به الدولة نحو 200 مليار فرنك إفريقي، بحسب نقابات المعلمين. وأفاد بيا في كلمته أنه “تم رصد اعتماد إضافي قدره 102 مليار فرنك إفريقي في ميزانية الدولة، للسنة المالية 2024م، من أجل تصفية النفقات المتبقية” بعد “72 مليار فرنك إفريقي (…) تم رصدهم في عام 2023م لتغطية “نفقات مرتبطة بمطالب المعلمين قبل تحذيرهم من العودة إلى الإضراب”.
وصرح قائلاً: “لذلك سيكون من الصعب قبول بقاء تعليم أطفالنا رهينة مجموعة من المعلمين الذين يبدو أن دوافعهم الحقيقية تحيد عن الأهداف المعلنة”، مضيفًا: “لا أتنازل عن احترام الحق في التعليم”.
كما عاد الرئيس الكاميروني في كلمته إلى القضية الشائكة المتمثلة في دعم الوقود. وقد واجهت البلاد في ديسمبر الماضي، نقصًا استمر لعدة أيام، وأدى إلى شلّ بعض قطاعات النشاط الصناعي والاقتصادي.
وللإبقاء على الأسعار منخفضة، قررت الحكومة دعم هذا المنتج الاستهلاكي. وفي عام 2022م، صرفت الدولة 1000 مليار لهذه الحاجة، قبل أن تخفض الغلاف إلى 640 مليارًا في عام 2023م.
لكنه يؤكد أن “ثقل هذا الدعم يثقل كاهل ميزانيتنا، ويقلل بشكل كبير من الموارد التي نحتاجها بشدة لتقديم إجابات للمشاكل الأخرى التي يواجهها سكاننا”.
قبل أن يختتم خطابه بالقول: “من المؤكد أنه لن يكون أمامنا خيار آخر سوى تقليصه مرة أخرى. ومع ذلك، سنضمن ألا تؤثر التعديلات اللازمة بشكل كبير على القوة الشرائية للأسر.
إبراهيم تراوري (بوركينا فاسو): “سنواصل الجهود لاستعادة المنطقة”
“سنواصل كسر أغلال العبودية، لكسر أغلال الاستعمار الجديد التي تمنعنا من معرفة السعادة”، يقول الكابتن تراوري وهو يجلس أمام لوحة مزينة بألوان الوطن، عندما يبدأ سلسلته “وعود من أجل العام 2024”.
يبدو أن الدفاع هو أحد أولوياته الرئيسية هذا العام. وقد أعلن الزعيم البوركينابي عن إنشاء “لواء خاص للتدخل السريع”، وهي وحدة قتالية سيتم تشكيلها لأول مرة في البلاد، وستضم ثلاثة فيالق من الجيش، بما في ذلك القوات الخاصة، حسبما أفاد السيد تراوري.
يبدو مصممًا عندما يناقش طموحاته فيما يتعلق بالغذاء، مستشهدًا بمشروعين حكوميين قيد التنفيذ في عام 2024م “سيسمحان لنا بالاقتراب من الاكتفاء الذاتي الغذائي”.
وتشهد بوركينا فاسو، مثل العديد من بلدان المنطقة، حالات طوارئ غذائية. وفي بوركينا فاسو على سبيل المثال، عانَى 3 ملايين و351 ألف شخص من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023م، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.
وتقدر الوكالة التابعة للأمم المتحدة، نقلاً عن الإطار المنسق، الذي تحلل من خلاله الأمم المتحدة الأمن الغذائي في منطقة الساحل بالتعاون مع الدول، أن هذا الرقم سيشهد انخفاضًا طفيفًا في عام 2024م، مع توقع تأثر حوالي 2 مليون 998 ألف شخص بنقص الغذاء.
كما وعد زعيم بوركينا فاسو بتكثيف الحرب ضد الفساد. فبين عامي 2018 و2021م، تمت ملاحظة مخالفات مالية بقيمة 16 مليار فرنك إفريقي لدى رئاسة الجمهورية والجمعية الوطنية ورئيس الوزراء، بحسب الهيئة العليا لمراقبة الدولة ومكافحة الفساد في بوركينا فاسو. يقول إبراهيم تراوري: “لقد استمرت مكافحة الفساد في عام 2023م”.
_____________________________
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/cv2j80emyr1o